• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

نفحات قرآنية (24)

نفحات قرآنية (24)
بخاري أحمد عبده

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2013 ميلادي - 25/3/1434 هجري

الزيارات: 4268

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نفحات قرآنية 24

الآل والأهل[1]


في رحابِ كلمة (آل) عشنا نذرعُ الأبعادَ، وننصتُ لما ينبعث منها من معانٍ متعاطفة، متناسقة الأصداءِ متشابهة المغزى، متداخلة الإيقاع، وأوضحنا - هناك - بما لا يدعُ مجالاً لتعقيبٍ أنَّ الإسلام وهو يثيرُ الألسنة كي تلهج [2] بالصَّلواتِ والرَّحمات، وتستنزلُ البركاتِ على آل محمد - صلى الله عليه وسلم - عدَّةَ مرات في اليوم والليلة - إنَّما كان يصنعُ للمؤمنين قاطبة، ويضعهم جميعًا على قلب رجلٍ واحد، ويتحرَّكون - أصحابًا وأنصارًا، عدنانيين وقحطانيين، مكيين ومدنيين، عربًا وعجمًا - حول محورٍ حيوي رفيع عظيم، يصلُهم بالسَّماء ويصلحُهم في الأرض، ويأسو عللَهم بالأشفية الرَّحمانية التي زُوِّد بها، يتحرَّكون حول محورٍ رحبِ الآفاق، رخيِّ السَّنى، عبق الأرواح، دسم العطاء، محور هو بحكم وجدانه العالي المرهف، وقلبه الكبير الدفيء بكلمات الله، هو: ﴿ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، هذا المحورُ الذي يستقطبُ مَنْ معه من أصحابٍ، ويجتذبُ ويهفو إلى من وراءه من إخوانٍ يجدون صحفًا فيها كتابٌ فيؤمنون بما فيها، مصداقَ ما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصنِّف أتباعَه إلى أصحاب يعايشونه فعلاً، وإخوانٍ في ضمير الغيب يتلقَّفون دعوتَه، وينشرون هُداه، ويذبون عن حياضِه ويؤمنون بالغيب؛ هذا المحورُ هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الذي اجتباه ربُّه كي يعكسَ على الأرضِ ما يستقبلُ من السَّماء.

 

والمؤمنون بهذا المقتضى إخوةٌ لعَلاَّت؛ أمهاتُهم شتَّى، بلدانُهم متنائية، أزمانُهم متباعدة، هوياتُهم مختلفة، أعراقُهم متشعِّبة، ولكنَّهم يُغذون - بالبناء للمجهول - برحيقٍ واحد، مصفى يربطُ بينهم، ويؤلِّفُ بين قلوبِهم، وينمي مادياتِهم، ومعنوياتهم ويحوطُهم بأرواح علوية.

 

وهذه الأرواحُ المشتركة التي تهبُّ عليهم سخاءً رخاءً، فتسري في الأوصالِ وتجري في العروق تشكِّلُ منهم رابطةً محكمةَ الأواصر، تزري بكلِّ الرَّوابط التي تنبثقُ من فصيلة الدَّمِ، أو وحدةِ العرق، أو عنصريةِ الأصل، أو عصبيةِ النَّسب والقبيلة.

 

وتلك الرَّوابطُ السَّماوية قوامها علائقُ الرُّوح، وردُّ فعلِها وحدة الأنفاس والإحساس والنبض ((مَثَلُ المؤمنين في تعاطفِهم وتراحمِهم وتعاضدِهم كمثلِ الجسد الواحد...))، وهذه المعاني المشتركة التي تنبضُ بها القلوبُ المؤمنة تتجاوَبُ وتعبِّرُ عن نفسِها بمثل تلك الصَّلوات التي يدعو بها بعضُنا لبعضٍ بظهر غيب، ولعلَّ مما يؤيد أنَّ الحقيقةَ هي ما قلتُ - ذلك الترتيل الشَّجي الذي نقدمُ به لتلك الصَّلواتِ التي نختمُ بها تشهدَنا؛ الترتيل الذي تعمُّ أرواحُه كلَّ المؤمنين (السلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين)، ومن وحي هذه العبارة الموحية (السلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين) يمكنُ أن نفهمَ أنَّ المؤمن سبيلُه أن يبدأ بنفسِه فيحيطها بكلِّ روافدِ الأمن والسَّلام من توحيدٍ وإيمان، وصدقٍ وإخلاص، والتزامٍ بكلِّ ما عهد الله: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [يس : 60 ، 61]، وأنْ يثني بعبادِ الله الصَّالحين، على اختلافِ أشكالِهم وألوانهم، وبقاعِهم وأزمانهم، يرجو لهم الرَّحمةَ، ويتمنَّى السَّلام، ويدعو من أجلِهم بظهر الغيب.

 

فكان دينُنا سلامًا، ولكن على كلِّ صالح، أمَّا من انحسر عنه رداءُ الصَّلاح فقد أضحى مكشوفًا للشَّيطان بعيدًا عن دوائر الأمان، والصَّلاة والسَّلام يرِدان دائمًا معًا، ويبدوانِ في إطارٍ واحد، ويصدران مقترنَيْن، فإذا كان السَّلام - وهو ند الصَّلاة - يهب على المؤمنين عامًّا بلا تفريقٍ، فكيف إذًا يتأتَّى أن تضيقَ أكنافُ (الصَّلاة) حتَّى تشتملَ اشتمال الصماء[3] بفئةٍ معينة أو بيت محدود؟

 

قضية الأهل:

تلك أبعادُ قضيةِ (الآل) فما قضيةُ الأهل؟ وما تأويلُ تلك الآيةِ الكريمة التي تشدَّقَ بها خصومُ الإسلام، زاعمين أنَّها صريحةٌ في التمييز والمحاباة والكَيْل بأكثرَ من مكيال؟ ما تأويلُ قولِه - سبحانه -: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، هكذا بهذا الأسلوبِ الذي تتصدرُه (إن) المكفوفة عن العملِ بـ (ما) الكافَّة حتَّى تتفرَّغَ للتَّوكيد، والحصر؟

 

وقفة لُغويَّة:

في تتبعِنا لإشعاعاتِ كلمة (آل) أشرْنا إلى أنَّ (آل) أصلُها (أهل)، وأصل كلِّ شيء ينطوي بالضَّرورة على جذورِ الحقائق التي يحملُها فرعه، فكما أنَّ الوليدَ يرِثُ من خصائصِ أصوله، كذلك ترث الكلمةُ المشتقَّةُ - باعتبارها كائنًا حيًّا ينمو ويذوي، يُعمر (بالبناء للمجهول) وينتكس، يحيا ويموت... إلخ - ترثُ من خصائصِ مصدرِها، كما ترثُ الكلمة المحورة من خصائص أصلِها، ومقتضى هذا أنَّ كلمةَ (أهل) تحملُ ما يحمل فرعها من معان[4]، إلا أنَّ كلمةَ (آل) لما دخلها من إبدال وببنائها الجديد، ترتبطُ أو تلتحم بمادة (أَوْل) (بفتح الهمزة وسكون الواو) وتصطبغُ بمعانيها، تمامًا كما تكتسب الشَّجرةُ المطعمة من خصائصِ الشَّجرة الأخرى التي طعمتْ بها.

 

بيد أنَّ الكلمةَ تستمد حياةً أخرى من السِّياق[5]، وتنحو بها الاستعمالات المطَّردة مناحي جديدة تثري الكلمةَ، وتضفي عليها حيويةً عرفيةً، أو شرعية، أو مجازية، أو إيحائية) جديدة فوق حيويتِها الأولى وتتكاملُ الحيويتانِ ليتولَّدَ من تلاقحها شيءٌ جديد، ولكنَّه يورث من عنصري التَّزاوجِ ويحمل من ملامحِهما.

 

كلمة (أهل) والمعاني العارضة:

وكلمةُ (أهل) أضافتْ إليها الاستعمالاتُ المختلفة مقاصدَ تقرُبُ أو تبعدُ من مفهومِها اللُّغوي.

 

والكلمةُ بوضعِها الأول تعطي معنى الأنس؛ تقول: أَهِل (بفتح الهمزة وكسر الهاء)؛ أي: (أنس) ثم تُوسِّعَ (بالبناء للمجهول) في الكلمةِ فأُطلقتْ على مصادر الإنس إطلاقًا عرفيًّا، ودارتِ الكلمةُ في استعمالاتِها العرفية حتَّى رسخت، وظُنَّ (بالبناء للمجهول) أنَّها أصلٌ فيها؛ من ذلك قولهم:

1- إهالة (ككتابة) للزَّيت، والشَّحم، وكل ما يُؤتدَمُ به؛ لأنَّ توفُّرَ الإدامِ كان عاملَ بهجةٍ وأنس للبيت كلِّه.

 

2- وقولهم: استأهل فلانٌ كذا؛ أي: استحقَّه؛ لأنَّ الظَّفر بالحقِّ عاملُ استقرارٍ وأنس.

 

3- وجروا على هذا المنوال فقالوا:

أ- أهلُ الرَّجل لعشيرتِه، وذوي قرباه ممن يؤنسونه غالبًا.

 

ب- وأهلُ الأمر ولاتُه الذين يأنسون بالأمر، ويأرزُ إليهم الأمر.

 

ج- وأهلُ البيت سكانُه، وأهل المذهب من يدينون به.

 

د- وأهلُ الرجل زوجُه.

 

هـ- وأهل النبي أزواجُه وبناته، وصهرُه وأحفادُه، الذين كانوا يحرِّكون فيه غريزةَ الاجتماع، وعوامل الأنس الإنسانية الأولى.

 

و- وأهلُ كلِّ نبي أتباعُه وأمته، وآلُه الذين هم أولياؤه.

 

وهكذا نرى أنَّ معنى الأنسِ يلازمُ كلمةَ (أهل) في كلِّ هذه الاستعمالات، ولسنا - كما ذكرنا في العدد الماضي - نقفُ هذه الوقفةَ اللُّغوية عبثًا، ولا حشوًا للمقال، ولا استعراضًا بل المراد:

1- أنْ يظلَّ جنى (ثمر) هذه الوقفةِ اللُّغوية زادًا للدُّعاة، دانيًا أمامهم يتصدُّون به لأبواقِ المستشرقين، وهراء المتصوِّفة.

 

2- أن نسجلَ أنَّ كلمة (أهل) تعطي هذا العطاءَ العام، فلا مجالَ لصرف الكلمة عن عموميتِها وحصرها في ركنٍ محدود إلا بقرينةٍ بيِّنة.

 

واستعمالاتُ القرآن الكريم للكلمةِ دارتْ في هذا المدار، وحملت معها معنى الأنس، ولم تخرجْ عن الدَّائرة التي رسمناها، تدبر قولَ الله: ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾ [القصص : 12]، ﴿ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا ﴾ [يوسف : 25]، ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ﴾ [القصص : 29]، ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴾ [مريم : 16]، ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الزمر : 15]، ﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [المدثر : 56][6] تجدُ أنَّ الأمرَ على ما أوضحنا، وأنَّ العمومَ حقيقة لا تخصَّصُ إلا بقرينةِ السِّياق أو الإضافة، أو العهد... إلخ.

 

وورود كلمة (أهل) في النَّظم القرآني دائرة بين تلك المعاني مُرتكز ركين يتيحُ لنا أن نظنَّ أنَّها في آيتنا ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ﴾ [الأحزاب : 33] تحملُ نفسَ المعاني، وتؤدِّي عينَ الأداء، وتصلحُ أن تستعار لأهلِ كلِّ بيت، إذا لم نعتبرِ القرائنَ التي وجهت تآويل المؤولين.

 

نظرة تطبيقية في آيات:

وليزدادَ الأمرُ وضوحًا، وكي تطمئنَّ القلوبُ أكثر وأكثر نستعرضُ معًا طائفة أخرى من الآيات التي اشتملتْ على كلمة (أهل)، من قبل أن ننظرَ في القرائنِ أو نناقش الآراءَ المختلفة التي حفلتْ بها التَّفاسير.

 

1- ﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ﴾ [هود : 73]، والآيةُ سبقت بالحديثِ عن الزَّوجة ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ﴾ [هود: 71 - 72 ]، وهذا السِّياق قرينة تعين المراد بكلمة (أهل).

 

2- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم : 6]، والآية جاءت بعد الحديثِ عن بعضِ أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد تقريع وحثٍّ على العودةِ إلى الاعتدال من بعد ميل  ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ﴾ [التحريم: 3 - 5]، وهذا السِّياق قرينة ترجِّحُ أنَّ آية ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ تشير أولَ ما تشيرُ إلى الأزواج، وكذلك آية ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ﴾ [طه : 132].

 

3- وإذا أصخنا السَّمع إلى صيحةِ إخوة يوسف: ﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ﴾ [يوسف : 88]، وارتددنا - مع صيحتِهم - إلى موطنِهم، وموقفهم وهم يقنعون أباهم بأنْ يرسلَ معهم أخاهم حتَّى يتاحَ لهم أنْ يميروا الأهل، ويزدادوا كيلَ بعير ﴿ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ... ﴾ [يوسف : 63 - 65] بهذا، وبما لحق هذا، نعلمُ أنَّ المرادَ بكلمة (أهل) العشيرة كلها، ولاسيما إذا تدبَّرْنا في قولِ يوسف - عليه السلام - ﴿ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [يوسف : 93].

 

4- وإذا قرأنا قوله - سبحانه -: ﴿ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ ﴾ [العنكبوت : 33] علمنا أنَّ الكلمةَ - هنا - وفي ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ... ﴾ [هود : 81] تشملُ الأسرة، والزَّوجة وإلا لما كان هناك ضرورة للاستثناء ﴿ إِلَّا امْرَأَتَكَ ﴾.

 

5- ومثل هذا قيل لنوح - عليه السلام - ﴿ احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ... ﴾ [هود : 40].

 

6- وإذا تلوت قوله - سبحانه -: ﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور : 26 ، 27].

 

تذكَّرْ قولَ الله - سبحانه -:﴿ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ﴾ [القيامة : 33] أيقنت أنَّ الكلمةَ فيها سعةٌ توحي بها حالتا الإشفاق والتمطي، هكذا كلمة (أهل) تسعُ بوضعِها اللُّّغوي، والعرفي، والشَّرعي، أفرادًا، وأفرادًا، وأفرادًا.

 

المفهوم العرفي أو الشرعي:

المفهومُ العرفي لأيِّ كلمةٍ فيه المفهومُ اللُّغوي وزيادة؛ فالصَّلاة مثلاً تعني في اللُّغة الدُّعاء، وهي في عرف الشَّرع تعني: الأقوال، والأفعال المخصوصة، (المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم).

 

والصُّورة الشَّرعية للصَّلاة يسري فيها المفهوم اللغوي؛ لأنَّ الدُّعاء المتضرع المذعن روح الصلاة، والصُّوم لغةً: الإمساك، وفي عرف الشَّرعِ: إمساكٌ على وجهٍ مخصوص، والحجُّ: القصد، وفي الشَّرع قصدٌ مخصوص ومصحوب بملابساتٍ محدودة، وهكذا.

 

ولقد تنازعَ أهلُ العرف الشَّرعي - من فقهاء، وأصوليين، ومحدِّثين - في مفهومِ كلمة (أهل البيت):

1- قِيل علي وفاطمة وابناهما.

 

2- وقيل - كما قيل في كلمة آل - هم المتَّقون من أمَّتِه.

 

3- وقيل: هم كلُّ من احتواهم بيتُ النُّبوة.

 

4- وقيل: هم أزواجُه خاصَّة.

 

5- وقيلك أزواجه لسنَ من أهل بيته.

 

6- وقيل: هم الذين حُرِموا الصَّدقةَ من ذوي قرابتِه.

 

7- وقيل: هم بنو هاشم.

 

8- وقيل: هم الحي من قريشٍ الذين لا تدينُ العرب إلا لهم، وقيل: كلُّ أمتِه؛ أي: هؤلاء المذكورين وغيرهم.

 

نظرة تمحيص:

ومما يبدو عند التدبُّر والتَّمحيص:

أ- أنَّ أزواجَ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من أهلِ بيته خلافًا لمن أنكر ذلك:

1- وذلك مصداق ما روى مسلمٌ في صحيحِه عن زيد بن أرقم حين سُئل: "من أهل بيته؟ أليس نساؤه من أهلِ بيته؟ قال: نساؤه من أهلِ بيته، ولكنَّ أهلَ بيته من حُرِم الصَّدقةَ بعده، قال حصين (السَّائل): ومن هم؟ قال: هم آلُ علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كلُّ هؤلاء حرم الصَّدقة؟ قال نعم[7]".

 

2- ولما ورد في الصَّحيحين من أنَّه - عليه الصلاة والسلام - علمهم الصَّلاة عليه (اللهم صل على محمَّد، وأزواجِه، وذريته)[8].

 

3- ولأنَّ امرأةَ إبراهيم وامرأةَ لوط من أهل بيتِهما بنصِّ القرآن.

 

4- فوق أنَّ الآية ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّه ﴾ وردتْ منسوقة (معطوفة) على آياتٍ تخاطب نساءَ النبي وتعالجُ بعضَ مشاكلهن، والمنسوق يأخذُ حكمَ المنسوق عليه.

 

ب- الأتقياء من أمَّتِه أعلى درجة من هذا، فالأتقياءُ أولياؤه لما ثبتَ في الصَّحيحين من أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ آل بني فلان ليسوا لي بأولياء، إنَّما ولي اللهُ وصالحو المؤمنين)) وهذا الأثرُ - كما لا يخفي - يثبتُ الولايةَ لصالحي المؤمنين، ولكن لا ينفي عنهم الأهلية.

 

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ في منهاج السنة (4/19، 20): "وإذا كان كذلك فأولياؤه المتَّقونَ بينه، وبينهم قرابةُ الدِّين والإيمان والتقوى، وهذه القرابةُ أعظمُ من القرابة الطَّبيعية؛ لأنَّ القربَ بين القلوب والأرواح أعظمُ من القربِ بين الأبدان؛ ولهذا كان أفضلُ الخلق أولياؤه المتَّقون، وأمَّا الأقاربُ ففيهم المؤمنُ وفيهم الكافر، وفيهم البرُّ والفاجر، فإنْ كان فاضل منهم كعلي وجعفر والحسن والحسين... إلخ، ففضلُهم بما فيهم من الإيمان والتقوى، فهم أولياؤه بهذا الاعتبارِ، لا بمجرد النَّسب، فأولياؤه أعظمُ درجة من آله - وإن صلى عليهم تبعًا - فذلك لا يقتضي أن يكونوا أفضلَ من أوليائِه الذين لم يصلِّ عليهم، فإنَّ الأنبياءَ والمرسلين هم من أوليائه، وهم أفضلُ من أهلِ بيته وإن لم يدخلوا في الصَّلاة معه تبعًا، فالمفضول قد يختصُّ بأمرٍ ولا يلزم أن يكونَ أفضلَ من الفاضل بدليلِ أنَّ أزواجَه هنَّ ممن يصلى عليهم - كما ثبت في الصحيحين - والاتفاق على أنَّ الأنبياء أفضل منهنَّ كلهن" ا.هـ، هذا ولا يخفى أنَّ كلامَ شيخ الإسلام - رحمه الله - على فرض أنَّ الآل والأهل يصدقانِ على العشيرة الأقربين فقط، فهم حتَّى على هذا الغرض ليسوا في القمَّةِ، فأين المحاباة؟



[1]- باقيات من نفحات ﴿ تَبَّتْ يَدَا ﴾  تدحض دينَ الصوفية، وتدفع أباطيلَ الخصوم، وتؤكد أنَّ الإسلام ليس كما زعموا، بل هو دين العدالة، والإحسان، والفرصة المتكافئة.

[2]- لهج بالأمر أغرى به، فثابر عليه.

[3] اشتمال الصماء أن تتلفف بثوبك تلففًا يصف جسمك ويعوق حركتك.

[4]- ولكنها تستقل باستعمالات لا تشاركها فيها الكلمة الثانية كما تستقل الثانية باستعمالات بها.

[5]- كما يقول البلاغيون.

[6]- أي المستحق للتقوى المتولي أمر المغفرة.

[7]- حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - ورد في معرض ذكر تخوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بيته، ووصايته بهم على ما تقدم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخوف من فتن جائحة لا تحد، تضرمها نفوس تختزن من نار الحسد ما تختزن، وتقذفها فوق كل الرؤوس التي يظن فيها الانحياز لبني هاشم، وفي مقدمة تلك الرؤوس، هذه الرؤوس التي ذكرها زيد بن أرقم، فلا يُفهم (بالبناء للمجهول) أنَّ هؤلاء هم الذين نصلي عليهم، بل هؤلاء الذين يخشي عليهم، وفرق بين الاعتبارين.

[8]- صلوات التشهد توقيفية مأثورة، والصلاة التي هنا نافلة توقيفية، والرَّسول - صلى الله عليه وسلم - بحكم كونه إنسانًا، وراعيًا بالدرجة الأولى لبيته، وعشيرته الأقربين؛ ولأنه خير الناس لأهله؛ ولأنَّ الأهل هم المرتبة التي تلي مرتبة النفس ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم : 6] تأثرًا بكل هذه المعاني استرحم لأهله الأقربين، كما يقول أحدنا لجمع: (ادعوا الله لي).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نفحات قرآنية (19)
  • نفحات قرآنية (20)
  • نفحات قرآنية (21)
  • نفحات قرآنية (22)
  • نفحات قرآنية (23)
  • نفحات قرآنية (25)
  • نفحات قرآنية (26)
  • نفحات قرآنية (27)

مختارات من الشبكة

  • نفحات قرآنية (17)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفحات رمضانية تدبرية: ثلاثون نفحة تدبرية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • وأطل علينا شعبان بنفحة من نفحات الخير(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات قرآنية في سورتي الكافرون والإخلاص(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي الماعون والكوثر(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سور الشمس والضحى والعصر(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي الفجر والبلد(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي البروج والأعلى(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي الانفطار والمطففين(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سور عم والنازعات والتكوير(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب