• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة البروج

تفسير سورة البروج
أبو عاصم البركاتي المصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2025 ميلادي - 14/7/1446 هجري

الزيارات: 1286

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البروج

 

عدد آياتها: اثنتان وعشرون آية، وهي مكِّيَّة بلا خلاف، نزلت بعد سورة الشمس.

 

مناسبتها لِما قبلها (سورة الانشقاق):

سورة الانشقاق وسورة البروج فيهما التأكيد على وعد المؤمنين، ووعيد الكافرين، والتنويه بشأن القرآن ورفعة شأنه.

 

كما اشتملت السورتان على بيان أن العاقبة والغَلَبَةَ والظَّفَر للمؤمنين الصابرين، مهما لاقَوا من عذاب وأهوال، وأن الهزيمة والخَيبة في الدنيا والعذاب في الآخرة للكافرين المكذِّبين، مهما اشتدَّ بطشُهم، وعظُم سلطانهم[1].

 

مناسبة سورة البروج لسورة الطارق:

افتتحت السورتان بالقسم بالسماء، وفي سورة البروج حفظ الله كتابه: ﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 22]، وفي سورة الطارق حفظ الله صنعته: ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق: 4].

 

وأخرج أبو داود والترمذي واللفظ له، وصححه الألباني، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق، وشبههما)).

 

مقاصد السورة:

(1) القسم لتأكيد الْمُقسَم عليه موافقةٌ لأساليب العرب في لغتهم.

 

(2) توعُّد المكذِّبين والطُّغاة الذين حاربوا المؤمنين بالعذاب الشديد.

 

(3) امتداح المؤمنين على صبرهم على الإيمان بالله.

 

(4) بيان قبول توبة الكافر إذا تاب وأسلم.

 

(5) ذكر شيء من تكذيب الأمم السابقة.

 

(6) ذكر بعض أسماء الله الحسنى وصفاته.

 

(7) بيان فضل القرآن وشرفه.

 

(8) بيان حفظ الله للقرآن.

 

تفسير سورة البروج:

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ * بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 1 - 22].

 

تفسير الآيات:

قوله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾ [البروج: 1] قسمٌ بالسماء؛ كقوله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ [الذاريات: 7]، وقوله: ﴿ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ﴾ [الشمس: 5]، والبروج: أصل معنى البرج: ما ارتفع وبرز؛ ولذا يُطلَق على القلاع والحصون؛ قال تعالى: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء: 78]، وعلى ذلك فالبروج أي: النجوم العالية، وقيل: الكواكب العظام، وقيل: منازل القمر، وقيل: أبواب السماء، وقال ابن عباس: ذات البروج أي ذات القصور.

 

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ [الحجر: 16]، وقوله: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ﴾ [الفرقان: 61].

 

والمعنى: القسم بالسماء البديعة؛ لاشتمالها على النجوم والكواكب، ومنازل الشمس والقمر.

 

قوله تعالى: ﴿ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴾ [البروج: 2]: يوم القيامة.

 

قوله تعالى: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج: 3]، روى الترمذي وحسنه الألباني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفةَ، والشاهد يوم الجمعة)).

 

وأخرج النسائي في الكبرى (11599) عن ابن عباس، في قوله: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج: 3]، قال: "الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود يوم القيامة، وذلك قوله: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]".

 

وأخرج أبو حاتم في الزهد (42) عن ابن عباس قال: "المشهود يوم القيامة، والموعود يوم القيامة، وقرأ: ﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود: 103]".

 

وقيل: الشاهد: هو الله سبحانه؛ وبه قال الحسن وسعيد بن جبير؛ لقوله: ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79].

 

وعليه فالشاهد يوم الجمعة؛ أي: يُشهَد لمن حضر صلاته، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم شاهد على أُمَّته، والله تعالى شهيد على خلقه، والمشهود في الدنيا يوم عرفة لأن الناس يشهدونه؛ أي: يحضُرونه ويجتمعون فيه، وتحضُره الملائكة، وهو كذلك يوم القيامة.

 

قوله تعالى: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴾ [البروج: 4] قُتِلَ أي: لُعِنَ، وهو دعاء عليهم بالهلاك، وهذا جواب القسم، وقيل: الجملة الدعائية لا تكون جوابًا للقسم، ورُدَّ وقيل تقديره: لقد قُتِل، وقيل أيضًا: الجواب قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البروج: 10]، والأخدود: هو الشِّقُّ المحفور المستطيل في الأرض، يُقال: خَدَّ الأرض: أي حفرها.

 

قوله تعالى: ﴿ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ﴾ [البروج: 5]؛ أي: ذات الحطب الذي تُوقَد به.

 

قوله تعالى: ﴿ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴾ [البروج: 6]؛ وهم الْمَلِكُ وأصحابه وكانوا كفارًا، ﴿ قُعُودٌ ﴾؛ أي: على الكراسيِّ ليَرَوا بأعينهم عذاب المؤمنين في النار، وذلك لما أرادوا فتنتهم عن الإيمان بالله، والعودة إلى دين الملك - وكان كافرًا - فأبَوا وصبروا، فحفَر الملك وأعوانه الأخدودَ، وأشعلوا فيه النار، وألقَوا فيه المؤمنين.

 

قوله تعالى: ﴿ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ﴾ [البروج: 7] ﴿ شُهُودٌ ﴾؛ أي: حاضرون يرَون بأعينهم تحريقَ المؤمنين بالنار.

 

قوله تعالى: ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8]: ما كرِهوا منهم وحقدوا عليهم وحرَّقوهم، إلا أنهم أسلموا وآمنوا بالله وحده.

 

أخرج مسلم، والترمذي، والنسائي، واللفظ لمسلم، عن صهيب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان مَلِكٌ فيمن كان قبلكم، وكان له ساحرٌ، فلما كبِر، قال للملك: إني قد كبِرت، فابعث إليَّ غلامًا أعلِّمه السِّحر، فبعث إليه غلامًا يعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ، فقعد إليه وسمِع كلامه، فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مرَّ بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشِيتَ الساحرَ، فقُلْ: حبسني أهلي، وإذا خشيتَ أهلَك، فقُلْ: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبستِ الناس، فقال: اليوم أعلمُ آلساحرُ أفضلُ أم الراهب أفضل؟ فأخذ حَجَرًا، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحبَّ إليك من أمر الساحر، فاقتل هذه الدابة، حتى يمضِيَ الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بُنيَّ، أنت اليوم أفضلُ مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستُبتلى، فإن ابتُلِيتَ فلا تدُلَّ عليَّ، وكان الغلام يُبرِئ الأكمهَ والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمِع جليسٌ للملك كان قد عَمِيَ، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما ها هنا لك أجمع، إن أنت شفَيتَني، فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله، دعوتُ الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من ردَّ عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يَزَلْ يُعذِّبه حتى دلَّ على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص، وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يُعذِّبه، حتى دلَّ على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدعا بالْمِئشار، فوُضع المئشار في مَفْرِق رأسه، فشقَّه حتى وقع شِقَّاه، ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فوُضع المئشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكْفِنِيهم بما شئت، فرجَف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانِيهم الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقُورٍ، فتوسَّطوا به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذِفوه، فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ، فانكفأت بهم السفينة فغرِقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لستَ بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خُذْ سهمًا من كِنانتي، ثم ضَعِ السهم في كَبِدِ القوس، ثم قُلْ: باسم الله رب الغلام، ثم ارْمِني، فإنك إذا فعلت ذلك، قتلتَني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهمًا من كِنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدْغِهِ، فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأُتِيَ الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حذرُك، قد آمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السِّكك، فخُدَّت، وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأَحْمُوه فيها، أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أُمَّهْ، اصبري فإنك على الحق)).

 

وفي رواية الترمذي وغيره: ((فجعل يُلقيهم في تلك الأخدود، قال: يقول الله تبارك وتعالى فيه: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ﴾ [البروج: 4، 5] حتى بلغ ﴿ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8]))، والعزيز أي: لا يلحقه ذلٌّ؛ فيكون العز مقابل الذل، وقيل: العزيز: المنيع، والعزيز هو الذي لا يُعجزه شيء، والحميد: المستوجب للحمد.

 

قوله تعالى: ﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [البروج: 9]؛ أي: كل شيء ملك له سبحانه، ولا يجري شيء إلا بتقديره وإرادته، فقتلُ أوليائه لا يعني حصول قصور في ملكه، وقوله: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [البروج: 9]؛ أي: يحفظ عليهم أعمالهم، فيُجازيهم بها، لا يعزُب عنه شيء.

 

وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10] ﴿ فَتَنُوا ﴾ أي: عذَّبوا وآذَوا، ولم يتوبوا ويؤمنوا ويستغفروا الله، فالتوبة تجُبُّ ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، فلو تابوا لعفا الله عنهم، ولا يعاقبهم مع عظم جرمهم، ﴿ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10]، وعذاب الحريق في جهنم لا تفتُر عنهم.

 

وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب)).

 

وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴾ [البروج: 11]، والتأكيد على العمل الصالح لأنه ركن الإيمان، فاعتقاد الجَنان يُصدِّقه قول اللسان، وعمل الجوارح، والفوز الكبير النجاة من النار ودخول الجنة؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185].

 

قوله تعالى: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ [البروج: 12] ﴿ بَطْشَ ﴾ أي: أَخْذ ربك للظالمين وهو شدة العذاب؛ قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

 

قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ﴾ [البروج: 13] يبدئ الخلق، ويعيد بالبعث بعد الموت، وذلك يوم القيامة.

 

قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ [البروج: 14] الغفور لذنوب المؤمنين، الودود، الْمُحِبُّ لمن أطاع، وقيل: المتودِّد إلى أوليائه بالمغفرة.

 

وقيل: يتودد إلى خلقه بما يعطيهم من النِّعم، في أرزاقهم وأبدانهم، وسائر كرمه وعطائه.

 

قوله تعالى: ﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾ [البروج: 15] رب العرش، العرش المعروف فوق السماوات؛ قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، المجيد: الكريم العظيم المتعالِ، فالمجد العلو والعظمة.

 

قوله تعالى: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج: 16]: لا يمتنع عليه شيء أراده، فهو فعَّال لما يشاء ويختار.

 

قوله تعالى: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ﴾ [البروج: 17] أي: قد أتاك حديث الجموع الكافرة المكذِّبة لأنبيائهم، وذلك بذكر قصصهم في القرآن.

 

قوله تعالى: ﴿ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ﴾ [البروج: 18]؛ أي: فرعون وجنوده، وثمود وجنودها.

 

قوله تعالى: ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ﴾ [البروج: 19]؛ أي: الذين كفروا من قومك - يا محمد - يكذِّبون بنبوتك، ويكذِّبون بالقرآن، كما كذَّبت الأمم السابقة مثل فرعون وثمود بأنبيائهم.

 

قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ ﴾ [البروج: 20] توعَّدهم الله تعالى على تكذيبهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهو عالم بأعمالهم، قادر على البطش بهم، كما فعل بالمكذبين من قبلهم.

 

قوله تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ﴾ [البروج: 21]؛ أي: إن الذي يكذبون به هو قرآن كريم عزيز عالٍ، وهو كلام الله تعالى، وصفة من صفاته سبحانه.

 

قوله تعالى: ﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 22]، واللوح المحفوظ في السماء، ومنه نزل مفرَّقًا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فحُفِظ في الصدور، وحُفِظ في المصاحف والسطور، محفوظ من الشياطين، ومن التغيير والتبديل؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41، 42].

 

انتهى تفسير سورة البروج، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه.



[1] التفسير الوسيط (10/ 1852)، مجموعة من العلماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البروج للناشئين
  • تفسير سورة البروج

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب