• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

منهج تفسير أبي السعود

الشيخ مسعد أحمد الشايب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/3/2017 ميلادي - 2/7/1438 هجري

الزيارات: 74736

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج تفسير أبي السعود


منهجه وبعض ما تميز به تفسيره:

أولًا: الصياغة السهلة، والسبك الجيد: اعتمد العلامة أبو السعود في تفسيره على الأسلوب السلس الرفيع، الجيد السبك، الغاية في الفصاحة والبلاغة، القائم على العبارات الرصينة المتماسكة التي يأخذ بعضها بركاب بعض.

 

يقول البوريني: (والعجب أن المفتي المذكور ألَّف تفسيرًا عظيمًا مقبولًا عند الخاص والعام، وعباراته غاية في الفصاحة والبلاغة، وأما محافظته على العبارات الفصيحة، والمعاني البليغة المليحة، فذاك أمر قد وقع عليه الإجماع، ولم يقع فيه اختلاف ولا نزاع)[1]؛ اهـ.

 

ثانيًا: ذكره للمناسبات: اهتم العلامة أبو السعود بإبراز التناسب بين الآيات، أو ما يسمى بـ: (علم المناسبة)، وقد سبقه الفخر الرازي ت (606هـ) إلى ذلك في تفسيره (مفاتيح الغيب)، وهذا العلم قل اعتناء المفسرين به؛ لدقته، وبيان المناسبة بين الآية وسابقتها هو أول شئ يبدأ به العلامة أبو السعود تفسيره للآية، فيقول مثلًا في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]: (﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ ﴾ [البقرة: 30] بيان لأمر آخر من جنس الأمور المتقدمة المؤكدة للإنكار والاستبعاد؛ فإن خَلْق آدم عليه السلام وما خصه به من الكرامات السنية المحكية من أجلِّ النعم الداعية لذريته إلى الشكر والإيمان، الناهية عن الكفر والعصيان، وتقرير لمضمون ما قبله من قوله تعالى: ﴿ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، وتوضيح لكيفية التصرف والانتفاع بما فيها، وتلوين الخطاب بتوجيهه إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة للإيذان بأن فحوى الكلام ليس مما يهتدى إليه بأدلة العقل، كالأمور المشاهدة التي نبه عليها الكفرة بطريق الخطاب، بل إنما طريقه الوحي الخاص به عليه السلام)[2]؛ اهـ.

 

ثالثًا: التعرض لأسباب النزول: العلامة أبو السعود يتعرض كثيرًا في تفسيره لأسباب النزول، وكان أحيانًا يردها؛ كردِّه لسبب نزول قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأحقاف: 17]، فقال: (وما رُوي من أنها نزلت في عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قبل إسلامه يرده ما سيأتي من قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ﴾ [الأحقاف: 18] الآية، فإنه كان مِن أفاضل المسلمين وسرواتهم، وقد كذَّبت الصِّدِّيقة رضي الله عنها من قال ذلك)[3]؛ اهـ.

 

وكان أحيانًا يذكر أكثر من سبب في الآية الواحدة؛ كما فعل عند قوله تعالى: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 128]، فقال: (رُوي أنها نزلت في عمرة بنت محمد بن مسلمة وزوجها سعد بن الربيع، تزوجها وهي شابة، فلما علاها الكبر تزوج شابة وآثرها عليها وجفاها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكت إليه ذلك، وقيل: نزلت في أبي السائب، كانت له امرأة قد كبرت وله منها أولاد، فأراد أن يطلقها ويتزوج غيرها، فقالت: لا تطلقني ودعني على أولادي فاقسم لي من كل شهرين إن شئت، وإن شئت فلا تقسم لي، فقال: إن كان يصلح ذلك فهو أحب إليَّ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فنزلت)[4]؛ اهـ.

 

رابعًا: الاستعانة بالقراءات في توضيح المعنى، ولكن بدون توسع: فيقول مثلًا عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]: (﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6]؛ أي: فتعرَّفوا وتفحَّصوا؛ رُوي أنه صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة أخا عثمان رضي الله عنه لأمه مصدقًا إلى بني المصطلق، وكان بينه وبينهم إحنة (عداء)، فلما سمعوا به استقبلوه، فحسِب أنهم مقاتلوه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قد ارتدوا ومنعوا الزكاة، فهمَّ صلى الله عليه وسلم بقتالهم، فنزلت، وقيل: بعث إليهم خالد بن الوليد فوجدهم منادين بالصلاة متهجدين، فسلموا إليه الصدقات فرجع، وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر إشارة إلى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد، وقرئ ﴿ فَتَثَبَّتُوا ﴾ [الحجرات: 6]؛ أي: توقَّفوا إلى أن يتبين لكم الحال)[5]؛ اهـ.

ويقول الدكتور الذهبي: (كما نلحظ عليه أنه يعرض أحيانًا لذكر القراءات، ولكن بقدر ما يوضح به المعنى، ولا يتوسع كما يتوسع غيره)[6].

 

خامسًا: الإقلال من رواية الإسرائيليات: مما تميز به العلامة أبو السعود في تفسيره قلة الوقوع في الإسرائيليات، وعدم حشوه وإطالته للتفسير بها كما وقع من بعض المفسرين، وإن تعرض لها فيتعرض لها ممرضًا ومضعفًا حينما يوردها مسبوقة بصيغة (رُوي) أو (قيل)، ومع ذلك فإنه ربما وقع منه بعضها؛ كما في تفسير قوله تعالى: ﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص: 24].

 

فيقول: (وأصل القصة أن داود عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له: أوريا، فمال قلبه إليها، فسأله أن يطلقها فاستحى أن يرده، ففعل، فتزوجها، وهي أم سليمان عليه السلام، وكان ذلك جائزًا في شريعته معتادًا فيما بين أمته غير مخل بالمروءة؛ حيث كان يسأل بعضهم بعضًا أن ينزل له عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته، وقد كان الأنصار في صدر الإسلام يواسون المهاجرين بمثل ذلك من غير نكير، خلا أنه صلى الله عليه وسلم لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شأنه نبه بالتمثيل على أنه لم يكن ينبغي له أن يتعاطى ما يتعاطاه آحاد أمته، ويسأل رجلًا ليس له إلا امرأة واحدة أن ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه، بل كان يجب عليه أن يغالب هواه ويقهر نفسه ويصبر على ما امتحن به، وقيل: لم يكن أوريا تزوجها بل كان خطبها ثم خطبها داود عليه السلام فآثره عليه السلام أهلُها، فكان ذنبه عليه السلام أن خطب على خطبة أخيه المسلم)[7]؛ اهـ.

 

سادسًا: التركيز على النواحي البلاغية: وهذا من أعظم ما تميز به تفسير العلامة أبي السعود؛ فهو يُعنى عناية خاصة ببلاغة القُرْآن الكريم وأبوابها المختلفة، خصوصًا علم المعاني، فيقف مثلًا وقفات ذكية أمام باب الفصل والوصل، وعند الالتفات في القُرْآن الكريم وأغراضه البلاغية، ويبين أن التنقل من أسلوب إلى أسلوب أشد وقعًا في النفوس، وأكثر استمالة للقلب، ومما يلاحظ في تفسيره أيضًا التأكيد على التكرار وفوائده في فهم كلام الله عز وجل، وهدفه من ذلك رحمه الله إظهار أن إعجاز القُرْآن في وجوه بلاغته؛ يقول مثلًا عند تفسيره قوله تعالى: ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الصافات: 65]: ﴿ طَلْعُهَا ﴾ [الصافات: 65]؛ أي: حملها الذي يخرج منها مستعار من طلع النخلة؛ لمشاركته له في الشكل والطلوع من الشجر، قالوا: أول التمر طلع ثم خلال ثم بلح ثم بسر ثم رطب ثم تمر، ﴿ كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الصافات: 65] في تناهي القبح والهول، وهو تشبيه بالمخيل، كتشبيه الفائق في الحسن بالملَك، وقيل: الشياطين الحيات الهائلة القبيحة المنظر لها أعراف، وقيل: إن شجرًا يقال له الأستن، خشنًا منتنًا مرًّا منكر الصورة يسمى ثمره رؤوس الشياطين)[8]؛ اهـ.

 

يقول الدكتور الذهبي: (قرأت في هذا التفسير فلاحظت عليه - غير ما تقدم - أنه كثير العناية بسبك العبارة وصوغها، مولع كل الولوع بالناحية البلاغية للقُرْآن، فهو يهتم بأن يكشف عن نواحي القُرْآن البلاغية، وسر إعجازه في نظمه وأسلوبه، وبخاصة في باب الفصل والوصل، والإيجاز والإطناب، والتقديم والتأخير، والاعتراض والتذييل، كما أنه يهتم بإبداء المعاني الدقيقة التي تحملها التراكيب القُرْآنية بين طياتها، مما لا يكاد يظهر إلا لمن أوتي حظًّا وافرًا من المعرفة بدقائق اللغة العربية، ويكاد يكون صاحبنا هو أول المفسرين المبرزين في هذه الناحية)[9]؛ اهـ.

 

سابعًا: الإقلال من ذكر المسائل والخلافات التي تخرج عن أصل التفسير: وهذا أيضًا من محاسن تفسير العلامة أبي السعود؛ أنه محَّضه (خلَّصه) للتفسير، ولم يتطرق كثيرًا إلى ما يخرجه عن أصل التفسير كالمسائل والخلافات الفقهية كما فعل القرطبي في تفسيره، وكالمسائل الفلسفية كما فعل الرازي في تفسيره، والمسائل النَّحْوية كما فعل السمين الحلبي في تفسيره، والقضايا التاريخية... إلخ، فيقول مثلًا في تفسيره لقول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6]: (واختلف العلماء في القدر الواجب، فأوجب الشافعي أقل ما ينطلق عليه الاسم أخذًا باليقين، وأبو حنيفة ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث مسح على ناصيته، وقدرها بربع الرأس، ومالك مسح الكل أخذًا بالاحتياط)[10]؛ اهـ.

 

يقول الدكتور الذهبي: (فالكتاب دقيق غاية الدقة، بعيد عن خلط التفسير بما لا يتصل به، غير مسرف فيما يضطر إليه من التكلم عن بعض النواحي العلمية، وهو مرجع مهم يعتمد عليه كثير ممن جاء بعده من المفسرين)[11]؛ اهـ.

 

ثامنًا: الترجيح بأثر النظم والسياق: وهذا أعظم ما تميز به تفسير العلامة أبي السعود على الإطلاق، وهذا هو موضوع تلك الأطروحة العلمية.

يقول البوريني: (ولقد تفرد بشيء في تفسيره جزاه الله خير الجزاء، وهو أنه يتقيد غالبًا باعتماد الوجه الذي يناسب سِياقَ النظم الكريم وسِباقَه، ويسلك غالبًا الإيضاح لمعاني كلام الله عز وجل)[12]؛ اهـ.

 

تاسعًا: الذب عن عقيدة أهل السنة والجماعة: فبالرغم من إعجاب العلامة أبي السعود بتفسير (الكشاف) فإنه لم يتأثر بما فيه من نزَعات اعتزالية، ووقف منها موقف المحذر منها الرافض لها.

يقول الدكتور الذهبي: (... تبين لنا أن أبا السعود يعتمد في تفسيره على تفسير الكشاف والبيضاوي وغيرهما ممن تقدمه، غير أنه لم يغتر بما جاء في الكشاف من الاعتزالات؛ ولهذا لم يذكرها إلا على جهة التحذير منها، مع جريانه على مذهب أهل السنة في تفسيره)[13]؛ اهـ.

 

قلت: لم يقف العلامة أبو السعود هذا الموقف من النزعات الاعتزالية فقط، بل وقف كذلك أمام كل رأي مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة، وانظر على سبيل المثال ردَّه لرأي الجهمية في (مسألة أفعال العباد) عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 84، 85]، وسيأتي ذلك في ثنايا الدراسة التطبيقية[14].

 

عاشرًا: التعرض للنواحي الإعرابية: وهذا أيضًا من مميزات تفسير العلامة أبي السعود؛ تعرُّضه للنواحي الإعرابية في الآية، وتفسير الآية على جميع هذه الوجوه الإعرابية، ثم ترجيحه لواحد منها حسب وجهة نظره، وقد عقدت في تلك الأطروحة فصلًا كاملًا في ذلك، فيه سبعة نماذج تطبيقية[15]، فيقول مثلًا في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 107]: (و(ما) إما تميمية لا عمل لها، و(لكم) خبر مقدم، و(من ولي) مبتدأ مؤخر زِيدت فيه كلمة (من) للاستغراق، وإما حجازية، و(لكم) خبرها المنصوب عند من يجيز تقديمه، واسمها (من ولي)، و(من) مزيدة لما ذكر، و(من دون الله) في حيز النصب على الحالية من اسمها؛ لأنه في الأصل صفة له، فلما قدم انتصب حالًا، ومعناه سوى الله، والمعنى أن قضية العلم بما ذكر من الأمور الثلاثة هو الجزم والإيقان بأنه تعالى لا يفعل بهم في أمر من أمور دينهم أو دنياهم إلا ما هو خير لهم، والعمل بموجبه من الثقة به والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه من غير إصغاء إلى أقاويل الكفرة وتشكيكاتهم التي من جملتها ما قالوا في أمر النَّسْخ)[16]؛ اهـ.

 

يقول الدكتور الذهبي: (كما نلحظ عليه أنه يعرض أحيانًا للناحية النحوية إذا كانت الآية تحتمل أوجهًا من الإعراب، وينزل الآية على اختلاف الأعاريب، ويرجح واحدًا منها ويدلل على رجحانه)[17]؛ اهـ.

 

حادي عشر: استخراجه للاستنباطات الفقهية، والعقدية، والإرشادية... إلخ: وهذا أيضًا من جملة ما تميز به تفسير العلامة أبي السعود[18]، فيقول مثلًا في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6] مستنبطًا أفضلية الترتيب بين أركان الوضوء على ما ذكرت الآية: (وفي الفصل بينه وبين أخواته إيماءٌ إلى أفضليةِ الترتيب)[19]؛ اهـ.

 

بعض المآخذ على تفسير العلامة أبي السعود:

أولًا: ذكر العلامة أبي السعود لحديث ضعيف في ثنايا تفسيره: فقد وقع العلامة أبو السعود فيما وقع فيه صاحب (الكشاف)، وصاحب (أنوار التنزيل) من أنه ذكر في آخر كل سورة حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضلها، وما لقارئها من الثواب والأجر عند الله، مع أن هذه الحديث موضوع باتفاق أهل العلم جميعًا، ويعرف بينهم بحديث أبي بن كعب الموضوع في فضائل السور، ناهيك عن وقوعه في بعض الإسرائيليات كما تقدم، وعدم تحقيقه لبعض أسباب النزول.

 

ثانيًا: رواية العلامة أبي السعود عن بعض مَن اشتهروا بالكذب: يقول الدكتور الذهبي: (كما نلاحظ عليه أنه يروي بعض القصص عن طريق الكلبي عن أبي صالح؛ فمثلًا عند تفسيره لقوله تعالى في الآية [15] وما بعدها من سورة سبأ: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ﴾ [سبأ: 15]... الآيات إلى آخر القصة، نجده يقول: وأصل قصتهم ما رواه الكلبي عن أبي صالح: أن عمرو بن عامر من أولاد سبأ، وبينهما اثنا عشر أبًا، وهو الذي يقال له: (مزيقيا بن ماء السماء)، أخبرته (طريفة) الكاهنة بخراب سد مأرب، وتغريق سيل العرم الجنتين... ويمضي في ذكر روايات أخرى عن رجال آخرين، مع العلم أن الكلبي متهم بالكذب، فقد قال السيوطي في خاتمة الدر المنثور ما نصه: (الكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب)، ولكن نجد أبا السعود يخلص من تبعة هذه الروايات التي سردها بقوله أخيرًا: (والله تعالى أعلم)، وهذا يشعر بأنه يشك في صدقها وصحتها)[20]؛ اهـ.

قلت: كان الأولى للعلامة أبي السعود ألا يذكرها مطلقًا، وينزه تفسيره عنها، أو على الأقل يقوم بنقدها وردها.

 

رابعًا: مما يؤخذ على العلامة أبي السعود في تفسيره أنه ربما يتعرض لقراءة شاذة ولا يبين شذوذها، كما وقع عند قوله تعالى: ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴾ [الصافات: 51، 52]، فيقول: (وقرئ بتشديد الصاد من التصدُّق، والأول هو الأوفق؛ لقوله تعالى: ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ [الصافات: 53]؛ أي: لمبعوثون ومجزيُّون، من الدَّيْن بمعنى الجزاء، أو لمَسُوسون يقال: دانه؛ أي: ساسه)[21]؛ اهـ.

 

خامسًا: عدم تحقيقه لكثير من أسباب النزول، فقد كان تحقيقه رحمه الله لأسباب النزول نادرًا، وعذره في ذلك أنه كان يرويها بصيغة التمريض (قيل).



[1] "تراجم الأعيان" (1/ 241).

[2] "إرشاد العقل السليم" (1/ 79).

[3] "إرشاد العقل السليم" (8/ 84).

[4] "إرشاد العقل السليم" (2/ 239، 240).

[5] "إرشاد العقل السليم" (8/ 118).

[6] "التفسير والمفسرون" لمحمد حسين الذهبي ت (1398هـ)، نشر: مكتبة وهبة القاهرة (1/ 249).

[7] "إرشاد العقل السليم" (7/ 222). وهذه القصة لا تصح، ولا يصح نسبة ما فيها إلى نبي من أنبياء الله عز وجل، ولا دليل على ما ذكره العلامة أبو السعود من جواز ذلك في شريعتهم، قال ابن الجوزي: (وهذا لا يصح من طريق النقل، ولا يجوز من حيث المعنى؛ لأن الأنبياء منزَّهون عنه). "زاد المسير" (3/ 566)، وقال الحافظ ابن كثير: (قد ذكر المفسرون ها هنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثًا لا يصح سنده؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد وإن كان من الصالحين، لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة؛ فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة، وأن يرد علمها إلى الله عز وجل؛ فإن القرآن حق، وما تضمن فهو حق أيضًا)؛ "تفسير ابن كثير" (7/ 60).

[8] "إرشاد العقل السليم" (7/ 194).

[9] "التفسير والمفسرون" (1/ 248).

[10] "إرشاد العقل السليم" (3/ 10، 11).

[11] "التفسير والمفسرون" (1/ 250).

[12] "تراجم الأعيان" (1/ 241).

[13] "التفسير والمفسرون" (1/ 248).

[14] انظر: التطبيق الثالث من الفصل الأول تحت عنوان: (أثر النظم في بيان الدخيل والإسرائيليات) من تلك الأطروحة.

[15] انظر: الفصل السادس تحت عنوان: (أثر النظم في ترجيح المحتملات الإعرابية) من تلك الأطروحة.

[16] "إرشاد العقل السليم" (1/ 144).

[17] "التفسير والمفسرون" (1/ 250).

[18] انظر: الفصل الرابع تحت عنوان: (أثر النظم في استنباط الأحكام الفقهية، والعقدية ...) من تلك الأطروحة.

[19] "إرشاد العقل السليم" (3/ 11).

[20] "التفسير والمفسرون" (1/ 249).

[21] "إرشاد العقل السليم" (7/ 192)، وسيأتي مزيد إيضاح لشذوذ هذه القراءة في الفصل الثامن من الدراسة التطبيقية، تحت عنوان: (أثر النظم في توجيه القراءات القرآنية) التطبيق الأول.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطة دكتوراه: أثر نظم القرآن في تفسير أبي السعود المتوفى (982هـ) دراسة تطبيقية
  • ترجمة أبي السعود محمد العمادي
  • مصادر تفسير إرشاد العقل السليم لأبي السعود العمادي
  • تفسير أبي سعيد الحنفي بين الاندثار والازدهار

مختارات من الشبكة

  • مناهج المحدثين العظماء (منهج الإمامين أبي داود والترمذي رحمهما الله)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • أولويات التربية "عقيدة التوحيد"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • سيد المناهج (المنهج الوصفي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا إله إلا الله: منهج حياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علل التعبير القرآني في تفسير أبي السعود(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تعدد التوجيه النحوي في تفسير أبي السعود (WORD)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تعدد التوجيه النحوي في تفسير أبي السعود (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • حاشية على تفسير أبي السعود – الجزء الأول(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة السادسة: تابع منهج الإمام الطبري في التفسير)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب