• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

منهج السلف في التعامل مع النوازل

منهج السلف في التعامل مع النوازل
د. محمد بن حسين الجيزاني

المصدر: مجلة الأصول والنوازل، السنة الأولى، العدد الأول، محرم 1430هـ/ يناير 2009
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2010 ميلادي - 25/1/1431 هجري

الزيارات: 68439

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج السلف في التعامل مع النوازل


الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.

 

أما بعدُ:

فهذا العنوان يجمع بين لفظين متقابلَين، وهما في الوقت نفسه لفظان مُتلازمان؛ أما إنهما متقابلان؛ فلأن السلف في اللغة كلمة تدل على الماضي والسابق، والنوازل كلمةٌ في اللغة يُراد بها: المسألة المستجدَّة.

 

وأما كونهما لفظين متلازمين؛ فلأن النوازل لما كانتْ مسائل خالية عن الحكم، فهي مفتقرة، ولا بد إلى علماء جهابذةٍ يكشفون الغُمَّة، وينقذون الأمة، وإنما يحصُل ذلك بالتعامُل مع النازلة على منهج السلَف الصالح.

 

وسيكون الكلام وفق العناصر الآتية:

• التعريف بالسلَف.

• التعريف بالنوازل.

• عرْض تاريخي لأبْرز النوازل التي وقعتْ للمسلمين.

• الموقف العلمي منَ النوازل.

• الموقف العملي من النوازل.

 

أولاً: التعريف بالسلف:

للسلَف ثلاثة إطلاقات:

الإطلاقُ الأول: وهو المعنى اللغوي لكلمة السلَف، فالسين واللام والفاء أصلٌ يدلُّ على تقدُّم وسبْق، ومن ذلك: السلف الذين مضَوا[1].

الإطلاق الثاني: وهو المعنى التاريخي؛ إذ يراد بالسلف القرون المفضَّلة الثلاثة المتقدِّمة[2]، وهؤلاءِ قد ورد فيهم قولُه - صلى الله عليه وسلم -: ((خير الناس قرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))[3].

الإطلاق الثالث: وهو المعنى المنْهَجي؛ حيث المراد بالسلَف: الصحابة - رضوان الله عليهم - وتابعوهم، وأتباعهم إلى يوم الدين.

 

وللسلف بهذا المعنى عدَّة ألقاب، فمِن ذلك:

أهل السُّنة والجماعة: لأنهم هم الجماعة التي يجب اتِّباعها[4]، وذلك أنهم اجتمعوا على الحق وأخذوا به، ولأنهم يجتمعون دائمًا على أئمتهم، وعلى الجهاد، وعلى السُّنَّة والاتباع، وترك البدَع والأهواء والفرَق[5].

 

وهم أهل الحديث والأثر: لشدَّة عنايتهم بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية ودراية واتِّباعًا، فهم يُقَدِّمون الأثر على النظَر[6].

 

وهم الفرقةُ الناجية[7]: المذكورة في قولِه - صلى الله عليه وسلم - ((والذي نفس محمدٍ بيده، لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار))، قيل: يا رسول الله، مَن هم؟ قال: ((الجماعة))[8].

 

وهم الطائفة المنصورة[9]: المذكورة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتيَ أمرُ الله وهم كذلك))[10].

 

ثانيًا: التعريف بالنوازل:

للنوازل إطلاقات خمسة:

1- معنى النوازل في اللغة[11]:

النوازل لغة: جمع نازلة، والنازلة: اسم فاعل من: نزل ينزل إذا حلَّ، وقد أصبح اسمًا على الشدة من شدائد الدهر.

 

قال الشاعر:

وَلَرُبَّ نَازِلَةٍ يَضِيقُ بِهَا الفَتَى ♦♦♦ ذَرْعًا وَعِنْدَ اللهِ مِنْهَا المَخْرَجُ[12]

ومِن ذلك: القُنُوت في النوازل؛ يعني: الشدائد التي تحل بالمسلمين[13].

 

2- تطلق النوازِلُ في اصطلاح الحنفيَّة على:

الفتاوى والواقعات، وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخِّرون لما سُئلوا عن ذلك، ولم يجدوا فيها رواية عن أهلِ المذهب المتقدِّمين، وهم أصحاب أبي يوسف، ومحمد، وأصحاب أصحابهما، وهَلُمَّ جرًّا[14].

 

3- تُطلَق النوازل في اصطلاح المالكية، وخصوصًا في بلاد الأندلس والمغرب العربي على:

"القضايا والوقائع التي يفصل فيها القضاة طبقًا للفِقه الإسلامي"[15].

 

والنوازل بهذا الاصطلاح تأتي بمعنى الأقضية، وهي نوازل الحكام من المعاملات المالية والإرث، ونحو ذلك مما تَتَعَلَّق به حقوق، وتقع فيه خصومة ونزاع.

 

ومن هذا الوجه، فقد قصد جمع من فقهاء المالكية إلى جمع وتقريب هذا النوع من المسائل؛ كما صنع أبو الوليد القرطبي ت 606 هـ في كتابه "المفيد للحُكَّام فيما يعرض لهم من نوازل الأحكام".

 

ومن هنا، فقد اعتمد القضاء المغربي طائفة من الكتب المؤلفة في النوازل؛ مثل:

"نوازل المهدي الوزاني"، و"نوازل الشريف العلمي"، و"نوازل عبدالقادر بن علي الفاسي الفهري"[16].

 

وقد كانتْ كُتُب النوازل - بهذا الاصطلاح - محل عناية الباحثين المغربيين، ومثارًا للدراسة والتوثيق، فمن ذلك:

• ندوة النوازل الفقهية وأثرها في الفتوى والاجتهاد التي عقدتها جامعة الحسن الثاني بالمغرب.

• اللِّقاء العلمي الذي نظمته الجمعيةُ المغربية للبحْث التاريخي حول موضوع: "التاريخ وأدب النوازل".

 

4- تطلق النوازل في اصطلاح المالكية أيضًا على:

الأسئلة والأجوبة، والفتاوى.

ومن ذلك: الكتب التي صنفتْ باسم النوازل، وهذا الاسم عُرف عند المالكية في بلاد الأندلس والمغرب العربي؛ مثل: "نوازل ابن رشد"، و"الإعلام بنوازل الأحكام"؛ لابن سهل الغرناطي، و"مذاهب الحكام في نوازل الأحكام"؛ للقاضي عياض وولده محمد.

 

5- تطلق النازلة عند الفقهاء عامة على:

المسألة الواقعة الجديدة، التي تتطلب اجتهادًا وبيان حكم، وهذا الإطلاق هو المراد في هذا البحث.

 

ومن كلمات الأئمة الواردة بهذا الإطلاق:

قول الإمام الشافعي: "فليستْ تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهُدى فيها"[17].

قول ابن عبدالبر: "باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة"[18].

قول النَّوَوي: "وفيه اجتهاد الأئمة في النوازل وردها إلى الأصول"[19].

قول ابن القَيِّم: "فصل: وقد كان أصحاب رسول الله يجتهدون في النوازل"[20].

 

العلاقة بين النازلة والنُّصوص:

ليس مِن شرط النازلة خُلُوّها تمامًا من نُصُوص الكتاب والسُّنَّة؛ بيان ذلك أن المسألة النازلة إذا وقعتْ، فإن النص الشرعي ربما يدل على حكمها دلالةً واضحة؛ إما بعمومِه أو مفهومه أو معْقُولِه.

 

ومن الأمثلة على ذلك: الحكم على الحيوان إذا زُهقتْ روحُه بالصَّعْق الكهربائي قبل ذبحه ونحره بأنه ميتة يَحْرُم أكله؛ لدخول ذلك تحت عموم قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾ [المائدة: 3].

 

بل قد يدلُّ النص على وقوع نازلة من النوازل؛ كخلافة أبي بكر - رضي الله عنه - وأشراط الساعة، ودلائل النبوة.

 

قضية إرجاع النوازل إلى النصوص، ينبغي أن نوسِّع دائرة النص، فالنص قد يستفاد الحكم من عمومه، وأحيانًا من إشارتِه، وأحيانًا من الإلحاق، وهي ما تسمى: "دلالة المعقول".

 

العلاقة بين النازلة ومقاصد الشريعة:

المشكلة القائمة في هذا العصر هو الضرْب على وتر صعب جدًّا، وهو وتر خطير وهو مقاصد الشريعة، فهذه قضية خطيرة جدًّا، وهي كما يقال سلاحٌ ذو حدَّين:

إهدار مقاصد الشريعة والغفلة عنه، والاقتصار في النظر على الأدلة الجزئية وحدها، فهذا أمر خطير؛ إذ قد يحصل بذلك معارضة لكليات الشريعة وقواعدها.

وأيضًا فإن التعلُّق بمقاصد الشريعة أو بما يُسمى مقاصد الشريعة، مع الغفلة التامة عن نصوص الكتاب والسنة، وهذا يحصُل غالبًا مع الميْل البيِّن إلى الجانب العقلي وجانب المعاني والمقاصد وجانب العموميات والإجماليات والكليات - فهذا أمرٌ خطير؛ لأنه قد يحصُل به معارضة ومصادمة لبعض النصوص الجزئيَّة.

 

والمطلوب في هذا المقام إنما هو التوسُّط والاعتدال؛ بحيث يُنظر في آن واحد إلى النصوص الجزئية من الكتاب والسنة، وإلى مقاصد الشريعة، وألا يضرب هذا بهذا، بل يسيران في خطَّيْن متوازيَيْن.

 

هذا هو منهج السلَف الصالح، فقد جمعوا بين مدرستَيْن شهيرتَيْن، وقع بينهما خصومة وخلاف: مدرسة أهل الحديث، ومدرسة أهل الرأي.

 

إن موضوع مقاصد الشريعة موضوع ذو شجون، والكلام فيه واسعٌ وكبير، وقد أصبحت العناية به الآن كثيرةً كثرة ملْفتة للنظر، وللأسف، فإن أكثر مَن يعتني به هم أهلُ الأهواء والبدَع من أصحاب المدرسة العصرانية وأمثالهم.

 

خصائص النازلة:

والحاصل أن النازلة لا بُدَّ من اشتمالها على ثلاثة معانٍ:

الوقوع، والجدة، والشدة، فهذه قُيُود ثلاثة لا بد من وُجُودِها في النازلة.

القيد الأول: الوقوع:

معنى الوقوع: الحلول والحصول.

وقد خرج بهذا القيد: المسائل غير النازلة، وهي المسائل الافتراضية المقدَّرة، وهذه المسائل الافتراضية نوعان: إما مسائل يستحيل وقُوعُها، وإما مسائل يبعُد وُقُوعها.

 

ولما كانت المسائل الواقعة على قسمَيْن: قسم سبق وتكرر وقوعه من قبل، وقسم لم يتقدم له وقوع؛ كان لا بُدَّ مِن الإتيان بالقيْد الآتي، وهو:

القيد الثاني: الجدة:

معنى الجدة: عدم وُقُوع المسألة من قبلُ، والمراد بذلك عدم التَّكرار.

وقد خرَج بهذا القيد: نوازل العُصُور السالفة، وهي تلك المسائل التي سبَق وقوعها من قبلُ، فيما إذا تكرر وُقُوعها.

فالنوازل إذًا تختص بنوعٍ من الوقائع، وهي المسائل الحادثة التي لا عهد للفقهاء بها؛ حيث لَم يسبق أن وقعتْ مِن قبلُ.

 

القيد الثالث: الشدة:

ومعنى الشدة: أن تستدعي هذه المسألة حكمًا شرعيًّا؛ بحيث تكون ملحَّة من جهة النظر الشرعي.

وقد خرَج بهذا القيد: ما نزل من وقائع جديدة، إلا أنها غير مُلحَّة من الناحية الشرعية؛ إما لأن هذه الواقعة الجديدة لا تتطلب نظرًا شرعيًّا، وإنما تتطلب رأيًا طبيًّا، أو موقفًا عسكريًّا؛ كالأمراض غير المعهودة، والكوارث الطبيعية الحاصلة بأمر الله وتقديره، والتقلُّبات الاقتصادية والسياسية، فهذه الوقائع لا تُعَد من قبيل النوازل بهذا الاصطلاح.

 

اللهُمَّ إلا إذا تعلق بها حكم شرعي؛ مثل: مرض نقص المناعة (الإيدز) وما يترتب عليه من أحكام؛ كالحضانة، والرضاعة، والتفرقة بين الزوجين، ومثل تغيُّر أسعار العملات المالية وحكم ربطه بالالتزامات والديون.

 

وإما لأن هذه الواقعة الجديدة لم تنزل بالمسلمين، وإنما نزلت بالكفار وحدهم؛ كبنوك المني، فما كان مختصًّا بالكفار من وقائع، فإنه لا يستدعي حكمًا شرعيًّا إلا إذا خِيف على المسلمين الابتلاء بها.

 

وإما لأنها واقعة خاصَّة، وهي مِن قضايا الأعيان، أو لَم تكنْ خاصة، لكنها لم ترتقِ إلى درجة الشهرة والظهور والذيوع والانتشار؛ وذلك لكونها نادرة.

 

أو لأن الخطب فيها يسير؛ مثل: ركوب السيارة، واستخدام الكهرباء، فكُلُّ أحد يعرف أن هذا أمرٌ سائغ لا إشكال فيه، وكذا استخدام الحاسب الآلي في ذاتِه، فهذا كله لا يستشكله أحد، فكل هذه المسائل وقائع نزلتْ، وهي أيضًا جديدة لم تكن موجودة من قبل، ولكن القيد الثالث يخرجها عن مصطلح النوازل؛ لأن هذه المسائل كلها لا تفتقر ولا تحتاج إلى حكم شرْعي، لكن متى احتاجتْ إلى حكم شرعي باجتهادِ مجتهد، فإنها تكون مِن قبيل النوازل، وأما إذا لَم تحتجْ إلى بيان حكمها الشرعي، بل كانتْ جلية واضحة معلومة لدى الناس عامة، فهي لا تدخل في النوازل، وهي قضية اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح.

 

وقد جمع هذه القيود الثلاثة التعريف الآتي:

"ما استدعى حكمًا شرعيًّا من الوقائع المستجدّة"، أو يُقال: هي الوقائع الجديدة الملحَّة.

 

فهذه أربعة معانٍ اصطلاحية للنازلة، وهي بأسْرها مستمدَّة من المعنى اللغوي الأول وعائدة إليه، وذلك من وجهين:

إما لِملاحظة معنى الشدة: حيث إن الفقيه يعاني في استخراج حكم هذه النازلة، ولذا كان السلف - لشدة ورعهم - يتحرَّجون من الفتوى، ويسألون: هل نزلتْ؟

وإما لملاحظة معنى الحلول: إذ هي مسألة نازلة يجهل حكمها تحل بالفرْد أو الجماعة[21].

 

فائدة في الفرْق بين النوازِل والوقائع والمستجدات:

تَبَيَّن لنا مما سبق أن النوازل إنما تُطلق على المسائل الواقعة إذا كانت مستجدّة، وكانت ملحَّة، بمعنى أنها تتطلَّبُ حُكمًا شرْعيًّا.

 

وأما الوقائع، فإنها تطلق على كلِّ واقعة مستجدة كانتْ أو غير مُستجدة، ثم إن هذه الواقعة قد تَتَطَلَّب حكمًا شرعيًّا، وقد لا تتطلبه؛ بمعنى: أنها قد تكون ملحة، وقد لا تكون ملحة.

 

وأما المستجدات، فإنها تطلق على كل مسألة جديدة، سواء كانت هذه المسألة من قبيل المسائل الواقعة أو المقدَّرة، ثم إن هذه المسألة الجديدة قد تتطلب حكمًا شرعيًّا، وقد لا تتطلبه؛ بمعنى: أنها قد تكون ملحة، وقد لا تكون ملحة.

 

وجوهر الفرق:

أن النوازل يتعلق بها ولا بد حُكمٌ شرعي، أما الوقائع والمستجدات فلا يلزم أن يتعلق بهما حكم شرعي.

 

ثالثًا: عرْضٌ تاريخي لأبرز النوازل التي وقعت للمسلمين:

كان المسلمون عند وفاة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على منهاجٍ واحدٍ في أصول الدين وفروعه، اللهم إلا مَن أظهر وفاقًا، وأضمر نفاقًا.

 

وأول خلاف وقع منهم، وهي أول نازلة تُسَجَّل:

• اختلافهم في موْته - صلى الله عليه وسلم -: فزعم قومٌ منهم أنه لَم يَمُت، وإنما أراد الله رفعه إليه، كما رفع عيسى ابن مريم إليه، وزال هذا الخلافُ وأقر الجميعُ بموته حين تلا عليهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - قول الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، وقال - رضي الله عنه -: "مَن كان يعبُد محمدًا فإنَّ محمدًا قد مات، ومَن كان يعبُد رب محمد، فإنه حيٌّ لا يموت"[22].

 

ثم اختلفوا بعد ذلك في موْضع دفْنه - عليه الصلاة والسلام – إلا أنَّ هذا الخلاف ارتفع برواية أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الأنبياء يدفنون حيث يُقبَضون))[23]، فدفنوه في حُجرته.

 

ثم اختلفوا بعد ذلك في الإمامة، وأرادت الأنصارُ أن تبايع سعد بن عبادة، وقالتْ قريش: إن الإمامة لا تكون إلا في قريش، ثم إنهم اتَّفقوا على مُبايعة أبي بكر الصديق خليفةً للمسلمين[24].

 

ثم اختلفوا بعد ذلك في قِتال مانعي الزكاة، ثم اتفقوا على مُقاتلتهم، وكان ذلك في عهد الصديق - رضي الله عنه[25].

 

يقول البغدادي في الفرق بين الفرق، والكلام السابق مأخوذ منه:

"ثم اشتغلوا بعد ذلك في قتال الروم والعجم، وفتح الله لهم الفُتُوح، وهم في أثناء ذلك كله على كلمة واحدة في أبواب العدل والتوحيد، والوعد والوعيد، وفي سائر أصول الدين، وإنما كانوا يختلفون في فروع الفقه؛ كميراث الجد مع الإخوة والأخوات من الأب والأم أو من الأب، وكمسائل العول والكلالة والرد... مما لم يورث اختلافهم فيه تضليلاً ولا تفسيقًا، وكانوا على هذه الجملة في أيام أبي بكر وعمر وست سنين من خلافة عثمان.

 

ثم اختلفوا بعد ذلك في أمر عثمان في أشياء نقموها منه، حتى أقدم لأجلها ظالموه على قتله، ثم اختلفوا بعد قتله في قاتليه وخاذليه اختلافًا باقيًا إلى يومِنا هذا، ثم اختلفوا بعد ذلك في شأنِ عليّ وأصحاب الجمل وفي شأن معاوية، وفي أهل صفين وفي حُكم الحكمَيْن أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص اختلافًا باقيًا إلى اليوم.

 

ثم حدَث في زمان المتأخِّرين من الصحابة خلاف القدَرية في القدَر من معبد الجهني، وغيلان الدِّمَشقي، والجعْد بن درهم، وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة؛ كعبدالله بن عمر، وجابر بن عبدالله، وأبي هريرة، وابن عباس، وأنس، وعبدالله بن أبي أوفى، وعقبة بن عامر الجُهَني، وأقرانهم، وأوصوا أخلافهم بألا يسلموا على القدَرية، ولا يصلوا على جنائزهم، ولا يعودوا مرضاهم"[26].

 

ولَمَّا كثُرت الجهميةُ في آخر عصْر التابعين، وكانوا هؤلاء الجهمية هم أول من عارض الوحي بالرأي، ومع هذا فقد كانوا قليلين أذِلاء مذْمومين.

 

وأولهم شيخهم الجعْد بن درهم، وإنما نفق عند الناس؛ لأنه كان معلم مروان بن محمد وشيخه، ولهذا يسمى مروان بمحمد الجعد، وعلى رأسه سلب بني أمية الملك والخلافة، وشتتهم في البلاد ومزقهم كل ممزق ببركة شيخ المعطلة النفاة، ولما اشتهر أمره في المسلمين طلبه خالد بن عبدالله القسري، وكان أميرًا على العراق حتى ظفر به، فخطب الناس في عيد الأضحى، فقال في خطبته: أيها الناس، ضحوا تقبل الله أضحياتكم، فإنِّي مُضَحٍّ بالجعد بن درهم، فإنه زعم أن الله لم يكلمْ موسى تكليمًا، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، تعالى الله عما يقول الجعدُ عُلُوًّا كبيرًا، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر[27]، وكان ضحيته، ثم طفئت تلك البدعة والناس إذ ذاك عنق واحد أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، موصوف بصفات الكمال، ومنعوت بنعوت الجلال، وأنه كلم عبده ورسوله موسى تكليمًا، وتجلَّى للجبل فجعله دكًّا هشيمًا.

 

إلى أن جاء أول المائة الثالثة، فولي على الناس عبدالله المأمون، وكان يحب أنواع العلوم، وكان مجلسه يغص بأنواع المتكلمين في العلوم؛ إذ غلب عليه حب المعقولات، فأمر بتعريب كتب اليونان، وأحضر لها المترجمين من البلاد فترجمت له، فاشتغل بها الناس، فغلب على مجلسه جماعة من الجهمية ممن كان أخوه الأمين قد أقصاهم وتتبعهم بالحبس والقتل، فحشوا بدعة التجهُّم في أذنه وقلبه، فقبلها واستحسنها، ودعا الناس إليها وعاقبهم عليها، فلم تطل مدته وصار الأمر بعده إلى المعتصم، وهو الذي ضرب الإمام أحمد بن حنبل، وأخذ الناس بالرغبة والرهبة، فمن بين أعمى مستجيب، ومن بين مكره مفتدٍ بنفسه منهم بإعطاء ما سألوه وقلبُه مطمئن بالإيمان، وثبت الله أقوامًا وجعل قلوبهم في نصر دينه أقوى من الصخر وأشد من الحديد، فأقامهم لنصر دينه، وجعلهم أئمة يقْتَدِي بهم المؤمنون لما صبروا، وكانوا بآياته يؤمنون، فإنه بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، فصبروا على الجهمية من الأذى الشديد، وَلَم يتركوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رغبوهم به من الوعد، ولا لما أرعبوهم به من الوعيد الشديد، ثم أطفأ الله برحمته تلك الفتنة، وأخمد تلك الكلمة، ونصر السنة نصرًا عزيزًا، وفتح لأهلها فتحًا مبينًا، حتى صرخ بها على رؤوس المنابر ودعي إليها في كل بادٍ وحاضر، وصنف في ذلك الزمان من السنة ما لا يُحصيه إلا الله، ثم انقرض أهلُ ذلك العصر، وقام من بعدهم ذُريتهم يدعون إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة.

 

إلى أن جاء ما لا قبل لأحد به، وهم جنود إبليس حقًّا، والمعارضون لما جاءتْ به الرُّسُل بعقولهم وآرائهم، وهم: القرامطة، والباطنية، والملاحدة، ودعوهم إلى العقل المجرد، وأن أمور الرسل تعارض المعقول، فجرى على الإسلام وأهله منهم ما جرى، وكسروا عسْكر الخليفة مرارًا عديدة، وقتلوا الحاج قتْلاً ذريعًا، وذهبوا إلى مكة فقتلوا بها مَن وصل من الحاج إليها، وقلعوا الحجر الأسود مِن مكانِه، وقويتْ شوكتُهم، واستفحل أمرُهم، وعظمَتْ بهم الرزيَّة، واشتدَّتْ بهم البليَّة.

 

وفي زمانهم استولى الكفار على كثير من بلاد الإسلام في المشرق والمغرب، وكاد الإسلامُ أن ينهدمَ ركنُه، لولا دفاع الله الذي ضمن حفظ هذا الدين، ثم خمدتْ دعوة هؤلاء في المشرق، وظهرت من المغرب قليلاً قليلاً، حتى استفحلتْ وتمكنتْ، واستولى أهلُها على كثير من بلاد المغرب، ثم أخذوا يطؤون البلاد، حتى وصلوا إلى بلاد مصر، فملكوها وبنوا بها القاهرة، وأقاموا على هذه الدعوة مُصَرِّحين بها.

 

وفي زمانهم صُنِّفَتْ "رسائل إخوان الصفا"، و"الإشارات"، وكتب ابن سينا، فإنه قال: "كان أبي من أهل الدعوة الحاكمية"، نسبة إلى الحاكم أحد خلفاء الفاطميين، وعطلت في زمانهم السنة وكتبها والآثار جملة إلا في خفية، وشعار هذه الدعوة تقديم العقل على الوحي، واستولوا أيضًا على بلاد مصر والشام والحجاز، واستولوا على العراق سنة، وأهل السنة فيهم كأهل الذمة بين المسلمين، فكم أغمدت سيوف في أعناق العلماء! وكم مات في سجونهم من ورثة الأنبياء! حتى استنقذ الله الإسلامَ والمسلمين من أيديهم في أيام نور الدِّين وابن أخيه صلاح الدين، فأبل الإسلام من علته، وانتعش بعد طول الخمول، حتى استبشر أهل الأرض والسماء، وأبدر هلاله من بعد أن دخل في المحاق، وثابت إليه رُوحه بعد أن بلغت التراق، وقيل: مَن راق؟ واستنقذ الله بعبده وجنوده بيت المقدس من يد عبدة الصليب، وأخذ كل من أنصار الله ورسوله من نصرة دينه بنصيب، وعلت كلمة السنة، وأذن بها على رؤوس الأشهاد، ونادى المنادي: يا أنصار الله، لا تنكلوا عن الجهاد، فإنه أبلغ الزاد ليَوْم المعاد[28].

 

وممَّا يُذكر في ذلك: أن نور الدين بن زنكي كان يصنع أثناء تخطيطه وتفكيره في فتح بيت المقدس - كان يصنع من الخشب منبرًا، ويجمع له النجارين والمهندسين، وكان يمر به بعضُ الناس ويهزؤون منه ويضْحكون، وكان موقفُه في ذلك يُذَكر بنبي الله نوح - عليه السلام - حينما كان يصنع الفلك، ويمر الملأ عليه يهزؤون منه ويضْحكون، وكان نور الدين - رحمه الله - قد أراد بهذا المنبر أن ينصبه أمام الناس، وأن يكون شاخصًا أمام أعيُن الصغار والكبار، وكان يقول: سأذهب بهذا المنبر إلى بيت المقدس ليُخطَبَ من فوق هذا المنبر هناك[29].

 

فانظروا إلى هذا الصنيع، كيف كان له أثر عظيم في تربية النشْء، وتهيئة نفوس الناس واستعدادهم المعنوي لهذا الأمر العظيم، وهو تحرير بيت المقدس من أيدي المحتلين!

 

ومن النوازل الواقعة في هذا العصر:

سُقُوط الخلافة الإسلاميَّة، وعلى أثر ذلك وقع الاحتلال الأجنبي الكافر على مُعظم الديار الإسلامية، وهو ما يُسمى خطأ بـ: الاستعمار، وهو في الحقيقة دمارٌ واستعباد.

 

وقد نتج عنه: تقسيم بلاد المسلمين إلى دُوَيلات صغيرة هشَّة، وإحلال القوانين الوضعية والأنظمة البشريَّة المستوردة من الغرب الكافر دستُورًا في هذه الدويلات، وإقصاء الشريعة الإسلامية في التحاكُم إليها والصدور عنها، اللهم إلا في قضايا محدودة، وهي الأحوال الشخصية ونحوها.

 

وأعظم النوازل في عصرنا هذا:

احتلال اليهود لأرض فِلَسْطين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا الاحتلال له أبعادٌ كبيرة وآثار عظيمة، سياسية واقتصادية واجتماعية، مع أن الجانب الديني في قضية الاحتلال هو جوهرها وأسها وأساسها.

 

رابعًا: الموقف العلمي من النوازل:

يُمكن أن نلخص الموقف العلمي بكلمة واحدة، وفي جملة وجيزة بليغة، هذه الجملة تقول: إن الموقف العلمي في النوازل هو ردها إلى الأصول: فالنوازل تُرَد إلى الأصول.

 

والمراد بالأصول: الأدلة الشرعية، وعلى رأسها الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وما يلحق بها من القياس، وما يتَّصل بذلك من مراعاة مقصود الشارع وقواعده.

 

وقد وردتْ هذه الجملة في كلام الإمام الشافعي، حينما ذكرنا تعريف النازلة، وهي قوله: "فليستْ تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها"[30]، فالموقف الصحيح والموقف الجامع الواعي لفقه النوازل هو ردُّها إلى أصولها.

 

وهناك سرٌّ عجيب بين النوازل والأصول، فهما قرينان لا يستغني أحدهما عن الآخر: (الأصول والنوازل).

 

الأصول لا تصلح للناس بدون النوازل، والنوازل لا تصلح للناس بدون الأصول، كيف هذا؟!

 

الأصول: وهي الأدلة الشرعية، فإنها لا تصلح حياة الناس وتنفعهم بدون النوازل، وذلك أن الأصول إذا جُرِّدتْ عن النوازل بقيت هذه الأصول معطلة مستبعدة لا أثر لها في حياة الناس، فتكون وظيفة القرآن هي التلاوة فحسب، وحظ الشريعة حينئذٍ إنما يكون بحفظ مخطوطاتها وتراثها ونشره، دون عمل ولا تطبيق ولا تحاكم، وقد قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30].

 

إذًا؛ الأصول لا يُمكن أن تنفكَّ عن النوازل، بل لا بد أن تربطَ الأصول بالنوازل، وكذلك النوازل لا تستغني عن الأصول؛ لأن النوازل إذا جردتْ عن الأصول الشرعية باتتْ هذه النوازل وبالاً وشقاء على الناس.

 

إن هذه النوازل إن تركتْ بدون أصول، فإنها ستترك للأهواء والعقول، وستكون شقاءً وجحيمًا على البشرية، وتيهًا وهلاكًا؛ ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، ويقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

 

فلا بد إذًا من البحث عن حكم النوازل، وإنما يحصل ذلك برد النازلة إلى الأصول الشرعيَّة، وبذلك يُعرَف مراد الله فيها، هذا هو الحقُّ والعدل، وبه يتحقَّق الخير والفلاح والنجاة.

 

الأدلة والشواهد على هذه القاعدة التي تقول: إن الموقف العلمي تجاه النوازل هو ردها إلى الأصول:

أولاً: حديث معاذ - رضي الله عنه - المشهور: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن قال: ((كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟)) قال: أقضي بكتاب الله، قال: ((فإن لَم تجد في كتاب الله؟)) قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فإن لَم تجد في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في كتاب الله؟)) قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صدره، وقال: ((الحمد الله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله))[31].

 

ثانيًا: كتاب عُمَر - رضي الله عنه - إلى شريح في القضاء؛ إذا قال له: انظر ما تبين لك في كتاب الله، فلا تسأل عنه أحدًا، وما لَم يتبين لك في كتاب الله، فاتَّبع فيه سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما لَم يتبين لك في السنة، فاجتهد رأيك.

 

ثالثًا: قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "مَن عرض له منكم قضاء، فليقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فليقض بما قضى فيه نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ولم يقض فيه نبيه - صلى الله عليه وسلم - فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقض به نبيه، ولم يقض به الصالحون، فليجتهد رأيه، فإن لَم يحسن، فليقم ولا يستحي".

 

وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - إذا سُئل عن شيء فإن كان في كتاب الله قال به، فإن لم يكن في كتاب الله وكان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال به، فإن لم يكن في كتاب الله ولا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان عن أبي بكر وعمر قال به، فإن لَم يكن في كتاب الله ولا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أبي بكر وعمر، اجتهد رأيه[32].

 

يقول الإمام الشافعي - وكلامه جامع في ذلك - قال عنه ابن عبدالبر: "أتى الشافعي - رحمه الله - في هذا الباب بما فيه كفاية وشفاء يقول الشافعي: "لا يقيس إلا من جمع آلات القياس، وهي: العلم بالأحكام من كتاب الله؛ فرضه وأدبه، وناسخه ومنسوخه، وعامه وخاصه، وإرشاده وندبه، ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسُنن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجماع المسلمين، فإن لم يكن سنة ولا إجماع، فالقياس على كتاب الله، فإن لم يكن فالقياس على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لَم يكن فالقياس على قول عامة السلف الذين لا يعلم لهم مخالف، ولا يجوز القول في شيء من العلم إلا من هذه الأوجه أو من القياس عليها، ولا يكون لأحد أن يقيسَ حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن، وأقاويل السلف، وإجماع الناس، واختلافهم، ولسان العرب، وأن يكون صحيح العقل، حتى يفرق بين المشتبه ولا يعجل بالقول، ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه؛ لأن له في ذلك تنْبيهًا على غفلة ربما كانتْ منه أو تنبيهًا على فضل ما اعتقده من الصواب، وعليه بلوغ عامة جهده، والإنصاف من نفسه، حتى يعرف من أين قال ما يقول، وترك ما يترك"[33].

 

وقد بوَّب ابن عبدالبر فقال: باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة، وذكر في ذلك عددًا من الأحاديث والروايات[34].

 

خامسًا: الموقف العملي من النوازل:

إن الموقف العلمي من النوازل لا بد له من تطبيق وتنفيذ، وذلك يتطلَّب موقفًا عمليًّا ومنهجًا واقعيًّا يُقتفى ويتَّبَع.

 

ويمكن إجمال الموقف العملي من النوازل بالمحافظة على مقاصد الشريعة، والاجتهاد في تحصيلها ورعايتها والعناية بها.

 

وهذا يقْتضي حفظ كيان الأمة ووحدتها، ويستدعي تقديم مصلحة الدين على المصالح الأخرى، وإنما يكون ذلك بالسعي لتحقيق عبودية الله وتوحيده، وإفراده بالعبادة.

 

إن المحافظة على وحدة الأمة وكيانها وعقيدتها، ينبغي أن يكونَ الهاجس الأكبر، والهم الأول، والأمر المقدَّم على ما سواه.

 

والقولُ الجامع في ذلك تحرِّي مقصود الشارع وكلياته، والتحرُّر عن الأهواء والمصالح الخاصة، وهذا يحتاج إلى ثبات على المبدأ، وتمسُّك به، وصبر ومصابرة.

 

ويحتاج إلى احتساب للأجر، وأيضًا إلى رحمة للخلق، وشفَقة عليهم.

 

وقد جمع ابن تيميَّة هذه الأمور الثلاثة بكلمات ثلاث: وهي العلم، والعدل، والرحمة.

 

وهنا تتسع المجالات في الموقف العملي:

فهناك مواقف تقتضي جهادًا وقتالاً في ميدان المعركة؛ كما حصل هذا مع شيخ الإسلام ابن تيميَّة في جهاده للتتار.

والمجال الثاني: مجال الحسبة، وهي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

والمجال الثالث: مجال التعليم والإرشاد.

 

إن هذه النوازل متى أعطيتْ حقها وموقفها العلمي النظري والعملي التطبيقي، كانتْ خيرًا على هذه الأمة، وبركةً، ونصرًا.

 

ومن الأمثلة على ذلك: محنة خلْق القرآن، والتي نهض بها الإمام أحمد.

 

ويمكن أن نتعرض لهذه المحنة فيما يأتي بشيء من الاختصار[35]:

لقد بلغ الإمام أحمد مبلغًا عظيمًا في التمسك بمعتقد السلف، وقد فضَّل السجن والعذاب على التنازل ولو باللسان في محنة خلق القرآن.

 

وكان المأمون قد أراد أن يحمل الأمة على القول بخلق القرآن، وامتحن العلماء بذلك، فأجاب العلماء أجوبة تتراوح بين التقية، وحسن التخلص، واضطر أكثرهم إلى التنازُل تحت ضغط التعذيب، ولم يثبت في هذه المحنة إلا رجلان: محمد بن نوح، والإمام أحمد، أما الأول فمات في طريق اقتياده إلى السجن، وبقي الإمام أحمد وحده في الطريق.

 

مع أن المأمون قد مات قبل وصول الإمام إليه، إلا أن المحنة لم تنته، فقد تولَّى كبرها بعد المأمون المعتصم، الذي ولي الخلافة، ثم جاء الواثق بعد المعتصم، ولا يزال الإمام أحمد مودعًا في السجن، يحمل قيوده وأثقاله، واستمر الحال على ذلك نحوًا من ثلاثين شهرًا، سنتان ونصف تقريبًا، تعرض فيها هذا الإمام لأنواع من الترغيب أولاً، ثم الترهيب، وضرب بسياط غليظة، وسحب على الأرض، وخلع جسمه، حتى فقد عقله مرارًا، وأغمي عليه، وظلَّ في ذلك صابرًا محتسبًا مصرًّا على موقفه: القرآن كلام الله غير مخلوق.

 

ولما هلك الواثقُ جاء من بعده المتوَكِّل الذي رفع المحنة، ونصَر السنة، وقرَّب أهلها، فخرج الإمام أحمد منتصرًا في تلك المحنة الرهيبة القاسية، وانتصر بانتصاره أهلُ السُّنَّة والجماعة، ولذلك لُقِّبَ بعد ذلك بـ: إمام أهل السنة.

 

قال علي بن المديني: "أعز الله الدين بالصِّدِّيق يوم الردة، وبأحمد يوم المحنة"[36]، بل إن حب هذا الإمام وبُغضه صار معيارًا لصحة العقيدة وفسادها، كما قال قُتيبة: "إذا رأيت رجلاً يحب أحمد، فاعلم أنه صاحب سُنَّة"[37].

 

وقد اعترف كثير من العلماء المعاصرين للإمام أحمد بعجزهم عن الوقوف موقفه في محنة القول بخلق القرآن، وقالوا: إنَّ الإمام أحمد قام مقام الأنبياء[38].

 

وقد جاء رجل إلى الإمام أحمد وهو في السجن فقال له: يا أبا عبدالله، عليك رجال، ولك صبيان، وأنت معذور، كأنه يسهل عليه الإجابة، فقال الإمام أحمد: إن كان هذا عقلك، فقد استرحت[39].

 

لقد كان الإمام أحمد رجلاً لينًا، لكنه لما رأى الناس يُجيبون ويعرضون عن الحق، عندئذٍ ذهب ذلك اللين، وانتفخت أوداجه، واحمرَّت عيناه، وكان يقول: كل مَن ذكرني ففي حل إلا مبتدعًا، وقد جعلت أبا إسحاق - يعني المعتصم - في حل، ورأيت الله يقول: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، وأمر النبي – صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالعفو في قصة مسطح، ثم قال: ((وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سبيلك))[40]، وقال الإمام الذهبي في هذه المحنة: "الصدع بالحق عظيم، يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن قام بهما كاملاً فهو صديق، ومن ضعف فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب، وليس وراء ذلك إيمان، فلا قوة إلا بالله"[41].

 

العلاقة بين النوازل والفِتَن:

وبهذا تعرف العلاقة بين الفتَن والنوازل، وذلك أنهما يتَّفقان في المبتدأ؛ حيث إن الفتن في بدايتها لا تعدو أن تكون سوى مسألة من المسائل النازلة، والغالب أنها من مسائل الاعتقاد وأصول الدين، وبقدْر عِظم النازلة وخطورتها تعْظُم الفتنة الحاصلة منها.

 

والناس في النازلة العقدية الخطيرة فريقان متقابلان:

فريق متبع لمنهج السلَف في التعامل مع هذه النازلة والحكم عليها، فيكون هذا الاتباع سبيلاً إلى بيان الحق، وظهور السنة، وبث الخير في العالمين.

وفريق متبع للهوى، مجافٍ لمنهج السلَف في التعامُل مع هذه النازلة والحكم عليها، فتكون إذ ذاك فتنة ومحنة موقعة في الفرقة والنزاع.

 

ومن هنا تتضح أهمية اقتفاء منهج السلف في الحكم على النوازل؛ حيث إنَّ النازلة إنما تكون فتنة ومزل قدم متى كان حكم الهوى متبعًا، وكان منهج السلف في التعامل مع النوازل غائبًا مستبعدًا.

 

ومن الفوائد التي تحصل بإعطاء النوازل حقها من العلم والعمل: بيان صلاح هذه الشريعة لكل زمان، وأنها الشريعة الخالدة الباقية؛ لأنها الكفيلة بتقديم الحلول الناجعة لكل المشكلات والمعضلات.

 

ولا يظنن ظانٌّ أن هذه الشريعة عاجزة عن ذلك، كلا والله، وإنما العجز إن ظنه ظان فهو من سوء ظن هذا الظان، أو مِن جهْل المسلمين وعجْزهم وضعْفهم.

 

وأيضًا فمن الفوائد في ذلك: أن إعطاء هذه النوازل حقها، فيه تحكيمٌ للشريعة، وإعمال لها، وبذلك تبْرز محاسن الإسلام، وتظهر سُمو تشريعاته وبهاؤها.

 

وهذا يدخل أيضًا تحت تجْديد هذا الدِّين؛ لأن من الأمور التي يحصل بها التجديد: إعطاء النوازل حقها وحكمها المناسب لها.

 

وفي ذلك أيضًا سدّ الباب على المتطفِّلين، وعلى الجهال، الذي تطاولوا على ثوابِت الإسلام، وهذا التطاول شيءٌ قد عظُم وتكاثَر في هذا العصْر.

 

وقد حصل لدى كثيرٍ من أهل العلْم المعاصرين تباعُد عن دراسة النوازل، وورع بارد في العناية بها والحكم عليها، وهذا قد أفضى إلى أن فتح الباب لِمَنْ هَبَّ ودَبَّ، فصار يتكلم في النوازل مَن لا يحسنها، بل مَن لا علم له بالشريعة، ومَن لا علم له بالواقع.

 

وإني في هذا المقام أدعو الجامعات والأقسام العلمية والدراسات العليا، أن يميلوا بالطلاب والباحثين في بُحُوثهم ودراساتهم إلى النوازل المعاصرة في جميع التخصصات بدون استثناء، وأن يشجعوهم على ذلك، وأن يهيئوا ذلك الأمر لهم، وأن يسهِّلوا هذا الأمر، فإنه للأسف الشديد قد وضعت في بعض المؤسسات العلمية العقبات والعوائق لمن أراد أن يبحث النوازل.

 

وأذكر أن بعض الطلاب في مرحلة الماجستير أراد أن يسجلَ موضوعًا في النوازل المعاصرة، فاستغرقتْ مُدة التسجيل ما يزيد على السنة؛ لأنه أخَذ موضوعًا في النوازل، ولو أنه أراد أن يسجل في مخطوط أو في بحث من البحوث المعتادة المعروفة في هذا الفن أو ذاك، فإنه تسهل له مهمته، وتكتب له الموافقة قبل التقديم.

 

والمطلوب منا أن نعكس القضية؛ بحيث تيسر وتسهَّل البحوث في النوازل المعاصرة، وذلك بأن تطرح برامج علمية تخدم النوازل، وبأن ترسم في النوازل مشاريع بعيدة المدى وقريبة المدى، فمن أراد البحث في النوازل وجد الصعوبات مذلَّلة له، ولقي التيسير قرينه، وفي المقابل لا بُدَّ أن توضع العوائق والعراقيل لمن أراد أن يحيد في بحثه عن موضوع النوازل.

 

هذا ما تيسر إيراده، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1] "معجم مقاييس اللغة" (3/73).

[2] انظر: "مجموع الفتاوى" (3/157)، و"أهل السنة والجماعة" (51، 52).

[3] أخرجه البخاري (2/938) برقم (2509)، ومسلم (7/185) برقم (6635)، من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه.

[4] كما ورد ذلك في نُصُوص كثيرة؛ منها: قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((فمن أراد بحبوحة الجنة، فيلزم الجماعة))؛ رواه الحاكم في "المستدرك" (1/114) وصححه، انظر - إن شئت - النصوص من الكتاب والسنة على وجوب لوم الجماعة في كتاب: "وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق"؛ لجمال بادي (15 - 84).

[5] انظر: "مجموع الفتاوى" (3/157)، و"مفهوم أهل السنة والجماعة" (78).

[6] انظر: "مجموع الفتاوى" (3/347)، و"مختصر الصواعق" (499)، و"أهل السنة والجماعة" (49، 50).

[7] انظر: "مجموع الفتاوى" (3/345، 347، 370).

[8] رواه بهذا اللفظ ابن ماجهْ في "سننه" (2/1322) برقم (3992)، وهذا الحديثُ مشهور، وله ألفاظ متعددة؛ منها ما رواه أبو داود في سننه (4/197، 198) برقم (4596، 4597)، وابن ماجهْ في "سننه" أيضًا (2/1321، 1322) برقم (3991، 3993)، والتِّرمذي في "سننه" (5/25، 26) برقم (2640، 2641)، والحديث صححه ابن تيميَّة؛ انظر: "مجموع الفتاوى" (3/345)، والألباني "السلسلة الصحيحة" (1/256)، وما بعدها برقم (203، 204) (3/480) برقم (1492)، وللاستزادة في معرفة طرُق هذا الحديث ورواياته وكلام أهل العلم عليه، انظر إضافة إلى المرجعين السابقين: "صفة الغرباء"؛ لسلمان العودة، و"نصح الأمة في فهم أحاديث افتراق الأمة"؛ لسليم الهلالي، و"درء الارتياب عن حديث: ((ما أنا عليه اليوم والأصحاب))" له أيضًا.

[9] انظر: "مجموع الفتاوى" (3/159)، و"أهل السنة والجماعة" (52 - 56).

[10] رواه مسلم (13/65)، وقد روي هذا من طرُق كثيرة بألفاظ متعدِّدة؛ انظر ذلك والكلام على فقه هذا الحديث في: "السلسلة الصحيحة"؛ للألباني (1/478 - 486)، برقم (270)، و(4/597 - 604)، برقم (1955 - 1962)، "صفة الغرباء"؛ لسلمان العودة، و"وجوب لُزُوم الجماعة وترْك التفَرُّق"؛ لجمال بادي (119 - 131).

[11] انظر: "مجمل اللغة": 864، و"أساس البلاغة": 453، و"لسان العرب": 11/656، 659، و"المصباح المنير": 601.

[12] القائل هو الشاعر إبراهيم بن العباس الصولي، المتوفَّى سنة 243 هـ؛ انظر: "الطرائف الأدبية" 171.

[13] انظر: "التخليص الحبير" 1/246.

[14] انظر: "عقود رسم المفتي من مجموعة رسائل ابن عابدين" 1/17.

[15] انظر: "النوازل الفقهية في العمل القضائي المغربي" د/ عبداللطيف هداية الله: 319.

[16] انظر: "النوازل الفقهية في العمل القضائي المغربي" د/ عبداللطيف هداية الله: 321.

[17] "الرسالة" ص 20.

[18] "جامع بيان العلم وفضله": 2/55.

[19] "شرح النووي على صحيح مسلم": 1/213،. وذلك عند شرحه لحديث: ((أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله)).

[20] "إعلام الموقعين": 1/203.

[21] انظر: "سُبُل الاستفادة من النوازل "الفتاوى" والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرة"؛ د/ عبدالله الشيخ المحفوظ بن بيه، وذلك في مجلة الفقه الإسلامي: 11/2/533.

[22] أخرجه البخاري (3/1341) برقم (3467) من حديث عائشة - رضي الله عنها.

[23] أخرجه الترمذي (3/338) برقم (1018)، ولفظه: ((ما قبض الله نبيًّا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه))، وابن ماجه (1/520) برقم (1628)، ولفظه: ((ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض))؛ وصححه الألباني؛ انظر: "مختصر الشمائل" ص 195.

[24] انظر: قصة السقيفة في صحيح البخاري (6/2507) برقم (6442).

[25] انظر: صحيح البخاري (6/2657) برقم (6855)، وصحيح مسلم (1/51) برقم (32).

[26] "الفرق بين الفرق": 19 - 20.

[27] "تاريخ دمشق": 16/137، و"تاريخ بغداد": 12/425.

[28] انظر: "مختصر الصواعق": 140 - 143.

[29] انظر: "الكامل" 11/552.

[30] "الرسالة": ص20.

[31] الحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو داود في سننه (3/303) برقم (3592)، وأخرجه الترمذي (3/616) برقم (1327)، وقد صحَّح هذا الحديث الخطيب البغدادي قائلاً: "على أن أهل العلم قد تقبلوه واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم"؛ "الفقيه والمتفقه" (1/189)، إلا أن بعض المحدثين ضعَّفه من جهة السند مع القول بصحة معناه؛ انظر: الكلام على هذا الحديث في "إعلام الموقعين" (1/202)، و"تحفة الطالب" (151)، و"المعتبر"؛ للزركشي (63)، و"الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج" (210).

وقد ذهب الشيخ الألباني إلى أن الحديث ضعيف سنَدًا، وأن في متنه مخالفةً لأصل مُهم، وهو عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة ووجوب الأخْذ بهما معًا؛ انظر: "منْزلة السُّنَّة في الإسلام، وبيان أنه لا يستغني عنها بالقرآن" (21، 22)، و"سلسلة الأحاديث الضَّعيفة" (2/273) برقم (881).

[32] قال ابن تيميَّة: "وهذه الآثار ثابتة عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء"؛ "مجموع الفتاوى": (19/201)، قال ابن القيم عن كتاب عمر - رضي الله عنه - إلى أبي موسى - رضي الله عنه - : "وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول"؛ "إعلام الموقعين" (1/86)، انظر: هذه الآثار في: "جامع بيان العلم وفضله" (2/56 - 58)، و"الفقيه والمتفقه" (1/199 - 203)، و"مجموع الفتاوى" (19 / 200 - 201)، و"إعلام الموقعين" (1 / 61 - 64).

[33] "الرسالة": 511.

[34] "جامع بيان لعلم وفضله": 2 / 55.

[35] انظر في خبر هذه المحنة: "سير أعلام النبلاء": 11 / 232 و"البداية والنهاية": 14 / 393.

[36] "سير أعلام النبلاء" 11 / 196.

[37] المصدر نفسه 11 / 195.

[38] انظر: المصدر نفسه 11 / 202.

[39] انظر: "طبقات الحنابلة" 1 / 43.

[40] انظر: "سِيَر أعلام النبلاء" 11 / 261.

[41] "سير أعلام النبلاء" 11 / 234.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • - بمشاركة نخبة من العلماء .. فقه النوازل .. في جامع عثمان بن عفان بشمال الرياض
  • معنى النوازل والاجتهاد فيها
  • اتباع نهج السلف الصالح (1 / 2)
  • أخي السلفي.. الإرادة قبل العبادة، والائتلاف بعد الخلاف
  • مسائل في قنوت النوازل
  • نبذة تاريخية عن النوازل
  • حول فقه النوازل
  • الضوابط الفقهية للنظر في المستجدات والنوازل المعاصرة
  • عين دامعة .. وكف صغيرة " قصة طفل يشبه السلف "

مختارات من الشبكة

  • الحث على لزوم منهج السلف الصالح في طريق الدعوة، والحذر من المناهج البدعية المخالفة (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • السلف الصالح(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من أقوال السلف في التعامل مع الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج تفسير القرآن الكريم بين الالتزام بالمأثور عن السلف والاجتهاد المشروع للخلف (PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • منهج السلف في تعليم القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي)
  • قضايا الأمة بين منهج السلف وانحراف الخلف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الفالح بمنهج السلف الصالح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوجيز في منهج السلف الصالح (PDF) Mbi rrugën e të parëve tanë(كتاب - موقع تبليغ الإسلام)
  • صيانة منهج السلف(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • السلفية في اتباع منهج السلف عقيدة وقولا وعملا(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
عبد الحكيم درقاوي - المغرب 18-01-2010 08:37 PM
السلام عليكم و رحمة الله
د. محمد بن حسين الجيزاني جزاك الله خيرا على هذا التلخيص المسبوك لمنهج السلف في التعامل مع النوازل.
أفدتنا كثيرا جعلك الله منارا للعلم و سراجا يقتدى بعلمك
آميين
د عبد الحكيم درقاوي
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب