• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

بلاء حسن وإعداد للتمكين

بلاء حسن وإعداد للتمكين
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/1/2023 ميلادي - 15/6/1444 هجري

الزيارات: 3040

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بلاء حسن وإعداد للتمكين


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

 

تفسير سورة الأنفال (الحلقة الرابعة)

بلاء حسن وإعداد للتمكين:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ * إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنفال: 15 - 23].

 

كانت معركة بدر مفصلًا حاسمًا بين معسكرَينِ على أرض الجزيرة العربية، وقد ألِف قومها من قبل أمدًا بعيدًا سيادة القبيلة ووحدتها، وعزة القيادة وعُنْجُهِيَّتها، وعقيدة الثأر وشِرَّتها، والتناصر على الظلم وضلته، مفصلًا واضحًا ومؤثرًا اهتزت له العلاقات الإنسانية والدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية: بين معسكر المسلمين المتشبعين بما عرفوه حديثًا من عقيدة الإسلام وأخلاقه، وقيادة النبوة وحكمتها وحزمها، ونورانية النصر الإلهي وغبطته واستعلائه، فعادوا منها إلى مدينتهم بمشاعر الغلبة والظَّفَر والغنيمة، مشوبة بالحزن على فراق شهدائهم، والأسى لأراملهم وأيتامهم، والحسرة على ما أصاب بعض أقاربهم المشركين الذين قُتلوا على الكفر، وما يستتبع ذلك عادة في المجتمعات المتلاحمة ذات العصبية العرقية، من تبادل للرأي، أو استرجاع للأحداث، أو مناقشة للوقائع، أو تطلع إلى المستقبل، وما يلابسهم من مشاعر الرضا عن النفس أو الاعتزاز بالبطولات، أو الحسرة على فَقْدِ قريب أو حبيب، أو تساؤل فيما بينهم عما تفكر فيه قيادتهم للمستقبل، وما تخطط له فلول العدو المنهزم وشيعته.

 

ومعسكر المشركين وقد نالت منهم الهزيمة مَنالها، ففرَّ من لم يُقتلوا ولم يُؤسروا مذعورين، وكان أول من قدم مكة منهم الحيسمان الخزاعي[1]، فلما أخبرهم بمقتل كبار قريش وأشرافها، سخروا منه ولم يصدقوه، وكان أبلغ وصف لحالهم وموقفهم من الهزيمة ما رواه أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بقوله: ((كنت غلامًا للعباس بن عبدالمطلب، وكنت قد أسلمت، وأسلمت أم الفضل[2]، وأسلم العباس، وكان يكتم إسلامه مخافة قومه، وكان أبو لهب تخلف عن بدر، وبعث مكانه العاص بن هشام، وكان له عليه دَين، فقال له: اكفني من هذا الغزو، وأترك لك ما عليك، ففعل، فلما جاء الخبر، وكبت الله أبا لهب، وكنت رجلًا ضعيفًا أنحت هذه الأقداح في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس أنحت أقداحي في الحجرة، وعندي أم الفضل، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه، أراه قال: حتى جلس عند طُنب[3] الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري، فقال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث، فقال أبو لهب: هلمَّ إليَّ يا ابن أخي، فجاء أبو سفيان حتى جلس عنده، فجاء الناس فقاموا عليهما، فقال: يا ابن أخي، كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء، والله ما هو إلا أن لقيناهم، فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا، ويأسروننا كيف شاؤوا، وايم الله ما لُمْتُ الناس، قال: ولِمَ؟ فقال: رأيت رجالًا بيضًا على خيل بُلقٍ، لا والله ما تُليق[4] شيئًا، ولا يقوم لها شيء، قال: فرفعت طنب الحجرة، فقلت: تلك والله الملائكة، فرفع أبو لهب يده فلطم وجهي، وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض حتى نزل عليَّ، وقامت أم الفضل فاحتجزت[5]، وأخذتْ عمودًا من عُمُد الحجرة فضربته به، ففلقت في رأسه شجَّة منكرة، وقالت: أي عدو الله، استضعفته أنْ رأيت سيده غائبًا عنه، فقام ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى ضربه الله بالعدسة[6] فقتلته، فتركه ابناه يومين أو ثلاثة ما يدفنانه، حتى أنتن، فقال رجل من قريش لابنيه: ألا تستحييان أن أباكما قد أنتن في بيته؟ فقالا: إنا نخشى هذه القرحة، وكانت قريش تتقي العدسة كما تتقي الطاعون، فقال رجل: انطلقا فأنا معكما، قال: فوالله ما غسلاه إلا قذفًا بالماء من بعيد، ثم احتملوه، فقذفوه في أعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة)).

 

ولما عاد أبو سفيان يحمل بين جنبيه هزيمته وحقده وإحباطه، فوجد النساء يبكين القتلى، بادر بقوله لقريش: "يا معشر قريش لا تدعوا النساء يبكين على قتلاكم، فإن البكاء والدمعة إذا خرجت، أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمد، ويشمت بنا هو وأصحابه"، ثم أخذ يعد العدة لحروب أخرى عدوانية ينتقم فيها لهزيمته.

 

هذا الوضع في المعسكرين ما كان من الحكمة أن يُغفِله المسلمون، أو ينشغلوا عنه بقضاياهم الخاصة، أو أن يستهينوا بحنق عدو إِلْبِ حرب[7] هو أبو سفيان، وقبلية عصية أُهينت وانهزمت شر هزيمة، لذلك بادر الوحي الكريم إلى إخراجهم من غفوة النصر إلى وعي مخاطر الحاضر والمستقبل، وما هم فيه أمنيًّا وعسكريًّا، حالًا ومآلًا، وما يعده لهم عدوهم من تربص للدوائر بهم، والإعداد للزحف عليهم؛ فخاطبهم الله تعالى بقوله:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ [الأنفال: 15]، إشارة منه تعالى بفعل ﴿ لَقِيتُمُ ﴾، إلى الملاحم المرتقبة وما يعده المشركون لاستئصال المسلمين وتصفية أمرهم؛ لأن فعل: "لقِيَ" تدل لغة على توافي شيئين في مكان ما، أو على اعتراض أحدهما للآخر، فيُقال: لقي الرجل العدو إذا التقى به أو اعترض سبيله؛ كما في حديث البراء رضي الله عنه إذ قال له رجل: ((يا أبا عمارة، وليتم يوم حنين؟ قال: لا، والله ما ولى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ولى سرعان الناس، فلقيهم هوازن بالنبل))، والمعنى صريح في أن المسلمين قد يهاجمهم العدو في عقر دارهم، فيضطرون لاعتراضه ولقائه دفاعًا عن دينهم وحوزتهم، وأن عليهم الاستعداد والإعداد، وهو ما وقع بعد سنة واحدة فقط من معركة بدر، في السفح الجنوبي لجبل أُحُد قرب المدينة المنورة؛ إذ هاجمهم جيش قريش بقيادة أبي سفيان.

 

والخطاب في الآية الكريمة موجَّه إلى الذين آمنوا بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأنفال: 15]، وهم الذين سبقت الإشارة إليهم في الآية الرابعة من سورة الأنفال التي شهد لهم فيها بالإيمان الحق؛ بقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾ [الأنفال: 4]، وحرف النداء فيها "يا" مبني على السكون لا محل له من الإعراب، و"أيها" منادى مبني على الضم في محل نصب، مقرون بحرف الهاء للتنبيه، و"الذين" اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نعت أو بدل، والجملة الفعلية "آمنوا" من فعل وفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

 

﴿ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ [الأنفال: 15]، إذا واجهتم أو اعترضتم أو لاقيتم جيش الذين كفروا ﴿ زَحْفًا ﴾ من الفعل: "زَحَفَ، يَزْحَف، زحفًا"، بالفتح، ويدل على الاندفاع إلى الأمام، والدنو من الشيء ببطء أو بسرعة، ومنه يقال: "الزاحف" للسهم يتجه نحو الهدف، وللصبي: يزحف على مقعده أو على ركبتيه قبل أن يمشي، وللحيَّة تمشي على بطنها، وتزاحف القوم: اتجهوا لقتال بعضهم، وتزاحف الجيشان وأزحفا لبعضهما؛ أي تدانيا للقتال؛ قال الليث: "الزحف: الجماعة يمشون إلى عدوهم"، وفي ميدان المعركة يكون زحف الجيش نحو العدو أو عليه صفوفًا متراصة متتالية، أو خفية وتسللًا، فرادى وجماعات كما في الحروب التقليدية، أو فرقًا بأسلحة مختلفة جملة واحدة تحاصر العدو من البر والجو والبحر فيما سُمي حديثًا حرب الصاعقة، والآية الكريمة تصف لقاء العدو ﴿ زَحْفًا ﴾؛ أي حال كونكم زاحفين نحو عدوكم زحفًا، أو حال هجوم عدوكم عليكم وزحفه نحوكم زحفًا، أو حال كونكم وعدوكم متزاحفين نحو بعضكم للقتال، وهو ما وقع فعلًا عندما زحفت قريش على المسلمين مبادأة في غزوات بدر، وأحد، والخندق، وما سواها، فلم ينقطع زحفهم، ولم يتوقف عدوانهم إلا بالفتح الأعظم يوم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة غلَّابًا، واستأصل شأفة العدوان على المسلمين، في العشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة؛ مما جعل حروب المسلمين كلها في العهد النبوي دفاعية ومشروعة ومأذونًا فيها؛ بقوله تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 39، 40]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد))، وما صح عن أبي هريرة ورواه أحمد ومسلم: ((جاء رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطِهِ، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتِله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار))، ولم يلجأ المسلمون للحرب الهجومية أو ما سماه الفقهاء جهاد الطلب، إلا بعد أن استفحل عدوان مشركي قريش وحلفائهم، فاضطروا لاستئصال دائهم، ودخول مكة فاتحين، ثم خلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أسراهم من قريش وثقيف، فلم يسترقهم وميزهم عن الأنصار والمهاجرين؛ بقوله: ((المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض، والطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة)).


ولذلك عقَّب تعالى على حتمية لجوء المسلمين للحرب، وحثهم على الدفاع عن أنفسهم ودينهم وأرضهم، في كل زحف واجههم، أو شر هدَّد أمنهم ووجودهم، بأمر صارم حاسم، وحكم شرعي جازم تضمن تهديدًا بصيغة شرط وجوابه:

أما الأمر الصارم؛ فقوله تعالى: ﴿ فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ [الأنفال: 15]، وفعل "تولوهم"، من فعل "ولى" اللازم والمتعدي، اللازم معناه: أدبر أو عاد من حيث أتى أو رجع أو تراجع؛ كما في قوله تعالى عن موسى عليه السلام في هجرته إلى مدين: ﴿ ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]؛ أي رجع، وقوله عز وجل: ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [النجم: 29]؛ أي تراجع عن الإيمان إرادة مكاسب الدنيا، والمتعدي منه ينصب مفعولين، معناه: جعل شيئًا وليًّا لشيء أو مقابلًا له أو قائمًا عليه، وفي هذه الآية مفعوله الأول هو الضمير "هم"؛ أي المشركون من قريش، والمفعول الثاني هو "الأدبار"، والأدبار جمع دُبُر بضمتين، وهو مؤخر الشيء، يقابله القُبُل بضمتين كذلك، يُقال: دبر النهار أي آخره؛ وفي الصحيح: ((ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا))؛ أي: لا يُعرِض أحدكم عن أخيه، وتولية الأدبار في الحروب يكنى بها عن الانهزام من الصف والفرار من العدو؛ لأن المنهزم إذا فرَّ جعل دبره في وجه خصمه، ولا يخفى ما في الآية من التعريض بفعل يُستهجن من فاعله؛ أي لا تفروا من عدوكم، وتنقلبوا على أعقابكم منجفلين، ولا ترضوا أن يرى منكم العدو أدباركم هاربين، بدل أن يرى وجوهكم وسيوفكم زاحفين مهاجمين.

 

إلا أن التولي لا يكون عن صف الجهاد الحربي فقط، كما كان حال المخلفين عنه في قوله تعالى: ﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 81، 82]، وإنما يكون أيضًا عن مجالات الخير المختلفة، كالتي قد يُدعى لها المرء أو يساهم فيها، ثم يتراجع عنها بغير عذر شرعي، والذي يلزم نفسه خدمة الدين دعوة أو تعليمًا أو نصرة ثم يتولى وينتكس، والذي يرجع في صدقته أو هبته فيستردها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العائد في هبته، كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه))، وقوله: ((فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه)).

 

ثم أكد تعالى تحريم الانهزام والتولي؛ فقال: ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ﴾ [الأنفال: 16]؛ أي: كل من يفر من وجه العدو في الحرب، ﴿ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 16]، فقد تجلل بغضب الله، ﴿ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 16]، ومقره في الآخرة هو جهنم، حاله فيه أسوأ حال ومآله شر مآل، وبين الشرط في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ ﴾ [الأنفال: 16]، وجوابه في قوله عز وجل: ﴿ فَقَدْ بَاءَ ﴾ [الأنفال: 16]، استثنى سبحانه من لا ينالهم هذا المصير بقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ ﴾ [الأنفال: 16]، وبهذه الآية كان الانهزام في وجه العدو من الكبائر، إلا في حالتي التحرف للقتال، أو التحيز فيه لفئة من المجاهدين؛ خداعًا للعدو، أو تقوية لجناح من الجيش.

 

والمتحرف هو الذي يتعمد الانتقال أثناء المواجهة، أو إعدادًا لها من مكان إلى آخر، أو من فئة إلى فئة، لدواعٍ حربية، مناورة أو خداعًا للعدو، أو حماية لجهة ضعيفة أو منكشفة، أصل الكلمة من "الحرف"؛ وهو لغة معنيان: حد الشيء؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ﴾ [الحج: 11]؛ أي على وجه واحد هو السراء، فإن أصابته ضراء، كفر، والانحراف عن الشيء تجنبه والعدول عنه، وفي نفس معناه لفظ: ﴿ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ ﴾ [الأنفال: 16]؛ لأن المرء إذا انحاز أو تحيز إلى شيء فقد تحرف عن غيره، والآية الكريمة استثناء يُعفِي من الإثم المتحرف في القتال عن جهة أو جبهة إلى غيرهما، والمتحيز فيه من فئة من المحاربين إلى فئة أخرى؛ لضرورة حربية؛ كالانتقال من جبهة إلى جبهة أخرى بأمر القيادة أو بموافقتها، كما كان حال الرماة في غزوة أحد؛ إذ أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحيزوا في جانب من الجبل؛ ترقبًا لمكر المشركين، وتحسبًا لغدرهم، وانتظارًا لتوجيه القيادة، فكانت الهزيمة بمخالفتهم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، واستحقوا ما توعدهم الله به في هذه الآية، لولا أن عفا الله عنهم؛ بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 155].

 

لقد كانت معركة بدر دفاعية بامتياز، والله يعلم أن المسلمين في المدينة سوف يضطرون للدفاع عن أنفسهم في حروب أخرى متتالية؛ ولذلك جعل حكم التولي عن الدفاع والمدافعة صارمًا، وعقوبته جهنم وبئس المصير، وتوسع الفقهاء في شرح ذلك استفصالًا واستنباطًا للأحكام، واختلفوا في وجوب الدفاع عن النفس من الظلم مطلقًا، سواء كان صادرًا من كافر أو مسلم، رأى المالكية والحنابلة وجوب دفع الصائل مسلمًا كان أو كافرًا، مجنونًا أو عاقلًا، صغيرًا أو بالغًا، ورأى الشافعية وجوب دفع الصائل الكافر، أما الصائل المسلم، فلا يجوز الاستسلام لظلمه، وينبغي دفعه بغير قتال، ورأى الحنابلة وجوب دفع الصائل المسلم في غير وقت الفتنة.

 

وبعد علاج ظاهرة الانهزامية المحتملة في الصف الإسلامي بتغليظ عقوبة التولي عن الزحف، انتقل الوحي الكريم إلى ظاهرة أخرى أشد خطورة على الأمة، وعلى صفها الجهادي، ومجتمعها الإنساني ودينها في الدنيا والآخرة، هي حب النفس والافتخار بالأعمال، والتمدح الذي يمحق البركة، ويزرع في المجتمع بذور الشقاق والتحاسد والبغضاء، فقال تعالى سدًّا لذريعة تسلل ذلك إلى أخلاق المسلمين، وحماية لعلاقات العاملين إذا ما حققوا نصرًا أو مكرمة، وانطلقوا بعدها يتمدحون بها: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ﴾ [الأنفال: 17]، والخطاب في هذه الآية الكريمة موجه أولًا إلى المنتصرين في بدر، عتابًا على ما بدر من بعضهم فيما رواه مجاهد من أنهم لما انصرفوا عن القتال في بدر، كان الرجل يقول: أنا قتلت فلانًا، ويقول الآخر: أنا قتلت فلانًا، وموجه ثانيًا إلى عامة المسلمين في كل عصر؛ تربية لهم وتهذيبًا لأخلاقهم؛ قال الزمخشري: "الفاء في قوله: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ﴾ [الأنفال: 17] جواب شرط محذوف تقديره: وإن افتخرتم بقتلهم، فلم تقتلوهم أنتم، ولكن الله قتلهم؛ وذلك لأنهم لم ينتصروا في معركة بدر بتدبيرهم وقوتهم، وإنما الله تعالى هو الذي نصرهم فألقى الرعب في قلوب المشركين، وأعان المجاهدين عليهم بالملائكة والتثبيت، وقتلهم إذ أوفاهم آجالهم، في إشارة واضحة إلى وجوب إنكار المؤمن لنفسه وحمايتها من مزالق الأنانية وحب الذات المفضي إلى الشرك، وواجب نسبة كل فضل ناله المرء إلى صاحب الفضل سبحانه، وهي المعاني الرفيعة العاصمة من الشرك الخفي والظاهر، المتناثرة في كثير من آيات القرآن الكريم؛ مثل قوله عز وجل: ﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الزمر: 49، 50]، وقوله عن صاحب الجنة الذي نسب الفضل في اكتسابها لنفسه: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدً ﴾ [الكهف: 39]، وكان صلى الله عليه وسلم قدوة عملية حية في ذلك؛ لِما ثبت في الصحيحين من قوله عن نفسه: ((إنما أنا قاسم وخازن، والله يعطي))، واتضح نفس المعنى إذ رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين بحفنة تراب عند بداية المعركة، فأعشت أعينهم وشغلتهم بها؛ وقال تعالى بعدها: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]، والآية قرأها ابن عامر وحمزة والكسائي: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]، بكسر النون مخففة ورفع اسم الجلالة؛ أي ما رميت التراب في أعين المشركين بحولك وقوتك، ولكن الله هو الذي رماهم بالتراب؛ إذ أبلغه إلى أعينهم فأعشاهم به، مع العلم بأن هذه الحادثة وقعت مرتين؛ في أُحُدٍ وفي يوم حنين، كما رُوي ذلك عن عروة بن الزبير ومجاهد وعكرمة وقتادة وغير واحد من غيرهم؛ قال أهل التفسير والمغازى: لما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، انطلقوا حتى نزلوا بدرًا ووردت عليهم روايا[8] قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، وغلام لبني العاص بن سعد، فأخذوهما وأتوا بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين قريش؟ قالا: هم وراء الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى والكثيب العَقَنْقَل[9]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم القوم؟ قالا: كثير، قال: ما عددهم؟ قالا: لا ندري، قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يومًا عشرة، ويومًا تسعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين التسعمائة إلى ألف، ثم قال لهما: من فيهم من أشراف قريش؟ قالا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، والحارث بن عامر، وطعمة بن عدي، والنضر بن الحارث، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها، فلما أقبلت قريش ورآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل، وهو الكثيب الرمل، جاء إلى الوادي، فقال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادُّك وتكذِّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، فأتاه جبريل عليه السلام وقال له: خُذْ قبضة من تراب فارْمِهم بها، فلما التقى الجمعان، تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم كفًّا من الحصباء عليه تراب، فرمى به وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه؛ يعني: قبحت الوجوه، فلم يبقَ مشرك إلا ودخل في عينه وفمه ومنخريه من ذلك التراب شيء))، فانهزموا وتبعهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، قال السدي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، يوم بدر: ((أعطني حصبًا من الأرض، فناوله حصبًا عليه تراب، فرمى به في وجوه القوم، فلم يبقَ مشرك إلا دخل في عينيه من ذلك التراب شيء، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم؛ وأنزل الله: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]؛ أي لم تقتلوهم بقوتكم، ولكن الله قتلهم على أيديكم بتسليطه لكم على مقاتلهم، وتوفيقه إياكم ونصره لكم، وما رميك يا محمد حفنة واحدة من التراب والحصى على عيون المشركين بكافٍ لملء أعين جيش تعداده ألف رجل، ولكن الله هو الذي كثره ونماه ورماه في عيونهم جميعًا.

 

ثم بيَّن الحق تعالى حكمته وفضله على المؤمنين في تصريفه أحداث معركة بدر؛ فقال أولًا: ﴿ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ﴾ [الأنفال: 17]، والبلاء لغة الاختبار والامتحان، يكون بالنعم فيشكرها المرء أو يكفرها، ويكون بالشدة فيصبر لها أو يضيق بها، وقد كان نصر الله في بدر للمسلمين وما غنموه فيها اختبارًا حسنًا يشكرونه أو يكفرونه، ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 17]، لا يغيب عن سمعه وعلمه سبحانه وتعالى شكرهم النعم إن شكروها، ولا كفرهم إن كفروها، كما كان حال سليمان عليه السلام إذ ابتُليَ بلاء حسنًا ففهم وشكر: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40].

 

وقال ثانيًا: ﴿ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴾ [الأنفال: 18]؛ أي ذلك النصر بغنائمه عزَّزه تعالى ببلاء حسن آخر ينبغي أن يُشكَر؛ هو إفشال مكر أعدائكم، وإضعافهم عن النيل منكم، وإبطال محاولاتهم القضاء عليكم، ولفظ "مُوهِن" من "وهن الشيء" إذا ضعُف، وأوهنه إذا أضعفه؛ ومنه قول زكريا عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4]، قرأها ابن كثير وأبو بكر بتشديد الهاء وكسرها: ﴿ مُوهِنُ كَيْدِ ﴾ اسم فاعل للمبالغة في التوهين، ونصب (كيد) مفعولًا به لاسم الفاعل "موهن"، وقرأ حفص عن عاصم بالتخفيف والإضافة ﴿ مُوهِنُ كَيْدِ ﴾، وقرأ الباقون بالتخفيف والنصب ﴿ مُوهِنُ كيدَ ﴾.

 

وكما هو الأسلوب القرآني في التربية والإرشاد والإعداد بعرض الخير والشر للنظر والتفكر، وإيقاظ الغافلين، اتجه الوحي لمخاطبة المنهزمين من كفار قريش، ينبههم إلى ما آل إليه أمرهم من الانكسار والهزيمة، وما كانوا عليه قبل الهزيمة من استكبار وعُنْجُهِيَّة، وثقة عمياء بمعتقداتهم الوثنية التي غررت بهم، فاستفتحوا بالكعبة عند خروجهم لبدرٍ وتعلقوا بأستارها، وطلبوا الفتح والنصر على المسلمين، وقال أبو جهل مستفتحًا عند التقاء المعسكرين: "اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يُعرَف، فأحْنِه الغداة"، فنزل بعد هزيمتهم تعقيبًا على استفتاحهم قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ﴾ [الأنفال: 19]؛ ولذلك قال الحسن، ومجاهد، والسدي: "إن الآية خطاب للكافرين"، ولفظ: "الاستفتاح" على صيغة الاستفعال الدالة على الطلب؛ أي طلب الفتح، من فعل: فتح يفتح، وهو في الصلاة دعاء رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة صيغ يدعو به المصلي بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة، ولا تبطل الصلاة بتركه سهوًا أو عمدًا[10]، وفي الحرب يعني الاستنصار، وطلب النصر؛ أي: إن تطلبوا الفتح من الأوثان فقد جاءكم الفتح ولكنه أتى عليكم لا لكم، بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه، وعبر عن مجيء الفتح بالفعل الماضي الذي يفيد الاستمرار والدوام، كما وقع فعلًا، ابتداء ببدر وانتهاء بالفتح الأعظم؛ فتح مكة المكرمة في العشرين من رمضان، في السنة الثامنة للهجرة بالتقويم القمري[11]، والآية بذلك توبيخ وتقريع للمشركين لجراءتهم على الاستنصار على الحق وهم على الباطل؛ أردفه تعالى إفساحًا لباب التوبة في وجوههم بقوله: ﴿ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 19]؛ أي: وإن تنتهوا عن العدوان على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكفوا عن قتاله، فذلكم خير لكم، وأضمن لأمنكم وسلامتكم، وأدنى أن تؤمنوا؛ ﴿ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ﴾ [الأنفال: 19]، وإن تعودوا للاستفتاح بالأوثان والعدوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعد لنصره عليكم، وتسليطه على رقابكم، ﴿ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ ﴾ [الأنفال: 19]؛ أي ولن تدفع عنكم جموعكم الهزيمة ولو كثر عددها، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 19]؛ لأن الله مع المؤمنين بالتوفيق والنصر والتمكين؛ لصدق ولائهم له تعالى، وصدق ثباتهم للجهاد في سبيله، وأنتم الكفار ولاؤكم للأوثان، والآية قرأها نافع وابن عامر وحفص عن عاصم بفتح همزة "أَنَّ" بتقدير لام تعليل معها؛ أي: "ولأن الله مع المؤمنين"، وقرأ الباقون بكسر "إن".

 

إلا أن لهذه الآية الكريمة تفسيرًا آخر يجعلها خطابًا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأكيدًا لانتصاره المستدام على الشرك والمشركين؛ لِما رُوي عن أبي بن كعب إذ قال: هذا خطاب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله للمسلمين: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا ﴾ [الأنفال: 19]؛ أي: إن تستنصروا الله فقد جاءكم الفتح والنصر؛ قال أبو بكر الباقلاني: وهذا القول أولى؛ لأن قوله تعالى: ﴿ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ﴾ [الأنفال: 19]، لا يليق إلا بالمؤمنين، اللهم إلا أن يُحمل الفتح على الحكم والقضاء، فيمكن أن يُراد به الكفار؛ أي أن يكون الاستفتاح معناه القضاء؛ فيكون قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ﴾ [الأنفال: 19]؛ معناه: إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء.

 

ونظرًا لخطورة المرحلة التي اقتحمها المسلمون بانتصارهم في بدر، واستفزازهم مشركي الجزيرة العربية جميعًا، وما تقتضيه من حذر واستعداد، وإعداد وضبط محكم للصف، أعاد الوحي الكريم التذكير بواجب الانضباط العسكري اللازم لهذه المرحلة، وأول أركانه طاعة الله تعالى فيما شرع وقدَّر، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما نهى عنه، وأمر به؛ فقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأنفال: 20]، وطاعة الله التي هي أم الطاعات، مصدرها معرفته ومحبته، والرهبة منه، والخوف منه، وانتظار يوم الدين للحساب والجزاء، منبتُها القلب والعقل وتفعيلها بالجوارح، فتكون الطاعة بذلك استسلامًا واعيًا لأوامره ونواهيه، وتوقيرًا راسخًا لحدوده وحرماته، ولا يتأتى ذلك إلا بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه من كليات الأحكام الشرعية وجزئياتها، وفضائل الأعمال وقرباتها؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 31، 32]، وقال عز وجل: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]، وما دام أمر المرء كله لله، فإن من لوازم الطاعة إخراج النفس عن هواها، والتفويض لله في سرها ونجواها، فإن تحققت هذه الطاعة بصفاتها القلبية والعقلية والعملية، كان الثبات على الحق في مواطن الزلل، والصبر على البلاء في مواطن الشدة، والصمود في وجه الباطل عند استشرائه واستئساده؛ ولذلك ورد الأمر بالطاعة مقرونةً بالتقوى وإصلاح ذات البين، ومتوجةً بصفاء الإيمان وسلامته، وصفات المؤمنين، في الآية الأولى من سورة الأنفال الفاصلة بين مرحلة الاستضعاف، ومرحلة القوة والنصر؛ بقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1]، ثم أُعيد التأكيد على التزامها في هذه الآية العشرين من نفس السورة، ليعطف عليها التحذير من أخطر أوجه عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم بالتولي عن الزحف عند الملحمة، ومدافعة العدو، ورد كيده؛ بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ ﴾ [الأنفال: 20]؛ أي لا تفروا عنه، أو تعرضوا عن الاستجابة لدعوته، أو تتخلفوا عن الجهاد معه، ﴿ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 20]، وأنتم تسمعون الدعوة إلى الجهاد، والتحذير من التولي عنه، أو الفرار منه، أو الانهزام فيه وتولية الأدبار في معاركه.

 

وقد بيَّن الوحي الكريم في مواطن أخرى من القرآن الكريم ما يركس النفوس في التخلي عن الصف، والفرار من الزحف، والتولي عن نصرة الدين، وأجمله في حب الدنيا والركون إلى مكاسبها؛ كما في قوله تعالى عن الذين تولوا يوم أحد: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 155]، وجعل التولي عن الزحف في حال سماع دعوته من أعظم الذنوب؛ بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري عن أبي هريرة: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)).

 

ثم أكَّد الحق تعالى تحريم موبقة التولي بما ينفر منها العقول السوية، والقلوب الأبية؛ فقال عز وجل: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا ﴾ [الأنفال: 21]؛ أي سمعنا بآذاننا نداء الجهاد والزحف على العدو، ﴿ وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 21]، لا يسمعون سماع استيعاب وطاعة وتنفيذ، كبعض مشركي قريش، الذين ذكرهم ابن عباس بقوله: "هم نفر من بني عبدالدار بن قصي، كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، فقُتلوا جميعًا بأحد، وكانوا أصحاب اللواء لم يسلم منهم إلا رجلان؛ مصعب بن عمير، وسويط بن حرملة"، وكالمنافقين الذين قال فيهم عز وجل: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 16]، واليهود الذين قال فيهم الحق تعالى: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾ [النساء: 46].

 

ثم علل الحق سبحانه نهيه عن التصامم عن سماع الحق، فشبَّه من يرتكبون ذلك ازدراء لهم، وزراية بهم، وتحقيرًا لشأنهم بشرِّ البهائم العجماء الصماء التي لا تسمع حقًّا ولا تُصغي إليه، والبكماء التي لا تقول حقًّا، ولا تأمر به أو تدعو له، والجاهلة التي لا تميز ما ينفعها مما يضرها؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الأنفال: 22]، وبيَّن الحكمة في حرمانهم هذه الفضائل؛ فقال عز وجل: ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ ﴾ [الأنفال: 23]؛ أي إنه تعالى علِم أنهم مصرون على الكفر والعدوان، معتزون بما يرونه وما يعملونه، فوكلهم إلى أنفسهم، فلم يسمعوا كلام الله سماع فهم واستيعاب وتسليم، ﴿ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنفال: 23]، بل حتى لو أعانهم الله على السماع والاستيعاب للجَّتْ بهم أهواؤهم في مزيد من الكفر والفساد والتمرد، وأعرضوا عن الحق وأهله، وكفروا بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لذلك على الداعية إلى الحق ألَّا يغضب من المُصرِّين على الباطل، إن يئس من خيرهم أعرض عنهم؛ لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، والإلحاح عليهم يزيدهم عتوًّا وكفرانًا؛ قال تعالى: ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 68].



[1] الحَيْسُمان بن إياس بن عبدالله بن إياس بن ضبيعة بن عمرو بن مازن بن عدي بن عمرو بن ربيعة الخزاعي، كان شريفًا في قومه، وهو الذي جاء بقتل أهل بدر إلى مكة، وكان شهد بدرًا مع المشركين، ثم أسلم وحسن إسلامه.
[2] أم الفضل لُبَابَة الكُبْرى الهلالية زوجة العباس بن عبدالمطلب، ووالدة ابن عباس والفضل بن العباس،تسمى الكبرى تمييزًا لها من أخت لها لأبيها التي تعرف بالصغرى.
[3] الطُّنْبُ: حَبلُ الخِباء وطرفه، ج أطناب، وأطناب الشَّجر عروقها، وأطنابُ الجَسَدِ: أعصَابٌ تصل المفاصل والعِظامَ وتشُدُّها.
[4] ما تُليق أي: ما تُبقي.
[5] احتجزت: شدت حولها إزارها.
[6] بثرة تخرج في البدن كالطاعون، وقلما يسلم صاحبها.
[7]رجل إِلْبُ حَرْبٍ: إِذَا كَانَ يُؤَلِّبُ فِيهَا وَيُجَمِّع.
[8] الروايا: الإبل التي تحمل الماء.
[9] العقنقل: الكثيبُ العظيم المتداخل الرَّمْلِ، والوادي العظيم المتَّسع.
[10] انظر كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لناصر الدين الألباني.
[11] 10/ 01/ 630 بالتقويم الشمسي.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من الغثائية إلى التمكين
  • معوقات التمكين
  • نحو القيادة والتمكين

مختارات من الشبكة

  • البلاء والوباء من قضاء الله وقدره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشيخ سعد بن محمد الفياض في محاضرة: البلاء وحسن العمل(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • خطبة المسجد النبوي 4/7/1433 هـ - الصبر على البلاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن البلاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقيقة الحياة الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيها المحزون(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • البلاء وما للإنسان فيه من منظور إسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • (البلاء موكل بالمنطق) بين الأدلة والواقع (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • السلوان للصبر الجميل عند البلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذنوب سبب كل بلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب