• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

التفسير الصحيح لآيات الحكم بغير ما أنزل الله

التفسير الصحيح لآيات الحكم بغير ما أنزل الله
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/12/2023 ميلادي - 5/6/1445 هجري

الزيارات: 15294

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التفسير الصحيح لآيات الحكم بغير ما أنزل الله

 

الحمد لله، الذي له ملك السماوات والأرض، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:

فإن بعض الشباب يخطئ في تفسير الآيات التي تتحدث عن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى؛ ولذلك أحببت أن أرشدهم إلى الفَهمِ الصحيح، والقول السديد لتفسير هذه الآيات الكريمات، وذلك من خلال أقوال علماء سلفنا الصالح رحمهم الله، فأقول وبالله سبحانه وتعالى التوفيق:

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ * وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 44 - 47].

 

أسباب نزول الآيات الكريمة:

روى أحمد عن عبدالله بن عباس قال: ((إن الله عز وجل أنزل: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] و"أولئك هم الظالمون" و"أولئك هم الفاسقون"، قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضَوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتله العزيزة من الذليلة، فَدِيَتُه خمسون وَسَقًا، وكل قتيل قتله الذليلة من العزيزة فَدِيَتُه مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فذلَّت الطائفتان كلتاهما لمقدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويومئذٍ لم يظهر ولم يوطئهما عليه وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلًا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟ إنا إنما أعطيناكم هذا ضيمًا منكم لنا، وفَرَقًا منكم، فأما إذ قدم محمد، فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضَوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ثم ذكرت العزيزة فقالت: والله ما محمدٌ بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ضيمًا منا وقهرًا لهم، فدُسُّوا إلى محمد مَن يخبر لكم رأيه؛ إن أعطاكم ما تريدون حكَّمتموه، وإن لم يُعْطِكم حذرتم، فلم تحكِّموه، فدسُّوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسًا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا؛ فأنزل الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا ﴾ [المائدة: 41]، إلى قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]، ثم قال: فيهما واللهِ نزلت، وإياهما عَنَى الله عز وجل))؛ [حديث إسناده حسن، مسند أحمد، ج: 1، ص: 246، السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 2552].

 

أخي طالب العلم الكريم:

إن الحكم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى يشمل جميع المسلمين المكلَّفين بأحكام الإسلام، ولا يختص بولاة الأمور فقط.

 

وقفة صادقة مع النفس:

هل المسلم العاق لوالديه، أو الذي يشرب الخمر، أو الذي يتعامل بالربا، أو يأكل أموال الأيتام ظلمًا، أو الذي يتجسس على الناس، أو يغتاب الآخرين - حَكَمَ بما أنزل الله تعالى في القرآن الكريم؟!

 

أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآيات:

(1) الإمام عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:

(1) روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، قال: "هي به كفر، وليس كفرًا بالله وملائكته وكتبه ورسله"؛ [إسناده صحيح، تفسير الطبري، ج: 10، ص: 355، حديث 12053].

 

(2) روى الحاكم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: "إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه - المقصود بهم الخوارج الذين خرجوا على عليِّ بن أبي طالب - إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] كفر دون كفر"؛ [إسناده صحيح، مستدرك الحاكم، ج: 2، ص: 342، السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، ص: 113].

 

(3) روى ابن أبي حاتم عن ابن طاوس عن أبيه قال: سُئل ابن عباس في قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] قال: هي كبيرة، قال ابن طاوس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله؛ [إسناده صحيح، تفسير ابن أبي حاتم، ج: 4، ص: 1143، حديث 6435].

 

(4) روى ابن جرير الطبري عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسق"؛ [إسناده حسن، تفسير الطبري، ج: 10، ص: 357، حديث 12063].

 

قال الألباني رحمه الله: "علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، لكنه جيد في الشواهد"؛ [السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، ص: 13].

 

(2) الإمام عطاء بن أبي رباح رحمه الله:

روى ابن جرير الطبري عن عطاء قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]، قال: "كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم"؛ [إسناده صحيح، تفسير الطبري، ج: 10، ص: 355، حديث 12047].

 

(3) الإمام عكرمة رحمه الله:

قال عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] معناه: "ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق"؛ [تفسير البغوي، ج: 3، ص: 61].

 

(4) الإمام طاوس بن كيسان رحمه الله:

روى ابن جرير الطبري عن طاوس: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] قال: "ليس بكفرٍ ينقل عن الملة"؛ [إسناده صحيح، تفسير الطبري، ج: 10، ص: 355، حديث 12052].

 

(5) الإمام أبو مجلز رحمه الله:

وهو لاحق بن حميد الشيباني السدوسي، تابعي ثقة:

روى ابن جرير الطبري عن عمران بن حدير قال: "أتى أبا مجلز ناسٌ من بني عمرو بن سدوس، فقالوا: يا أبا مجلز، أرأيت قول الله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، أحقٌّ هو؟ قال: نعم، قالوا: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، أحقٌّ هو؟ قال: نعم، قالوا: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]، أحقٌّ هو؟ قال: نعم، قال: فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون، فإن هم تركوا شيئًا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبًا، فقالوا: لا والله، ولكنك تفرَق (تخاف)، قال: أنتم أولى بهذا مني، لا أرى، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرجون، ولكنها أُنزِلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك، أو نحوًا من هذا"؛ [إسناده صحيح، تفسير الطبري، ج: 10، ص: 347، حديث 12025].

 

فائدة مهمة:

ناس من بني عمرو بن سدوس: هم نفر من الإباضية، وهي من جماعة الخوارج الحرورية (مكان في العراق)، هم أصحاب عبدالله بن إباض التيمي، وهم يقولون بمقالة سائر الخوارج في التحكيم، وفي تكفير علي رضي الله عنه إذ حكَّم الحكمين، وأن عليًّا لم يحكم بما أنزل الله، في أمر التحكيم؛ [هامش تفسير الطبري بتحقيق أحمد ومحمود شاكر، ج: 10، ص: 348].

 

(6) الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:

قال الشالنجي: سألت أحمد بن حنبل عن قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، فقلت له: ما هذا الكفر؟ قال: "كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يُختَلَف فيه؛ [مجموع فتاوى ابن تيمية، ج: 7، ص: 255].

 

(7) الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله:

قال بعد ذكر بعض أقوال السلف:

"وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفَّار أهل الكتاب؛ لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات فيهم نزلت، وهم الْمَعْنِيُّون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبرًا عنهم أولى.

 

فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصًّا؟

 

قيل: إن الله تعالى عمَّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم - على سبيل ما تركوه – كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال ابن عباس؛ لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه، نظير جحوده نبوة نبيِّه بعد علمه أنه نبي"؛ [تفسير الطبري، ج: 10، ص: 358].

 

(8) الإمام عبدالحق بن عطية الأندلسي رحمه الله:

قال عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]: "قالت جماعة عظيمة من أهل العلم: الآية متناولة كل من لم يحكم بما أنزل الله، ولكنه في أمراء هذه الأمة كفرُ معصيةٍ لا يُخرِجهم عن الإيمان"؛ [المحرر الوجيز لابن عطية، ج: 2، ص: 196].

 

(9) القاضي أبو السعود رحمه الله:

قال: "﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ كائنًا من كان دون المخاطبين خاصة (اليهود والنصارى)، فإنهم مندرجون فيه اندراجًا أوليًّا؛ أي من لم يحكم بذلك مستهينًا به، منكرًا، كما يقتضيه ما فعلوه من تحريف آيات الله تعالى اقتضاءً بيِّنًا، ﴿ فَأُولَئِكَ ﴾ إشارة إلى (من)، والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد فيما سبق باعتبار لفظها ﴿ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]؛ لاستهانتهم به؛ [تفسير أبي السعود، ج: 3، ص: 42].

 

(10) الإمام أبو بكر بن العربي رحمه الله:

قال: "قال طاوس وغيره: ليس بكفر ينقُل عن الملة، ولكنه كفر دون كفر.

 

وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يُوجِب الكفر، وإن حكم به هوًى ومعصيةً، فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين"؛ [أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي، ج: 2، ص: 625].

 

(11) أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله:

قال بعد ذكر أقوال السلف الصالح في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]: "وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا له، وهو يعلم أن الله أنزله، كما فعلت اليهود، فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلًا إلى الهوى من غير جحود، فهو ظالم وفاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أنه قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم به، فهو ظالم فاسق"؛ [زاد المسير لابن الجوزي، ج: 2، ص: 366].

 

(12) الإمام الفخر الرازي رحمه الله:

قال: "قال عكرمة: قوله ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أما من عرف بقلبه كونه حكمَ الله، وأقر بلسانه كونه حكم الله، إلا أنه أتى بما يضاده، فهو حاكم بما أنزل الله تعالى، ولكنه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح، والله أعلم"؛ [تفسير الرازي، ج: 6، ص: 68].

 

(13) الإمام أحمد بن تيمية رحمه الله:

قال عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]: "أي: هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله"؛ [مجموع فتاوى ابن تيمية، ج: 3، ص: 268].

 

وقال رحمه الله أيضًا: "وإذا كان من قول السلف: إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة؛ كما قال ابن عباس وأصحابُه في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، قالوا: كفروا كفرًا لا ينقل عن الملة، وقد اتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة"؛ [مجموع فتاوى ابن تيمية، ج: 7، ص: 312].

 

(14) الإمام عبدالله بن أحمد النسفي رحمه الله:

قال: "﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ مستهينًا به فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]"؛ [تفسير النسفي، ج: 1، ص: 285].

 

(15) الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله:

قال: "كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، بقيد الاستهانة به والجحود له، هو الذي ذهب إليه كثيرون، وهو المأثور عن عكرمة وابن عباس"؛ [محاسن التأويل للقاسمي، ج: 6، ص: 215].

 

(16) الإمام محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

قال عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]: "الخطاب للمسلمين كما هو ظاهر متبادر من سياق الآية، وعليه فالكفر إما كفر دون كفر، وإما أن يكون فعل ذلك مستحِلًّا له، أو قاصدًا به جَحْدَ أحكام الله وردها مع العلم بها، أما من حكم بغير حكم الله، وهو عالم أنه مرتكب ذنبًا فاعلٌ قبيحًا، وإنما حمله على ذلك الهوى، فهو من سائر عصاة المسلمين"؛ [تفسير أضواء البيان للشنقيطي، ج: 2، ص: 92].

 

(17) الإمام أحمد مصطفى المراغي رحمه الله من علماء الأزهر:

قال: "وخلاصة المعنى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [المائدة: 44] مستهينًا به، منكرًا له، كان كافرًا؛ لجحوده به، واستخفافه بأمره"؛ [تفسير المراغي، ج: 6، ص: 125].

 

(18) الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:

قال: إذا علمت أن الآيات الثلاث: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47] نزلت في اليهود وقولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم: (إن أعطاكم ما تريدون حكَّمتموه، وإن لم يُعْطِكم حذرتم فلم تحكِّموه)، وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات؛ فقال سبحانه: ﴿ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة: 41]، إذا عرَفتَ هذا، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكَّام المسلمين وقضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية، أقول: لا يجوز تكفيرهم بذلك، وإخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله، وإن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله، لا يجوز ذلك؛ لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى؛ ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله، بخلاف اليهود الكفار، فإنهم كانوا جاحدين له، كما يدل عليه قولهم المتقدم: (وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه)، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلًا.

 

وسرُّ هذا أن الكفر قسمان: اعتقادي وعملي؛ فالاعتقادي مقرُّه القلب، والعملي محله الجوارح، فمن كان عمله كفرًا لمخالفته للشرع، وكان مطابقًا لِما وقر في قلبه من الكفر به، فهو الكفر الاعتقادي، وهو الكفر الذي لا يغفره الله، ويخلد صاحبه في النار أبدًا، وأما إذا كان مخالفًا لِما وقر في قلبه، فهو مؤمن بحكم ربه، ولكنه يخالفه بعمله، فكفره كفر عملي فقط، وليس كفرًا اعتقاديًّا، فهو تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له، وعلى هذا النوع من الكفر تُحمَل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئًا من المعاصي من المسلمين، ولا بأس من ذكر بعضها:

(1) روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب، والنياحة على الميت))؛ [مسلم، حديث 67].

 

(2) روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الجدال في القرآن كفر))؛ [حديث صحيح، المستدرك للحاكم، ج: 2، ص: 243، صحيح الجامع الصغير للألباني، ج: 1، حديث 3106].

 

(3) روى مسلم عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر))؛ [مسلم، حديث 64].

 

(4) روى البزار عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كفر بالله تـبرؤ من نسب، وإن دقَّ))؛ [حديث حسن، صحيح الجامع الصغير للألباني، ج: 2، حديث 4485].

 

(5) روى البيهقي في شعب الإيمان، عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر))؛ [حديث حسن، صحيح الجامع الصغير للألباني، ج: 1، حديث 3014].

 

(6) روى الشيخان عن جرير بن عبدالله البجلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حَجَّةِ الوداع: ((استنصِتِ الناس، فقال: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض))؛ [البخاري حديث 121، مسلم حديث 65].

 

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها، فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي، فكفره كفر عملي؛ أي إنه يعمل عمل الكفار، إلا أن يستحلها، ولا يرى كونها معصية، فهو حينئذٍ كافر حلال الدم؛ لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضًا، والحكم بغير ما أنزل الله لا يخرج عن هذه القاعدة أبدًا، وقد جاء عن السلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: "كفر دون كفر"، صح ذلك عن ترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم، ولا بد من ذكر ما تيسَّر لي عنهم؛ لعل في ذلك إنارةً للسبيل أمام من ضلَّ اليوم في هذه المسألة الخطيرة، ونحا نحوَ الخوارج الذين يكفِّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يصلُّون ويصومون، ثم ذكر رحمه الله بعض أقوال أهل العلم.

 

وقال الألباني أيضًا: "وجملة القول أنَّ الآية نزلت في اليهود الجاحدين لِما أنزل الله، فمن شاركهم في الجحد، فهو كافر كفرًا اعتقاديًّا، ومن لم يشاركهم في الجحد، فكفره عملي؛ لأنه عمل عملهم، فهو بذلك مجرم آثِمٌ، ولكن لا يخرج بذلك عن الملة"؛ [السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، ص: 109 – 115].

 

روى أحمد عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47] قال: "هي في الكفار كلها"؛ [حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 4، ص: 286، السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، حديث 2704].

 

قال الألباني رحمه الله: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، والحديث دليل صريح في أن المقصود بهذه الآيات الثلاث الكفار من اليهود والنصارى، وأمثالهم الذين ينكرون الشريعة الإسلامية وأحكامها، ويلحق بهم كل من شاركهم في ذلك، ولو كان يتظاهر بالإسلام، حتى ولو أنكر حكمًا واحدًا منها، ولكن مما ينبغي التنبُّه له، أنه ليس كذلك من لا يحكم بشيء منها مع عدم إنكاره ذلك، فلا يجوز الحكم على مثله بالكفر وخروجه عن الملة؛ لأنه مؤمن، غاية ما في الأمر أن يكون كفره كفرًا عمليًّا، وهذه نقطة هامة في هذه المسألة يغفُل عنها كثير من الشباب المتحمس لتحكيم الإسلام؛ ولذلك فهم في كثير من الأحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام، فتقع فتن كثيرة، وسفك دماء بريئة لمجرد الحماس الذي لم تُعَدَّ له عدته، والواجب عندي تصفية الإسلام مما ليس منه كالعقائد الباطلة، والأحكام العاطلة، والآراء الكاسدة المخالفة للسنة، وتربية الجيل على هذا الإسلام المصفَّى"؛ [السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 6، ص: 458، 457].

 

(19) اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية:

س: من لم يحكم بما أنزل الله: هل هو مسلم أم كافر كفرًا أكبر، وتقبل منه أعماله؟

ج: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]، لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزًا، فهو كفر أكبر، وظلم أكبر، وفسق أكبر يُخرِج من الملة، أما إن فعل ذلك من أجل الرِّشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك، فإنه آثم، يعتبر كافرًا كفرًا أصغر، وظالمًا ظلمًا أصغر، وفاسقًا فسقًا أصغر لا يخرجه من الملة، كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة، وبالله التوفيق.

 

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

 

عضو، نائب رئيس اللجنة، رئيس اللجنة: عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبد الله بن باز؛ [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج: 1، ص: 780].

 

(20) الإمام محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله:

قال: "الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تجب طاعته في غير معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تجب محاربته من أجل ذلك، بل ولا تجوز إلا أن يصل إلى حد الكفر، فحينئذ تجب منابذته، وليس له طاعة على المسلمين.

 

والحكم بغير ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يصل إلى الكفر بشرطين:

الأول: أن يكون عالمًا بحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن كان جاهلًا به، لم يكفر بمخالفته.

 

الثاني: أن يكون الحامل له على الحكم بغير ما أنزل الله اعتقاد أنه حكم غير صالح للوقت، وأن غيره أصلح منه، وأنفع للعباد.

 

وبهذين الشرطين يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرًا مخرجًا عن الملة، أما إذا كان يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن الحكم به - أي بما أنزل الله - هو الواجب، وأنه أصلح للعباد، لكن خَالَفَهُ لهوًى في نفسه، أو إرادة ظلم المحكوم عليه، فهذا ليس بكافر، بل هو إما فاسق أو ظالم، وولايته باقية، وطاعته في غير معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واجبة، ولا تجوز محاربته أو إبعاده عن الحكم بالقوة، والخروج عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج عن الأئمة، إلا أن نرى كفرًا صريحًا عندنا فيه برهان من الله تعالى"؛ [فتاوى ابن عثيمين، ج: 3، ص: 15، 16].

 

ختامًا:

أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويجعله سبحانه في ميزان حسناتي يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام.

 

وآخر دعوانا أن الـحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التفسير الصحيح لقوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)

مختارات من الشبكة

  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • كتب علوم القرآن والتفسير (2) أصول التفسير(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نسخ التفسير القديمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة السادسة: تابع منهج الإمام الطبري في التفسير)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الرابعة: مكانة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الأولى: مفهوم التفسير والتأويل)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • التفسير والمفسرون: الجزء الأول من كتابي: تمهيد البداية في أصول التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أسرار الشهادتين في التفسير المأثور لحسين إسماعيل الجمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب