• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد / الإلحاد (تعريف، شبهات، ردود)
علامة باركود

مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة إلى خالق

مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة إلى خالق
د. ربيع أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/12/2015 ميلادي - 26/2/1437 هجري

الزيارات: 26682

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة إلى خالق


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد انتشر في عصرنا مرضُ الإلحاد، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة؛ إذ يفتك بالإيمان، ويعمي الحواسَّ عن أدلة وجود الخالق الرحمن، وتجد المريضَ يجادل في البديهيَّات ويَجمع بين النقيضين، ويُفرِّق بين المتماثلين، ويجعل من الظن علمًا ومن العلم جهلًا، ومن الحق باطلًا ومن الباطل حقًّا!

 

ومِن عوامل انتشار هذا المرض: الجهلُ بالدين، وضعف العقيدة واليقين، والاسترسال في الوساوس الكفرية، والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد، دون أن يَكون لدى الإنسان علم شرعيٌّ مؤصَّل.

 

وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل، وادعاءات بلا مستند، ورغم ضعفها وبطلانها فإنَّها قد تؤثر في بعض المسلمين؛ لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين؛ ولذلك كان لا بد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد، شبهةً تلو الأخرى، ومغالطة تلو المغالطة، ودعوى تلو الدعوى؛ حتى لا ينخدع أحدٌ بكلامهم وشُبههم.

 

وفي هذا المقال سنتناول أكذوبة يردِّدها بعض الملاحدة، هذه الأكذوبة يُغني فسادها عن إفسادها، ويغني بطلانها عن إبطالها؛ وهي أكذوبة أن الكون نشأ مِن لا شيء دون الحاجة إلى خالق؛ يقول صاحب الأكذوبة: "نحن نعرف الآن وبدقَّة أن الكون مسطَّح، ومجموع الطاقة فيه صفر، ومن الممكن أن يبدأ من لا شيء... لا حاجة لله لخلق الكون".

 

ويتحدث هذا الملحد عن اللاشيء فيقول: "أبسط أنواع اللاشيء لا شيء في داخله، لا جزئيات، لا إشعاعات، لا شيء هذا النوع من اللاشيء، تبين أنه مليءٌ بالأشياء؛ لأنه نظرًا لقوانين ميكانيكا الكمِّ والنسبية الفراغ، كالمشروب المغلي الذي يُبقبق بالجسيمات الافتراضية، التي تظهر وتختفي من الوجود في كل لحظة.

 

في واقع الأمر هذا النوع من اللاشيء إذا انتظرتَ فترة طويلة كافية فسَتَضمن لك قوانينُ ميكانيكا الكم إنتاجَ شيءٍ ما. في الواقع: بمجرد تطبيق قوانين ميكانيكا الكم على الجاذبية نفسِها، الفضاء نفسُه يصبح متغيرًا ميكانيكيًّا كميًّا، ويتقلب داخل وخارج الوجود، ويمكنك من خلال قوانين ميكانيكا الكمِّ خلقُ الأكوان، خلق الزمان، خلق المكان؛ حيث لم يكن هناك أيٌّ من المكان والزمان من قبل".

 

ويتكلم هذا الملحد عن أحد كتبه، وهو كتاب "كونٌ من لا شيء": A Universe from Nothing فيقول: "كتابي الجديد كون من لا شيء يصف التغيُّر الثوريَّ في تفكيرنا حول بعض المبادئ التي كانت متواجدة منذ أمد بعيد، وهي الشيء واللاشيء. السؤال القائل: لماذا الشيء موجود واللاشيء غير موجود؟ كان متواجدًا بيننا على طول التاريخ البشري بشكل أو بآخر من خلال الفلسفة والدين.

 

ما فعله العلم أنه غيَّر حقلَ هذا السؤال؛ لأننا اكتشفنا أن ما يعتبره أغلبُ الناس لا شيء هو ليس فقط مثيرًا للاهتمام، وإنما اللاشيء ممكن أن يكون شيئًا! وفي الواقع اللاشيء غير مستقرٍّ.

 

ما أقصده من كلامي هو أننا اكتشفنا أن الفضاء الفارغ - وهو ما يعتبره أغلبُ الناس لا شيء - إذا أخذنا جزءًا منه، وجرَّدناه من الإشعاعات والجزيئات بحيث لا يكون فيه أيُّ شيء، سيكون لهذا الجزء وزنٌ.

 

نحن - حتى - لا نفهمُ السبب، ولكن عندنا تلميحات؛ لأننا نعلم أنه بسبب ميكانيكا الكم وبسبب النسبيَّة على مستوًى أساسي؛ الفضاء الفارغ هو عبارة عن مزيج يَغلي مكوَّنٍ من جزيئات ظاهرية/ افتراضية تتواجد وتتوقف عن الوجود على مدى فترة زمنية قصيرة جدًّا بحيث إننا لا نراها، هذا يبدو كأنه فلسفة، كأنه محاولة لعدِّ الملائكة على رأس إبرة، لكنه ليس كذلك؛ لأنه مع أننا لا نرى هذه الجزئيات الافتراضية بشكل مباشر، لكننا نرى أثرها بشكل غير مباشر.

 

في الواقع نستطيع أن نحسب أثرها وأثر خاصيات الذرات، وهذا قاد إلى أفضل التوقعات في العلم؛ نستطيع أن نقارن نماذجنا النظرية مع ملاحظاتنا، ونصل إلى اتفاق حول تسعةِ أرقام عَشريَّة، لا نستطيع في أي مجال آخرَ بالعلم أن نفعل هذا؛ أي: أن نتوقَّع شيئًا من المبادئ الأولية بهذه الدِّقة، ولكننا لا نحصل على الجواب الصحيح إلا إذا شملنا آثار الجزيئات النظرية، مع أنه هذا يبدو من الجنون، لكنه حقيقي، وبسبب هذا الجنون نعلم أن الفضاء الفارغ قد يكون له خاصيات لم نتخيلها من قبل.

 

ما زلنا لم نصل إلى الجواب الصحيح عندما نحاول أن نحسب طاقة الفضاء الفارغ كاملةً في الكون، وهو لُغز كبير؛ بل هو أكبرُ لغز في كل العلوم، لكننا نعلم أن له خاصياتٍ غريبةً، وعندما نُضيف الجاذبية إلى هذا المزيج - والجاذبيةُ لها أن تعطيَ الأشياء طاقة سالبةً وموجبة - نجد أن الفضاء الفارغ الذي ليس فيه جزيئات يُنتِج جزيئات بشكل عفوي، من دون خرقِ قانون حفظ الطاقة.

 

في البداية كانت الطاقةُ الكلية صفرًا، وفي النهاية ما زالت صفرًا، لكن في البداية كان عندك فَراغ، وبالنهاية أصبح عندك كونٌ مليء بالأشياء!

 

تبدو العملية وكأنها معجزة، ولكنها ليست معجزة؛ كلُّ ما تحتاجه هو قانون الطبيعة.

 

في الواقع إذا انتظرت مدة كافية، من المضمون أن الفضاء الفارغ سيُنتج جزيئات؛ بالتالي اللاشيء غيرُ مستقر، وسيكون من المفاجئ أن نجد اللاشيء، لكن لو كان اللاشيء موجودًا ما كنا هنا لِنسألَ هذه الأسئلة.

 

وهناك جوانبُ كثيرة مذهلة حول اللاشيء؛ لأنه بإمكانك أن تقول والكثير يقولون: إن الفضاء الفارغ في حد ذاته هو ليس لا شيء، وبالطبع تبيَّن أننا إذا طبَّقنا قوانين الفيزياء وميكانيكا الكمِّ على الجاذبية، فالفضاء نفسه سيكون جزءًا متحركًا.

 

نحن نعلم بشكل عام أن الفضاء يتمدد وينقبض ويَنحني بحضور المادة، وإذا جعلتَه من ضمن ميكانيكا الكم، فحتى الفضاء يمكنه أن يتواجدَ ويتوقفَ عن الوجود، فتستطيع أن تخلق أكوانًا حيث لم يكن هناك أكوانٌ من قبل، وبالطبع قد تتخيل كونًا حرفيًّا من لا شيء؛ لا فضاء ولا زمن...

 

ومن المذهل أن يكون عندنا مجموعة من المنظومات الفيزيائية العادية التي تأخذنا من اللافضاء واللاجزيئات إلى كونٍ كالذي نعيش فيه، والذي يحتوي على كل خصائص الكون الذي نتوقع أنها خُلقت من لا شيء"!

 

وفي كلام هذا الملحد العديد من المغالطات: فقوله: "إن الكون نشأ من لا شيء، دون الحاجة إلى خالق" يخالف البديهة القاضيةَ بأنَّ أي الفعل لا بد أن يكون له فاعل، وأي حدث لا بد أن يكون له مُحدِث، وأي أثر لا بد أن يكون له مؤثِّر، ولا يمكن أن يَحدث الفعلُ بلا فاعل.


وهذا الملحد - هداه الله - قدَح في قضية بديهية؛ وهي وجوب وجود خالقٍ للكون بإحدى نظريات ميكانيكا الكم، وبما أن النظريات مؤلَّفة من البديهيات، فلو جاز القدحُ في البديهيات بالنظريات لَزِم فسادُ البديهيات والنظريات؛ فإن فساد الأصل يَستلزم فسادَ فرعه، فتبيَّن أن مَن سوَّغ القدح في القضايا البديهية الأولية الفطرية بقضايا نظريَّة، فقوله باطل[1].


وقول الملحد: إن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة إلى خالق، يستلزم أنَّ اللاشيء يتحوَّل إلى شيء، وهذا يُخالف البديهة القاضيةَ أن اللاشيء لا يمكن أن يُنتج شيئًا، ولا يمكن لشيء أن يأتيَ من العدم، وفاقدُ الشيء إذا كان لا يملكه ولا يملك أسبابه لا يُعطيه، فكيف يُعطي العدمُ الوجودَ؟! وكيف يُعطي اللاشيء شيئًا؟!


واعتَبر الملحدُ الفراغَ لا شيء، وخلَط بين اللاشيء والفراغ الكمِّي، والفراغ الكمي - حسب ميكانيكا الكم - يعتبر شيئًا موجودًا ممتلئًا بجُسيمات افتراضية من المادة والمادة المضادة، ويحدث فيه تموُّجات، ومن هذه التموجات يمكن أن تتخلَّق أزواجٌ من الجسيمات والجسيمات المضادَّة، ولا يمكن فصلُ هذا الفراغ الكمي عن الكون، أما اللاشيء أو العدم فهو ضد الوجود أو اللاوجود، أو انعدام الوجود بجميع صوره وأشكاله؛ أي: لا يوجد أيُّ شيء تمامًا؛ لا مادة ولا طاقة، ولا زمان ولا مكان، ونحن نعلم أن الشيء هو ما يُتصوَّر أو يُخبَر عنه، ويراد به أساسًا الموجود ويقابل المعدوم[2].

 

وقد ادَّعى أن أغلب الناس تَعتبر الفضاء الفارغ لا شيء، وهذا غير صحيح، فإذا فرضنا تجريد المكان من الإشعاعات والجزيئات والجسيمات والمادة؛ بحيث لا يكون فيه أيُّ شيء من هذه الأشياء، فالمكان الذي كان يَحوي هذه الأشياءَ التي جُرِّدت منه ما زال موجودًا، وهو شيء موجود وليس لا شيء، وإن كان ليس بشيء ماديٍّ أو جسماني، والفراغ ليس معناه اللامكان، بل معناه مكان جُرِّد من الإشعاعات والجزيئات والجسيمات والمادة.

 

ويحدث في الفضاء الفارغِ أو الفراغ الكميِّ quantum vacuum تذبذباتٌ كمومية quantum fluctuation تؤدي إلى وجود جسيمات افتراضيةvirtual particles تظهر وتختفي من الوجود في كل لحظة، وبالتالي الفراغ الكمِّي شيءٌ يحدث فيه أشياء.

 

وحسب مبدأ عدم التأكدلهيزنبرج؛ يَستحيل أن يخلوَ الفراغُ من الطاقة، وأنه سيبقى حدٌّ أدنى من الطاقة zero point energy لا يمكن النزولُ عنه، ولا يمكن أن تصل الطاقة إلى صفر، وهذا القدر من الطاقة يعتبر شيئًا من ضمن الأشياء، مع العلم أن المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة، أو يمكن اعتبارهما صيغتين مختلفتين لجوهر واحد، قابلتين للاستحالة من إحداهما إلى الأخرى[3].

 

وادعى الملحد وجود فضاء فارغ خالٍ من كل شيء؛ أي: فراغ محضٍ، فراغ خالٍ من المادة والطاقة، وهذا يخالف مبدأ عدم التأكد؛ إذ يستحيل أن يخلوَ الفراغ أو الخواء من الطاقة تمامًا، وأنه سيبقى حدٌّ أدنى من الطاقة لا يمكن النزول عنه، ولا يمكن أن تصل الطاقة إلى صفر؛ وبالتالي لا يوجد مكانٌ طاقته صفرٌ حقيقي.

 

والطاقة في الخواء vacuum أمر حقيقي، وليس الخواء في الفيزياء الحديثة جيبًا لا يحوي شيئًا؛ فهو يمخض بنشاط غير مرئيٍّ حتى في درجة حرارة الصِّفر المطلَق، التي تتوقف عندها - حسب التعريف - حركةُ الجزيئات[4].


ولو بذَلنا كلَّ قدرتنا في إفراغ منطقة معينة من الفضاء من كل الطاقات؛ فإن هناك قدرًا من الطاقة سيَبقى، ولا يمكن إخراجه، وهذا القدر من الطاقة يعتبر شيئًا من ضمن الأشياء؛ وبالتالي ليس هناك شيءٌ اسمه فراغ محضٌ في هذا الكون، ولا عدمٌ تامٌّ من كل شيء في هذا الكون.

 

وهذا الملحد يناقض نفسه؛ إذ كيف يدَّعي أن الكون خُلق من لا شيء، وهو يشرح آليةَ نشأة الكون من الفضاء الفارغ عبر التموُّج الكمومي quantum fluctuation؟!! والفضاء الفارغ شيءٌ موجود في الزَّمكان المحيطِ به، وليس عدمًا وليس لا شيء؛ أضف إلى ذلك أن آلية نشأة الكون تَطوي في معناه وجودَ فاعل منشئٍ للكون.

 

وادعى الملحد أن الجسيمات الافتراضية تَخرج من لا شيء، وهذا غير صحيح؛ فهذه الجسيمات الافتراضية خرجَت من مكانٍ ما في الكون - وليس خارجَ الكون - خلالَ فترات قصيرة جدًّا من الزمن، والمكان الذي خرجت منه له طاقة؛ إذ لا يمكن أن يوجد مكانٌ خالٍ من الطاقة تمامًا؛ حسب مبدأ عدم التأكد.

 

ومجرد ظهور الجسيمات تحت الذَّرية في الفراغ الكمي، واختفائها عبر التموجات الكمومية - لا يستلزم أن يكون الكونُ بأكمله قد نشأ عبر التموجات الكمومية.

 

وادعى الملحد أن قوانين ميكانيكا الكم يمكن أن تخلق الكون؛ بدلًا من أن يقول: إن قوانين ميكانيكا الكم يمكن أن تفسِّر كيفية نشأة الكون، والعلم يُعرِّفنا: كيف تعمل الأشياء؟ وليس: لماذا تعمل الأشياء؟ ومَن الذي عمِلَها؟ أي: يعرفنا آليةَ عمل الأشياء، وطريقةَ عملها، ولا يُفسِّر العلمُ لنا: لماذا تعمل الأشياء؟ ومن الذي جعَلها تعمل بهذه الطريقة؟ فلا يَبحث العلمُ عن الفاعل؛ بل يبحث عن الفعل، ولا يبحث عن المُحدِث؛ بل يبحث عن الحدَث، ولا يبحث عن موجِد القوانين؛ بل يبحث عن القوانين نفسها.

 

وما أجملَ ما قاله الشيخ عبدالرحمن بن حَبَنَّكَة الميدانيُّ: "قد يعَضُّ الكلبُ الحجرَ الذي رآه يتجه نحوه ليُصيبه، أما الإنسان المفكر فإنه يبحث عن الذي رمى الحجر نحوَه بقصد، فإذا عرَفه واستبان أنه قد قصَد قتله أو إيذاءه حاول أن ينتقم منه؛ دفاعًا عن نفسه، ولم يفكر بالانتقام من الحجر مطلقًا.


وهنا نقول: إن الماديِّين الذين يقفون عند الأسباب المادية للظواهر الكونية التي يتَجلى فيها القصد، ولا يبحثون عن السبب الحقيقي، مع أن هذه الأسبابَ تحتاج هي أنفسُها إلى أسباب تُفسر ظاهراتها وتعلِّل حدوثها، إنما يفكرون بمثل دماغ الحيوان الذي يعضُّ الحجَر الذي قُذف عليه"[5].

 

ولا يمكن لقوانين ميكانيكا الكم أن تُنتج شيئًا للوجود، ولا يمكن لقوانين ميكانيكا الكم أن تنتج حدَثًا من الأحداث؛ بل غاية قوانين ميكانيكا الكم تفسيرُ الظواهر التي تحدث على مستوى الذرة والجسيمات تحت الذَّرية، بعدما أوجدَتْها الأسباب.

 

ومَن يعتقد أن قوانين ميكانيكا الكم تستطيع أن تسبِّب شيئًا من الأشياء كمَن يعتقد أن القوانين الحسابية يمكن أن توجد مالًا، وكمَن يعتقد أن القوانين التي تَعمل بها السيارة يمكن أن تَخلق السيارة، أو تسير السيارة دون الحاجة لمن يقودها! وهذا قول في غاية السخف والسقوط.

 

ومن البديهيات أن وجود قانونٍ ما يدل على وجود مقنِّن واضعٍ لهذا القانون، سن هذا القانون، وواضعُ القانون (الفاعل) لا بد أن يَسبق القانونَ (المفعول)، وإذا كانت ميكانيكا الكم لها مجموعةٌ من القوانين فلا بد أن يكون لهذه القوانين مقنِّن، فمَن الذي فرَض وسنَّ هذه القوانين؟


والجواب: الذي سن هذه القوانين التي تحكُم الذرة والجسيمات تحت الذرية، إما أن تكون الذرَّةَ والجسيماتِ تحت الذَّرية نفسَها، أو القوانين نفسَها، أو شيئًا آخرَ خارجعن الذرة والجسيمات تحت الذرية.


وإن قالوا: الذرة والجسيمات تحت الذرية نفسُها، فمقتضى قولهم أنَّ الذرة والجسيمات تحت الذرية وضَعت القوانين لنفسها قبل أن تُوجَد، وهذا مُحال.


وإن قالوا: مَن سن هذه القوانينَ القوانينُ نفسها فهذا تصويرٌ للقوانين علىأنها فاعل محرِّك، وهذا فاسد؛ لأن القوانين مجرد وصفِ سلوكٍ لظاهرة في الكون، يتكرر تحت نفس الظروف.


وإما أن يكون مَن سن القوانين شيئًا خارجًا عن الذرة والجسيمات تحت الذرية؛ فهذا إثباتٌ لشيء خارجٍ عن الذرة والجسيمات تحت الذرية، ونحن نقول: إنه الله.


وتَوهَّم الملحد أن نشأة الكون لا تحتاج سوى قوانينِ الطبيعة، مع أن نشأة الكون تحتاج إلى مادة ليَنشأ منها ومُنشِئ للمادة التي ينشأ منها الكونُ ومنشئٍ للكون.

 

وإن قالوا: أصل الكون طاقة، فمن الذي أوجد هذه الطاقة؟ ومن الذي صيَّر هذه الطاقة مادة؟

 

والقضية ليست نشأةَ الكون فقط؛ إذ بعد نشأة الكونِ الكونُ بحاجة إلى حفظ ورعاية، فمن الذي يُحافظ عليه ويرعاه؟ ومن الذي جعل الكون مستمرًّا في الوجود؟ ومن الذي جعل الكون صالحًا لحياة البشر وسائر الكائنات الحية؟ ومن الذي جعل الكائنات الحية تنمو وتتكاثر؟ ومن الذي وضع فيها القابلية للنمو والتكاثر؟ ومن الذي وضع غريزة في الذكَر للأنثى، وغريزة في الأنثى للذكر؟ ومَن الذي خلق للذكر أنثى وللأنثى ذكرًا؟ ومن الذي أعطى لكل كائن حيٍّ ما يُصلحه في حياته، وكأنَّ الكون معَدٌّ له قبل أن يوجد على الأرض؟ ومن الذي علَّم الكائن الحيَّ كيف ينتفع بالشيء الذي يُصلحه في حياته خاصة أوائل الكائنات الحية؟!

 

ونسي هذا الملحدُ أن الزمان والمكان وُجدا بعد نشأة الكون، وقبل نشأة الكون لم يكن للمكان ولا للزمان ولا للفراغ الكميِّ وجودٌ، وبعد نشأة الكون وُجد الزمان والمكان والفراغ الكمي، وعليه؛ فدعوى أنَّ الكون نشأ من تذبذبات كمومية في الفراغ الكمي دعوى باطلة بيِّنة البطلان.

 

هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



[1] منهاج السنة النبوية؛ لابن تيمية، 2/ 151.

[2] المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية، ص 104.

[3] تأملات في الفيزياء الحديثة؛ لعلي الشوك، ص 244 - الطبعة الأولى - 2012 م.

[4] اتجاهات في الفيزياء استغلال طاقة نقطة الصفر؛ مجلة العلوم - يوليو 1998 - مجلد 14.

[5] كواشف زيوف؛ للشيخ عبدالرحمن حبنكة الميداني ص 522.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أكذوبة نهاية العالم
  • مغالطات أكذوبة أن مبدأ هايزنبرج يلغي السببية
  • مغالطات أكذوبة أن ميكانيكا الكم تلغي السببية

مختارات من الشبكة

  • مغالطات أكذوبة الملاحدة: أن الكون يسير بقوانين فلا يحتاج إلى خالق ليدبر أمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مغالطات أكذوبة أن ظاهرة النفق الكمومي تدمر مبدأ السببية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مغالطات الملاحدة: اتهام السيدة مارية القبطية بالزنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مغالطات في عمل المرأة(مقالة - ملفات خاصة)
  • شبهات حول الحجاب: مغالطة قسوة اليهود على المرأة أنموذجا(مقالة - ملفات خاصة)
  • مختصر المغالطات المنطقية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مغالطة المفسدين وخداعهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خدعوك أيتها المرأة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أماني المفرطين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليأس يساوي الدمار(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب