• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

مقاصد سورة الرعد

مقاصد سورة الرعد
أحمد الجوهري عبد الجواد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/1/2018 ميلادي - 8/5/1439 هجري

الزيارات: 63718

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نور البيان في مقاصد سور القرآن

"سلسلة منبريّة ألقاها فضيلة شيخنا الدكتور عبد البديع أبو هاشم رحمه الله، جمعتها ورتبتها وحققتها ونشرتها بإذن من نجله فضيلة الشيخ محمد عبد البديع أبو هاشم".

 

(13) سورة الرعد

الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه وتعالى ونستعينه ونستهديه ونتوب إليه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ولن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة وأدى أمانته، ونصح لأمته، وكشفت الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهادٍ حتى أتاه اليقين، فصلوات ربنا وتسليماته عليه وعلى آله آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى أتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد..

أيها الإخوة المسلمون عباد الله، فمع سلسلة حديثنا حول مقاصد سور القرآن الكريم، نتعرف من خلالها على سور القرآن سورةً سورة بشكل إجمالي، ونحن اليوم على مائدة سورة الرعد، سورةٌ عظيمةٌ جليلة، سورةٌ فيها من الآيات ما يصحح للإنسان عقيدته وتصوّره عن هذا الكون وما فيه وما حوله، سمّاها الله تبارك وتعالى بهذا الاسم الرعد، والرعد صوتٌ مسموعٌ للجميع معروفٌ للكلّ، صوتٌ واضحٌ مميّزٌ من بين الأصوات، يصاحبه برقٌ وظلمات، كما يصاحبه ويتبعه مطرٌ وغيثٌ نافعٌ للناس والبريّات، ومن هنا كان هذا الاسم له دلالته في هذه السورة، وله حكمته الجليلة لا سيما وأنه من عند الله تبارك وتعالى، فهو الذي سمّى سور القرآن بأسمائها.

 

سورة الرعد سورةٌ نزلت قبل الهجرة في مكة المكرمة[1]، تخاطب أولئك الناس الذين عاشوا فترةً طويلةً في جاهلية عمياء، نهارهم ليل، وليلهم نهار، ظلماتٌ بعضها فوق بعض، جاءت سورة الرعد وما صاحبها من سور أخرى نزلت قبل الهجرة لتكشف هذه الظلمات عن هذه الأمة، ولتزيح عنها هذا الغبش، ولتخرجها من الظلمات إلى النور فترى كل شيءٍ واضحاً على حقيقته دون لبسٍ، دون تزويرٍ، دون تغيير، يعرف كل إنسانٍ حقه وواجبه فيؤدي ما عليه، ويبحث عما له، فعاشت البشرية بهذه الشريعة، بهذه السورة، حياةً فاضلةً ما رأت الدنيا مثلها، عاشت الأمة في صدرها الأول بهذا القرآن وبالتربية عليه عهوداً غايةٌ في الفضل، غايةٌ في النزاهة، نهايةٌ في الطهارة، مجتمعاتٌ تخيلها الحكماء ولم يحققوها، سطَّرُوها في كتبهم وأوراقهم ولم يوقِّعوها في أرض الواقع، لكن نبينا صلى الله عليه وسلم بما آتاه الله من وحي، استطاع أن يحقق هذا المجتمع الفاضل المثالي على أرض الواقع، بدءاً من حياته وامتداداً من بعده بفضل الله تبارك وتعالى الذي قال ﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنفال: 63]، وامتن الله تعالى على هذه الأمة بقوله ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾.

 

وهكذا السور المكية هذه كانت تؤسس في النفوس البشرية العقيدة السلمية الصحيحة تجاه رب هذا الكون وإلهه، وكيف التعامل معه والتلقي عنه، وكيف نعبده، ما هي الرسالة المترددة بين الله وبيننا؟ من الله إنزالٌ ومنا حفظٌ وعمل، ومن هذا الرسول الذي حظي بهذا الشرف؟ فإنه سيدنا وسيد الكونين محمدٌ بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وماذا بعد هذا كله، بعد هذه الدنيا وما فيها ماذا ينتظرنا، هل الموت نهاية المطاف كما علم أهل الجاهليات، كما يتصور كثيرٌ من الناس، بالموت ينتهي كل شيء؟ كلا، إنما هناك الدار الآخرة، هناك يوم القيامة فيه يُعاد ترتيب الأمور، بحكمةٍ وعدلٍ من الله العزيز الغفور سبحانه وتعالى، فيعيد لكل واحدٍ فرصته ويجد كل إنسان عوضاً أو جزاءً عما وجده في الدنيا ﴿ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ ﴾ جعلنا الله فيهم ﴿ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ أعاذنا الله منها ومنهم.

 

أحبتي الكرام، هذه السورة باعتبارها سورةً مكيةً - وهذا هو موضوع السور المكية عموماً - فإنها سارت أيضاً في نفس هذا الاتجاه، وركزت على هذه الأركان العقدية، التي تبين للإنسان من الإله الحق الذي يُعبد، كما جاء في السورة من قول الله تعالى ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ﴾ أي له العبادة الحق ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ﴾ [الرعد: 14] له أي وحده لا شريك له، دعوة الحق العبادة والدعاء الحق، من دعاه لباه، ومن سأله أجابه ووالاه، أما تلك الآلهة المزعومة التي يعبد الناس من دون الله فإنهم لا يستجيبون لعابديهم بشيء، ولكي يصور الله هذا الخسران في سورة مرئية محسوسة زيادةً في البيان والوضوح قال ﴿ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ ﴾ [الرعد: 14] فتح كفيه ولم يجمعهم لأخذ الماء كما نفعل، كما تسمى بالحفنة، إنما فتح كفيه، فردهما، بسطهما إلى الماء، والماء عندهم كان في بئرٍ أو بحرٍ، بسطهما ليأخذ بهما ماءً يبلغ به فاه، فاليد بهذا الشكل المبسوط المفرود لا تحمل الماء، ولو حملت قليلاً جداً فلا تستطيع أن توصله إلى الفم للشرب، ولذلك يُكوُّر الواحد منا يديه أو كفيه عند أخذ الماء حتى يحفظه ليبلغ فاه أو نحوه، يعني لا يستجيبون لهم بشيء، لا ينتفعون من وراء آلهتهم بشيء، فأي إله هذا ذلك الذي لا ينفع؟!! إنما النافع هو الله عز وجل، النافع هو الله ولا نفع يقع في الكون إلا بإذن الله، وقالها النبي صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك" [2]، ولكي يثبت لنفسه الكمال سمى نفسه الضارّ، فلا تقال الضارّ وحدها، إنما تقال تتميماً للنافع؛ لئلا يظن أحد أن الله بعظمته ينفع ولا يستطيع الضر، لا، هو نافعٌ سبحانه وتعالى، بل هو النافع ولو أراد الضر لفعل، هو قادرٌ عليه ولا يريده إلا بحكمته[3].

 

ركزت السورة على القرآن أنه منزلٌ من عند الرحمن ﴿ المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الرعد: 1]، ﴿ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ﴾، ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ [الرعد: 43]، ركزت السورة بين آياتها ومن أولها إلى آخرها على مسألة الرسالة، والرسالة لا تكون إلا برسول، فكانوا ينكرون رسالته صلى الله عليه وسلم ونبوته ويزعمون أنه شاعرٌ ومفترٍ وساحر وكذاب ونحو ذلك، فعالجت السورة هذه الأمور، كان الكافرون الأوائل ومن لحقهم كذلك، كانوا يتمسكون بعقائدهم الباطلة تمسكاً شديداً، يعتبرون الأحجار آلهة ويعتصمون بها اعتصاماً لا ينفكون عنه، فناقشهم القرآن في السور المكية ومنها هذه السورة، ناقشهم في هذه العقيدة الخربة، العقيدة الفاسدة، كيف تعبد إلهاً لا يملك لنفسه شيئاً فكيف يملك لك؟! لم يبعث إليك رسولاً من عنده ولم يُنزل إليك كتاباً ولم يعلمك كيف تعبده، ولم يكلفك بتكليف، أين التجاوب والتفاعل بينك وبينه؟! ذلك ليعيد الإنسان إلى أرض الواقع، ليعيد الإنسان إلى صوابه عقله ورشده فيفكر، ولو فكر أهل الباطل بعقولٍ سليمة لعرفوا أنهم على باطل، ولكن للأسف طُبع على قلوبهم، فهذه السورة كغيرها من السور المكية توضح العقيدة الإسلامية أمام العيون، وترسخها في النفوس الطيبة المطمئنة مثل نفوس أولي الألباب، كما قال الله تعالى ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الرعد: 19]، الذي ينتفع بالتذكرة وينتفع بالآيات وينبهر بالمعجزات فيؤمن أولئك هم أولوا الألباب، أصحاب العقول الحية المتفكرة الواعية الفاهمة، أما غيرهم فهم كالعميان، أصابهم في قلوبهم عمى، فأبصارهم ترى الأشياء وتطلع إلى الآيات فلا تميز بينها وبين غيرها، الكل عندها سواء، هذه السورة المكية المباركة بهذه الموضوعات كان لها هدفٌ رئيس، نأخذه من أولها ومن آخرها ومن وسطها، فهو شيء تردد فيها كثيراً، ومن اسمها كذلك، فاسم السورة مع أولها ومع آخرها، هذه الأمور تحدد لنا هدف السورة، اسمها الرعد، والرعد كما عرفناه صوتٌ عالٍ، وفي بعض الروايات والأحاديث – رواها أهل السنن – أن الرعد مَلَكٌ يسوق السحاب، وأن ذلك الصوت هو صوته وهو يزجر السحاب بصوته، يزعق بالسحاب لتسير السحب حيث شاء الله تبارك وتعالى، كما يسوق صاحب الدابة دابته[4]، فهذا صوت الملك واسمه رعد، وقيل: البرق هذا لمعانٌ يظهر في أفق السماء عند سياقة السحب، من أثر ما يدفع الملك السحاب، فإنه يدفعها بشيء من حديدٍ وقيل من نارٍ في يده، يدفعها ويسوقها بهذا الشيء، سمي سيفاً، وسمي مخراقاً، هي آلةً في يد الملك، يزجر بها السحاب ويسوقه بها، فحينما تلمس السحابة تحدث هذا اللمعان، ولذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الصوت وما يصاحبه بأنه وعيدٌ وتهديدٌ من الله تعالى "فإذا رأيتموه فاتركوا المعاصي"[5]، ينبغي أن نخاف حينما نسمع صيحة ملك، فإن أقواماً بكاملها، أمة بكاملها كأمة ثمود، أمةٌ ذات حضارة، أمةٌ ذات تاريخ، أمةٌ قوية، ومع ذلك حين أهلكها الله تعالى أهلكها بصيحة، صيحةٌ من ملك وقف على باب مدينتهم وصرخ فيهم صرخة فصعقوا جميعاً وماتوا، فلأنها صرخة سماها الله صيحة، ولأنها أماتتهم وقتلتهم سماها الله صاعقة، فهذا تهديدٌ من الله تعالى يهددنا بشيءٍ من خلقه، فما بالك إذا تكلم الرحمن، الله أكبر، في الحديث: "إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رِعدةٌ"[6] السماء ترجف إذا تكلم الله بشيء من الوحي، مع أنه لا يخاطبها ولا يكلمها، إنما يلقي وحياً لجبريل أو غيره ليفعل كذا أو كذا، ساعتها السماء لا تطيق جلال صوت الله، أو جلال كلام الله سبحانه وتعالى، لا تطيق جلال كلام الله فتهتز اهتزازةً عنيفة، وتخر الملائكة كلهم سجَّدا، وهذا صوت ملك، وعلى ذلك أكثر المفسرين قالوا بهذا، فالرعد مَلَكٌ أو صوت ملك[7]، وهو صوتٌ كما قلت مسموعٌ للدنيا يسمعه الجميع، ويصاحبه برقٌ وظلمات، ويصاحبه غيثٌ نافعٌ للناس والبريات، فيه هذا وفيه هذا، هذا عن اسم السورة، وكأنه يضرب مثالاً للقرآن العظيم والوحي الكريم، ففي أول السورة ﴿ المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ﴾، وفي آخر السورة وختامها ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43]، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول له ربه: قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم وأيضاً من الشهداء على حقِّية ما معي من عنده علم الكتاب، اليهود والنصارى، فإن في كتبهم رغم ما حرفوا وبعد ما بدلوا لا تزال في كتبهم بشارات ثابتةٌ لم ينتبهوا إليها تبشر ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واحتج بها بعض العلماء المسلمين في العصر الحديث المتأخر هذا على بعض قساوسة النصارى حتى أقاموا عليهم الحجة، احتجوا عليهم بصدق ما عندنا أو في صدق ما عندنا بما عندهم في كتبهم المحرفة، لا تزال فيها نصوصٌ تنبئ ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبأحقية القرآن.

 

إذاً السورة تركز على الرسالة والرسول عليه الصلاة والسلام، نعم هي تتكلم عن أركان العقيدة، ولكن برز هذا العنصر بالذات، التفتت إليه السورة التفاتةً خاصة، وكأن السورة تشير إلى هذا المعنى، القرآن حق، القرآن المنزَّل من عند الله حقٌ وأحقيته واضحةٌ على سمع الزمان ومرآه، كما يسمع الرعد وما يصاحبه من البرق تراه العيون، لا يمكن أبداً لأحدٍ أن يُنكر إلا لعينٍ أصابها الرمد فلا ترى الأشياء على حقيقتها، أو أنفٌ أصابه الزكام فلا يميز بين الروائح والأشياء، إنما الإنسان العاقل الباقي على حسّه وذوقه فإنه يرى أحقيّة القرآن واضحةً جليةً، كان العرب قديماً رغم كفرهم وعنادهم كثيرٌ منهم كان بمجرد أن يسمع آيات من القرآن تؤثر فيه ويرى قدسية هذا الكلام، وأنه ليس من كلام البشر، الوليد بن المغيرة لعنة الله عليه بعثه قومه لمهارته في الشعر والكلام، هو في صناعة الكلام قديرٌ بين الناس، وليس في العرب مثله يومها فبعثوه ليتسمَّع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستخرج من القرآن أشياء يطعن بها في القرآن، أخطاء يعني، أخطاء يشكك بها الناس المسلمين، ويصد بها الكافرين عن اتباع هذا الرسول الجديد عليه الصلاة والسلام، فذهب وألقى سمعه وألقى قلبه، واستمع إلى ما يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن، فعاد إلى قومه وقال: والله يا قوم إنكم لتعلمون أني أشعر العرب، يعني أعظمكم شعراً، ما فيكم شاعرٌ مثلي، وأنا أعلمكم بشعر الجن والإنس، وقصوا عن بعض الجن أشعاراً، كان الوليد يعلم كل ذلك، وماهراً في كل ذلك، ثم قال: والله ما يقول هذا القرآن بشر؛ إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، لونٌ جميل، طلاءٌ عظيم، من الداخل كلامٌ مثبت محبك قوي محكم، ومن الخارج جميلٌ مطرب في الآذان والقلوب، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه[8]، قالوا: حسبك ما تقول، ما بعثك قومك لهذا، أي ما بعثناك لتمدح فيه، أو لتقيِّم بحقٍّ، إنما بعثناك لتستخرج مطاعن تطعن بها فيه، قال: إذاً دعوني أفكر، المسألة تحتاج لتفكير وإعداد واسترجاع رأيٍ وما إلى ذلك فأنظرون، فيقول الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾ قدَّر ماذا سيقول، كيف يقلب هذا الحق باطلاً، كيف يعود بكلامه هذا، ﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ أي فلُعن، لعنه الله كيف قدر، كيف يقول هذا الكلام بعد الكلام الجميل الذي قاله، كيف يرجع عن الحق بعد أن رآه وأحسه بذوقه وأذنه وقلبه، ﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ ﴾ اتخذ غرضاً ثابتاً أمام نظره وركز نظره، ﴿ ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴾ قطَّب وجهه كأنه استجمع قوى الشر بين عينيه، واستحضر عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللقرآن، ماذا أقول وأنا أعاديهم، وهكذا تجهَّم في وجهه ليقول ما يقول، ﴿ ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 21 - 25]، يقول الله تبارك وتعالى ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾، هذا عدو كافر، انظر ماذا قال حين سمع القرآن[9]، كثيرون منهم مجرد أن يسمعوا القرآن يؤمنون به مباشرةً دون توضيح ولا تفسير، فهم عربٌ يفهمون لغة القرآن، ويقرآه مصعب بن عمير رضوان الله عليه في المدينة قبل الهجرة، بعثه النبي عليه الصلاة والسلام داعياً إلى الإسلام هناك، وما كان يزيد على أن يقرأ شيئاً من القرآن على مسامع الناس، فيقبله الناس ويقبلون عليه، فسمعت به قبيلةٌ فبعثوا من يصرفه عنهم، بعث رئيس القبيلة ابن خالته ليرد مصعب، ويصرفه عن هذا المكان، فجاء متجهماً معادياً، قم يا رجل من هنا، انصرف من هنا، لا تقل هذا الكلام، كف عنه، فقال له مصعب: أو لا تجلس وتسمع فإن وجدت خيراً قبلته وإلا انصرفت عنك، قال: حسناً، عرضٌ جميل، يُحكِّم عقله فرأى عرضاً جميلاً فقال: حسناً فجلس، قرأ عليه آياتٍ من القرآن، فأشرق قلبه واستنار بصره، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم عاد إلى قومه فرأوه من بعيد، قالوا: لقد عاد إلينا بوجه غير الذي ذهب به، وجهه تغير، رأوا فيه مِسحة الإيمان بدلاً من مسحة الكفر، ولكن لا يعرفون ماذا هنالك، فسأله رئيس القبيلة: ماذا صنعت؟ قال: صرفته فلم ينصرف، لم يوافق على أن يمضي إلى طريقه، بقي مكانه، قال: أنا آتيه وأصرفه، ذهب رئيس القبيلة بنفسه فحدث معه مثل ما حدث مع ابن خالته، عرض عليه مصعب فقال: حسناً، فجلس فسمع فأسلم، عاد إلى قومه فرأوه من بعيد، قد عاد إلينا بوجه غير الذي ذهب به، ماذا هنالك؟ ما الذي يحصل؟! حتى وقف عليهم، فقام فيهم خطيباً، رئيسهم خطب فيهم خطبةً عامة فقال: ما أنا فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا إذا تكلمت سمعنا، إذا نكحت أنكحناك، إذا أمرت أطعناك.. إذا ..إذا، عظموه، قال: والله إن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فدخلوا في الإسلام جميعاً، بالقرآن ليس أكثر[10]، رأى الكفار هذا الأثر العجيب الذي يحوِّل القلب، ويغير كيان الإنسان وحياته وطريقه، فيبدأ ينظر إلى أمه وإلى أبيه وإلى الناس من حوله إن لم يسلموا فهم كفار، يفصل بين هذا وهذا، فقالوا: لا يفعل هذا إلا السحر، لا يقلب كيان الإنسان هكذا وحاله إلا السحر، هذا سحرٌ ومحمدٌ ساحر، لذلك وصفوه بالسحر أول ما سمعوا ورأوا أثر القرآن الكريم، فالقرآن عظيم.

 

هذه السورة تلفت نظرنا إلى هذه الرسالة العظيمة، وأن الحق الذي فيها ملأ أرجاء الدنيا ووضح للكل، كما وضح أمام أعينهم لمعان البرق، وكما وضح في أسماعهم صوت الرعد، فلا يختلط بصوت آخر، وقلت الرعد فيه وفيه، فيه برقٌ وظلمات كما قال ربنا: ﴿ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ﴾ فيصاحبه في هذا الجانب ظلمات وبرق، ويصاحبه في جانب آخر ويتبعه مطرٌ كثيرٌ وسيلٌ وغيثٌ ينبت الله به العشب والأرض، ويملأ به الضرع، ويعيش الناس حياتهم في هناء عظيم، يفرحون بهذا المطر فرحاً عظيماً، كذلك القرآن الكريم وصفه الله بمثل هذا، هو ذو أثرين له أثرٌ فيما آمن به، وله أثرٌ فيمن لا يؤمن به، قال الله تعالى في سورة فصلت: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ هو بهذا الشكل، هو بهذا الكلام، هو بهذه اللغة العربية، بهذا الإعجاز، هو القرآن للذين آمنوا هدى وشفاء، ﴿ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ ﴾ ثِقَلٌ لا يسمعون ﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ سبحان الله القرآن الذي يفتح قلوب وأذهان المؤمنين به يغلق على قلوب الكافرين به، ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾، القرآن المنزل من عند الله يزيد الكافرين به طغياناً وكفرًا، أنه كلما أنزلت آية سخروا منها، قالوا عنها، ارتدّوا عنها، كل ذلك يزيد في سيئاتهم، ويعظم في عذابهم، ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾.


هذا حال القرآن كأن السورة تلفت النظر وتوجه الهمم إلى الرسالة المُنَزَّلة مع هذا الرسول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، ألا فالتفتوا إلى القرآن الكريم قراءةً وحفظاً وعملاً، ربما نشط الناس للقراءة ولا ينشطون أكثر إلا في رمضان، أما الناشطون للحفظ فهم قليل، سئلت قريباً سؤالاً له العجب، امرأة يسأل عنها زوجها أنها سمعت بمسابقة في دولة أخرى يتحملون سفرها دون محرم، فأصرت الزوجة أن تسافر لهذه المسابقة، والزوج لا يريد أن تسافر زوجته من غير محرم، وهو وليها فمنعها من السفر ففات وقت المسابقة، فحزنت لذلك حزناً شديداً، تركت له البيت وانصرفت إلى بيت أبيها، هذا نموذج من المسلمين، نعوذ بالله أن يكون كثيراً فيهم، وكان في ردي كانت هناك ودائماً بين الحين والحين ربما في العام الواحد أكثر من مرة مسابقات دولية للقرآن الكريم، أما كانت تطلب أن تسافر لمسابقة مثل هذه، أما تنظر المرأة المسلمة وكذلك الرجل المسلم إلى أن يحفظوا القرآن، إلى أن يتسابقوا فيه، إلى أن يتنافسوا فيه، ولو أن يسافروا إلى بلاد أخرى، وساعتها لا يكون المحرم ممنوعاً، إن الله خلق لنا بديلاً وجعل لنا عوضاً عظيماً بالقرآن ندخل مسابقات، بالقرآن ننال الجوائز الكبيرة، ويسافر الناس هنا وهناك من أبناء المسلمين في أرجاء العالم للتصفيات الدولية في مسابقة القرآن، ويُسمعون على الشاشات عبر الإعلام، ويكون لهم صيت وشهرةٌ ما شاء الله لمن أراد ذلك، ويأخذون جائزةً كبيرة لمن أراد ذلك، والثواب من وراء ذلك كله أكبر وأعظم ﴿ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ ﴾، ﴿ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ ﴾، إلى أين تتجه همة المسلمين والمسلمات، حفظ القرآن، كثيرٌ من الناس وهذه أسئلةٌ حقيقةً تزعجني من كثرتها فضلاً عن موضوعها، تأتيني مع موعد التقديم للمدارس، كثيرون لا يريدون أن يدخلوا أولادهم الأزهر، من داخلهم يحبون الدين ويريدون أولادهم يدرسون في الأزهر، ولكن في الظاهر يرون المواد كثيرة، حفظ القرآن ثقيلاً وهكذا، فيسألون وكأنهم يريدون أن يتبعوا هواهم ببصمةٍ من شيخ من الشيوخ، فيسألون ندخل أولادنا في الأزهر، أو في غيره؟ فيقال لهم مثلاً: الأزهر خيرٌ فهو المؤسسة الوحيدة الباقية تحفظ دين الله عز وجل مهما أصابها مما أصابها فهي خير الموجودين، وحين يحفظ أولادنا شيئاً من القرآن، أو شيئاً من السنة، أو يتعلمون قدراً من الدين، فهذا خير من عدم كل ذلك، فيقولون: لكن القرآن عليهم القرآن كله وحفظه ثقيل وكذا، وتجد الولد يتعلم لغة أعجمية، ويقدمون له في مدارس لغات مع أنه لا يعرف اللغة بعد، يعطونه دورة في الكمبيوتر وكلها بالإنجليزي أيضاً أو بالعربية ونحوها، أياً كانت، الكمبيوتر سهل، اللغات الأجنبية سهلة، كل شيء وكل علم سهل إلا القرآن هو الصعب، مع أن الله بشّر في القرآن: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾، أقبلوا على القرآن، حفظوا أولادكم القرآن، بفضل الله تعالى في هذه الأيام رأينا أطفالاً كثيرين، ليس واحداً نابغاً، ليس واحداً فلتة، طفرة، بل طفرةٌ عامة في الأولاد إنما نحن الذين نضيِّق على أولادنا، بعض المساجد يحفظون الأولاد الصغار القرآن الكريم، ومعه يحفظونهم ما يسمى بمتون العلم، يعني يحفظ في كل علم من العلوم، الفقه، التفسير، العقيدة، الحديث، هذه العلوم يحفظون أصولها في متون، المتن الواحد للعلم الواحد ربما بلغ مئات الأبيات من الشعر، قصيدة طويلة يحفظها جمعت له باختصار هذا العلم، ما الذي حفظَّه هذا، نماذج رائعة ليست فريدة من نوعها ولكن تدلنا على ما في أولادنا من إمكانات، عجّلوا بتحفيظ أولادكم القرآن منذ صغرهم، في الوقت الذي لا يحسنون فيه الفهم قدر ما يحسنون الحفظ، يحفظون القرآن إن شاء الله، يكونون أثراً طيباً من بعدنا، القرآن القرآن يا أمة القرآن، العمل بالقرآن، قال ابن عباس رضي الله عنهما من أيامه في التابعين: ترك الناس العمل بثلاث آياتٍ من القرآن حسب حصره هو ونظرته رأى ثلاث آياتٍ غابت عن واقع الناس وتعاملاتهم، الأولى قول الله تعالى في سورة النساء: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾، حينما تقسمون التركة يتقاسمها أصحاب الميراث والفرائض، هناك أقارب فيهم الأيتام، وفيهم المساكين، وإلا فهم أقارب يعلمون أن تركة خالهم تقسم وليس لهم فيها، تركة جدهم تقسم وليس لهم فيها فرضٌ في الشرع، ألا يأخذون شيئاً ترد به عيونهم وتشفى به صدورهم؟ ينبغي أن نعطيهم ما تيسر، إرضاءً لهم ومحافظة على صلة الرحم بعيداً عن الفرائض الواجبة، هذا له النصف، هذا له الربع، هذا له الثمن، هذا يأخذ شيئاً لا حساب له، أي شيء، ما تيسر، هذه الآية تركها الناس من أيام ابن عباس رضي الله عنهما.

 

الآية الثانية في سورة النور: ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾، حينما أستأذن على واحد من الناس فيقول لي: ارجع الآن، لست مستعداً لاستقبال الضيوف الآن، معذرةً عاودني في وقت آخر، أغضب وأحزن، ما عاد أصحاب البيوت يقولونها، إنما يتهربون منها بالسكوت وعدم الصوت عند استئذان الضيف، لئلا يحرجوا منه فيرجع وحده، ولو قالوها لغضبت منهم غضباً شديداً، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما: طلبت هذه الآية عمري فلم أجدها، أي كان يستأذن على الناس ليقول له أحد الناس: ارجع الآن، فيرجع فيكون قد عمل بهذه الآية، فلم يجد من يقول له ارجع[11]، ومن يقول لابن عباس ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، حبر الأمة وترجمان القرآن، من يقول له: ارجع، فكان كل من يستأذن عليه يقول: من؟ يقول: أنا عبد الله بن عباس، يقول: نعم مرحباً يا هلا ويرحب به ويهلل لقدومه، تفضل مهما كانت الظروف، فلم يجد من يقول له: ارجع.

 

الآية الثالثة في سورة الحجرات ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾، منذ زمن قديم في بداية الأمة ترك الناس تقييم الإنسان بالتقوى والعمل الصالح، كما كان في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، إنما صاروا يقيمون بالأشكال وبالأجسام وبالوظائف وبالشهادات وبالأموال وما إلى ذلك[12].

 

إذاً ينبغي أن نهتم بالعمل بالقرآن، إذا كان من عهد التابعين قد تركوا ثلاث آيات من القرآن لم يعملوا بها، فكم آية الآن لم يعمل بها الناس؟ بل نقول السؤال بالعكس، لنكون منصفين، كم آية من القرآن يعمل بها الناس؟! تجد آية الصيام والزكاة والحج، ولا يعمل كل الناس بها أيضاً، كثيرٌ من الناس لا يصلي، كثير من الناس لا يصوم رمضان، كثيرٌ وأكثر لا يحجون بيت الله الحرام، وهكذا ترك الناس العمل بالقرآن ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلنعد إلى القرآن وسورة الرعد تسمعنا ذلك الصوت عليكم بالقرآن، هذا وحيٌ من عند الرحمن مُنزَّلٌ على الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، وهو رسول بشهادة الله ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾، إن لم تصدقوا ولا سبيل لنا أن نكلم الله عز وجل أو يكلمنا الآن فانطلقوا إلى كتب السابقين، فيها شهادات وخاصة ما يُعرف بإنجيل برنابا، ولكثرة ما فيه من بُشْرَيات احتفظ بها وكتبها صاحب الكتاب إنصافاً من عنده فإنهم لا يعترفون به، ويتهمونه لأنه يشهد عليهم لا يشهد لهم، إنه يشهد بالحق[13].

 

هذا وما بقي لنا إلا تناسب السورة مع ما قبلها نستدركه إن شاء الله تعالى بعد جلسة الاستراحة، وفقنا الله وإياكم للأخذ بالقرآن حفظاً وتلاوةً وفقهاً وعملًا، إنه نعم المولى ونعم المجيب، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد فأوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، وأحذركم ونفسي عن عصيانه تعالى ومخالفة أمره، فهو القائل سبحانه وتعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

أما بعد..

أيها الإخوة المسلمين الأكارم، هذه هي سورة الرعد وقبلها كانت سورة يوسف وبينهما وصالٌ عظيم ككلّ سور القرآن الكريم، تبدو جميعها وهي سورةٌ إلى جوار سورة كأنها جميعاً حبّاتٌ في عِقدٍ واحدٍ منظومٍ، ينتظم هذه الحبّات ويمسكها ببعضها ويحفظ ترتيبها، سلكٌ دخل في قلب كل سورة وفي قلب كلّ حبّة، حتى اجتمع الطرفان عند طرف العِقد، وعند اسم السورة فبرز بها اسم السورة، هذا الوصل يدل على أن القرآن من عند الله ليس من عند البشر، وهذا نجده في كتب البشر، حينما نقرأ كتاباً بأكمله نجد عدم اتصالٍ بين بعض الفصول بعضها وبعض، وربما بين بعض الأبواب، الباب الأول مع الباب الثاني هناك فجوة، الفصل الأول مع الفصل الثاني أو الثاني مع الثالث بينهما فجوة كانت تحتاج إلى وصل، لكنك أيها الحبيب المسلم تقرأ سورةً مهما طالت وتخرج منها إلى سورةٍ بعدها وكأنك لا زلت في السورة الأولى، لا تشعر أنك ختمت سورة وبدأت سورة إلا شعوراً خفيفاً، لأنك كررت بسم الله الرحمن الرحيم أو أعدت ذكرها، لكن الروح التي تقرأ بها هي هي، لا تشعر أنك انتقلت من مكان إلى مكان أعلى منه أو مكان أخفض منه فصارت عندك هِزّة، اهتززت عند هذا الانتقال، أبداً إنما انسياق عجيب، وصدق ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول: ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ﴾، إذاً طالما القرآن من عند الله ففيه تناسبٌ واتساقٌ كثير، ولكن نتدبر وننظر، وهذا العلم علم المناسبات والتناسب بين السور القرآنية علمٌ يقوم على الاجتهاد، ليس فيه نصٌّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا قولٌ للصحابة رضي الله عنهم لأنهم كانوا يلحظون هذا التناسب بحكم اللغة العربية التي فُطروا عليها، فما يحتاجون إلى هذه المسألة، لكن احتاجها هذا الجيل وما قبله في هذه العصور المتأخرة، حيث ضاعت منهم اللغة العربية، فما حكمة مجيء هذه السورة بعد ما قبلها وما صلتهما ببعضهما، هذا نحتاجه نحن بحكم فقداننا للغة العربية، فلذلك تعرض المفسرون له، وتجد فيه ربما أكثر من قول وكل قول لا يعارض الآخر لأنه أمرٌ قائمٌ على التدبر، وكل ناظر يطلعه الله تعالى على شيءٍ من هذه الحكمة[14]، ومن هذا الوصل الكريم، انتهت سورة يوسف بقول الله تبارك وتعالى في آخر آية منها: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾، وفي وسط هذه السورة وتعتبر آيةً من صلب السورة ومن هدفها: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾، من ينتفع بمثل قصة يوسف؟ من يعتبر بها؟ أولوا الألباب، كما بينته سورة يوسف وتؤكده سورة الرعد بعدها، تكملة الآية الأخيرة: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ﴾ القرآن الذي ذكر هذه القصة ما كان حديثاً يفترى ويختلق من عند الناس ﴿ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾، يؤمنون، وفي أول سورة الرعد في أول آياتها: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ﴾، ويقابل هذه الآية في أول الرعد ما في آخر سورة يوسف أيضاً من قول الله تعالى: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾، وكأن السورتين متشابكتان، هذه تأخذ بتلك، وخاصةً أن السورتين مكيتان، فهذه مناسبةٌ أخرى، والجو هنا وهنا واحد، الحديث هنا وهنا عن التوحيد، وعن إثبات وجود الله عز وجل، وإثبات الرسالة كما أرسل الله يوسف أرسل غيره، وكما كان يعقوب كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهكذا، فبين السورتين تواصلٌ عجيب، وتواصلٌ كريم، وكلّ سور القرآن كذلك، فتبدو كلها كعِقدٍ نظيمٍ في شكلٍ عظيمٍ كريم.

 

نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بهذا القرآن، اللهم انفعنا وارفعنا بهذا القرآن العظيم، اللهم انفعنا وارفعنا بهذا القرآن العظيم، في الدنيا ويوم نقوم لليوم العظيم، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وجلاء همنا، وذهاب غمنا وحَزَننا، اللهم اجعله لنا في الدنيا رفيقا، وفي القبر مؤنسا، وفي القيامة شفيعا، وفي الآخرة يا ربنا سنداً وشفيعا، إنك على كل شيءٍ قدير، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أعلي راية والإسلام وانصر الإسلام وأعز المسلمين، واخذل الشرك والمشركين، والكفر والكافرين، ومن عاونهم من المنافقين، بحولك وقوتك يا قوي يا متين، اغفر اللهم للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات ورافع الدرجات، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أعمالنا أواخرها، وأوسع أرزاقنا عند كبر سننا، وخير أيامنا يوم نلقاك يا أرحم الراحمين.

 

عباد الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم.. وأقم الصلاة.



[1] ذهب إلى ذلك جمع من العلماء، منهم ابن كثير (4/ 428)، وقد حكى السيوطي الخلاف في ذلك في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (8/ 359)، دار هجر تحقيق د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، والراجح أنها مدنية، "ولكنها تتناول المقاصد الأساسية للسور المكية، من تقرير: الوحدانية، والرسالة، والبعث والجزاء، ودفع الشبه التي يثيرها المشركون، ولهذا عدَّها بعضهم مكية". انظر: تفسير السور الكريمة (يوسف، الرعد، إبراهيم)، محمد علي الصابوني، ص (62) مكتبة الغزالي.

[2] أخرجه الترمذي (2516) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

[3] لم يثبت بدليل صحيح أن الضار من أسماء الله تعالى، وإنما ورد ذلك في الحديث المشهور الذي فيه تعداد الأسماء الحسنى، وهو حديث ضعيف، رواه الترمذي وغيره، والمقرر عند أهل العلم أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة، فإذا لم يثبت الاسم، وكان معناه صحيحا فإنه يجوز الإخبار به عن الله تعالى، فيقال : الله هو الضار النافع، لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات، لكن لا يعبّد بهذا الاسم، فلا يقال : عبد الضار أو عبد النافع ؛ لأنه لم يثبت اسمًا لله تعالى، وأما ما يوجد في كلام بعض أهل العلم من تسمية الله تعالى بالضار النافع، فلعل ذلك منهم اعتمادًا على حديث الترمذي، وقد سبق أنه حديث ضعيف، والمعوّل عليه هو الدليل الصحيح من الكتاب أو السنة. أهـ من الإسلام سؤال وجواب.

[4] أخرجه أحمد ( 2483)، والترمذى (3117) وصححه عن ابن عباس ولفظه: "قال: أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: "ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب، بيده مخراق من نار، يزجر به السحاب، يسوقه حيث أمره الله"، قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: "صوته" قالوا: صدقت". وحسنه الألباني في الصحيحة (1872)، وانظر: صحيح الأدب المفرد، للألباني (559)، لكن درس الشيخ الدكتور حاكم المطيري الحديث في كتابه: "دراسة حديثية نقدية لحديث (الرعد ملك)"، وانتهى إلى أنه حديث منكر مرفوعاً على أحسن الأحوال، إن لم يكن باطلاً موضوعاً.

[5] لم أقف عليه في شيء من كتب الحديث.

[6] أخرجه البخاري (4522)، من حديث أبي هريرةولفظه: "إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ ".

[7] انظر: تفسير الطبري (1/ 338 - 342)، وابن كثير (4/ 441)، الوسيط لسيد طنطاوي (ص 2369 – بترقيم الشاملة).

[8] أخرجه الحاكم (3804)، وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، والبيهقي في الدلائل (532)، وضعفه الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول (1/ 225).

[9] انظر أسباب النزول، للواحدي: (372)، البداية والنهاية (3/ 60).

[10] البداية والنهاية (3/ 187).

[11] ذكره الطبري عن عن قتادة، قال: قال رجل من المهاجرين: لقد طلبت عمري كله هذه الآية، فما أدركتها، أن أستأذن على بعض إخواني، فيقول لي: ارجع، فأرجع وأنا مغتبط؛ لقوله: ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾، انظر: تفسير الطبري (19/ 150).

[12] لم أعثر عليه.

[13] إنجيل برنابا هو كتاب حول حياة المسيح عليه السلام، يفترض أن كاتبه برنابا أحد حواريي المسيح عليه السلام، لم تعترف به الكنيسة المسيحية، لأنه يدعم الحقيقة في أمور ثلاثة رئيسة: أولها: بشرية المسيح وأنه عبد رسول، وثانيها: يتضمن كثيرًا من البشارات بالنبي محمد صلى الله عليه وسلّم، وثالثها: أن المسيح لم يصلب لكن شبه لهم، ويلخص الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتابه "الأسفار الثلاثية في الأديان السابقة للإسلام"، القول حوله في الصفحات (83- 88)، على أنا نؤكد: الإسلام ليس في حاجة إلى شهادة من خارجه بحال من الأحوال، وأن الشواهد من داخله كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وهي شواهد صادقة لا يتطرق إليها الشك بحال.

وإنجيل برنابا مطبوع مشهور.

[14] علم المناسبات هو علم تعرف منه علل ترتيب أجزاء القرآن، انظر: نظم الدرر للبقاعي (1/ 6)، وقد نبه إلى أهميته عدد من العلماء من أبرزهم الفخر الرازي حيث قال: "أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط"، انظر: الإتقان، للسيوطي: (3/ 322)، ونبه إلى عدم الإغراق فيه والتكلفه مع كل موضع علماء منهم العز بن عبد السلام، والشوكاني انظر: فتح القدير: (1/ 75)، وممن أفرده بالتصنيف: أبو جعفر بن الزبير في كتابه: "البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن"، والسيوطي في كتابه: "تناسق الدرر في تناسب السور"، والغُمَاري في كتابه: "جواهر البيان في تناسب سور القرآن"، وأعظم من كتب فيه هو البقاعي في كتابه: "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" وهو يذكر المناسبات بين آيات القرآن وسوره كلها وبلغ كتابه اثنين وعشرين مجلداً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تلاؤم المعاني في سورة الرعد
  • التلاؤم في جو سورة الرعد
  • تفسير الربع الأخير من سورة الرعد
  • تفسير سورة الرعد كاملة
  • مقاصد سورة إبراهيم
  • مقاصد سورة الإسراء
  • مقاصد سورة الكهف
  • توحيد الربوبية في سورة الرعد

مختارات من الشبكة

  • مقاصد الصيام (2) مقاصد التربية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مقاصد السيرة النبوية (1) مقاصد النسب الشريف للنبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين (مقاصد الشريعة) و(مقاصد النفوس)!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد الشريعة الإسلامية في أحكام الأسرة والنكاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد العبادات في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع المقاصد باعتبار مدى الحاجة إليها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن بالقرآن من أول سورة يونس إلى آخر سورة الرعد جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • خصائص النظم في سورة الرعد وغيرها من السور(مقالة - موقع د. محمد الدبل)
  • من مقاصد الشريعة في المعاملات المالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة النساء (نور البيان في مقاصد سور القرآن)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب