• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/7/2013 ميلادي - 6/9/1434 هجري

الزيارات: 54725

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة

الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم


عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سألْنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: يا رسول الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال: ((هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟))، قال: قلنا: لا، قال: ((فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟))، قال: قلنا: لا، قال: ((فإنكم ترون ربَّكم كذلك يوم القيامة، يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد، قال: فيقال: مَن كان يعبد شيئًا فليتبعْه، قال: فيتبع الذين كانوا يعبدون الشمسَ الشمسَ فيتساقطون في النار، ويتبع الذين كانوا يعبدون القمرَ القمرَ فيتساقطون في النار، ويتبع الذين كانوا يعبدون الأوثانَ الأوثانَ، ويتبع الذين كانوا يعبدون الأصنام الأصنام فيتساقطون في النار، قال: وكلُّ مَن كان يُعبَد من دون الله حتى يتساقطون في النار))، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فيبقى المؤمنون ومنافقوهم بين ظهرَيهم وبقايا أهل الكتاب - وقلَّلهم بيده - قال: فيأتيهم الله - عز وجل - فيقول: ألا تتبعون ما كنتم تعبدون، قال: فيقولون: كنا نعبد الله ولم نرَ الله، فيكشف عن ساقٍ، فلا يبقى أحد كان يسجد لله إلا وقع ساجدًا، ولا يبقى أحد كان يسجد رياءً وسمعةً إلا وقع على قفاه، قال: ثم يوضع الصراط بين ظهري جهنم، والأنبياء بناحيتيه قولهم: اللهم سلِّم سلِّم، اللهم سلِّم سلِّم، وإنه لدحض مزلة، وإنه لكلاليب وخطاطيف - قال عبدالرحمن: ولا أدري لعله قد قال: تخطف الناس - وحسكة تنبت بنجدٍ يقال لها: السعدان، قال: ونعتها لهم، قال: فأكون أنا وأمتي لأول مَن مرَّ أو أول مَن يجيز، قال: فيمرُّون عليه مثل البرق، ومثل الريح، ومثل أجاويد الخيل والرِّكاب؛ فناج ٍمسلَّم، ومخدوش مكلَّم، ومكدوس في النار، فإذا قطعوه أو فإذا جاوزوه، فما أحدُكم في حقٍّ يعلم أنه حقٌّ له بأشدَّ مناشدةً منهم في إخوانهم الذين سقطوا في النار، يقولون: أيْ ربِّ، كنا نغزو جميعًا، ونحج جميعًا، ونعتمر جميعًا، فبمَ نجونا اليوم وهلَكوا؟ قال: فيقول الله - عز وجل -: انظروا مَن كان في قلبه زنة دينار من إيمان فأخرِجُوه، قال: فيُخرَجون، قال: ثم يقول مَن كان في قلبه زنة قيراط من إيمان فأخرِجوه، قال: فيُخرَجون، قال: ثم يقول: مَن كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرِجوه، قال: فيُخرَجون، قال: ثم يقول أبو سعيد: بيني وبينكم كتاب الله، قال عبدالرحمن: وأظنه يعني قوله: ﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، قال: فيخرجون من النار فيطرحون في نهرٍ يقال له: نهر الحيوان، فينبُتون كما تنبُتُ الحب في حميل السيل، ألا ترون ما يكون من النبت إلى الشمس يكون أخضر، وما يكون إلى الظل يكون أصفر))، قالوا: يا رسول الله، كأنك كنتَ قد رعيت الغنم؟ قال: ((أجل؛ قد رعيتُ الغنم))[1].

 

فيه مسائل:

المسألة الأولى: معاني الكلمات:

قوله: ((هل تضارون)): وفي رواية: ((هل تضامون))؛ والمعنى: هل تضارون غيرَكم في حالة الرؤية بزحمة، أو مخالفة الرؤية، أو غيرها لخفائه.

 

قوله: ((الذين كانوا يعبدون الأوثان)): المراد بها الشياطين والطواغيت دون الأصنام.

 

قوله: ((وكل مَن كان يُعبَد))؛ أي: كل معبود من دون الله يتبعه عبَّاده حتى يتساقطوا، أو كل عابد من دون الله يتبع معبودَه حتى يتساقطوا.

 

قوله: ((فيأتيهم الله))؛ أي: يظهر لهم بوجهٍ لا يعرفون أنه هو.

 

قوله: ((لدَحْض مَزَلة)): بفتح الدال، وسكون الحاء، ومزلة بفتح الميم، وبفتح الزاي أو كسرها، ومعناها جميعًا الموضع الذي تزل أو تزلق فيه الأقدام ولا تستقر.

 

قوله: ((الكلاليب)): جمع كَلُّوب - بفتح الكاف، وضم اللام المشددة -: هي الخطاطيف، وهي جمع خُطَّاف - بضم الخاء، وتشديد الطاء - وهي حديدة معكوفة الرأس يعلق عليها اللحم، ويرسل في التنور.

 

قوله: ((وحَسَكة)): بفتحتين، وهو شوك صلب.

 

قوله: ((فأكون أنا وأمتي))؛ يحتمل المعنى أن يكون المراد أنه أول نبي، وأمته أول أمة في المرور.

 

قوله: ((السَّعْدان))؛ بفتح السين وإسكان العين، وهو نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك من كل الجوانب.

 

قوله: ((مسلَّم)) بفتح اللام المشددة.

 

قوله: ((ومخدوش))؛ أي: من قشر الجلد.

 

قوله: ((مكلَّم)): بفتح اللام المشددة؛ أي: مجروح.

 

قوله: ((مكدوس)): بمعنى ملقى في جهنم على التتابع.

 

قال النووي: إنهم على ثلاثة أقسام: قسم يسلم فلا يناله شيء أصلاً، وقسم يجرح ثم يخلص، وقسم يسقط في جهنم.

 

قوله: ((بأشدَّ مناشدةً))؛ أي: أكثر مسألة ممن عليه الحق ومن الله في خلاصه منها.

 

قوله: ((فبمَ نجونا))؛ أي: فبأي سبب حصل الفراق بيننا، مع أن مقتضى الرحمة أنك كما جمعتَنا على الخير هناك، تجمعنا ها هنا على جزائه، وتغفر لمسيئنا ولمحسننا.

 

قوله: ((زنة دينار من إيمان))؛ قيل: المراد به ظاهره، وقال عياض: الصحيح أن المراد به شيء زائد على مجرد الإيمان؛ لأن مجرد الإيمان الذي هو التصديق لا يتجزأ، وإنما هذا التجزؤ لشيء زائد عليه؛ من عمل صالح، أو ذِكْر خفي، أو عمل من أعمال القلب؛ من شفقة على مسكين، أو خوف من الله تعالى، أو نية صادقة.

 

قوله: ((بيني وبينكم)) إن لم تصدقوني في صحة الرواية[2].

 

قوله: ((فيكشف عن ساق))؛ فيه إثبات لصفة الساق لله - سبحانه وتعالى - ساق تليق به - سبحانه - لا تشبه ساق المخلوقين.

 

قوله: ((فلا يبقى أحد كان يسجد إلا وقع ساجدًا))؛ هذا السجود امتحان من الله -تعالى- لعباده، وقد استدلَّ بعض العلماء بهذا من قوله -تعالى-: ﴿ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [القلم: 42] على جواز تكليف ما لا يُطاق، وهذا استدلال باطل؛ لأن الآخرة ليستْ دار تكليف بالسجود؛ وإنما المراد امتحانهم.

 

المسألة الثانية: رؤية المؤمنين ربَّهم يوم القيامة حقٌّ:

يعتقد أهل السنة والجماعة ويشهدون أن الله -تعالى- يُرَى يوم القيامة وبعد دخول الجنة رؤية حقيقية عيانًا بالأبصار؛ كما يُرى القمر ليلة البدر، وكما تُرى الشمس صحوًا ليس دونها سحاب، وكل ذلك على الكيفية التي يريدها الله -تعالى- لا ندخل في هذا الباب متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، بل نثبت ما أثبته النص، ونسكت عمَّا سكت عنه، ونقف حيث وقف السلف - عليهم رحمة الله تعالى.

 

والأدلة على الرؤية كثيرة، بلغت حد التواتر من القرآن والسنة وكلام الأئمة:

فمن القرآن:

قوله -تعالى-: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

 

وقولُه - تعالى -: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26].

 

عن صُهَيب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، قال: يقول الله - تبارك وتعالى -: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيِّض وجوهنا؟! ألم تُدْخِلنا الجنة وتنجنا من النار؟! قال: فيكشف الحجاب فما أُعطُوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم - عز وجل))، وفي رواية: ثم تلا هذه الآية: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26][3].

 

وقوله -تعالى-: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35].

 

قال البغوي في تفسيره: قال جابر وأنس - رضي الله عنهما -: هو النظر إلى وجه الله الكريم.

 

قال ابن كثير في تفسيره:

قوله -تعالى-: ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]، كقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].

 

وقوله: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]:

قال الإمام الشافعي: وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه - عز وجل - يومئذٍ.

 

قال ابن كثير: وهذا الذي قاله الشافعي - رحمه الله - في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية؛ كما دل عليه منطوق قوله -تعالى-: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

 

قال ابن حجر في الفتح: أخرج أبو العباس السراج في تاريخه عن الحسن بن عبدالعزيز الجروي - وهو من شيوخ البخاري - سمعتُ عمرو بن سلمة يقول: سمعتُ مالك بن أنس، وقيل له: يا أبا عبدالله، قول الله -تعالى-: ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾، يقول قوم: ثوابه، فقال: كذبوا؛ فأين هم عن قوله: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]؟.

 

قال الآجري في كتاب الشريعة:

إن أحمد بن حنبل بلغه عن رجلٍ أنه قال: إن الله - عز وجل - لا يُرَى في الآخرة، فغضب غضبًا شديدًا، ثم قال: من قال: إن الله - عز وجل - لا يرى في الآخرة، فقد كفر، عليه لعنة الله والناس، أليس الله - جل ذكره - قال: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾، وقال - عز وجل -: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾؟ هذا دليل على أن المؤمنين يرون الله - عز وجل.

 

وقد نقل ابن كثير في تفسيره في سورة القيامة، بعدما ساق بعض الأحاديث في رؤية المؤمنين ربهم في الدار الآخرة، قال: وهذا بحمد الله مجمعٌ عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، كما هو متَّفق عليه بين أئمة المسلمين وهداة الأنام.

 

شبهة: ورد في الحديث ((فإنكم ترون ربكم كذلك يوم القيامة))، فهل المراد تشبيه الله بالقمر؟

نقول: ليس المراد تشبيه الله بالقمر؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - لا يشبه أحدًا من خلقه، كما قال -تعالى-: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، إنما المراد تشبيه الرؤية بالرؤية؛ أي: إنكم ترون ربكم رؤية واضحة من فوقكم، كما ترون القمر رؤية واضحة من فوقكم، وهذا يعبِّر عنه العلماء - عليهم رحمة الله - بتشبيه الرؤية بالرؤية، وليس تشبيه المرئي بالمرئي.

 

هل الرؤية للمؤمنين فقط، أم تشمل المنافقين والكفار أيضًا؟

للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

1- أنها للمؤمنين فقط، وهو قول جمهور أهل السنة والجماعة.

 

2- أنها للمؤمنين والمنافقين، وممن ذهب إلى هذا القول ابن خزيمة في كتابه التوحيد.

 

3- أن الرؤية للجميع، واستدلوا بقوله -تعالى-: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾، قالوا: فكونه حُجِب عنهم يومئذٍ، دلَّ على أنه قبل ذلك لم يكن محجوبًا؛ لأن الكلام في الآخرة، وأما في الدنيا، فالكل محجوب عن رؤية الرب - سبحانه وتعالى.

 

ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن الرؤية نوعان:

• رؤية حساب وتقرير وتعريف، فهذه هي التي يمكن أن يقال: إنها مرادة في حديث المنافقين كما في الصحيح: ((قال: فيأتيهم الجبار، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى مَن كان يسجد لله رياءً وسمعةً، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا))[4].

 

وهذه الرؤية كل يراه على حسب حاله، والله أعلم بالكيفية.

 

• رؤية تلذُّذ وتنعُّم، وهذه خاصة بالمؤمنين.

أما الكفار، فعامة أهل العلم على أنهم لا يرون الله لا رؤية تعريف، ولا رؤية تلذذ من باب الأولى؛ لأن الكافر محله العذاب والنكال.

 

وأجابوا عن الاستدلال بالآية، بأن هذا استدلال بالمفهوم؛ أي: بمفهوم (يومئذٍ) وهي ليس لها مفهوم، كما في قوله -تعالى-: ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 17]، وكما في قوله: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8]، وغيرها من الآيات علقت أشياء تحصل يوم القيامة بـ(يومئذٍ)، وقد يكون جنسها أو بعض أفرادها يحصل في الدنيا إما لعموم أو بخصوص[5].

 

قد ذهب المعتزلة والجهمية وبعض أهل البدع إلى أن الله لا يرى في الآخرة، متعلقين ببعض الشبهات، منها:

الشبهة الأولى: قالوا: قوله تعالى لموسى - عليه السلام -: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143]، (لن) تفيدُ التأبيد.

 

الشبهة الثانية: قالوا: قوله -تعالى-: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، نفى الإدراك الذي هو نفي الرؤية.

 

الرد على الشبهة الأولى من وجوه:

1- أن (لن) لا تفيد التأبيد؛ بدليل قوله -تعالى- في اليهود: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 6 - 7]، ومع ذلك فإنهم يتمنَّونه في الآخرة وهم في النار؛ كما في قوله -تعالى-: ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77].

 

وقال ابن مالك:

ومَن يرى النفيَ بلنْ مؤبَّدَا
فقوله اردُدْ وسِوَاه فاعضُدَا


2- أن الله قال: ﴿ لَنْ تَرَانِي ﴾، ولم يقل: إني لا أُرى، أو لا يجوز رؤيتي، أو لست بمرئي، والفرق بينهما ظاهر، وفيه دليل على أن الله يُرى، ولكن موسى - عليه السلام - لا تحتمل قواه رؤيته في هذه الدار؛ لضعفِ قوى البشر عن رؤيته، بدليل أنه -تعالى- لما تجلَّى للجبل، حصل للجبل ما حصل من الاندكاك.

 

3- أن الرؤية لو كانت محالة، ما طلبها موسى - عليه السلام - وهو كليم الله، وهو أعلم الناس بما يجوز وما لا يجوز على الله؛ ومع ذلك لم ينكر الله - سبحانه وتعالى - السؤالَ على موسى، ولو كان غيرَ جائز، لأنكره الله عليه.

 

4- أنه تعالى تجلَّى للجبل، وهو جماد، لا ثواب ولا عقاب له، فكيف يمتنع أن يتجلى لرسله وأوليائه في دار كرامته.

 

5- وعلى فرض أن هذه الآية فيها شيء من النقاش، فلا تَعْدُو أن تكون من المتشابه، وقد تقرَّر في علم الأصول أن المتشابه يُرَدُّ إلى المُحكَم، والأدلة المُثبِتة للرؤية من الكتاب والسنة كثيرة ومؤيَّدة بالإجماع، وهذا التسليم جدلي، وإلا فالآية من المُحكَم، والحمد لله رب العالمين.

 

الرد على الشبهة الثانية:

قال أهل السنة والجماعة: إن المنفي في الآية: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ إنما هو الإدراك لا الرؤية، وثَمَّة فرق بين الإدراك والرؤية؛ فالإدراك شيء زائد على الرؤية، فإن الله يُرَى ولا يُدرَك، كما أنه يُعلَم ولا يُحَاطُ به علمًا، فكل إدراك رؤية، وليس كل رؤية إدراكًا، كما في قوله -تعالى- على لسان قوم موسى: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61، 62].

 

بل نقول - ولله الحمد والمنة -:

إن هذه الآية حجَّة لنا لا علينا؛ لأنه إذ لو لم يكن هناك رؤية أصلاً، لما نفى الإدراك، كما أن الله - سبحانه تعالى - ذكرها في سياق المدح، ومعلوم أن المدح يكون بالصفات الثبوتية؛ فالنفي الذي يتضمَّن إثباتًا يكون مدحًا[6].

 

• اعلم أن رؤية المؤمنين ربَّهم تكون يوم القيامة، وأما في الدنيا، فلا يراه أحد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربَّه - عز وجل - حتى يموت))[7]، وبمفهوم المخالفة إذًا الرؤية ممكنة بعد الموت؛ أي: يوم القيامة.



[1]أحمد (11127)، وأصله عند البخاري (4581) كتاب التفسير، ومسلم (183) كتاب الإيمان، دون السؤال.

[2]حاشية السندي، انظر مسند أحمد ( 17/206 -207 )، وشرح مسلم للنووي ( 3/26 -30).

[3]مسلم (181).

[4]جزء من حديث الرؤية عند البخاري (7439)، ومسلم (183) من حديث أبي سعيد الخدري.

[5]نقلاً من إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل، بتصرف (10/15) للشيخ صالح آل الشيخ.

[6]انظر: إتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد في سؤال وجواب (2/ 73 - 74)؛ لوليد بن راشد السعيدان، وماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة (45 - 47) للعزازي - حفظه الله.

[7]مسلم (169) باب ذكر ابن صياد، والترمذي (2235) من حديث عبدالله بن عمر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إتحاف الأنام بمسألة رؤية الله في اليقظة والمنام
  • رؤية الله تعالى
  • المؤمن الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات ( خطبة )
  • مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة

مختارات من الشبكة

  • رؤية الهلال في كل بلد وتحديد المسافة بين البلدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إظهار التفسير الصواب وتبرئة الحواريين من الشك في قدرة ربهم في قولهم: {هل يستطيع ربك....}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إثبات رؤية المؤمنين لربهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراكز الرؤية بين التحديات والطموح: دراسة حق الرؤية من قانون الأحوال الشخصية بدولة الكويت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نزهة الرؤى في علم الرؤى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة شرح حديث صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (نسخة ثانية)(مخطوط - ملفات خاصة)
  • مخطوطة شرح حديث صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته(مخطوط - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب