• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة التكاثر

تفسير سورة التكاثر
محمد حباش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/12/2024 ميلادي - 17/6/1446 هجري

الزيارات: 1334

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة التكاثر

 

 

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر ﴾ [التكاثر: 1]، ألهاكم: أي شغلكم؛ كما قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ﴾ [الفتح: 11].

 

أما التكاثر فهو في المال والولد؛ لقوله تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20].

 

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثَ كثيرةٍ عن الانشغال بحُطام الدنيا عن الآخرة:

فعن مطرف، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]، قال: ((يقول ابنُ آدمَ: مالي، مالي، قال: وهل لك - يا بنَ آدم - من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبِستَ فأبليتَ، أو تصدَّقتَ فأمضيتَ؟))[1].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أخشى عليكم بعدي الفقرَ، ولكني أخشى عليكم التكاثر[2]، وما أخشى عليكم الخطأ، ولكني أخشى عليكم العَمْدَ))[3].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيُصيب أُمَّتي داءُ الأمم، فقالوا: يا رسول الله، وما داء الأمم؟ قال: الأَشَرُ والبَطَرُ[4]، والتكاثُرُ والتناجُشُ في الدنيا[5]، والتباغُض والتحاسُد، حتى يكون البغيُ))[6].

 

وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أن لابن آدم واديًا من ذهب، أحبَّ أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وقال أي البخاري: قال لنا أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبيٍّ، قال: كنا نرى هذا من القرآن، حتى نزلت: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]))[7].

 

فالأحاديث النبوية تتكلم عن التكاثر في المال، ولا منافاةَ بين طلب المال والولد؛ لأن الغِنى هو مطلوب الوالد لولده، وهو الذي يُلهيه عن الإنفاق في سُبُلِ الخير والمسارعة إلى القُرُبات؛ فعن يعلى العامري أنه قال: ((جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فضمَّهما إليه، وقال: إنَّ الولد مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ))[8].

 

﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التكاثر: 2]، حتى أدرككم الموت على تلك الحال، وعبَّر سبحانه بالزيارة لأن الزائر منصرف لا مقيمٌ، ووجود الميت في القبر إنما هو وجود مؤقَّت إلى يوم البعث.

 

﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [التكاثر: 3]، كَلَّا: قال الفرَّاء: ليس الأمر على ما أنتم عليه، فسوف تعرفون سوءَ عاقبة انشغالكم بالفاني الزائل عن طاعة الله، إذا كنتم في القبور، وملأ جوفكم الترابُ.

 

﴿ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [التكاثر: 4] ثم كلا سوف تعلمون يوم القيامة، فـ"ثم" للتراخي الرتبي؛ للدلالة على أن الموقف الثاني أعظم من الأول؛ كقوله تعالى: ﴿ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ﴾ [هود: 52]، فالإتيان بالتوبة كاملةً بشروطها مع المداومة عليها أعظمُ من مجرد الاستغفار.

 

وقد تكون "ثمَّ" على بابها من المهلة في الزمان، فالإنسان سيعلم أمورًا إذا كان في قبره، ثم سيعلم أخرى لم تخطُر على باله يوم القيامة.

 

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾ [التكاثر: 5] فعِلْمُ اليقين هو العلم الدقيق الجازم القطعيُّ الذي لا شكَّ فيه، وهو هنا ما كان من القرآن والسُّنَّة الصحيحة، فيصير المتشبع بهما يرى كرأي العين؛ وهي الرؤية القلبية.

 

﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ [التكاثر: 6] واللام جواب قسم؛ أي: والله لترون الجحيم؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين، فليقرأ: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ [التكوير: 1]، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ [الانفطار: 1]، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]))[9].

 

﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ [التكاثر: 7] ثم سوف تشاهدونها مشاهدةً حقيقية بأعينكم، لا يلتبس عليكم أمرها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27].

 

فمراتب العلم ثلاثة:

1. علم اليقين: وهو ما كان ناتجًا عن الأدلة والبراهين.

 

2. عين اليقين: وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف.

 

3. حق اليقين: وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة.

 

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8] اللام في النعيم للعموم، وأنه سؤالٌ عن كل نعيم.

 

ومن النعيم الذي دلَّت النصوصُ الشرعية أن العبد سيُسأل عنه يوم القيامة:

نعمة الطعام والشراب: فعن عبدالله بن الزبير بن العوام، عن أبيه، قال: ((لما نزلت: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8] قال الزبير: يا رسول الله، وأي النعيم نُسأل عنه، وإنما هما الأسودان؛ التمرُ والماءُ؟ قال: أمَا إنه سيكون))[10].

 

وعن جابر بن عبدالله قال: ((جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمرُ، فأطعمناهم رطبًا، وسقيناهم من الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا من النعيم الذي تُسألون عنه))[11].

 

نعمة الصحة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما يُسأل عنه العبدُ يومَ القيامة من النعيم أن يُقال له: ألم نُصِحَّ جسمك ونَرويك من الماء البارد؟))[12].

 

نعمة العلم والمال: عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن عمره: فِيمَ أفناه؟ وعن علمه: فيمَ فَعَلَ فيه؟ وعن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمه: فيمَ أبلاه؟))[13].

 

نعمة الوقت: للحديث السابق: ((حتى يُسأل عن عمره: فيمَ أفناه؟))، والحديث الذي رواه البخاري في صحيحه، عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ))[14].

 

نعمة التسخير والتمليك والتزويج: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليلقَيَنَّ أحدكم ربَّه يومَ القيامة فيقول له: ألم أسخِّر لك الخيلَ والإبلَ؟ ألم أذَرْك ترأَسُ وتَرْبَعُ؟ ألم أزوِّجْك فلانةَ خطبها الخُطَّاب، فمنعتهم وزوَّجتُك؟))[15].

 

نعمة الولد: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه: سمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألَا كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِهِ، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعِيَّتِهِ، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألَا فكلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))[16].

 

فهذه بعض النِّعَمِ التي يُسأل عنها العبد يوم القيامة، أقام بأداء حقها وشكرها أم لا؟ كما قال العبد الصالح: ﴿ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40].

 

والشكر يكون بالقلب وباللسان وبالأعضاء؛ كما قال سبحانه: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، وعن المغيرة بن شعبة: ((أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتكلَّفُ هذا؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: أفَلَا أكون عبدًا شكورًا؟))[17].

 

وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة[18]؛ فكلُّ تسبيحة صدقة، وكلُّ تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويُجزِئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى))[19].

 

ما يُستثنى من المسألة:

عن أبي عسيب رضي الله عنه قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا فمرَّ بي فدعاني، فخرجت إليه، ثم مرَّ بأبي بكر رحمه الله فدعاه، فخرج إليه، ثم مرَّ بعمرَ رحمه الله فدعاه، فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطًا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: أطعِمنا بُسرًا، فجاء بعِذْقٍ فوضعه، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب، فقال: لتُسألُنَّ عن هذا يوم القيامة، قال: فأخذ عمرُ العِذق فضرب به الأرض، حتى تناثر البُسر قِبلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله، إنا لَمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: نعم، إلا من ثلاثٍ: خِرقة كفَّ بها الرجل عورته، أو كِسرةٍ سدَّ بها جَوعته، أو جُحْرٍ يتدخل فيه من الحرِّ والقَرِّ))[20].

 

فكم من نعمة نتقلَّب فيها ونحن لا نشكر! وكم نشكو من ضيقِ معيشةٍ ونحن في سَعَةٍ وخير ولا نشعر! فعن أبي عبدالرحمن الحبلي قال: "سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص وسأله رجل، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبدالله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: فإن لي خادمًا، قال: فأنت من الملوك"[21].

 

وجاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: "أيسُرُّك ببصرك هذا الذي تُبصر به مائة ألف درهم؟ قال: الرجل لا، قال: فَبِيَدَيك مائة ألف؟ قال الرجل: لا، قال: فبرجليك؟ قال الرجل: لا، قال: فذكَّره بنِعَمِ الله عليه وقال يونس: أرى عندك مئين ألوف وأنت تشكو الحاجة"[22].

 

وحتى لا يأسى المسلم على ما فاته، ولا يفرح بما أُوتي، ليعلم أن بعض النعيم العاجل يذهب ببعض أجر الآخرة[23]؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة، إلا تعجَّلوا ثُلُثَي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة، تمَّ لهم أجرهم))[24].

 

وهذا ما فهِمه صحابته رضوان الله عليهم؛ فعن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لا يُصيب عبدٌ من الدنيا شيئًا إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان عليه كريمًا"[25].

 

وعن خباب بن الأرتِّ قال: ((هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، نبتغي وجه الله، فوجب أجرُنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير، قُتِلَ يوم أُحُدٍ، فلم يوجد له شيء يُكفَّن فيه إلا نَمِرَةً، فكنا إذا وضعناها على رأسه، خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه، خرج رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضَعُوها مما يلي رأسه، واجعلوا على رجليه الإذخر، ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يَهدِبها[26]))[27].

 

قال ابن حجر في الفتح: "ويُجمع بأن إطلاق الأجر على المال في الدنيا بطريق المجاز بالنسبة لثواب الآخرة، وذلك أنَّ القصد الأول هو ما تقدم، لكن منهم من مات قبل الفتوح كمصعب بن عمير، ومنهم من عاش إلى أن فُتِح عليهم، ثم انقسموا، فمنهم من أعرض عنه وواسى به المحاويج أولًا فأولًا بحيث بقِيَ على تلك الحالة الأولى وهم قليل؛ منهم أبو ذر، وهؤلاء ملتحقون بالقسم الأول.

 

ومنهم من تبسَّط في بعض المباح، فيما يتعلق بكثرة النساء والسراري، أو الخدم والملابس، ونحو ذلك، ولم يستكثر، وهم كثير؛ ومنهم ابن عمر.

 

ومنهم من زاد فاستكثر بالتجارة وغيرها مع القيام بالحقوق الواجبة والمندوبة، وهم كثير أيضًا؛ منهم عبدالرحمن بن عوف.

 

وإلى هذين القسمين أشار خبَّابٌ، فالقسم الأول والملتحق به توفَّر له أجره في الآخرة، والقسم الثاني مقتضى الخبر أنه يُحسَب عليهم ما وصل إليهم من مال الدنيا من ثوابهم في الآخرة، ويؤيِّده ما أخرجه مسلم من حديث عبدالله بن عمر ورفعه: ((ما من غازية تغزو فتغنَم وتسلَم، إلا تعجَّلوا ثُلُثي أجرهم))؛ [الحديث].

 

ومن ثَمَّ آثَرَ كثيرٌ من السلف قلةَ المال وقنعوا به، إما ليتوفر لهم ثوابهم في الآخرة، وإما ليكون أقل لحسابهم عليه"[28].

 

وهذا الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما شبِعَ آلُ محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعيرٍ يومين متتابعين حتى قُبِضَ))[29].

 

وعن أبي ذر قال: ((انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: هم الأخسرون ورب الكعبة، قال: فجئتُ حتى جلست، فلم أتقارَّ أن قُمتُ، فقلت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي، من هم؟ قال: هم الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا - من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله - وقليل ما هم))[30].

 

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.



[1] رواه مسلم: 3 - (2958).

[2] قَالَ ابْنُ عَبَّاس: التَّكَاثُر مِنَ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد؛ [فتح الباري (14/ 145)].

[3] الصحيحة: 593.

[4] الأَشَر: كفر النعمة، والبَطَر: الطغيان عند النعمة.

[5] التحايل والمواطأة.

[6] الصَّحِيحَة: 680.

[7] صحيح البخاري: 6439.

[8] سنن ابن ماجه: 3666، قال الألباني: صحيح.

[9] سنن الترمذي: 3333، قال الألباني: صحيح.

[10] سنن ابن ماجه: 4158 قال الألباني: حسن.

[11] صحيح ابن حبان: 3402 قال الألباني: صحيح.

[12] الصحيحة: 539.

[13] صحيح الترغيب والترهيب: 126.

[14] صحيح البخاري: (خ) 6412.

[15] صحيح ابن حبان: 7323.

[16] رواه مسلم: 20 - (1829).

[17] رواه مسلم: 79 - (2819).

[18] على كل عَظْمٍ من عظام ابن آدم صدقة؛ لأنه إذا أصبح العضو سليمًا فينبغي أن يُشكَر، ويكون شكره بالصدقة، فالتسبيح والتحميد وما ذكره يجري مجرى الصدقة عن الشاكر.

[19] رواه مسلم: 84 - (720).

[20] صحيح الترغيب والترهيب: 3221.

[21] رواه مسلم: 37 - (2979).

[22] الشكر لابن أبي الدنيا: (36/101).

[23] وتبقى للمؤمن الذي فُتح عليه من الدنيا المضاعفات: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

[24] رواه مسلم: 153 - (1906).

[25] صحيح الترغيب والترهيب: 3220.

[26] يهدِبها أي يجتنيها، وهذا استعارة لِما فُتح عليهم من الدنيا.

[27] رواه مسلم: 44 - (940).

[28] فتح الباري: (11/ 278).

[29] متفق عليه.

[30] رواه مسلم: 30 - (990).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سورة التكاثر
  • سورة التكاثر
  • سورة التكاثر
  • تفسير سورة التكاثر للأطفال
  • سورة التكاثر
  • تأملات في سورة التكاثر
  • تفسير سورة التكاثر (خطبة)
  • صاحب القرآن

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (1) سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التنبيه على أن " اليسير من تفسير السعدي " ليس من تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب