• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

حقيقة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

حقيقة سحر النبي صلى الله عليه وسلم
حازم جمعة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/11/2014 ميلادي - 16/1/1436 هجري

الزيارات: 31347

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقيقة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

 

تفسير خبر عائشة رضي الله عنها، وهو في الصحيحين قالت: "سُحِر النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان يخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله".

 

وهذا التركيب (يخيل إليه أنه كذا): قد يدل على الظن بدرجاته؛ الوهم، والشك، والظن الراجح، وفي هذا البحث أسوق لك الأمثلة على كل نوع من أنواع الظن؛ لندرك معًا أين موقع خبر عائشة رضي الله عنها من هذه الأنواع، وهذا التركيب به غموض لا يظهر إلا بتحليل أجزائه.

 

قال تعالى: ﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66].

يخيَّل إليه؛ أي: يشتبه عليه.

 

قال الشاعر:

الحق أبلج لا يُخِيل سبيله
والصدق يعرفه ذوو الألبابِ

 

ذكره صاحب العين، وهو في تهذيب اللغة، وأساس البلاغة، ولسان العرب.

قال الخليل والأزهري: كل شيء اشتبه عليك، فهو مُخِيل، وقد أخال.

 

قال الزمخشري: وأخال عليه الشيء: اشتبه وأشكل، يقال: لا يُخيل ذاك على أحد، وذكر البيت، ثم قال: وخُيِّل إليه أنه دابة، فإذا هو إنسان، وتخيل إليه.

 

قرأ ابن ذكوان عن ابن عامر، ورَوح عن يعقوب: "تخيل" بالتاء الفوقية، وقرأ الباقون بالتحتية.

 

878 -

وقل ساحر سحر شفا وتلقَّف ار
فع الجزم مع أنثى يخيّل مقبلا

(الشاطبية)

 

158-............... أَنِّثْ يُخَيِّلُ يُجْتَلَى (الدرة).

 

قال الأزهري في معاني القراءات:

وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66].

 

قرأ عبدالله بن عامر: (تُخَيَّلُ إِلَيْهِ) بالتاء وفتح الخاء، وقرأ الباقون: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) بالياء مضمومة وفتح الخاء.

 

قال أبو منصور: مَن قرأ (تُخَيَّلُ) بالتاء، فالمعنى: تُخيل الحِبال والعصيُّ إلى موسى أنها تسعى، ومَن قرأ: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ)، فلا إضمار فيه؛ لأن اسم ما لم يُسَم فاعله: (أنَّ) من قوله: (أَنَّهَا تَسْعَى)، وهي بمنزلة المصدر، وموضعها رفع، ولا علامة للرفع فيها؛ لأنها إذا حولت إلى الأسماء، فمعنى ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66]: يُخَيَّلُ إليه من سحرهم سَعيُها.

 

قال أبو منصور: ومعناه: أنه يراها تسعى، ولا تسعى، ولكنه تَخييل من السَّحَرة وكيدهم.

 

وفي القراءات وأثرها في علوم العربية لمحمد محمد محمد سالم محيسن:

قرأ "ابن ذكوان، ورَوح": "تُخيَّل" بتاء التأنيث، على أن الفعل مسنَد إلى ضمير يعود على "العِصي والحبال"، وهي مؤنثة، والمصدر المنسبك من "أنها تسعى" بدلُ اشتمال من ذلك الضمير.

 

وقرأ الباقون "يُخيَّل" بياء التذكير؛ لأن التأنيث في العِصي والحبال غيرُ حقيقي، والمصدر المنسبك من "أنها تسعى" بدل اشتمال من الضمير.

 

ويجوز أن يكون الفعل مسنَدًا إلى المصدر المنسبك من "أنها تسعى"، وهو مذكر، والتقدير: يخيل إليه سعيها.

 

ولهذا السياق أركانٌ يتميز بها، ويقوم عليها، والعربي إذا أراد أن يبهم شيئًا مما يُعَد في العُرف شينًا إذا أبداه، قام بحذف ركن من الأركان، ويستعمل لفظ الشيء في المظنون.

 

فالآية مثال لسياق تام الأركان، وكذا الحديث التالي، الذي أخرجه مسلم في صحيحه، قال: 16 - (906) وحدثني أحمد بن سعيد الدارمي، حدثنا حَبان، حدثنا وُهيب، حدثنا منصور، عن أمه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: "كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ففزع، فأخطأ بدرع حتى أدرك بردائه بعد ذلك، قالت: فقضيت حاجتي، ثم جئتُ ودخلت المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، فقمت معه، فأطال القيام، حتى رأيتني أريد أن أجلس، ثم ألتفت إلى المرأة الضعيفة، فأقول: هذه أضعف مني، فأقوم، فركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه فأطال القيام، حتى لو أن رجلًا جاء خُيِّل إليه أنه لم يركع".

 

14 - (906) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا ابن جريج، حدثني منصور بن عبدالرحمن، عن أمه صفية بنت شيبة، عن أسماء بنت أبي بكر، أنها قالت: "فزع النبي صلى الله عليه وسلم يومًا - قالت: تعني يوم كسفت الشمس - فأخذ درعًا حتى أدرك بردائه، فقام للناس قيامًا طويلًا، لو أن إنسانًا أتى لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع - ما حدث أنه ركع، من طول القيام".

 

ولفظ أبي نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم:

عن أسماء بنت أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بالناس قيامًا طويلاً، يقوم ثم يركع، فإذا جاء إنسان لم يشعُرْ أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع، لم يحدث نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع من طول القيام، قال: فجعلت أنظر إلى المرأة أسنَّ مني، وإلى المرأة هي أسقم مني، وزعمت أنه لما فرغ قام وأخذ درعًا حتى أدرك بردائه.

 

تحليل أركان السياق التام كما ورد في المثالين:

أ - حبالهم وعِصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.

ب - فأطال القيام حتى لو أن رجلاً جاء خُيِّل إليه أنه لم يركع.

 

وفي لفظ: لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع، ما حدث أنه ركع من طول القيام.

 

وفي لفظ: فإذا جاء إنسان لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع، لم يحدث نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع من طول القيام.

 

1 - قبل التخييل:

حبالهم وعصيهم

فأطال القيام

 

2 - بعد التخييل:

مصدر مؤول

أنها تسعى

أنه لم يركع

 

3) سبب يقرب الشبه بين ما قبل التخييل وما بعده:

يخيَّل إليه من سحرهم؛ أي: بسبب سحرهم

ما حدث أنه ركع من طول القيام؛ أي: بسبب إطالته للقيام.

 

4) الفعل المبني لما لم يسمَّ فاعله:

وفيه ضمير ما قبل التخيل، والمصدر المنسبك بدل اشتمال منه.

فإذا حبالهم وعصيهم يخيل أو تخيل = فيه ضمير الحبال والعصي.

 

فركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه فأطال القيام، حتى لو أن رجلاً جاء خُيِّل = فيه ضمير القيام بعد الركوع.

 

ولو أسندنا الفعل إلى المصدر على أنه نائب الفاعل، وأخلينا الفعل من الضمير، ففي المصدر ضميرٌ يعود على ما قبل التخيل، وهو الحقيقة.

 

إذًا بان لك أن ثمة أصلاً أو حقيقة وصورة، وهناك سبب يقرب بينهما، حتى يقع في نفس الإنسان الاشتباه والشك، حتى يقدم الصورة على الأصل.

 

فموسى عليه السلام أدرك بعينه الأصل، الذي هو الحبال والعِصي، قبل الإلقاء؛ لأنهم خيَّروه أيبدأ بالإلقاء أم يبدؤون هم؟ فقال: بل ألقُوا، فألقَوا، فشبَّه السِّحرُ على موسى عليه السلام الحبال والعصي بالحيات والثعابين الساعية، فقدم في نفسه الصورة على الأصل، وهذه حقيقة التخييل، وقد تقع بدون السحر، والشرط أن يكون ثمة سبب يقرب الصورة من الأصل، ثم يجد الإنسان في نفسه أن الصورة مقدمة ما دام السبب موجودًا، فإذا زال أو ضعُف، رجحت كِفةُ الأصل في نفس الإنسان على الصورة.

 

والمثالان المذكوران كان الإدراك فيهما بالعين والنفس معًا؛ لأن المدرك اسم مفعول ليس من فِعل المدرِك اسم فاعل.

 

ففي الآية: ﴿ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ﴾ [الأعراف: 116].

وفي الأخرى: ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً ﴾ [طه: 67].

 

وفي الحديث: "حتى لو أن رجلاً جاء، خُيِّل إليه أنه لم يركع"؛ وذلك لأنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا، ومن طول القيام يظن أنه لم يركع.

 

إذًا فالظن يأتي بعد الرؤية، وهذا الظن هو المعبَّر عنه بحديث النفس أو شعورها؛ كما في حديث أسماء: لو أن إنسانًا أتى لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع، ما حدث أنه ركع، واللفظ الآخر: لم يحدِّث نفسه أن رسول الله ركع، من طول القيام.

 

والملاحظ على هذا الشعور أو الظن أنه مرجوح، وصاحبه واهمٌ، لكن هذا الوهم لا يؤثر في صحة إدراك هذا المتوهِّم (اسم فاعل)؛ لأنه بزوال السبب يدرك المرء الشيء على حقيقته، وكذلك يكون الوهم في شيء بعينه، وليس في كل المدركات.

 

فها هو موسى - أثناء التخييل - يوحى إليه: ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 67 - 69].

 

ويستجيب للوحي:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 117، 118].

 

﴿ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [الشعراء: 45].

 

وقد يكون الظن راجحًا، ومثاله:

عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلِّل رأسه بأصابعه حتى إذا خُيِّل إليه أنه قد استبرأ البشَرة، غرف على رأسه ثلاثًا، ثم غسل سائر جسده"؛ خرجه الدارمي والنسائي وغيرهما.

 

وفي لفظ البخاري وأحمد: حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته.

 

ولفظ مسلم: إذا رأى أن قد استبرأ.

 

ولفظ أبي عوانة: حتى يرى أن قد استبرأ البشرة.

 

وهنا التخيل جاء بمعنى الظن الراجح؛ لأنه لا يُفيض الماء (من الإفاضة، وهي الإسالة) على رأسه وسائر جسده حتى يتيقَّن أن الماء وصل إلى البشرة التي تحت الشعر.

 

وتستعمل هذه المادة إذا ظنت النفس أنها قادرة على الفعل، ومن ذلك قول زهير:

تَجدهم على ما خَيَّلت هم إزاءَها
وإن أفسد المالَ الجماعاتُ والأزلُ

 

قال الزمخشري في المستقصى في أمثال العرب:

ما خيلت الضمير للنفس أو للحال، والمعنى: افعل ذلك على ما أرتك نفسك وأوهمتك من سهولة وصعوبة، يضرب في إيجاب الفعل، وذكر البيت، لكنه رواه هكذا: تراهم على ما خيلت....

 

وقال أبو بكر الأنباري في الزاهر في معاني كلمات الناس:

وقولهم: على ما خيلت، قال أبو بكر: قال أبو العباس: معناه: على ما أرت وشبهت، وقال: يقال: تخيلت وخيلت، وقال: خيلت: هو الكلام الجيد.

 

وتستعمل هذه المادة: خ ي ل، ويراد بها: ما يراه النائم في منامه، ومنه قول ذي الرمة:

ألا خيلت مي وقد نام ذو الكرى
فما نفر التهويم إلا سلامها

 

كذا في أساس البلاغة، وروي في شرح شافية ابن الحاجب للرضي الإستراباذي:

ألا خيلت مي وقد نام صحبتي
فما أرق النيام إلا سلامها

 

قال صاحب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب عبدالقادر بن عمر البغدادي:

قوله: ألا خيلت مي إلخ، خيلت؛ أي: رأينا منها خيالاً جاء في المنام، ومي: اسم محبوبته، وجملة: قد نام إلخ حالية، والتهويم: مفعوله، مصدر: هوَّم الرجل إذا هز رأسه من النعاس، وسلامها: فاعل نفر، يقول: نفر نومنا حين سلَّم الخيال علينا.

 

وفي هذا الموضع أذكر لك مثالين، استعمل فيهما العربي هذا السياق؛ ليعبر عن إدراك الإنسان لفعله على جهة الشك:

1 - في الصحيحين عن عباد بن تميم، عن عمه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل يخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: ((لا ينفتل، أو لا ينصرف، حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا)).

 

2 - وفي الصحيحين: "سُحِر النبي حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله".

وفي لفظ للبخاري: "حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن".

 

وبمقارنة هذين النصين بالنصين السابقين، تجد أن ركن ما قبل التخيل ليس مذكورًا، وكذلك ما يقع بعد التخيل مبهمًا.

 

وبالتأمل، ندرك أن العربي عندما استعمل هذا السياق، فحذف منه وأبهم، أنه يخفي شيئًا ما عن عمد، وذلك المخفي لا يحسُن إظهاره، وإنما يدركه مَن رُزق الفهم والأدب واللسان، ولم تتدنس فطرته العربية بدنس الجهل، وتناول النصوص بخفة وطيش.

 

الحديث الأول: عبر السائل عن شكه في الحدَث بقوله: يجد الشيء، والسبب: حركة البطن، التي جعلته يظن أنه أحدث، والأمر بخلاف ذلك.

 

والدليل على صحة هذا الفرض: ما أخرجه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكَل عليه أخرَجَ منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا)).

 

إذًا، الدافع على الإبهام هو الحياء.

 

وفي حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه السلام سُحِر، حتى يخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله.

 

يرد نفس السؤال: لماذا أبهمت المشكوك فيه وعبَّرت بقولها: يفعل الشيء؟!

الظاهر: أنها استحيت من ذكر ذلك؛ لأن ذلك الفعل يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنه يتعلق بشأن علاقة الرجل بامرأته، ويدل عليه لفظان للبخاري، الأول: يرى أنه يأتي النساء، ولا يأتيهن.

 

والثاني: يخيَّل إليه أنه يأتي أهله، ولا يأتي.

 

وإتيان النساء: كناية عن الجِماع، ويبقى أن نعرف الركن الذي كان قبل التخيل والشك، وهو - بالقطع - فعل يشبه الفعل الذي بعد التخيل، لكنه قاصر غير تام، وبفعل السبب المؤثر يصير الفعلانِ كالشيء الواحد في نفس الفاعل.

 

وللتوضيح، فقد حُبِس النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة خاصة، كما في جامع معمر بن راشد (19765)، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمَر، قال: حُبِس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة سنةً، وهذا مرسل.

 

وفهِم البخاري هذا المعنى، فترجم في كتاب الطب على هذا الحديث بقوله: باب: هل يستخرج السِّحر؟

وقال قتادة: قلتُ لسعيد بن المسيب: رجل به طب، أو: يؤخذ عن امرأته، أيُحَلُّ عنه أو ينشر؟ قال: "لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم يُنْهَ عنه".

 

ثم ذكر الحديث من طريق سفيان، ولفظه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء، ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشدُّ ما يكون من السِّحر، إذا كان كذا).

 

يؤخذ عن امرأته؛ أي: يحبس عنها، فلا يقدِر على جِماعها.

 

قال الزبيدي في تاج العروس:

والتقييد: التأخيذ، وهو مجاز، وقالت امرأة لعائشة رضي الله عنها: أأقيد جملي؟ أرادت بذلك تأخيذها إياه من النساء سواها، فقالت لها عائشةُ بعدما فهمت مرادها: وجهي من وجهك حرام، كذا في التكملة.

 

قال ابن الأثير: أرادت أنها تعمل لزوجها شيئًا يمنعُه عن غيرها من النساء، فكأنها تربطه وتقيِّده عن إتيان غيرها.

 

ومن العجيب أن يفهم هذا المعنى اثنانِ من ذوي الأصول الأعجمية، وهما: السندي محمد بن عبدالهادي التتوي، أبو الحسن نور الدين ت: 1138، فذكر في حاشيته كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه تعليقًا على كتاب الطب، باب السحر: (يخيل إليه أنه يفعل الشيء، ولا يفعله)؛ أي: يخيل إليه القدرة على الفعل، ثم يظهر له عند المباشرة أنه غير قادر عليه، وليس المراد أنه يخيل إليه أنه فعَل، والحال أنه ما فعله.

 

والرجل الثاني: هو محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري الهندي، ثم الديوبندي، ت: 1353، وكتابه: فيض الباري على صحيح البخاري، وتحت كتاب الجزية والموادعة، باب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟

قال: (حتى كان يُخَيَّل إليه أَنَّه صنع شيئًا، ولم يَصْنَعْه)، وقد سبق إلى بعضِ الأوهام أن السِّحر مما لا ينبغي أن يمشي على الأنبياء عليهم السلام، فإنه يوجِب رَفْع الأمان عن الشرع، قلت: وإنما يلزم ذلك لو سَلَّمناه في أمور الشريعة، أما لو مشى عليه من غيرِ هذا الباب، فلا غائلة فيه، وإنَّما سُحر النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أمر النساء، فكان يُخيَّلُ إليه أنه قادِرٌ على النِّساء، ولا يكون قادرًا، وهذا النوعُ من السِّحر معروفٌ عند الناس، ويقال له في لسان الهند: فلان مرد كوبانده ديا.

 

يلاحظ مما مضى:

أولاً - الشيء المظنون، سواء كان وهمًا أو شكًّا أو يقينًا، فإنما يعبر عنه بالمصدر المؤول:

1- أنها تسعى.

2- أنه لم يركع.

3- أنه يجد الشيء.

4- أنه يفعل الشيء.

5- أنه قد استبرأ.

 

وهذا المظنون في حالتي الوهم والشك منفيٌّ في الحقيقة، وقد يُفهَم النفي من السياق، وقد يذكر في التركيب ويصرح به.

 

1- يخيل إليه أنها تسعى (وهي لا تسعى).

2- يخيل إليه أنه لم يركع (وقد ركع).

3- يخيل إليه أنه يجد الشيء (وما يجده).

4- يخيل إليه أنه يفعل الشيء (وما يفعله).

 

بتأمل الأمثلة، نجد أن ما قبل التخيل قاصر عما بعده؛ فالحبال ساكنة، وبعد التخييل صارت تسعى، وكذا القيام بعد الركوع هو في الحقيقة قاصر عن القيام الأول، ومع التطويل صار الثاني كالأول.

 

فإذا بحثنا في مثالنا - الذي أورَدَنا المضائق؛ أي: خبر عائشة رضي الله عنها - عن الأصل الذي هو قبل التخيل، ومن صفته أنه قاصر عما بعد التخيل، وجدناه محذوفًا من التركيب، لكنها أشارت إليه بقولها: (وما يفعله - وما يأتيهن)، لكنه صلى الله عليه وسلم يظن شاكًّا أن الفعل أو الإتيان المنفي - وهو نفي كمال؛ لأن ما قبل التخيل يكون قاصرًا، كما أوضحت لك - فِعلٌ أو إتيان للنساء على الوجه التام.

 

إذًا، هو يخيَّل إليه أنه يأتي أهله على الوجه التام الكامل، كما يأتي الرجل امرأته، وهذا هو ظنُّه وشعور نفسه؛ لأنها قالت: (ولا يأتي)؛ أي: لا يأتي إتيانًا كاملاً، والمعنى: أنه يأتي إتيانًا قاصرًا، أو لا يتم هذا الأمر إذا بدأه، والسبب: أنه مربوط، أو معقود عن النساء.

 

فالأمر أنه يأتي أهله، وهو يريد الجماع، فينتشر لهذا الأمر، ويخيل إليه أنه قادر عليه، فيشرع في الفعل، وهذا القدر عبرت عنه بقولها: (يأتي أهله)، ثم تأخذه أخذة السحر، فيضعُف عن الجماع شيئًا فشيئًا، حتى يدرك أنه غير قادر، وممارسة الفعل من بداية الأَخْذة إلى أن يدرك أنه غير قادر يعد إتيانًا يشبه إتيان النساء، وهو في الحقيقة ليس بإتيان على الوجه المعروف؛ لذلك عبرت عن تلك الحالة بقولها: (ولا يأتي).

 

ومما يؤكد أن الأمر محصور في إتيان النساء على الصورة التي ذكرت لك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بوسائل إدراكه على الوجه التام؛ ففي الخبر عن عائشة رضي الله عنها، قالت: مكث النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي، قالت عائشة: فقال لي ذات يوم: ((يا عائشة، إن الله أفتاني في أمرٍ استفتيته فيه: أتاني رجلان، فجلس أحدهما عند رِجلي، والآخَر عند رأسي، فقال الذي عند رِجلي للذي عند رأسي: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، يعني مسحورًا، قال: ومن طبَّه؟ قال: لَبيد بن أعصم، قال: وفيمَ؟ قال: في جُف طلعة ذكَر، في مُشط ومُشَاقَة، تحت رعوفة في بئر ذروان))، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((هذه البئر التي أريتُها، كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، وكأن ماءها نُقاعة الحنَّاء))، فأمَر به النبي صلى الله عليه وسلم فأخرج، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، فهلاَّ، تعني تنشَّرت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما الله فقد شفاني، وأما أنا فأكره أن أثيرَ على الناس شرًّا))، قالت: ولَبيد بن أعصم رجلٌ من بني زريق، حليف ليهود.

 

فها هو بأبي وأمي ونفسي، يحدث عائشة ويخبرها أنه سأل الله تبارك وتعالى أن يفتيه فيما فيه شفاؤه، فأوحى الله إليه وأفتاه وشفاه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم يدرك أنه مريض، وهذا ما حدا به أن يدعوَ الله عز وجل، ثم إنه استجاب للوحي؛ فذهب للبئر؛ كما في الخبر، ويتضح الأمر غاية الوضوح بضم ما سقناه هنا إلى ما ذكرناه آنفًا عند حديثنا عن قول الله تعالى: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66].

 

حيث قلنا: والملاحظ على هذا الشعور أو الظن: أنه مرجوح، وصاحبه واهم، لكن هذا الوهم لا يؤثِّر في صحة إدراك هذا المتوهِّم (اسم فاعل)؛ لأنه بزوال السبب يدرك المرءُ الشيء على حقيقته، وكذلك يكون الوهم في شيء بعينه، وليس في كل المدركات.

 

فها هو موسى عليه السلام - أثناء التخييل - يوحى إليه: ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 67 - 69].

 

ويستجيب للوحي:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 117، 118].

 

﴿ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [الشعراء: 45].

والحمد لله أولاً وآخرًا!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أثر السحر
  • السحر في ضوء القرآن والسنة
  • أقسام السحر
  • حكم السحر في الشريعة الإسلامية
  • النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن نفسه
  • كنية النبي صلى الله عليه وسلم
  • حديث سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم
  • أجوبة العلماء عن خبر سحر النبي صلى الله عليه وسلم
  • بحث في الجواب عن حادثة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • وقفة مع الباحثين عن الحقيقة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عن حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • معنى العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الألمانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الإنجليزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حقيقة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حقيقة الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب