• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

لسنا بني إسرائيل .. ولكننا نعيش قصتهم ..!

ميسون عبدالرحمن النحلاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2012 ميلادي - 12/8/1433 هجري

الزيارات: 7687

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لسنا بني إسرائيل .. ولكننا نعيش قصتهم ..!

 

سبحانَ اللهِ، عندما نصل إلى قصةِ داودَ وجالوتَ، ونحن نقرأ سورة البقرة - تَجرِي على لسانِنا وكأنَّنا نَحفظُها منذ أمدٍ بعيدٍ.

 

فلا يسجَّل لنا فيها أيُّ خطأ "حفظي"، هل لأنها قصة؟ هل لأنها ممتعة مترابطة سهلة؟


ربما كلُّ ذلك.

 

وربما لأننا نَستَشعِرُها باللاوعي.. قصةٌ من قصَص الأمم لا يَروِيها لنا العَلِيُّ القَدِير، إلا ليُعلِّمَنا ويُخبِرَنا أن كلَّ الأمم "مرَّت / وستمرُّ" بهذا الامتحان؛ فانظروا إلى المقدِّمات، وانظروا إلى النتائج، إنها:

قصتنا!

 

أعوذُ باللهِ من الشيطان الرجيم:

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [البقرة: 246 - 252].

 

بسم الله نبدأُ:

يَجدُر بنا أن نفردَ لأولِ آيتينِ بحثًا خاصًّا، يَتَمحوَر حولَ ورودِ معظمِ آياتِ الإنفاقِ في القرآن الكريم بعد أو قبل آياتِ القتال.

 

الآن نبدأُ بقصتِنا:

قصةُ الفئةِ القليلةِ، الاختيارُ بعد التمحيصِ:

تتحدَّث قصَّتنا في هذه الآياتِ عن الإيمانِ الحقيقيِّ، الذي يُثمِر النصرَ الأكيد على الأعداءِ.

 

تتحدَّث عن تصديقِ القولِ العملَ، وتكذيبِ القولِ العملَ، عن مقاييسِ عِلْيَةِ القوم في اختيارِ القائد، وتفاهتِها أمام المقاييسِ الربَّانية.

 

تتحدَّث عن ثمارِ طاعةِ القائد وعصيانِه، عن الإيمانِ اليقينِي الذي يَعمُر قلبَ تلك الفئة، فلا يَنهَزِمُون نفسيًّا أمام كثرةِ العددِ؛ لأنهم يَستَشعِرُون مَعيَّة الله، ويَعرِفُون معنَى هذه المعيَّة، يَعرِفُون أن النصرَ مع الصبرِ، وأن الدعاءَ لا بدَّ من عوامل النصر.

 

وما النصرُ إلا من عند اللهِ العزيز الحكيم.

 

الفصل الأول: تكذيب القول العمل:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 246].

 

في مرحلةٍ من مراحلِ ضعف الأمَّة، عندما استُبِيحت الأرضُ، وسُبِي الأبناء، وضاع المُلْك والحكم، وجدَّ عِليةُ القوم أو الحكماء من بنِي إسرائيل - ما نسمِّيهم اليوم "أصحاب القرار" أو "النُّخْبَة" - أنْ لا حلَّ لما يُعَانونه من ظلمٍ وحرمانٍ لاستعادة حقِّهم في الحكم والملك، إلا بالخروجِ على عدوِّهم الذي استباح بيضتَهم، ولا سبيلَ إلى ذلك إلا الجهاد - أجمعوا أمرَهم، وقرَّروا أن أفضلَ طريقةٍ للخروجِ إلى القتالِ هي رصُّ صفوفِهم تحت إمرةِ قائدٍ يكونُ لهم ملكًا - وكان حكَّامهم ملوكًا - ليعقدَ لهم رايةَ القتالِ، فاحتَكَموا إلى نبيِّهم؛ ليَعرِضُوا عليه الأمرَ، وهو رغبتُهم في القتال، شرطَ أن يكونَ تحت إمرةِ "ملكٍ"، ويبدو أنهم أرادوا ذلك؛ ليُنعِشُوا فكرةَ المُلْكِ من جديدٍ في نفوسِهم، بعد أن حطَّمها أعداؤهم "العمالقة"، وقد يكون في كلمة: ﴿ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا ﴾ دلالةٌ على بعثٍ بعد مواتٍ دام زمنًا، والله أعلم.

 

ولكنَّ نبيَّهم كان يعلمُ الزيغَ الذي في قلوبِهم، يعلمُ أنهم ﴿ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾، يعلم أنهم يمكنُ أن ينقضوا كلامَهم، ويَتَراجَعُوا فيه، فاحتَاطَ لذلك، وكان أن عَمِد إلى إظهارِ تشكُّكه في كلامِهم، والتثبُّت من عزيمتِهم؛ ﴿ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ﴾، لكنهم أكَّدوا عزمَهم وإصرارَهم على القتالِ؛ فالمصيبةُ كبيرةٌ: وطنٌ سليبٌ، وأبناءٌ عبيدٌ تحت إمرةِ العدوِّ.

 

﴿ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾، ولكن تبيَّن أن الخروجَ من طورِ الفكرِ والشعورِ إلى طور العملِ والظهورِ - ليس أمرًا سهلاً، ففي مرحلةٍ كهذه يَنكَشِف عجزُ الأدعياء المدَّعين، ويَظهَر صدق الصادقين.

 

﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾.

 

مَن الذي أوفَى بالعهد؟

﴿ قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾، الفئة القليلة!

 

ما أشدَّ تشابهَ أحوالِ الأمم!

 

الفصل الثاني: الاختلاف على الكرسي:

﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].

 

بالرغمِ من أن المَلِكَ المختارَ كان اختيارُه إلهيًّا، فإنَّهم اعتَرضُوا عليه، فماذا لو كان بشريًّا؟

 

سبحان اللهِ! كم تُشعرنِي هذه الآيةُ بعظمةِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - ودينِه الذي ارتضى لعبادِه! كم تُثلِجُ قلبِي عندما أَستَشعِر فيها تحطيمًا لكل المقاييسِ الدنيوية والجاهليةِ في اختيار القائدِ، في نفسِ كلِّ واحد منا - إلا مَن رحم ربي - مخلوقٌ جاهليٌّ يَتَراوَح في الضخامةِ بين قزمٍ صغيرٍ وعملاقٍ كبيرٍ، نحترم مَن له حَسَبٌ ونسبٌ، نبجِّل مَن له عزوةٌ، نَسمَع كلامَ مَن له جمهورٌ، نُلغِي عقولَنا، نتجاهل مَن لا ظهرَ له ولا سندَ - والبعض منا يحتقرُه للأسف - مع أنه قد يكونُ عند الله أعظمَ من كل أولئك.

 

هذا يقول: أبي، وذاك يقول: جدي، وثالث يقول: عشيرتي، ورابع: عزوتي وثروتي... وملكي.

 

هذه مقاييسُ بنِي إسرائيل، اعتَرضُوا على مَلِكِهم؛ لأنه ليس سليلَ الملوكِ، ولا مالَ عنده ولا عزوة.

 

ولكن الله يؤتِي مُلْكَه مَن يشاء، بسطة في العلم والجسم:

• العلم الرباني الحقيقي، وليس علم ﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ﴾ ، ولا علمَ المتاجرةِ باسمِ الدينِ، واستباحةِ عقولِ الناسِ باسم الإلهِ!

 

• والقوة الإيمانية والجسدية:

﴿ واللهُ واسعٌ عليمٌ ﴾: لا حدودَ لعطائه، والعلم عنده، وحدَه مَن يعطي، ووحده مَن يمنع.

 

سبحان الله ما أشدَّ تشابهَ أحوال الأمم!

 

الفصل الثالث: عصيان الأوامر:

﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249].

 

جهاد النفس:

انتظم أولئك الذين طلبوا القتالَ في جيشٍ كبيرٍ تحتَ إمرةِ مَلِكِهم وقائدِهم طالوتَ، الذي بَعَثه الله عليهم وساروا باتِّجاه العدوِّ.

 

إلا أن هذا الجيشَ كان فيه المنافقون، وفيه المؤمنون، فيه مَن يريد الدنيا، وفيه مَن يريدُ الآخرةِ، جيشٌ كهذا بعدَّة أهدافٍ وعدَّة دوافعَ، مزعزعُ الإيمانِ لا يُمكِن أن تكون له النصرةُ على عدوٍّ له هدفٌ واحدٌ ودافعٌ واحدٌ، يَفُوقُه عددًا وعدَّة!

 

والله استجاب لهم، وبَعَث لهم ملكًا؛ ليَستَرِدُّوا مُلكَهم، ويقيموا فيه حكمَ اللهِ، وهذا أهمُّ ما في الأمرِ؛ ليُقِيموا حكمَ الله، وبغيرِ هذا الهدفِ الواحدِ الخالص لله - للهِ فقط دون منازعٍ - لن يتم النصرُ.

 

فكان لا بدَّ من تمحيصٍ: المجاهدون هم أناسٌ مصنوعونَ على عينِ اللهِ، ليس عندهم مَن هو أحبُّ إليهم من الله، يَمتَثِلون لأوامرِه، ويَقِفُون عند نواهيه، هم أناسٌ كَسَبوا الجولةَ في جهادِهم مع النفس، قَهَروها فلم يَترُكُوا لها مكانًا في مواجهةِ أوامر الله؛ لأنهم يَعرِفُون أن اللهَ هو العليمُ الحكيمُ مدبِّر الأمور؛ ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126].

 

كلمة الله أولاً وأخيرًا، لله الأمر من قبل ومن بعد.

 

لم يكن الاختبارُ سهلاً ولا بسيطًا.

 

نَهَرٌ كبيرٌ عَذْبٌ يَمُرُّون عليه بعد أن استَحكَم بهم العطشُ أيَّما استحكامٍ، فمَن هذا الظَّمِئ الذي سيَمتَثِل للأمرِ، ولا يَروِي عطشه حتى آخرِ قطرةٍ؟ إنه المؤمِن الحقُّ الذي يؤمِن أن ليس كل ما تَهوَى النفسُ وتتوقُ إليه ينفعُها ويصبُّ في مصلحتِها، وأن حكمةَ اللهِ لا يُحِيط بها مخلوقٌ على وجهِ البسيطة!

 

عطشٌ وإنهاكٌ ونَهَرٌ، وجيشٌ يَجِبُ أن يتمَّ فرزُه وتصفيتُه من الشوائبِ.

 

وهكذا كان.

 

نتيجة الاختبار:

﴿  فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ الكثرة هم الذين شَرِبوا.

 

يبدو أن هذه هي سنةُ الله في عبادِه المجاهدين، ليست العبرةُ بالجيوشِ الكبيرةِ، إنما العبرةُ بالنفوسِ العظيمة!

 

وقليلٌ ما هم، قلَّة من القلة، اختصار المختصر.

 

إنها الفئة القليلة على مر الزمن!

 

جاء هذا الامتحانُ كمقدِّمة للمعركةِ، الانتصار على النفس أولاً! هذه المعركةُ ليست بدعًا من المعاركِ، ومقدِّمتها ليست بدعًا من المقدِّمات، إلا أن لكلِّ معركةٍ مقدِّمتَها الخاصةَ بها، وابتلاءَ التمحيصِ المناسبَ لها.

 

وكأن الله - عز وجل - يقولُ لهم ولنا ولكل البشرية: لن تَكسِبوا معركةً مع خصمٍ أو عدوٍّ، ما لم تكونوا كَسَبتم معركتَكم مع أنفسِكم أولاً؛ فلا شيءَ يَحُولُ بينكم وبين التسليمِ المطلَقِ، والامتثال التامِّ لأوامر القائد، ولكن ليس أيُّ قائدٍ ذاك الذي يُسلِم له المؤمن قيادَه، إنه القائد الربَّانِي، الذي يعملُ بأمرِ الله، ولا أحدَ إلا الله، هذا فقط الذي تتوحَّد الكلمةُ تحت رايتِه، وتُصبِح أوامرُه محلَّ طاعة في مواجهة العدوِّ.

 

سبحان الله، ما أشد تشابه أحوال الأمم!

 

الفصل الرابع: مرحلة التمحيص:

﴿ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].

 

المرحلة الأولى من الاختبارِ تمَّ اجتيازُها بنجاحٍ، وجاء وقتُ المرحلةِ الثانيةِ: الخوف من العدوِّ، والرهبة منه، والجبن في مواجهتِه، وهنا أيضًا انقسمت القلَّة المتبقِّيَة قسمين: واحدة جَبُنَت وأَحجَمَت عن القتال، والأخرى قرَّرت الثباتَ والجهادَ حتى النهاية.

 

الفئة القليلة من جديد:

هنا تتجلَّى معالِمُ الإيمانِ بأوضح صورِها، وحسن الظنِّ باللهِ واليقين بلقائه، ها هم أولاءِ يتسلَّحون بالصبر، يتضرَّعون بالدعاء، ويَمضُون في طريقِهم، فيَرجُون إحدى الحُسْنَيَين: النصر أو الشهادة، إما إعلاء كلمة الله، أو الموت دونها.

 

الفصل الخامس: عوامل النصر:

﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250].

 

بَقِيت الفئةُ القليلةُ المختارَةُ، وهؤلاء الذين لَقُوا الأعداءَ، وانتصروا عليهم انتصارًا باهرًا - هم الذين وصفهم الله بقوله:

﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].

 

وهم الذين قالوا عند مواجهة العدو:

﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250].

 

هؤلاء هم الذين تحقَّق النصرُ على أيديهم بعد أن اجتَازُوا مراحلَ الاختبار الأربع:

1- الاستعداد النفسي للقتالِ، وبذل النفسِ في سبيل الله، وهذه المرحلةُ لم ينجحْ فيها إلا قليلٌ من الجند؛ ﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 246].

 

2- التبَرُّء من مرضِ الأنانية الفردية والاستكبار، ولا شكَّ أن هذا المرضَ هو الذي كان سببًا في انسحابِ المزيد من الجنودِ؛ ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ﴾ [البقرة: 247].

 

3- الطاعة الكليَّة للقائد؛ فالجنودُ الذين عَصَوا طالوتَ أصبح التحاقُهم بالجهادِ دون معنًى؛ ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249].

 

4- الثبات والتوكُّل على اللهِ، في هذا الامتحان خَسِرت القلَّة المتبقِّية عددًا لا يُستَهانُ به منها، هؤلاء الذين قالوا: ﴿ لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249]، اختصار مختصرِ المختصرِ من جديد.

 

الفصل السادس: النتيجة:

﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251].

 

ونحن بدورِنا ندعوك يا الله: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250].

 

وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (1)
  • نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (2)
  • نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (3)
  • وعدا بني إسرائيل.. المعاني والدلالات
  • لكي نعيش بأعصاب سليمة!!
  • من أنبياء بني إسرائيل " أشعياء "
  • المنهج القرآني في عرض قضايا بني إسرائيل .. المرحلة المكية (1)
  • عهد الله وميثاقه مع بني إسرائيل
  • الرد على شبهة: لقد أورث الله الأرض لبني إسرائيل فلماذا نعصيه؟
  • تراث بني إسرائيل

مختارات من الشبكة

  • نحن لسنا ككل البشر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لسنا بقافلة الضياع (قصيدة تفعيلة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • هولندا: رئيس الوزراء: لسنا في حرب ضد الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أنا وخطيبتي لسنا سعيدين بالخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • تفسير: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيرة النبوية للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • تراجم: المأمون – عبدالحميد الكاتب – عبدالله بن معاوية – طارق بن زياد – الأحنف بن قيس - عمرو بن العاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة حديث محمد بن عبدالله بن المثنى بن أنس بن مالك الأنصاري عن شيوخه(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب