• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

خاتم النبيين (39)

خاتم النبيين (39)
الشيخ خالد بن علي الجريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/2/2023 ميلادي - 5/8/1444 هجري

الزيارات: 2196

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خاتم النبيين (39)

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير النبيين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:

فمرحبًا بكم أيها الكِرام في برنامجكم خاتم النبيين، أيها الأفاضل كان الحديث في الحلقة الماضية عن المسير إلى فتح مكة وخروج الجيش الإسلامي من المدينة، وأيضًا ما هي الأحداث التي حدثت حينها? وذكرنا أيضًا عددًا من المسلمين الذين أسلموا من أهل مكة عندما علموا بذلك، فخرجوا مهاجرين، وأيضًا كذلك أسلفنا الحديث عن زعيم مكة أبي سفيان وكيف تعامَلَ معه النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضًا ذكرنا كيف كان الحال في دخول مكة، وماذا حصل بعد دخولها، إلى غير ذلك من الدروس والعِبَر من ذلك كله.


ونكمل في حلقتنا هذه أعماله عليه الصلاة والسلام عندما أقام بمكة، فقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يومًا يَقْصُر الصلاة، فقد روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (أقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم تسعةَ عشرَ يومًا يَقْصُر الصلاة) وأرسل النبي عليه الصلاة والسلام الدُّعاة إلى البوادي للدعوة وكسر الأصنام، وقد بعث سعد بن زيد رضي الله عنه في سريَّة تبلغ عشرين رجلًا ليهدم الصنم مناة، وذلك في منتصف العشر الأواخر من رمضان، فهدموه ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبروه بذلك، وبعث أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سريَّة في ثلاثين فارسًا لهدم العُزَّى، وكانت العُزَّى ثلاث شجرات عليها بيت، فهدموا البيت وقطعوا الشجر، وقتلوا الشيطانة التي فيه.


وبعث النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا عمرو بن العاص إلى سواع ليهدمه، فلمَّا وصل إليه قال له السادن: ماذا تريد? قال له عمرو: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدم سواع، قال له السادن: إنك لا تقدر؛ سيمنعك سواع من ذلك، قال عمرو: فبادرت فهدمته، وكسرتُ الصَّنَم، فلمَّا رأى السادن أن سواعًا لم يعمل شيئًا أسلم ذلك السادن.


وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث السرايا للبوادي حول مكة، فقد كان لذلك الفتح المبين الأثر الكبير في إسلام الكثير والكثير من الناس، فقد روى البخاري في صحيحه عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: (كانت العرب ينتظرون بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوا محمدًا وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبيٌّ صادق)، فلما كان الفتح وحصل بادر الناس بالإسلام، ثم بعد فتح مكة حدثت غزوة حنين في العام الثامن نفسه في شهر شوال، ويُقال لها: أوطاس وهوازن، وكان سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة خاف أشراف هوازن وثقيف أن يغزوهم، فحشدوا له وعزمُوا على قِتاله، فاجتمع إلى هوازن وثقيف عدد من القبائل حتى بلغ جيشهم عشرين ألف مُقاتِل، فساروا إلى قتاله، وأخذوا معهم أيضًا كذلك نساءهم وأموالهم وأبناءهم، وأراد أميرُهم من هؤلاء وحضورهم أن يُقاتِل كل رجل ولا يفر من الميدان؛ وذلك ليُدافِع عن نسائه وماله وأبنائه، وقد كانوا عارضوه على ذلك فعزم على هذا الفعل، وعندما علم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أرسل عبدالله بن أبي حدرد إلى هوازن خفيةً ليدخل فيهم، ويعرف خبرهم ويأتيه به، ففعل رضي الله عنه، فاستعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لغزوة حنين، في اثني عشر ألف مقاتل؛ عشرة آلاف مقاتل هم جيش فتح مكة، وألفان ممن أسلموا في الفتح وخرجوا من مكة إلى حنين، وفي الطريق جاء فارس من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن هوازن خرجت بنسائها وأموالها لقتالنا يا رسول الله، فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((تلك غنيمةُ المسلمين غدًا إن شاء الله))، ووصل جيش المسلمين إلى حنين في العاشر من شوال، ولمَّا كان في السحر تجهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال؛ فلبس درعينِ والمِغْفر، واستقبل الصفوف، وحثَّهم على القتال، وبشَّرهم بالفتح إن صبروا وصدقوا، وعندما انحدر المسلمون مع وادي حنين في بداية المعركة، وكان منحدرًا شديدًا فُوجِئوا بالكمائن من ثقيف، تنحدر عليهم حتى فرَّ بعضُهم، وقد وجدوا من هوازن رُماةً لا يكادون يخطئون رميهم، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذات اليمين وثبَتَ معه نفرٌ من المهاجرين والأنصار، وأخذ يُناديهم: ((أيُّها الناس، هلمُّوا إليَّ، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبدالله))؛ لكن لم يلتفتوا إليه من شدة ما وجدوا، وانطلق عليه الصلاة والسلام على بغلته نحو المشركين، وهو يقول: ((أنا النبيُّ لا كَذِب أنا ابن عبد المطلب))، ثم نزل عن بغلته فاستنصر ربَّه عزَّ وجلَّ قائلًا: ((اللهُمَّ أنزل نصْرَك، اللهُمَّ بِكَ أُحاولُ، وبِكَ أصاوُلُ، وبِكَ أُقاتِلُ))، ثم أخذ يُقاتِلهم ومن معه من الصحابة الذين ثبتوا، وكانوا يتَّقون به عليه الصلاة والسلام؛ ولذلك يقول البراء: كُنَّا والله إذا احمَرَّ البأس اتَّقَيْنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أدنى إلى القوم منه، فقاتلوا قتالًا شديدًا حتى انهزم المشركون وقذف رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات، فرمى بها وجوه الكُفَّار، وقال: ((شاهت الوجوه))، فلم يبق منهم أحدٌ إلا وأصابته ثم قال: ((انهزموا ورب الكعبة))، ونزلت الملائكة لإرهاب الكُفَّار وتخويفهم؛ ولهذا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ﴾ [التوبة: 25] إلى قوله عزَّ وجل: ﴿ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 26]، فالملائكة عليهم السلام نزلوا تخويفًا وتخذيلًا للكُفَّار، ولم يقاتلوا في حنين؛ بل لم يقاتلوا إلا في بَدْر، كما ذكر ذلك ابن عباس رضي الله عنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة: ((مَن قتل كافرًا فله سلبه)) فقتل أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم، فالمسلمون أُصيبوا في أول المعركة بسبب تلك الكمائن التي وضعها الكُفَّار؛ لكن الله عز وجل برحمته وفضله أيَّدهم بالملائكة، فاستعادوا قوَّتَهم،وضعف أمرُ الكافرين، فهُزِمُوا هزيمةً منكرةً حتى إن بعض الطلقاء الذين هم من أهل مكة ولم يسلموا بعد عندما رأوا هذا الواقع كان سببًا في إسلامهم، وعندما انهزمت هوازن تفرَّقوا، فبعضهم ذهب إلى الطائف، وبعضهم ذهب إلى أماكن أخرى، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعض السرايا على إثرهم، فقاتلوهم وكان السبي والغنائم من حنين شيء كثير، فقد بلغ ما يُقارِب الستة آلاف من النساء والصبيان؛ لأنهم حضروا بنسائهم وأبنائهم وأيضًا بلغ من الإبل أربعة وعشرين ألفًا، وأيضًا كذلك بلغ أكثر من أربعين ألف شاة، وبلغ أيضًا أربعة آلاف أوقية، وأشياء أخرى كثيرة، ولم يستشهد من المسلمين إلا أربعة رجال فقط.


وعندما تحصَّن كبار هوازن وثقيف ومن معهم في حصونهم في الطائف سار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فعسكر جيش المسلمين قرب الطائف، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم الحصار ليالي عديدة قد تصل إلى بضع وعشرين ليلة، فبدأوا يرمون المسلمين بالنِّبَال، وبدأ جيش المسلمين يرميهم بالمنجنيق، ويقذف عليهم القذائف، ونادى مُنادٍ النبي صلى الله عليه وسلم: أن من نزل واستسلم فهو حُرٌّ، فنزل حينها ثلاثة وعشرون رجلًا، فلما أسلموا أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولما صعب على المسلمين فتح الحصن وكثرت عليهم النِّبَال، قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: ادْعُ الله عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهُمَّ اهْدِ ثقيفًا، وائْتِ بهم))، وقد استجاب الله عز وجل دعوة نبيِّه عليه الصلاة والسلام، فجاء كثير منهم في عام الوفود وهو العام التاسع، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة بعد ذلك إلى الجعرانة، فأقام فيها ثلاث عشرة ليلة، ثم قام عليه الصلاة والسلام بتقسيم الغنائم، وبدأ بالمؤلَّفة قلوبُهم يتألَّفهم لتقوية إسلامهم، وعندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الجعرانة جاءت إليه أُمُّه من الرَّضاع وهي حليمة السعدية، فأكرمها النبي عليه الصلاة والسلام، وبسط لها رداءه وجلست عليه، وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم الناس كلهم من الغنائم؛ لكنه لم يُعْطِ الأنصار شيئًا، فكأنَّهم وجدوا بأنفسهم شيئًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا علم ذلك النبي عليه الصلاة والسلام جمعهم، وقال لهم: ((ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاةِ والبعيرِ وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالِكم؟)) إلى آخر الحديث، فبكى الأنصار وقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسمًا وحظًّا، وذكرنا آنفًا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أن تسلم ثقيف، وكان هذا هو الواقع، فقد جاء وفْدٌ منهم وجاء بعد ذلك رئيسهم فأسلموا وبدأوا يقاتلون من لم يسلم من قومهم من ثقيف، وبعد أن قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم أحرم بالعمرة من الجعرانة وأكمل عمرته.


وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات كلهُنَّ في شهر ذي القعدة؛ وهي: عمرة الحديبية، وعمرة القضية، وعمرة الجعرانة، والعمرة التي كانت مع حجته عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك رجع إلى المدينة واستخلف على مكة عتاب بن أسيد، وهو أول أمير على مكة في الإسلام، وفي طريقه في الرجوع إلى المدينة حان وقت الأذان فأذَّن المؤذِّن وكان قريبًا من المؤذِّن بعضُ القوم من العرب غير المسلمين، فيهم أبو محذورة، فيقول أبو محذورة: كُنَّا نحاكيهم بالأذان استهزاءً وسخريةً بهم، وكانوا غير مسلمين، فلمَّا سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت أبي محذورة واستحسنه ناداه، ثم مسح على ناصيته، ومرت يده الشريفة على وجه أبي محذورة حتى بلغت سُرَّتَه، وقال له: بارك الله فيك، فيقول أبو محذورة: ذهبت كل الكراهية التي كانت في قلبي اتجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وامتلأ قلبي من حبِّه عليه الصلاة والسلام فأسلمت حينها، وعلمني الأذان فأذَّنْتُ، وطلبتُ أن يجعلني مؤذِّنًا في مكة، فكان ذلك، وكان عمر أبي محذورة آنذاك ستةَ عشرَ عامًا، فأذَّنَ بعدها خمسين سنةً، وتوارث الأذان في المسجد بعده أولادُه وأحفادُه، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في الرابع والعشرين من ذي القعدة.


أيها الكرام، نختم حلقتنا هذه ببعض الدروس والعِبَر المستفادة ممَّا تم ذِكْرُه ومنها:

الدرس الأول: في قصر النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة وهو في مكة تسعة عشر يومًا دليلٌ على أن المسافر يقصُر الصلاة إذا مكث في مكان معين تلك المدة المذكورة، وقد اختلفت آراء أهل العلم رحمهم الله في ذلك على أقوال عديدة؛ فمنهم من قال: أربعة أيام فقط وبعدها يُتِمُّ صلاته، وقال آخرون بأقوال تزيد على الأربعة أيام بأقوال مختلفة في حين أنه قال آخرون بأكثر من تسعةَ عشرَ يومًا، ولعل هذا العدد وهو تسعة عشر يومًا يُرجِّحه عدد من العلماء المعاصرين وهو قد ورد في صحيح البخاري من كلام ابن عباس رضي الله عنه، ومن أخذ بالأحوط وهو أربعة أيام فقد أخذ بما أجمع عليه أهل العلم.


الدرس الثاني: لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة بادر بإنكار الشرك، فأرسل مَن يهدم الأصنام؛ مثل: مَناة والعُزَّى وسواع واللات والأصنام التي على الكعبة، ولم يؤخِّر ذلك، فعلى المسلم إذا رأى المنكر فلا يسوِّف في تأخير إنكاره وهو يستطيع الإنكار؛ حتى لا تحصل أمامه عقبات، وقد تكون وهمية في كثير من الأحيان، وهذا أبرأ للذِّمَّة، ففي مجالسك وأهل بيتك وطريقك ومسجدك ونحوها قد ترى أو تسمع شيئًا من المنكر، فبادِرْ برفق وحلم وعلم بدرء المفسدة وجلب المصلحة وفي الزمن المناسب أيضًا بادر بالإنكار وادعُ بعد إنكارك بهداية ذلك الفاعل.


الدرس الثالث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعيش التفاؤل حتى في أصعب الظروف وهي ظروف الحرب؛ فعندما أخرجت ثقيف أموالهم ونساءهم للحرب قال حينها النبي صلى الله عليه وسلم: ((تلك غنيمة المسلمين غدًا))، فكم هو جميل أن تعيش التفاؤل أخي الكريم في جميع أمورك وظروفك؛ لأن هذا التفاؤل يزيد طاقتك ويزيدك أيضًا اطمئنانًا وسكينةً، وتعمل العمل أيضًا بارتياح وإن استصحبت مع التفاؤل الدعاء بقضاء حاجتك تلك، فهو نورٌ على نورٍ، وخيرٌ على خيرٍ.


فإذا أتم الله تعالى لك أمرك وظرفك، حمدته وشكرته ليزيدك من ذلك، فأنت بهذا على خيرٍ عظيمٍ، واجعل هذا منهجًا لك أمَّا من يعيش التشاؤم فإنه يعمل العمل بتعب وحرقة، وربما كان واقعه ونتيجته هو ما تشاءم به، فاحرص على فتح أسارير وجهك وقلبك عند أعمالك متفائلًا بنجاحها.


الدرس الرابع: عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تلك غنيمة المسلمين غدًا))، قال بعدها: ((إنْ شاءَ الله))، وهذا منهج كبير ومُهِمٌّ أن يُعلِّق المسلم أعمالَه ونتائجه بمشيئة الله تعالى، والله عز وجل يقول: ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: 23، 24]، فلا تنْسَ أخي الكريم، أنك إذا قلت: سأعمل كذا، أو سيكون كذا، أن تقول: إن شاء الله.


وفي الحديث المتفق عليه أن سليمان بن داود عليه السلام قال: لأطوفَنَّ الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلامًا يُقاتِل في سبيل، فقيل له: قل إن شاء الله، فلم يقل، فلم تلد منهن إلَّا امرأةٌ واحدةٌ، ولدت نصف إنسان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركًا لحاجته))؛ ولذلك الحالف إذا قال: إن شاء الله، فإنه لا يحنث إذا لم يفعل، فلو قال مثلًا: والله، لأدخُلَنَّ هذا البيت إن شاء الله، فلو لم يدخل، لم يحنث في يمينه، فلنستمسك بتلك الكلمة (إن شاء الله) فهي مباركة.


الدرس الخامس: في تلك الغزوة تظهر وتتجلَّى معية الله تعالى لأوليائه بنصرتهم وتسديدهم؛ حيث أنزل الله تعالى هؤلاء الملائكة الكِرام يُرعبون الكُفَّار ويخذلونهم وتتقوَّى بالله، ثم بهم عزيمة المؤمنين؛ ولذلك كانوا عاملًا مُهِمًّا في نصر المسلمين في تلك الغزوة، فذلك من نصر الله تعالى لعباده وأوليائه الذي لا يتخلَّف؛ ولكن قد يتأخَّر، وهذا لحكمة يعلمها الله عز وجل.


الدرس السادس: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قتل قتيلًا فله سلبه)) هذا تشجيع على الخير وفعله، وفي هذا دليل على تحفيز العاملين في المجالات الخيرية بشيء من المكافآت المالية تعزيزًا لهم؛ ولكن ليكن المقصد الأول هو العمل الخيري، ثم يأتي المال تبعًا، وذلك كالمعلمين في الحلقات القرآنية والجمعيات الدعويَّة ونحوها، ولهم مِنَّا الدعاء والسداد والإعانة، فهم بذلك جمعوا خيري الدنيا والآخرة بإذن الله عز وجل.


الدرس السابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أُمِّه ثم استأذن بالاستغفار لها، فلم يُؤذَن له، فما حالنا نحن والوالدان مسلمان شبَّا وشابا على الإسلام؟! كيف استغفارنا لهما? فإنه قد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا ربي، من أين لي هذا? فيقول: باستغفار ولدك لك))؛ إسناده صحيح.


فلنعمل على دعواتنا لوالدينا بالاستغفار، فإننا إن فعلنا ذلك ربحوا هم وربحنا نحن أكثر منهم، فأما ربحهم هم فهو المغفرة، وأما ربحنا نحن فهو دعوة الملك، بقوله: "آمين، ولك بمثل"، وأيضًا هو بِرٌّ منا بوالدينا، فيا أخي، لا تنس والديك من استغفارك ودعواتك، فهم ينتظرونك أحياءً وأمواتًا.


الدرس الثامن: في قصة أبي محذورة درسٌ عظيمٌ وهو تشجيع وتحفيز لأصحاب المواهب والمخرجات الطيبة، فإنَّ أبا محذورة رضي الله عنه قد وهَبَه الله تعالى صوتًا حسنًا ونديًّا، فلما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه وإنما ناداه وعزَّزه وشجَّعَه ودعا له بالبركة، فكانت النتيجة أنه كان مُؤذِّنًا خمسين سنةً، فعلينا جميعًا إذا رأينا أصحاب المواهب من أولادنا أو أقاربنا أو جيراننا أو غيرهم من المسلمين إذا رأيت منه ما يعجبك فعزِّزْه وشجِّعه وافتح له آفاقًا أخرى في تنمية تلك الموهبة، فإن أحدُهم صلَّى بالمسجد إمامًا، وكان صوتُه نديًّا حسنًا، فقال له بعضهم: صوتك حسن ونديٌّ ولم يبق عليك إلا أن تحفظ القرآن كاملًا، فأرشده إلى الحفظ، فعزم صاحبنا هذا الإمام على حفظ القرآن، فحفظ القرآن بحمد الله؛ فصار ذلك التعزيز والتحفيز صدقةً جاريةً لذلك المُعزِّز والمُحفِّز، فما أكثر المواقف والتصرُّفات التي نراها! وهي متميزة، فلنتحدَّث مع أصحابها، وأحيلك أخي الكريم إلى حلقة إذاعية في النت بعنوان (التربية بالمواقف نماذج وتعليق) فقد ذكرت من خلالها عددًا من المواقف المتميزة مع التعليق اللطيف عليها، فارجع إليها فلربَّما وجدت فيها ما يُعزِّز هذا الجانب لديك، فكثيرًا ما نحتاج في أولادنا أو أقاربنا أو أولاد المسلمين نحتاج أن نُعزِّزَهم؛ لأننا إذا عزَّزْناهم وحفَّزْناهم وشجَّعْناهم، فإن نتيجة هذا التعزيز والتحفيز إنما هي صدقة جارية لنا ولهم بإذن الله عز وجل، وهكذا السيرة أيها الأخوة الكِرام مملوءة من الدروس والعِبَر والحكم والأحكام التي يضطر المسلم لمعرفتها وتدارسها وتطبيقها، وأن تكون سجيةً من سجاياه، وصفةً من صفاته، فعلينا أن نعمل ذلك، وأن نحصد ذلك من خلال قراءة السيرة.


أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده المفلحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، اللهُمَّ وفِّقْنا لهُداك، واجعل عملنا في رضاك، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خاتم النبيين (33)
  • عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم
  • خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر
  • خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة
  • خاتم النبيين (36) أحداث غزوة مؤتة
  • خاتم النبيين (37)
  • خاتم النبيين (38)
  • خاتم النبيين (40)
  • خاتم النبيين (41)
  • خاتم النبيين (42) أحداث السنة التاسعة من الهجرة
  • خاتم النبيين (43) حجة الوداع
  • خاتم النبيين (44)
  • خاتم النبيين (45) شيء من هديه عليه الصلاة والسلام

مختارات من الشبكة

  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خاتم النبيين (لا نبي بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم لأصول الدين لشيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (30)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (29)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب