• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

الطلاق (2)

د. محمد جميل غازي

المصدر: كتاب " من مفردات القرآن "
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2008 ميلادي - 3/10/1429 هجري

الزيارات: 16823

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطلاق (2)

الفصل الثاني

خوف النشوز

 

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 34، 35].

1 - الزوجة الصالحة:

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ النساء خيرٌ؟

فقال: ((هي التي تسرُّك إذا نظرت، وتطيعُك إذا أمرت، ولا تخالفُك إلى ما تكره في نفسك ومالك)) [1].

وسئل صلى الله عليه وسلم: أيُّ المال يُتَّخَذُ؟

فقال: ((ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجةً مؤمنةً تعين أحدكم على أمر الآخرة)) [2].

وهذان الحديثان يوضحان ما جاء في الآية الكريمة: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34].

 

فالزوجة الصالحة هي الصوامة القوامة، الصابرة الشاكرة، العذبة الحديث، الكريمة اللقيا، العزيزة النفس، الأمينة في سرها وجهرها، التي لا تخون ولا تفرِّط، وتؤدي واجبها بإخلاص وإيمان وتضحية، كأم وكزوجة.

وهذه الزوجة الصالحة التي جمعت كل الخلال الطيبة، وتزيَّنَت بكل خيرٍ وبرٍّ - لا تثريب عليها؛ فلا يهجرها زوجها، ولا يؤذيها، ولا يسمعها ما تكره، وإنما يظلها بجناح مودته ومحبته ورحمته؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].

2 - خوف النشوز [3]:

لم يقل القرآن المبين: "واللاتي نشزن"، أو: "الناشزات"؛ وإنما قال: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ ﴾ [النساء: 34].

هذا بالنسبة للزوجة، وكذلك بالنسبة للزوج، فإنه لم يقل: "وإن امرأة نشز عليها زوجها"، إنما قال: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128].

 

لماذا؟

لأن الزوجة لا ينبغي أن تكون ناشزًا، ولأن الزوج لا ينبغي أن يكون ناشزًا، ولأن العلاقة الزوجية يجب أن تتسامى عن النشوز الذي يهدم الأسرة ويقوضها، ومن هنا استعمل القرآن المبين لفظ "تخافون" و"خافت"، قبل أن يصف أيًّا من الزوجين بالنشوز.

 

إن الإسلام يطارد شبح النشوز المخيف، ويود ألا يكون له أثر في المجتمع المسلم، حتى لا يقطع ما أمر الله به أن يوصل من علاقة، ولا يهدم ما أمر أن يقام من تعاونٍ ومحبةٍ وألفةٍ؛ ولهذا يضع الإسلام بين يدي الزوجين الوصايا الكفيلة بتوجيههما وجهةً آمنةً، لا خوف فيها، ولا قلق، ولا تعاسة.

 

والسؤال الآن: ماذا يفعل الرجل لو نشزت عليه زوجته؟

أو - على حد التعبير القرآني -: ماذا يفعل الرجل لو خاف نشوز زوجته؟

 

أيطلقها؟ لا؛ يقول القرآن الكريم: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ ﴾ [النساء: 34].

3 - عظوهن:

نعم، عظوهن، وعلموهن؛ فالخطوة الأولى تبدأ من هنا.

 

إن على الرجال أن يرشدوا المرأة إلى الطريق الصحيح الذي ينبغي أن تسلكه؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].

 

فالرجل مسؤول عن أهله: يعظهم، ويذكرهم، ويحميهم من النار؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

إن المرأة معزولة عن دينها، وعن حقائقه المطهرة، ومن أجل هذا وقعت فريسة للشعوذة والخرافة والوهم والدجل، لقد سدوا في وجهها باب المسجد، وفتحوا بين يديها الباب واسعًا إلى كل ما تشتهي وتريد، وأسأل: لماذا أغلقوا في وجهها باب المسجد؟!

 

ألم يكن لها مكان في أول مسجد أسس على التقوى من أول يومٍ؟!

ألم تشارك في دراسة وفهم قضايا الدين، ومن أول يوم أنزل فيه الدين؟!

أليست مخاطبةً بأحكام هذا الدين وآياته، كما خوطب بها الرجال؟!

ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله))؟!

 

إن الآية الرابعة والثلاثين من سورة النساء لا تقول "طلقوهن"، ولكنها تقول: ﴿ فَعِظُوهُنَّ ﴾ [النساء: 34]، عَلموهن واجباتهن كزوجاتٍ، وكأمهاتٍ، وكربَّات بيوتٍ.

 

علموهن معنى الحياة الزوجيَّة الصحيحة، وقيمة هذه الحياة، ودورهنَّ الذي ينبغي أن يقمْن به لإسعاد أسرهن وبيوتهن.

عظوهن بآيات الكتاب الحكيم، وبسنَّة الرسولِ الكريم، فذلك أهدى؛ لأن عقدة النكاح ما قامت إلاَّ على أساس من كتاب الله؛ وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا بقاء لها، ولا قوة ولا بركة إلا إذا استمرت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم.

 

حدثوهن بأخبار الصالحات القانتات العابدات اللاتي وعى التاريخ أسماءهن، وحفظ أخبارهن.

ولا تحسبوا أن الوعظ الذي نادت به الآية الكريمة أمرٌ هينٌ، إنه ليس مجرد كلماتٍ عابراتٍ تُقالُ.

إن كلمة "عظوهن" التي جاءت في الآية الرابعة والثلاثين من سورة النساء - عملية تربوية كاملة، إنها نداءٌ يهز أعماق النفس، يطالب بتعليم الجاهل، وهداية الحائر، وإرشاد الضال، وعظة الغافل.

 

ولو أراد الزوج أن ينفذ كلمة "عظوهن" فإنها تستغرق فترةً طويلةً تحسب بالشهور والأعوام، لا بالساعات والأيام؛ لأن الجهلة لا يتعلمون في ساعات، ولأن الحيارى لا يهتدون في ساعات، ولأن الضالين لا يرشدون في ساعات، ولأن الغافلين لا يفيقون في ساعات.

 

أرأيتم الخطوة الأولى: كم هي طويلة؟

4 - اهجروهن في المضاجع:

أما الخطوة الثانية وهي الهجر فتأتي ومعها مجموعة من الأسئلة:

كيف نهجرهن؟ وأين؟ وهل من معنى الهجر أن نهجر كلامهن أيضًا؟

 

حددت الآية الكريمة الهجر بأنه هجر في المضاجع؛ فليس للزوج أن يخرج زوجته من بيتها إلى بيت آخر، ولو كان بيت أبيها.

 

يقول القاسمي في تفسيره "محاسن التأويل" [4]: "اهجروهن في المضاجع، أي: لا تدخلوهن تحت اللحف، ولا تباشروهن".

 

ويقول ابن عباس: "الهجر هو ألا يجامعها، ويضاجعها على فراشها، ويوليها ظهره".

وهذا الفهم مأخوذ من حديث معاوية بن حيدة القشيري، الذي جاء في السنن والمسند: أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: ((أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)).

وليس من معنى الهجر أن يهجر كلامها؛ فهذا أمر لا يحل للمسلم مع أخيه المسلم، فضلاً عن مسلم مع زوجته المسلمة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ يلتقيان، فيُعْرِض هذا ويعرض هذا، وخيرهما من يبدأ بالسلام)).

 

وقد حدد الفقهاء مدة الهجر، فقالوا: "والهجران: غايته شهر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث أَسَرَّ إلى حفصة حديثًا، فأفشته إلى عائشة، وتظاهرت عليه"، و"لا يبلغ بالهجر الأربعة الأشهر التي ضربها الله أجلاً للمولي" [5].

هذا هو أسلوب الهجر، ومكانه، وزمانه، وهو - كما ترى - أسلوبٌ إنساني، ومحاولةٌ رحيمة للإبقاء على أواصر المودة بين الزوجين حتى لا تنهدم بيوتٌ، وتنهار أسرٌ، ويتشرد أطفالٌ.

فإذا لم تستجب الزوجة هذه المرة أيضًا، وأصرت على عنادها وشموسها ونشوزها، فإن الزوج ينبغي أن يخطو الخطوة الثالثة.

5 - اضربوهن:

هذه هي الخطوة الثالثة، وهي خطوةٌ ضروريةٌ ومعقولةٌ، وتتفق تمامًا مع المنطق والفطرة، ولكن قصار النظر الذين يحبون أن يبتروا النصوص لغرض أو مرض - يقولون: كيف يبيح الإسلام للرجل أن يضرب المرأة؟ هذا ذلٌّ، هذه إهانة.

وهم حينما ألقوا هذا السؤال ألقَوه جزافًا، وكان عليهم - لو أنصفوا - أن يتمهلوا ويجيبوا على هذه الأسئلة أولاً:

ما أسلوب العشرة الزوجية الذي نادى به الإسلام؛ ودعا إليه وطالب به في عديد من الآيات والأحاديث؟

• من المرأة التي أمر الله زوجها بضربها؟

• ومتى أمره؟

• ولماذا أمره؟

• ثم من الزوج الذي أُعطِي هذا الحق؟

أسئلة كثيرة، كنا نرجو أن يبدأ هُواةُ بتر النصوص بالإجابة عليها قبل أن يقولوا ما قالوا.

على أننا لو تتبعنا هدى الإسلام في هذا الموضوع، لوجدناه يتفق مع ما تقضي به المصلحة الراشدة؛ فالإسلام ينهى الزوج عن إيذاء زوجته بقول أو بفعل مادامت صالحةً تؤدي واجباتها على خير وجه وأكرمه؛ عن عبدالله بن زمعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم)) [6].

والإسلام يأمر الزوج الذي استنفد مع زوجته كل الأساليب الحكيمة، وأصرت على موقفها الناشز - أن يضربها، وحتى هذا الضرب، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون: غير مبرح.

فقد ثبت في صحيح مسلم، عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - في حجة الوداع -: ((واتقوا الله في النساء)) فإنهن عوان عندكم، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح))[7].

 

والإسلام يعتبر الضرب في هذه الحالة من حق الزوج؛ فقد روى أبو داود والنسائي: أن عمر رضي الله عنه ضرب امرأته فعذل في ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يُسْأل الرجل فِيمَ ضرب أهله)).


والفقهاء المسلمون يضعون شروطًا لهذا الضرب، منها:

• أن يكون ضربَ أدبٍ لا إهانةٍ.

• ألا يكسر عظمًا، ولا يشين جارحةً، كاللَّكز ونحوه.

• أن يجتنب الوجه؛ لأنه مجمع المحاسن، وكذلك الأماكن المحترمة.

• أن يكون مفرقًا على بدنها، وألا يوالي به في موضع واحد.

 

بل إن الفقهاء المسلمين ذهبوا إلى أبعد من هذا، فمنهم من قال: "ينبغي أن يكون الضرب بمنديل ملفوف، أو بيده، لا بسوط ولا عصا" [8]، ويقول الرازي في تفسيره: "وبالجملة فالتخفيف مراعى في هذا الباب على أبلغ الوجوه"، وقال عطاء: "قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح، قال: بالسواك ونحوه".

هذا هو الضرب الذي أمر الله به كعلاج أخير، وآخر العلاج الكي كما يقولون، وهذا هو منهج الإسلام فيه، ولا على الإسلام أن ينحرف الناس عن هداه؛ فالإسلام حجة على الناس، وليست أفعال الناس بحجة على الإسلام.

6 - الحَكَمان:

ثم تقول الآية الخامسة والثلاثون من سورة النساء: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

والخطاب في هذه الآية الكريمة موجهٌ إلى كل مَن يهمه الأمر من حكام، وأقارب، وجيران، وأصدقاء، وقد صدرت هذِهِ الآية الحكيمة بقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ [النساء: 35]؛ فالشقاق بين الزوجين أمر مخوف، وإصلاحه من أعظم المعروف، والإصلاح بينهما من أعظم المعروف.

إن حادثة طلاقٍ واحدةً تخيف مجتمعًا كاملاً؛ لأنها تمزيق لعواطف أسرةٍ، وتشريدٌ لأبنائها، وهل المجتمع إلا مجموعة من الأسر تربطها وشائج وصلات؟

 

وليست هذه الآية الوحيدة التي استعملت لفظ "الخوف" في مجال الحديث عن مشكلات الحياة الزوجية؛ فلقد جاءت آيات أخرى بهذا التعبير:

ففي سورة البقرة يقول الله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229].

وفي سورة النساء يقول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3]، ويقول تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ [النساء: 34]، ويقول تعالى: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128].

 

ويقول تعالى في آية الحكمين: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35].

يقول ابن عباس - رضي الله عنهما [9] - في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 35]: "هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما، أمر الله أن تبعثوا رجلاً من أهل الرجل، ورجلاً صالحًا من أهلِ المرأةِ فينظران: أيُّهما المسيءُ؟"

ويقول عبدة السلماني [10] رضي الله عنه: جاء رجل وامرأة إلى عليٍّ، وحكَّما من أهلهما، فقال للحكمين: تدريان ما عليكما؟ عليكما أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما عليَّ فيه ولي، وقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال: كذبت، والله، حتى تقر مثل الذي أقرت به.

ويقول ابن عباس - رضي الله عنهما [11] -: "بعثت أنا ومعاوية [12] حكمَين فقيل لنا: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتُما".

 

وهناك رأي آخر - يرى أن للحكمين حق الإصلاح فقط، وأما الفرقة فليست إليهما.

يقول الحسن [13]: إنما بعث الحكمان ليصلحا، ويشهدا على الظالم بظلمه، فأما الفرقة فليست بأيديهما.


والآية الخامسة والثلاثون من سورة النساء تؤكد أن الحكمين: ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا ﴾ [النساء: 35]، فإن الله سبحانه وتعالى: ﴿ يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 35].

أما إذا فَقَدَ الحكمان الإخلاص والمروءة والنجدة، وذهب كل واحدٍ منهما إلى مجلس الصلح، وفي نفسه ما فيه من الأضغان والترات، والإحَن، والعصبيَّة، فإن الزمام سيفلت حتمًا من أيديهما.

 

وهناك لمحة أخيرة ينبغي أن نتأملها في الآية الخامسة والثلاثين؛ فقد ذكرت هذه الآية الكريمة الإصلاح ولم تذكر الطلاق؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 35].

لماذا؟

لأن الطلاق بغيض إلى الله سبحانه وتعالى.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)).

وَبَعْد، فَمَاذا نَفعَل إذا مَرَّت العلاقة الزوجيَّة بِهَذِه المراحِل كلها [14]، ثم لم نفلح في الوصول إلى حلٍّ؟

 

• هل نُبْقي على الحياة الزوجية، وإن كره الزوجان؟

• هل نرغم كل واحدٍ من الزوجين على أن يعاشر صاحبه؟

 

لا، حتى لا تتحول الحياة الزوجية إلى كارثةٍ؛ فقد يحاول أحد الزوجين أن يتخلَّص من صاحبه بأسلوب غير مشروع، ثم إن الأسرة التي تقوم حياتها على النزاع المستمر، والتوتر الدائم، وتخرج إلى المجتمع أبناء وبنات قد استولت عليهم العقد النفسية المدمرة الخانقة، وحينئذ فإنَّ الإسلام يزج بالزوجين إلى ساحة الطلاق، وهي ساحة بغيضة، لكنها - أحيانًا - تكون الواحة الآمنة التي يأوي إليها الخائفون من الموج العاتي، والعاصفة المجتاحة، والطوفان الرهيب.

 


[1] رواه أحمد.

[2] رواه أحمد والترمذي وحسنه.

[3] النشوز: العصيان وسوء العشرة، والخروج على الطاعة من (النشز)، وهو ما ارتفع من الأرض، يقال: نشزت المرأة على زوجها: استعصت عليه، وترفَّعت عليه وأبغضته، وخرجت على طاعته.

[4] 5/ 1221.

[5] القرطبي 5/ 172، والأجل الذي حدده الله للمولى جاء في قوله تعالى ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 226]، والأربعة الأشهر هي المدة التي يضيق فيها صبر المرأة، فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف ليلة بالمدينة فسمع امرأة تنشد:

ألاَ طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهْ
وَأرَّقَني ألاَّ حَبِيبٌ أُلاعِبُهْ
فَوَاللهِ لَوْلاَ اللهُ لا رَبَّ غَيْرُهُ
لَزُلْزِلَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
مَخَافَةَ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَكُفُّني
وَإكْرَامُ بَعْلِي أنْ تُنَالَ مَرَاكِبُهْ

فلما كان من الغد استدعى عمر تلك المرأة، وقال لها: أين زوجك؟ فقالت: بعثتَ به إلى العراق، فاستدعى نساءً، وقيل: سأل حفصة، فسألهن عن المرأة: كم مقدار ما تصبر عن زوجها؟

فقلن: شهرين، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفذ صبرها في أربعة أشهر، فجعل عمر مدة غزو الرجل أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر استرد الغازين، ووجه بقوم آخرين؛ القرطبي 3/ 108.

[6] رواه البخاري والترمذي.

[7] رواه البخاري والترمذي.

[8] القاسمي 5/ 1222.

[9] أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.

[10] أخرجه الشافعي في "الأم"، وعبدالرزاق في "المصنف"، وسعيد بن منصور وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه.

[11] أخرجه عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.

[12] الذي بعثهما هو عثمان - رضي الله عنه.

[13] أخرجه عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.

[14] الوعظ: الهجر، الضرب، التحكيم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطلاق (1)
  • شبح الطلاق
  • الطلاق والحياة الجديدة
  • لي عندك طلب مهم
  • الزواج بنية الطلاق
  • من تغيير الجو إلى تغيير الزوجة
  • أدركوا باقي الأسر المسلمة قبل أن يجرفها طوفان الطلاق!!!
  • خطبة المسجد النبوي 19 /3 /1431هـ
  • لست ابنتنا (قصة قصيرة)
  • الطلاق غول يهدد المجتمع العربي
  • خطر الطلاق وأسباب انتشاره
  • الطلاق وأحكامه وآدابه
  • الطلاق تعريفه ومشروعيته
  • الطلاق
  • من قال لزوجته: أنت طالق ثلاثا
  • الطلاق بالإشارة
  • الطلاق بصيغة الماضي
  • تعليق الطلاق على مستحيل
  • تعليق الطلاق بالشروط
  • التأويل في الحلف بالطلاق وغيره
  • الطلاق المعلق على شرط

مختارات من الشبكة

  • أقسام الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الطلاق – شروط الطلاق (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الطلاق من حقوق الله تعالى وحدوده - دراسة فقهية في سورة الطلاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخلع بلفظ الطلاق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (1)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • يا من يريد الطلاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طرق إثبات الطلاق الإلكتروني: الإقرار(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (2)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الطلاق بالكتابة(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب