• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

تخير العاملين

تخير العاملين
الشيخ طه محمد الساكت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/1/2014 ميلادي - 27/3/1435 هجري

الزيارات: 13569

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تخير العاملين [*]


عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: دخلتُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحد الرجلين: يا رسول الله، أمِّرنا على بعض ما ولاك الله - عز وجل - وقال الآخر مِثلَ ذلك؛ فقال: ((إنَّا والله، لا نولِّي على هذا العمل أحدًا سأله، ولا أحدًا حرَص عليه))[1].

 

وعن أُسيد بن حُضير - رضي الله عنه - أن رجلاً من الأنصار خلا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟ فقال: ((إنكم ستَلقَون بعدي أَثَرةً، فاصبروا حتى تَلقَوني على الحوض))؛ رواه الشيخان، واللفظ لمسلم[2].

 

سياسته -صلى الله عليه وسلم- في تخيُّر عماله:

عرضنا في حديث سابق لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقرير الأكْفَاء من صحابته، والاستعانة بهم على بناء أُمَّة قويَّة رشيدة، جديرة بأن تكون خيرًا من أمم الأرض جميعًا - موضع القدوة والإمامة - مِصداقًا لقول بارئها - جل ثناؤه -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110].

 

ونَعرِض في هذين الحديثين لهديه - صلوات الله وسلامه عليه - وحُسْن سياسته في تخيُّر عمَّاله، وتوجيه كل منهم إلى الوِجْهة التي أعدَّه الله لها، والانتفاع بالموهبة التي مازه الله بها، وكلٌّ مُيسَّر لما خُلِق له.

 

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، فهو - صلوات الله وسلامه عليه - بشهادة ربه - مُعلِّم أمته الأول، وإمامها الأمثل، وقائدها الأعلى، وأسوتها الحسنة في كلِّ ما جاءت به شريعتُه الباقية الدائمة، وما دعت إليه رسالته العامة الخالدة؛ من إقامة دينهم، وولاية أمرهم، وسياسة دولتهم، ورعاية مصالحهم، في الحَضَر والسفر، والسِّلم والحرب.

 

أوفى الناس من الفضائل والمكارم:

لا جَرَم أن هذه أعباء جِسام، وشؤون عِظام، لا بد أن يُعاوِن الإمامَ الأعظمَ فيها ولاةٌ وأمراء، وقواد وعمال، وقضاة وهداة؛ يُمثِّلونه في حِفْظ الدين وسياسة الدنيا العامة، وفيما وُسِّد إلى كل منهم خاصة، ولئن قضى ربك أن يجعل عبادَه درجات، وأن يَقسِم بينهم الكفايات، لقد قضى - بشهادة المعصوم -صلى الله عليه وسلم- أن يكون أصحابه أوفى الناس من الفضائل والمكارم حظًّا، وأعظمهم سدادًا ورشدًا، كما هدى خاتم النبيين لفضائل الرسل السابقين ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90].

 

معرفته -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه:

وكان - صلوات الله وسلامه عليه - أدرى الناس بأصحابه، وأعلمهم بما يَصلُح له كل منهم، وبما يَجدُر به أن يتولاه ويُحسِن البلاء فيه، فرُبَّ شيخ وقور يصوم النهارَ ويقوم الليل، ويُستسقى بوجهه الغَمام - لا رأي له في الحرب، ورُب فتى محنَّك ضرغام، يقود الجيوش، ويخوض المعارك، ويُنازِل الفُرسان والأبطال - لا خبرة له بإدارة الأموال وحساب الخراج، ورُب قويٍّ في الدين، راسخ في اليقين - لا يُغني في ولايةِ أمرٍ يسير غَناءَ مَن هو أقل منه شأنًا، وأضعف منه يقينًا.

 

ومِن هنا كانت معرفة الرجال، وتوزيع الولايات والأعمال، على ما تقتضيه المصلحة الخالصة، والسياسة الراشدة - من أخص صفات الأئمة الهادين، والولاة المقسطين، وفي المقام الأول منهم أنبياء الله ورسله، فقد عرَّفهم الله - سبحانه - طبائع النفوس، وسياسة البشر، وكل ما تحتاج إليه الدعوة؛ ليدعوا إلى الله على بيِّنة وبصيرة.

 

خَصلتان للنجاح في الأعمال:

على هذا الأساس جرتْ سياسته -صلى الله عليه وسلم- في شؤون الدولة الإسلامية، ومن عرف أن خُلُقه القرآن؛ يرضى برضاه، ويَسخط بسخطه، ويتأدَّب بأدبه - علم أن هديه في الإمارة والولاية على الجيوش والبُلدان والصدقات وغيرها من مرافق الدولة، هو هدي القرآن الكريم نفسه، الذي يَفرِض أول ما يَفرِض تحقيق خلَّتين لا مناص منهما للنجاح في الأعمال وأدائها على وجهها كاملة غير منقوصة، تانكم: القوة، والأمانة، وإن شئتم فقولوا: الحِفظ، والعلم، كما قالت ابنة الشيخ الكبير[3] في شأن موسى - عليه السلام -: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، وكما قال قبلها الصدِّيق - عليه السلام - لملك مصر: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55].

 

القوة والعلم:

والقوي على الأمر الذي يُسنَد إليه هو العليم به، البصير بمداخله ومخارجه، القدير على إحكام خُطَّته، وإنفاذ سياسته، على مقتضى العِلم والحكمة، والمصلحة العامة، وإيثار الحق والعدل على نفسه وأهله والناس أجمعين.

 

وليس القوي بالفظِّ الغليظ، ولا بالمتكبر الجبار، الذي يتسلَّح بسلاح العظمة والجبروت ساعةً من نهار، ثم يُلقيه مهزومًا أمام الشهوات والأهواء، ولقد رأينا رأي العين أن أصلبَ القادة عودًا، وأقومَ الهداة طريقًا - أرقُّهم قلبًا، وألينُهم جانبًا، وأولاهم بالرعية حبًّا ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

الأمانة والحفظ:

والأمين على الأمر هو الحفيظ عليه، والحريص على أدائه كما حُمِّل، الذي يُدرِك بإخلاصه لله - عز وجل - ثم بصدقه ونُصْحه وكياسته، ما لا يُدرِك الخائن بإخلاصه لنفسه، ثم بكذبه وغشه وشطارته[4].

 

والإمام الأعظم ونوابه ومَن يُعاوِنه في سياسة الدولة من بِطانته وأهل مشورته، أحوجُ الناس إلى التخلق بالقوة والأمانة، والحفظ والعلم، والتطبع بها؛ حتى تكون منهم بمنزلة الخليقة الثابتة، والسجيَّة المتأصِّلة، وإلا فخير لهم أن يتنحَّوا عن سياسة الأمة طائعين، قبل أن ينحيهم الأقوياء والأمناء يومًا مُكرَهين مدحورين.

 

عدم تولية العمل أحدًا سأله:

ومن دقائق السياسة النبويَّة التي يَجحدها أو يجهلها من لا يُقدِّر النبي -صلى الله عليه وسلم- قدرَه: ألا يولي العملَ أحدًا سأله أو حرص عليه، ولا سيما إن كان هناك مَن يُغني غَناءه كفايةً ورشدًا، بلْه مَن يَفضُله ويَزيد عليه، وذوو الكفايات في العَهْد النبوي أكثر من أن يحصيهم العَدُّ.

 

اختلاف موقفه -صلى الله عليه وسلم- من السائلين الإمارة:

ومن هذه الدقائق التي تُطالِع الناظرَ في السُّنة النبوية أنه - صلوات الله وسلامه عليه - إن آنس من السائل رفقًا ولطفًا، وكان في سؤاله أقرب إلى العرض والاستشارة، تلطَّف في إجابته، وبيَّن له وجهَ المعذرة في الرد؛ وإن آنس منه إلحافًا وحرصًا، اقتصر على إجابته بمجرد الرد؛ ليُعلِمه أن الحفي بالسؤال والحريص على الأمر قلما يواتيه التوفيقُ والرشد، وأن من آتاه الله الإمارة عن غير مسألة، أعانه عليها، ومن آتاه الإمارة عن مسألة وطلب، وكَله إليها، ومن وكله الله إلى غيره، فالويل له!

 

وما قصة أبي موسى الأشعري وأسيد بن حضير الأنصاري إلا شاهدان من الشواهد التي لا تُحصَى على صِدْق هذا الهدي الحكيم النبوي؛ قدِم على أبي موسى رجلان من أبناء عمومته الأشعريين، فقالا: انطلق بنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن لنا إليه حاجة، ولم يُخبِراه ما هي، ولم يسألهما عنها، وما أن ذهب بهما إليه - صلوات الله وسلامه عليه - حتى سألاه أن يؤمِّرهما على بعض البُلدان التي جعلها الله تحت يده، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تقول يا أبا موسى أو يا عبدالله بن قيس؟))، كأنه يلومه في أمرهما، فاعتذر له أبو موسى مُقسِمًا بمن بعثه بالحق إنهما لم يُطلِعاه على ما في أنفسهما، فقبِل عذرَه وصدَّقه، وقال لهما: ((إنَّا لن نَستعمل على عملنا من أراد، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى))[5].

 

فبعثه على اليمن، ثم أتْبَعه معاذَ بن جبل، فكان كل منهما على عملٍ مُستقل، وكانا يتزاوران ويتعاونان ويتذاكران قيامَ الليل.

 

ولم يولِّ هذين الأشعريين عملاً حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى - صلوات الله عليه - وكذلك الحرص على الأمر مع الإصرار عليه، لا يزيد طالبَه إلا بُعْدًا عنه.

 

فلقد كان خيرًا منهما أسيد بن حضير - رضي الله عنه - وهو نفسه الذي خلا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفلان الذي يعنيه: هو عمرو بن العاص - رضي الله عنه - كما قال صاحب الفتح[6]، وكأنه كنَّى في الموضعين ولم يُصرِّح رمزًا إلى معانٍ من الآداب واللطف لا تخفى على ذي لبٍّ، ولم يكن أسيد حريصًا على طلبِ الولاية ولا مُصرًّا، بل كان إلى العرض والاستشارة أقرب منه إلى الطلب والحرص؛ ولذا لم يُجِبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما أجاب به الأشعريين، وإنما أفهمه بلطف أن مصلحة المسلمين العامة - وهي مقدمة على المصالح الخاصة - تقتضي ألا يوليه العمل، لا غمطًا لحقه، ولا نقصًا بفضله، ولا إيثارًا لغيره عليه، فقد علِم الناس من هم الأنصار، ومكانهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد كان أسيد من أفاضِلهم وأسبقهم إلى الإسلام، وحسْبه شرفًا أنه أحد النقباء ليلة العقبة، وأنه ممَّن ثبَت يوم أحد، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يكن يقدِّم أحدًا من الأنصار عليه.

 

بيد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- اختار عمرًا لكفايته النادرة في الحرب، وعظيم بلائه ودهائه فيها، وسياستِه في ولاية الأمور، وفتوحاتُه وبلاؤه في الإسلام أشهر من أن تُذكَر.

 

المزية لا تقتضي الأفضلية المطلقة:

وما أجدره بشهادة عمر - رضي الله عنه - وقد رآه ذات مرة يمشي فقال: ما ينبغي لأبي عبدالله أن يمشي على الأرض إلا أميرًا!

 

وما كان اختياره -صلى الله عليه وسلم- عَمرًا أو تأميره على العُمَرَين والسابقين من أصحابه لَيُقدِّمه عليهم في الفضل، إنما هي مصلحة المسلمين فوق كل شيء، ومن القضايا الثابتة: أن المزيَّة لا تقتضي الأفضلية.

 

من أعلام نبوَّته:

ثم زاد أسيدًا طمأنينة بأن الإيثار للهوى وللحظوظ الدنيوية لن يكون في عهده -صلى الله عليه وسلم- وإنما يقع بعده حينما تتفتَّح الدنيا، ويتنافسون فيها، وإن عليهم حينئذٍ أن يصبروا ويرضوا؛ خَشية الأحداث والفتن، وسيَلقَونه -صلى الله عليه وسلم- على حوضه المورود راضيًا عنهم: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، وإخباره -صلى الله عليه وسلم- بهذا ونحوه من أعلام نبوته.

 

مصلحة الأمة:

هكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون من بعده يولُّون الأقوياء الأمناء شؤونَ الدولة، ويؤثِرون مصلحةَ الأمة على ما سواها، لا يُبالون أن يكون الأميرُ صغيرًا وكبيرًا ما دام للإمارة أهلاً، وحسْبنا ما قدَّمنا في أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - في الحديث السابق.

 

حزم العمرين وورعهما:

غير أن العمرين - رضي الله عنهما - بالغا في الحزم والوَرع واتقاء الشبهات، فأغلقا في وجه الأهل والأقارب بابَ الوِلايات، حتى فتَحه ذو النورين - رضي الله عنه - فلما عوتِب في ذلك أجاب بأن له في رسول الله - صلى لله عليه وسلم - أسوةً حسنة، فقد ولَّى أولي الكفاية من أقاربه، وبأن الخليفتين بعده منَعا أقاربَهما في الله - عز وجل - فإن طريقة الخليفتين أحكم وأحزم، وطريقة ذو النورين - على شاكلته - أَرفَق وأرحم، أما الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- فهو المؤيَّد المعصوم، الذي لن تحوم حوله شبهةٌ، ولن يقترب من ساحته هوى.

 

خطر الحرص على الولايات والتنافس فيها، وتولية غير ذوي الكفايات:

إن الحرص على الولايات والتنافس فيها، وتولية غير ذوي الكفايات والأمانة، كل ذلك أدَّى إلى سفكِ الدماء، وهتْك الأعراض، واستباحة الأموال، وظهور الفساد في البر والبحر! بل أدَّى إلى قتْل الكفايات وإهدارها، والطمع في رياسة الأعمال وسياسة الأمم بالرِّشَا والنفاق والدهاء والمكر!

 

متى يجب طلب الإمارة؟

وإنه ليُؤذن لأولي الكفايات حينئذٍ أن يَطلُبوا الإمارة ويَحرِصوا عليها؛ قصدًا إلى الإصلاح ما استطاعوا، بل يجب عليهم الطلب والحرص وجوبًا لا رُخصة فيه؛ إذ لم يكن من ولايتهم بد، وحُقَّ عليهم أن يُنبِّهوا على أنفسهم إذا لم يُنبِّه عليهم أحد، ومن هنا قال يوسف الصديق - عليه السلام - لمَلِك مصر: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ ﴾ [يوسف: 55]، وربما أوحى الله إليه أن اطلب ذلك من المَلِك؛ لتؤدي رسالتَك كما أداها آباؤك من قبل، وقد جعلتُ المَلِكَ طوعَ يمينك، جزاء ما اتَّقيت وصبرتَ!

 

بل إن حقًّا محتومًا على القادرين من الأمة وأولي الغَيرة فيها والحرص عليها أن يُنقِذوها من الفساد والطغيان ما استطاعوا إلى الإنقاذ سبيلاً، ثم لا يُمكِّنوا من ولايتها ورعايتها إلا قويًّا أمينًا حفيظًا عليها، يهديها إلى الحق، ويُبصِّرها طريقَ الرشد، ويفتح لها أبواب المجد والكرامة. اختيار العاملين المخلصين:

وعلى ولي الأمَّة الذي تختَّاره قائدًا لها وإمامًا ألا يألو جهدًا في اختيار العاملين المخلصين في نصْحه وإعلاء كلمة الله فيها، ولن يكون إلا كما وصَف الفاروق - رضي الله عنه - إذ قال: لا يَصلُح أن يلي أمورَ الناس إلا حصيفُ العقل، وافر العلم، قليل الغِرَّة[7]، بعيد الهمة، شديد في غير عُنْف، لين في غير ضعْف، جوادٌ في غير سَرَف، لا يخاف في الله لومة لائم، واستشار عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - بعض صفوتَه في قوم يستعملهم، فقال له: عليك بأهل العُذْر، قال: ومَن هم؟ قال: الذين إن عدلوا، فهو ما رجوتَ، وإن قصَّروا، قال الناس: اجتهد عمر.

 

خيار الولاة وشرارهم:

والقول الفصل في خيار الولاة وشرارهم ما رواه مسلم عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((خيار أئمتكم الذين تُحبونهم ويحبونكم، وتُصلُّون عليهم ويُصلُّون عليكم[8]، وشرار أئمتكم الذين تُبغِضونهم ويُبغِضونكم، وتلعنونهم ويَلعنونكم))، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ قال: ((لا، ما أقاموا فيكم الصلاة))[9].

 

المصدر: من ذخائر السنة النبوية؛ جمعها ورتبها وعلق عليها الأستاذ مجد بن أحمد مكي



[* ] مجلة الأزهر، العدد الخامس، المجلد الرابع والعشرون (1372).

[1] أخرجه البخاري (7149) في كتاب الأحكام، ومسلم (1733) في الإمارة.

[2] أخرجه البخاري (3792) في مناقب الأنصار، ومسلم (1845) في الإمارة.

[3] المشهور أنه النبيُّ المرسل شعيب - عليه السلام - وعليه أكثر المفسرين (طه)، والصحيح خلافه.

[4] شطر فلان على أهله من بابي قتل وظرف: ترَك موافقتهم وأعياهم لؤمًا وخُبثًا (طه).

[5] أخرجه البخاري (6923) في استتابة المرتدين، ومسلم (1733) في الإمارة.

[6] الفتح 7 : 147.

[7] الغِرَّة: الجهل والغفلة.

[8] أي: تدْعون لهم ويدْعون لكم.

[9] أخرجه مسلم (1855).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البغي بين العاملين لدين الله وأثره في الدعوة
  • المبالغة في الاهتمام بالعامل وفلسفة العمل في النحو
  • هل يؤثر العامل على صلاح العمل وفساده؟

مختارات من الشبكة

  • أوزبكستان: طرد عامل من وظيفته بسبب الصلاة أثناء العمل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وعد الله للمؤمنين العاملين بالاستخلاف والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسألة: إذا عمل العامل في مال الغير واتجر به بإذنه دون اتفاق على أتعاب محددة للعامل(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الإدارة المدرسية بالأهداف وأثرها في أداء العاملين في مدارس زهراء الأندلس بالفيوم (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • كيف ينمو طفلي؟ دليل العاملين مع طفل ما قبل المدرسة (الميلاد – 4 سنوات) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفهم الراقي وحب العاملين لدين الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقويم كفاءة العاملين: نظرة إسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • رسالة إلى العاملين في القطاع الصحي (مع أزمة كورونا)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الضياء المقدسي من العلماء العاملين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • اتجاهات العاملين نحو عملية تقييم الأداء الوظيفي في أمانة محافظة جدة: دراسة وصفية(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب