• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

ما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام (1)

ما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام (1)
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/2/2021 ميلادي - 16/7/1442 هجري

الزيارات: 24523

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام (1)

 

1 - مشروعية الابتداء بالبسملة في الكتب والرسائل والخطب والمواعظ ونحوها؛ تأسيًا بكتاب الله تعالى، حيث ابتدأ عز وجل كتابه بها، ومشروعيةُ الاستفتاح بها عند قراءة أي سورة من سور القرآن؛ لأن الله افتتح بها سورةَ الفاتحة وغيرها من السُّوَر، عدا سورة براءة فلا تُشرع البسملة معها.

 

2 - مشروعية حمد الله تبارك وتعالى في افتتاح الكتب والرسائل والخطب والمواعظ ونحوها؛ تأسيًا بكتاب الله؛ حيث افتتحه جل وعلا بالحمد.

 

3 - حمد الله تعالى لنفسه، وثناؤه عليها، وتمجيده لها؛ لما له من صفات الكمال، قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2]، وقد جاء هذا كثيرًا في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ﴾ [القصص: 70]، وقال تعالى: ﴿ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾ [الروم: 18].

 

ولم يأذن في ذلك لأحد من خلقه، بل نهاهم في محكم كتابه فقال: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 32]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((احثُوا في وُجوهِ المداحين الترابَ))[1] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تُطرُوني كما أَطْرَتِ النصارى ابنَ مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله"[2].

 

4 - أمر الله تعالى عباده أن يَحمَدوه ويُثنوا عليه ويُمجِّدوه؛ لما له من صفات الكمال، وتعليمهم كيفية ذلك؛ لأن قوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] وإن كانت هذه جملة خبريَّة، فهي متضمِّنة لمعنى الطلب.

 

وهكذا جل الآيات التي حَمِد الله تعالى بها نفسه هي متضمِّنةٌ تعليمَ عباده وأمْرَهم أن يحمدوه.

 

ولهذا رغَّب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحمد لله؛ فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطُّهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأان - أو تملأ - ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حُجة لك أو عليك، كلُّ الناس يَغْدُو، فبائعٌ نفسه فمُعتِقُها أو مُوبِقُها))[3].

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيَرْضى عن العبد أن يأكل الأكلةَ فيَحمَده عليها، أو يشرب الشَّربةَ فيحمده عليها))[4].

 

5 - أن الوصف بصفات الكمال مستحقٌّ لله على الدوام، وفي جميع الأحوال؛ لقوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، فهي جملة اسمية تفيد الاستمرار والدوام والكمال، فهو المحمود على الدوام وبكل حال، كما قال تعالى: ﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ﴾ [القصص: 70].

 

6 - في قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2] ردٌّ على الجبريَّة، الذين يقولون: إن الله جبر العبد على أفعاله، ومن ثم عاقَبَه عليها، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا، ووجهُ الردِّ عليهم: أن في إثبات حمده ووصفه بصفات الكمال ما يقتضي أنه لا يعاقِب عبادَه على ما لا قدرة لهم عليه، ولا هو من فعلهم[5].

 

7 - أن الحمد لا ينبغي أن يكون إلا لمن هو أهلٌ له، ولمقتضٍ لذلك، وإلا فهو زُورٌ وباطل؛ لأن الله لما حمد نفسه ذكَرَ ما يقتضي ذلك، وأنه تعالى أهل لذلك؛ لكونه تعالى الله ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 2 - 4][6].

 

قال ابن القيم[7]: "في ذِكر هذه الأسماءِ بعد الحمد، وإيقاع الحمد على مضمونها ومعناها - ما يدلُّ على أنه محمود في إلهيَّتِه، محمود في ربوبيته، محمود في رحمانيَّتِه، محمود في ملكه، وأنه إلهٌ محمود، وربٌّ محمود، ورحمن محمود، ومَلِكٌ محمود، فله بذلك جميع أقسام الكمال؛ كمال من هذا الاسم بمفرده، وكمالٌ من اقتران أحدهما بالآخر..".

 

8 - يؤخذ من قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] الإقرار والاعتراف من العبد لله جل وعلا بالكمال من جميع الوجوه، وبالفضل والإنعام والإحسان، والإقرار من العبد على نفسه بضعفه وفقره وحاجته إلى ربِّه في أمور دينه ودنياه. وهذا من أجلِّ أنواع العبادة لله وأفضلها، بأن يعترف العبد لله بالكمال المطلق من جميع الوجوه، ويدخل على ربِّه من باب الذل والانكسار، ولا يُعجَب بعمله، وهذا هو أصل معنى العبادة لله تعالى، كما تقدم.

 

وقد كان هذا دأب الأنبياء والمرسَلين والصالحين من أممهم يدعون ربَّهم متذلِّلين خاضعين سائلين ربَّهم المغفرة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أنت ربي وأنا عبدُك، ظلَمتُ نفسي، واعترَفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت))[8].

 

9 - إثبات توحيد الأسماء والصفات "توحيد العِلم"؛ لأن الله افتتح السورة بقوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2]، ومعناه - كما تقدم - وصفُه تعالى بصفات الكمال، كما ذكَرَ تعالى فيها خمسة من أسمائه، وهي: "الله"، و"الرب"، و"الرحمن"، و"الرحيم"، و"المَلِك"، وهذه الأسماء دالَّةٌ على بقية أسمائه تعالى، وكلٌّ منها يؤخذ منه إثبات صفة من صفاته تعالى؛ فاسمه تعالى "الله" يدل على إثبات صفة الألوهية له تبارك وتعالى، واسمه "الرب" يدلُّ على إثبات صفة الربوبية العامة له تعالى، صفة ذاتيَّة له تعالى وصفة فعليَّة، واسماه "الرحمن" "الرحيم" يدل الأول على إثبات صفة الرحمة الذاتية له تعالى، ويدل الثاني على إثبات صفة الرحمة الفعلية له عز وجل، كما قال تعالى: ﴿ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [العنكبوت: 21].

 

وقوله تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] على القراءتين يدل على أنه مالك يوم الدين ومليكه.

 

وأن من صفاته تعالى الذاتية والفعلية أنه مالك ومَلِكُ يوم الدين.

 

كما يدلُّ قوله تعالى: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7] على إثبات صفة الغضب له تعالى، كما يليق بجلاله وعظَمتِه.

 

وفي إثبات أسمائه تعالى وصفاته ردٌّ على نُفاتِها من المعطِّلة وغيرهم.

 

وقد ذكر ابن القيم[9] اشتمال الفاتحة على أنواع التوحيد الثلاثة، ثم ذكر أنه دلَّ من هذه السورة على توحيد الأسماء والصفات شيئانِ مجمَلٌ ومفصَّلٌ، قال: "أما المجمل، فإثبات الحمد له سبحانه، وأما المفصَّل، فذِكر صفة الإلهيَّة والربوبيَّة والرحمة والمُلْك، وعلى هذا مدار الأسماء والصفات. فأما تضمن الحمد لذلك، فإن الحمد يتضمَّن مدح المحمود بصفات كماله ونعوت جلاله، مع محبَّتِه، والخضوع له، فلا يكون حامدًا من جحَد صفات المحمود، ولا من أعرَضَ عن محبته والخضوع له، وكلما كانت صفات كمال المحمود أكثرَ، كان حمدُه أكمل، وكلما نقَصَ من صفات كماله، نقَصَ من حمده بحسبها؛ ولهذا كان الحمد كلُّه لله حمدًا لا يُحصيه سواه؛ لكمال صفاته وكثرتها.. ثم ذكر دلالة هذه الأسماء الخمسة وغيرها من أسمائه تعالى على إثبات الذات والصفات له جل وعلا، ثم بيَّن دلالة اسمه تعالى "الله" على جميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ ولهذا تُضاف إليه جميعُ أسمائه، كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الأعراف: 180]، ثم ذكر ما هو أخص من الصفات بكل اسم من هذه الأسماء.

 

10 - إثبات توحيد الألوهية (توحيد العبادة)؛ يؤخذ ذلك من اسمه تعالى "الله"؛ لأن معناه كما تقدم: المَألوهُ المعبود محبةً وتعظيمًا.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية[10]: "والله هو الإله المعبود، فهذا الاسم أحَقُّ بالعبادة؛ ولهذا يقال: الله أكبر، والحمد لله، سبحان الله، لا إله إلا الله".

 

كما يؤخذ توحيد العبادة من قوله: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، كما سيأتي إن شاء الله.

 

11 - إثبات توحيد الربوبية بقسمَيْه: العامِّ لجميع الخلق، والخاصِّ بأولياء الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، وقوله: ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، فهو تعالى ربُّ جميع الخلق، خالقهم ومالكهم والمتصرِّف فيهم، ومربِّيهم بجميع النِّعم، وفي هذا ردٌّ على الملحدين الذين يُنكِرون وجود الله، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا؛ إذ إن كلَّ ما في الكون من المخلوقات دليلٌ على وجوده وكماله في ذاته وصفاته، كما قيل:

فواعجبًا كيف يُعصى الإلـ
ـهُ أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ
تدلُّ على أنه واحدُ

 

بل إنه تعالى دليلٌ على كل شيء؛ ولهذا قالت الرسل لأُمَمِهم: ﴿ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ ﴾ [إبراهيم: 10].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية[11]: "كيف يُطلَب الدليل على من هو دليل على كل شيء؟!"، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:

وكيف يصحُّ في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ

 

وهو تعالى مُرَبٍّ لأوليائه المتقين، وحزبه المفلحين، تربيةً خاصة؛ بتوفيقهم للإيمان والعمل الصالح، ودفعِ الصوارف عنهم، مما يبعث في قلوبهم الطُّمأنينةَ إلى رعاية الله الدائمة، وربوبيته القائمة، وحفظِه الذي لا يغيب.

 

وإذا ثبتت الربوبيَّةُ صفةً عامة له تبارك وتعالى: صفةً ذاتية، وصفةً فعليَّة، وجب توجُّهُ جميع الخلق إليه في جميع حوائجهم، وفي جميع عباداتهم؛ لأن مِن لازِمِ ربوبيتِه لجميع خلقه أن يكون هو الإلهَ المعبود؛ لأن توحيد الربوبية يستلزم توحيدَ الألوهية، كما أن توحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية؛ ولهذا لما قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2]، أَتْبع ذلك بوصفه تعالى بقوله: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ إشارة إلى أن المستحقَّ للعبادة هو المتفرِّد بالربوبية والمُلكِ والخلق والتدبير، وعلى هذا فما دلَّ من السورة على إثبات توحيد الألوهية، ففيه دلالة بالتضمُّن على توحيد الربوبية، وما دلَّ منها على توحيد الربوبية، ففيه دلالةٌ بالالتزام على توحيد الألوهية.

 

كما أن في إثبات ربوبيته ردًّا على المشركين معه في إلهيَّتِه، الذين يعبدون غيره مع إقرارهم بربوبيته.

 

كما أن في إثبات ربوبيته للعالمين دليلًا على مباينته لخلقه بذاته، وبربوبيته وصفاته وأفعاله، وفي هذا ردٌّ على من نفى مباينته لخلقه.

 

كما أن في إثبات ربوبيته أيضًا ردًّا على أهل الإشراك في ربوبيته من المجوس والقدَريَّة وغيرهم، الذين يُثبِتون مع الله خالقًا آخَرَ، فالقدَريَّةُ المجوسية يقولون: العبد يخلُقُ فعل نفسه، فلا تدخُلُ أفعالهم تحت ربوبيته، تعالى الله عن ذلك[12].

 

12 - إثبات علم الله تعالى الواسع، وقدرته التامة من قوله: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ إذ إن مقتضى ربوبيته للعالمين وخلقِه لهم أن يكون عالمًا بهم وبأحوالهم، وأن يكون ذا قدرة تامة نافذة فيهم، كما قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12].

 

13 - إثبات أنه تعالى الأول بلا بداية؛ لأن قوله تعالى: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ معناه أنه خالقهم وموجِدُهم من العدم بعد أن لم يكونوا شيئًا، كما قال تعالى: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]؛ أي: قد أتى على الإنسان، وهذا يدل على أنه تعالى هو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3].

 

14 - أن الأحقُّ بالاستعانة والمسألة هو اسم "الرب"؛ لأن من معانيه المربِّيَ الخالق المالكَ الرازق المدبِّر الناصرَ الهادي.

 

ولهذا كان جل دعاء الأنبياء والصالحين وسؤالهم بهذا الاسم.

 

كما قال الأبوان عليهما السلام: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].

 

وقال نوح عليه السلام: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].

 

وقال الخليل عليه السلام: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 40، 41].

 

وقال موسى عليه السلام: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [القصص: 16].

 

وقال عيسى عليه السلام: ﴿ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [المائدة: 114].

 

وقال تعالى لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 80].

 

وقال نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أنت ربي وأنا عبدُك، ظلَمتُ نفسي، واعترَفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت))[13].

 

وذكَرَ الله عن المؤمنين قولَهم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].

 

وقولهم: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ﴾ [آل عمران: 147]، ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 193، 194].

 

15 - في قوله: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] إشارةٌ إلى تَساوي الخلق في الربوبية العامة التي بمعنى الخلق والملك والتدبير، وهذا يدل على أن البشر تَجمَعُهم الربوبيةُ؛ فربُّهم واحد كما أن أباهم واحد، لا فخر لجنس على جنس إلا بالتقوى.

 

وفي هذا ردٌّ على من يفتخر بحسَبِه ونَسَبِه، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قد أذهَبَ عنكم عُبِّيَّةَ[14] الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمنٌ تقي، وفاجرٌ شقي، أنتم بنو آدم، وآدمُ من تراب، لَيَدَعَنَّ رجال فخرَهم بأقوام إنما هم فحمٌ من فحم جهنمَ، أو ليكونُنَّ أهوَنَ على الله من الجِعْلانِ، التي تَدفَعُ بأنفِها النَّتْنَ))[15].

 

16 - في إثبات حمده وربوبيته للعالمين وتوحيده ردٌّ على من قال بقدم العالم؛ فإن في إثبات حمده ما يقتضي ثبوتَ أفعاله الاختيارية، والفعل متأخِّر عن فاعله، وفي إثبات ربوبيته للعالمين ما يقتضي أن كل ما سواه مربوبٌ مخلوق بالضرورة، وكل مخلوق حادث بعد أن لم يكن، وفي إثبات توحيده ما يقتضي عدم مشاركة شيء من العالم له في خصائص الربوبية، والقدرة من خصائص الربوبية، فالتوحيد ينفي ثبوته لغيره ضرورة، كما ينفي ثبوت الربوبية والإلهية لغيره[16].

 

17 - في إثبات رحمته تعالى ورحمانيته ردٌّ على الجبريَّة في أن الله يعاقِب العبدَ على ما لا قدرة له عليه، ولا هو مِن فعله، بل يكلِّفه ما لا يطيق ثم يعاقِبه عليه، وهذا باطل؛ فإن في ثبوت رحمته ورحمانيته ما يقتضي أنه تعالى لا يكلِّف العبدَ ما لا قدرة له عليه، ولا يعاقِبه بما ليس من فعله، وما لا قدرة له عليه[17]، بل إنه تعالى برحمته يعفو حتى عن بعض أو كلِّ ما فعَلَه العبد، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

 

كما أن في إثبات صفة الرحمة لله تعالى صفةً ذاتية وصفة فعلية، عامةً وخاصة: الردَّ على نُفاة صفة الرحمة من الأشاعرة وغيرهم، الذين يفسِّرون "الرحيم" بالمنعِم أو مريد الإنعام، ويفسِّرون الرحمة بالإنعام والإحسان، ويقولون: إن الرحمة رقة ولِينٌ لا تليق بالخالق القويِّ.


المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »



[1] أخرجه مسلم في الزهد (3302) من حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه.

[2] سبق تخريجه.

[3] أخرجه مسلم في الطهارة - باب فضل الوضوء (223).

[4] أخرجه مسلم في الذكر - باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب (2734).

[5] انظر: "مدارج السالكين" (1/ 91 -93).

[6] انظر: "الكشاف" (1/ 9)، "أنوار التنزيل" (1/ 9).

[7] في "مدارج السالكين" (1/ 59 -61).

[8] أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (771) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه.

[9] انظر: "مدارج السالكين" (1/ 48 -59).

[10] انظر: "مجموع الفتاوى" (14/ 12).

[11] انظر: "مدارج السالكين" (1/ 87).

[12] انظر: "مدارج السالكين" (1/ 48، 86 -90).

[13] أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (771) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه.

[14] عبية الجاهلية: أي تكبُّرُها.

[15] أخرجه أبو داود في الأدب - باب التفاخر بالأحساب (5116)، والترمذي في المناقب - باب فضل الشام واليمن (3955)، وأحمد (2/ 361، 524)، وقال الترمذي: "حسن غريب"، ونُقل عن المنذري تصحيحه، و"حسنه الألباني".

[16] انظر: "مدارج السالكين" (1/ 96 -97).

[17] انظر: "مدارج السالكين" (1/ 92).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير ابن باز لسورة الفاتحة
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير سورة الفاتحة
  • مكان نزول سورة الفاتحة
  • أسماء سورة الفاتحة
  • فضل سورة الفاتحة
  • المعاني التي اشتملت عليها سورة الفاتحة
  • الأخطاء الشائعة في تلاوة سورة الفاتحة
  • ما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام (2)
  • ما يؤخذ من سورة الفاتحة من فوائد وأحكام (3)
  • هدايات سورة الفاتحة
  • أسماء سورة الفاتحة
  • أبرز موضوعات سورة الفاتحة
  • من مائدة التفسير: (تفسير سورة الفاتحة)
  • نفحات من سورة الفاتحة

مختارات من الشبكة

  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث عمر: "إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعض ما يؤخذ في الاعتبار من ضوابط إنكار المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أي حب هذا الذي يؤخذ من الضالين؟ (بطاقة دعوية)(كتاب - ملفات خاصة)
  • تفسير سور المفصَّل (7) فوائد من سورة الفاتحة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (11) من سورة محمد إلى سورة الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (10) من سورة سبأ إلى سورة الأحقاف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (9) من سورة لقمان إلى سورة الأحزاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (8) من سورة النور إلى سورة الروم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (7) من سورة الإسراء إلى سورة المؤمنون(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب