• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من الخوارج

النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من الخوارج
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2022 ميلادي - 11/8/1443 هجري

الزيارات: 21014

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر أُمتَه من الخوارج


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

لعلَّنا لا نُبالغ إذا قلنا: إنَّ أخطر الفِرق التي ظهرت في تاريخ الإسلام هي فِرقة الخوارج، ويرجع ذلك لعدة أسباب:

الأول: الظُّهور المُبكِّر للفِكر الخارجي؛ حيث ظهر في مرحلة مُبكِّرة من تاريخ الإسلام، فقد ظهر بشكل واضح وصريح في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ما كان من مقتله على أيديهم، وبقتله رضي الله عنه حدثت الفُرقة في الأُمة، ووُجِدَت الفِتنة التي ما يزال أثرُها موجوداً حتى عصرنا هذا.

 

الثاني: كون هذه الفِرقة تقوم على أُسس وقواعد صدامية ودموية، يُبَرِّرون لها بفكرٍ تكفيري؛ فيُخرِجون من الدِّين مَنْ شاؤوا، ويُدخلون فيه مَنْ شاؤوا، فنصَّبوا أنفسَهم أوصياءَ على الدِّين أو على الناس بغير سند شرعي.

 

الثالث: تعدُّد أطيافهم وتنوُّع جماعاتِهم؛ حيث انقسمت هذه الفِرقة الضَّالة إلى فِرَقٍ وجماعات، يجمع بينها تيار فكريٌّ مُشتَرك، ومنهج عقدي وسلوكي يكاد أن يكون مُتَطابقاً، فظهروا على مدار التاريخ الإسلامي بأشكالٍ وأسماءٍ مختلفة، ولكنها مُتَّحدة الفِكر، فكأنَّ الفِرْقَةَ تحوَّلت إلى فِكرة، والجماعة تطوَّرت إلى مدرسة فِكرية، ومِمَّا هو معلوم أن الفِرقة قد تندثر، وأن الجماعة قد تختفي، أمَّا الأفكار والآراء والعقائد؛ فنادراً ما تتلاشى أو تنتهي؛ بسبب بروز مَنْ يُغذِّيها ويتبنَّاها بين فترة وأخرى.

 

وهنا مَكمَن الخطورة الحقيقية وراء فكر الخوارج؛ إذ إنه يُطِلُّ علينا في كل عصر بهيئة واسمٍ جديدين، يُنكر انتسابه إلى الخوارج قولاً، فإذا دقَّقتَ وفتَّشتَ في فكره وسلوكه وتصرفاته وعمله وجدتَه عينَ فكر الخوراج وسلوكهم وتصرفاتهم وعملهم.

 

والفارق الوحيد أنه بَعْثٌ للفكر القديم بمصطلح حديث، وأدوات حديثة، وعبارات معاصرة، ومسميات جديدة برَّاقة توافق ظروف العصر الذي تُعاوِد الظُّهورَ فيه.

 

وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمته من الخوارج[1]، ومن جهلهم بالنصوص الشرعية، حتى يكون المسلمون على بيِّنة من أمرهم، وذَكَر شيئاً من صفاتهم، وذلك عندما تجرَّأ أحدُ رؤوسهم وأصولهم – ذُو الْخُوَيْصِرَةِ – على النبيِّ صلى الله عليه وسلم – وهو يَقْسِمُ قَسْمًا - قائلاً قولاً جافياً غليظاً: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اعْدِلْ. فَقَالَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ). فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي فِيهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: (دَعْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)[2].

 

وفي روايةٍ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ، يَأْتِينِى خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً). قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ. قَالَ: (وَيْلَكَ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ). قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، قَالَ: (لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي). فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِى قَلْبِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ). قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَهْوَ مُقَفٍّ، فَقَالَ: (إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ[3] هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ). وَأَظُنُّهُ قَالَ: (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ)[4].


بدعة الخوارج أوَّل البدعِ ظهوراً في الإسلام:

وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: (أَوَّلُ الْبِدَعِ ظُهُورًا فِي الإسْلامِ وَأَظْهَرُهَا ذَمًّا فِي السُّنَّةِ وَالآثَارِ، بِدْعَةُ الحرورية الْمَارِقَةِ؛ فَإِنَّ أَوَّلَهُمْ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِهِ: "اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ! فَإِنَّك لَمْ تَعْدِلْ" وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِمْ وَقِتَالِهِمْ، وَقَاتَلَهُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَالأحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَفِيضَةٌ بِوَصْفِهِمْ وَذَمِّهِمْ وَالأمْرِ بِقِتَالِهِمْ... وَلَهُمْ خَاصَّتَانِ مَشْهُورَتَانِ - فَارَقُوا بِهِمَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّتَهُمْ:

أَحَدُهُمَا: خُرُوجُهُمْ عَنْ السُّنَّةِ، وَجَعْلُهُمْ مَا لَيْسَ بِسَيِّئَةٍ سَيِّئَةً أَوْ مَا لَيْسَ بِحَسَنَةٍ حَسَنَةً، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَظْهَرُوهُ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم... وَهَذَا الْوَصْفُ تَشْتَرِكُ فِيهِ الْبِدَعُ الْمُخَالِفَةُ لِلسُّنَّةِ، فَقَائِلُهَا لا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ مَا نَفَتْهُ السُّنَّةُ، وَيَنْفِيَ مَا أَثْبَتَتْهُ السُّنَّةُ، وَيُحَسِّنُ مَا قَبَّحَتْهُ السُّنَّةُ، أَوْ يُقَبِّحَ مَا حَسَّنَتْ السُّنَّةُ، وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ بِدْعَةً...

 

الْفَرْقُ الثَّانِي- فِي الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ: أَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ بِالذُّنُوبِ اسْتِحْلالُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ دَارَ الإِسْلامِ دَارُ حَرْبٍ وَدَارَهُمْ هِيَ دَارُ الإيمَانِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ جُمْهُورُ الرَّافِضَةِ؛ وَجُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ؛ وَالْجَهْمِيَّة؛ وَطَائِفَةٌ مِنْ غُلاةِ الْمُنْتَسِبَةِ إلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمُتَكَلِّمِيهِمْ. فَهَذَا أَصْلُ الْبِدَعِ الَّتِي ثَبَتَ بِنَصِّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ، أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَهُوَ جَعْلُ الْعَفْوِ سَيِّئَةً، وَجَعْلُ السَّيِّئَةِ كُفْرًا)[5].

 

كيف هَجَر الخوارجُ السُّنة؟

وقع ما حذَّر منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم - في شأن الخوارج، من جهة جهلهم بالنصوص الشرعية، ومروقهم من الدِّين كمروق السهم من الرمية؛ عندما عدُّوا قبولَ التحكيم كفراً، فكفَّروا عليًّا وعثمان رضي الله عنهم، وكفَّروا أصحابَ الجمل، والحَكَمين، ومَنْ رضي بالتحكيم وصوَّبهما أو أحدَهما، وبذلك ردَّ كثيرٌ من الخوارج أحاديث جمهور الصحابة التي ظهرت بعد الفتنة؛ لرضاهم بالتحكيم، واتِّباعهم أئمة الجَور – على زعمهم[6]!

 

وأمَّا عن كيفية هَجْرِ الخوارج للسُّنة، فيتمثَّل في عدة أمور:

أولاً: الجهلُ المُطبِق بالقرآن والسُّنة، واستعمال القياس الخاطئ:

قال ابن تيمية    رحمه الله - في صفات الخوارج: (فهم جُهَّال؛ فارقوا السُّنة، والجماعة، عن جهل)[7]. وتحدَّث ابن حزم رحمه الله – في جهل الخوارج بالقرآن والسنة قائلاً: (أسلاف الخوارج كانوا أعراباً قرؤا القرآنَ قبل أنْ يتفقهوا في السُّنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فيهم أحد من الفقهاء... ولهذا تجدهم يُكَفِّر بعضُهم بعضاً عند أقلِّ نازلةٍ تنزل بهم من دقائق الفتيا وصغارِها، فظَهَرَ ضعفُ القوم، وقوة جَهلِهم)[8].

 

ومع جهلهم في الكتاب والسنة؛ فإنهم من أشد الناس عملاً بالقياس؛ بل يتركون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والسلف الصالح إلى اجتهادهم الخاطئ الناتج عن قياس خاطئ، فَجُلُّ مسائلهم من هذا الباب[9].

 

ثانياً: تجويزهم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز في حقِّه (كالجَور)، وردُّوا الجزأ الأكبر من السُّنة:

هَجَر الخوارجُ السُّنةَ بردِّهم الجزء الأكبر منها ممَّا رواه الصحابة العدول؛ بسبب فساد أصلهم الذي بنوا عليه رأيهم، وهو تكفير مَنْ رضي بالتحكيم كائناً مَنْ كان؛ بل إنَّ الخوارج لم يردُّوا السُّنة النبوية ويهجروها لتكذيبهم بصحة النقل فقط، بل لردِّ قول النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ما صرَّح به ابن تيمية رحمه الله بقوله: (وَالْخَوَارِجُ جَوَّزُوا عَلَى الرَّسُولِ نَفْسِهِ أَنْ يَجُورَ، وَيُضِلَّ فِي سُنَّتِهِ، وَلَمْ يُوجِبُوا طَاعَتَهُ وَمُتَابَعَتَهُ، وَإِنَّمَا صَدَّقُوهُ فِيمَا بَلَّغَهُ مِنْ الْقُرْآنِ، دُونَ مَا شَرَعَهُ مِنْ السُّنَّةِ الَّتِي تُخَالِفُ - بِزَعْمِهِمْ - ظَاهِرَ الْقُرْآنِ.

 

وَغَالِبُ أَهْلِ الْبِدَعِ غَيْرِ الْخَوَارِجِ يُتَابِعُونَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى هَذَا؛ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الرَّسُولَ لَوْ قَالَ بِخِلافِ مَقَالَتِهِمْ لَمَا اتَّبَعُوهُ... وَإِنَّمَا يَدْفَعُونَ عَنْ نُفُوسِهِمْ الْحُجَّةَ: إمَّا بِرَدِّ النَّقْلِ؛ وَإِمَّا بِتَأْوِيلِ الْمَنْقُولِ. فَيَطْعَنُونَ تَارَةً فِي الإِسْنَادِ، وَتَارَةً فِي الْمَتْنِ. وَإِلاَّ فَهُمْ لَيْسُوا مُتَّبِعِينَ وَلا مُؤْتَمِّينَ بِحَقِيقَةِ السُّنَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ، بَلْ وَلا بِحَقِيقَةِ الْقُرْآنِ)[10].

 

ثالثاً: تجريح أكثر الصحابة، وردُّ رواياتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إذ لم يَقبل الخوارج من السنة النبوية إلاَّ ما جاء عن طريق صحابي لم يشترك في الفتنة الكبرى وما بعدها من أحداث؛ ومن أجل ذلك ردُّوا أحاديث جمهور الصحابة التي ظهرت بعد الفتنة، وهجروا السنة النبوية، وشذُّوا عن المسلمين بآراءٍ كان لها أكبر الأثر فيما أُثير بعد ذلك حول السنة النبوية من شبهات وضلالات[11].

 

أمَّا جمهور المسلمين فقد حَكَموا بعدالة الصحابة جميعاً، سواء منهم مَن كان قبل الفتنة أو بعدها، وسواء منهم مَن انغمس فيها أو جانبها، ويقبلون رواية العدول الثقات عنهم، وكان من آثار هذا الاختلاف في النظر إلى الصحابة أن هُوجمت السنة النبوية وهُجرت بعد أنْ جَمَعَها الجمهورُ وحقَّقها أئمتهم ونقَّادهم، منذ عصر الصحابة حتى عصر الجمع والتدوين.

 

وإنه لبلاءٌ عظيم أنْ نُسقط عدالة جمهور الصحابة الذين اشتركوا في الفتنة، أو نُسقط أحاديثهم ونحكم بكفرهم أو فِسقهم، وإذا كان مدار الاعتماد على الرواية هو صدق الصحابي وأمانته فيما نقل – وقد كان ذلك موفوراً عندهم، وكان الكذب أبعد شيء عن طبيعتهم ودينهم وتربيتهم – فما دخل ذلك بآرائهم السياسية وأخطائهم؟ ووصفهم بأوصاف لا تليق بعامة الناس، فكيف بالصحابة رضي الله عنهم الذين كان لهم قدم صدق في الإسلام، ولولا أنَّ الله هيَّأهم لحفظ هذا الدَّين والدفاع عنه؛ لكنا نتيه في الظلمات، ولا نعرف كيف نهتدى سبيلاً[12].

 

رابعاً: لا يعلمون بالسُّنة إذا خالفت أصولَهم، وليس لهم مُؤلَّفات مأثورة:

قال ابن تيمية رحمه الله: (والْخَوَارِجُ لا يَتَمَسَّكُونَ مِنْ السُّنَّةِ إلاَّ بِمَا فَسَّرَ مُجْمَلَهَا دُونَ مَا خَالَفَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ، فَلا يَرْجُمُونَ الزَّانِيَ، وَلا يَرَوْنَ لِلسَّرِقَةِ نِصَابًا، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ، فَقَدْ يَكُونُ الْمُرْتَدُّ عِنْدَهُمْ نَوْعَيْنِ. وأَقْوَالُ الْخَوَارِجِ إنَّمَا عَرَفْنَاهَا مِنْ نَقْلِ النَّاسِ عَنْهُمْ، لَمْ نَقِفْ لَهُمْ عَلَى كِتَابٍ مُصَنَّفٍ)[13].



[1] (الخوارج): هم الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه بعد قبوله بالتحكيم بعد موقعة صفين، ولهم ألقاب كثيرة، منها: الحرورية، والشراة، والمارقة، والمحكة، وكلُّ مَنْ خَرَج على الإمام الحقِّ – الذي اتَّفقت عليه الجماعة – يُسمَّى خارجياً. انظر: الملل والنحل، (1/ 114).

[2] رواه البخاري، (2/ 711)، (ح 3653)؛ ومسلم، (1/ 420)، (ح 2505).

[3] (ضِئْضِئِ): أي: مِنْ نسلِه وعَقِبِه.

[4] رواه البخاري، (2/ 866)، (ح 4394)؛ ومسلم، (1/ 419)، (ح 2500).

[5] مجموع الفتاوى، (19/ 71-73).

[6] انظر: مكانة السنة في التشريع الإسلامي، د. محمد لقمان السلفي (ص 234)؛ السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، (ص 130)؛ زوابع في وجه السنة، (ص 51).

[7] منهاج السنة النبوية، (3/ 268).

[8] الفصل في الملل والأهواء والنحل، (4/ 121).

[9] انظر: المصدر نفسه، (1/ 116).

[10] مجموع الفتاوى، (19/ 73).

[11] انظر: القرآنيون وشبهاتهم حول السنة، خادم حسين بخش (ص 82).

[12] انظر: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، (131، 162).

[13] مجموع الفتاوى، (13/ 48، 49).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فرقتي الخوارج والمعتزلة والصراع المذهبي في إفريقية
  • فوائد من حديث أبي عبدالرحمن بن مسعود مع الخوارج
  • من هم الخوارج؟
  • الخوارج
  • من هم الخوارج؟
  • فرقة الخوارج ونشأتها
  • الخوارج: صفاتهم وخطرهم
  • نوادر الخوارج (1)
  • الآثار السيئة لهجر الخوارج للسنة النبوية

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • لم يتبق من قبور الأنبياء إلا قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • النبي معلما (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانة أتباعه في شعر الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تخريج حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب