• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا... }

ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا... }
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/12/2024 ميلادي - 7/6/1446 هجري

الزيارات: 1324

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى:

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10]


تمهيد:

إنَّ الله تعالى خلق الإنسان وكرَّمه غايةَ التكريم؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وجعله في أحسن تقويم؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، وأعلى مقام التكريم للإنسان أن ينال شرف العبودية لله وحده لا شريك له؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ومن كمال منظومة التكريم للإنسان في الدنيا والآخرة، إرسالُ الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإنزال الكتب معهم؛ قال تعالى: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [البقرة: 213]، ومن فضل الله وكرمه أنْ جَعَلَ أُمَّةَ محمد صلى الله عليه وسلم خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس، ونبيَّها خاتمَ الأنبياء وأشرف المرسلين عليه الصلاة والسلام، وكتابَها - القرآن الكريم - أعظمَ الكتب السماوية محفوظًا بحفظ الله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

فمن أراد الحياة الكريمة والعزة في الدنيا والآخرة، فَلْيَسْتَمْسِكْ بدين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، وصدق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنا قوم أعزنا الله بالإسلام؛ فلن نبتغي العزة بغيره"؛ [مصنف ابن أبي شيبة، (18/ 320)، الحاكم، المستدرك، (1/ 62)].

 

وهناك ارتباط وثيق بين العزة في الدنيا والآخرة، وبين طاعة الله تعالى والالتزام بشرعه أمرًا ونهيًا؛ قال ابن القيم رحمه الله: "فإن العزَّ كلَّ العز في طاعة الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]؛ أي: فليطلبها بطاعة الله، فإنه لا يجدها إلا في طاعة الله، وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك، ولا تُذلني بمعصيتك"؛ [الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص59].

 

وأختم هذا التمهيد بذكر آيتين تتشابهان مع الآية موضوع المقال تؤكدان معنى أن العزة لله جميعًا؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يونس: 65].

 

أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال:

قال السعدي رحمه الله: "أي: يا من يريد العزة، اطلبها ممن هي بيده، فإن العزة بيد الله، ولا تُنال إلا بطاعته؛ وقد ذكرها بقوله: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ [فاطر: 10] من قراءة وتسبيح، وتحميد وتهليل، وكل كلام حسن طيب، فيُرفع إلى الله ويُعرَض عليه، ويُثني الله على صاحبه بين الملأ الأعلى؛ ﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ﴾ [فاطر: 10] من أعمال القلوب وأعمال الجوارح ﴿ يَرْفَعُهُ ﴾ [فاطر: 10] الله تعالى إليه أيضًا، كالكلم الطيب، وقيل: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون رفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة، فهي التي ترفع كلِمَه الطيب، فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يُرفَع له قولٌ إلى الله تعالى، فهذه الأعمال التي تُرفع إلى الله تعالى، ويرفع الله صاحبها ويُعزه، وأما السيئات فإنها بالعكس، يريد صاحبها الرفعة بها، ويمكر ويكيد ويعود ذلك عليه، ولا يزداد إلا إهانة ونزولًا؛ ولهذا قال: ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ [فاطر: 10] يُهانون فيه غاية الإهانة، ﴿ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10]؛ أي: يهلِك ويضمحلُّ، ولا يفيدهم شيئًا؛ لأنه مكر بالباطل، لأجل الباطل".

 

الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال:

أولًا: كل ما في السماوات والأرض وما بينهما تحت مُلْكِ الله تعالى، وتصرُّفه، ومشيئته سبحانه، ولا يُعجِزه شيء بتاتًا ألبتة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، فالعزة الواردة في الآية موضوع المقال شيء من الأشياء؛ فهي له وبيده سبحانه: ﴿ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]، وقال تعالى: ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83]؛ قال السعدي رحمه الله: "فإن الله تعالى هو الملك المالك لكل شيء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي ملكٌ له، وعبيد مسخَّرون ومدبَّرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكمية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية".

 

ثانيًا: ما دامت كل الأشياء بيده سبحانه، وفي ملكه، وتحت قهره، وتصرفه، ومن ضمنها "العزة"، فالواجب أن يتوجَّه الإنسان بطلبها مباشرة منه جل جلاله وحده دون غيره؛ قال الشنقيطي رحمه الله: "من كان يريد العزة فإنها جميعها لله وحده، فليطلبها منه، وليتسبب لنَيلها بطاعته جل جلاله، فإن من أطاعه، أعطاه العزة في الدنيا والآخرة".

 

ثالثًا: إن الإيمان بالله تعالى محورُ أساسٍ ومنطلق مُهمٌّ في التعامل مع مطالب الحياة كلها؛ خيرِها وشرِّها، بل هو سفينة النجاة للسير بها في بحار الحياة ومحيطاتها، فكلما قَوِيَ إيمان العبد ويقينه بالله، عاش مطمئنًّا مستريحَ البال، ولا يتأتى ذلك إلا لمن عمَر قلبُه بالإيمان، ومن ضمن مطالب الحياة المهمة "إرادة العزة"؛ قال ابن عثيمين رحمه الله: "تكون العزة بما علَّق الله العزة عليه، وهي الإيمان: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، فمتى أراد الإنسان العزة فليكن مؤمنًا".

 

رابعًا: لما كان المنطلق الأساس للعزة، وكل مطالب الحياة هو: الإيمان بالله تعالى، والناس فيه بين مُقِلٍّ ومستكثر، فإنهم يتفاضلون في ذلك بحسب ما لديهم من إيمان ويقين؛ قال ابن عثيمين رحمه الله: "وكلما كان الإنسان أكثر إيمانًا بالله، وأقوى إيمانًا بالله، كان أكثر عزة وأقوى عزة"، وقال القاسمي رحمه الله: "وفي دعاء القنوت: ((إنه لا يذِلُّ من واليت، ولا يعزُّ من عاديتَ، تباركت ربنا وتعاليت))؛ [الألباني، صحيح أبي داود، 1425]، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، وله من العز بحسب طاعته، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه، وله من الذل بحسب معصيته".

 

خامسًا: يقع بعض الناس في خطأ جسيم بسبب غفلتهم، أو جهلهم عند اللجوء للكفرة، ومن هم في فَلَكِهم من المشعوذين والدَّجَّالين، وهناك من لا يقل عنهم غفلةً وجهلًا ممن يسعى للتبرك بالأولياء أحياءً وأمواتًا، والاعتقاد فيهم بطلب نفعٍ، أو دفع ضرٍّ، ومن ذلك طلب العزة منهم؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أخبر تعالى بأن العزة كلها لله وحده لا شريك له، ولمن جعلها له؛ كما قال في الآية الأخرى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، والمقصود من هذا التهييجُ على طلب العزة من جانب الله تعالى والإقبال على عبوديته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين، الذين لهم النُّصرة في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد".

 

سادسًا: حكى القرآن الكريم عن إبليس قوله: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]؛ قال السعدي رحمه الله: "إن إبليس أقسم بعزة الله ليغوينهم كلهم جميعًا"، وإبليس الذي استحقَّ اللعن من الله تعالى: ﴿ لَعَنَهُ اللَّهُ ﴾ [النساء: 118]، أدرك أن الله تعالى مالك العزة والقوة والسلطان جل جلاله، بينما بعض الناس في غفلة وجهل مُطبِق، كما تمت الإشارة إليه في الفقرة السابقة (خامسًا)؛ حيث يطلبون العزة من غير الله تعالى، ولكن الموفَّق من وفَّقه الله، والهادي من هداه الله، نسأل الله التوفيق والهداية.

 

سابعًا: إن العناية بأسماء الله الحسنى علمًا وفهمًا وتطبيقًا، تفتح للعبد مجالاتٍ أوسعَ من العبودية لله تعالى، وقد يصل بها إلى أعلى مقامات العبودية، فمن علِم وفهِم أن من أسماء الله تعالى الحسنى "العزيز"؛ "أي: الذي له العزة كلها؛ عزة القوة، وعزة الغَلَبَة، وعزة الامتناع، فممتنعٌ أن يناله أحد من المخلوقات، وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته"؛ [انظر: السعدي، تفسير أسماء الله الحسنى، ص: 214]، من علِم ذلك امتلأ قلبه إيمانًا ويقينًا بقدرة الله تعالى، فلا يتوجه بعد ذلك عند إرادة العزة إلا لمن يمتلكها؛ وهو الله وحده جل جلاله، فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء؛ قال تعالى: ﴿ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]؛ قال السعدي رحمه الله: "﴿ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 26] بطاعتك، ﴿ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 26] بمعصيتك، ﴿ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26] لا يمتنع عليك أمر من الأمور، بل الأشياء كلها طوعُ مشيئتك وقدرتك".

 

ثامنًا: السبيل الموصلة إلى رضا الله تعالى والنَّيل من فضله وإحسانه، ومنها إعزازه في الدنيا والآخرة، هي العناية التامة بالعمل الصالح من أقوال وأعمال خاصة ومتعدية، ولا شك أن في مقدمتها الفرائض المكتوبة؛ جاء في الحديث القدسي: ((ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه، فإذا أحببتُه، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نَفْسِ المؤمن؛ يكره الموت، وأنا أكره مساءته))؛ [صحيح البخاري، حديث رقم: 6502]؛ قال ابن القيم رحمه الله: "أخبر سبحانه أن أداء فرائضه أحبُّ ما تقرَّب به إليه المتقربون، ثم بعدها النوافل، وأن الْمُحِبَّ لا يزال يُكثِر من النوافل حتى يصير محبوبًا لله، ولما حصلت هذه الموافقة من العبد لربه في محابِّه، حصلت موافقة الرب لعبده في حوائجه ومطالبه"؛ [الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص: 430 – 438].

 

تاسعًا: لما كان أحبَّ الأعمال الصالحة إلى الله تعالى أداءُ الفرائض؛ كما ورد في الحديث القدسي: ((ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضت عليه))؛ [صحيح البخاري، حديث رقم: 6502]، فالواجب على المسلم العناية بها عناية تامة، وبخاصة أداء الصلوات في وقتها المحدد، ولا ينشغل، أو يتشاغل عنها إلا بعذر شرعي، أما الإكثار من نوافل العبادات التي وردت الإشارة إليها في الحديث القدسي السابق، وتَكسِب العبدَ محبةَ الله تعالى، فهي من الأعمال الصالحة، وتشمل: السنن المؤكدة، والمندوبات، والتطوعات في مجالات العبادة، سواء البدنية؛ كالصلاة، وقراءة القرآن الكريم، والصيام، والحج والعمرة، والعبادات المالية؛ كالصدقات، والتبرعات المالية، والواجب أن يتفقه المسلم في معرفتها ليعبد الله على عِلْمٍ، ومهمٌّ الإشارة هنا إلى دعاء الله تعالى بإعانته على ذكره وشكره وحسن عبادته؛ كما جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: ((أوصيك يا معاذ، لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاة تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك)) [الألباني، صحيح أبي داود، حديث رقم: 152]، ومن الوصايا المهمة في هذا الباب المداومةُ وعدم الانقطاع عن أداء هذه النوافل؛ استنادًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وأن أحبَّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ))؛ [صحيح البخاري، حديث رقم: 6464، صحيح مسلم، حديث رقم: 2818].

 

عاشرًا: من أعظم العوائق لنَيل مطالب العبد وحوائجه، ومنها العزة في الدنيا والآخرة، الشركُ بالله تعالى؛ فهو أكبر الكبائر، ثم ارتكاب الفواحش ما ظهر وما بطن، فكلما كان الإنسان بعيدًا عن طاعة الله تعالى والالتزام بشرعه أمرًا ونهيًا، كان من الشيطان أقرب وسلك به مسالك الغَواية والضلال، حتى يُورِده المهالك والعياذ بالله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]؛ قال ابن باز رحمه الله: "من غفل عن ذكر الله، وعن قراءة القرآن، وعن طاعة الله من الصلوات، وغيرها، قيَّض الله له الشياطين حتى تصدَّه عن الحق، وحتى تُلهيه في الباطل - نعوذ بالله - ومن قام بأمر الله، وأدَّى حقَّ الله، واستعمل نفسه في ذكر الله، وطاعة الله، عافاه الله من الشيطان، وحفظه من الشياطين، نسأل الله السلامة".

 

الحادي عشر: من جمال الإسلام أن يكون المسلم واضحًا في أقواله وأعماله، متخلقًا بأجمل الأخلاق، مُتجنِّبًا للرياء، صادقًا، أمينًا، صافي القلب، لا يمكر بأحد، ولا يخادع أحدًا، قدوته الحسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، الذي زكَّاه الله في أخلاقه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وكلما كان المسلم مقتديًا بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، عاش المسلمون مع بعضهم متوادِّين، متراحمين، متعاطفين كمثل الجسد؛ كما جاء في الحديث الشريف: ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى))؛ [صحيح البخاري، حديث رقم: 6011، صحيح مسلم، حديث رقم: 2586].

 

هذا ما تيسر إيراده، والله أسأل بفضله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو كل شيء قدير}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا﴾
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون﴾
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث...}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {ومن يهن الله فماله من مكرم}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها...﴾

مختارات من الشبكة

  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره...} (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء بالنفس الإنسانية (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء بالنفس الإنسانية (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملامح تربوية من الأخوة في النسب(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب