• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

سورة البقرة وقصة الامتحانات

سورة البقرة وقصة الامتحانات
سيد ولد عيسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/2/2016 ميلادي - 27/4/1437 هجري

الزيارات: 51607

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة وقصة الامتحانات


بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على نبيه الكريم، وبعد:

تتجلى سورة البقرة - كسائر سور القرآن - تعالج موضوعًا واحدًا تنتظم فيه آياتها التي تكاد تنقص قليلًا عن ثلاثمائة آية.

 

فأطول سور القرآن، وأكثرها آيات، والتي تقترب في حجمها من نصف سدس القرآن 1/ 12: لا تخرج عما عُهد في كل سور القرآن؛ من وحدة الموضوع، رغم تشعب المواضيع في الظاهر، وكثرة المحاور المختلفة.

 

لذلك تتألف هذه السورة - التي تشكل خلاصة القرآن - من مقدمة تحدد طبيعة وهدف الكتاب، وطرق تعامل الناس معه.

 

وعرض يكاد ينقسم نصفين؛ نصف لبيان تعامل السابقين مع الرسالات السماوية وأوامر الله، ونصف للتشريع لخاتمة الأمم، وبيان معالم خاتمة الرسالات.

 

ثم خاتمة تبين التطبيق العملي للرسول والصحابة مع الوحي، وكيف أن تفضيلهم كان بسبب مواقفهم، لا بسبب أنسابهم وأعراقهم.

 

ولنمر على هذه المحاور بشيء من التفصيل:

• مقدمة السورة:

بدأت سورة البقرة بمقدمة موجزة، تحدد طبيعة الكتاب وصفته، وغايته وهدفه، وطرق تعامل الناس معه.

أ‌. التصدير: قالت عنه: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وهو تصدير في غاية الوثوقية والتحدي؛ فعادة البادئ في أي مؤلف أن يعتذر عن أخطائه في كتابه، أما كتاب الله فيتحدى أول لحظة أنه ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 2].

 

ب‌. الغاية: ويحدد غايته بأنه: ﴿ هُدًى ﴾ [البقرة: 2]، ولكن لنوع خاص من الناس، يجمل أن تحدد صفاتهم؛ ليكونوا أول صنف يشرف بالتقديم؛ لتعامله الجيد مع الوحي الجديد.

 

ت‌. طرق التعامل: ويبين ثلاثة أصناف من التعامل مع الكتاب؛ هي التي كانت زمان النزول، وهي التي ستظل إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها:

• المؤمنون: وتبين السورة عددًا من أوصافهم؛ فهم:

• ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 3] في الجانب العقدي الإجمالي.

• ﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3] في الجانب العِباديِّ، في شقَّيْه؛ المتعلق بالله، والناس.

• ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [البقرة: 4]، في متعلقات الإيمان بالماضي والحاضر من وحي الله.

• ﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4] في المستقبل من وعد الله؛ لذلك عبر عن التصديق بالآتي باليقين، في حين عبر عن التصديق بالماضي بلفظ "الإيمان"، وهي مغايرة جميلة؛ فيمكن الاستدلال على صدق الماضي بالقرائن المادية، أما صدق المستقبل، فلا يصدق به إلا من امتلأ قلبه من خوف الله ورجائه، ولم يحابِ ولم يجامل.

 

ثم تحدد السورة انطباق المقدمة السابقة (وهي أن القرآن هدى للمتقين) على هؤلاء فتقول: ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 5]، وتزيدهم أملًا: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، ومن خلال ما بين المقدمة والخاتمة، نفهم معنى التقوى، وبعض ملامحها العامة.

 

• الكافرون: أما الكافرون فلا يصدقون بالغيب، ولا يخافون النِّذارةَ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 6، 7] وهذه المقدمة مخيفة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم مأمور بالبلاغ، متعبد به، ومع ذلك قيل له: إن الكافر لا يؤمن، لكنَّ الكافرَ المَعْنِيَّ هنا من سبق في علم الله أنه كافر؛ لذلك على الرسول والقائمين بدعوته من بعدِه اليقينُ بهذا التقسيم، وأنه ملازم للبشر لا محالة؛ ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [فاطر: 8]، وكأن سائلًا سأل: لماذا لا يؤمنون، فأجيب: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ [البقرة: 7]، وهو تصديق من الله تعالى لما يقوله الكفار عن أنفسهم: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصلت: 5]، هذا حاضرهم الدنيوي، وأما مستقبلهم يوم القيامة فـ: ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 7].

 

• المنافقون: وهذا النوع من الناس يستحق وقفة طويلة، وبيانًا عريضًا؛ فهو "من الناس"، وليس من الجن، رغم مخالفة طبعه لطباع الناس، ولكل معهوداتهم، ولهذا القسم علامات مميزة:

الادعاء الكاذب: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8].

 

المكر والخداع: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 9] هكذا يتخيَّلون، وهكذا يتصورون، رغم أن الأمر على خلاف ذلك، فهم واهمون ﴿ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 9]، بل لا يقتصر خداعهم على المسلمين، فيخادعون الكافرين أيضًا: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ [البقرة: 14].

 

مَرْضَى القلوب: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ [البقرة: 10] مكتسَبٌ، سببه شذوذ النفس، وانحراف السلوك؛ ما يسبب تناقضًا في الداخل يحسه المرء في نفسه، يجعله مريضًا، لا يدري هل الحق ما يقوله بلسانه أم ما يعتقده بقلبه؟! ومن المعروف أن كثرة الادعاء تصور للكاذب كذبَه حقًّا، فيبقى حيران؛ لذلك: ﴿ زَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 10] والجزاء من جنس العمل، فكما تسببوا لأنفسهم في الألم بسبب الكذب والخداع، عُوقبوا بدوامه واستمراريته، ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10].

 

يجمَعون بين الجهل والمكابرة: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 11]؛ فالذكرى لا تنفعهم؛ لأنهم يكابرون فيما يدركون من حقيقتهم، ويجهلون الواقع الذي صاروا فيه؛ لذلك جاء التنبيه: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 12].

 

لا تنفَعهم الذكرى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ﴾ [البقرة: 13]! فانحراف الفطرة أوصلهم إلى اتهام الراشدين بالسَّفَه؛ لذلك كان لا بد من التنبيه على أنهم:

 

• سفهاء: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 13] حقيقةَ سفَهِهم وخطئهم، وفساد خطتهم.

 

• مستهزئون: فلا يصرحون بحقيقة قناعاتهم، ويلعبون بأخطر الأشياء، ويعتذرون عن كذبهم بقولهم: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾[البقرة: 14].

 

• صُم: فلا ينتفعون بآذانهم.

• عُمْي: فلا ينتفعون بأبصارهم.

• حمقى: فلا يرعوون ﴿ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة: 18].

 

لذلك كان الجزاء من جنس العمل؛ فـ:﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [البقرة: 15]، ولأنهم حاولوا الربح، وخافوا خسارة أحد الصفين، حرمهم الله تعالى ربحهما معًا، وربح الدنيا والآخرة: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16].

 

وبعد هذه المقدمة المحددة لطرق التعامل مع الوحي، الواصفة للناس في تعاطيهم مع وحي الله في كل زمان ومكان، يأتي العرض المفصل لطرق تعامل الناس مع وحي الله في سابق الزمان، ولوحي الله، وتعاطي الناس معه زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

• التجارِبُ السابقة:

حكى القرآن في هذه السورة عن تجارِبِ الجن، والملائكة، وإبليس، وآدم في الجنة، وبني إسرائيل في مواقف مختلفة، وإبراهيم، وتعاطِي كلٍّ مع ابتلاءات الله وامتحاناته.

 

‌أ. الجن: للجن تجرِبة سابقة على خلق آدم، نكتفي منها بتلك الإشارة السريعة الواردة في حديث الملائكة مع الله جل وعز، حيث قالوا: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾؟ [البقرة: 30]، مما يدل على أن تجربة سابقة قد تمت كانت تلك نتيجتها، وكان إبليس آخر خلف من ذلك السلف غير الصالح.

 

‌ب. الملائكة: امتحن الملائكة بإخبارهم بإنشاء خلق جديد، فاستفسروا عن غايته، وكأنهم يتوقعون أن الله لا يريد منه إلا العبادة، وعبادتهم - الملائكة - قائمة، فلماذا الخلق الجديد؟ وكان الجواب من الله: ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، ثم امتحان الملائكة بتعليم آدم الأسماء، ونجاحهم في الامتحان حين وقفوا عند حدودهم، وردوا العلم لله تعالى: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32]؛ فاعترفوا بحكمة الله، وعلمه، فانتهى السؤال المطروح: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾؟ [البقرة: 30].

 

‌ج. إبليس: صاحب تجربة سابقة، وشاهد على هلاك المكذبين المفسدين، ومصير المصدقين، مما يؤهله للنجاح في الامتحان - لو كانت التجارِب تكفي وحدها - امتُحن بالسجود لآدم فاعتَرَض، ولم يفصل القرآن هنا في أسباب الاعتراض، كما لم يفصل في جواب الملائكة، وفي سر الحكمة من الخلق الجديد، المهم أن الله امتحن إبليس فلم ينجح في الامتحان.

 

‌د. آدم في الجنة: كرم الله آدم، ونفخ فيه من رُوحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه الأسماء كلها، فأظهر فضله بالعلم على الملائكة، وآنسَه بزوجه، وأسكنه جنته، يتبوأ منها حيث يشاء، إلا شجرة واحدة امتُحن بترك القرب منها، ولكن حيلة الشيطان الآيس من رحمة الله، وحداثة تجربة الإنسان مع الامتحانات عجَّلت نهاية التجربة؛ ﴿ فَأَكَلَا مِنْهَا ﴾ [طه: 121]، ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾ [البقرة: 36]، ليبدأ بذلك فصلٌ جديد من فصول ابتلاء الله لبني الإنسان في الأرض.

 

‌ه. بنو إسرائيل: تجربة بني إسرائيل من أهم تجارِب الإنسان في الأرض مع الأنبياء، ومن ألصقها بتجربة الأمة الخاتمة؛ نظرًا لمرورها بمختلف المراحل، مرحلة الاستضعاف، ومرحلة التمكين، ثم الاستضعاف... لذلك تكرر ورودها في القرآن كثيرًا، ومع ذلك سنقتصر على نقاش التجربة مع فرعون، وفي التيه، وبعد التمكين، وبعد الاستضعاف الأخير.

 

• مع فرعون: جاء موسى إلى بني إسرائيلَ وآلُ فرعون "يسومونهم سوء العذاب"، (وقد عانى موسى من قبل معهم في رفع العذاب عنهم، حتى كان سبب هجرته انتصاره لـ ﴿ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ﴾ [القصص: 15]، فاتخذ قراره النهائي الجريء: ﴿ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17])، فاستخرجهم من فرعون بمعجزة قاهرة بهرت الألباب والعقول، وخلطت كل حسابات الطاغية فرعون حتى ارتبك، ثم هلك. كانت التجربة مع فرعون قاسية مؤلمة: ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 49، 50]؛ فالله نجاهم من سوء العذاب، وأغرق عدوًّا لم يكونوا يجرؤون على مخالفته، أحرى الثورة عليه أمام أعينهم بقدرته؛ ليبين لهم بذلك أنه لا يكلفهم إلا بما يطيقون، وليتذكروا النعمة أبد الدهر، فيقابلوها بالشكر: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ * أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 40 - 48]"، ولن ننظر الآن للشق المتعلق بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم من مظاهر شكر النعمة، بل سنرجع إلى ما قبل ذلك، حيث هم:

• في التيه: رفضوا دخول الأرض المقدسة، فحرمت عليهم: ﴿ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [المائدة: 26]! لكن الرحمة والعناية الإلهية كانتا في التيه تتلطفان ببني إسرائيل: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾ [طه: 80]، لكن الفشل في الامتحان كان باديًا في كل موقف:

• فحين أكرم الله نبيهم بمواعدته إياه أربعين ليلة، عبَدوا العجل الجسد ذا الخوار؛ ظلمًا من عند أنفسهم.

• وحين أكرم الله موسى بالكلام والتوراة وجاء قومه وقد عبدوا العجل طلب منهم قتل أنفسهم، فعفا الله عنهم؛ لعلهم يشكرون.

• وحين كانت البينات جلية واضحة، طلبوا رؤية الله جهرة، ثم أمهلهم الله فعفا عنهم.

• وحين أكرمهم الله تعالى في تيههم بطعام جاهز لا تعب فيه ولا نصب، قالوا: ﴿ لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ ﴾ [البقرة: 61].

• وحين ألحوا على الطلب قيل: ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ﴾ [البقرة: 61]، فجبُنوا عن دخول الأمصار.

• وحين أمرهم موسى أن يذبحوا بقرة ليبين لهم القاتل، تعنتوا في السؤال، وراغوا روغان الثعالب: ﴿ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ﴾ [البقرة: 67]؟ ﴿ مَا هِيَ ﴾ [البقرة: 68]؟ ﴿ مَا لَوْنُهَا ﴾ [البقرة: 69]؟ ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا ﴾ [البقرة: 70]، ثم في الأخير جاؤوا بقول عظيم يبين خطورة ما في قلوبهم: ﴿ الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة: 71]، وكأن موسى كان مبطِلًا، والبراهين المادية والعناية الإلهية تحفه من يوم ولدته أمه، إلى يومهم ذاك! ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [البقرة: 71].

 

امتحانات كلها كان الفشل فيها حليف القوم، وخدينهم، لا يخرجون من امتحان بعد فشل وعفو إلا ويفشلون في الذي بعده؛ ما سبَّب لهم قسوة القلب؛ فقلوبهم: ﴿ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [البقرة: 74].

 

• بعد التمكين: أما بعد التمكين، فقد كانت فِراسة موسى فيهم عجيبة، وكأنه كان يرى من حجب الغيب كيف يعملون، أيامَ ردَّ على سوء أدبهم حين قالوا: ﴿ أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ﴾ [الأعراف: 129]؛ فـ: ﴿ قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 129]، وحين يقص علينا القرآن عملهم نجد العجب العجاب؛ فقد كانوا:

• ﴿ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 61].

• ﴿ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [البقرة: 61].

• ﴿ ... وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61].

• ﴿ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 100].

• يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.

• ينقضون الميثاق: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ﴾ [البقرة: 83 - 85].

 

• ويحكِّمون الهوى: وهو ديدن عام في حياتهم كلها: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87].

 

• لا يؤمنون إلا تحت التهديد: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 93].

 

• اتهام الأنبياء بشتى القبائح: (فقديمًا اتهموا موسى عليه السلام - كما في سورة أخرى - ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ﴾ [الأحزاب: 69]، و: ﴿ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ﴾ [البقرة: 67]؟، وقالوا: ﴿ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا ﴾ [المائدة: 24]، وفي هذه اتهموا نبيهم ابن نبيهم، وملكهم ابن منقذهم وملكهم بالكفر؛ فـ: ﴿ اتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102، 103].

 

• يكفرون بالكتاب والرسول المصدِّق لما معهم، رغم علمهم وبه، ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 89 - 91].

 

إلى غير ذلك من أنواع السوء المجملة، والمبينة في هذه السورة وغيرها من القرآن.

 

• بعد الاستضعاف: سنَّة الله تعالى أن يحوِّل الأمم بين مواقف الحياة المختلفة؛ فيبلوهم بالسراء والضراء، يزاوج بينهما مرة بهذه ومرة بهذه؛ حتى إذا علم أنهم لن يرجعوا، وقامت عليهم الحجة ختم لهم بالسراء، ﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]، وقد مر بنو إسرائيل بأنواع الامتحانات ﴿ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [المؤمنون: 76]، وحين عتَوْا واستكبروا عن أمر الله، ابتلاهم الله بالاستضعاف والإخراج من ديارهم وأبنائهم؛ فتوجَّهوا إلى نبيهم بالقول: ﴿ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 246]، وكان النبي عليمًا بحال القوم، مدركًا لخفايا نفوسهم التي تفضحها الأفعال في كل لحظة وحين، فردَّ: ﴿ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ﴾[البقرة: 246]؟، وكان ردهم قويًّا جريئًا، مقدِّمًا المبررات المقنِعة، والأدلة الدامغة على الوعي بضرورة الجهاد، وتوفُّر أسبابه ودواعيه: ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة: 246]؟ فكان في هذا الرد ما يكفي النبي - عليه السلام - ليبدأ في تلبية الطلب، لتبدأ سلسلة جديدة من الامتحانات، أهمها:

• فرض الجهاد: بمجرد إعلان الجهاد الذي كان السبب وراء طلبهم ملِكًا يقاتلون خلفه، ﴿ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 246].

 

• امتحان الملك: أخبر النبيُّ قومَه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ﴾ [البقرة: 247]؛ فاستنكروا ذلك، وأعرضوا عنه، وفشِلوا في أول امتحان، وبدؤوا في الاعتراض: ﴿ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا ﴾ [البقرة: 247]، ولا ننسى أنهم سألوا ملِكًا مبهَمًا غيرَ معيَّن، فأُعطوا ملِكًا مبهَمًا غيرَ معيَّن، (ولو شاء الله لأعنَتَهم، فسألهم عن صفاته أسئلتهم عن صفات البقرة.. ولكنه رحيم جوَاد حليمٌ)، وهذا اعتراض واضح على الله تعالى وعلى نبيهم الكريم عليه السلام، لكن لو توقف الاعتراض على هذا لكان أخف، بل بينوا وجهًا أشنعَ من مجرد الاعتراض: ﴿ وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ﴾ [البقرة: 247]، وهذا الاعتراض يَشِي بأنهم لم يسألوا الملك بصدق ليقاتل في سبيل الله، بل ليعطى بعض من أضمروا في قلوبهم الملك... فاحتالوا هذه الحيلة التي لا تنطلي على علام الغيوب، ثم أردَفوا علة أخرى مانعة للملك - المعين من طرف نبيهم بأمر من ربهم - من التحلي بتلك الصفة: ﴿ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ﴾ [البقرة: 247]، وهذه تبين مرضًا آخر أصاب نفوس القوم، وحرف فِطَرهم عن سلامتها، حتى أصبحوا يَزِنون الأشخاص بميزان الأشياء، وكأن الفقير لا حق له في شيء، ونسوا أيام كان فرعون يملك رقابهم، يذبح أبناءهم، ويستحيي نسائهم، وكيف اصْطُفُوا وأُنقذوا ولا مال لهم ولا حرية يومئذ! وهنا رد النبي رد الواثق:

• ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 247]؛ فهذه أهم وأبرز وأول العلل والأسباب؛ لذلك لا حق لكم في الاعتراض.

• ﴿ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ ﴾ [البقرة: 247]، وفي موضوع المعايير المادية إذا افترضنا جواز الحديث عنها، من أجل فهم العلل القدرية، فالله أطلعكم على علتين واضحتين للاصطفاء، يحتاجهما الملك المجاهد، وهما: البسطة في العلم الذي يدير به ملكه، والبسطة في:

• ﴿ ... وَالْجِسْمِ ﴾ [البقرة: 247]، والجهاد لا بد لقائده من قوة بدينة تعينه على التحمل للمعارك والشدائد بمختلف أنواعها.

 

• ﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 247]، وكما بدأ نبيهم أعاد؛ فالمُلك لله يؤتيه من يشاء، وليس لكم الاعتراض.

وهذا يكفي لتأديب المنحرفين، وإرشاد الشاردين الغافلين عن منهج الله وحكمه وقدره، ولكن النبي العارف بنفوس القوم، ومستوى تجذُّر المادية فيها يدرك أن الآيات المعنوية لا تدركها القلوبُ الغُلْفُ، ولا الأبصارُ العُمْيُ؛ لذلك شفَعها بآيات محسوسة: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 248]، ويضرب القرآن الذكر صفحًا عما بعد الآية، وكأنها لما كانت مادية، كان إيمانهم بها مسلَّمًا؛ للمادية الغاشية على قلوبهم.

 

• امتحان النهر: بدأ الملك طالوت تنفيذ الخطة، ورسم معالم الجهاد، وفصَل بالجنود، فخطب فيهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ﴾ [البقرة: 249] فمن الواضح من صياغة الأمر أنه في حدود الإمكان، مَن احتاج فليغرف بيده، ومن لم يحتَجْ فلا يفعل، والمحرم هو الشراب؛ وكان الامتحان ككل السابقة واللاحقة مربط فرس فشل جديد؛ ﴿ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249]، ليبدأ امتحان آخر جديد:

• مواجهة العدو: تجاوزت ثلة قليلة مع طالوتَ النهرَ، ونجحت في امتحانه فلم تشرب منه، ولكن لما قابلت العدو، جبُنت أشد الجبن، وخارت أشد الخور (والمبررات ما زالت هي هي، والعدو ما زال هو هو: ﴿ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة: 246])، فقالوا: ﴿ لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249]، ولأن عادة القوم عدم الصدق، ربطوا العجز بالوقت، فقالوا: ﴿ الْيَوْمَ ﴾ [البقرة: 249]؛ ليوهموا القائد أنهم سيطيقونه غدًا.. وهيهات، ليس الأمر إلا تحريفًا وتخذيلًا، ووهنًا وخوفًا.

 

أربعة امتحانات تتوالى فيها الهزائم والإخفاقات؛ امتحان الجهاد، وامتحان تعيين الملك، وامتحان النهر، وامتحان المواجهة!

 

‌و. إبراهيم وأبناؤه: أمام نموذج الفشل السابق يقدم الله تعالى نموذجًا آخر للناجحين، للأوفياء؛ ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النجم: 37]، ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ [البقرة: 124]، واختيار إبراهيم عليه السلام ذو مغزًى ودلالة؛ فهو من ناحيةٍ جَدُّ الخونة المجرمين الكذابين بني إسرائيل، ومن ناحية أخرى هو جَدُّ نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام؛ فهو القاسم المشترك بين الأمتين، وقصصه متواترة في الكتابين؛ لذلك يصلح مثالًا للوفاء، جاء الله به كنبيٍّ وفيٍّ، نصب إمامًا للناس، وحرم بعض ذريته من ذلك الشرف؛ ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، وفيه تشويق لمن أراد الالتحاق بإبراهيم في إمامة الناس، وعتاب لمن نكص وتراجع.

 

ثم يأتي من بعد إبراهيم صالحُ بنيه؛ إسماعيل ويعقوب؛ فإسماعيل يبني مع أبيه البيت الحرام، ويرفعان البناء في عبودية وتواضع: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، وفي تضرُّع وابتهال: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ﴾ [البقرة: 128]، وفي أمل ورجاء: ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ﴾ [البقرة: 128]، وفي شوق إلى العبودية: ﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ﴾ [البقرة: 128]، وفي اعتراف بالعجز عن أداء حقِّ الله حقَّ الأداء: ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، وفي احتياج دائم للصلة بالله، وتبرُّؤ من الحول والقوة: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ [البقرة: 129].

 

ويعقوب يجمع بنيه في لحظة مشهودة، في موقف مؤثر مجلجل؛ وذلك حين تحضره الوفاة، فيقف على ثنية الوداع يودع بنيه، ويصحح معهم المنطلقات، ويردهم إلى الأبجديات، سائلًا في صراحة: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ﴾ [البقرة: 133]، فيأتون عند حسن الظن: ﴿ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133]، ويحذف القرآن رد يعقوب، وكأنه فَرَحًا بالجواب أسلَمَ الرُّوح إلى بارئها، ولم يجد حاجة للحديث بعد هذا الجواب المثلج الصدر، ولا مدعاة لوصية غير هذه الوصية.

 

وهذه الوصية ميراث الأنبياء آبائه، ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].

 

• التشريعات الإسلامية:

بعد سلسلة الابتلاءات وحكاية القرآن لها، يبدأ القرآن في المزج بين إنزال الابتلاء بتشريعاته وأحكامه وتوجيهاته، والتعليق على تعامل بعض الناس مع هذا الابتلاء.

1- ابتلاء القِبلة: سكت القرآن عن النبي الكريم وهو يتوجه إلى بيت المقدس - قبلة الأنبياء - بصلاته، وقد أمر بالاقتداء بهم، وهو يتوجه إليها وقلبه معلق بالمسجد الحرام، ولكنه أدبًا مع الله لا يتدخل في شرعه، ولا يقترح عليه، ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ﴾ [البقرة: 144]، ولم يسكت القرآن عن القبلة السابقة، ويؤخر بيان القبلة النهائية عبثًا، وإنما: ﴿ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ﴾ [البقرة: 143]؛ لذلك اتبع المؤمنون حين علموا تحويل القبلة؛ "فاستداروا كما هم"، وقال السفهاء من الناس: ﴿ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾ [البقرة: 142]، فنجح المؤمنون، وفشِل الكافرون "السفهاء".

 

2- ابتلاء الحلال والحرام: حددت السورة معالم الحلال والحرام، وسطًا بين اليهودية التي تحرِّم بعض الطيبات، والجاهلية التي تبيح بعض الخبائث؛ فحرَّم القرآن: ﴿ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 173]، وأباح ما اضطر إليه الإنسان: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 173]، وطرح للعقل السليم الحكم في الخمر يختاره: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219]، ولم يحدد الحكم، حتى يثوب مَن يردعه عقله لرشده، ولا يبقى إلا من لا يريد أن يفهم إلا بالأمر الصريح، ليصرح له بالحكم النهائي فيما بعد.

 

3- القِصاص: وجاء شرع القِصاص أيضًا، وفيه من المشقة - ظاهرًا - ما فيه، فلم يسجل اعتراض، وآمن المؤمنون بقول الله: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179]؛ فكانوا أُولي ألبابٍ.

 

4- الوصية: وجاءت الوصية خصمًا من مال الميت للمقربين غير الوارثين منه، دَينًا في عنقه، وأمانة في عنق مَن أُوصِي، أو أُشهِد، ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾ [البقرة: 181]، وتقييمًا للمعوجِّ، وإصلاحًا للأود، ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 182].

 

5- الصيام: وجاء الصيام أيامًا معدودات، تهدف تحصيل "التقوى"، كُتب على المسلمين كما كُتِب على الذين من قبلهم، فأطاع به هؤلاء، وانقادوا له، لم يبدلوا الشهر، ولم يغيروا الأزمان، ولم يزيدوا فيه، ولم ينقصوا، ولأن الله لا يحابي ولا يجامل، ولا يربطه بأحد نسب، عاب عليهم حين قصر بعضهم فقال: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ﴾ [البقرة: 187].

 

6- الحج: وجاء الحج في أشهر معلومات، دورة لحفظ اللسان، وتهذيب الغرائز الشهوانية والعدوانية، وملتقى للأحبة، وسوقًا للتزود من التقوى، فبين الله معالمه، وأحكامه وحدوده، ونجح المؤمنون في امتثالها، وبدؤوا يدركون التغير بين أحكام الجاهلية وأحكام الإسلام، فكان القرآن يردهم للحق، ولو كان معمولًا به في الجاهلية: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158]، ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ﴾ [البقرة: 199].

 

7- الجهاد: كان الله يتعبَّد المؤمنين قبل الهجرة بكف الأيدي وإقامة الصلاة، حتى إذا كانت الهجرة، وقامت الدولة، أذن في الرد، وشرَعه، ثم أوجبه وفرَضه، ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]، وكان امتحان الجهاد من أصعب الامتحانات، ورغم ذلك ما نقَل التاريخ عن المؤمنين اعتراضًا فيه كاعتراضات بني إسرائيل، ولا أغفل خطأً لم ينبِّهْ إليه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 217]، ولكن مع ذلك ثمة ما هو أكبر منه: ﴿ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217]، جهاد يرفض الاعتداء، والانتقام: ﴿ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ﴾ [البقرة: 191]، ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194]، وبين خطورة أمر الجهاد، حتى إن الصلاة لتتغيَّرُ أشكالُها لتتكيَّفَ معه: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 238، 239].

 

8- البيت المسلم: حين قامت الدولة الإسلامية في المدينة وحرم زواج المشركات، والتزوج بهن؛ ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾ [البقرة: 221]، ﴿ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ﴾ [البقرة: 221]، جاءت أحكام البيت المسلم التي سيطبقها المؤمنون فيما بينهم، وقد تناولت هذه السورة منها:

• المَحِيض: فبيَّنت حكم التعامل مع الحائض، وردت عادات اليهود التي تسربت لبعض الأنصار بمقتضى الجوار، ونفَتِ المختَلَقات، وارتباط شكل الولد بغير قدر الله المحض...

 

• الطلاق: وفي هذه السورة يوقِف القرآن تلاعب الرجال بعِصَم النساء، ويسد باب الإضرار في هذه الناحية: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]، وليس بعد ذلك إلا ﴿ إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، لتبدأ دورة جديدة من الحياة الزوجية فيها ثلاثة خيارات أيضًا لا أكثر، ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229]، كما أن هذه السورة تحدد عِدَّة المطلقة ﴿ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228]، وتحيل الرقابة على ذلك إليها، وتربط الصدق فيما تقول بإيمانها بالله، وهو أسلوب قرآني مزلزل فريد، ويمنع القرآنُ الحجرَ على المرأة إذا أرادت الرجوع إلى زوجها الأول رغم انقضاء عدتها، فليس للأهل المنعُ والعضلُ ظلمًا وعدوانًا: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 232]، ويمهد لاستقرار البيوت مع ذلك بتحريم خِطبة المعتدة مطلَقًا، ويأذن في التعريض للمعتدة من وفاة.

 

• الرضاعة: ويحدِّد القرآن حق الأطفال في الرضاعة الطبيعية رضاعة الأم أو من يقوم مقامها: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 233].

 

• النفقة: كما يحدد القرآن هنا الحقوق والواجبات، فيقول: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، ويُلزم الرجلَ النفقة على الزوج والولد: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233]، وعلى مرضعة الولد: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233].

 

• عِدة الوفاة: ويتدرج القرآن في تحويل عِدة الوفاة من عام إلى أربعة أشهر وعشر، ليعطي المرأة بعد ذلك الحرية فيها، تفعل بنفسها ما شاءت بالمعروف، لا وصاية لأحد عليها، ولا يرثها أحدٌ كُرْهًا.

 

1- الاستدلال العقدي: تقدم السورة نموذجين للاستدلال العقلي على العقيدة من مؤمنين؛ الأول: ﴿ مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259]، فالرجل شاهَدَ البعث بشكل شخصي، وعاش تجربته بذاته؛ فخرج منها متيقنًا أن الله على كل شيء قدير.

 

والثاني: خليل الله إبراهيم: ﴿ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260].

 

وفي النموذجينِ إقرار للاستدلال العقلي على العقيدة، وإقناع لأولي الألباب أن الدِّينَ لا يرفض العقل، وإنما يقبَله؛ لذلك كان خطاب السائلين مختلفًا؛ فالذي جاء في لغته شبه اعتراض أُمِيتَ هو، ثم أُحْيِيَ، والذي سأل أن يرى كيف أُرِيَ كيف فقط.

 

2- المال والتعامل معه: اهتمت سورة البقرة في جزء عريض منها بالمال وطُرق صَرفه، وحددت بعضها في أحكام الأسرة، وحذرت من كنزه، وعدم إنفاقه في سبيل الله، ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وأذِنَت في التجارة في الحج، ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198]، وأمَرت الحاج بالزاد: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]، وبيَّنَت خير الإنفاق: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ [البقرة: 219]، وبيَّنَت أن البِرَّ: ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [البقرة: 177]، وحذَّرت مِن إنفاق الردِيء السيئ: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 267]، وحذَّرت مِن نفقةٍ يتبعها أذًى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [البقرة: 264]، ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ [البقرة: 263].

 

وتقِف السورة وقفة طويلة مع الربا، فتسد منافذه، وتوصي بتدقيق الدَّيْنِ، وتوثيقه، والإشهاد عليه، وتدقيق آجاله، وتُلزم الشهود بالتحمُّل وبالأداء، وتمنع في الوقت نفسه ضِرارَ الكتَّاب والشهود، وتبين طرق الاعتراف بالدَّيْن، وطرق التحمل عن الصغير والسفيه والعاجز، وتبين طرق التعامل مع المدين المعسِر، وتوجِب نَظِرَتَه، وتندب للتصدق عليه، وتحرِّم الربا وتشنِّعه، وتجزم بتركه، وتهدد المتأخرين في التنفيذ: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 279]، وتضمَن عدم ضياع أموالهم في حال التوبة: ﴿ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 279].

 

فهذه بعض من معالم التشريعات الإسلامية للأمة الخاتمة، ابتُلِيت بها كما ابتُلِي مَن كان قبلها بما ابتُلوا به من تشريعات، لكنها نالت السبق والفضل بالامتثال والطاعة والنجاح، والانكسار والتضرع والإخبات في محراب الله كلما أخطأت؛ لذلك ختم الله السورة بالشَّهادة لها بذلك.

 

• الطاعة المطلَقة لله تعالى:

وتُختَم السورةُ ببيان حال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مع التشريعات الإيمانية:

• في مجال الإيمان: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285]، وآمنوا باليوم الآخر: ﴿ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، وبالقدَر: ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [البقرة: 286].

 

• وفي مجال التشريع: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ [البقرة: 285].

 

• وفي مجال الإحسان: قالوا: ﴿ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا ﴾ [البقرة: 285].

 

• وفي محراب العبودية: علَتْ دعَواتهم، وابتهالاتهم بأكف ممتدة، وعيون دامعة، وقلوب وجلة: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].

 

فاستجاب لهم ربهم، وذكَرهم بجميل لُطفه، وعظيم امتنانه: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [البقرة: 286]، وشهِد لهم أعظمُ شهيدٍ - جل وعلا - بالنجاح في الامتحان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الترابط في القرآن الكريم (سورة البقرة)
  • الهداية في القرآن من خلال سورة البقرة
  • الكتم في سورة البقرة وأثره في الأمانة
  • التوبة في سورة البقرة وأثرها في الإيمان
  • تفسير أواخر سورة البقرة
  • هدايات تربوية من سورة البقرة
  • لماذا بدأت سورة البقرة بصفات المتقين
  • آيات الذرية في سورة البقرة ومضامينها التربوية
  • سورة البقرة (1) الفضل والأثر
  • مقدمة بين يدي تفسير سورة البقرة
  • موضوعات سورة البقرة (1)
  • من نماذج سورة البقرة
  • الأمل المنير بعد ظهور نتيجة الامتحان (إلى طلاب الثانوية العامة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (1)
  • الامتحان الأكبر (خطبة)
  • الدرس الأول: فضل خواتيم سورة البقرة

مختارات من الشبكة

  • مناسبة سورة الأنفال لسورتي البقرة وآل عمران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نور البيان في مقاصد سور القرآن: سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الفاتحة وسورة البقرة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تفسير الجلالين (من سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة البقرة (3) قصة الخلق والابتلاء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب