تحقيق تخريج مسألة (المعدن جبار)

تحقيق تخريج مسألة

( المَعْدِنُ جُبَار)

قال ابن أبي حاتم في كتاب العِلل: وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه مجالد بن سعيد، عن الشعبي عن الحارث، عن علي[1]، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المَعْدِنُ جُبَار[2])).

وذكرت لهما الحديث.

فقالا: هذا خطأ؛ إنما هو: عن[3] الشعبي، عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح.

رجال الإسناد:

• مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، أبو عمرو الكوفي (ت 144).

ضعيف عند معظم من ترجم له، وضعفه بعضهم عن الشعبي خاصة.

ونقل ابن أبي حاتم عن ابن مهدي قال: حديث مجالد عند هؤلاء الأحداث: يحيى بن سعيد وأبي أسامة ليس بشيء، ولكن حديث شعبة، وحماد بن زيد، وهشيم، وهؤلاء القدماء. قال ابن أبي حاتم: يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره.

قال ابن حجر: ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره.

انظر تهذيب الكمال 27/ 224، الميزان 3/ 438، التهذيب 10/ 39، التقريب (6478).

• الشعبي: عامر بن شراحيل، ثقة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 551.

• الحارث لعله الأعور، ضعيف تقدمت ترجمته في المسألة رقم 571.

• علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -، صحابي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 527.

• جابر بن عبدالله – رضي الله عنه -، صحابي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 534.

تخريج الحديث:

روى مجالد بن سعيد هذا الحديث، واختلف عليه:

1- فروي عن مجالد، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي.

2- ورواه حماد بن زيد، وعباد بن عباد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبدالله.

الوجه الأول:

ذكره المصنف في هذه المسألة، ولم أقف على من أخرجه.

الوجه الثاني:

أخرجه أبو عوانة (كما في إتحاف المهرة 3/ 201)، وأبو يعلى في مسنده 4/ 101، رقم 2134، والبزار (كشف الأستار 1/ 423، رقم 894)، من طريق حماد بن زيد.

وأحمد 3/ 335، 353، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 203، من طريق عباد بن عباد.

كلاهما عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السائمة جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس))[4]

وقال البزار: لا نعلم رواه عن مجالد إلا أهل البصرة؛ حماد وأصحابه.

وذكره الهيثمي في المجمع 3/ 77، وقال: رواه أحمد، والبزار، والطبراني في الأوسط، ورجاله موثوقون.

قلت: ولم أقف عليه في الأوسط، ولا مجمع البحرين. وقد ذكره الهيثمي مرة أخرى في 6/ 303، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى......، وفيه مجالد بن سعيد، وقد اختلط.

وعليه فلعله وهم في نسبته إلى الطبراني في الموضع الأول، والله أعلم.

وحماد بن زيد: ثقة ثبت، وعباد: ثقة ربما وهم (التقريب 1498، 3132).

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أن مجالد بن سعيد روى هذا الحديث، واختلف عليه:

1- فروي عن مجالد، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي.

2- ورواه حماد بن زيد، وعباد بن عباد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبدالله.

ولعل الوجه الثاني أرجح؛ حيث رواه ثقتان كذلك، وأحدهما ممن روى عن مجالد قبل اختلاطه، وهو حماد بن زيد، في حين لم أقف على من روى الوجه الأول.

ولكن ليس بعيداً أن يكون مجالد قد حدث بالوجهين؛ إذ جزم المصنف في هذه المسألة بالوجه الأول، مما يشعر بثبوته عنده، ورواه في الوجه الثاني ثقتان، ولعل الحمل فيه على مجالد؛ إذ تقدم أن فيه ضعف، وقد اختلط فلعله حدث بالوجه الثاني قبل اختلاطه، وحدث بالأول بعد اختلاطه.

وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة الوجه الثاني، وهو كما قالا، إلا أن احتمال ثبوت الوجهين عن مجالد قائم، كما تقدم، والله أعلم.

والحديث من وجهه الراجح إسناده ضعيف؛ لحال مجاهد، كما تقدم.

إلا أن له شاهداً صحيحاً، دون قوله: ((والسائمة جبار)):

فقد أخرجه البخاري في مواضع، منها 3/ 326 (مع الفتح)، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس، رقم 1499، ومسلم 3/ 1334، كتاب الحدود، باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، رقم 1710، وغيرهما، من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((العجماء جرحها جبار، والبئر جبار والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)).

وقد ورد له شاهد بذكر: ((والسائمة جبار))، لكنه ضعيف جداً:

أخرجه الطبراني في الكبير 10/ 106، رقم 10039، من طريق عبدالله بن بزيغ، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، مرفوعاً.

وقال الهيثمي في المجمع 3/ 78: رواه الطبراني في الكبير، وفي الأوسط بعضه، وفيه عبدالله بن بزيغ وهو ضعيف.

قلت: وفيه الحسن بن عمارة البجلي، وهو متروك (التقريب 1264).

كما أن رواية الطبراني في الأوسط التي أشار إليها الهيثمي إنما هي من طريق آخر، فهي في 2/ 119، رقم 1228، بلفظ:((في الركاز الخمس))، وليس فيها بقية الحديث.

وعليه فتبقى هذه الزيادة في هذا الحديث ضعيفة، والله أعلم.