• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

التوسل بين الجائز المشروع والمبتدع الممنوع

التوسل بين الجائز المشروع والمبتدع الممنوع
عبدالله ميزر الحداد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/5/2022 ميلادي - 29/10/1443 هجري

الزيارات: 7158

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوسل بين الجائز المشروع والمبتدع الممنوع


إن موضوعَ التوسل ومعناه وأنواعه، وما يجوز منه وما يُمنَع - هو جزءٌ مهم من العقيدة ينبغي للمسلم أن يعرِفه ويتعلَّمه، ويُميِّز بين التوسل الصحيح المشروع وبين التوسل البدعي الممنوع، وقد ثار الجدل واختلفت الآراء حول التوسل منذ القديم بين أهل السنة والجماعة وأهل البدعة والفُرقة.

 

فتمسَّك أهلُ السنة بالدليل، وأجازوا ما أجازه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومنعوا وحذَّروا مما منع منه الكتاب والسنة، بينما حام أهلُ البدع والزَّيغ حول أهوائهم ورغباتهم وعقولهم القاصرة، فوقعوا في المحظور، ولهجوا بالتوسل الممنوع، وقد اعتاد عامة المسلمين منذ زمن طويل أن يستخدموا في دعائهم التوسل المبتدع الممنوع، فيقولوا مثلًا: (اللهم بجاه نبيِّك أو بحقٍّ نبيك)، وما أشبه ذلك، متأثرين بدعاة الضلال وأدعياء العلم، وبأحاديث موضوعة واهية زيَّنها لهم بعضُ أهل البدع أو أقوال مرجوحة لبعض الأئمة لا تؤيِّدها الأدلة.

 

ومع وضوح مسألة التوسل، وما يباح منه وما يُمنع، وتبيانها في ديننا الحنيف بيانًا شافيًا، فإنها قد زلَّت فيها الأقدام، واعتقد الناس جواز شيء حرَّمه الله، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الاستغاثة بغير الله، ودعاء غير الله، فوقعوا في الشرك الأكبر والعياذ بالله.

 

ولا أريد أن تكون المقدمة طويلة، فنحن في موضوع علمي نريد فيه الوصول إلى الحق، ولا سبيل إلى ذلك إلا باتباع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المقال سنتناول موضوع التوسل بالشرح والبيان من جميع أطرافه، بدءًا بمعناه في اللغة والقرآن، ثم بيان المشروع منه والمبتدع الممنوع، وتبصير القارئ الكريم ببُطلان الأحاديث التي يستدلون بها، وأرجو من الله التوفيق والسداد والثبات على منهج السلف الصالح، إنه جواد كريم.

 

معنى التوسل في اللغة والقرآن:

كلمة التوسل كلمة عربية أصيلة وردت في القرآن والسنة وكلام العرب، ولكي نستطيع فَهْمَ مسألة التوسل وحكمه، لا بد من التعرف على معناه في اللغة العربية التي أنزل بها القرآن الكريم، فالتوسل لغة معناه:

التقرب إلى المطلوب والتوصل إليه برغبة؛ كما جاء في كتاب (التوسل أنواعه وأحكامه) للإمام الألباني.

 

قال الإمام ابن الأثير في كتابه [النهاية]: (الواسل الراغب، والوسيلة القربة والواسطة، وما يتوصل به إلى الشيء ويُتقرب به، جمعها وسائل).

 

وقال الفيروز آبادي في [القاموس]: (وسل إلى الله تعالى توسيلًا: عمل عملًا تقرَّب به إليه كتوسل).

 

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره:

(الوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود)، فأنت ترى أن التوسل في لغة العرب تعني التقرب إلى الشيء والتوصل إليه، ولم يخالف في ذلك أحد، وقد وردت لفظة الوسيلة في القرآن الكريم مرتين؛ منها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35]، قال الإمام الكبير ابن جرير الطبري في تفسير الآية:

يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم، ووعد من الثواب وأوعد من العقاب، (اتقوا الله)، يقول أجيبوا الله فيما أمركم ونهاكم بالطاعة له في ذلك، (وابتغوا إليه الوسيلة)، يقول: واطلبوا القربة إليه بالعمل فيما يرضيه)).

 

فقد فسَّر الطبري الوسيلة هنا بالتقرب إلى الله بالعمل الصالح، وقال قتادة في تفسير هذه الآية: (أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه)، ونقل مثل هذا المعنى عن ابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم، وانظر: (تفسير ابن كثير).

 

والآية الثانية قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 57].

 

وهذه الآية قد نزلت في قوم من العرب كانوا يعبدون نفرًا من الجن، فأسلَم هؤلاء الجن وصاروا يتقربون إلى الله بالعمل الصالح، وبقي أولئك الإنس يعبدونهم، وانظر: (الصحيحين).

 

فأنت ترى اتفاق هؤلاء الأئمة الكبار وهذه النصوص على تفسير الوسيلة بالعمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله، وليس بالتوسل بجاه فلان أو الدعاء بمنزلة فلان، فالوسيلة الوحيدة التي تقرب العبد من ربه هي العمل الصالح الذي يقصد به المسلم التقربَ إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن العمل الصالح لا ينفع العبد إلا يتوافر شرطين: إخلاص العمل لله؛ كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

 

والشرط الثاني: متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمل؛ كما في الحديث الصحيح: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ).

 

وبذلك نعلم أن الوسيلة الوحيدة التي تقرِّبنا من الله هي الأعمال الصالحة، وأما التوسل بجاه الأنبياء والصالحين وقدرهم، فذلك ليس من الإسلام في شيءٍ، بل هو توسُّل مبتدع مذموم كما سنفصله.

 

قال الإمام الألباني في كتابه القيم [التوسل أنواعه وأحكامه]:

(ومن الغريب أن بعض مدَّعي العلم اعتادوا الاستدلال بالآيتين السابقتين على ما يلهج به كثيرٌ منهم من التوسل بذوات الأنبياء، أو حقهم أو حُرمتهم أو جاههم، وهو استدلال خاطئ لا يصح حمل الآيتين عليه؛ لأنه لم يثبت شرعًا أن هذا التوسل مشروعٌ مرغوب فيه، ولذلك لم يذكر هذا الاستدلال أحدٌ من السلف الصالح، ولا استحبوا التوسل المذكور، بل الذي فهِموه منهما أن الله تبارك وتعالى يأمُرنا بالتقرب إليه بكلِّ رغبةٍ، والتقدم إليه بكل قربة، والتوصل إلى رضاه بكل سبيل).

 

التوسل المشروع وأنواعه:

شرع الله سبحانه وتعالى لعباده ثلاثة أنواع من أنواع التوسل، وأجازها لهم، وحثَّهم عليها، وهذه الأنواع الثلاثة هي:

1- التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وذلك بأن يتوسل المسلم، فيقول: اللهم اسألك بأنك انت الرحمن الرحيم أن ترحمني، أو يقول: اللهم إني اسألك برحمتك وعفوك أن تعفوَ عني، والأدلة على جواز هذا التوسل كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180]، قال الإمام الألباني عن هذه الآية في كتابه [التوسل]:

(المعنى ادْعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى، ولاشك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا الطلب؛ لأن أسماءه الحسنى سبحانه صفات له خُصَّت به تبارك وتعالى).

 

ومن الأدلة على هذا التوسل قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: (اللهم بعلمك الغيبَ وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي)؛ رواه النسائي والحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي وصححه الألباني.

 

ومن الأدلة أيضًا ما رواه الترمذي والحاكم، وحسَّنه الألباني عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمرٌ، قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث).

 

فهذه الأدلة وغيرها تدل دلالة واضحة على مشروعية هذا التوسل واستحبابه، ومن الغريب حقًّا أن يعرض بعض الناس عن هذا التوسل المشروع، بينما تراهم يلهجون بالتوسل المبتدع، وهذا من علامات الخِذلان نسأل الله السلامة.

 

2-التوسل بعمل صالح قام به الداعي:

وهذا هو النوع الثاني من أنواع التوسل المشروع، وذلك بأن يقول المسلم في دعائه: اللهم بإيماني بك واتباعي لنبيك، ارزُقني وعافني واعفُ عني، أو يقول: اللهم ببرِّي بوالدي وإحساني إليهما، اغفر لي، والأدلة على مشروعية هذا التوسل في الكتاب والسنة كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]، وقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53].

 

ومن الأدلة على هذا التوسل من السنة أيضًا حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار، وملخصه أن ثلاثة دخلوا غارًا فسدت عليهم صخرة باب الغار، فلم يستطيعوا الخروج، فتوسل الأول ببرِّه بوالديه وإحسانه إليهما، وتوسل الثاني بتعفُّفه عن الزنا بابنة عمه، مع قدرته عليها وشدة حبه لها لَمَّا ذكرته بالله، وتوسل الثالث بأمانته وحفظه لحق الأجير، فلما توسلوا بهذه الأعمال الصالحة، فرَّج الله عنهم وانفرجت الصخرة، والحديث رواه بطوله البخاري ومسلم، فهذه الأدلة الواضحة وغيرها تدل على مشروعية هذا التوسل واستحبابه.

 

ولا يفوتنا التنويه إلى أن العمل الصالح لا ينفع صاحبَه، ولا ينفع التوسل به، ولا يقبل إلا إذا كان صاحبه مخلصًا لله تعالى، ومتبعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرت في هذا المقال.

 

فإذا كان العمل خالصًا لوجه الله وعلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو العمل الذي ينفع صاحبه وينفع التوسل به إن شاء الله تعالى.

 

3-التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح الحي يعني بطلب الدعاء منه:

وهذا ثالث أنواع التوسل المشروع، وذلك بأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تلم به الملمات، فيذهب إلى رجل صالح حي يعتقد فيه الصلاح، فيطلُب من هذا الصالح أن يدعوَ الله له طمعًا في أن يستجيب الله دعاء هذا الرجل الصالح، وهذا التوسل قد دلت عليه الشريعة ووردت منه أمثلة في السنة الشريفة؛ كما قال الإمام الألباني، وقد عَمِلَ به السلف الصالح.

 

فمن الأدلة على مشروعية هذا التوسل حديث أنس رضي الله عنه قال: (أصاب الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر قائمًا في يوم الجمعة، قام - وفي رواية دخل - أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال وجاع العيال - وفي رواية هلك الكراع وهلك الشاء - فادع الله لنا أن يسقينا، فرفع يديه يدعو: [اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا]، ورفع الناس أيديهم معه يدعون، ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئًا، وما بيننا وبين سَلْعٍ من بيتٍ ولا دارٍ، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل التُّرْس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم)؛ رواه البخاري، وقد اعتمدت طريقة الإمام الألباني في ضم الزيادات إلى بعضها، وللحديث تتمة، وإنما يهمنا بيان الشاهد في الحديث، وهو جواز التوسل بطلب الدعاء من الرجل الصالح الحي، وهذا الحديث يدل بوضوح على جواز ومشروعية هذا التوسل.

 

ومن الأدلة على جواز هذا التوسل ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتَسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا، فاسقنا قال: فيسقون)؛ قال الإمام الألباني معقبًا على هذا الحديث: (ومعنى قول عمر رضي الله عنه إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا أننا كنا نقصد نبيَّنا صلى الله عليه وسلم، ونطلُب منه أن يدعو لنا، ونتقرب إلى الله بدعائه - يقصد بالدعاء الذي يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم - والآن وقد انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ولم يعُد من الممكن أن يدعوَ لنا، فإنا نتوجَّه إلى عم نبينا العباس، ونطلُب منه أن يدعوَ لنا، وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائهم: اللهم بجاه نبيك اسقنا، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، اللهم بجاه العباس اسقنا؛ لأن مثل هذا دعاء مبتدع، ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة، ولم يفعله أحدٌ من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم).

 

وهذا الذي قاله العلامة الألباني هو الصواب، وهو الذي عليه أهل العلم، ولو كان المعنى أنهم كانوا يتوسلون بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، لاستمروا على نفس الطريقة بعد وفاته، ولكنهم كانوا يتوسلون بطلب الدعاء منه صلى الله عليه وسلم، فلما توفِّي ذهبوا الى رجل صالح حي هو العباس رضي الله عنه، فطلبوا الدعاء منه.

 

وهنا أُنبه إلى أمرٌ مهم، وهو أن طلب الدعاء يكون من الرجل الصالح الحي الذي تُرجى إجابة دعائه، وليس معناه التوجه إلى ضريحٍ أو قبرِ وليٍّ صالحٍ، والدعاء عنده أو دعاؤه - والعياذ بالله -كما يفعل الجهلة، فإن هذا من الشرك الأكبر نسأل الله السلامة.

 

وهذه الأنواع الثلاثة السالفة الذكر، هي أنواع التوسل المشروع التي أَذِنَ الله للمسلمين بها، وأجازها لهم، وأما ما عداها من أنواع التوسل؛ كالتوسل بجاه الأنبياء والأولياء، أو قدرهم أو مكانتهم، فهذه كلها بدعٌ ما أنزل الله بها من سلطان كما سيأتي.

 

التوسل المبتدع الممنوع:

ذكرنا أنواع التوسل المباح، وأما ما سواها من الأنواع والتوسلات - كالتوسل بالجاه أو الحرمة أو الحق، أو المكانة - فلا يجوز التوسل بها؛ لأنها بدعة محدثة لا يؤيِّدها الدليلُ، وإباحة بعض العلماء لها - كالإمام الشوكاني - لا يجعلها مباحة، ولا يُخرجها عن كونها بدعة محدثة.

 

ذلك أن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز الإتيان بعبادة لم يشرَعها الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، ولا يجوز التوسل بتوسُّل ليس عليه دليلٌ ولا حجة.

 

والتوسل بالجاه أو الحرمة أو المكانة؛ كالتوسل بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بجاه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أو بجاه الحسين بن علي رضي الله عنهما، وما أشبه ذلك، فهذا توسل ممنوع مذموم؛ لأنه بدعةٌ محدثة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؛ كما في الحديث الصحيح، وقد أمرنا الله عند التنازع في شيء بردِّه إلى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فإذا نظرنا في القرآن الكريم وجدنا آيات كثيرة فيها أدعية وتوسلات، وليس في واحدة منها التوسل بالجاه أو الحرمة أو ما أشبههما، فمثلًا يقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، ويقول سبحانه: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

ويقول سبحانه: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]، ويقول جل جلاله: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

 

إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي فيها أنواع من الدعاء والتوسل، وليس في شيء منها كما ترى التوسل بجاه أو حرمةٍ، ولو كان خيرًا لدلَّنا الله عليه.

 

وإذا انتقلنا إلى السنة النبوية الشريفة التي أمرنا الله باتباعها، نجد الكثير من الأدعية والتوسلات الثابتة بأحاديث صحيحة، وليس في شيءٍ منها على الإطلاق هذا التوسل المبتدع المذموم، فمثلًا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)؛ رواه مسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم في بعض أدعيته: (اللهم لك ركعتُ وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشَع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي)؛ رواه مسلم.

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: (اللهم اقسِم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك)؛ رواه الترمذي وحسنه الألباني.

 

وغير ذلك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي فيها دعاء وتوسُّل، وليس فيها أي نوع من تلك التوسلات المبتدعة المذمومة، وإنكار مثل هذه التوسلات كالتوسل بالجاه والحرمة، وما أشبهها، والقول ببدعيَّتها، هو ما عليه جمعٌ كبير من أهل العلم الكبار، وعلى رأسهم الإمام أبو حنيفة النعمان، ومن أراد التوسع، فليراجع كتاب (التوسل) للعلامة الألباني، فثبت بما ذكرته من الأدلة والتفصيل أن التوسل بجاه الأنبياء والأولياء، أو قدرهم أو مكانتهم أو حرمتهم، هو توسُّل مبتدع مذموم، لا ينبغي للمسلم استخدامه في دعائه، وهو داخل بلا ريب في أحاديث النهي عن البدعة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسَّكوا وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)؛ رواه أبو داود والترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث السيدة عائشة المتفق عليه: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)، وفي رواية لمسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ).

 

فعلى المسلم الابتعاد عن هذا التوسل والحذر منه؛ حتى لا يبتدع في دين الله ما ليس منه، فيُرَدَّ عليه عمله، ويكسب الإثْمَ جزاءَ بدعته، والله المستعان!

 

هذا وإن بعض الناس الذين يُجيزون التوسل المبتدع، يستدلون ببعض الأحاديث الضعيفة والباطلة التي لا يجوز الاحتجاج بها بحالٍ، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعًا، ولولا ضيق المقام لكشفت عن ضعف هذه الأحاديث وبُطلانها حديثًا حديثًا، ولكن سأشير إلى بعضٍ منها مبينًا درجتها دون توسُّع في التخريج رغبةً في الاختصار، ومن أراد التوسع والرد الشافي على شبهات مجيزي التوسل المبتدع، فليراجع كتاب (التوسل) للعلامة الألباني، وغيره من الكتب النافعة في هذا الموضوع.

 

وإليك الآن بعض هذه الأحاديث الضعيفة الواهية التي لا تقوم بها حُجةٌ:

1- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: (من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني اسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحقِّ مَمشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا... إلا أقبل الله عليه بوجهه).

 

هذا الحديث رواه أحمد وابن ماجه، وذكره الألباني في السلسلة الضعيفة، وعلة هذا الحديث أنه من رواية عطية العوفي، وعطية ضعيف كما ذكر النووي في (الأذكار)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه النافع (القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة)، بل لقد قال إمام الجرح والتعديل الحافظ الذهبي عن عطية العوفي: (مجمع على ضَعفه)، وضعَّفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، وعطية هذا كان شيعيًّا مدلِّسًا ضعيف الحفظ، كما بيَّن ابن حجر وغيره، بل هناك ما يدل على أنه كان غاليًا في التشيع، فلقد قال عنه الإمام الشافعي: (كان يؤمن بالرجعة)؛ يعني رجعة الإمام علي رضي الله عنه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وهذه الفكرة كان يؤمن بها غلاة الشيعة في زمن الشافعي، وتدليس عطية العوفي من التدليس القبيح؛ كما قال ابن حجر وفصل الألباني في كتابه (التوسل)، وإضافة إلى ذلك فهو سيئ الحفظ، فتبيَّن لك أن الحديث لا تقوم به الحجةُ، فكيف يُستدل به على أمر في العقيدة؟

 

2- حديث: (توسَّلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم)، وهذا حديث موضوع مكذوب باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة، ويكفي هذا لردِّه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحدُ الكاذبين).

 

فهذه نماذجُ صغيرة تبيِّن للمنصف مبلغ الأحاديث التي يحتج بها المجيزون لتوسُّل مبتدع، وتبيِّن ضَعفها وسقوطها أمام معايير الجرح والتعديل، وأنه لا يتمسك بها إلا مكابر أو معاند أو مبتدع بعيد عن السنة.

 

وبذلك أُنهي هذه المقالة المختصرة التي قصدت منها بيانَ التوسل وأحكامه وأنواعه، وما يجوز منه وما يمنع بعبارات سهلة مختصرة مفيدة، ومن أراد التفصيل الدقيق، فليطلع على كتاب (القاعدة الجليلة) لشيخ الإسلام، وكتاب (التوسل أنواعه وأحكامه) للعلامة الألباني، وغيرها من الكتب النافعة المطولة والمختصرة.

 

وأسأل الله الهداية والرشادَ لي وللمسلمين والمسلمات، وصلى الله وسلم وبارك على النبي الأمي محمد خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أهل الصفاء الطاهرين، والحمد لله ربِّ العالمين.

 

المصادر والمراجع:

1- كتاب التوسل أنواعه وأحكامه، الإمام الألباني.

2- كتاب القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة، شيخ الإسلام ابن تيمية.

3- كتاب التوصل إلى حقيقة التوسل، الشيخ محمد نسيب الرفاعي.

4- صحيح البخاري، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري.

5- صحيح مسلم، الإمام مسلم بن الحجاج.

6- سنن الترمذي، الإمام الترمذي.

7- سنن أبي داود، الإمام أبو داود.

8- سنن النسائي، الإمام النسائي.

9- مسند الإمام أحمد، الإمام أحمد بن حنبل.

10- المستدرك على الصحيحين، الإمام الحاكم النيسابوري.

11- السلسلة الضعيفة، الإمام الألباني.

12- كتاب الأذكار، الإمام النووي.

13- كتاب التخليص الحبير، الإمام ابن حجر العسقلاني.

14- تفسير الطبري، الإمام محمد بن جرير الطبري.

15- تفسير ابن كثير، الإمام ابن كثير الدمشقي.

16- كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر، الإمام ابن الأثير.

17- كتاب القاموس المحيط، الفيروزآبادي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم التوسل بغير الله (1)
  • التوسل إلى الله تعالى بأنواع التوسل المشروعة
  • أقسام التوسل
  • التوسل المشروع

مختارات من الشبكة

  • التوسل والوسيلة في ضوء الكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل المشروع والتوسل الممنوع (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • التوسل وطلب الشفاعة (س/ج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل بالأحياء لا بالأموات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل الممنوع والمشروع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل الممنوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل المشروع والممنوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل المشروع والممنوع(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • شرح حديث: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ومضان الشموع في بيان التوسل المشروع(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب