عقيدة أهل السنة في المهدي المنتظر

عقيدة أهل السُّنَّة في المهدِيِّ المُنْتَظَر

الحمد لله الذي أكْمَلَ لنا الدين، وأتمَّ علينا نعمتَه، ورضِيَ لنا الإسلام دينًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:

فمن عقيدة أهل السنة والـجماعة الإيمانُ بظهور الـمهدي المُنْتَظَر في آخر الزمان، واجتماعه بنبي الله عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم؛ فأقول وبالله تعالى التوفيق:

الإمام المهدي المُنْتَظَر:

قال الشيخ محمد أشرف آبادي رحمه الله: "الـمشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيِّد الدين، ويُظهِر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالـمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال، أو ينزل معه فيساعده على قتله، ويأتمُّ بالمهدي في صلاته؛ [عون المعبود، لآبادي، ج: 11، ص: 243].

• روى أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الـمهديُّ من عِترتي، من ولد فاطمة))؛ [حديث صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث: 3603].

• قوله: (من عترتي): العِترة: هم نسل الرجل وأقاربه.

روى ابن ماجه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الـمهدي منا أهلَ البيت، يصلحه الله في ليلة))؛ [حديث حسن، صحيح ابن ماجه، للألباني، حديث: 330].

• قوله: (يصلحه الله في ليلة): أي: يصلح الله تعالى أمره، ويرفع قدره في ليلة واحدة، أو في ساعة واحدة من الليل؛ حيث يتفق على خلافته أهل الحل والعَقْدِ فيها؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3439].

صفات الإمام المهدي:

1- روى أبو داود عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو لم يبقَ من الدنيا إلا يومٌ، لطوَّل الله ذلك اليوم، حتى يبعث فيه رجلًا مني - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما مُلِئت ظلمًا وجورًا))؛ [حديث حسن صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث: 3601].

• قوله: (يواطئ): أي: يوافــق.

• قوله: (اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي): فيكون محمد بن عبدالله، وفي هذا الحديث رد على الشيعة؛ حيث يقولون: المهدي الموعود هو القائم المُنْتَظَر؛ وهو محمد بن الحسن العسكري.

• قوله: (يملأ الأرض): أي: يملأ وجه الأرض جميعًا أو أرض العرب وما يتبعها، والـمراد أهلها؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3439].

2- روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المهدي مني، أجْلَى الجبهة، أقْنَى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما مُلئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين))؛ [حديث حسن، صحيح أبي داود، للألباني، حديث: 3604].

• قوله: (الـمهدي مني): أي: الـمهدي من نسلي وذريتي.

• قوله: (أجلى الجبهة): أي: واسع الجبهة.

• قوله: (أقنى الأنف): القنا في الأنف: هو طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3440].

ظهور البركة في زمان المهدي:

1- روى الحاكم عن أبي سعيد الـخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((يـخرج في آخر أمَّتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صِحاحًا، وتكثر الماشية، وتعظُم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا))؛ يعني: حججًا وسنوات؛ [حديث صحيح، السلسلة الصحيحة للألباني، ج: 2، ص: 210، رقم: 711].

• قوله: (يسقيه الله الغيث): أي: تمطر السماء كثيرًا، ولا تدخر شيئًا من مائها.

• قوله: (تخرج الأرض نباتها): أي: تخرج الأرض كل نباتها، ولا تدخر الأرض عن الناس شيئًا من نباتها.

• قوله: (تكثر الماشية): أي: تكثر المواشي من الإبل والأبقار والأغنام وغيرها؛ بسبب كثرة الخيرات.

• قوله: (ويعطي المال صحاحًا): أي: يكثر المال ويقسمه الإمام المهدي بالعدل بين الناس.

2- روى ابن ماجه عن أبي سعيد الـخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يكون في أمتي المهديُّ إن قصَّر فسبعٌ، وإلا فتسعٌ، فتنعم فيه أمتي نعمةً، لم ينعموا مثلها قط، تُؤتَى أُكُلُها ولا تدخر منهم شيئًا، والمال يومئذٍ كَدُوس، فيقوم الرجل، فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خُذْ))؛ [حديث حسن، صحيح ابن ماجه، للألباني، حديث: 3299].

• قوله: (إن قصر فسبعٌ): أي: إذا كان بقاؤه فيكم قصيرًا، فسوف يبقى سبع سنوات.

• قوله: (والمال يومئذٍ كدوس): أي: المال يومئذٍ مجموع، وكثير، وفيه بركة من عند الله سبحانه وتعالى.

إمامة المهدي لنبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم:

روى مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تَكْرِمَة الله هذه الأمة))؛ [مسلم حديث: 156].

• قوله: (ظاهرين): أي: غالبين على أعدائهم؛ قال الله تعالى: ﴿ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 56].

• قوله: (إلى يوم القيامة): أي: إلى قرب قيام الساعة.

• قوله: (فيقول أميرهم): أي: فيقول الـمهدي.

• قوله: (تكرمة الله هذه الأمة): أي: إكرامًا منه سبحانه لهذه الـجماعة الـمكرمة.

قال القاضي عياض رحمه الله: "الـمعنى: شرع الله أن يكون إمام الـمسلمين منهم، وأميرهم من عدادهم؛ تكرمةً لهم، وتفخيمًا لشأنهم"؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3495].

فائدة مهمة:

كل شخص يقول: بأنه الـمهدي المُنْتَظَر، فهو كذاب وضالٌّ.

تحذير ونذير:

احذر - أخي المسلم الكريم - أن تستجيب أو تستمع لأي شخص يقول بأنه الـمهدي المُنْتَظَر، فإنه كذاب؛ لأن الإمام الـمهدي لا يقول ذلك، ولا يطلب من المسلمين مبايعته على الإمارة.

أقوال العلماء في المهدي المُنْتَظَر:

سوف نذكر بعض أقوال وفتاوى العلماء الكرام في الـمهدي المُنْتَظَر:

1- روى ابن أبي شيبة عن مـحمد بن سيرين رحمه الله قال: "الـمهدي من هذه الأمة، وهو الذي يؤم عيسى ابن مريم"؛ [مصنف ابن أبي شيبة، ج: 7، ص: 513، رقم: 37649].

2- قال الإمام محمد بن الحسين الآبري رحمه الله: "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يؤم الأرض عدلًا، وأن عيسى صلى الله عليه وسلم يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه"؛ [المنار المنيف، لابن القيم، ص: 142].

3- قال الإمام محمد بن أحمد السفاريني رحمه الله: "قد كثرت بخروج المهدي الرواياتُ حتى بلغت حدَّ التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عدَّ من معتقداتهم"؛ [لوامع الأنوار البهية، للسفاريني، ج: 2، ص: 84].

4- قال الإمام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية رحمه الله: "الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود، والترمذي، وأحمد، وغيرهم، من حديث ابن مسعود وغيره؛ كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود: ((لو لم يبْقَ من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم، حتى يخرج فيه رجل مني - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما مُلِئت جورًا وظلمًا))؛ [ورواه الترمذي، وأبو داود من رواية أم سلمة]، وأيضًا فيه: ((المهدي من عترتي من ولد فاطمة))؛ [ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد، وفيه: يملك الأرض سبع سنين]"؛ [منهاج السنة، لابن تيمية، ج: 8، ص: 254].

5- قال الإمام ابن القيم بعد أن ذكر أقوال العلماء: "القول الثالث: المهدي رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان، وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا، فيملؤها قسطًا وعدلًا، وأكثر الأحاديث على هذا تدل... وفي كونه من ولد الحسن سرٌّ لطيف؛ وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله، فجعل الله مِن ولده مَن يقوم بالخلافة الحق، المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئًا أعطاه الله، أو أعطى ذريته أفضل منه"؛ [المنار المنيف، لابن القيم، ص: 151].

6- قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تاريخه البداية والنهاية: "فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان:

الـمهدي: هو أحد الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وليس هو بالمُنْتَظَر الذي تزعم الرافضة، وترتجي ظهوره من سرداب سامرًا، فإن ذلك ما لا حقيقة له، ولا عين، ولا أثر، ويزعمون أنه محمد بن الحسن العسكري، وأنه دخل السرداب وعمره خمس سنين، وأما ما سنذكره، فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يكون في آخر الزمان، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم؛ فإن هذا يملأ الأرض عدلًا، كما مُلئت جورًا وظلمًا، وهكذا عيسى ابن مريم، كما دلت على ذلك الأحاديث"؛ [البداية والنهاية، لابن كثير، ج: 19، ص: 55].

7- قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "تواترت الأخبار بأن الـمهدي من هذه الأمة، وأن عيسى صلى الله عليه وسلم يصلي خلفه"؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 6، ص: 569].

8- قال الإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله: "في رسالته التوضيح في تواتر ما جاء في الأحاديث في المهدي والدجال والمسيح: الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون حديثًا، فيها الصحيح، والحسن، والضعيف الـمنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي، فهي كثيرة أيضًا لها حكم الرفع؛ إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك"؛ [الإذاعة لِما كان وما يكون بين يدي الساعة، صديق القنوجي، ص: 87].

9- قال الشيخ محمد أشرف آبادي رحمه الله: "أخـــرج أحاديث المهدي جماعة من الأئمة؛ منهم أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبزار، والحاكم، والطبراني، وأبو يعلى الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة؛ مثل: علي وابن عباس، وابن عمر وطلحة، وعبدالله بن مسعود وأبي هريرة، وأنس وأبي سعيد الخدري، وأم حبيبة وأم سلمة، وثوبان وقرة بن إياس، وعلي الهلالي وعبدالله بن الحارث بن جزء، رضي الله عنهم، وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف"؛ [عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد أشرف آبادي، ج: 11، ص: 243].

10- قال الإمام صديق حسن القنوجي رحمه الله في كتابه (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة) الأحاديث الواردة في المهديِّ على اختلاف رواياتها كثيرة جدًّا، تبلغ حد التواتر، وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام، من الـمعاجم والمسانيد؛ [الإذاعة لِما كان وما يكون بين يدي الساعة، صديق القنوجي، ص: 61].

11- قال الإمام عبدالرحمن السيوطي رحمه الله في مقدمة كتابه (العرف الوردي في أخبار الـمهدي): "هذا جزء جمعت فيه الأحاديث، والآثار الواردة في الـمهدي، لخصت فيه الأربعين التي جمعها الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، وزدت عليه ما فاته"؛ [العرف الوردي في أخبار المهدي، للسيوطي، ص: 47].

12- قال الإمام عبدالحليم محمود رحمه الله شيخ الأزهر الأسبق: "خبر ظهور المهدي جاءت به نصوص السنة الصريحة، وأنه سيكون أول ظهوره بمكة المكرمة، وسيكون قبل نزول المسيح عيسى ابن مريم، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وسيظل قائمًا بأمر المسلمين، يتولى شؤونهم ويقودهم في جهاد عدوهم، حتى ينزل المسيح ابن مريم حاكمًا بشريعة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، منفذًا لقواعد الإسلام"؛ [فتاوى عبدالحليم محمود، ص: 148].

13- قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: "الـمهدي مبشَّر به في الأحاديث الصحيحة، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تنقضي الدنيا حتى يبعث الله رجلًا يوافق اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي – أي: محمد بن عبدالله - يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما مُلِئت جورًا وظلمًا، يمكث في الأرض سبع سنوات أو ثماني سنوات))، فإذًا المهدي محمد بن عبدالله هو رجل من المجدِّدين، الذين أخبر الرسول عليه السلام عنهم بقوله: ((إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها على رأس كل مائة سنة))، فالمهدي ما هو إلا إنسان عادي عالم مصلِح، الناس يتبعونه لعلمه ولصلاحه؛ ولذلك ففي زمانه يرى الناس العدل، ولا يعودون يرون الجَور والظلم"؛ [موسوعة الألباني في العقيدة، شادي بن محمد آل نعمان، ج: 9، ص: 236].

14- قال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "المهدي المُنْتَظَر صحيح، وسوف يقع في آخر الزمان، قرب خروج الدجال ونزول عيسى عند اختلاف بين الناس، عند موت خليفة فيخرج المهدي، ويبايع ويقيم العدل في الناس سبع سنوات أو تسع سنوات، وينزل في وقته عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، هذا جاءت به أحاديث كثيرة، أما المهدي الذي يدعي الرافضة، هذا لا أصل له، مهدي الشيعة صاحب السرداب، هذا لا أصل له عند أهل العلم، بل هو خرافة لا أساس لها ولا صحة لها، أما المهدي المُنْتَظَر الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة، ومن بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من أولاد فاطمة رضي الله عنها، وهو سَمِيُّ النبي محمد، وأبوه عبد الله، فهذا حق، وجاءت به الأحاديث الصحيحة، وسيقع في آخر الزمان، ويحصل بسبب خروجه وبيعته مصالح للمسلمين في إقامة العدل ونشر الشريعة، وإزالة الظلم عن الناس، وجاء في الأحاديث أن الأرض تُملأ عدلًا، بعدما مُلِئت جورًا في زمانه، وأنه يخرج عند وجود فتنة بين الناس، واختلاف على أثر موت الخليفة القائم، فيبايعه أهل الإيمان والعدل بما يظنه فيه من الخير والاستقامة، وأنه من بيت النبوة"؛ [فتاوى نور على الدرب، لابن باز، ج: 4، ص: 287ـ رقم: 107].

15- قال الإمام محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: "إثبات المهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وتكاثرت فيه الأحاديث، والذي سيُولَد في وقته ويخرج في وقته، هذا حق"؛ [فتاوى أركان الإسلام، لابن عثيمين، ص: 102، رقم: 148].

16- قال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: "نعتقد ضلال من ينكر أحاديث المهدي والدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام، ولسنا نعني مهدي الرافضة، بل إمام من أهل بيت النبوة، ومن أهل السنة يملأ الأرض عدلًا وقسطًا، كما مُلِئت ظلمًا وجورًا"؛ [هذه دعوتنا وعقيدتنا، مقبل بن هادي الوادعي، ص: 16].

17- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية:

الأحاديث التي دلَّت على خروج المهدي كثيرة وردت من طرق متعددة، ورواها عدد من أئمة الحديث، وذكر جماعة من أهل العلم أنها متواترة معنويًّا؛ منهم أبو الحسن الآجـري من علماء المائة الرابعة، والعلامة السفاريني في كتابه لوامع الأنوار البهية، والعلامة الشوكاني في رسالة سماها التوضيح في تواتر أحاديث المهدي والدجال والمسيح، وله علامات مشهورة مذكورة في الأحاديث، وأهمها: أنه يملأ الأرض عدلًا وقسطًا بعدما مُلِئت جورًا وظلمًا، ولا يجوز لأحد أن يجزم بأن فلان بن فلان هو المهدي حتى تتوافر العلامات التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، وأهمها ما ذكرنا؛ وهو كونه يملأ الأرض عدلًا وقسطًا"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة، ج: 3، ص: 141].

ختامًا: أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وفي ميزان حسناتي يوم القيامة، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام، وأرجو كل قارئ كريم أن يدعو الله لي بالإخلاص، والتوفيق، والثبات على الحق، وحسن الخاتمة، فإن دعوة المسلم الكريم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة؛ وأختم بقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

وآخر دعوانا أن الـحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا مـحمد، وآله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.