• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة المطففين

تفسير سورة المطففين
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2024 ميلادي - 21/5/1446 هجري

الزيارات: 1154

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ

 

سُورَةُ (الْمُطَفِّفِينَ): مُخْتَلَفٌ فِيهَا[1]، وَآيُها سِتٌّ وَثَلاثُونَ آيَةً[2].

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِها: سُورَةُ المُطَفِّفِينَ، وَسُورَةُ التَّطْفِيفِ، وَسُورَةُ (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)[3].


الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:

حَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الْكَثيرَ مِنَ الْمَقاصِدِ وَالْمَعانِي الْعَظيمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ[4]:

• التَّحْذيرُ مِنَ التَّطْفِيفِ في الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا سَيُحاسَبُ عَلَيْهِ النَّاسُ يَومَ الْقِيامَةِ.

 

• ذِكْرُ السِّجِّينِ لِأَهْلِ العِصْيانِ، وَسُوءِ مُنْقَلَبِهِمْ.

 

• ذِكْرُ العِلِّيِّينَ لِأَهْلِ الإِيمَانِ، وَما هُم فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ.

 

• وَصْفُ حَالِ الْمُشْرِكِينَ مَعَ الْمُؤمِنِينَ بِلَمْزِهِمْ وَالسُّخْرِيَّةِ مِنْهُمْ، وَكَيْفَ انْقَلَبَ الْحالُ يَوْمَ الْقِيامَةِ.


سَبَبُ النُّزُولِ:

جاءَ في سَبَبِ نُزولِ هَذِهِ السُّورَةِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنها قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين ﴾؛ فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ»[5].

 

شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَوْلُهُ: ﴿ وَيْلٌ ﴾: كَلِمَةُ عَذَابٍ وَهَلَاكٍ، أَوْ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ[6]، ﴿ لِّلْمُطَفِّفِين ﴾، التَّطْفِيفُ: الْبَخْسُ في الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ؛ لِأنَّ مَا يُبْخَسُ طَفِيفٌ، أَيْ: حَقِيرٌ[7]. قَالَ الذَّهَبيُّ رحمه الله: "وَالْمُطَفِّفُ: هُوَ الْمُنْقِصُ لِلْكَيْلِ أَوِ الْوَزْن أَوِ الذِّرَاع أَوِ الصَّلَاةِ، وَعَدَهُمُ اللهُ بِوَيْلٍ وَهُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّم، تَسْتَغِيثُ جَهَنَّمُ مِنْ حرِّهِ -نَعُوذُ بِاللَّه مِنْهُ-"[8].

 

وَقَدْ فَسَّرَ اللهُ تَعَالَى التَّطْفِيفَ بِقَوْلِهِ: ﴿ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون ﴾، أَيْ: إِذَا اكْتَالُوا مِنَ النَّاسِ حُقُوقَهم يَأْخُذُونَها تَامَّةً وَافِيَةً[9].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ ﴾، أَيْ: إِذَا كَالُوا للنَّاسِ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ[10]، ﴿ يُخْسِرُون ﴾، أَيْ: يُنْقِصُونَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ[11].

 

قَوْلُهُ: ﴿ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون ﴾، ألَا: اِسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ، والمعنى: أَلَا يَتَيَقَّنُ أُوْلَئكَ الْمُطَفِّفِونَ أَنَّهُم مَّبْعُوْثُوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[12].

 

قَوْلُهُ: ﴿ لِيَوْمٍ عَظِيم ﴾، يَعْني: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَظَّمَهُ لِعِظَمِ مَا يَكُونُ فِيهِ[13].

 

قَوْلُهُ: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ ﴾، أَيْ: مِنْ قُبورِهِمْ، ﴿ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾، أَيْ: يَقُومُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا لِلْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ[14].

 

قَوْلُهُ: ﴿ كَلاَّ ﴾: كَلِمَةُ رَدْعٍ وتَنْبِيه[15]، أَيْ: لَيْسَ الْأمْرُ عَلَى ما هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّطْفِيفِ، وَالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ[16]، ﴿ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ ﴾، أَيْ: الَّذِي كُتِبَتْ فِيهِ أَعْمَالُهُمْ[17]، ﴿ لَفِي سِجِّين ﴾، أَيْ: مَكَانٍ ضَيِّقٍ في أَسْفَلِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ[18].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّين ﴾، أَيْ: وَما أَعْلَمَكَ -أَيُّهَا الرَّسولُ- ما سِجِّينٌ؟ تَفْخيمًا لِشَأْنِهِ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ كِتَابٌ مَّرْقُوم ﴾، لَيْسَ هَذَا تَفْسِيرَ السِّجِّينِ، بَلْ هُوَ بَيَانُ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ ﴾، أَيْ: هُوَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ، أَيْ: مَكْتُوبٌ وَمُثْبَتَةٌ فيهِ أَعْمَالُهُمْ[19].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِين ﴾، أَيْ: عَذَابٌ شَدِيدٌ في ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلْمُكَذِّبينَ.


قَوْلُهُ: ﴿ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّين ﴾، أَيْ: يَوْمِ الْجَزاءِ وَالحِسَابِ، وَسُمِّيَ بِيَوْمِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يدِينُ اللهُ الْخَلْقَ بِأَعْمالِهِمْ، وَيُحاسِبُهُمْ عَلَيْهَا[20].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ ﴾، أَيْ: بِيَوْمِ الدِّينِ، ﴿ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ ﴾: مُجَاوِزٍ لِلْحَدِّ[21]، ﴿ أَثِيم ﴾، أَيْ: مُبالِغٍ في ارْتِكَابِ الْآثَامِ وَأَنْوَاعِ الْمَعَاصِي[22].

 

قَوْلُهُ: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ ﴾، أَيْ: الْمُعْتَدِي الْأَثِيمِ، ﴿ آيَاتُنَا ﴾، أَيْ: الْقُرْآنُ، ﴿ قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين ﴾، أَيْ: أَبَاطِيلُ الْأَوَّلينَ الْمُسَطَّرَةُ في كُتُبِهِمْ، وَهَذَا مِن فَرْطِ جَهْلِهِ وإعْرَاضِهِ عَنِ الحَقِّ، فَلا تَنْفَعُهُ شَوَاهِدُ النَّقْلِ كَمَا لَمْ تَنْفَعْهُ دَلائِلُ العَقْلِ[23].

 

قَوْلُهُ: ﴿ كَلاَّ ﴾: كلمَةُ رَدْعٍ وَزَجْرٍ لِلْمُعْتَدِي الْأَثيمِ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْبَاطِلِ، وَتَكذِيب لَهُ، ﴿ بَلْ رَانَ ﴾، أَيْ: غَطَّى، ﴿ عَلَى قُلُوبِهِم ﴾، وَغَلَبَ عَلَيْهَا[24]، ﴿ مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي فَهُوَ كَالصَّدَأِ -وَالعِياذُ بِاللهِ-[25]. وَفي الْحَديثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ، حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ: ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [سورة المطففين:14]»[26].

 

قَوْلُهُ: ﴿ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ ﴾، أَيْ: يَوْمَ الْقِيامَةِ، ﴿ لَّمَحْجُوبُون ﴾، فَلا يَرَوْنَهُ -وَالعِيَاذُ بِاللهِ-[27].

 

قَوْلُهُ: ﴿ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيم ﴾، أَيْ: دَاخِلِينَ النَّارَ -وَالعِياذُ بِاللهِ-[28].

 

قَوْلُهُ: ﴿ ثُمَّ يُقَالُ ﴾ لَهُمْ تَوْبِيخًا وَتَقْريعًا[29]: ﴿ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُون ﴾ فَتَقُولُونَ: لَا بَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا حِسَابَ وَلَا جَزاءَ[30].

 

قَوْلُهُ: ﴿ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ ﴾، أَيْ: كِتَابَ أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ فِي أَقْوالِهِمْ وَأَفْعالِهِمْ[31]، ﴿ لَفِي عِلِّيِّين ﴾، أَيْ: لَفِي مَرْتَبَةٍ وَمَكَانٍ عَالٍ في الْجَنَّةِ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾، أَيْ: وَمَا أَعْلَمَك أيُّهَا الرَّسُولُ، ﴿ مَا عِلِّيُّون ﴾، أَيْ: مَا كِتَابُ عِلِّيِّينَ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ كِتَابٌ مَّرْقُوم ﴾، الْكَلَامُ فِي ها كمَا مَرَّ في نَظِيرِهِ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون ﴾، أَيْ: إِنَّ الْمَلائِكَةَ الْمُقَرَّبينَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى يَحْضُرُون ذَلِكَ الكِتابَ الْمَرْقومَ فَيَحْفَظُونَهُ، أَوْ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا فِيهِ يَوْمَ القِيامَةِ[32]، وَهَذا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِ هَذَا الْكِتَابِ وَشَرَفِ أَهْلِهِ.


ثُمَّ ذَكَر اللهُ سبحان وتعالى حَالَهُمْ في الْجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كِتابَهُمْ وَعَظَّمَهُ:

قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم ﴾، أَيْ: عَظِيمٍ دائِمٍ، وذَلِكَ نَعِيمُهُمْ في الْجَنَّةِ[33].

 

قَوْلُهُ: ﴿ عَلَى الأَرَائِكِ ﴾، أَيْ: عَلَى الْأَسِرَّةِ الْمُزَيَّنَةِ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الزِّيَنَةِ[34]، ﴿ يَنظُرُون ﴾، أَيْ: إِلى رَبِّهِمْ سُبْحانَهُ، وَإِلَى مَا يَسُرُّهُمْ مِنْ أَنْواعِ النِّعَمِ وَالْخَيْراتِ[35].

 

قَوْلُهُ: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ﴾، أَيْ: بَهْجَةَ، ﴿ النَّعِيم ﴾، وَحُسْنَهُ وَبَريقَهُ مِمَّا هُمْ فيهِ مِنَ التَّرَفِ والرَّاحَةِ[36].

 

قَوْلُهُ: ﴿ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ ﴾، أَيْ: أَجْوَدِ الْخَمْرِ وَأَصْفَاهُ[37]، ﴿ مَّخْتُوم ﴾، أي: مُحْكَمٍ إِنَاؤُهَا، وَمَسْدُودٍ حتَّى يَفُكَّهُ الْأَبْرارُ[38]، وَالّذِي يَسْقِيهِمْ خَدَمُهُمْ، كَما قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُون * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِين * لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُون ﴾[سورة الواقعة:17-19].

 

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنى: ﴿ مَّخْتُوم ﴾، أَيْ: مَمْزوج شُرْبُهُ بِرائِحَةِ الْمِسْكِ[39].

 

قَوْلُهُ: ﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ ﴾، أَيْ: آخرُ شَرْبَةٍ مِنْهُ بِرائِحَةِ الْمِسْكِ[40].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَفِي ذَلِكَ ﴾، يَعْنِي: الرَّحِيقَ أَوِ النَّعِيمَ، ﴿ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون ﴾، أَيْ: فَلْيَسْتَبِقِ الْمُتسَابِقُونَ، وَلْيُجَاهِدُوا النُّفوسَ لِيَلْحَقُوا بِالْأَبْرارِ[41].


ثُمَّ بيَّنَ حَالَ هَذَا الشَّرَابِ لِلْأبْرارِ فَقَالَ: ﴿ وَمِزَاجُهُ ﴾، أَيْ: مَخْلُوطٌ[42]، ﴿ مِن تَسْنِيم ﴾، أَيْ: مِنْ عَيْنٍ عَالِيَةٍ في الْجَنَّةِ؛ وَلِهَذا سُمِّيَتْ تَسْنِيمًا لِارْتِفَاعِ مَكَانِهَا[43].

 

قَوْلُهُ: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُون ﴾، (عينًا): حالٌ، أوْ نَصْبٌ عَلَى المَدْحِ[44]، والمعنى: فَإنَّهم يَشْرَبُونَها صِرْفًا خالصًا؛ لِأنَّهم لَمْ يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِ اللَّهِ[45].

 

ثم ذَكَرَ اللهُ سُبْحانَهُ حَالهُمْ في الْجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كِتابَهُمْ وَعَظَّمَهُ؛ فقال الآيات التالية:

قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ﴾، أَيْ: الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ ﴿ كَانُواْ ﴾، أَيْ: في الدُّنْيَا، ﴿ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُون ﴾، أي: اسْتِهْزاءً[46] وتهَكُّمًا بِهِمْ بِسَبَبِ إِيمانِهِمْ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ ﴾، أَيْ: إِذَا مَرَّ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُؤمِنِينَ، ﴿ يَتَغَامَزُون ﴾، أَيْ: يَغْمِزُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُشِيرُونَ بِأعْيُنِهِمْ سُخْرِيَّةً بِهِمْ وَاحْتِقَارًا لَهُمْ[47].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ ﴾، أَيْ: إِذَا رَجَعَ الكُفَّارُ إِلَى أَهْلِهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ[48]، ﴿ انقَلَبُواْ ﴾، أَيْ: رَجَعُوا، ﴿ فَكِهِين ﴾، أَيْ: مُتَلَذِّذِينَ بِاسْتِخْفَافِهِمْ بِالْمُؤْمنينَ وَالسُّخْرِيَةِ مِنهُمْ[49].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ ﴾، أَيْ: وَإِذا رَأَى الْكَافِرُونَ الْمُؤْمِنِينَ[50]، ﴿ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَء لَضَالُّون ﴾؛ لِكَوْنِهِمْ أَسْلَمُوا، واتَّبَعُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وتَمَسَّكُوا بِمَا جَاءَ بِهِ[51].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا أُرْسِلُوا ﴾، أَيْ: وَمَا وَكَّلَ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاءِ الْمُجْرِمِينَ الْقَائِلِينَ مَا ذُكِرَ، ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾، أَيْ: عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، ﴿ حَافِظِين ﴾، أَيْ: يَحْفَظُونَ عَلَيْهِمْ أعْمَالَهم، وَيَشْهَدُونَ بِرُشْدِهِمْ وَضَلَالِهِمْ[52].

 

قَوْلُهُ: ﴿ فَالْيَوْمَ ﴾، أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُون ﴾، أَيْ: كَمَا ضَحِكُوا هُمْ مِنَ الْمُؤمِنِينَ في الدُّنْيَا[53]؛ جَزَاءً وِفَاقًا.

 

قَوْلُهُ: ﴿ عَلَى الأَرَائِكِ ﴾، أَيْ: عَلَى الْأَسِرَّةِ الْمُزَيَّنَةِ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الزِّينَةِ[54]، ﴿ يَنظُرُون ﴾، أَيْ: يَنْظُرُ الْمُؤمِنُونَ إِلى مَا أَعْطَاهُمُ اللهُ مِنَ الْكَرَامةِ وَالنَّعِيمِ فِي الجنَّةِ، وَيَنْظُرُونَ إِلى مَا حَلَّ بِالْمُجْرِمِينَ مِنَ الْعَذَابِ[55].

 

قَوْلُهُ: ﴿ هَلْ ثُوِّبَ ﴾، أَيْ: هَلْ جُوزِيَ[56]، ﴿ الْكُفَّارُ مَا ﴾، أَيْ: الَّذِي، ﴿ كَانُوا يَفْعَلُون ﴾، أَيْ: في الدُّنْيَا، وَالَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الاسْتِهْزاءُ وَالسُّخْرِيَةَ بالمؤْمِنينَ[57]، وَالْجَوَابُ: نَعَمْ، جُوزِيَ الْكُفَّارُ عَلَى الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الدُّنْيَا كَمَا جُوزِيَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ.

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مْنَ الْآيَاتِ:

التَّحْذِيْرُ مِنْ التَّطْفِيفِ وَبَيَانُ خُطُورَةِ ظُلْمِ النَّاسِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين ﴾: تَصْرِيحٌ بِالْوَعيدِ الشَّدِيدِ لِمَنْ ظَلَمَ النَّاسَ، وَتَعَدَّى عَلَى حُقوقِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، وَأَنَّهُ كَبيرَةٌ مِنْ كَبائِرِ الذُّنوبِ. قَالَ الشِّنْقِيْطِيْ رحمه الله: "افْتِتَاحِيَّة هَذِهِ السُّورَة بِالْوَيْلِ لِلْمُطَفِّفِينَ: يُشْعِرُ بِشِدَّةِ خَطَرِ هَذَا الْعَمَلِ، وَهُوَ فِعْلًا خَطِيرٌ; لِأَنَّهُ مِقْيَاسُ اقْتِصَادِ الْعَالَمِ وَمِيزَانُ التَّعَامُلِ، فَإِذَا اخْتَلَّ أَحْدَثَ خَلَلًا فِي اقْتِصَادِهِ، وَبِالتَّالِي اخْتِلَالٌ فِي التَّعَامُلِ، وَهُوَ فَسَادٌ كَبِيرٌ"[58]. قالَ الْبَيْضاوِيُّ: "وَفيْ هَذَا الْإِنْكارِ وَالتَّعْجِيْبِ وَذِكْرِ الظَّنِّ وَوَصْفِ الْيَوْمِ بالعِظَمِ، وَقِيامِ النَّاسِ فيهِ للهِ، وَالتَّعبيرِ عَنْهُ بِرَبِّ الْعالمينَ: مُبالَغاتٌ في الْمَنْعِ عَنِ التّطْفيفِ، وَتَعْظيمُ إِثْمِهِ"[59].


التَّرَابُطُ بَيْنَ التَّطْفِيفِ وَإِنْكَارِ الْبَعْثِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم ﴾ [سورة المطففين:1-5]: أَنَّ الَّذِي يُؤْمنُ بِالْبَعْثِ إِيمانًا حَقِيقِيًّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ بِالتَّطْفيفِ في الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ؛ فَإِذا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ أَخَذَ وافِيًا، وَإِنْ باعَ غَيْرَهُ يَنْقُصُ وَيَبْخَسُ. قَالَ القُرْطُبِي رحمه الله: "إِنْكَارٌ وَتَعْجِيبٌ عَظِيمٌ مِنْ حَالِهِمْ، فِي الِاجْتِرَاءِ عَلَى التَّطْفِيفِ، كَأَنَّهُمْ لَا يُخْطِرُونَ التَّطْفِيفَ بِبَالِهِمْ، وَلَا يُخَمِّنُونَ تَخْمِينًا ﴿ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون ﴾ فَمَسْئُولُونَ عَمَّا يَفْعَلُونَ"[60]؛ ولذا فقد قيل: إن من كان صاحب مراقبة لله ربّ العالمين فإنه يستشعر الهيبة في العاجلة، كما يكون حال الناس في المحشر؛ لأنّ اطلاع الله تعالى اليوم مثل اطلاعه غدًا[61]، وَقَالَ السَّعْدِيُّ رحمه الله: "تَوَعَّدَ تَعَالَىْ الْمُطَفِّفِيْنَ، وَتَعَجَّبَ مِنْ حَالِهِمْ وَإِقَامَتِهِمْ عَلَىْ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: ﴿ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾؛ فَالذِيْ جَرَّأَهُمْ عَلَىْ التَّطْفِيْفِ عَدَمُ إِيْمَانِهِمْ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَإِلَّا فَلَوْ آمَنُوْا بِهِ، وَعَرَفُوْا أَنَّهُمْ يَقُوْمُوْنَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ، يُحَاسِبُهُمْ عَلَىْ الْقَلِيْلِ وَالْكَثِيْرِ، لَأَقْلَعُوْا عَنْ ذَلِكَ وَتَابُوْا مِنْهُ"[62].

 

عُمُومُ التَّطْفِيفِ وَشُمُولُهُ لِغَيْرِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ:

التَّطْفيفُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْكيْلِ وَالْوَزْنِ[63]، بَلْ هُوَ عَامٌّ يَدْخُل فيهِ كُلُّ بَخْسٍ، سَوَاءٌ كانَ بَخْسًا حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًا، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مالِكٌ: «لِكُلِّ شَيْءٍ وَفَاءٌ وَتَطْفِيفٌ»[64]، وَإِعْطَاءُ الْمَرْءِ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ تَطْفِيفٌ، فَكُلُّ مَنْ خَانَ غَيْرَه وَبَخَسَهُ حَقَّهُ أَوِ انْتَقَصَ ممَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَهُوَ دَاخِلٌ في هَذَا الْوَعِيدِ. وَمِنَ التَّطْفِيفِ: أَنْ يُطالِبَ الشَّخْصُ بِكُلِّ ما لَهُ مِنَ الْحُقوقِ، وَلَا يَرْضَى أَنْ يُنْتَقَصَ شَيْءٌ مِنْهَا، مَعَ إِخْلَالِهِ هُوَ بِالحْقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ[65]. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رحمه الله: "فِي هَذَا الْإِنْكَارِ وَالتَّعْجِيبِ وَكَلِمَةِ الظَّنِّ، وَوَصْفِ الْيَوْمِ بِالْعَظِيمِ، وَقِيَامِ النَّاسِ فِيهِ لِلَّهِ خَاضِعِينَ، وَوَصْفِ ذَاتِهِ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ: بَيَانٌ بَلِيغٌ لِعِظَمِ الذَّنْبِ، وَتَفَاقُمِ الْإِثْمِ فِي التَّطْفِيفِ، وَفِيمَا كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِنَ الْحَيْفِ، وَتَرْكِ الْقِيَامِ بِالْقِسْطِ، وَالْعَمَلِ عَلَى التَّسْوِيَةِ وَالْعَدْلِ، فِي كُلِّ أَخْذٍ وَإِعْطَاءٍ، بَلْ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ"[66].

 

الْأَمْرُ بِالْأَمَانَةِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْخِيَانَةِ:

تُشيرُ الْآيَاتُ الْكَريمَةُ إِلَى أَنَّ الْإِسْلامَ أَمَرَ بِالْأَمانَةِ وَالْعَدْلِ، وَنَهَى عَنِ الْخِيانَةِ وَالاعْتِداءِ عَلَى حُقُوقِ الْآخَرِينَ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله: "يَأْمُرُ تَعَالَى بِإِقَامَةِ الْعَدْلِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، كَمَا تَوَعَّدَ عَلَى تَرْكِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾ [سورة الْمُطَفِّفِينَ:1-6]، وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ كَانُوا يَبْخَسُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ"[67].

 

التَّحَلِّي بِخُلُقِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ عِنْدَ الْمُعَامَلَاتِ:

فِي الْآيَاتِ تَحْفيزٌ لِلْمُؤْمِنِ أَنَّهُ إِذَا تَعَامَلَ مَعَ النَّاسِ أَنْ يَتَعامَلَ مَعَهُمْ بِالْعَدْلِ، وَأَنْ يُعْطِيَهُمْ حُقوقَهُمْ وَلَا يَبْخَسُ مِنْهَا شيْئًا، بَلْ إِنْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِالزِّيادَةِ فَوْقَ حَقِّهِمْ فَهُو أَفْضَلُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ، فَقَدْ كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمْحًا في الْبَيْعِ وَالشِّراءِ وَالْأَدَاءِ، يُعْطِي الْحَقَّ وَيَتَفَضَّلُ فيهِ، كَمَا في حَدِيثِ سُوَيْدِ بنِ قَيْسٍ رضي الله عنه قالَ: «جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَفَةُ العَبْدِيُّ بَزًّا مِنْ هَجَرَ، فَأَتَيْنا بِهِ مَكَّةَ، فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي فَسَاوَمَنَا بِسَرَاوِيلَ، فَبِعْنَاهُ، وَثَمَّ رَجُلٌ يَزِنُ بِالأَجْرِ، فَقَالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: زِنْ وَأَرْجِحْ»[68]، أَيْ: زِنْ لَهُ ثَمَنَ سِلْعَتِه حَتَّى تُوَفِّيَهُ حَقَّهُ وَزِيادَةً عَلَيْهِ. وَقَدْ جَاءَ التَّوجِيهُ عَامًّا في حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنها قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُواْ»[69]، وَهُوَ مِنْ بَابِ الاِحْتِياطِ في بَابِ الْحُقوقِ، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا لِعِظَمِ شَأْنِها عِنْدَ اللهِ؛ سِيَّما فِيمَا لَا يَتَمَيَّزُ فِيهِ حَدُّ الْعَدْلِ، فَيَزيدُ في الْأَدَاءِ قَدْرًا لِيَنْدَفِعَ بِهِ احْتِمَال النَّقْصِ، وَالوُقوع فِي التَّطْفيفِ، كَالْمُتَوَضِّئِ يَغْسِلُ جُزْءًا مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ تَحْقِيقًا لِاسْتِيعَابِ غَسْلِ وَجْهِهِ، وَلِهَذا نَظائِرُ كَثيرَةٌ.

 

إِثْبَاتُ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم ﴾: دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ ابْنُ عَاشُوْرٍ رحمه الله: "وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ لِيَوْمٍ عَظِيم ﴾: لَامُ التَّوْقِيتِ...، وَفَائِدَةُ لَامِ التَّوْقِيتِ: إِدْمَاجُ الرَّدِّ عَلَى شُبْهَتِهِمُ الْحَامِلَةِ لَهُمْ عَلَى إِنْكَارِ الْبَعْثِ بِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْثٌ لَبُعِثَتْ أَمْوَاتُ الْقُرُونِ الْغَابِرَةِ، فَأَوْمَأَ قَوْلُهُ: ﴿ لِيَوْمٍ ﴾: أَنَّ لِلْبَعْثِ وَقْتًا مُعَيَّنًا يَقَعُ عِنْدَهُ لَا قَبْلَهُ"[70].

 

بَيَانُ عَظَمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾: بَيانٌ لِحالِ يَوْمِ الْقِيامَةِ وَأَنَّهُ يَوْمٌ عَظيمٌ. قالَ الشَّوْكَانِيُّ رحمه الله: "وَوَصَفَهُ بِالْعِظَمِ لِكَوْنِهِ زَمَانًا لِتِلْكَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْعِقَابِ، وَدُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلِ النَّارِ النَّارَ"[71]. وَقَالَ الْبِقَاعِيُّ رحمه الله: "وَزَادَ التَّهْوِيْلَ بِقَوْلِهِ: ﴿ عَظِيم ﴾، أيْ: لِعَظَمَةِ مَا يَكُوْنُ فِيْهِ مِنْ الْجَمْعِ وَالْحِسَابِ الذِيْ يَكُوْنُ عَنْهُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ عَلَىْ حَقِيْقَتِهِ إِلَّا هُوَ سبحان وتعالى"[72]. وَقَالَ ابْنُ عُثَيْمِيْن رحمه الله: "هَذَا الْيَوْمُ عَظِيْمٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَظِيْمٌ كَمَا قَالَ تَعَالَىْ: ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم ﴾ [سورة الحج: 1]؛ عَظِيْمٌ فِيْ طُوْلِهِ، فِيْ أَهْوَالِهِ، فِيْمَا يَحْدُثُ فِيْهِ، فِيْ كُلِّ مَعْنَىً تَحْمِلُهُ كَلِمَةُ: (عَظِيْمٍ)، لَكِنَّ هَذَا الْعَظِيْمَ هُوَ عَلَىْ قَوْمٍ عَسِيْرٌ، وَعَلَىْ قَوْمٍ يَسِيْرٌ، قَالَ تَعَالَىْ: ﴿ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر: 10]، وَقَالَ تَعَالَىْ: ﴿ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [القمر: 8]"[73].

 

إِثْبَاتُ رُبُوبِيَّةِ اللهِ تَعَالَى لِجَمِيْعِ الخَلْقِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾: إِثْباتُ رُبوبِيَّةِ اللهِ تَعَالَى الْعَامَّةِ لِجَميعِ الْخَلائِقِ. قَالَ ابنُ عَاشُوْرٍ رحمه الله: "وَاللَّامُ فِي: ﴿ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾ لِلْأَجْلِ، أَي: لِأَجْلِ رُبُوْبِيَّتِهِ وَتَلَقِّي حُكْمِهِ"[74].

 

يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْلَمُ الْمُطَفِّفُونَ سُوءَ عَمَلِهِمْ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾ [سورة المطففين:4-6]: أَنَّهُ عِنْدَمَا يَقومُ النَّاسُ مِنْ قُبورِهِمْ لِلْبَعْثِ وَالحِسابِ يَعْلَمُ الْمُطَفِّفُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى خَطَأٍ عَظِيمٍ وجُرْمٍ كَبيرٍ. قَالَ الشِّنْقِيْطِيُّ رحمه الله: "قَوْله تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾: يُفْهَمُ أَنَّ مُطَفِّفَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ هَذَا حَقِيقَةً غَالِبًا، وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الطَّرَفُ الْآخَرُ، فَيَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُطَّلِعُ عَلَى فِعْلِهِ، فَهُوَ الَّذِي سَيُحَاسِبُهُ وَيُنَاقِشُهُ؛ لِأَنَّهُ خَانَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ سُبْحَانَهُ؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾، وَلَمْ يَقُلْ: يَوْمَ يُقْتَصُّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ غَرِيمِهِ، وَيَسْتَوْفِي كُلُّ ذِي حَقٍ حَقَّهُ"[75].

 

إِثْبَاتُ قِيَامِ النَّاسِ يَوْمَ الْحِسَابِ وذِكْرُ مَا يَقَعُ فِيْهِ مِنْ الشِدَّةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾: الْإِشارَةُ إِلى حَشْرِ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلى أَرْضِ الْمَحشَرِ، فيُجْمَعونَ في صَعيدٍ واحِدٍ قيامًا لِانتِظَارِ مُحَاسَبَتِهِمْ في يَوْمٍ عَظيمٍ. قال ابن كثير رحمه الله: "أَيْ: يَقُومُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرلا فِي مَوْقِفٍ صَعْبٍ حَرج ضَيِّقٍ ضنَك عَلَى الْمُجْرِمِ، وَيَغْشَاهُمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَعْجزُ الْقُوَى وَالْحَوَاسُّ عَنْهُ"[76]، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الَّناسَ يتَعَرَّقونَ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ في السُّنَّةِ: فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ﴾: حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ»[77]، وَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسودِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونَ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إْلَى كَعْبَيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا»[78]. قَالَ الْمَرَاغِيُّ رحمه الله: "أَيْ: هَذَا الْيَوْمُ هُوَ الْيَوْمُ الذِيْ يَقِفُ فِيْهِ النَّاسُ لِلْعَرْضِ وَالْحِسَابِ، وَيَطُوْلُ بِهِمْ الْمَوْقِفُ إِعْظَامًا لِجَلَالِهِ تَعَالَى"[79].

 

بَيَانُ جَزَاءِ الْفُجَّارِ وَالْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّين ﴾: أَنَّ مَصيرَ الْفُجارِ مَكانٌ ضَيِّقٌ في أَسْفَلِ الْأَرْضِ السّابِعَةِ؛ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَعَدَمِ إِيمانِهِمْ[80]، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِين ﴾؛ حَيْثُ فِيْهِ الْوَعيدُ الشَّديدُ لِلْمُكَذِّبينَ بِيَوْم الْحسَابِ وَالْجَزاءِ.

 

إِحْصَاءُ أَعْمَالِ الْفُجَّارِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّين * كِتَابٌ مَّرْقُوم ﴾: أَنَّ لِلْفُجَّارِ كِتَابًا مُثْبَتة فيهِ أَعْمالُهُمْ، لا يُزادُ فِيهِ، وَلا يُنْقَصُ مِنْهُ. قَالَ الْمَرَاغِيُّ رحمه الله: "ذكَرَ أَنَّ الفُجَّارَ قَدْ أُعِدَّ لَهُمْ كِتَابٌ أُحْصِيَتْ فِيْهِ جَمِيْعُ أَعْمَالِهِمْ لِيُحَاسَبُوْا بِهَا"[81].

 

مِنْ أَسْبَابِ رَدِّ القُرْآن وَتَكْذِيْبِ الْحَقِّ اكْتِسَابِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين * كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾: أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ القُرْآنَ أَسَاطِيرُ الْأوَّلِينَ هُوَ: مَا يَكْسِبونَهُ مِنَ الذُّنوبِ وَالْمَعَاصِي. قَالَ ابْنُ الْقيِّمِ رحمه الله: "الذُّنُوبَ إِذَا تَكَاثَرَتْ طُبِعَ عَلَى قَلْبِ صَاحِبِهَا، فَكَانَ مِنَ الْغَافِلِينَ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [سورة المطففين:14]: «هو الذَّنْبُ بَعْدَ الذَّنْبِ»[82]، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ، حَتَّى يُعْمِيَ القَلْبَ، وَقالَ غَيْرُهُ: لَمّا كَثُرَتْ ذُنُوبُهُمْ وَمَعَاصِيهِمْ أَحَاطَتْ بِقُلُوبِهِمْ، وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْقَلْبَ يَصْدَأُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَإذَا زَادَتْ غَلَبَ الصَّدَأُ حَتَّى يَصِيرَ رَانًا، ثُمَّ يَغْلِبُ حَتَّى يَصِيرَ طَبْعًا وَقُفْلًا وَخَتْمًا، فَيَصِيرُ الْقَلْبُ في غِشَاوَةٍ وَغِلَافٍ، فَإِذَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْهُدَى وَالْبَصِيرَةِ انْعَكَسَ فَصَارَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، فَحِينَئِذٍ يَتَوَلَّاهُ عَدُوُّهُ وَيَسُوقُهُ حَيْثُ أَرَادَ"[83].

 

قَسْوَةُ الْقُلُوبِ بِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [سورة المطففين:14]: أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبابِ قَسْوَةِ الْقَلْبِ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَقَدْ جَاءَ في السُّنَّةِ ما يُؤَيِّدُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ، حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ: ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [سورة المطففين:14]»[84].

 

وكذلك: حَديثُ حُذيفَةَ بْنِ الْيَمانِ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِصلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا؛ فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَواتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»[85].


ومن هنا: فإِنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْذَرَ الذُّنُوبَ وَالْمَعاصِي مَهْمَا قَلَّتْ وَصَغُرَتْ؛ لأَنَّهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى الْمَرْءِ أَهْلَكَتْهُ[86]، كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ رحمه الله:

 

خَلِّ الذُّنُوبَ صَغيرَهَا
وَكَبيرَهَا، ذَاكَ التُّقَى
وَاصْنَعْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْ
ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَرَى
لَا تَحْقِرَنَّ صَغِيرَةً
إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الحَصَى[87]

 

الْكُفَّارُ لَا يَرَوْنَ رَبّهمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِيْنَ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ وَيَتَلَذَّذُوْنَ بِرُؤْيَتِهِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون ﴾ [سورة المطففين:15]: أَنَّ الْكُفَّارَ مَمْنُوعُونَ مِنْ رُؤْيةِ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقَيامَةِ عُقوبَةً لَهُمْ، وَهَذِهِ الْعُقوبَةُ أَعْظَمُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، أَمَّا الْمُؤمِنونَ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بِأَبْصَارِهِمْ في الْجنَّةِ رُؤْيَةَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَتَلَذُّذٍ وَحُبورٍ، يَتَلَذَّذونَ بِالنَّظَرِ إلى وَجْهِهِ الْكَريمِ، وَذَلِكَ غَايَةُ النَّعيمِ، وَأَعَلَى الْكَرامَاتِ، وَأَفْضَلُ الْمَقَاماتِ، وَأَعْظَمُ مِنْ سَائِرِ اللَّذاتِ، وَهَذا مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعونَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَمَصَابِيحِ الدُّجَى[88].

 

وَقَدْ جاءَ عَنِ الشّافِعِيّ رحمه الله: أَنَّ الرَّبيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ في قَوْلِ اللهِ عز وجل: ﴿ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون ﴾ [سورة المطففين:15]؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا أَنْ حَجَبَ هَؤُلاءِ في السَّخَطِ كَانَ في هَذا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِياءَهُ يَرَوْنَهُ في الرِّضَا، قالَ الرَّبيعُ: فَقُلْتُ: يا أَبا عَبْدِ اللهِ! وَبِهِ تَقولُ؟ قالَ: نَعَمْ، وَبِهِ أَدِينُ اللهَ، وَلَوْ لَمْ يُوقِنْ مُحمَّدُ بْنُ إِدْريسَ أَنَّهُ يَرَى اللهَ لَمَا عَبَدَ اللهَعز وجل[89].


عِظَمُ شَأْنِ كِتَابِ الْأَبْرَارِ بِسُؤَالِ اللهِ تَعَالَى عَنْهُ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّين * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّون * كِتَابٌ مَّرْقُوم * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون ﴾ [سورة المطففين:18-21]: أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَظَّمَ شَأْنَ كِتَابِ الْأَبْرارِ بِالسُّؤالِ عَنْهُ، وَهُوَ كِتَابٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبونَ مِنَ الْمَلائِكَةِ، وَيَشْهَدونَ لِمَا لِصاحِبِهِ مِنَ النَّعيمِ العَظيمِ.

 

بَعْضُ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم ﴾: بَيَانٌ لِبَعْضِ مَا أَعَدَّهُ اللهُ تَعَالَى لِلْأَبْرارِ مِنَ النَّعيمِ الْعَظِيمِ، فَفِي الْجَنَّةِ ما لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذْنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، كَما في حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللهُ عز وجل: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رأتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: ﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ [سورة السجدة:17]»[90].

 

ذُكْرُ بَعْضِ أَشْرِبَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُوم ﴾ [سورة المطففين:25]: أَنَّ مِنْ أَشْرِبَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْخَمْرُ، وَهُوَ شَرابٌ يَتَلَذَّذُ بِهِ أَهْلُ الْجَنَّةِ. وَكذلك فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيم * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُون ﴾[سورة المطففين:27-28]: أَنَّ الْجَنَّةَ فِيهَا عُيُونٌ يَتَفَجَّرُ مِنْهَا الشَّرَابُ اللَّذِيذُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ في قُصورِهِمْ، وَمِنْ هَذِهِ الْعُيونِ عَيْنٌ تُسَمَّىْ: تَسْنِيمٌ، وَهِيَ في أَعَلَى الجَنَّةِ، يَشْرَبُها الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، ويُمْزَجُ رَحِيقُ الْأَبْرَارِ بِهَا، كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرينَ[91]، وَعَلَى هَذَا: تَكُونُ مَنْزِلَةُ الْأبْرَارِ دُونَ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْأبْرارَ هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ، وَأَنَّ الْمُقَرَّبِينَ هُمُ السَّابِقُونَ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: "وَهَذَا لِأَنَّ الْجَزاءَ وِفاقُ الْعَمَلِ، فَكَمَا خَلُصَتْ أَعمالُ الْمُقَرَّبينَ كُلُّها للهِ خَلُصَ شَرابُهُمْ، وَكَمَا مَزَجَ الْأَبْرارُ الطَّاعَاتِ بِالْمُبَاحَاتِ مُزِجَ لَهُم شَرابُهُمْ؛ فَمَنْ أَخْلَصَ أخْلصَ شَرَابُهُ، وَمَنْ مَزَجَ مزجَ شَرَابُهُ"[92].


الْحَثُّ عَلَىْ التَّنَافُس لِنَيْلِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَتَفَاضُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الدَّرَجَاتِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون ﴾ [سورة المطففين:26]: أنَّ الشَّيءَ النَّفِيسَ تَحْرِصُ النَّفْسُ عَلَيْهِ، وَتُبادِرُ إليْهِ، وَتُنَافِسُ الْمُتَسابِقينَ فِيهِ، وأَنْفَسُ مَطْلُوبٍ وَأَعْظَمُ مَرْغُوبٍ: مَغْفِرَةُ اللهِ ورِضْوَانُهُ، وَالْفَوْزُ بِجَنَّاتِهِ، وَالتَّنافُسُ فِي الصَّالِحَاتِ، وَالتَّسَابُقُ إِلى الْخَيْراتِ؛ مَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ، وَأَمْرٌ إِلَهِيٌّ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾ [سورة الحديد:21][93].

 

وَذلِكَ لِأَنَّ الْجَنَّةَ تَتَفَاضَلُ فِيهَا الدَّرَجَاتُ بِحَسَبِ السَّبْقِ وَالْمُسَارَعَةِ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُون * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُون * فِي جَنَّاتِ النَّعِيم ﴾[سورة الواقعة:10-12]، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ»[94].

 

ذِكْرُ بَعْضِ صِفَاتِ الْكُفَّارِ فِي تَعَامُلِهِمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ والتَّحْذِيرُ مِنْهَا:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُون ﴾ [سورة المطففين:29]: ذِكْرُ بَعْضِ صِفَاتِ الْكُفَّارِ الَّذينَ كَانُوا وَمَا زالُوا يُمارِسونَهَا مَعَ الْمُؤمِنينَ:

• الضَّحِكُ مِنَ الْمُؤمِنينَ عَلَى سَبيلِ السُّخْرِيَةِ وَالاسْتِهْزاءِ بِهِمْ.


• التَّغامُزُ بِالْعُيونِ اسْتِهْزاءً وَتَهَكُّمًا وَاحْتِقَارًا.


• تَفَكُّهُ الْكُفارِ وَتَلَذُّذُهُمْ بِمَا يَسْخَرُونَ بِهِ مِنَ الْمُؤمنِينَ عِنْدَ رُجوعِهِمْ إِلى أَهْلِهِمْ، وَفي مَجالِسِهِمْ وَنَوَادِيهِمْ.


• وَصْفُ الْكُفَّارِ لِلْمُؤمِنينَ بِالضَّلالِ[95].

 

إِنْصَافُ اللهِ لِلْمُؤْمِنينَ مِنَ الْكَافِرِيْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعمَلِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُون ﴾ [سورة المطففين:34]: أَنَّ الْجزاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، وَكَمَا يَدينُ الْمَرْءُ يُدَانُ، فُهَؤلاءِ الْكُفَّارِ كَانُوا يَضْحَكُونَ مِنَ الَّذينَ آمَنُوا في الدُّنيَا، وَفي يَوْمِ الْقِيامَةِ يَضْحَكُ الَّذينَ آمَنُوا مِنَ الْكَافِرينَ.

 

الْفَرْقُ بَيْنَ حالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فِيْ الآخِرَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُون * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُون ﴾[سورة المطففين:34-35]: بَيانٌ لِحالِ الْمُؤمِنينَ مَعَ الْكُفَّارِ في الْآخِرَةِ، وَأَنَّهُ يَخْتَلِفُ عَنْ حالِ الْكُفَّارِ مَعَ الْمُؤمِنينَ في الدُّنْيا، فَفِي الْآخرَةِ يَضْحَكُ الْمُؤمِنونَ مِنَ الْكُفَّارِ كَما ضَحِكُوا مِنْهُمْ في الدُّنْيَا[96]، وَيَنْظرونَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَكانٍ عَالٍ، وَعَلَى سُرُرٍ مَنْصوبَةٍ لَهَمْ مُزَيَّنَةٍ بِأَنْواعٍ مِنَ الزِّينَةِ؛ وَلِهَذا تَكونُ الدُّنْيا لِلْكُفَّارِ، وَالآخِرِةُ لِلْمُؤمنينَ، كَما قالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنه: «أَمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ لهمُ الدُّنْيَا ولَنَا الآخِرَةُ»[97].



[1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 449)، زاد المسير (4/ 413).

[2] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 250).

[3] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 187). وقال القاسمي في تفسيره (9/ 427): "قال المهايمي: سميت به دلالة عَلَى أن من أخل بأدنى حقوق الخلق، استحق أعظم ويل من الحق. فكيف من أخل بأعظم حقوق الحق، من الإيمان به وبآياته ورسله؟".

[4] ينظر: بصائر ذوي التمييز (1/ 506)، مصاعد النظر (3/ 168)، التحرير والتنوير (30/ 188).

[5] أخرجه ابن ماجه (2223)، وصححه ابن حبان (4919)، والحاكم في المستدرك (2240)، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

[6] ينظر: تفسير ابن عطية (3/ 322)، تفسير القرطبي (19/ 250).

[7] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 294)، تفسير أبي السعود (9/ 124).

[8] الكبائر (ص27).

[9] ينظر: الوجيز للواحدي (ص1182)، تفسير البيضاوي (5/ 294).

[10] ينظر: تفسير الطبري (20/ 508)، التفسير الوسيط للواحدي (4/ 441)، تفسير البغوي (8/ 362).

[11] ينظر: تفسير الخازن (4/ 403)، تفسير الجلالين (ص796).

[12] ينظر: تفسير الجلالين (ص796).

[13] ينظر: تفسير السمعاني (6/ 178)، تفسير البيضاوي (5/ 294).

[14] ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (4/ 441)، تفسير البغوي (8/ 362)، تفسير ابن كثير (8/ 347).

[15] ينظر: معاني القرآن للزجاج (5/ 298).

[16] ينظر: تفسير الكشاف (4/ 721)، تفسير النسفي (3/ 614).

[17] ينظر: تفسير البغوي (8/ 363).

[18] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 258)، تفسير ابن كثير (8/ 349).

[19] ينظر: تفسير البغوي (8/ 364).

[20] ينظر: تفسير السعدي (ص915).

[21] ينظر: نظم الدرر للبقاعي (21/ 320).

[22] ينظر: نظم الدرر للبقاعي (21/ 320)، تفسير القاسمي (9/ 430).

[23] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 295).

[24] ينظر: تفسير الطبري (24/ 286)، تفسير القرطبي (19/ 261).

[25] ينظر: تفسير الخازن (4/ 404)، الوجيز للواحدي (ص1183).

[26] أخرجه أحمد في المسند (7952) واللفظ له، والترمذي (3334) وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه (4244).

[27] ينظر: تفسير الطبري (24/ 204)، تفسير القرطبي (19/ 261).

[28] ينظر: تفسير الخازن (4/ 405)، تفسير أبي السعود (9/ 127).

[29] ينظر: تفسير أبي السعود (9/ 127).

[30] ينظر: تفسير النسفي (3/ 615).

[31] ينظر: تفسير الجلالين (ص797).

[32] ينظر: تفسير الخازن (4/ 405)، فتح القدير (5/ 487).

[33] ينظر: تفسير الطبري (24/ 212)، تفسير القاسمي (9/ 434).

[34] ينظر: تفسير القرطبي (10/ 398)، تظم الدرر (21/ 334).

[35] ينظر: تفسير البغوي (8/ 367)، تفسير ابن كثير (8/ 352).

[36] ينظر: تفسير الطبري (24/ 213)، تفسير السمعاني (6/ 182).

[37] ينظر: تفسير البغوي (8/ 367)، فتح القدير (5/ 488).

[38] ينظر: تفسير البغوي (8/ 367).

[39] ينظر: تفسير الطبري (24/ 215).

[40] ينظر: تفسير الطبري (24/ 219)، تفسير الجلالين (ص798).

[41] ينظر: تفسير الطبري (24/ 220).

[42] ينظر: تفسير الطبري (24/ 215).

[43] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 266).

[44] ينظر: تفسير البغوي (8/ 368)، تفسير القرطبي (19/ 266).

[45] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 296).

[46] ينظر: تفسير النسفي (3/ 617).

[47] ينظر: تفسير الطبري (24/ 226)، تفسير البيضاوي (5/ 296).

[48] ينظر: تفسير البغوي (3/ 617)، تفسير ابن كثير (8/ 353).

[49] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 296)، تفسير النسفي (3/ 617).

[50] ينظر: تفسير النسفي (3/ 617).

[51] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 354)، فتح القدير (5/ 489).

[52] ينظر: التفسير الوسيط (4/ 449)، تفسير القاسمي (9/ 436).

[53] ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (4/ 449-450).

[54] ينظر: تفسير القرطبي (10/ 398)، تظم الدرر (21/ 334).

[55] ينظر: تفسير أبي السعود (9/ 128)، تفسير القاسمي (9/ 436).

[56] ينظر: تفسير البغوي (8/ 370).

[57] ينظر: تفسير الخازن (4/ 407)، تفسير ابن كثير (8/ 354).

[58] أضواء البيان (8/ 454).

[59] تفسير البيضاوي (5/ 294).

[60] تفسير القرطبي (19/ 254).

[61] لطائف الإشارات (3/ 700).

[62] تفسير السعدي (ص915).

[63] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 449).

[64] أخرجه في الموطأ (29).

[65] ينظر: تفسير النيسابوري (6/ 464).

[66] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 255).

[67] تفسير ابن كثير (3/ 327).

[68] أخرجه أحمد في المسند (19098)، وأبو داود (3336) واللفظ له، والترمذي (1305) وقال: "حسن صحيح"، والنسائي (4592)، وابن ماجه (2220).

[69] أخرجه ابن ماجه (2222).

[70] التحرير والتنوير (30/ 193).

[71] فتح القدير (5/ ٤٨٣).

[72] نظم الدرر (21/ 316).

[73] تفسير جزء عم (95).

[74] التحرير والتنوير (30/ 193).

[75] أضواء البيان (8/ 459).

[76] تفسير ابن كثير (8/ 347)..

[77] أخرجه البخاري (4938) واللفظ له، ومسلم (2862).

[78] أخرجه مسلم (2864).

[79] تفسير المراغي (30/ 73).

[80] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 349).

[81] تفسير المراغي (30/ 75).

[82] ينظر: شعب الإيمان للبيهقي (9/ 375).

[83] الجواب الكافي (ص60).

[84] سبق تخريجه.

[85] أخرجه مسلم (144).

[86] وفي الحديث: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن عَلَى الرجل حتى يهلكنه» أخرجه أحمد في المسند (3818).

[87] ينظر: شعب الإيمان للبيهقي (6919)، تفسير القرطبي (1/ 162).

[88] ينظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص153)، مجموع الفتاوى (6/ 500-501).

[89] ينظر: حادي الأرواح (ص292)، معارج القبول (1/ 340).

[90] أخرجه البخاري (4779)، ومسلم (2824) واللفظ له.

[91] ينظر: تفسير الطبري (24/ 221)، تفسير ابن كثير (8/ 353).

[92] طريق الهجرتين (ص194).

[93] ينظر: تفسير الطبري (24/ 220).

[94] أخرجه البخاري (3256) واللفظ له، ومسلم (2831).

[95] ينظر: تفسير الوسيط للواحدي (4/ 449)، تفسير القاسمي (9/ 436).

[96] ينظر: تفسير السعدي (ص916).

[97] أخرجه البخاري (4913) واللفظ له، ومسلم (1479).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة المطففين للناشئين
  • الحلق أو التقصير في الحج
  • السعي بعد طواف الإفاضة
  • الحل والشرب من ماء زمزم
  • الرجوع إلى منى للمبيت، ورمي الجمار
  • طواف الوداع
  • تفسير سورة المطففين
  • تفسير سورة النبأ
  • تفسير سورة النازعات
  • تفسير سورة عبس
  • تفسير سورة التكوير
  • تفسير سورة الانفطار

مختارات من الشبكة

  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب