• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الواقع الإسلامي.. خلافات تتسع وتمزق يزداد

د. عدنان علي رضا النحوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/4/2008 ميلادي - 22/4/1429 هجري

الزيارات: 12096

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الواقع الإسلامي

خلافات تتسع وتمزق يزداد

 

يدرك كل مسلم اليوم أنَّ حقيقة الخطر على العالم الإسلامي شاملة ممتدة، تُنْذر بالمزيد من الأخطار مع كلِّ ساعة وكل يوم وكل شهر!


ما حقيقة الأخطار؟!

لا تقتصر الأخطار على سقوط بعض أراضي المسلمين تحت احتلال قاسٍ قوي، كما هو الحال في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها.


إن ما أصاب المسلمين في القرنين الأخيرين مآسٍ مذهلة وفواجع وهوان وإذلال. وهم حملة رسالة ربانيّة، رسالة الإسلام، ليبلّغوها إلى الناس كافّة كما أُنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم.


ألا يستحقّ هذا الدين العظيم، وهذه الفواجع والمآسي، وقفةً إيمانيّة، وقفة مصارحة تُطوى فيها المجاملاتُ وتُكشَف الحقائقُ، وتُحدَّد فيها الأخطاءُ والعلل والأمراض، ويتعاون الجميع على معالجة الأمراض؟!


الخلل ممتد في واقع المسلمين. وهو السبب الرئيس في هزائمنا. إن ما أصابنا هو بقدر الله وقضائه وحكمته، وقضاؤه حق وقدره غالب وحكمته بالغة، والله لا يظلم أحداً ولا يظلم شيئاً. لقد ظلمنا أنفسنا!

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].


وربما يقول بعضهم: إن الأخطاء يسيرة، والخلافات سنة الله، ثم يطوون ذلك بالمجاملات والمسكنات لتخفيف الآلام والأوجاع، والخلل يبقى والأمراض تبقى، ولا يجدي التخدير في العلاج.


إِن الخطر المحدق بنا عظيم، والهجمة على المسلمين واسعة ممتدة، وإن بقاء الخلل والعلل يعرّضنا لأخطار أشد وهزائم أبعد وهوان أقسى.


إن من أول واجباتنا في الوقفة الإِيمانيّة تحديدَ أخطائنا في دراسات منهجيّة. وحين تتم مثل هذه الدراسات سنجد أن الخلل واسع والأخطاء كبيرة. ولا ينفع فيها أن يهاجم فريقٌ فريقاً آخر، وينقده ويتهمه. ثمّ ينبري الفريق الآخر ليكيل الصاع صاعين، فيمضي الزمن والخلافات تتسع والتمزّق يزداد.


ولا يمكن أن يتمّ التغيير في أنفسنا إلا إذا تولّدت القناعة الداخلية بضرورة التغيير، حين تنكشف الأخطاء، ونتبيّن هول الأخطار، ونستشعر صدق الخشية من الله وعقابه وعذابه.


ومن لم يشعر بذلك، ولم يدرك أخطاءه، ولم يتبيّن حقيقة الخطر، ولم تهزّه الخشية من الله، فلن يشعر بضرورة التغيير. والأمر كله بيد الله، يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء.

 

لابد أن نقتنع بأن ما أصابنا من هزائم وفواجع وهوان هو بما كسبت أيدينا. وأن الواقع لا يتغير إلا إذا غيّرنا ما بأنفسنا، فذلك أمر الله وحكمته:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].


إنّ هذا التغيير يقتضي - مع القناعة بضرورته - مجاهدة النفس. فهو أول الجهاد، والنفس أول الميادين، فمن انتصر في هذا الميدان يمكنه أن يخوض ميداناً آخر:

فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "المجاهد من جاهد نفسه في الله" [رواه الترمذي وابن حبان][1].


إذا لم نجاهد كُلّنا أنفسنا، ولم نغيّر ما بها، ولم نغسل قلوبنا، فكيف يمكن أن يُغيَّرَ واقعُنا، وأن يُبَدَّل حالُنا، والأمراض هي الأمراض والعلل هي العلل!


وإذا غيّرنا ما بأنفسنا، فإن أول ما يتغيّر تبعاً لذلك نهجُ التفكير. وإن بعض المسلمين اليوم - تحت شعار الإسلام - يفكرون تفكيراً علمانيّاً مادِّياً معزولاً عن إشراقة الإيمان والخشية من الله والإقبال على الدار الآخرة.


إن للإيمان والتوحيد نهجَه المتميز للتفكير، وللعلمانيّة والماديّة نهج آخر للتفكير مختلف عن النهج الإيماني[2]:

نهجان قد ميَّز الرحمنُ بينهما
نهجُ الضلال ونهجُ الحقِّ والرَّشَدِ
لا يجمعُ الله نهجَ المؤمنين على
نهج الفساد ولا صدقاً على فَنَدِ

 

والنهج الإِيماني للتفكير يحتاج إِلى تربية وبناء، وتدريب وإعداد، يحافَظُ فيه أولاً على سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ثم يُغذَّى ذلك بالغذاء المنهجي الحق. فالمحافظة على سلامة الفطرة هي الحق الأول للإنسان، الحق الذي أغفلته لجانُ حقوق الإنسان، ومحافلُها وساحاتُها.


حَسْبُناً من الأمراض هذا التمزّق الذي نعيشه. تَمزّقْنا أقطاراً ودياراً، وشيعاً وأحزاباً، ومصالح وأهواء. حسبنا هذا الخلل -خللُ التمزّق والفرقة- فإنه يضعفنا ويوهن من قوانا، ويفتح منافذَ وأبواباً للأعداء والمنافقين، هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى، فإِنه يُسبِّب غضَبَ الله علينا، خاصة بعد أن لم تُفلح النذرُ والمواعظ في إيقاظنا.


كيف لا نكون قد أغضبنا الله في تفرُّقنا وصراعنا ونحن نرتكب بذلك مخالفة كبيرة لأمر الله، إننا نعصيه في تفرّقنا وصراعنا وعدم التقائنا على صراطه المستقيم، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 150].


كيف لا نكون قد أغضبنا الله سبحانه وتعالى وهو القائل في كتابه العزيز: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].


وكذلك، فإنَّ الجهل بالإسلام، بالكتاب والسنَّة، كان طاغياً يَسْحق الملايين من المسلمين الذين لم يبق لديهم من الإسلام إلا العاطفة الجارفة، دون أن يجدوا اليد الحانية التي تبني القلوب والعقول بالعمل الحقِّ، والدراسة الواعية، والتدريب والرعاية، حتى أقامت كل فرقة لها ولاءات يُنابذ بعضها بعضاً على صور شتَّى من التنابذ العلني أو السرّي، وتوالى التمزّقُ مع أحداث الواقع بولادة جماعة بعد جماعة، وانشقاق بعد انشقاق، وفتنة بعد فتنة، وهزيمة بعد هزيمة، وتنازل بعد تنازل، تنازل لم يستطع ضجيجُ الشعارات أن يُخْفيَه.


كلُّ ذلك كان بقدر الله وقضائه وعلمه، ولكنَّه كان أيضاً بما كسبت أيدينا، وبالخلل الذي امتدَّ فينا، فالله حقَّ يقضي بالحق، لا يظلم أبداً، فقد حرّم الله الظلم على نفسه وجعله محرّماً بين الناس، ولكنَّ الناس هم الذين يظلمون أنفسهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].


وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال: (يا عبادي إنّي حرَّمْتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّماً فلا تظالموا. يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم...)[3].


عدد المسلمين في الأرض يقارب المليارين، يُقيمون في أرض ممتدّة واسعة لها خطرُها السياسي والعسكري، ولها أهميتها الاقتصادية بما وفّر الله سبحانه وتعالى من رزق وخيرات في بطن الأرض وظاهرها، وما يُنْزل الله من السماء من ماء، ومنَّ الله على المسلمين بالدين الحقّ الذي هو مصدر كلّ قوة وعدّة، وكل نماء وخير. ملياران من المسلمين اليوم، وقد أعطاهم الله كلَّ أسباب القوّة والعزّة، تراهم في تخلّفٍ وضعفٍ، وذلَّةٍ وهوانٍ، وفي أعاصير من الفتن.


هؤلاء الملياران من يرعاهم؟! من يرفع الجهل عن معظمهم؟! ينتسبون إلى الإسلام انتساباً شكلياً، فمن يبلّغهم رسالةَ الإسلام؟ ومن يدعوهم إليه ويتعهّدهم عليه؟! ومن يُبلِّغ سائر الخَلْق رسالة الله كما أُنْزِلتْ على محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لا يُغادروا الحياة الدنيا وهم على فتنة أو ضلال أو كفر، أو على غير دين الإسلام، فيدخلوا النار؟! من المسؤول عن ذلك، وبعُنُقِ مَنْ وضع الله هذه الأمانة العظيمة لإخراج الناس من الظلمات إلى النُّور؟!


لو رجع كثير من المسلمين إلى أنفسهم، وإلى ما شَغَلوا به أنفسهم وأوقاتهم، لوجدوا أنَّ بعضاً ممَّا عملوه كان خيراً لو لم يفعلوه؛ لأنه شغلهم عن تبليغ رسالة الله إلى الناس كافّة وتعهّدهم عليها، لأنه شغلهم عن الأمانة العظيمة التي خُلِقوا للوفاء بها والتي عهد الله إليهم بها.


كم من الأموال أنفقوها في غير موضعها، كم من الجهود بُذِلت في غير ما يريد الله منهم؟! كم من الأموال والجهود والأوقات صُرِفت هنا وهناك، والملايين من البشر تائهون في ضلالة عمياء وفتن هوجاء، لم يجدوا القلب الحاني واليد الراعية؟!


بين أيديهم وأمامهم وحولهم، النور المشرق، والحقّ الأكيد، تركوه وأدبروا عنه، وانصرفوا إلى ما حسبوه وهماً أنه يفيدهم، أو يُنْقذهم، أو يُصلح حالهم! أمامهم الصراط المستقيم، صراطاً مستقيماً وواحداً، لا يضلُّ عنه مؤمن، ولا يُخْتلف عليه، تركوه واتبعوا سبلاً شتى!


لو وقف المسلمون وقفة إيمانية ودرسوا كم أنفقوا من المال والجهد والوقت على الانتخابات ومناوراتها، حين كان الفقراء من المسلمين أحوج إلى هذه الأموال والجهود، الفقراء الممتدين في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وحين كانت ميادين أخرى أحوج للجهد والوقت والمال من تلك، لو وقفوا تلك الوقفة لاختلفت الموازنة!


لو وقف المسلمون وقفة إيمانية يُراجعون مسيرتهم وهم يتعرَّضون للذل والهوان والتمزق، لو وجدوا أنهم أخطؤوا حين أسرعوا فتداعوا إلى الاشتراكية، وإلى الديمقراطية وإلى الحداثة وإلى العلمانية، ونسبوا هذه المذاهب إلى الإسلام، في تقليدٍ يَكْشف عن إفلاسٍ وهوانٍ!


لم يستطيعوا أن ينطلقوا إلى العالم بإسلامهم الحق، بالكتاب والسنَّة واللغة العربية، كما انطلق أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يستطيعوا أن يعرضوا الإسلام في ميدان التطبيق ليقدموا الحلول العملية الإيمانية من الكتاب والسنَّة لمشكلات البشرية وأزماتها اليوم. فبدلاً من ذلك قدَّموا أشكالاً متصارعة من فهم مضطرب للإسلام، وخلافات واسعة، ونظريات متضاربة، ثمَّ بدأوا يأخذون مناهج العلمانية والديمقراطية ويُلْصقون بها كلمة الإسلام أو الإسلامية، كما ألصقوا الإسلام من قبل بالاشتراكية والحداثة. أو يقولون إن الاشتراكية من الإسلام، والديمقراطية من الإسلام، والحداثة من الإسلام، والعلمانية من الإسلام، ومع هذه المحاولات كلها فلا الإسلام طُبِّق ولا الاشتراكية ولا الديمقراطية ولا العلمانية! ولا كسب المسلمون رضا هؤلاء ولا هؤلاء!


أصبح همّنا الأكبر أن نُبيّن للعالم أننا متطورون، ذلك بأخذ شعاراتهم وبعض مظاهر حضارتهم من لباس وعُري ورقص وغناء، وما يتبع ذلك من فواحش وفساد، دون أن نأخذ ما نحن بحاجة إليه حقيقة وما يُمدُّنا بالقوّة.


أصبح همّنا أن نثبت أننا عصريون حضاريّون تقدّميّون بتقليد الغرب فيما لا حاجة لنا به، وفيما لا يُغْني عنا شيئاً، لم نستطع أن نقدّم للعالمِ الإسلامَ كما أُنْزل على محمد صلى الله عليه وسلم في ميدان النظرية والتطبيق. ولكننا قدّمنا خلافاتنا وصراعنا ومذاهب متصارعة وآراء متضاربة.


كيف نظهر عظمة الإسلام للعالم إذا كنَّا نحن لا نتمثّل حقيقة الإسلام ولم نلتقِ نحن عليه، وإذا كنَّا شُغلنا بزخارف الحضارة الغربية ولم نستطع أن نبني صناعة قوية، وإعداداً قوياً وصفاً واحداً كالبنيان المرصوص؟!


إنَّ العالم كله بحاجة إلى الإسلام كما أُنْزل على محمد صلى الله عليه وسلم. فمن خلال تمزّقنا وضعفنا وهواننا نكون قد ارتكبنا إثماً فوق إثم، ومعصية فوق معصية، حين أغضبنا الله بمخالفة الكتاب والسنَّة بتفرّقنا وتمزّقنا، وحين فقدنا مهابتنا في صدور أعدائنا، وحين خسرنا حقيقة البلاغ والتعهّد، وأخفقنا في أن نخرج الناس من الظلمات إلى النور، وحين أخذنا عن الغرب ضلالتهم ولم نأخذ صناعتهم وسلاحهم.


فقدنا هويّتنا وشخصيّتنا، فلا نحن هنا ولا نحن هناك، فاضطربت الخُطا وتشعّبت المسالك، وعلا ضجيج الشعارات لنُخْفيَ بهذا الضجيج عجزنا وهزائمنا.


زعم بعضهم أننا بتقليد الغرب فيما قلّدوه ننمو ونتطوّر ونملك القوّة والعزّة. فإذا الحقيقة كانت هواناً وذلّة، كلّ ما قلّدنا به الغرب لم يُعْطنا قوّة ولا عزّة، ولا حريّة ولا مساواة، حتى الأخوة التي أمر الله بها ضاعت من بيننا وتحوّلت إلى نماذج من العصبيات الجاهليَّة!


يريد بعضهم الديمقراطية زاعمين أنَّ ذلك رغبة في الحرية والعدالة والمساواة والإخاء وكل تلك الشعارات! أَوَليسَ في الإسلام حريّة صادقة وعدالة صادقة وإخاء ومساواة؟! فإذا كان الإسلام يملك ذلك كله، فَلِمَ نُعْطي شرف هذه الشعارات للديمقراطية التي أخفقت في جميع أنحاء الأرض ولم تحقّق صدق هذه الشعارات، وهي قائمة على انقسام المجتمع إلى طبقة مستغلّة ظالمة، وطبقة مخدّرة بقشور الحريّة التي أنستهم الله والدار الآخرة، وجعلت الدنيا ومصالحها المادية هي الوثن الذي يُعبد من دون الله في تصوّرات ونشاط معزولين عن الدار الآخرة والسبيل الحقّ إليها، وجعلت الدين محصوراً في المعابد لا علاقة له بسياسة الأمة وبنائها وتربيتها ومناهجها، أو يُخْرج من المعابد حين يحتاجونه ليجعلوا منه سلعة تجارية يمهّدون بها للجرائم الممتدّة في الأرض، وللمآسي والفواجع التي يطلقونها في كلِّ زاوية من زوايا الأرض، وليخدِّروا الناس كما خدّروه بالجنس والخمر والفواحش.


من أين يأتي النصر والتمزّق قائم، والخطوات مضطربة، والشعارات ضجيج دون نهج ولا خطَّة؟!


إن الوقفة الإيمانية واجب كل مسلم وكل حركة إِسلامية، أن تراجع المسيرة في وقفة إِيمانية. والمراجعة والتقويم يجب أن يكون دورياً على صورة منهجيّة تخضع لخطوات محدّدة.


ولكننا اليوم نحتاج إلى مراجعة شاملة ووقفة إِيمانيّة واعية، فمن ظنّ أنه ليس بحاجة إلى هذه الوقفة الإيمانية فقد وقع في الخطأ الأول. فالأخطاء كثيرة كما ذكرنا في أول الكلمة، وما يمنع هذه الوقفة إلا الغرور والكبر، والإعجاب بالذات، والعصبيات الجاهلية.


لقد جعل الله برحمته صراطه مستقيماً حتى لا يَضلَّ عنه أحد، وجعله واحداً حتى لا يُخْتَلَفَ عليه، ثمّ بيّنه وفصّله تفصيلاً حتى لا يبقى لأحد عذر في عدم اتباعه.


هذا خلل كبير في واقع المسلمين لا يمكن علاجه بالمسكنات والمجاملات. ولا بدَّ من علاجه؛ لأن بقاءه يعني بقاء الهزائم والفواجع، والمذلة والهوان، وبقاء الخطر علينا جميعاً.


ولا يمكن علاجُه بلقاءات إِداريّة تحمل ضعفنا وخللنا وأمراضنا. يجب أن نلتقي صفّاً واحداً كما يحبّه الله ويرضاه، وعسى أن يُرْفَع البلاء عنا. ولكن كيف يكون ذلك؟


لا يمكن أن يتم علاج إلا إذا تمّ تغيير حقيقي في أمرين أساسيين هما:

أولاً: تغيير ما بأنفسنا كما أمر الله.

ثانياً: تغيير طريقة تفكيرنا وعملنا إلى النهج الإيماني للتفكير والعمل.


وإِذا تم هذا التغيير، فإن أموراً أخرى ستتغيّر بصورة تلقائية. ستتغيَّر وسائلنا، وأساليبنا، ومناهجنا، وعلاقاتنا فيما بيننا ومع الآخرين. سيكون هناك تغيير واسع يوجهه الإِيمان والتوحيد، والكتاب والسنّة، بعد أن تكون الأهواء قد أُلجمت!

 


[1] صحيح الجامع الصغير وزيادته (رقم 6679).

[2] د. عدنان النحوي: النهج الإيماني للتفكير.

[3] مسلم: 45/ 15/ 2577.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • واقع متأزم بعيد عن القرآن
  • واقع المسلمين.. بين الوهن والتبعية
  • واقع العرب المسلمين في بولندا
  • واقع العالم الإسلامي قبيل العصر الحديث
  • نظرات في واقع الأمة، هل المقاطعة تكفي؟
  • {وما ضعفوا وما استكانوا}
  • بنو الإنسان وأبناء الدمى
  • أمتنا بين الواقع المعاصر وطريق العودة
  • الأمانة بين الدنيا والآخرة
  • الخطاب الإسلامي: من المواقع الدفاعية إلى المبادرات الإيجابية
  • صورة من واقع الأمة
  • إشارات في كيفية التعامل مع الواقع
  • أزماتنا والحل

مختارات من الشبكة

  • رياض الأطفال وواقع طرائق التدريس بين الواقع والمأمول(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من النص إلى الواقع - التجربة الأصولية بين العقل والواقع والتاريخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سلبيات الاختلاط التقني في الواقع الافتراضي(مقالة - ملفات خاصة)
  • إدراك الواقع وحسن إنزال النص في فقه الأقليات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حوار حول الاقتصاد الإسلامي .. الواقع والمستقبل(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • نظرة محمد إقبال إلى الواقع الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الكتاب الإسلامي باللغة البرتغالية ( الواقع والمأمول )(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الواقع الاستهلاكي للعالم الإسلامي(كتاب - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الاقتصاد الإسلامي الواقع والتحديات(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • قراءة في الواقع الإسلامي المعاصر(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- بارك الله فيك
رستم الشاهد - KSA 22-11-2009 02:27 PM
بارك الله فيك يا دكتور عدنان على هذا الإيضاح لأحوال المسلمين و لا حول و لا قوة إلاّ بالله
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب