• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

مدخل ديناميكية القرآن الكريم وجه من وجوه إعجازه

مدخل ديناميكية القرآن الكريم وجه من وجوه إعجازه
أ. د. محمد رفعت زنجير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/4/2014 ميلادي - 25/6/1435 هجري

الزيارات: 14761

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مدخل ديناميكية القرآن الكريم

وجه من وجوه إعجازه


الحمد لله رب الأرباب، ومجري السحاب، وقاهر الأحزاب، والذي أكرم الناس بهذا الكتاب، فقال: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1]، وقد جعل كتابه خير ما أنزله من كتب السماء؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].

 

ووصف كتابه بأنه يهدي إلى الرشد في أمور الدين والدنيا، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، وجعل الفساد والهلاك النبوي والأخروي قرينًا من أعرض عن كتابه، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

وبيَّن أن هذا الكتاب شرف لمن يحمله ابتداءً بالنبي عليه السلام، ثم مَن تبعه من قومه، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44]، وأشار سبحانه إلى سعة معانيه، فهي لا تنفد، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [لقمان: 27].

 

وبين عجز الخلق من إنس وجن أمام كتابه، فهو المعجزة الخالدة التي أنزلها من السماء؛ إذ لا يستطيع الخلق كلهم ولو تعاونوا أن يأتوا بمثله، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، قهرهم فتحداهم أن يأتوا بمثله في مواضع كثيرة من كتابه، فعجزوا، قال تعالى: ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [القصص: 49]، وقال أيضًا: ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾ [الطور: 34]، ثم تحداهم بأن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا، فقال عز وجل: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13]، ثم تحداهم بسورة واحدة، فعجزوا، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23]، فبيَّن عقب ذلك كله أن العجز سيلازمهم إلى يوم الدين، فما عليهم سوى أن ينقادوا لربهم طوعًا من أنفسهم؛ لكي يسلموا من عذاب الخلد في جهنم، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24].

 

والصلاة والسلام على نبيه الكريم سيدنا محمد، الذي حث على تعلم القرآن وتعليمه، وجعلها أشرف رسالة في الحياة، فهو القائل: [خيركم من تعلم القرآن وعلمه][1]، وقد أبدع في وصف كلام ربه، فكان مما قال في وصفه: [هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه] [2]، وهذا هو الحق بعينه، فإن عجائب القرآن لا تنقضي، وإن وجوه جماله لا تنتهي، وإنه للعلماء كالماء الزلال للظامئ في الصحراء، وهو بحر العلم والفكر والجود والجمال والجلال، والكمال والحكمة، يعطيك زيادة كلما طلبت منه معرفة، فما هو إلا كما قال الشاعر: [3]

يزيدك وجهه حُسنَا
إذا ما زدته نظرَا

 

أما بعدُ: فإن كتاب الله الخالد هو سراج العلم والمعرفة، وبشير الفرج والأمل، وهو معجزة هذا النبي الأُمي العربي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وهو باق إلى قيام الساعة من غير تبديل ولا تحريف يشهد على صدق النبوة، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقد اجتهد العلماء من السلف والخلف لمعرفة وجوه إعجازه، وكثرت في ذلك المذاهب والأقوال، ووضعت الكتب والتصانيف، فكان هنالك رصيد ضخم، وكنز هائل من المعرفة، منها ما هو مكرر منقول عن السلف، ومنها ما هو جديد معتبر، والقرآن هو القرآن، يعطي للجميع من فيضه عبر القرون الطويلة رحيق الحياة، فلا تنقضي عجائبه، ولا تنتهي وجوه إعجازه.

 

ولما كثرت الأقوال والجهود في هذا الباب، أحببت أن أدلي بدلوي في هذا الباب، بعد أن كتبت فيه من قبل بحوثًا لاقت قبولًا والحمد لله، وإن ميدان التجديد في معرفة وجوه الإعجاز لهو بحر زاخر، يستطيع المرء في كل زمان ومكان إذا أوتي آلات علم التفسير واللغة، وكانت لديه معرفة وإلمام ببقية العلوم، ورزقه الله الموهبة والصبر، يستطيع أن يأتي بالجديد النافع بإذن الله تعالى.

 

وقد وفقني الله إلى التأمل في خصيصة جديدة من هذا الكتاب، وهي أنه كتاب [ديناميكي] أي كتاب حركة فعالة منظمة تدفع بالتطور بكل اتجاه، ابتداءً من النشاط العقلي والذهني وانتهاء بواقع الحياة، فهو ينافي الجمود والتخلف في جميع صورهما؛ كما أثبت في بحث مسبق بهذا الخصوص، ولو أراد الإنسان كتابًا جامعًا حافلًا، فيه شيء من كل شيء، وفيه كل شيء عن بعض الأمور الهامة، ويكون نافعًا للعقل وهاديًا للفكر، ومدفئًا للقلب، يرى من خلاله الكون والحياة عبر كل الأزمنة، ومن خلال جميع الأمكنة، ويتعرف فيه على حياة البشر جماعات وأفرادًا، وما في حياتهم من خير وشر واستقامة وعوج، ثم يعرف من خلاله أسرار اللسان العربي المبين، ويحلق مع معانيه في كل سماء، وتسير خواطره متدفقة في كل اتجاه، كتاب يوقظ العقل والأمم، ويحرك طاقات الفرد والجماعة، ويدفع بالكون والإنسان تجاه الخير والأفق الأعلى، ويميط اللثام عن كامن المعاني، وينتفع به حتى من لا يعرف لغته، فليس أمامه سوى دستور الحياة الخالد، وهو الكتاب المتجدد في معانيه والثابت في محتواه في كل زمان ومكان، ألا وهو القرآن الكريم.

 

إنه كتاب طاقة وحركة، يدفع نحو الخير دائمًا وأبدًا، ويرفض التبلد والجمود والكسل، قام بناؤه اللغوي، وموضوعاته التي طرقها على هذا المنهج، وهو منهج الديناميكية؛ أي: الطاقة التي لا تتوقف أبدًا، ولا يتوقف من يتلقاها حتى يكون منتهاه الجنة، ومما يثبت أن القرآن كتاب حركة ديناميكية موارة لا تهدأ، أن الله قد وصف كتابه بصفات الإنسان، ومن صفات الإنسان أن يتحرك، قال تعالى: ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، وجعل النقلة إلى الإيمان نقلة إلى الحياة، قال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]، والكافرون هم موتى؛ لأن حواسهم قد تعطلت، قال تعالى: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة: 18]، وأنه لو كان لكتاب أن يخرق نواميس الكون، ويحرك الجمادات ويكلم الموتى، لكان هذا القرآن، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ﴾ [الرعد: من الآية31].

 

ولأن القرآن كتاب حركة، فلا ينبغي أن ينام حامله عنه الليل كله، بل لا بد أن يوقظ فيه الهمة والحركة ليناجي الله به وقد نامت العيون، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]، وكذلك ينبغي لحامله، أن يصدع به، ويحرك من خلاله جمود الحياة التي استقرت على الشرك؛ ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]، فهو كتاب ينبغي توصيله إلى الناس؛ لأن غرضه أن يصل إلى آذان الناس وقلوبهم من خلال وصوله إلى قلب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67].

 

مستويات الطاقة الحركية [الديناميكية] القرآنية:

والحركة فيه تتجلى في مستويات كثيرة، أهمها سبعة، هي:

الأول: ديناميكية البناء اللغوي، ونقصد بها استخدامه لأساليب تثير الحركة والانتباه في ذهن الإنسان؛ مثل: الاستفهام والاستثناء والنداء، وكذلك استخدامه لتعابير مختلفة، وتَكراره لبعض التعابير في الموضوع الواحد بصيغ مختلفة، وموضوع المشترك والمترادف والمبهم ونحو ذلك، فقد كان القرآن حافلاً باستغلال طاقات اللغة، ليبني من خلالها الإعجاز، كما كان قادرًا على تكييف اللغة وفقًا لأغراضه، وليس ذلك بوسع بشر، وإنما تحقق له ذلك؛ لأنه كلام العزيز الحميد.

 

الثاني: ديناميكية الأداء الصوتي، وهو تنقُّله بين مقاطع مختلفة وأساليب متعددة من الأداء الصوتي؛ مما يثير الشجن أو الأمل أو الفرح لدى سامعه، ولو لم يكن يعرف العربية.

 

الثالث: ديناميكية البعد النفسي الداخلي، ونعني بها حركة القرآن في كيان الإنسان؛ أي: حركته بين العقل والعاطفة، وما يثيره من كوامن الفكر والخيال والإبداع.

 

الرابع: ديناميكية البعد الزماني، ونعني بها حركته بين الأزمنة الثلاثة [الماضي، الحاضر، المستقبل]؛ مما يثير الشعور بوحدة الزمان، فكأن المرء يعيش كل الأزمنة في وقت واحد.

 

الخامس: ديناميكية البعد المكاني والحركة الكونية، ونعني بها تنقله في الحديث بين أماكن متباعدة في وقت واحد؛ مما يحرك ذهن الإنسان نحو شتى بقاع المعمورة، وأجرام الكون وعالم الغيب كالجنة والنار، فكأنه موجود في كل مكان.

 

السادس: ديناميكية الحدث والحركة الاجتماعية، وهي تحركه في حياة الناس بأبعادها لمختلفة، فكأنه يمشي معهم ويساكنهم في بيوتهم، ويلازم واقعهم.

 

السابع: ديناميكية التشريع الإسلامي، فهو تشريع متدرج يلائم النفس الإنسانية من جهة، والمنهج التربوي الذي يأخذ الناس بالقدوة والترغيب والترهيب إلى الصراط المستقيم.

 

ونحن نجزم أن هذه المستويات السبعة من الديناميكية القرآنية، لم تجتمع لكتاب غير القرآن، وأن الأدباء والشعراء والبلغاء وجميع الناطقين والعقلاء في كل زمان ومكان، هم غفل عن مجموعها، قد يحومون حول بعضها، وقد يدرسون شيئًا منها، وقد يوجد أجزاء وتفاريق منها في كلامهم، ولكنها ليست موجودة جملة واحدة على وجه معجز إلا في القرآن الكريم؛ لذا فهم لا يستطيعون أن يلامسوا ديناميكية القرآن في شيء منها؛ لأنهم أعجز وأضعف، وأقل وأدنى من أن يفعلوا ذلك، وبسبب هذه الديناميكية حرك القرآن أبناء العرب، وأوجد من رعاة الغنم رعاة للأمم، ونقل العرب هذه النقلة البعيدة من الضلال إلى الهدى، ومن الشرك إلى التوحيد، وكيف لا يفعل ذلك وقد أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض؟!

 

إنه لوجه جديد من وجوه الإعجاز لم يلتفت إليه أحد، اللهم إلا شذرات قد تجدها في تراث أهل العلم، وآمُل أن يكون الله عز وجل قد فتح علي به، فرزقني به ما لم يرزق به باحثًا قبلي، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي، وعلى الله فليتوكل المتوكلون.

 

وهذه المستويات السبعة ستكون موضوع بحثنا في سبعة مباحث مذيلة بخاتمة.

 

ملاحظة لا بد منها:

يبقى أن أشير إلى أن وصف القرآن بأنه كتاب [ديناميكي dynamic ] تعني أنه كتاب قوة وطاقة طبيعية ونشاط[4]، ولقد آثرت استخدام المصطلح العلمي تأثرًا بواقع الحياة، فقد بدأت حياتي الجامعية في كلية الهندسة، قبل أن أتحول منها إلى كلية اللغة العربية حبًّا في القرآن الكريم، وبحثًا عن وجوه إعجازه والجمال فيه، وقد آثرت أن تكون هذه الكلمة في العنوان لما لها من دلالة علمية عند غير المتخصصين، ولا نعني هنا بالديناميكية والحركة إلا طاقة التعبير والدفع والأداء القرآني، دون أية دلالة أخرى، فالبحث يأتي في إطار التنظير العلمي لإعجاز القرآن لا غير.

 

وفي الختام أبتهل إلى الله أن يجعل ما أكتبه نافعا لغيري ونورًا في قبري، وأن يغفر لي يوم الدين، وأختم بهذا الدعاء المأثور: ﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين ﴾ [البقرة: من الآية286].

 

والحمد لله رب العالمين.



[1] رواه البخاري عن عثمان رضي الله عنه، انظر: مشكاة المصابيح للتبريزي، بتحقيق الألباني، [1/651] المكتب الإسلامي، دمشق، الطبعة الثالثة، بيروت.

[2] من حديث رواه الترمذي والدارمي عن علي ، رضي الله عنه وقال الترمذي: إسناده مجهول، انظر: مشكاة المصابيح للتبريزي، بتحقيق الألباني، [1/659-660].

[3] البيت لأبي نواس، انظر معاهد التنصيص على شواهد التلخيص، للعباسي، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، [1/78]، عالم الكتب، بيروت..

[4] انظر: المورد لمنير البعلبكي، ص [299]، دار العلم للملايين، بيروت، 1988م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إعجاز القرآن
  • دراسة تاريخية عن الإعجاز البلاغي للقرآن
  • وجوه إعجاز القرآن
  • قبس من إعجاز القرآن الكريم
  • الإعجاز النفسي في الصلاة
  • ركيزتان للإعجاز العلمي في القرآن
  • ديناميكية البناء اللغوي
  • ديناميكية الأداء الصوتي في القرآن الكريم
  • ديناميكية البعد النفسي الداخلي في القرآن الكريم
  • ديناميكية البعد الزماني والحركة الكونية في القرآن الكريم
  • ديناميكية البعد المكاني في القرآن الكريم
  • ديناميكية الحدث والحركة الاجتماعية في القرآن الكريم
  • ديناميكية التشريع الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (1) مدخل إلى حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (2) أسس حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم وسياسة الأمة في القرآن الكريم (7) الحاكم والمحكوم في القرآن الكريم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التربية في القرآن الكريم: توجيهات تربوية لبعض آيات القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المدخل لدراسة القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لفظة القرآن في القرآن الكريم (دراسة موضوعية )(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • لماذا وكيف أتدبر القرآن الكريم؟ (كلمات في العيش مع القرآن)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- الكلام الجديد
جلال سليم - مصر 22-12-2022 02:53 PM

هذا الموضوع جديد علي وأرى أن يعم الناس بهذه المعرفة والله المستعان..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب