• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير آية الآداب العشرة في سورة الأنعام

محمد بن عبدالله العبدلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/9/2014 ميلادي - 15/11/1435 هجري

الزيارات: 91184

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير آية الآداب العشرة في سورة الأنعام


إن من رحمة الله تبارَك وتعالى أن أرسَل إلينا خير البشر محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأنزل عليه أحسن الكتب - القرآن العظيم - هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بيَّن الله فيه كل شيء؛ كما قال: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].


وسيكون الكلام على ثلاث آيات منه، تُسمَّى بالوصايا العشر، وهي في سورة الأنعام؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام:151-153].


فختم الآية الأولى بقوله: ﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾، وختم الآية الثانية بقوله: ﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾، وختم الآية الثالثة بقوله: ﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾، كل ذلك بيانًا وتوكيدًا لأهمية هذه الأمور الْمُوصَى بها، وضرورة الاهتمام بها، ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه يقول عن هذه الآيات: إنهن الآيات المحكمات[1]، قال الحافظ ابن كثير: "يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين أشركوا وعبدوا غير الله، وحرموا ما رزقهم الله، وقتلوا أولادهم، وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين لهم، ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ تَعَالَوْاْ ﴾؛ أي: هلمُّوا وأقبلوا: ﴿ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾؛ أي: أقص عليكم وأُخبركم بما حرَّم ربُّكم عليكم حقًّا لا تخرُّصًا، ولا ظنًّا، بل وحيًا منه وأمرًا من عنده: ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾، وكأن في الكلام محذوفًا دلَّ عليه السياق، وتقديره: وأوصاكم ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾؛ ولهذا قال في آخر الآية: ﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾"[2].


وهذه الآيات تضمَّنت عشر وصايا من الله تبارك وتعالى، آمِرًا نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول لأتباعه المؤمنين: تعالَوا أُبيِّن لكم ما حرَّم ربكم عليكم، وذكر ما حرَّم عليهم، وعليكم بفعل هذه الأمور، فالآيات تضمَّنت مأمورات بتركهنَّ ومأمورات بفعلهنَّ، وسنفصل كل وصية على حِدَة، وهنَّ كالتالي:

الوصية الأولى: قوله تبارك وتعالى: ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾، النهي عن الشرك:

الشرك هو صرْف شيءٍ من العبادة لغير الله تبارك وتعالى، الشرك هو أكبر معصية وهو أكبر كبيرة، وهو الذنب الذي لا يُغفر؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48]، وأخبر سبحانه أن مَن أشرَك بالله، فإنه ضلَّ ضلالًا بعيدًا، فقال: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116]، وأوصى لقمان ابنه باجتناب الشرك؛ كما في قوله: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وقال سبحانه مُبينًا خطرَ الشِّرك: ﴿ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31].


وقال مخبرًا أن الجنة مُحرمة على المشركين، وأنَّ مأْواهم النار: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]، وقال مخاطبًا نبيَّه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، وورَد عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطر الشرك، وأنه سببٌ في دخول النار والحرمان من الجنة - كثيرٌ من الأحاديث، نذكر بعضًا منها من مثل: حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني جبريل فبشَّرني أنه من مات لا يُشرك بالله شيئًا، دخل الجنة))[3].


وسُئِل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر: ما الموجبتان؟ فقال: ((مَن مات لا يُشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار))[4]، وغيرها من الأحاديث.


الوصية الثانية: قوله تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، الوصية بالإحسان للوالدين:

إن حق الوالدين عظيم؛ لذا أوصى الله تبارك وتعالى بالإحسان إليهما في هذه الآية، وفي سور متعددة منها قوله: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8]، وقرَن حقه سبحانه بحقهما؛ كما في قوله: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [البقرة: 83]، وقال:﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، وقال: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].


وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العقوق من الكبائر[5].


الوصية الثالثة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾، الوصية بالنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر:

أوصى الله تبارَك وتعالى الآباء بعدم قتْل الأبناء خشية الفقر، فإنه سبحانه هو الرزاق، رزقُ الأبناء على الله كما رزق الآباء على الله؛ قال الحافظ ابن كثير: "لما أوصى تعالى بالوالدين والأجداد، عطف على ذلك الإحسان إلى الأبناء والأحفاد، فقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ ﴾؛ وذلك أنهم كانوا يقتلون أولادهم كما سوَّلت لهم الشياطين ذلك، فكانوا يَئِدون البنات خشية العار، وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار؛ ولهذا ورد في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال:((أن تجعل لله نِدًّا وهو خلَقك))، قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولدَك خشية أن يَطعَم معك))، قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تُزاني حَليلة جارك))، ثم تلا: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [الفرقان: 68][6]، وقوله تعالى: ﴿ مِّنْ إمْلاَقٍ ﴾، قال ابن عباس وقتادة والسُّدي وغيره: هو الفقر؛ أي: ولا تقتلوهم من فقركم الحاصل، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ﴾ [الإسراء: 31]؛ أي: لا تقتلوهم خوفًا من الفقر في الأجل، ولهذا قال هناك: ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾، فبدأ برزقهم للاهتمام بهم؛ أي: لا تخافوا من فقركم بسبب رزقهم، فهو على الله، وأما في هذه الآية، فلمَّا كان الفقر حاصلاً، قال: ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾؛ لأنه الأهمُّ ها هنا"[7].


الوصية الرابعة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾، الوصية بالنهي عن قربان الفواحش بأنواعها:

ثم نهى الله تعالى عن مقاربة الفواحش، والفاحشة هي كل ما عَظُمَ قبحُه من الأقوال والأفعال، وقد كان ابن مسعود يقول: "لا أحدَ أغيرُ من الله، ولذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحبَّ إليه المدحُ من الله، ولذلك مدَح نفسه"[8].


الوصية الخامسة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾، الوصية بالنهي عن قتْل النفس التي حرَّمها إلا بالحق:

نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة عن قتْل النفس المعصومة التي لا يجوز قتلها بغير حقٍّ، وقد قال الله مبينًا جُرم هذه الفَعلة: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر: ((لا يزال المؤمن في فُسحة من دينه، ما لم يُصِب دمًا حرامًا))[9]، وقال ابن سعدي مبينًا من هي النفس المعصومة: "وهي النفس المسلمة؛ من ذكر وأنثى، صغير وكبير، بَر وفاجر، والكافرة التي قد عُصِمت بالعهد والميثاق: ﴿ إِلا بِالْحَقِّ ﴾؛ كالزاني المحصن، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"[10].


وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: ((لا يَحِل دمُ امرئ مسلم يشهد أنْ لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيِّب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة))[11]، فالنفس التي لا يجوز قتلها هي النفس المعصومة، وتكون غير معصومة بأمور، منها ما بيَّنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه المتقدم.


الوصية السادسة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾، النهي عن أموال اليتامى إلا بالتي هي أحسن:

ونهى الله عن مقاربة مال اليتيم، ومن باب أَولى أكْله إلا بالتي هي أحسن، ولا يُفهم من قوله: ﴿ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ أنه يجوز قُربان وأكل أموال اليتامى إذا بلغوا أشدَّهم، بل المراد ببلوغ الأشُد أنه تُدفَع إليهم أموالُهم؛ كما بيَّن ذلك قولُ ربنا في كتابه: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا...... ﴾ [النساء: 6]، وقال الله تبارك وتعالى مُحذرًا من أكل أموال الناس: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].


الوصية السابعة: قوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾، أوصى الله بالأمر بإيفاء المكيال والميزان بالقسط:

ويأمر الله في هذه الآية بإقامة العدل في الكيل والوزن، وقال شعيب عليه السلام لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ﴾ [هود: 84]، قال الحافظ ابن كثير: "أمَر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء، كما توعَّد على ترْكه في قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ... ﴾، إلى قوله: ﴿ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[المطففين:1-6]، وقد أهلَك الله أُمة من الأُمم كانوا يَبخَسون المكيال والميزان"[12]، ثم قال: "وقوله تعالى: ﴿ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾؛ أي: مَن اجتهَد في أداء الحق وأخْذه، فإن أخطأ بعد استفراغ وُسْعه وبذْل جُهده، فلا حَرَج عليه"[13].


الوصية الثامنة: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾، أوصى الله وأمر بقول الحق والعدل فيه ولو كان على أُولي القربى:

وأمَر الله في هذه الآية بأن يَعدِل الإنسان في أقواله وأفعاله حتى مع أقرب الناس إليه؛ كما قال في آية أخرى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [النساء: 135].


الوصية التاسعة: قوله تعالى: ﴿ وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ﴾، أوصى وأمر بإيفاء العهد:

ثم أمر الله بالوفاء بعهده؛ قال الحافظ ابن كثير: "قال ابن جرير: يقول وبوصية الله التي أوصاكم بها فأوفوا، وإيفاء ذلك أن تُطيعوه فيما أمركم ونهاكم، وتعمَلوا بكتابه وسُنة رسوله، وذلك هو الوفاء بعهد الله: ﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾؛ يقول تعالى: هذا أوصاكم به وأمركم به، وأكَّد عليكم فيه ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾؛ أي: تتَّعظون وتنتهون عما كنتُم فيه قبل هذا"[14].


الوصية العاشر: قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾، أمَر الله باتباع صراط الله المستقيم ونهى عن التفرُّق واتباع السبل:

وبعد أن ساق سبحانه ما تقدَّم من الوصايا وطلب العمل بما جاء من الأوامر، وترك ما نهى عنه سبحانه، وحصل بذلك البيان والإرشاد من تلك الوصايا الجامعة، فاتَّضح طريق الحق وبانَ؛ لأن هذه الوصايا تمثِّل الصراط المستقيم؛ قال سبحانه مشيرًا إليها: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ﴾، فدين الله سبحانه وشريعته هي الصراط المستقيم، ثم أمرهم باتباعه، فقال: ﴿ فَاتَّبِعُوهُ ﴾، ونهاهم عن اتباع السُبل المخالفة لهذا المنهج القويم، فقال: ﴿ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾، قال الحافظ ابن كثير: "أمَر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والتفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلَك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله ونحو هذا، قاله مجاهد وغير واحد، وروى الإمام أحمد بسنده عن عبدالله هو ابن مسعود رضي الله عنه: قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا بيده، ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيمًا"، وخطَّ عن يمينه وشماله، ثم قال: ((هذه السُّبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه))، ثم قرأ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾[15]،[16].


فالله سبحانه جمَع في هذه الوصايا بين الأمر باتِّباع سبيل الحق، والنهي عن سبيل الضلال المقابلة له، وفَّقنا الله للزوم صراطه المستقيم، والحمد لله رب العالمين.



[1] رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، برقم (3138)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرِّجاه".

[2] تفسير ابن كثير، ت سلامة (3/ 359-360).

[3] رواه البخاري، برقم (7487).

[4] رواه مسلم، برقم (93).

[5] رواه البخاري برقم (5632)، ومسلم برقم(88)، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

[6] رواه البخاري برقم (4483)، ورقم (6468).

[7] تفسير ابن كثير (2/251).

[8] رواه البخاري برقم (4358)، ومسلم برقم (2760).

[9] رواه البخاري برقم (6469).

[10] فسير السعدي (279).

[11] رواه البخاري برقم (6484)، وبنحوه رواه مسلم برقم (1676).

[12] تفسير ابن كثير (2/231)، بتصرف يسير.

[13] تفسير ابن كثير (2/231).

[14] تفسير ابن كثير (2/232).

[15] رواه أحمد في المسند، برقم (4437)، وقال مُحقِّقوه: "إسناده حسن من أجْل عاصم، وهو ابن أبي النجود، وبقية رجاله ثِقات رجال الشيخين غير أبي بكر - وهو ابن عياش - فمن رجال البخاري، وأخرج له مسلم في (المقدمة)".

[16] تفسير ابن كثير (2/232)، بتصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نفحات قرآنية .. في سورة الأنعام
  • الأوامر العملية في سورة الأنعام
  • سورة الأنعام جذع مشترك ومرجع لفهم أحكام العقيدة
  • موجبات الحمد وشواهد التوحيد في أول سورة الأنعام
  • مقاصد سورة الأنعام
  • الوصايا العشر في سورة الأنعام

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المصادر الأولية لتفسير كلام رب البرية: المحاضرة الثانية (تفسير الآيات الناسخة للآيات المنسوخة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الأنعام الآيات (165)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الأنعام الآيات (161: 164)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الأنعام الآيات (159: 160)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب