• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الآن ظهر لنا سر التشبث بمصطلح (الآخر)

د. محمد بن عبدالله الخضيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/3/2008 ميلادي - 21/3/1429 هجري

الزيارات: 10183

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآن ظهر لنا سر التشبث بمصطلح (الآخر)

 

الحمد لله وحده، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده، وبعد:

قبل أقل من ثلاث سنوات نادى بعضُ المثقفين من خلال أحد لقاءات الحوار الوطني بضرورة تغيير الخطاب الديني وتغيير بعض مصطلحاته، وتزامناً مع حرب المصطلحات التي عصفت بالمشهد الفكري والثقافي في المملكة العربية السعودية نادى أولئك بعدم وصف الكفار من الكتابيين والوثنيين باسم "الكفر" أو "الكفار" واستبدال ذلك بمصطلح "الآخر"!!

حتى لا يغضب منا من يقتل أبناءنا وإخواننا ويستولي على ديارنا ومقدساتنا، فكانوا في خطابهم الفكري والسياسي يتناولون "الآخر" بقفاز أرق من الحرير.

 

أما إذا كان الحديث مع أهل الإسلام  - من بني جلدتهم! - سلقوهم بألسنةٍ حدادٍ، لا تعرفُ طريقاً إلى الرحمة وحسن الظن.


وكان البعضُ يظنُ أنَّ مسمى (الآخر) والمطالبة به لا يعدو أن يكون مصطلحاً تواضعياً يحملُ مجردَ التعبير عن كل من سوى أهل الإسلام، دون أن يحمل مضامين تدل على صحة دينه وعقيدته...


وإذا بهذا الظن  - لدى من يحمله بحسن نية وصفاء سريرة - يتبخر ويتلاشى سريعاً حينما وُجدت كتابات تقحَّمت حمى التوحيد والعقيدة تهرف بما لا تعرف، لا تقيم للتخصص معنى ولا قيمة… وظلت تنادي بضرورة اعتبار اليهود والنصارى مؤمنين، وأنه لا يجوز اعتقاد كفرهم وإخراجهم من الإيمان إلاَّ إذا حالوا بين الناس وبين ممارسة "حرية العقيدة"، بل تصفُ تلك الكتابات من يكفِّر اليهود والنصارى بأنه من المتشددين وأصحاب خطاب الغلو!


سبحان الله! أيُّ غربة للدين والعقيدة حين ينشر هذا العبث وهذه الهرطقة في صحف المسلمين وكأنَّ شيئاً لم يكن.

ولا أدري أيّ إسلام ذلك الذي لا يفرق بين اليهودي والنصراني وبين المسلم؟؟!!؟.

أكلّ هذا رحمة وحدباً على عسكر النصارى الذين حلوا في ديار المسلمين؟ وخطباً لودهم وتلمساً للحظوة والدعم وترقب منافع ومصالح زائلة على حساب الإيمان والتوحيد.


يذكرني فعل أولئك بما يروى قديمًا أنه كان في بلاد الشام إمام يقول في الخطبة الثانية من يوم الجمعة: "اللهم صلِّ على محمد وعيسى وأخيهما موسى"! فقال له رجل من الحاضرين: "وذي الكفل، أم ليست له سفارة عندها مصاري؟!".


ومسلسل الكذب والتضليل مستمر على يد هؤلاء ما داموا مُمكَّنين من التقيؤ في وسائل الإعلام وكتابة ما يريدون، فنجدهم يربطون بين قضية الحكم على اليهود والنصارى بأنهم غير مؤمنين أو الحكم بردة المرتد، وبين الحكم بقتلهم واستهدافهم، فلم يقل أحد من علماء المسلمين بهذا التلازم والارتباط المطلق من كل وجه.

وما كان للتيار الليبرالي أن يصل إلى هذه الجرأة والتجاوز الخطير لولا أنه استقوى بأسياده الغربيين الذين يراهنون من خلال هؤلاء العبيد على تغيير البنية الدينية والثقافية والاجتماعية لبلادنا قبل أن يرتحلوا من العراق، وأقسم بالله تصديقا بوعده أنهم لن يفلحوا ولن يحققوا لهم غاية؛ لأنهم حاربوا دين الله، وآذوا عباده الصالحين في أعز ما يملكون، والله يقول في الحديث القدسي: (من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب...).

 

ولأنهم اعتمدوا على غير الله، واستقووا بمخلوق مثلهم، ومن تعلق شيئًا وُكِل إليه، ولن يفلح أحد مهما كان وهو يكيد لدين الإسلام ويسعى لتشويه الحق؛ لأن الله لا يهدي كيد الخائنين، ولا يصلح عمل المفسدين، والله متم نوره ولو كره الكافرون.


إنَّ التيار الليبرالي (المتأسلم) يسيرُ بطريقة شيطانية متخذاً أسلوب "الخطوات".

فكم ضحك على المجتمع حينما قال: "نحن نناقش قضايا الخلاف لنوسع مدارك التفقه".

وبدأ بالقضايا الفقهية، والاجتماعية (الحجاب، الغناء أنموذجًا)، والآن وصل قصفُهم بيضةَ الدين وأصول العقيدة (قدسية النص، قطعية الدلالة، القراءة الأيدلوجية)، فلا كفرَ عندهم للكافرين أيًّا كانوا، ولا حقَّ لأحدٍ أن يعترض على نشر الكتب التي تروِّج للإلحاد والزندقة تحت مسمى "حرية الفكر" و"نشر ثقافة التنوير".


وحينما أصّلوا للكفر والزندقة، وتكلَّم فيهم بعض أهل العلم وأفتى بكفر مقولتهم، وطالب بمحاكمتهم في المحاكم الشرعية أصابتهم تلك الفتوى بمقتل، وتحاموا في الدفاع عن بعضهم واتهامهم لمن بيّن ضلالهم وانحرافهم، ولله في خلقه شؤون!!!

وعند كل فتنة تفتضح قضية، وصدق الله ﴿ قدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ﴾ [التوبة: 94]


وفي الأزمات تتضح الخلفيات؛ فظهرَ سرُّ مناداتهم بالدعوة إلى مصطلح "الآخر"؛ فهل هي مرحلة يستعدون للوصول إليها؟ وكذا ظهر للجميع سرُّ إنكارهم مواقفَ الأئمة تجاه الزنادقة عبر التاريخ حين تعقبوهم وطبقوا فيهم حكم الله كما فعلوا مع الجعد بن درهم والحلاج وغيرهما.

فكذبوها تارة، وجعلوا دوافعها سياسية مرةً أخرى تارةً أخرى!!


هل فعلوا ذلك خوفاً مبكراً على أنفسهم إذا حوكموا بشرع الله، أم هو تشابهٌ بينهم وبين أولئك الزنادقة؟ ألم يعلموا أن أبا بكر  رضي الله عنه أنكر على أهل الردة حينما نكصوا وفرقوا بين الزكاة والصلاة، وحاربهم، وكان ذلك بإجماع الصحابة، فهل يرون مَن يعارض الإسلام وأهله ويناقض أصوله خيرًا ممن حاربهم الصديقُ ومعه جميع صحابة النبي صلى الله عليه وسلم؟! وصدق الله ﴿ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 43 - 45].


وقضية اليهود والنصارى قد حسمها القرآن بما لا يدع مجالا لقائل أو متقول.


والذي لا يكفّر اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان والملاحدة وغيرهم، أو يشك في كفرهم، أو يصحح مذاهبهم أو مذاهب بعضهم؛ فقد شك في القرآن وشك في صدق الله ورسوله، وذلك أن لله تعالى حكم ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن ما سوى الإسلام باطل محض.

 

ومع كل ذلك نجد من يزعم أن اليهود والنصارى مؤمنون، ويدعو إلى قيام جبهة عريضة وحزب واسع يضم أتباع كل الأديان على أساس الملة الإبراهيمية يسمى الحزب الإبراهيمي!!


إنَّ كفر اليهود والنصارى الذين لم يتبعوا شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أمرٌ معلومٌ بالضرورة من دين الإسلام، جاءَ به القرآن والسنة، وانعقد عليه إجماع الأمة في كل مراحلها.

وتجاهل هذا أو إنكاره يدلُّ على غربة الدين، والجهل بحقيقة ما أنزل الله على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

ومن أسبابه ضعف نشر علم العقيدة وحقيقة التوحيد ومعنى الشهادتين والكفر بالطاغوت.

الأمرُ الذي جعل كثيراً من هؤلاء الكتبة في الصحف وأمثالهم يستغربون هذه الحقائق، بل يردونها ويرفضونها للقطيعة العلمية بينهم وبين العلم الأصيل المبني على ما صحَّ به الدليل.


وقضية تصحيح دين اليهود والنصارى من أخطر الدعوات التي تزامنت مع دعوات التقارب بين الأديان في العالم الإسلامي.

وقد نحا نحوها عددٌ من المفكرين؛ من أمثال: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ود. حسن الترابي وغيرهم، وردَّ عليهم أهل العلم في حينها.

وأبطلوا تلك الدعاوى التلفيقية التي تسعى إلى توحيد الديانات باسم "الدعوة الإبراهيمية"، أو تحت شعار "العالمية".

وقبل هؤلاء تبناها غلاةُ الصوفية من أصحاب وحدة الوجود؛ كابن عربي وابن سبعين وابن هود الذين يرون أنَّ كل عقيدة اعتنقها قومٌ فهي صحيحة تؤدي إلى الله.

حتى قال قائلهم:

عقد الخلائقُ في الإله عقائدًا ♦♦♦ وأنا اعتقدتُ جميع ما اعتقدوه

 

والغريب في طرح هؤلاء المعاصرين شدةُ جرأتهم على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وشغبهم على أهل العلم حين يبينون حكمها، وحكم من لم يكفر اليهود والنصارى.

محاولين جهدَهم نفيَ مصطلح "الكفر" أصلاً ورأساً، وأن من يطلقه فهو تكفيري إرهابي؛ لأنه يصح لأيّ أحد في نظرهم أن يعتقد ما يشاء ويقول ما يشاء وهو لا يزال مسلمًا!! أيْ: إسلام بجمع بين الملل والأديان كافة!!!.

إن دينًا لا حدود له ليس بدين، وماذا لو قال قائل: أنا لي عقار ثبتت ملكيته لي، ولكن ليس له حدود ولا أطراف فهل يعدُّ إلاَّ مجنوناً، أو كاذباً؟!!.

 

فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً..


إنَّ مشكلة التيار الليبرالي عندنا هي مع النص.. هي مع القرآن الكريم، وليست مع شيء آخر، وإلاَّ فكيف يُصحَّحُ دينُ قومٍ اتهموا ربنا بالصاحبة والولد؟!


ارْبَعُوا على أنفسكم، وأعيدوا قراءة القرآن بقلب صادقٍ واعٍ، ألم يقل الرب تبارك وتعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17].


ألم يقل سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].


ألم يقل: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 73].


ألم يقل: ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 105].


ألم يقل: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 1 - 6]. ولفظة "مِن" في المواضع الثلاثة نصَّ عامةُ المفسرين على أنها بيانية وليست تبعيضية كما حاول المحرفون تأويلها.


ألم يقل الرب تبارك وتعالى: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].


ألم يكن محمد صلى الله عليه وسلم خاتمَ الأنبياء والمرسلين، فلا يصح أن يعبد الله إلاَّ من طريقه، وطريق ما جاء به.


ألم يكن القرآن مهيمناً على سائر الكتب ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48]. أي: شهيداً وحاكماً وناسخاً لجميع الكتب السابقة.

 

وهل يوجد في نصارى اليوم من لا يعتقد التثليث والتشريك مع الله تعالى؟

ألم يقل صلى الله عليه وسلم: (والله الذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌّ ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)[1].


فكيف يطيب قلب مؤمن يعظم ربه أن يصحح ديانة أمة (الضلال والتثليث وعباد الأصنام، الذين سبوا الله الخالق سبًّا ما سبّه إياه أحد من البشر، ولم يقروا بأنه الواحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، ولم يجعلوه أكبر من كل شيء، بل قالوا فيه ما (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشّق الأرض وتخر الجبال هدًّا). فقل ما شئت في طائفة أصل عقيدتها أن الله ثالث ثلاثة، وأن مريم صاحبته، وأن المسيح ابنه، وأنه نزل عن كرسي عظمته، والتحم ببطن الصاحبة، وجرى له ما جرى إلى أن قتل ومات ودفن، فدينها عبادة الصلبان ودعاء الصورة المنقوشة بالأحمر والأصفر في الحيطان، يقولون في دعائهم: يا والدة الإله ارزقينا، واغفري لنا وارحمينا)[2].


وهذه القضية من الوضوح والظهور بمكان لا يخفى على أهل الإسلام.. لولا أن أهل التحريف والانحراف صالوا وجالوا وشغبوا على العلم وأهله وتنادوا مصبحين أن اغدوا على قضيتكم إن كنتم صارمين...


إن بيان الحق عند الالتباس والجهل واجب شرعي على من يستطيعه كما يقول ابن القيم رحمه الله: (ومن بعض حقوق الله على عبده ردُّ الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان)[3].


وقد بيَّن علماءُ الملة من المذاهب كافة هذه القضيةَ غايةَ البيان وشرحوها في مصنفاتهم في العقيدة والفقه، وسأذكر طرفًا من أقوالهم على سبيل الاختصار:

يقول ابن أبي العز الحنفي: (فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة، والمحرمات الظاهرة والمتواترة، ونحو ذلك، فإنه يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل كافراً مرتداً)[4].


ويقول ملا قاري الحنفي في شرح الفقه الأكبر المنسوب للإمام أبي حنيفة: (فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة، والمحرمات الظاهرة، والمتواترة، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً)[5]. وأي واجب أظهر وأبين من وجوب اعتقاد كفر الكافرين من الكتابيين أو الوثنيين.


ومن المالكية يقول القاضي عياض: (وكذلك من أنكر القرآن، أو حرفاً منه، أو شيئاً منه، أو زاد فيه، وكذلك من أنكر شيئاً مما نص فيه القرآن بعد علمه أنه من القرآن الذي في أيدي الناس ومصاحف المسلمين، ولم يكن جاهلاً به، ولا قريب عهد بالإسلام،.. وكذلك من أنكر الجنة أو النار، أو البعث أو الحساب أو القيامة فهو كافر بإجماع؛ للنص عليه، وإجماع الأمة على صحة نقله متواتراً..)[6].


وقال أيضا: (.. وكذلك نقطع بتكفير كل من كذب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع وما تواتر كمن أنكر وجوب الصلوات الخمس..)[7].


وقال أيضا: (... ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهار ما أظهره من خلاف ذلك)[8].


ومن الشافعية يقول الإمام النووي  رحمه الله: (إن من جحد ما يُعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك فإن استمر حكم بكفره)[9].


ومثله ما قاله الإمام الشوكاني في الدواء العاجل: (وقد تقرر في القواعد الإسلامية أن منكر القطعي أو جاحده، والعامل على خلافه تمرداً وعناداً أو استحلالاً أو استخفافاً كافر بالله وبالشريعة المطهرة التي اختارها الله تعالى لعباده)[10].


ومن الحنابلة يقول الإمام ابن بطة رحمه الله: (فكل من ترك شيئاً من الفرائض التي فرضها الله في كتابه أو أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سننه على سبيل الجحود لها والتكذيب بها فهو كافر بيِّن الكفر لا يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر...)[11].


أليس الكفر بالطاغوت أحد فرائض الدين ومن أكبر ضروريات الإسلام؟ بل هو ركن كلمة التوحيد الأعظم ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة: 256] فأي جرأة لعابث أو موتور يجعل هذا المعنى من التشويه الأيدلوجي للإسلام؟


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن الذي يدين به المسلمون من أن محمداً صلى الله عليه وسلم بُعث إلى الثقلين: الإنس والجن، أهل الكتاب وغيرهم، وأن من لم يؤمن به فهو كافر مستحق لعذاب الله مستحق للجهاد، وهو مما أجمع عليه أهل الإيمان بالله ورسوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بذلك، وذكره الله في كتابه وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا في الحكمة المنزلة عليه من غير الكتاب، فإنه تعالى أنزل عليه الكتاب والحكمة، ولم يبتدع المسلمون شيئاً من ذلك من تلقاء أنفسهم كما ابتدعت النصارى كثيراً من دينهم، بل أكثر دينهم، وبدلوا دين المسيح وغيّروه، ولهذا كان كفر النصارى لما بعث محمد صلى الله عليه وسلم مثل كفر اليهود لما بعث المسيح عليه السلام"[12].


وقال: "وإذا تناولت النصارى كان حكمهم في ذلك حكم اليهود، والله تعالى إنما أثنى على من آمن من أهل الكتاب كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 199]"[13].


وقال: (ومن شك في كفر هؤلاء  - يعني الملاحدة من أهل الحلول والوحدة - بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر، كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين)[14]، فقد جعل  رحمه الله كفر اليهود والنصارى أصلا مستقرًّا يقيس عليه كفر غيرهم.


وذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من نواقض الإسلام: (الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر إجماعاً)[15]، وقال الإمام سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله: (...فإن كان شاكاً في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه بإجماع العلماء على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر)[16].


ولا يزال أهل العلم في مصنفات التفسير والعقيدة وشروح الحديث وكتب الفقه قديما وحديثا يبينون هذه المسألة وكذا كتب أئمة الدعوة رحمهم الله حافلة بذلك وفتاوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة وغيرهم من أهل العلم في كل مصر، فالحمدُ لله الذي كشفَ خفاياهم وأظهرَ للمسلمين ما كانوا يبطنون.


فهل يكف هؤلاء العابثون ويتعلمون حقيقة التوحيد والإيمان ويثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا من ضلالاتهم وتسويقهم لها وقد نادى الله من كذب عليه وزعم أنه ثالث ثلاثة ناداهم بالتوبة والرجوع إليه فقال: ﴿ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 74].


وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 


[1] صحيح مسلم  - (ج 1 / ص 365).

[2] هداية الحياري في أجوبة اليهود والنصارى ص8.

[3] هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ص10.

[4] شرح الطحاوية 355.

[5] شرح الفقه الأكبر 138، وانظر ص 143.

[6] الشفا 2/ 1076 - 1077.

[7] الشفا 2/ 1073.

[8] الشفا 2/ 1071.

[9] مسلم بشرح النووي 1/ 128.

[10] الدواء العاجل 34 ضمن مجموعة الرسائل السلفية.

[11] الإبانة لابن بطة العكبري 2/ 764.

[12] الجواب الصحيح لمن يدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية - مطابع المجد التجارية - ص/ 126.

[13] المصدر السابق ص/ 264 - 365.

[14] مجموع الفتاوى 2/ 368.

[15] مجموعة الشيخ (الرسائل الشخصية) 213.

[16] رسالة أوثق عرى الإيمان، الجامع الفريد ص 370.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتداء على المصطلحات التراثية
  • الإسلام والآخر
  • الحوار مع الآخر.. خدعة عصرية

مختارات من الشبكة

  • التشبث بالآمال (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حديث: شغلت عن ركعتين بعد الظهر فصليتها الآن(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الركعات الأربع قبل الظهر هل هن قبل الآذان أم سنة الظهر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشهرة وحب الظهور يقصمان الظهور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روعة الانتصار سرها (الآن)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا من تريد الفوز برمضان عليك الاستعداد من الآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا ندرس النحو؟ ستجد الإجابة الآن!(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • لماذا ندرس النحو؟ ستجد الإجابة الآن!(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ما الفرق بين حروف المعاني - حروف المباني - الحروف الأبجدية؟ ستفهم الفرق الآن(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • لماذا تأخر نزول المطر إلى الآن؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- تلسط الرموز الفكرية
سمير هوساوي - السعودية 23-04-2008 01:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً على المقال الرائع و حقيقة أريد أن أعقب عليه بأن المتأمل و الناظر في الذين ينادون بنشر مصطلح الآخر هم كما ذكرت من بعض المثقفين!؟ والذين تأثرو بالكتابات
والثقافات والأفكار الغربية فتغربت لذلك قلوبهم وعقولهم من حيث لايعلمون.
إن ما ينادي به بعضهم يوحي إلى المتابع بالعمالة التي يقوم بها بدون وعي منه والتي ممكن أن يستخدمهم العدو نتيجة لذلك كطابور خامس يأكل الأمة من الداخل وهو سلاح أشد فتكاً من الصواريخ والدبابات والحروب التقليدية .
حقيقة ينسى بعض المثقفين أو يتنسى ضرورة تحصين العقل من الأفكار الهدامة والمخلة بتعاليم الدين الحنيف وضرورة التبصر بحدود الأمور وذلك بتعلم العقيدة الإسلامية النقية والتي يعزف الكثير عن قراءاتها ومدارستها والعمل بها .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب