• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

من جمال التعبير القرآني: الحياة الدنيا كما يصورها القرآن الكريم

من جمال التعبير القرآني: الحياة الدنيا كما يصورها القرآن الكريم
د. أحمد سيد محمد عمار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2022 ميلادي - 8/9/1443 هجري

الزيارات: 14751

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من جمال التعبير القرآني

الحياة الدنيا كما يصورها القرآن الكريم


دعا القرآن الكريم إلى توحيد الله، والإيمان بالبعث واليقين بالآخرة، ولكن المشركين أصموا آذانهم عن هذه الدعوة، وصدوا عنها صدودًا شديدًا؛ بسبب انهماكهم في الإقبال على الحياة الزائلة ونعيمها، وبسبب الغرور الذي غر طغاة أهل الشرك، وصرفهم عن إعمال عقولهم في فهم أدلة التوحيد والبعث؛ فقالوا ما حكاه القرآن عنهم: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24]، فكان من المناسب أن يتضمن القرآن من أساليب البيان ما يزهدهم في الدنيا، ويرغبهم في الآخرة، ومن بدائع التشبيه والتمثيل ما يصور لهم قِصَرَ الحياة التي عظموها، ويجسم فناء هذا العالم العامر بالجمال والآمال.

 

ويمكن إجمال صورة الحياة الدنيا كما وردت في القرآن الكريم في صورتين؛ هما:

الأولى: صورة الزرع يرتوي من الماء، ولكنه لا يلبث أن يذبل ويصفر، ويصبح حطامًا تذروه الرياح.

 

الثانية: صورة المتاع الزائل، والأعمال الضائعة، التي سرعان ما تضمحل وتبطل من غير ثمرة.

 

والآن نقف بك أيها القارئ الكريم وقفة تأمل مع الآيات التي تصور لنا الحياة الدنيا في أنصع بيان، وأبلغ تعبير؛ لندرك معًا بعضًا من جمال التعبير القرآني، وشيئًا من أسرار إعجازه البياني.

 

جاءت الصورة الأولى للحياة الدنيا في ثلاث آيات من القرآن الكريم؛ هي قوله تعالى:

1- ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].


2- ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45].


3- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

 

والمشبه في الآيات السابقة هو: حال الدنيا في إقبالها، ونضرتها، وغرور الإنسان بها، وإسراع الزوال إليها، والمشبه به: حال النبات، وقد اختلط به الماء فنما وازدهر، وزين الأرض حتى تعلق به أصحابه، وظنوا أنه أصبح بمأمن من الآفات، وبمنجا من المهلكات، إذا هو ييبس ويزول، ويصبح كأن لم يكن، ووجه الشبه: الهيئة الحاصلة من أن كلًّا منهما ينمو ويزهو حتى يكون في حالة تسر وتغر، ثم لا يلبث أن يزول[1].

 

وإذا وقفنا عند الآيات الكريمة بشيء من التفصيل، نجد أن المولى عز وجل شبه في الآية الأولى حالة الحياة في سرعة انقضائها، وزوال نعيمها بعد البهجة والسرور به، وتزايد نضارتها، بحال نبات الأرض في ذهابه حطامًا، وزواله حصيدًا، وهو تشبيه مركب.

 

ومن بديع هذا التشبيه أنه تضمن تشبيهات منتزعة من الحالين المتشابهين: (حال الدنيا، وحال النبات)؛ بحيث يصلح كل منها أن يكون تشبيهًا لجزء من الحالين المتشابهين؛ فقوله تعالى: ﴿ كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [يونس: 24]، شبَّه به ابتداء طور الحياة من وقت الصبا؛ إذ في هذه المرحلة يكون الأمل في نعيم العيش ونضارته، فذلك الأمل يشبه حال نزول المطر من السماء في كونه سببَ ما يؤمل منه من زخرف الحياة ونضارتها[2].

 

وقوله: ﴿ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ﴾ [يونس: 24]؛ أي: اشتبك بسببه، حتى خالط بعضه بعضًا[3]، شبه به مرحلة ابتداء نضارة العيش، وإقبال زهرة الحياة، فذلك يشبه خروج الزرع عقب المطر فيما يشاهد من بوادر المأمول، ولذلك عطف بفاء التعقيب للإيحاء بسرعة ظهور النبات عقب المطر، مما يوحي بسرعة نماء الحياة في أول أطوارها[4].

 

وقوله: ﴿ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ﴾ [يونس: 24]: وصف لنبات الأرض الذي منه أصناف يأكل منها الناس، وأصناف تأكلها الأنعام، وذلك يشبه به رغبات الناس في تناول لذائذ الحياة على حسب اختلاف مراتب الهمم، وذلك يتضمن تشبيه معالي الأمور من نِعَمِ الدنيا التي تسمو إليها الهمم العالية بالنبات الذي يقتاته الناس، وتشبيه سفاسف الأمور بالنبات الذي يأكله الأنعام، ويتضمن تشبيه الذين يتعلقون بتلك السفاسف بالأنعام[5].

 

وقوله: ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ ﴾ [يونس: 24]، جعلت الأرض آخذة زخرفها على التمثيل بالعروس، أخذت الثياب الفاخرة من كل لون، فاكتستها، وتزينت بغيرها من ألوان الزينة[6]، وهو غاية شبه بها بلوغ الانتفاع بخيرات الدنيا إلى أقصاه، ونضوجه وتمامه، وتكاثر أصنافه، وانهماك الناس في تناولها، ونسيانهم المصير إلى الفناء[7]، ومعنى: ﴿ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾ [يونس: 24]: متمكنون من منفعتها، محصلون لثمراتها، فأطلق على التمكن من الانتفاع ودوامه لفظ القدرة على وجه الاستعارة[8]، وقد يكون التعبير على الحقيقة، بمعنى أنهم قد ظنوا بما وصلوا إليه من تقدم تقني وعلمي، أنهم ملكوا ناصية الكون، واعتقدوا أنهم قادرون على السيطرة عليه، وتصريفه حسب أهوائهم وإرادتهم، وهذا يؤيده ما نراه اليوم بأعيننا، ونلمسه في واقعنا، وقوله: ﴿ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ﴾ [يونس: 24]، ترديد في الوقت؛ لإفادة توقع زوال نضارة الحياة في جميع الأزمنة؛ لأن الشيء المحدد التوقيت يكون الناس في أمنٍ مِن حلوله في غير ذلك الوقت[9].

 

ومعنى: ﴿ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾ [يونس: 24]: لم تعمر، والباء في ﴿ بِالْأَمْسِ ﴾ للظرفية، والأمس يُراد به في الآية مطلق الزمن الذي مضى؛ لأن (أمس) يُستعمل بمعنى ما مضى من الزمان، كما يستعمل الغد في معنى المستقبل، واليوم في معنى الحال؛ وقد جمعها قول زهير بن أبي سُلمى:

ولكنني عن علم ما في غدٍ عمِ[10]
وأعلم علم اليوم والأمس قبله

واستخدام ﴿ لَمْ تَغْنَ ﴾ بدل (لم تعمر) فيه إيحاء ببلوغ الحياة في الأرض غاية التقدم والتحضر والرقي، فتكون حياة الناس فيها الرخاء والرفاه، والثروة، حتى يأخذهم الغرور، فيعتقدوا أن بقاءهم فيها دائم وخالد.

 

وفي الآية الثانية شبهت حالة هذا العالم بما فيه، بحالة الروضة تبقى زمانًا بهجة خضرة، ثم يصير نبتها بعد حين إلى اضمحلال، ووجه الشبه: المصير من حال حسن إلى حال سيئ، وأيضًا شبهت هيئة إقبال نعيم الدنيا في الحياة مع الشباب، والجِدَةِ، وزخرف العيش لأهله، ثم تقلُّص ذلك، وزوال نفعه، ثم انقراضه أشتاتًا، بهيئة إقبال الغيث منبت الزرع ونشأته عنه ونضارته ووفرته، ثم أخْذه في الانتقاص، وانعدام التمتع به، ثم تطايره أشتاتًا في الهواء[11].

 

أما الآية الثالثة، فتشبه لنا هيئة أهل الدنيا في أحوالهم الغالبة عليهم، والمشار إلى تنويعها بقوله تعالى: ﴿ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [الحديد: 20] إلى ﴿ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]، بهيئة غيث أنبت زرعًا، فأينع، ثم اصفرَّ، ثم اضمحل، وتحطم، فضرب مثل الحياة الدنيا لأطوار ما فيها من شباب، وكهولة، وهرم، وفناء، ومن جِدة وتبذل، وبِلًى، ومن إقبال الأمور في زمن إقبالها، ثم إدبارها بعد ذلك، بأطوار الزرع، وكلها أعراض زائلة، وآخرها فناء، وتندرج فيها أطوار المرء في الحياة المذكورة في قوله تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]، وهذا التمثيل مع كونه تشبيهَ هيئةِ مركبة بهيئة مثلها، فقد اشتمل على تشبيهات عدة منتزعة من هذا التشبيه المركب، بحيث يقابل كل جزء في المشبه (حال الدنيا) جزءًا في المشبه به (حال النبات)، فقد شبه أول أطوار الحياة وإقبالها بالنبات عقب المطر، وشبَّه الناس المنتفعين بإقبال الدنيا بالزراع، وشبه اكتمال أحوال الحياة وقوة الكهولة بهياج الزرع، وشبه ابتداء الشيخوخة ثم الهرم، وابتداء ضعف عطاء الإنسان باصفرار الزرع وتهيئه للفناء، وشبه زوال ما كان للمرء من قوة ومال بتحطم الزرع[12].

 

ويُفهم من هذا أن ما كان من أحوال الحياة مقصودًا لوجه الله، فإنه من شؤون الآخرة، فلا يدخل تحت هذا التمثيل إلا ظاهرًا، فأعمال البر ودراسة العلم، ونحو ذلك، لا يعتريها نقص ما دام صاحبها مقبلًا عليها، وبعضها يزداد نماء بطول المدة[13].

 

والمراد بـ(الكفار) في الآية:

إما الزراع، جمع كافر، وهو الزارع، من كَفَرَ الحبَّ؛ أي: ستره في الأرض، وغطاه بالتربة، وخُصُّوا بالذكر؛ لأنهم أهل الخبرة بالنبات والفلاحة، فلا يعجبهم إلا المعجب حقيقة، وقيل: للتورية من الكفر بالله، لأنهم من أشد الناس تعظيمًا للدنيا، وإعجابًا بمحاسنها[14].

 

أما الصورة الثانية للحياة الدنيا، فقد وردت في ست آيات؛ هي قوله تعالى:

1- ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

2- ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32].

 

3- ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

 

4- ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39].

 

5- ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴾ [محمد: 36].

 

6- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

 

ووصف الحياة الدنيا بأنها "متاع الغرور"، يقصد به لذاتها وشهواتها وزينتها، فالكلام على تقدير مضاف؛ أي: وما أحوال الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وقد شُبِّهت الحياة الدنيا بذلك المتاع الذي يدلس ويغرر به على المشتري، حتى يشتريه، إشارة إلى رداءتها عند من أمعن النظر فيها، وهذا التشبيه لمن آثرها على الآخرة، وأما من طلب بها الآخرة، فهي له متاع بلاغ[15]، وإضافة "متاع" إلى "الغرور"، على معنى لام العاقبة؛ أي: متاع صائر لأجل الغرور به، يغر الناظرين إليه، فيسرعون إلى التعلق به[16].

 

أما وصف الحياة الدنيا بأنها "لعب ولهو"، فيراد به أنها أعمال ضائعة، سافلة، سرعان ما يسرع إليها الاضمحلال، فتبطل من غير ثمرة[17]، وتعطينا آية سورة الحديد صورة متكاملة لهذا المضمون، فقد صورت لنا أحوال المجتمع في الحياة، كما صورت لنا أطوار آحاد الناس في تطور حياة كل واحد منهم، (فاللعب): طور سن الطفولة والصِّبا، فهو الغالب على أعمال الأطفال والصبيان، و(اللهو): طور الشباب، وهو يغلب على أحوال الشباب، و(الزينة): طور الفتوة، ويكثر التزين في طور الفتوة؛ لأن الرجل يشعر بابتداء زوال محاسن شبابه، والمرأة التي كانت غانية، تحب أن تكون حالية، و(التفاخر): طور الكهولة، وأغلب التفاخر في هذا الطور؛ لأنه زمن الإقبال على الأفعال التي يقصد منها الفخر، (والتكاثر): طور الشيخوخة، والتكاثر: تَفَاعُل من الكثرة، وصيغة التفاعل هنا للمبالغة في الفعل؛ بحيث ينزل منزلة من يغالب غيره في كثرة شيء، فإنه يكون أحرص على أن يكون الأكثر منه عنده، فكان المرء ينظر في الكثرة من الأمر المحبوب إلى امرئٍ آخر له الكثرة منه، ثم شاع إطلاق صيغة التكاثر؛ فصارت تستعمل في الحرص على تحصيل الكثير من غير مراعاة مغالبة الغير ممن حصل عليه[18].

 

وأسلوب القصر - المستفاد من استخدام (ما وإلا) و (إنما) في الآيات الكريمات - هو قصر موصوف على صفة؛ أي: لا صفة للدنيا إلا أنها نفع مؤقت، كما أن حصر الدنيا في هذه الأمور التي أشارت إليها الآيات، هو قَصْرُ أحوال الناس في الحياة على هذه الأمور، باعتبار غالب الناس، فهو قصر ادعائي بالنظر إلى ما تنصرف إليه همم غالب الناس من شؤون الحياة الدنيا، التي إن سلم بعضهم من بعضها لا يخلو من ملابسة بعض آخر، إلا الذين عصمهم الله تعالى، فجعل أعمالهم في الحياة كلها لوجه الله، وإلا فإن الحياة قد يكون فيها أعمال التقى والمنافع والإحسان، والتأييد للحق، وتعليم الفضائل، وتشريع القوانين، وهذا القصر الادعائي يقصد به المبالغة؛ لأن الأعمال الحاصلة في الحياة كثيرة؛ منها: اللهو واللعب، ومنها غيرهما، فالحياة تشتمل على أحوال كثيرة، منها الملائم؛ كالأكل واللذات، ومنها المؤلم؛ كالأمراض والأحزان[19].

 

وبعد؛ فهذا تقييم عام مطلق، ينبغي ألَّا نفهم منه أن نظرة الإسلام إلى الحياة الدنيا ومتاعها هي الإهمال لها، والسلبية والانعزال عنها، إنما تعني هذه النظرة أن على العاقل "مراعاة الآخرة في هذا المتاع، والوقوف فيه عند حدود الله، كما يقصد الاستعلاء عليه، فلا تصبح النفس أسيرة له، يكلفها ما يكلفها فلا تتأبى عليه، والمسألة مسألة قِيَمٍ يزنها بميزانها الصحيح، فهذه قيمة الدنيا وهذه قيمة الآخرة، كما ينبغي أن يستشعرها المؤمن، ثم يسير في متاع الحياة الدنيا على ضوئها، مالكًا لحريته، معتدلًا في نظرته: الدنيا لهو ولعب، والآخرة حياة مليئة بالحياة".

 


[1] ينظر: البيان في ضوء أساليب القرآن، د. عبدالفتاح لاشين، دار المعارف، مصر، 1977، صـ54.

[2] ينظر: التحرير والتنوير، الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، ج11، صـ141.

[3] ينظر: الكشاف عن حقائق التنزيل، وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، العلامة جار الله الزمخشري، طبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1972، ج 2، صـ233.

[4] ينظر: التحرير والتنوير، ج 11، صـ142.

[5] ينظر: السابق، ج11، صـ142.

[6] ينظر: الكشاف، ج2، صـ233.

[7] ينظر: التحرير والتنوير، ج 11، صـ142.

[8] ينظر: الكشاف، ج2، صـ233.

[9] ينظر: التحرير والتنوير، ج 11، صـ143.

[10] ينظر: السابق، ج11، صـ 144.

[11] ينظر: السابق، ج 15، صـ 237.

[12] ينظر: السابق، ج27، صـ 404 وما بعدها.

[13] ينظر: السابق، ج27، صـ406.

[14] ينظر: البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي الغرناطي، دار إحياء التراث العربي، لبنان، 1990، ج 6، صـ 223، وينظر أيضًا: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ابن عطية الأندلسي، رئاسة المحاكم الشرعية، قطر، 1991، ج14، صـ 316.

[15] ينظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، العلامة محمود شكري الألوسي، دار إحياء التراث العربي، لبنان، ج4، ص: 147.

[16] ينظر: التحرير والتنوير، ج27، صـ 407.

[17] ينظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، الإمام البقاعي، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، 1992، ج18، صـ264.

[18] ينظر: التحرير والتنوير، ج27، صـ401 - 403.

[19] ينظر: السابق، ج 6، صـ 193، 194.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التعبير القرآني
  • القرآن روح الحياة
  • من جمال التعبير القرآني: بين سيدنا يوسف عليه السلام وإخوته: نظرات في الآية (77) من سورة يوسف
  • القرآن الكريم كتاب رحمة للعالمين

مختارات من الشبكة

  • إندونيسيا: ملكة جمال الأخلاق الإسلامية ردا على ملكة جمال العالم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • منزلة الجمال في أخلاق القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال الظاهر وجمال الباطن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال المرأة وجمال الرجل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من جمال النظم القرآني في سورة الهمزة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال الحياة في معرفة الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب جمال الحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جمال القراء: فصول في آداب أهل القرآن الكريم (PDF)(كتاب - موقع أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي)
  • جمال الإسلام وعظمته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الظاهرة الجمالية في الفقه الحضاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب