• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وما خرفة الجنة؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    معنى كلام خديجة رضي الله عنها
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حياة من الجن وجن من الحيات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    تحريم صرف الخشية لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    شروط الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    إنهم لن يضروا الله شيئا
    د. خالد النجار
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    انظروا عمن تأخذون دينكم
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    التعليقات العارفية على الحديث المسلسل بالأولية
    د. محمد عارف الأركاني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة النيبالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    وقفات تربوية مع سورة القارعة
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    وقفة معبرة مع تقويم الهجرة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير سورة الناس
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    حديث: إذا مضت أربعة أشهر وقف المولي حتى يطلق، ولا ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    رؤيا فسرها المنام وصدقها الواقع
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله... }

تفسير قوله تعالى: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله... }
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/6/2021 ميلادي - 18/11/1442 هجري

الزيارات: 8056

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى

﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.. ﴾

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].

 

نفى الله عز وجل في مطلع هذه السورةِ الرَّيبَ عن كتابه العزيز، ثم تحدى في هاتين الآيتين من ارتابوا به، أو زعموا أنه من كلام البشر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم افتراه واختلَقَه من عند نفسه، تحدَّاهم أن يأتوا بسورة من مثله، وأنَّى لهم ذلك؟ وفي ذلك تقريرٌ لنبوَّتِه صلى الله عليه وسلم، بعد تقرير وجوب عبادة الله عز وجل وحده في الآيتين قبلهما.

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾ [البقرة: 23]: الواو استئنافية، والخطابُ لمن جعلوا لله أندادًا وارتابوا في البعث، وأنكَروا رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وزعموا أنه افترى القرآن واختلَقَه من عند نفسه.

 

﴿ فِي رَيْبٍ ﴾أي: في شكٍّ، وصاحبُ الريب والشك إما أن يكون صادقًا في البحث عن الحقِّ، فهذا حريٌّ بالتوفيق له، وإما أن يكون معرضًا غير صادق، فهذا في الغالب لا يوفَّق للحق كالمعاند.

 

﴿ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾؛ أي: من الذي نزلنا؛ أي: من القرآن الكريم الذي نزلناه على عبدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وفي قوله: ﴿ مِمَّا نَزَّلْنَا ﴾تعظيم لهذا المنزَّل - وهو القرآن الكريم - من وجهين: الأول: الإبهام في "ما" في قوله: ﴿ مِمَّا ﴾. الثاني: قوله: ﴿ نَزَّلْنَا ﴾؛ فكونه منزَّلًا من عند الله عز وجل يدل على عظمته.

 

كما أن فيه إثباتَ العلو لله عز وجل؛ لأن الإنزال يكون من أعلى إلى أسفل، فله عز وجل علوُّ الذات، فهو عالٍ بذاته فوق جميع خلقه، وله علوُّ الصفات، وعلوَّ القَدْرِ، وعلوُّ القهر.

 

﴿ عَلَى عَبْدِنَا ﴾؛ أي: على عبدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: على رسولنا؛ لأن العبودية لله عز وجل أفضلُ ما يوصَف به البشر وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله))[1]؛ وذلك لأن العبودية لله عز وجل هي غاية الحرية، وهي الغاية من خلق الثَّقَلينِ، ومَن لم يعبُدِ اللهَ ربَّه عبَدَ الشيطانَ، كما قال ابن القيم:

هرَبوا مِن الرِّقِّ الذي خُلِقوا له *** وبُلُـوا بِرِقِّ النفـسِ والشـيطانِ

 

كما قال رِبعيُّ بن عامر رضي الله عنه في معركة القادسية لرستم ملِكِ الفُرس: "جئنا لِنُخرِجَ الناس من عبادة العباد، إلى عبادة ربِّ العباد".

 

وقد وصف اللهُ عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أعلى وأعظم المقامات؛ مَقام قُربِه صلى الله عليه وسلم من ربه ليلة الإسراء، كما قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء: 1]، ووصفه في مقام العبادة، فقال تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴾ [الجن: 19].

 

كما وصفه بها هنا في مقام تكريمه بإنزال القرآن عليه، والتحدي به، والدفاع عنه، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ الآية [البقرة: 23].

 

كما قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1]، وقال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وقال تعالى: ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ [النجم: 10].

 

﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾جواب الشرط "إن"، وربط بالفاء؛ لأنه جملة طلبيَّة. والسورة في اللغة مأخوذة من معنى الرِّفعة والشرف، قال النابغة الذبياني من قصيدة يمدح بها النعمان بن المنذر[2]:

ألم تَرَ أن اللهَ أعطاكَ سُورةً *** تَرى كلَّ مَلْكٍ دونَها يَتذبذَبُ

أي: أعطاك منزلة رفيعة قصَرتْ عنها منازلُ الملوك، وهي مأخوذة أيضًا من معنى الإبانة والتمام والإحاطة؛ لأنها بائنة عن السورة الأخرى، منفصلة عنها، تامة بموضوعاتها، محيطة بآياتها، إحاطة السُّور بالبلد.

 

والسورة من القرآن في الاصطلاح: القطعة من كلام الله تعالى في كتابه، ذات بداية ونهاية معروفة، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر.

 

والأمر في قوله: ﴿ فَأْتُوا ﴾ يُقصَد به التحدي؛ أي: إن كنتم في شكٍّ من هذا القرآن، وفي كونه من عند الله، وتزعمون أنه من قول البشر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم افتراه واختلَقَه من عند نفسه، فإنَّا نتحداكم بأن تأتوا بسورة واحدة ﴿ مِنْ مِثْلِهِ ﴾، "مِن" بيانية، والضمير يعود إلى المنزَّل، وهو القرآن؛ أي مِن مِثلِ القرآن، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [يونس: 37، 38].

 

وهذا يتناول أقصر سورة في القرآن بعدد ثلاث آيات كسُورة الكوثر، كما تحداهم أن يأتوا بعَشْرِ سُوَرٍ مثله، فقال تعالى في سورة هود: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13].

 

وتحداهم أن يأتوا بمثله، فقال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [القصص: 49].

 

ويحتمل أن الضمير في قوله: ﴿ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ يعود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أي: من مِثلِ الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من القرآن الكريم؛ لأن القرآن الكريم هو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن نبيٍّ من الأنبياء إلا قد أُعطي من الآيات ما مِثلُه آمَنَ عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُه وحيًا أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة))[3].

 

فتحداهم الله أن يأتوا بمثلِه، أو بعَشرِ سور من مثله، أو بسورة من مثله، من حيث إعجازه في ألفاظه، وفصاحته وبلاغته، وجزالة معانيه، وصدق أخباره، وعدل أحكامه، وغير ذلك، كما قال تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ [الأنعام: 115]؛ أي: صدقًا في الأخبار، وعدلًا في الأحكام.

 

﴿ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ معطوف على ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ ﴾.

 

﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾؛ أي: مما سوى الله.

والمعنى: واطلُبوا من استطعتم من المخلوقين من أعوانكم وشركائكم وغيرهم ليُعينوكم ويشاهدوكم ويشهدوا لكم، كما قال تعالى في سورة هود: ﴿ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13].

 

﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾؛ أي: إن كنتم صادقين في دعواكم أن القرآن ليس من عند الله، وإنما هو قول البشر، افتراه محمدٌ واختلَقه، كما تزعمون.

 

والجواب على هذا أنه لا يُمكِنُهم أن يأتوا بسورة من مثله، مع ما هم عليه من المناوأة للرسول صلى الله عليه وسلم وشدة العداوة له، وما هم عليه من الفصاحة والبلاغة؛ ولهذا قال بعد ذلك:

﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾الفاء: عاطفة؛ أي: فإن لم تأتوا بسورة من مثله، وهذا على سبيل التنزُّل مع الخصم، وإلا فإنَّ عدم فعلهم معلوم؛ ولهذا قال بعده: ﴿ وَلَنْ تَفْعَلُوا ﴾، فقطَع أطماعهم؛ أي: ولا يمكنكم أن تفعلوا، و"لن" هنا للتأبيد؛ لأن المقام مقامُ تعجيزٍ وتحدٍّ.

 

قال ابن كثير رحمه الله[4]: "و(لن) لنفي التأبيد؛ أي: ولن تفعلوا ذلك أبدًا، وهذه أيضًا معجزة أخرى، وهو أنه أخبَر أن هذا القرآن لا يعارَض بمثله أبدًا، وكذلك وقع الأمر؛ لم يعارَض من لدنه إلى زماننا هذا، ولا يمكن، وأنَّى يتأتَّى ذلك لأحد، والقرآنُ كلام الله خالقِ كل شيء؟ وكيف يُشبِه كلام الخالق كلام المخلوقين؟!".

 

والمعنى: فإن لم تستطيعوا أن تأتوا بسورة من مثله؛ لأنه لا يمكنكم ذلك، فهذا دليل واضح على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وصدق ما جاء به؛ ولهذا قال بعده:

﴿ فَاتَّقُوا النَّارَ ﴾ وهذا هو جواب الشرط في قوله: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾؛ أي: فإن لم تستطيعوا الإتيان بمثله، فواجبٌ عليكم اتقاءُ النار بتصديقه والإيمان به واتباعِه؛ إذ لا وقاية لكم من النار إلا بذلك، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].

 

﴿ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ صفة "النار"، و﴿ وَقُودُهَا ﴾ بفتح الواو ما توقَد به كالحطب ونحوه؛ أي: إنها توقد بدل الحطب بـ﴿ النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾، والمراد بالناس الكفارُ منهم، قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾ [الجن: 15].

 

والمراد بالحجارة حجارةُ الكبريت العظيمة السوداء المنتنة، شديدة الاشتعال، شديدة الحرارة، ومنها الحجارة التي يعبدونها من دون الله، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 98]، وقال تعالى: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 22، 23].

 

وذلك لتحقير هذه المعبودات، وتحقيق شدة حسرةِ مَن عبَدوها من دون الله، حيث كانت سببًا لعذابهم، وكانوا يرجون النجاة بسببها، فكان مصيرها مصيرهم، فلم تدفع عن نفسها، فضلًا أن تدفع عنهم.

 

﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾؛ أي: أُرصِدت هذه النار والحجارة وهيِّئت وجهِّزت للكافرين، وبُني الفعل "أُعدَّت" لما لم يسم فاعله؛ لأن المعِد والموجِد لها ولكل شيء معلومٌ، وهو الله عز وجل.

 

وأظهر في مقام الإضمار فلم يقل: "أعدت لكم"؛ للتسجيل عليهم بالكفر، وأنه سبب دخولهم النار، وأنها لهم ولكل من كفر بالله وبما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي دارهم، وبها خلودهم.

 

ويفهم من الآية أن العصاة إن لم يعفُ الله عنهم ودخلوها، فليست لهم بدارٍ، ولا يخلدون فيها، وفي هذا ردٌّ على الخوارج ونحوِهم.

 

فالنار معَدة موجودة الآن، كما دلَّ على ذلك القرآنُ في مواضعَ أخرى كثيرة، ودلَّت عليه السُّنةُ المتواترة، كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عُرِضتْ عليَّ الجنةُ والنار آنفًا، فلم أرَ كاليوم في الخير والشر))[5].


المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »



[1] أخرجه البخاري في الأنبياء - قول الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [مريم: 16] (3445).

[2] انظر "ديوان النابغة الذبياني" ص(56) جمع وتحقيق أحمد عاشور.

[3] أخرجه البخاري في فضائل القرآن (4981)، ومسلم في الإيمان (152) - من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] في "تفسيره" (1/ 89).

[5] أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة (540)، ومسلم في الفضائل (2359).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: (لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ...)
  • تفسير قوله تعالى: ( إِنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ...)
  • تفسير قوله تعالى: (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما)
  • تفسير قوله تعالى: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما)
  • تفسير قوله تعالى: (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا)
  • تفسير قوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم)
  • تفسير قوله تعالى: (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها)
  • تفسير قوله تعالى: (قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب ...)
  • {وإن كنتم في ريب}
  • تفسير قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم...}

مختارات من الشبكة

  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله..)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (صراط الذين أنعمت عليهم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وإياك نستعين)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (الحمد لله رب العالمين)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/1/1447هـ - الساعة: 15:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب