• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد
علامة باركود

اختلال القوى القيادية في الأمة

د. حامد ربيع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2008 ميلادي - 10/3/1429 هجري

الزيارات: 11693

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اختلال القوى القيادية في الأمة

"بُنَي لابد وأنك تشعر – وقد تفتحت مداركك وأضحيت قادرًا على التمييز بين الخير والشر، وعلى تقييم الصالح وفصله عن الطالح – بشيء من الازدراء والاحتقار، لذلك الجيل الذي يحيط بك، ويقودك ويوجهك ويفرض عليك الطاعة والاحترام، أرى في كثير من الأحيان لمحات السخرية الصامتة على مخيلة طلبتي، أبنائي وبناتي، وهم يعلقون على سلوك آبائهم وأساتذتهم، ومن هم في حكم أولئك".

نعم صراع الأجيال حقيقة أزلية، ولكن ذلك الصراع لم يمنع الاحترام والتقدير وخلف الصراع توجد رابطة الاستمرارية الثابتة، التي تتعدى الخلاف المؤقت والنسبي لتخلق قصة الإنسان والوجود.
رغم ذلك فعليك يا بني وأنت تحكم عليهم أن تذكر أولاً مدى ما لاقَوْا وما عانوا، وكيف خرجوا من تلك المحنة التي عاشتْها أمَّتنا، وحملوا هم وحدهم وزرها، وآثارها، ولا تتصوَّرْ يا بُنَيَّ أنَّها محنة جيل واحد، لقد حمل ذلك الجيل الذي تنظر إليه مستنكرًا المآسي المترسبة خلال عشرة قرون على الأقلِّ، لا تتصوَّر أنَّني أدافع عن هذا الجيل الذي أنتمي أنا أيضًا إليه، أنا أعلَمُ – وسوف تقرأُ ذلك في صفحاتِ هذه التأمُّلات – أن هذا الجيل هو حلقة في سلسلة طويلة من الأجيال التي تنكَّرتْ لتعاليم آبائِها الأوائل، والتي خانَتِ الوظيفة الحضاريَّة الخلاقة، التي عَهِدَتْ بِها العِناية الإلهية لأبناء هذه المنطقة، أجيال تركت الآخرين يشكلون منطقها وعقلها على المستوى الفردي والجماعي، فأضحت لقمة سائغة في يد قوى معادية لا يمكن إلا أن تقِفَ من رسالتنا التَّاريخيَّة موقف الرفض والعداوة.

كم عانيت يا بني إذ أنظر إلى أولئك الذين من حولي؛ فتجمع نظرتي بين الحب والإشفاق من جانب، والاحتقار والازدراء من جانبٍ آخَرَ، كما تضافرت في الذات عوامل التمزق، وهل هناك أشد على النفس من أن تحتقر شخصًا وتحبه في آن واحد؟ من أن تزدري إنسانًا وتعطف عليه؟ تسعى إليه بدافع من العاطفة، فإن تركت المنطق بحكم لغته التي لا تعرف سوى الوضعية بجفافها، لم تستطع إلا أن تشعر بالنفور والابتعاد، إنها مأساة جيل كامل، لا يستطيع أن يفهم حقيقتها إلا من عاناها وعاشا جَنَبَاتِها.

لا شكَّ يا بُنَيَّ في أنَّك تنظر من حولك وتسأل نفسك: أين أنا؟ هل أعيش وسط غابة قد امتلأتْ بالوحوش؟ أم إنَّنِي أنتمي إلى حديقةٍ للحيوانات تَجري في أنْحائِها كيانات ليستْ فَقَطْ غير عاقلة ولكن مفترسة؟ أم إنَّنِي أُشاهِدُ مسرحيَّة تتذَبْذَبُ فُصُولُها، بين الهزل المضْحِك والجِدِّ المُبكي؟ ولكنَّك يا بُنَيَّ تعيش كل ذلك في آنٍ واحد بين طبقات حاكمة قد نسيت إلا أنانيتها، و"ديدان" استطاعتْ أن تتسلَّق لتَصِلَ إلى أقصى القِمَّة، ولكنَّها لم تعد تذكر طبيعتها منذ أن تربعت في كراسي السلطة، وظَنَّتْ أنَّها قدِ اكتَسَبَتْ خصائصَ القيادة، وذوي قدرات فكرية انقَلَبُوا إلى مَجموعةٍ من الصفاقة، الذين تعوَّدوا الكذب بلا حياء، وقد فقدوا كل وعي بتقاليد الممارسة المهنية، دعني أهمس في أُذُنِك أنَّ الطبقات الحاكمة – رغم ذلك – ليستْ إلا تعبيرًا عن فسادِ الجسد ورخاوة الإرادة وتعفُّن الضمير، وكلُّ شعبٍ لا يَحكُمُه إلا مَنْ يستحِقُّه، ويعكس جميعَ خصائصِه من ضعفٍ وقُوَّة، علينا أن نعترف أن تَخَلُّفَ المنطِق القياديِّ ليس إلا النتيجة الطبيعيَّة لقصور القوى الفكرية، والمثقفة عن أداء وظيفتها، وإذا كان الحاكم يتقن فن الكذب فليس إلا نتيجة عدم قدرة المجتمع على أن يواجه ذاته بصدق وصراحة، وإذا كانت أمتنا ليست قادرة على أن تفهم حقيقة الموقف الذي تجتازه، فمرد ذلك أن الضمير والوعي الجماعي لم يعد صالحًا لأن يخلق ويفرض ذلك الإطار من القيم والمثاليات، الذي هو وحده الصالح لأن يساند ويحكم التدبر والتعامل السياسي.

ترى هل نستطيع أن نفهم كيف أنَّ هناك لحظات في تاريخ المجتمعات يتعين فيها على المفكر والفيلسوف أن يخاطب رجل الشارع، يثير فيه عناصره النفسية الدفينة، ويدفع من خلال قرع الضمير الجماعي ذلك الرجل العادي ليحيله إلى قُوَّة خلاقة تنطلق في عملية إيمان بالذات لتصير فيضانًا يتحكَّم في مصائر الحركة؟ أليس هذا ما فعله سقراط، وانتهى بأن يقدم ذاته على مذبح الإيمان والتضحية؟ وهل تَختلِفُ القِصَّة في تاريخ المجتمع الإسلامي، ومن خلال أكثر من نموذج واحد؟ لنتذكَّر ابن تيمية على سبيل المثال! وهذا عالَمنا المعاصر يقدم لنا الصفحات الواحدة منها تلو الأخرى! وأين "فيشت" من قصة الثورة في القيم والأخلاقيات على الأوضاع القيادية المتعفنة؟

أزمة قيم:
إن خصائص الكثير من الطبقات القيادية التي تسيطر على مصير الأمة العربية، والتي يتعين علينا أن نتأمل معها تتمركز – وبغض النظر عن نسبية هذا الخصائص واختلافها قوة وضعفًا، في مختلف أجزاء تلك الأمة – حول متغيرات أربعة:

المتغير الأول: يدور حول طبيعة المنطق القيادي، فهو منطق متخلف، إنه يمثل تقاليد عفا عليها الزمن، ومن ثم لم يستطع أن يستوعب حقيقة التطورات التي تعيشها الأمة، وقد انفصل عن الطبقات المحكومة ليعيش في أبراج عاجية، تسودها الأنانية والتجمد وعدم وضوح الرؤية.

وقد ترتب على ذلك المتغير الثاني: وهو يدور حول حقيقة نراها في كل مناسبة، ونشاهدها بحزن وألم دون أن نستطيع منها فكاكا، كيف أن هذا النوع من القيادات غير قادر على فهم حقيقة الموقف الذي تعيشه أمتنا، فهي من جانب تبالغ في إعطاء الأشياء التافهة أهمية لا تملكها، وهي من جانب آخر تمر أمامها الحقائق والوقائع الخطيرة الحاسمة فلا تشعر بها، ولا بخطورتها، وإن تنبهت لذلك فكل ما تفعله لا يعدو الصراخ والعويل.
إنها بعبارة أخرى، لا تملك القدرة لا على أن تعطي كل موقف وزنه الحقيقي، ولا على أن تتعامل مع الموقف من منطلق الفاعلية والقدرة الواعية، والسبب في ذلك لا يعود فقط إلى تخلف تلك القيادات، بل وكذلك إلى نقص ثقافتها السياسية بالمعنى القومي والاستراتيجي.

أما المتغير الثالث: والذي يمثل الخطورة الحقيقة فهو الكذب، الذي تعودت هذه القيادات على ممارسته بعناد وصلابة، حتى انتهت بأن تصدق هي ذاتها تلك الأكاذيب، يساعدها على ذلك خوف من فقدان السلطة، أضحى تقليدًا، واستعداد من المواطن للتملُّق وقد تحوَّل إلى سلوكٍ ثابت؛ بِحَيْثُ صار شرطًا أساسيًّا لِلحصول على المنفعة التي بِدَوْرها أضْحَتْ هي وحده مِحْوَر التَّعامُل بَيْنَ الحاكم والمَحكوم، إنَّ الوُصُوليَّة قد وجدت في كل مجتمع بشري، وعرفها كلُّ نِظامٍ سياسي، ولكنَّ القائِدَ الحصيف، هو الذي يعرف أنَّ لكل شَيْءٍ موضعه، البعض يعتقد أنَّ الكَذِبَ هو تعبيرٌ عن الدهاء والقدرة على التلاعب بالموقف، ويتصوَّرُ أنَّ هذه هي المكيافيلية المثاليَّة، ولكنَّ هناك فارقًا بين الخديعةِ في مُعاملة العدوِّ، والكذب في التَّعامل مع الموقف، الأوَّل يعني أخْذَ الخصْمِ على غِرَّة، أمَّا الثَّاني فهو تعبير عن عدم الإدراك الذاتي لحقيقة الموقف.

وهذا يقودنا إلى المتغير الرابع: الذي هو النتيجة اللازمة والمنطقة لعنصر الكذب، حيث نرى هذه القيادات العربية في معظمها لا تفهم.. ولا تعرف.. ولا تقبل فن المناقشة، وهي لم تعد ترى في المناقشة وسيلة للوصول إلى ا لكمال، وإنما هي أسلوب من أساليب التعبير عن عدم الاحترام، إن عدم تقبل المبارزة المنطقة ليس إلا النتيجة الطبيعية لعدم الثقة في الذات، وهي لا تقتصر على القيادات التقليدية، بل لقد لمسنا نفس هذه الظاهرة في أكثر من تطبيق واحد، بصدد العالم المتخصِّص بالذات وقد أتيحت له فرصة الانتقال إلى العمل السياسي، فإذا به وقد فقد جميع صفات الممارسة العلمية، التي أساسها الانفتاح الفكري وتقبل مقارعة الحجة بالحجة، كأساس لتنقية المنطق من الشوائب، ويضخم من هذه الظاهرة نتيجة أخرى منطقية للعامل النفسي المتستر خلف هذه الحقيقة، أي عدم الثقة بالذات، فالقيادات هذه وهي ترفض المناقشة، فإنها إذا فرضت عليها المبارزة المنطقية تنتقل ببساطة وسهولة إلى الإسفاف والبذاءة.

اختلال القوى القيادية:
بني: لا أريد أن تتصوَّر أنني أسعى إلى تخفيف مسؤولية قياداتنا، ولكن علينا أن نتذكر أن التاريخ عرف هذه النماذج في أكثر من موقف واحد، اختلال القوى القيادية ظاهرة متكررة لأنَّها حقيقة المأساة التي عاشها ويعيشها الإنسان، ولكنَّ أصالة الشعوب تَبْرُز عندما تعرف القوى الفكرية كيف تُعِيد تصحيح المسار إزاء الخلل الذي يُسَيْطِرُ على القيادة السياسية، وإذا كانت هذه هي قِصَّة الوجود الإنسانِيِّ فلْنَقِفْ إزاء نَموذَجَيْنِ كل مِنْهُما يحمل مذاقه الخاص:
الأول: يقودنا إلى المجتمع اليوناني قبل الميلاد.
الثاني: ينقلنا إلى المجتمع الألماني في أعقاب الثورة الفرنسية.

كل من حلل التاريخ اليوناني لاحظ بوضوح مدى تخلف الطبقة القيادية في مواجهة وظيفتها المقدَّسة، بينما أفلاطون وأرسطو وسقراط كلٌّ منهم بأسلوبه يندد ويهدد ويذكر، هذه قيادات أثينا وإسبارطة تعيش في عبادة الأصنام، وقد جعلت ممارسة الجنس في أقبح صوره وسيلتها للوصول والتقرُّب إلى الآلهة، وحتى عندما جاء "بركليس" ليسطر صفحة رائعة في تاريخ الشعوب، لم تكن قِصَّتُه سوى لحظةٍ استثنائية في تاريخ مُجتمعٍ لم يستطع أن يعد قيادته الحاكمة.

نموذج آخر يعيد القصة، ولكن في دلالتها الإيجابية: المجتمع الجرماني في مواجهة الغزو الفرنسي في بداية القرن التاسع عشر، إن قصة أمراء المجتمع وقيادته، والواحد منهم يتبارى مع الآخر في الانحناء أمام قنصل فرنسا الغازية – "نابليون بونابرت"، لا يزال يرويها الجميع بخزي وعار، ولكن الفكر السياسي الألماني رفض إلا أن يقف مُتكاتفًا متراصًا مؤمنًا بوظيفته التاريخية، يقود ويهدي، ويعلنها حربًا ضاريةً على كلِّ مَن أصابه الخوف أو الوهن، لم يتردد حتى أولئك الذين جعلوا من مبدأ الدفاع عن النظام القائم محور فلسفتهم، أن يحيلوا لغة المديح إلى أداة للتنظيف والتنقية، ولنترك جانبًا "فيشت"، ولنحاول فهم الدلالة الحقيقية لفلسفة "هيجل"، ألم يوصف بأنه فيلسوف الدولة الروسية؟ ومع ذلك أليس هو من خلال قنابله الفكرية الموقوتة الذي قاد إلى بناء الثورة الثقافية الحقيقية، تلك الثورة التي دفع ببراكينها وزلازلها إلى تمزيق الأوضاع القائمة؛ بحيث كان لابد وأن تقود إلى خلق العملاق الألماني الذي لا يزال حتى اليوم يثير الرعب في قيادات واشنطن؟ وهل يمكن أن نفسر المعنى الحقيقي لبطولة "فيشت" وقصة تحديه للغازي الفرنسي؟ هذا الفيلسوف الألماني الذي لم يتردَّد في أن يقف في أكاديمية بروسيا المشهورة ليخاطب الوعي الجماعي، وليذكِّر الطبقة القيادية بواجبها ووظيفتها دون أن يعبأ لا بالجثث المعلقة في شارع برلين، ولا بأحكام الإعدام بالجملة، التي كانت تصدر من بونابرت بِمناسبة ودون مناسبة، ولا بضخامة الجمهور الذي وقف يتحدث إليه وما يعنيه ذلك من إمكانية تسرب تفاصيل حديثه إلى الغازي، بل خلال اثنتي عشرة محاضرة متتالية راح يهاجم الحضارة الفرنسية، ويشرح الاستعمار البونابرتي، ويرفض الوجود اللاتيني، ويدعو جميع القوى الألمانية الأصلية لأن تتكتَّل خلف القيادات التي آن لها أن تكون واعية لتطرح عن كاهلها تلك البربرية الجديدة.

إنَّ قوَّة الشعوبِ ليستْ فقط في أن تعرفَ كيفَ تخلق قياداتها الصالحة الواعية والقادرة على تحمل المسؤولية، بل إنَّ القوَّة الحقيقيَّة للأمم الخلاقة وللشعوب الحية اليقظة هي في أن تملك تلك الفئة المختارة القادرة على أن ترتفع عن مستوى الفرد العادي، لتبرز كإرادة للتحدي، مغامرة بنفسها لتصحيح مسارات الطبقة القيادية، ولو على حساب حياتها.
ولماذا نذهب بعيدًا؟ أليست هذه قصة تاريخنا؟ هذا التاريخ الذي أضحى يقدمه أعداؤنا وخصومنا على أنه أحاديث ألف ليلة وليلة، وأشعار أبي نواس، إنه عامر بالنماذج التي ليس فقط عن إرادة التحدي، بل وعن حقيقة ذلك المجتمع على أنَّه قام على محور واحد: الفئة العلمية المختارة.

إن تاريخنا هو قِصَّة "الأئمة الأربعة" الذين لم يتردد أي منهم في أن يقف من السلطان (الحاكم) موقف الرقابة والمحاسبة، ولو على حساب حياته وحريته.
إن هذا التاريخ هو أيضًا قصة الإمام أحمد بن حنبل الذي تحدى ثلاثة خلفاء، ولم يتردد في أن يقف وحيدًا مهابًا يرفض نظرية فكرية كاملة، وليجعل من الرأي العام – في عالم لم يكن يعرف بعد ما تعنيه هذه الكلمة – قوة تثور على الخليفة العباسي، وتجعله يتراجع وينحني إجلالاً وتقديسًا.

إن ما يعنيني يا بني هو أن تعود إلى آبائك الأوائل، وأن تقرأ صفحة التاريخ لتعلم أنك تنتمي إلى الأمة المختارة، التي يجب أن تقود الإنسانية، وأن توجهها.
أنت نقطة البداية في حضارة عصر النهضة الحقيقي، إن النهضة التي طالما سمعت عنها، والتي تحدث أكثر من مفكر بذكر فصولها، لا تزال في الأفق لم تحدث بعد!!
أنت الذي سوف تَخْلُق هذه النهضة، وليس أمامك إلا أن تعود إلى آبائك الأوائل تسألهم وتسترشد منهم عن حقيقة وظيفة الأمة التي تنتمي إليها، والتي اختارتها القوة العليا لأن تقود الدعوة للعودة إلى حظيرة القِيَم المثاليَّة، لا تنظر إلى ما حولك، إن الفارس الحقيقي لا يلقي ببصره إلى ما هو أسفل أقدامه، وإنَّما يتَّجه ببصره إلى الأمام، إلى المستقبل.
أنت فارس التاريخ، ومنك وبفضلك سوف ينبت ويترعرع تطبيق جديد لحضارة آبائك الأوائل، حضارة سوف تتسع لتفرض على كل وجود معاصر أن ينحني إكبارًا لها.
إن هذا صوت التاريخ.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشروع استعادة مجد الأمة
  • خطبة عيد الأضحى 1429هـ
  • عاد الأمل ورحل الألم
  • الأمل
  • شتاء أمة
  • اجتماع الكلمة ومفهوم الأمة
  • أيقظوا العربا (قصيدة)
  • اليوم خمر وغدا خمر!
  • الطاقات المهدرة
  • ومن هنا تأتي الهزيمة
  • مليار ونصف نحو الهروب
  • مقومات قيادية فعالة
  • بناء الإنسان بين الأمم المتحضرة، وأمة الحضارة

مختارات من الشبكة

  • "حب بحب" حب الأمة لحاكمها المسلم "مسؤوليات الأمة تجاه الحاكم"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • أنواع المقاصد باعتبار تعلقها بعموم الأمة وخصوص أفرادها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بالقانون الإلهي أم بالمؤامرة انهارت قوى الأمة ؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: «كل أمتي يدخلون الجنة» الجزء السابع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء السادس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الخامس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الرابع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الثالث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الثاني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الأول(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب