• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

عبودية الصحابة رضي الله عنهم

عبودية الصحابة رضي الله عنهم
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي

المصدر: قَطْعُ العَلائِقِ للتَّفَكُرِ فِي عُبُودِيَّةِ الخَلائِقِ (بحث محكم) (PDF)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2023 ميلادي - 27/7/1444 هجري

الزيارات: 7100

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبودية الصحابة رضي الله عنهم


تقدم معنا بيانُ أعلى الخلق رتبةً في العبودية وهي رتبةُ النبيين والمرسلين، وأن أعلاهم رتبة أولو العزم منهم، ثم تلي هذه الرتبة رتبةُ أنصار النبيين والمرسلين على دينهم الذين يأخذون بهديهم ويزودون عن دين ربهم، وأفضل هؤلاء قاطبةً أصحابُ خير الخلق صلى الله عليه وسلم، فهم رضي الله عنهم خير أصحاب لخير نبي؛ يقول ابن مسعود رضي الله عنه:

"إنَّ اللهَ نظرَ في قلوبِ العبادِ فوجدَ قلبَ محمد صلى الله عليه وسلم خيرَ قلوبِ العبادِ، فاصطفاهُ لنفسِهِ فابتعثهُ برسالتِهِ، ثم نظرَ في قلوبِ العبادِ بعدَ قلبِ محمدٍ، فوجدَ أصحابه خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلهم وُزَرَاءَ نبيِّهِ يُقاتلونَ على دِينِهِ، فما رأى المسلمونَ حسنًا فهوَ عندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سيِّئًا فهو عندَ اللهِ سيئٌ"[1].

 

وها هنا نذكر جوانب من أبرز معالم عبوديتهم لله تعالى:

أولًا: التفاضل بينهم:

والتفاضل بين الصحابة رضي الله عنهم معلوم لا يخفى، ولقد استقرَّ قول أهل السنة والجماعة في التفضيل بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، على أنهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة: فأفضلهم: أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، ومما يدل على ذلك ما ثبت عند البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (كنا نخيَّر بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنُخيَّر أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان رضي الله عنهم)"[2]، ثم يأتي بعدهم باقي العشرة المبشرين بالجنة، ثم يليهم في الفضل عموم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ثم أهل بدر، فأهل بيعة الرضوان، ثم عموم الصحابة رضي الله عنهم جميعًا.

 

ثانيًا: اصطفاء اللهِ تعالى لهم:

لقد اصطفى الله عز وجل جيل الصحابة ليكونوا في طليعة خير قرون هذه الأمة، كما ثبت عند البخاري رحمه الله من حديث عِمْرَانَ بن الحُصَيَنٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصفهم: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قالَ عِمْرانُ: لا أدْرِي: ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أوْ ثَلاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ...)[3]، ووصفهم الله تعالى بالخيرية فقال: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].

 

قال ابن كثير (ت 744هـ) رحمه الله: والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخيرُ قرونهم الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم، كما قال سبحانه في الآية الأخرى:

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ (البقرة: 143)[4].

 

وهذه الآية وإن كانت عامة في الأمة كلها كما قال الحافظ ابن كثير، غير أن جيل الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - في طليعة هذه الأمة؛ لأنهم خير القرون، ولأنهم خيرُ من قام بمهام الدين كلها، ولا سيما بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي جاءت الخيرية منوطة بالقيام به، مقترنًا بالإيمان بالله في هذه الآية.

 

وإن كان المعني بالخطاب في هذه الآية الكريمة في قوله سبحانه: ﴿ كُنْتُمْ ﴾، هو جيل الصحابة الذين عاصروا الرسالة، وعايشوا التنزيل، فهي كذلك تعم كلَّ مَن أدى شرط الله فيها ممن أتى من بعدهم من عموم الأمة ممن قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقترنًا بالإيمان بالله تعالى كذلك.

 

قال عمر - رضي الله عنه-: مَنْ سرَّه أن يكون من هذه الأُمَّة فليؤدِّ شرط الله فيها.[5]

 

ثالثًا: كثرة صلاتهم وصحة عبوديتهم لله؛ قال تعالى في وصف كثرة صلاتهم: ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].

 

وقوله سبحانه: ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾؛ أي: وصْفُهم كَثرةُ الصَّلاةِ التي أجَلُّ أركانِها الركوعُ والسُّجودُ.


يَبْتَغُونَ بتلك العبادةِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا؛ أي: هذا مقصودُهم بلوغُ رِضا رَبِّهم، والوُصولُ إلى ثوابِه.

 

وقوله: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾؛ أي: قد أثَّرَت العبادةُ - من كَثرتِها وحُسْنِها - في وجوهِهم، حتى استنارت، لَمَّا استنارت بالصَّلاةِ بواطِنُهم استنارت بالجَلالِ ظواهِرُهم[6].

 

وقد تعاملوا مع الله بكلِّ صدقٍ وإيمان وصلاح للنية، وإصلاح للطوية، وقد جعلوا حياتهم كله لله، ولإعلاء كلمته ونُصرة دينه، وقد تمثل ذلك في كلِّ حركاتهم وسَكَناتهم، حتى أضحت العبادة مِلءَ قلوبهم، وتحقيق كمال العبودية لله تعالى بإخلاص واتباع أسمى أمانيهم.

 

رابعًا: سبقهم للإيمان وصحبة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100].

 

﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ﴾؛ أي: وأصحابُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذين سَبَقوا المُسلِمينَ أوَّلًا إلى الإيمانِ، مِن الذين تركوا قومَهم، وفارَقُوا أوطانَهم، ومِن أهلِ المدينةِ الذين نَصَروا الرَّسولَ على الكافرينَ، وآوَوْا أصحابَه المهاجِرينَ[7].

 

خامسًا: هجرتهم في سبيل الله:

قال تعالى في حق المهاجرين والأنصار: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 72]؛ أي: إنَّ المُهاجرينَ الذينَ آمَنوا بكُلِّ ما وجَبَ عليهم الإيمانُ به، وهجَروا قَومَهم، وتَرَكوا دُورَهم، وخَرَجوا من أوطانِهم، وأنفَقوا أموالَهم؛ لِنُصرة دينِ اللهِ، وبالَغُوا في إتعابِ أنفُسِهم وبَذلِها في حَربِ الكافرينِ لإعلاءِ كَلِمةِ الله تعالى [8].

 

وقال فيهم سبحانه أيضًا: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 74]؛ أي: والمؤمِنونَ المُهاجِرونَ الذين قاتَلوا الكُفَّارَ؛ لإعلاءِ كَلِمةِ اللهِ، والأنصارُ الذين ضمُّوا مَن هاجَرَ إليهم، ونَصَرُوهم، ونَصَروا دينَ اللهِ - أولئك هم الكامِلونَ في الإيمانِ، الذين حقَّقوا إيمانَهم بفِعلِ ما يقتضيه مِن الهِجرةِ والنُّصرةِ، والجهادِ في سَبيلِ اللهِ[9].

 

سادسًا: جهادهم في سبيل الله:

قال تعالى في وصف جهادهم: ﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 88، 89].

 

فالصحابة رضي الله عنهم بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الله، فقدموا أموالهم وأرواحهم رخيصة أمام نصرة دين الله وإعلاء كلمته في الأرض، وإن خير شاهد لجهادهم وتضحيتهم بالنفس والمال في سبيل الله تعالى، غزواتهم التي شاهدوهم مع النبي صلى الله عليهم وسلم، وكذلك إنفاقهم لأموالهم في الإعداد للجهاد، واستمر ذلك البذل وتلك التضحيات في عهد الخلفاء الراشدين كذلك.

 

ولقد علمنا أن فتوحاتهم الأمصار الواسعة العظيمة المترامية الأطراف كان على أيديهم رضي الله عنهم أجمعين.

 

سابعًا: صدق إيمانهم بالله:

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ (التوبة: 119).

 

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

في قوله تعالى: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقال الضحاك: مع أبي بكر وعمر وأصحابهما[10].

 

ثامنًا: تحليهم بالإيثار مع خصاصتهم:

لَمَّا كان الإيثار مِن محاسن الشِّيم وكريم الأخلاق، ونبل الطباع وكريم السجايا التي حثَّ عليه ديننا الحنيف وشرعُنا المنيف، وكان من المراتب العالية التي لا ينالها إلا الراغبون فيما عند الله تعالى، كان أحق الناس بالاتصاف به من تأسَّوا بخير الخلق وأعظمهم خلقًا صلى الله عليه وسلم، لذا فقد أثنى الله في محكم آياته على إيثارهم، وامتدح فعالهم، ووصفهم بالفلاح؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (الحشر: 9).

 

قال الطَّبري رحمه الله:

يقول تعالى ذكره: وهو يصفُ الأنصار: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ ﴾ مِن قبل المهاجرين، ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ﴾ يقول: ويعطون المهاجرين أموالهم إيثَارًا لهم بِها على أنفسهم ﴿ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ يقول: ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثَرُوا به مِن أموالهم على أنفسهم[11].

 

وقال ابن كثير رحمه الله: أي: يقدِّمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالنَّاس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك [12].

 

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: وأمَّا الإيثَار مع الخصاصة فهو أكمل مِن مجرَّد التَّصدق مع المحبَّة، فإنَّه ليس كلُّ متصدِّق محبًّا مؤثرًا، ولا كلُّ متصدِّق يكون به خصاصة، بل قد يتصدَّق بما يحبُّ مع اكتفائه ببعضه مع محبَّة لا تبلغ به الخصاصة[13].

 

تاسعًا: انتسابهم للأمة الوسط الشاهدة على الأمم:

قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

قال الطبري- رحمه الله-: فمعنى ذلك: وكذلك ﴿ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ عدولًا شهداءَ لأنبيائي ورسلي على أُممها بالبلاغ أنها قد بلغت ما أُمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أُممها, ويكون رسولي محمد صلى الله عليه وسلم شهيدًا عليكم بإيمانكم به, وبما جاءكم به من عندي[14].

 

وقال ابن كثير - رحمه الله-: ﴿ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾، قال: لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم؛ لأن الجميع معترفون لكم بالفضل[15].

 

قال الكلبي - رحمه الله -: ﴿ وَسَطًا ﴾: يعني: أهل دين وسط، بين الغلو والتقصير؛ لأنهما مذمومان في الدين[16].

 

عاشرًا: عموم فضائل الصحابة:

الصحابة رضي الله عنهم لهم السبق في كل خير وفضل وبر، فلقد تحلَّوْا بأمهات الفضائل من صدق الإيمان بالله وصحة العلم، وسلامة العمل والدعوة إلى الله، ونشر الإسلام والنصح لعباد الله، والهجرة والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، والقيام بواجبات الدين كلها، ونشروا كل هذه الفضائل بين هذه الأمة، ولذا لن تجتمع أمهات الفضائل ومحاسن هذه الدين في أي جيل مثلما اجتمعت واكتملت لهم رضوان الله عليهم أجمعين.

 

قال ابن مسعود (ت: 32هـ)- رضي الله عنه-: الصحابة أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه[17]، فحبُّهم سنة والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة[18].

 

لذا فقد امتاز جيلهم بالفهم الصحيح للإسلام وبكمال العلم والعمل بأركانها، ومبادئه وأوامره وأخلاقه، مقرونًا بصحة المعتقد وكمال الإيمان، مصوبًا بحسن التأسي بنبيهم صلى الله عليه وسلم، ويعود ذلك أولًا لمحض فضل الله عليهم، وذلك باصطفائه سبحانه لهم، واختيارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ليكون في طليعة الرعيل الأول من خير قرون هذه الأمة.


[1] رواه أحمد (1/ 379) والطيالسي: (246) بإسناد حسن، أحمد شاكر، مسند أحمد: (5/ 211)، وهو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، قال أحمد شاكر: في: مسند أحمد: (٥/ 211)، إسناده صحيح، وهو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري: (3655-3698). وهذا الحديث وإن كان من كلام ابن عمر – رضي الله عنهما-، لكنه في حكم المرفوع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه حكاية لما كانوا يقولون في زمن النبي –صلى الله عليه وسلم-دون إنكار من النبي –صلى الله عليه وسلم-عليهم. وقد جاء التصريح بإقرار النبي –صلى الله عليه وسلم-لذلك، وأنه كان يبلغه هذا التفضيل فلا ينكره، كما في السنة لابن أبي عاصم (1227)، والسنة للخلال: (577).
وكذلك جاء التصريح بإقرار أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- وهم عدد وفير في حياته صلى الله عليه وسلم لذلك، كما في مسند الإمام أحمد: (4626).

[3] صحيح البخاري: (6695).

[4] تفسير ابن كثير: (3/ 142)؛ تفسير القرآن العظيم، المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) المحقق: محمد حسين شمس الدين الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، بيروت الطبعة: الأولى - 1419 هـ.

[5] رواه الطبري بسنده في تفسيره (7/ 102) (7612).

[6] تفسير ابن سعدي: (ص: 795).

[7] يُنظر: تفسير ابن جرير: (11/ 637)، تفسير البغوي: (2/ 382)، تفسير ابن سعدي: (ص: 350)، تفسير ابن عاشور: (11/ 17).

[8] يُنظر: تفسير الطبري: (11/ 289)، البسيط، للواحدي: (10/ 264)، تفسير ابن عطية، (2/ 555)، تفسير ابن كثير: (4/ 95)، تفسير السعدي: (ص: 327)، العذب النمير، للشنقيطي: (5/ 203).

[9] يُنظر: تفسير الطبري: (11/ 299)، تفسير البغوي: (2/ 313)، زاد المسير، لابن الجوزي (2/ 228)، تفسير الشوكاني: (2/ 376)، تفسير السعدي: (ص: 328)، العذب النمير، للشنقيطي: (5/ 224).

[10] تفسير ابن كثير: (4/ 231).

[11] تفسير الطبري: (22/ 527).

[12] تفسير ابن كثير: (8/ 70).

[13] منهاج السنة النبوية، لشيخ الإسلام ابن تيمية: (7/ 129). منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ) المحقق: محمد رشاد سالم الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م عدد المجلدات: 9.

[14] تفسير الطبري: (2/ 8) .

[15]تفسير ابن كثير: (1/ 181).

[16] حكاه البغوي في تفسيره: (1/ 122).

[17] تفسير القرطبي: (1/ 60)، وروى نحوه أبو نعيم في الحلية: (1/ 305) من قول ابن عمر رضي الله عنهما .

[18] السنّة للإمام أحمد - رحمه الله- (77/ 78).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العبودية (خطبة)
  • تحصيل الحرية في تحقيق العبودية
  • خطبة عن العبودية
  • العبودية لله وصف تكريم وثناء
  • عبودية المسلم في مواجهة انهزام العقل بإفساد التصور
  • فاخر بعبوديتك لله
  • الشجر وعبوديته لله تعالى (خطبة)
  • عبودية الانكسار
  • بالإخلاص تتحرر النفس البشرية من عبودية غير الله
  • عبودية الاعتراف بالذنب
  • الغاية من خلق المكلفين تحقيق العبودية
  • مكانة العبودية والاستعانة وتحقيق التلازم بينها
  • عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم
  • عبودية أولي العزم من الرسل عليهم السلام بأعيانهم
  • عبودية حواريي الأنبياء وأصحابهم
  • عبودية عموم الخلق
  • خطبة كيف أحب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)
  • تواضع الصحابة رضي الله عنهم
  • عبودية القلم والعرش

مختارات من الشبكة

  • من أقسام العبودية: عبودية الاختيار والانقياد والطاعة والمحبة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من أقسام العبودية: عبودية الغلبة والقهر والملك(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • عبودية القلب أس لعبودية الجوارح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية القلب أس لعبودية الجوارح ( عرض تقديمي )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخلوقات كثيرة ورد في عبوديتها لله نصوص صحيحة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مفهوم العبودية في اللغة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مفهوم العبودية في الشرع(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • حكم قول الإنسان: (أنا حر) عندما ينصح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية الكائنات لربها(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • تعظيم قدر القرآن في قلوب الصحابة (رضي الله عنهم)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب