• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالملائكة

منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالملائكة
مبارك بن حمد الحامد الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/3/2021 ميلادي - 2/8/1442 هجري

الزيارات: 6932

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالملائكة

 

الإيمان بالملائكة ركنٌ من أركان الإيمان؛ لقوله تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285].

 

وقد أشار ابن كثير رحمه الله في مواطنَ كثيرة من تفسيره إلى وجوب الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلًا، وإلى صفاتهم وأعمالهم، والتفاضل بينهم وبين صالحي البشر، وكلام المشركين عن الملائكة والرد عليهم، وأن الملائكة عباد مكرَمون، لا يعصُون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمَرون، وأنهم يسبِّحون الليل والنهار لا يفتُرون.

 

كما أشار رحمه الله إلى علاقة الملائكة بالإنسان، فهناك ملائكة يَقبِضون روحه عند الموت، وآخرون يحفظونه من أمر الله، وملائكة يكتبون أعماله، وملائكة يبشِّرون المؤمن بالخير والكافرَ بالعذاب، وملائكة يرسِلهم الله لهلاك الأمم المكذِّبة، وغير ذلك من القضايا والمباحث المتعلِّقة بالملائكة، والتي بَيَّنها ابن كثير ودعا إلى الإيمان بها.

 

وحيث إن المقام لا يتسع للكلام عنها مفصَّلًا؛ لأنه ليس هذا موضعه، فسنتعرض لذلك بشيء من الإيجاز، وذلك حسب النقاط التالية:

1- تأكيد ابن كثير على الإيمان بالملائكة والتصديق بوجودهم، فقال رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177]: "فإن من اتصف بهذه الآية، فقد دخل في عُرَى الإسلام كلِّها، وأخذ بمجامع الخير كلِّه، وهو الإيمان بالله، وهو أنه لا إله إلا هو، وصدَّق بوجود الملائكة، الذين هم سَفَرةٌ بين الله ورسله"[1].

 

2- والملائكة عباد مكرَمون، وهم في غاية الطاعة لربِّهم، يقول رحمه الله عند تفسير الآيات: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 26، 27]: "أي الملائكة عباد مكرَمون عنده، في منازل عالية، ومقامات سامية، وهم في غاية الطاعة قولًا وفعلًا، ﴿ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾؛ أي: لا يتقدَّمون بين يديه بأمر، ولا يخالفونه فيما أمَرَ به، بل يبادرون إلى فعله، وهو تعالى علمُه محيط بهم، فلا يخفى منهم خافية"[2].

 

3- من صفات الملائكة أنَّ خَلْقَهم حسن، وأخلاقهم وأفعالهم بارَّة، يقول ابن كثير عند تفسيره الآية: ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 15، 16]: "قال ابن عباس ومجاهد... هي الملائكة... وقال قتاده: هم القرَّاء... وقال ابن جرير: الصحيح أن السفَرة الملائكةُ... ﴿ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾؛ أي: خَلْقهم كريم حسن شريف، وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة"[3].

 

4- من صفاتهم الخَلْقية أن لهم أجنحةً مثنَى وثُلاثَ ورُباعَ، يقول ابن كثير عند تفسير الآية: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ [فاطر: 1]: "أي يطيرون بها ليُبلِّغوا ما أُمروا به سريعًا، ﴿ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾؛ أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، كما جاء في الحديث.. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جَناح، بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب؛ ولهذا قال: ﴿ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1] قال السدي: يزيد في الأجنحة وخَلْقهم ما يشاء"[4].

 

5- أن خُزَّان النار من الملائكة غِلاظٌ شِدادٌ، ولا يعلم عددَهم إلا اللهُ؛ يقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [المدثر: 31]: "﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ ﴾؛ أي: خُزَّانها، ﴿ إِلَّا مَلَائِكَةً ﴾؛ أي: زبانية غِلاظًا شِدادًا، وذلك ردٌّ على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة، فقال أبو جهل: يا معشر قريش، أما يستطيع كلُّ عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ﴾؛ أي شديدي الخلق لا يُقاوَمون ولا يُغالَبون".

 

وقد ردَّ ابن كثير رحمه الله على من توهَّم أن عدد الملائكة تسعةَ عشرَ فقط، فقال عند تفسير الآية: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]: "أي ما يعلم عددَهم وكثرتَهم إلا هو تعالى؛ لئلا يَتوهَّم متوهِّمٌ أنَّما هم تسعة عشر فقط، كما قد قاله طائفة من أهل الضلالة والجهالة من الفلاسفة اليونانية ومن شايعهم من المِلَّتين، الذين سمعوا هذه الآية فأرادوا تنزيلها على العقول العشرة والنفوس التسعة، التي اخترعوا دعواها، وعجزوا عن إقامة الدلالة على مقتضاها، فأُفْهِموا صدر الآية وقد كفروا بآخرها، وهي قوله: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾، وقد ثبت في حديث الإسراء المرويِّ في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة: ((فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألفَ مَلَكٍ، لا يعودون إليه آخر ما عليهم))"[5].

 

وقال رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]: "أي طباعهم غليظة، قد نُزِعت من قلوبهم الرحمةُ بالكافرين بالله، ﴿ شِدَادٌ ﴾ أي: تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج... وقوله: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ أي: مهما أمَرَهم به تعالى يبادروا إليه، لا يتأخرون عنه طرفة عين، وهم قادرون على فعله ليس بهم عجز منه، وهؤلاء هم الزبانية، عياذًا بالله"[6].

 

وقال عند تفسير الآية: ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]: "يعني الملَكين اللذين يكتُبان عمل الإنسان، ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾؛ أي: مرصد، ﴿ مَا يَلْفِظُ ﴾؛ أي: ابن آدم ﴿ مِنْ قَوْلٍ ﴾؛ أي: ما يتكلم بكلمة ﴿ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]؛ أي: إلا ولها من يراقبها مُعَدٌّ لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]، وقد اختلف العلماء هل يكتب الملَكُ كلَّ شيء من الكلام، وهو قول الحسن وقتادة، أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب، كما هو قول ابن عباس؟ على قولين، وظاهر الآية الأول؛ لعموم قوله: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]"[7].

 

5-      أشار ابن كثير رحمه الله إلى علاقة الملائكة بالبشر، فمن هذه العلاقة:

أ‌- أن هناك ملائكةً موكَّلة بقبض الروح من الجسد، فقال عند تفسير الآية: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾ [الأنعام: 61]: "أي إذا احتُضر وحان أجلُه ﴿ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ﴾ أي: ملائكة موكَّلون بذلك، قال ابن عباس وغير واحد: لملَكِ الموت أعوانٌ من الملائكة يُخْرِجون الروح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم، ﴿ وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾ أي: في حفظ روح المتوفَّى، بل يحفظونها وينزلونها حيث شاء الله عز وجل، إن كان من الأبرار ففي عليِّين، وإن كان من الفجَّار ففي سجين، عياذًا بالله من ذلك"[8].

 

ب‌- كما أن هناك الملائكة الحفظة الموكَّلة بحفظ الإنسان، يقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]: "أي للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرس بالليل وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحوادث، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فاثنانِ عن اليمين والشمال يكتُبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملَكان آخَرانِ يحفظانه ويحرسانه، واحد من ورائه وآخر من قُدَّامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بدلًا حافظان وكاتبان، كما جاء في الصحيح: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم - وهو أعلم بكم -: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلُّون، وتركناهم وهم يصلُّون))[9]، وفي الحديث الآخر: ((إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع، فاستحيوهم وأَكرِموهم))"[10].

 

وقال رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]: "يعني وإن عليكم لملائكة حفظة كرامًا، فلا تقابلوهم بالقبائح؛ فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم"[11].

 

ج‌- نزولهم من السماء إلى الأرض في ليلة القدر، وعند تلاوة القرآن، وإحاطتهم بحلق الذِّكر، ووضع أجنحتهم لطالب العلم تعظيمًا له، يقول ابن كثير رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]: "أي يكثُر نزول الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة ينزلون مع تنزُّل البركة والرحمة، كما ينزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذِّكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيمًا له"[12].

 

ح‌- أن الله يرسل الملائكة لهلاك الأمم المكذِّبة لرسلها، يقول ابن كثير عند تفســير الآية: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ﴾ [القمر: 33، 34]: "يقول تعالى مخبرًا عن قوم لوط كيف كذَّبوا رسولهم وخالفوه.... ولهذا أهلَكَهم الله هلاكًا لم يُهلِكْه أُمَّةً من الأمم، فإنه تعالى أمر جبريل عليه السلام، فحمَلَ مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء، ثم قلبها عليهم وأرسلها، وأُتبعتْ بحجارة من سجيل منضود"[13].

 

خ‌- الملائكة تبشِّر الكفار بالعذاب والنَّكال؛ يقول ابن كثير عند تفسير الآية: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأنعام: 93]: "وذلك أن الكافر إذا احتُضر بشَّرتْه الملائكة بالعذاب والنَّكال، والأغلال والسلاسل، والجحيم والحميم، وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرَّق روحه في جسده، وتعصي وتأبى الخـروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم، قائلين لهم: ﴿ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 93]؛ أي اليوم تُهانون غاية الإهانة، كما كنتم تَكذبون على الله، وتستكبرون عن اتِّباع آياته والانقياد لرسله"[14].

 

د‌- تفضيل صالحي البشر من المؤمنين على الملائكة؛ يقول ابن كثير عند تفسير الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 7]: "ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بأيديهم، بأنهم خير البريَّة، وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة رضي الله عنه وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة"[15].

 

وقد ردَّ رحمه الله على الذين فَضَّلوا الملائكة على صالحي البشر عند تفسير الآية: ﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 172]: "وقد استدل بعض مَن ذهب إلى تفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية، حيث قال: ﴿ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾، وليس له في ذلك دلالةٌ؛ لأنه إنما عطف الملائكة على المسيح؛ لأن الاستنكاف هو الامتناع، والملائكة أقدَرُ على ذلك من المسيح؛ فلهذا قال: ﴿ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾، ولا يلزم من كونهم أقوى وأقدَرَ على الامتناع أن يكونوا أفضل"[16].

 

وقال أيضًا عند تفسير الآية: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]: "أي من سائر الحيوانات وأصناف المخلوقات، وقد استدل بهذه الآية على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة"[17].

 

وأخيرًا قال رحمه الله: "ومن أطاع الله من البشر كان أشرف من مِثلِه من الملائكة في معاده، ومن كفر من البشر كانت الدوابُّ أتمَّ منه"[18].

 

6- من الملائكة من هم موكَّلون بالقَطْر والنبات والأرزاق؛ قــال تعالى: ﴿ فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ﴾ [الذاريات: 4]، قال ابن كثير: "جاء صَبِيغٌ التميمي[19] إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، أَخبِرْني عن......المقسِّمات أمرًا، قال: هي الملائكة"[20].

 

وقال تعالى: ﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴾ [النازعات: 5]، قال ابن كثير: "قال عليٌّ ومجاهد... هي الملائكة، وزاد الحسن: تُدبِّر الأمر من السماء إلى الأرض، يعني بأمر ربِّها عز وجل"[21].

 

وقال ابن كثير: "وميكائيل موكَّل بالقَطْر والنبات، اللذينِ يخلق منها الأرزاق في هذه الدار، وله أعوان يفعلون ما يأمُرُهم به بأمرِ ربِّه، يُصَرِّفون الرياح والسحاب كما يشاء الربُّ جل جلاله، وقد روينا أنه ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملَك يقررها في موضعها من الأرض"[22].

 

ذ‌- تهنئة الملائكة للمؤمنين بالجنة، كما قال سبحانه: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].

 

يقول ابن كثير: "أي: وتدخُل عليهم الملائكة من هاهنا وهاهنا؛ للتهنئة بدخول الجنة، فعند دخولهم إياها تَفِدُ عليهم الملائكة مسلِّمينَ مهنِّئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام، والإقامة في دار السلام، في جوار الصدِّيقين والأنبياء والرسل الكرام"[23].

 

وغير ذلك من الحقائق التي جاءت بها النصوص عن الملائكة، وأَورَدها ابن كثير رحمه الله من خلال منهج عاطفيٍّ، دعا فيه إلى تعميق الإيمان بالإله المعبود، المهيمن على هذا الوجود، الذي وضع جنوده من الملائكة للقيام على مختلف أمور الكون، ولبيان عظمة الله تعالى وقوته وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق، وكذلك للدعوة إلى شكر الله على عنايته ببني آدم، حيث وكَّل مِن هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم، مما يتعين على الداعية استخدام ذلك المنهج عند الحديث عن الملائكة في دعوته إلى الله.



[1] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 258.

[2] المرجع نفسه 3/ 223.

[3] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 556.

[4] المرجع نفسه 3/ 670، والحديث متفق عليه، وأخرجه البخاري كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه رقم (3232)، ومسلم كتاب الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13] رقم (174).

[5] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 525، والحديث متفق عليه، وأخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم رقم (3207) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات رقم (164).

[6] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 462.

[7] المرجع نفسه 4/ 263.

[8] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 177.

[9] أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ﴾ [المعارج: 4]، وقوله: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ [فاطر: 10] رقم (7429).

[10] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 620، والحديث أخرجه الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في الاستغفار عند الجماع رقم (2800).

[11] المرجع نفسه 4/ 569.

[12] المرجع نفسه 4/ 634.

[13] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 314.

[14] المرجع نفسه 2/ 200.

[15] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 643.

[16] المرجع نفسه 1/ 722.

[17] المرجع نفسه 3/ 68.

[18] المرجع نفسه 2/ 337، عند تفسير الآية: ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

[19] صَبِيغ - بوزن: عظيم - بن عِسْل، بكسر العين وسكون السين، ويقال: ابن سهل الحنظلي، له إدراك، وقصته مع عمر مشهورة، انظر ترجمته في الإصابة للحافظ ابن حجر 2/ 198 -199. طبعة دار السعادة بمصر ط1 1328هـ.

[20] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 273.

[21] المرجع نفسه 4/ 551.

[22] البداية والنهاية 1/ 105 طبعة دار هجر بالرياض ط1 1417هـ.

[23] المرجع نفسه 2/ 629.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان بالملائكة عليهم السلام
  • الإيمان بالملائكة
  • من أركان العقيدة .. الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة عليهم السلام
  • الإيمان بالملائكة والكتب
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالكتب
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالرسل
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان باليوم الآخر
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالقدر
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى العبادات
  • منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب
  • من وسائل الدعوة عند ابن كثير: الاتصال الشخصي
  • قدرات الملائكة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحث على لزوم منهج السلف الصالح في طريق الدعوة، والحذر من المناهج البدعية المخالفة (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الفروق بين منهج أئمة الدعوة الإصلاحية ومنهج مخالفيهم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الله من خلال كتابه: تفسير القرآن العظيم (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الاستفادة من منهج ابن كثير في كيفية الدعوة في العصر الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستفادة من منهج ابن كثير في موضوع الدعوة في العصر الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الجهاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى المعاملات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب