• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

احتجاج المشركين بالقدر

احتجاج المشركين بالقدر
عصام الدين أحمد كامل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/11/2023 ميلادي - 18/4/1445 هجري

الزيارات: 3628

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

احتجاج المشركين بالقدر


يقول تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 148].

 

من المعلوم أن أول من احتجَّ بالقدر هو إبليس اللعين؛ عندما قال لرب العزة: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: 16]، وفي الآية جاء رب العزة بباء السببية؛ أي: قال إبليس بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم، واللام في (لأقعدن) لام القسم.

 

علِم إبليس أن آدم عليه السلام وإن كان الحق تعالى قد خلقه في الجنة، وأسكنه فيها حينًا، إلا إنه سيهبط في وقت معلوم إلى الأرض، وذلك من إخبار الخالق عز وجل للملأ الأعلى بأنه جاعل في الأرض خليفة؛ لذا فقد اختصَّه الله بعلمٍ لم يعلمه للملائكة، علم يُعينه على الحفاظ على صلاحه وصلاح الكون، وفي حمايته من الضلال والفساد، وهو العلم الذي ليس تحتاجه الملائكة، فإنهم مجبولون على الطاعة والصلاح، وإنما الذي في حاجة لهذا العلم هو آدم هذا المخلوق المخيَّر، ولما كان إبليس مخيرًا مثل آدم، فقد فطِنَ لذلك، وقد سبق له هو وذريته أن سكنوا الأرض، وأحدثوا فيها فسادًا كبيرًا، وعندما حَدَثَ ما حَدَثَ منه من عصيان بسبب آدم، تحدد هدفه في أن يجعل آدم هذا الذي كرمه الله عليه وذريته يفسدون، كما أفسد هو وذريته؛ قال تعالى: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 62]، وذلك بأن يجعلهم يغفُلون عن هذا العلم الذي فطرهم الله عليه، وبذلك يعُمُّ الفساد في الكون، وفي ذرية آدم، كما كان حدث من إبليس وذريته من قبل، ومن ثَمَّ لا يكون آدم وذريته أفضل منه، وتجد ذلك الحَنَقَ والتحدي جليًّا في قوله: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: 12]؛ لهذا قال تعالى لهما: ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأعراف: 24].

 

يقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 148].

 

هذه مناظرة ذكرها الله تعالى وشُبْهَة تشبَّثت بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا، فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان، أو يحول بيننا وبين الكفر، فلم يُغيِّره، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا ذلك؛ ولهذا قالوا: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 148]، كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الزخرف: 20]، وكذلك قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾ [الأنعام: 148]؛ أي: بهذه الشبهة ضلَّ مَن ضلَّ قبل هؤلاء، وهي حُجَّة داحضة باطلة؛ لأنها لو كانت صحيحة لَما أذاقهم الله بأسه، ودمَّر عليهم، وأدال عليهم رسله الكرام، وأذاق المشركين من أليم الانتقام، ويُدلِّل الحق على بطلان دعواهم؛ بقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 148]؛ أي: بأن الله تعالى راضٍ عنكم فيما أنتم فيه، ﴿فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ [الأنعام: 148]؛ أي: فتظهروه لنا وتبيِّنوه وتُبْرِزوه، وهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه سوى عالم الغيب والشهادة، ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ [الأنعام: 148]؛ أي: الوهم والخيال، والمراد بالظن ها هنا الاعتقاد الفاسد، ﴿وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 148]؛ أي: تكذبون على الله فيما ادعيتموه.

 

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ [الأنعام: 148]، وقال: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [الأنعام: 148]، ثم قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: 107]، فإنهم قالوا: عبادتنا الآلهة تُقرِّبُنا إلى الله زلفى، فأخبرهم الله أنها لا تقربهم، وقوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: 107]، يقول تعالى: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.

 

وقال أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله:

يقول جل ثناؤه: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: 148] من قريش: لو أراد الله منا الإيمان به، وإفراده بالعبادة دون الأوثان والآلهة، وتحليل ما حرم من البحائر والسوائب وغير ذلك من أموالنا، ما جعلنا لله شريكًا، ولا جعل ذلك له آباؤنا من قبلنا، ولا حرمنا ما نحرمه من هذه الأشياء التي نحن على تحريمها مقيمون؛ لأنه قادر على أن يحول بيننا وبين ذلك، حتى لا يكون لنا إلى فعل شيء من ذلك سبيل: إما بأن يضطرنا إلى الإيمان وترك الشرك به، وإلى القول بتحليل ما حرمنا، وأما بأن يلطف بنا بتوفيقه فنصير إلى الإقرار بوحدانيته، وترك عبادة ما دونه من الأنداد والأصنام وإلى تحليل ما حرمنا، ولكنه رضِيَ منا ما نحن عليه من عبادة الأوثان والأصنام، واتخاذ الشريك له في العبادة والأنداد، وأراد ما نحرم من الحروث والأنعام، فلم يَحُلْ بيننا وبين ما نحن عليه من ذلك.

 

قال الله مكذبًا لهم في قيلهم ورادًّا عليهم باطلَ ما احتجوا به من حُجَّتهم تلك، قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [الأنعام: 148]، يقول: كذب هؤلاء المشركون كما كذب من سبقهم من المشركين، يا محمد، ما جئتهم به من الحق والبيان، ككذب من كان قبلهم من فسقة الأمم الذين طغَوا على ربهم، وما جاءتهم به أنبياؤهم من آيات الله والبينات، وقد ردوا عليهم نصائحهم، فعاقبهم الله حتى ذاقوا بأسنا، فخابوا وخسِروا الدنيا والآخرة.

 

وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله سبحانه لا يشاء المعاصي، والكفر، وتكذيب ظاهر لمن أضاف ذلك إلى الله سبحانه، هذا مع قيام الأدلة العقلية التي لا يدخلها التأويل، على أنه سبحانه يتعالى عن إرادة القبيح، وجميع صفات النقص، علوًّا كبيرًا، ﴿قُلْ﴾ [الأنعام: 149] يا محمد، إذا عجز هؤلاء عن إقامة حجة على ما قالوه: ﴿فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [الأنعام: 149]، والحجة البينة والبالغة: هي التي تبلغ قطع عذر المحجوج، بأن تُزِيل كل لَبْسٍ وشبهة عمن نظر فيها، واستدل بها، وإنما كانت حجة الله صحيحة بالغة؛ لأنه لا يحتج إلا بالحق، وبما يؤدي إلى العلم.

 

وهذا استدلال رائع من شيخنا الطبري، فعَلَامَ عاقب الله قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، وهم مشركون مثلهم، إلا على عبادتهم للأصنام، وإشراكهم بالله، وتحليل ما حرم الله، أكان راضيًا عن فعلهم حين عاقبهم؟ هذا ما لا يقول به ذو عقل.

 

ونحن نرد على هؤلاء فقط بقوله تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الزمر: 7]، فمتى كان الحق تعالى راضيًا بالكفر أو الشرك أو الفسق؟

 

ويقول الشيخ الشعراوي رحمه الله:

كل كلمة (سيقول)، فاعلم أنها تنطوي على سر إعجازي للقرآن، والذي يعطي هذا السر هو الخصم حتى تعرف كيف يؤدي عدو الله الدليلَ على صدق الله، مما يدل على أنه في غفلة وسفاهة؛ وكما في قول الحق سبحانه: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ﴾ [البقرة: 142].

 

وكل مسرف على نفسه في عدم اتباع منهج الله يقول: إن ربنا هو الذي يهدي وهو الذي يضل، ويقول ذلك بتبجح ووقاحة؛ لتبرير ما يفعل من سَفَهٍ، وسيظل المسرفون على أنفسهم، وكذلك المشركون يقولون ذلك، وسيحاولون تحليل ما حرم الله، وتبرير أهوائهم الضالة، ونفوسهم الدنيئة، وقد جاء المشركون بقضيتين منفصلتين: قضية في العقيدة، وقضية في التكليف والتشريع؛ قالوا في قضية العقيدة: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ [الأنعام: 148]، وكأنهم أشركوا بمشيئة الله، وفي القضية الأخرى جاؤوا إلى ما حرموا من الحلال، وقالوا: إنهم قد فعلوا ذلك بمشيئة الله أيضًا؛ ليُوجِدوا لأنفسهم مبررًا، وهذا القول ليس قضية عقلية؛ لأنها لو كانت وقفة عقلية، لكانت في الملحظين: في الخير والشر معًا، فالواحد منهم يقول: كتب ربنا علينا - والعياذ بالله – الشرَّ، لماذا يعذبني إذًا؟ ولا يقول هذا الإنسان: كتب الله لي الخير، هذا ما كان يفرضه ويقتضيه المنطق، لكنهم تحدثوا عن الشر، وسكتوا عما يُعطَى لهم من خير.

 

وقولهم: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ [الأنعام: 148] صحيح المعنى كونيًّا؛ لأنه سبحانه لو شاء أن يجعل الناس كلهم مَهديِّين، لفعل، لكنه شاء أن يُوجِدَ لنا اختيارًا، وفي إطار هذا الاختيار لا يخرج أمر عن مشيئته الكونية، بل يخرج الكفر والشر عن مراده الشرعي، وعلمنا من قبل أن هناك فرقًا بين الكونية والشرعية، فكُفْرُ الكافر ليس غصبًا عن الله، أو قهرًا عنه سبحانه، إنما حصل وحدث بما أعطاه الله لكل إنسان من اختيار، فالإنسان صالح للاختيار بين البديلات؛ ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29].

 

وشرح ذلك أن مشيئته الكونية نافذة لا يستطيع أحد أن يَحُولَ دون وقوعها، فهو الإله القادر الْمُهَيْمِنُ، لكنه جَبَل فطرة آدم وذريته على التوحيد والطاعة، وأرسل الرسل بالهداية، وأنزل الكتب بالآيات المكتوبة، فضلًا عما بثَّ في الكون من الآيات المبهرة، أيكون مَن فعل هذا يريد لآدم وذريته الضلال والفساد، أم يريد الهداية والصلاح؟ إن من يقول بأنه يريد الضلال والإفساد هو غبيٌّ محض، يحاول التملُّص من جنايته وفهمه القاصر؛ هربًا من الحساب والعقاب.

 

فالإنسان قادر على توجيه الطاقة الموهوبة له من الله الصالحة للخير أو الشر، إذًا فاختيار الإنسان إما أن يُدخِلَه إلى الإيمان، وإما أن يتجه به إلى الكفر؛ لذلك يقول الحق عن الذين يدَّعون أن كفرهم كان بمشيئة الله: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾ [الأنعام: 148].

 

والسابقون لهم قالوا ذلك، وفعلوا مثل ما يفعل هؤلاء من التكذيب – وأولهم إبليس اللعين – وقوم نوح وعاد وثمود، وجاءهم بأس وعذاب من الله شديد؛ ولذلك يأمر الحق محمدًا صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 148].

 

ويسألهم محمد صلى الله عليه وسلم عن علمٍ يؤكِّدون به صحة ما يدَّعونه، ويزعمونه، أي هل عندكم بلاغ من الله؟ والحق أنهم لا علم لديهم ولا دليل، إنهم يتبعون الظن، ويخرصون؛ أي: إن كلامهم غير واضح الدلالة على المراد منه، إنه تخمين وظن وكذب؛ لذلك تعقيبًا على ذلك يقول سبحانه: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: 149]؛ يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد: ﴿فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [الأنعام: 149]؛ أي: له الحكمة التامة، والحجة البالغة في هداية من هدى، وإضلال من أضل، فلو شاء لهداكم أجمعين، وكل ذلك بقدرته ومشيئته، واختياره وعلمه، وإحاطته بما خلق.

 

وفي هذا الكلام الكفاية، ولمن أراد المزيد نقول:

قال ابن القيم في كتابه (طريق الهجرتين) بعد أن أطال في سرد أحاديث القدرة وآثاره:

فالجواب أن ها هنا مقامين: مقام إيمان وهدًى ونجاة، ومقام ضلال وردى وهلاك، زلَّت فيه أقدام فهَوَتْ بأصحابها إلى دار الشقاء.

 

فأما مقام الإيمان والهدى والنجاة، فمقام إثبات القدر والإيمان به، وإسناد جميع الكائنات إلى مشيئة ربها وبارئها وفاطرها، وأن ما شاء كان، وإن لم يشأ الناس، وما لم يشأ لم يكن، وإن شاء الناس، وهذه الآثار - التي كلها تحقق هذا المقام - تبين أن من لم يؤمن بالقدر، فقد انسلخ من التوحيد، ولبِسَ جِلبابَ الشرك، بل لم يؤمن بالله ولم يعرفه، وهذا في كل كتاب أنزله الله على رُسُلِهِ، وأما المقام الثاني وهو مقام الضلال والردى والهلاك، فهو الاحتجاج به على الله، وحمل العبد ذنبه على ربِّه، وتنزيه نفسه الجاهلة الظالمة الأمارة بالسوء.

 

ثم قال: وسمعته - أي شيخ الإسلام ابن تيمية – يقول: القدرية المذمومون في السُّنَّة، وعلى لسان السلف، هم هؤلاء الفرق الثلاثة:

1) نفاة القدر، وهم القدرية المجوسية.

 

2) والمعارضون به للشريعة الذين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا؛ وهم القدرِيَّة المشركية.

 

3) والمخاصمون به للرب سبحانه وتعالى، وهم أعداء الله وخصومه، وهم القدرية الإبليسية وشيخهم إبليس، وهو أول من احتج على الله بالقدر فقال: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الأعراف: 16]، ولم يعترف بالذنب ويَبُؤ به، كما اعترف به آدم، فمن أقرَّ بالذنب وباء به، ونزَّه ربه، فقد أشبه أباه آدمَ، ومن أشبه أباه فما ظلم، ومن برأ نفسه، واحتجَّ على ربه بالقدر، فقد أشبه إبليس.

 

ولا ريب أن هؤلاء القدرية الإبليسية والمشركية شرٌّ من القدرية النفاة؛ لأن النفاة إنما نفَوه تنزيهًا للرب، وتعظيمًا له، أن يقدِّر الذنب، ثم يلوم عليه ويُعاقب، ونزَّهوه أن يُعاقِب العبد على ما لا صنع للعبد فيه ألبتة، بل هو بمنزلة طوله وقصره، وسواده وبياضه، ونحو ذلك إشراك بالصفات.

 

وأما القدرية الإبليسية والمشركية، فكثير منهم منسلِخ من الشرع، عدوٌّ لله ورسله، لا يقر بأمر ولا نهي؛ وهم الذين قال الله فيهم: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 148].

 

وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النحل: 35].

 

وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [الزخرف: 20].

 

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 47].

 

فهذه أربعة مواضع في القرآن بيَّن سبحانه فيها أن الاحتجاج بالقدر من فعل المشركين المكذبين للرسل، وقد افترق الناس في الكلام على هذه الآيات أربعَ فرقٍ:

الفرقة الأولى: جعلت هذه الحُجَّة حُجَّةً صحيحة، وأن للمحتج بها الحجةَ على الله، ثم افترق هؤلاء فرقتين:

♦ فرقةً كذَّبت بالأمر والوعد والوعيد، وزعمت أن الأمر والنهي، والوعد والوعيد بعد هذا يكون ظلمًا، والله لا يظلم من خلقه أحدًا.

 

♦ وفرقةً صدَّقت بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، وقالت: ليس ذلك بظلم، والله يتصرف في ملكه كما يشاء، ويعذِّب العبد على ما لا صنع له فيه، بل يعذِّبه على فعله هو سبحانه لا على فعل عبده، إذ العبد لا فعل له، والْمُلْكُ مُلْكُهُ، ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فإن هؤلاء الكفار إنما قالوا هذه المقالة التي حكاها الله عنهم استهزاءً منهم، ولو قالوها اعتقادًا للقضاء والقدر، وإسنادًا لجميع الكائنات إلى مشيئته وقدرته لم ينكَر ذلك عليهم، ومضمون قول هذه الفرقة أن هذه حجة صحيحة إذا قالوها على وجه الاعتقاد، لا على جهة الاستهزاء، فيكون للمشركين على الله الحجة، وكفى بهذا القول فسادًا وبطلانًا.

 

الفرقة الثانية: جعلت هذه الآيات حجةً لها في إبطال القضاء والقدر والمشيئة العامة؛ إذ لو صحت المشيئة العامة، وكان الله عز وجل قد شاء منهم الشرك والكفر وعبادة الأوثان، لكانوا قد قالوا الحق، وكان الله عز وجل يُصدِّقهم عليه، ولم ينكر عليهم، فحيث وصفهم بالخَرْصِ الذي هو الكذب، ونفى عنهم العلم، دلَّ على أن هذا الذي قالوه ليس بصحيح، وأنهم كاذبون فيه؛ إذ لو كان علمًا لكانوا صادقين في الإخبار به، ولم يقل لهم: ﴿هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 148]، فهذه الفرقة شاركت الفرقة التي قبلها في إلقاء الحرب والعداوة بين الشرع والقدر؛ فالأُولى تحيَّزت إلى القدر، وحاربت الشرع، والثانية تحيزت إلى الشرع، وكذبت بالقدر، والطائفتان ضالتان، وإحداهما أضل من الأخرى.

 

الفرقة الثالثة: آمنت بالقضاء والقدر، وأقرَّت بالأمر والنهي، ونزَّلوا كل واحد منزلته؛ فالقضاء والقدر يؤمَن به ولا يُحتَج به، والأمر والنهي يُمتثَل ويُطاع؛ فالإيمان بالقضاء والقدر عندهم من تمام التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، والقيام بالأمر والنهي موجب شهادة أن محمدًا رسول الله، وقالوا: من لم يُقِرَّ بالقضاء والقدر، ويَقُم بالأمر والنهي، فقد كذَّب بالشهادتين، وإن نطق بهما بلسانه، ثم افترقوا في وجه هذه الآيات فرقتين:

♦ فرقة قالت: إنما أنكر عليهم استدلالهم بالمشيئة العامة والقضاء والقدر على رضاه ومحبته لذلك، فجعلوا مشيئته له وتقديره له دليلًا على رضاه به ومحبته له؛ إذ لو كرهه وأبغضه، لَحَالَ بينهم وبينه، فإن الحكيم إذا كان قادرًا على دفع ما يكرهه ويُبغضه، دفعه ومنع من وقوعه، وإذا لم يمنع من وقوعه، لزِم إما عدم قدرته وإما عدم حكمته، وكلاهما ممتنع في حق الله، فعلم محبته لِما نحن عليه من عبادة غيره ومن الشرك به، وقد وافق هؤلاء من قال: إن الله يحب الكفر والفسوق والعصيان ويرضى بها، ولكن خالفهم في أنه نهى عنها، وأمر بأضدادها، ويُعاقِب عليها، فوافقهم في نصف قولهم، وخالفهم في الشطر الآخر.

 

وهذه الآيات من أكبر الحجج على بطلان قول الطائفتين، وأن مشيئة الله تعالى العامة وقضاءه وقَدَرَه لا تستلزم محبته ورضاه لكل ما شاءه وقدَّره، وهؤلاء المشركون لما استدلوا بمشيئته على محبته ورضاه، كذَّبهم وأنكر عليهم، وأخبر أنه لا علم لهم بذلك، وأنهم خارصون مفترون، فإن محبة الله تعالى للشيء ورضاه به إنما يُعلَم بأمره به على لسان رسوله، لا بمجرد خَلْقِهِ له، فإنه خلق إبليس وجنوده، وهم أعداؤه، وهو تعالى يُبْغِضهم ويلعنهم، وهم خَلْقُه، فهكذا في الأفعال خَلَقَ خيرها وشرها، وهو يحب خيرها ويأمر به ويُثيب عليه، ويُبغض شرها وينهى عنه ويُعاقِب عليه، وكلاهما خَلْقُه، ولله تعالى الحكمة البالغة التامة في خلقه ما يبغضه ويكرهه من الذوات والصفات والأفعال، كل صادر عن حكمته وعلمه، كما هو صادر عن قدرته ومشيئته.

 

♦ وقالت الفرقة الثانية: إنما أنكر عليهم معارضة الشرع بالقدر، ودفع الأمر بالمشيئة، فلما قامت عليهم حُجَّةُ الله، ولزِمهم أمرُه ونهيه، دفعوه بقضائه وقدره، فجعلوا القضاء والقدر إبطالًا لدعوة الرسل، ودفعًا لِما جاؤوا به، وشاركهم في ذلك إخوانهم وورثتهم الذين يحتجُّون بالقضاء والقدر على المعاصي والذنوب في نصف أقوالهم، وخالفوهم في النصف الآخر؛ وهو إقرارهم بالأمر والنهي.

 

وهدى الله بفضله ورثةَ أنبيائه ورُسُلِهِ لميراث نبيهم وأصحابه، فلم يؤمنوا ببعض الكتاب ويكفروا ببعض، بل آمنوا بقضاء الله وقدره ومشيئته العامة النافذة، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه مقلِّب القلوب ومصرِّفها كيف أراد، وأنه هو الذي جعل المؤمن مؤمنًا، والْمُصلِّي مصليًا، والمتقي متقيًا، وجعل أئمة الهدى يهدون بأمره، وأئمة الضلالة يدعون إلى النار، وأنه ألْهَمَ كل نفس فجورها وتقواها، وأنه يهدي من يشاء بفضله ورحمته، ويضل من يشاء بعدله وحكمته، وأنه هو الذي وفَّق أهل الطاعة لطاعته فأطاعوه، ولو شاء لخذلهم فعصَوه، وأنه حال بين الكفار وقلوبهم، فإنه يحول بين المرء وقلبه، فكفروا به، ولو شاء لوفَّقهم فآمنوا به وأطاعوه، وأنه من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأنه لو شاء لآمن مَن في الأرض كلهم جميعًا إيمانًا يُثابون عليه، ويُقبل منهم، ويرضى به عنهم، وأنه لو شاء ما اقتتلوا، ولكن الله يفعل ما يريد: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: 112].

 

والقضاء والقدر عندهم أربع مراتب، جاء بها نبيهم، وأخبر بها عن ربه:

الأولى: علمه السابق بما هم عاملوه قبل إيجادهم.

 

الثانية: كتابة ذلك في الذكر عنده قبل خلق السماوات والأرض.

 

الثالثة: مشيئته المتناولة لكل موجود، فلا خروج لكائن عن مشيئته، كما لا خروج له عن علمه.

 

الرابعة: خلقه له وإيجاده وتكوينه، فإنه لا خالق إلا الله، والله خالق كل شيء، فالخالق عندهم واحد، وما سواه فمخلوق، ولا واسطة عندهم بين الخالق والمخلوق.

 

ويؤمنون مع ذلك بحكمته، وأنه حكيم في كل ما فعله وخلقه، وأن مصدر ذلك جميعه عن حكمة تامة هي التي اقتضت صدور ذلك وخلقه، وأن حكمته حكمة حق عائدة إليه قائمة به كسائر صفاته، وليست عبارةً عن مطابقة علمه لمعلومه وقدرته لمقدوره، كما يقوله نفاة الحكمة الذين يقرون بلفظها دون حقيقتها، بل هي أمر وراء ذلك، وهي الغاية المحبوبة له المطلوبة التي هي متعلق محبته وحَمْدِهِ، ولأجلها خلق فسوى، وقدر فهدى، وأمات فأحيا، وأسعد وأشقى، وأضل وهدى، ومنع وأعطى.

 

وهذه الحكمة هي الغاية، والفعل وسيلة إليها، فإثبات الفعل مع نفيها إثبات للوسائل، ونفي للغايات، وهو محال؛ إذ نفيُ الغاية مستلزم لنفيِ الوسيلة، فنفيُ الوسيلة - وهي الفعل - لازم لنفي الغاية وهي الحكمة، ونفي قيام الفعل والحكمة به نفيٌ لهما في الحقيقة؛ إذ فعل لا يقوم بفاعله وحكمة لا تقوم بالحكيم شيء لا يُعقَل، وذلك يستلزم إنكار ربوبيته وإلهيته، وهذا لازم لمن نفى ذلك، لا مَحِيدَ له عنه، وإن أبى التزامه.

 

وأما من أثبت حكمته وأفعاله على الوجه المطابق للعقل والفطرة، وما جاءت به الرسل، لم يلزم من قوله محذور ألبتة، بل قوله حق، ولازم الحق حقٌّ كائنًا ما كان.

 

والمقصود: أن ورثة الرسل وخلفاءهم - لكمال ميراثهم لنبيهم - آمنوا بالقضاء والقدر، والحِكَم والغايات المحمودة في أفعال الرب وأوامره، وقاموا مع ذلك بالأمر والنهي، وصدقوا بالوعد والوعيد، فآمنوا بالخَلْقِ الذي من تمام الإيمان به إثبات القدر والحكمة، وبالأمر الذي من تمام الإيمان به الإيمانُ بالوعد والوعيد، وحشر الأجساد والثواب والعقاب، فصدَّقوا بالخلق والأمر، ولم ينفوهما بنفي لوازمهما - كما فعلت القدرية المجوسية والقدرية المعارضة للأمر بالقدر - فكانوا أسعدَ الناس بالحق، وأقربهم عصبةً في هذا الميراث النبوي، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

 

ولا نجد ما نختم به أفضل من قول الحق تبارك وتعالى بنفسه عن نفسه: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الزمر: 7]، فقد أنذركم وحذركم، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وأعطاكم الفرص تلو الفرص، وشرع لكم التوبة، التي لا يُغلَق بابها إلا عند الغَرْغَرَةِ، وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ولكنكم قوم لا تفقهون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القدر سر الله في خلقه
  • من قام ليلة القدر
  • بيان قدر ليلة القدر
  • فضل ليلة القدر
  • أذى المشركين النفسي والمعنوي (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الاحتجاج على المعاصي بالقدر(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الاحتجاج بالقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الاحتجاج بالقدر على المعاصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والرد على ذلك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرض بقدر والصحة بقدر والعلاج بقدر والدواء من القدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • 20 آية قرآنية تدل على إثبات القضاء والقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالقدر وآثاره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب الشعبي لعصر الاحتجاج: دراسة أدبية لغوية في إنشاءات العامة من فصحاء عصر الاحتجاج (WORD) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج(مقالة - حضارة الكلمة)
  • سمو القدر في إحياء ليلة القدر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب