• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (15)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2010 ميلادي - 25/1/1431 هجري

الزيارات: 10777

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (15)


قال المصنف - رحمه الله -:

"ويُحاسِبُهُم اللهُ - تبارك وتعالى".

 

الشرح

تاسعًا: الحساب:

تعريفه لغة: هو العدد.

وشرعًا: إطْلاع الله عباده على أعمالهم.

 

الحساب ثابتٌ بالكتاب والسُّنَّة والإجماع:

فمن الكتاب: قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾[1].

ومن السنة: حديث عائشة المتفق عليه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس أحدٌ يُحَاسَب يوم القيامة إلا هَلَك))، قلت: أَوَليس يقول الله: ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾[2]؟ فقال: ((إنما ذلك العرض، ولكن من نُوقِشَ الحساب يهلك)).

 

والمقصود: أنَّ العبد إذا حُوسب حسابًا دقيقًا على إعماله التي لا بُدَّ لها من قبولٍ من الله - جل وعلا - هلك؛ لأن أعماله لا تُنْجِيه إلا برحمة الله - جل وعلا - ونسأل الله من واسع فضله.

 

وأجمع المسلمون على ثبوت الحساب يوم القيامة: ويُستثنى من ذلك السبعون ألفًا كما سيأتي.

 

صفة الحساب:

المؤمن يَخْلو بربِّه ويُقَرِّره بذنوبه، فكُلُّ شيء قَدَّمه في الدنيا سيُعْرِض عليه، ثم يسترها الله - عز وجل - ويغفرها له، بخلاف المنافق والكافر، فإنَّ حسابه حساب توبيخٌ على رؤوس الخلائق، فلا يُسْتَر.

 

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((يُدنَى المؤمن يوم القيامة من ربِّه - عز وجل - حتى يضع عليه كَنَفَه، فيُقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف، قال: فإنِّي قد سَتَرْتُها عليك في الدنيا، وإنِّي أغفرها لك اليوم، فيُعْطَى صحيفة حسناته، وأما الكفَّار والمنافقون فيُنادَى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله))[3].

 

قال الشيخُ ابن عثيمين عن حساب المؤمن: "ومع ذلك، فإنه - سبحانه وتعالى - يضع سِتْرَه، بحيث لا يراه أحدٌ، ولا يسمعه أحدٌ، وهذا من فضْل الله - عزَّ وجلَّ - على المؤمن؛ فإنَّ الإنسان إذا قرَّرك بجناياتك أمام الناس وإنْ سَمَحَ عنك، ففيه شيء من الفضيحة، لكن إذا كان ذلك لوحدك، فإن ذلك ستر منه عليك"[4].

 

الحساب يشمل الجن:

لأنهم مُكَلَّفُون، يدخل كافِرُهم النار بالنص والإجماع؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾[5]، وقوله: ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّار ﴾ [الأعراف: 38]، ويدخل مؤمنهم الجنة وهو قول جمهور العلماء؛ لقوله - تعالى -: ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴾ [الرحمن: 56]، ولعموم قوله - تعالى -: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46].

 

وهل تُحَاسَبُ البهائم؟

تقدم في مباحث (الحشر) أنه يكون بين البهائم قصاصٌ فيُقَاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، وتقدَّم أن هذا القصاص ليس قصاصَ تكليفٍ وإنما هو قصاص مقابلة، وأما حساب التكليف فلا تُحَاسب؛ لأنه لا تكليف عليها، وتقدَّم أن هذا اختيار النووي، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - تعالى. [انظر: المراجع السابق ص (512)].

 

أول ما يحاسب عليه العبد:

أما أول ما يحاسب عليه العبد من الحقوق التي عليه لله - جل وعلا - فهي الصلاة.

ويدل على ذلك: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أول ما يُحاسب عليه العبدُ يوم القيامة الصلاة، فإن صلحتْ صلح سائر عملِه، وإن فسدتْ فسد سائر عملِه))[6].

 

وأما أول ما يُقضى فيه منَ الحُقُوق التي بين الناس هي الدِّماء.

ويدل على ذلك: حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أول ما يُقْضَى بين الناس يوم القيامة في الدماء))[7].

وذلك لأنَّ الصلاة عَمُود الدين، وهي أفضل العبادات البدنية، والدماء هي أعظم ما يعتدى به في حقوق الآدميين.

 

وهناك أقوام لا تَمُر بهم هذه المرحلة مرحلة (الحساب):

وعددهم سبعون ألفًا، جاء ذكر هذا العدد في حديث ابن عباس؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عُرِضَتْ عليَّ الأمم، ثم عُرِضَتْ عليَّ أمتي، ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))، وفي آخر الحديث قال: ((هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يَتَطَيَّرُون، وعلى ربهم يَتَوكَّلون))[8].

 

وجاء في رواية عند مسلم زيادة: ((هم الذين لا يرقون))، وهي روايةٌ شاذة فلا تصح؛ لعدة وجوه منها: أنها مُخالفة لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يرقي أصحابه، ولأن في الرقية إحسانًا للغير؛ فإن الراقي مُحسن على غيره، فكيف يُمنَع هذا الفضل؟! ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في آخر الحديث: ((وعلى ربهم يَتَوَكَّلون))، وعمل الراقي لا مُنَافاة بينه وبين التوكُّل، بخلاف المسترقي والمكتوي والمتطير.

لا يسترقون؛ أي: لا يطلبون الرقية، ولا يكتوون؛ أي: لا يتعالَجون بالكَي، ولا يتطيرون، والتطيُّر هو: التشاؤُم.

وسُمِّي بذلك؛ لأنَّ أهل الجاهلية كانوا يتشاءَمون بالطير.

 

والجامع لهذه الأوصاف الثلاثة قوله: ((وعلى ربِّهم يَتَوَكلون))، والتوكُّل لا بد له من أمرين:

1- تفويض الأمر لله - جل وعلا - واعتماد القلب عليه مع صحة الإيمان والمعتقد.

2- فعل الأسباب التي أمر الله بها؛ سواء كانت دينية؛ كأداء الفرائض، والبُعد عن النواهي، أو كانت دنيويَّة؛ كالحرث، والزراعة، والتجارة، ونحوها؛ لأنَّ النصوص كثيرة في الأمر بالتوَكُّل، ولا بدَّ من فعل السبب.

 

وأما أن يقولَ الإنسان: لن أفعل السبب؛ لأنني مُتَوَكِّلٌ على الله - جل وعلا - فهذا فَهْمٌ خطأ، فهذا يُسَمَّى: (تَوَاكُلاً)، لا (تَوَكُّلاً).

 

ومما يدل على فعل السبب:

• قول الله - عز وجل -: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾[9]، فالعزيمة سببٌ لا بدَّ منه مع التوكُّل.

• وأيضًا أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على فعله للسبب مع توكُّلِه، وهو إمام المتوكِّلين، فقد كان يَعُدُّ العُدَّة قبل خوضه للمعارك، ويُهَيِّئ أسبابها ويرفع يديه للسماء يدعو: ((اللهم مُنزل الكتاب، ومُجْرِي السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم))[10]، وأرشد في طلَب الرزق من الله - جل وعلا - التوكل عليه وفعل السبب؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لَأَنْ يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدو فيحتطب، فيبع فيأكل ويتصدق، خيرٌ له من أن يسأل الناس))[11]، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة، وأيضًا دلالة العقل عليها، فليس من التوكُّل أن يترك الإنسان الأسباب في جلب الولد مثلاً؛ كالنكاح، ويقول: أريد بتَوَكُّلي على الله - جل وعلا - أن يرزقني ولدًا، وكذا في الرزق، وغيرها من الأمور، فلا بد من الشرطَيْن حقيقة؛ الاعتماد على الله - جل وعلا - مع فِعْل الأسباب.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "التحفة العراقية": "التوكُّل المأمور به هو ما اجتَمَع فيه مقتضى التوحيد، والعقل، والشرع، فالالتفاتُ إلى الأسباب شركٌ في التوحيد، ومحوُ الأسبابِ أن تكون أسبابًا نَقْصٌ في العقْل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدْح في الشرع".

 

فعدم طلب الرُّقية والاكتواء والتطيُّر مع التوكُّل على الله - جل وعلا - سببٌ في دخول الجنة، بغير حساب ولا عذاب.

 

والإنسان مع الرقية على ثلاث مراتب:

1- أن يطلب الرقية: فهذا يدخل مع الذين (يسترقون)، فيفوته الفضل.

2- ألا يمنع الرقية إذ عُرِضَت عليه: فهذا لا يفوته الفضل؛ لأنه لَم يطلبها، وإنما عرضت عليه.

3- أن يمنعَ الرقية إذا عُرِضَت عليه: فهذا خلاف السنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَم يمنع عائشة حين رقته، وكذا الصحابة كان يرقي بعضهم بعضًا، فليس في الرقية حين تُعرض فيقبلها مخالفةٌ؛ فقد رقى جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كما في "صحيح مسلم" من حديث عائشة قالت: "كان إذا اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقاه جبريل، قال: باسم الله يبريك، ومن كلِّ داء يشفيك، ومِنْ شرِّ حاسد إذا حسد، وشر كلِّ ذي عين".

 

لا بد من الإيمان بعدل الله - جل وعلا - التامِّ:

فذلك اليوم يُحاسب الله عباده، وهو سريع الحساب - جل وعلا - ولا يظلم عبده مثقال ذرة؛ قال - تعالى -: ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾[12]، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾[13].

وقال - تعالى -: ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾[14]، وقال: ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾[15]، والنصوص في إثبات هذا كثيرةٌ مُستَفِيضة[16].

•       •       •

 

قال المصَنِّف - رحمه الله -:

"وتُنْصَبُ الموازين".

61- والميزانُ له كِفَّتانِ ولِسانٌ، تُوزَنُ به الأعمال: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾[17].

 

الشرح

عاشرًا: الميزان:

تعريفه لغة: ما تُقَدَّر به الأشياء خِفَّةً وثقلاً.

وشرعًا: هو ميزانٌ حقيقي له كفتان، يضعه الله - عز وجلَّ - يوم القيامة؛ لوَزْن أعمال العباد.

 

الميزان ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:

فمن الكتاب: قوله - تعالى -: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾[18].

ومن السنة: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتفق عليه؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))، وأجمع السلف على ثبوت ذلك.

 

الميزان حِسِّيٌّ له كفتان حسيتان:

ويدل على ذلك حديث البطاقة، حديث عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله سيُخَلِّصُ رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سِجلاًّ، كل سجل مدّ البصر، ثم يقول: أتُنْكِرُ من هذا شيئًا؟ أَظَلَمَكَ كتَبَتي الحافظون؟ قال: لا يا رب، فيقول: أَلَكَ عذرٌ أو حسنة؟ فيبهت الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنةً واحدةً، لا ظُلْم اليوم عليك، فتخرج له البطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: أحضروه، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تُظلم، قال: فتُوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، قال: فطاشت السجلات، وثَقُلَت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء))[19]، وموطن الشاهد من الحديث قوله: ((فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة)).

 

ما الذي يوزن؟

اختلف أهل العلم في ما الذي يوزن على أقوال:

القول الأول: أن الذي يوزن العمل؛ واستدلوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)).

وحديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من شيء أثقل في الميزان من حُسن الخلق))[20].

 

القول الثاني: أن الذي يوزن العامل؛ واستدلوا: بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه ليأتي على الرجل السمين يوم القيامة لا يَزِن عند الله جناح بعوضة))[21].

وحديث ابن مسعود: أنه كان دقيقَ الساقين، فجعلت الريح تلقيه؛ فضحك القوم منه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مِمَّ تضحكون؟))، قالوا: يا نبي الله، من دِقَّة ساقيه، قال: ((والذي نفسي بيده، لَهُمَا أثقل في الميزان من أُحُدٍ))[22].

 

والقول الثالث: أن الذي يوزن الصحف.

واستدلوا: بحديث البطاقة، وتقدم ذكرُه قريبًا.

والأظهر - والله أعلم -: أن كل ذلك يوزن: العمل والعامل والصحف؛ لدلالة الأدلة عليها جميعًا.

قال ابن كثير في تفسيره[23]: "وقد يُمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحًا؛ فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلُها - والله أعلم.

 

وهل هو ميزان واحد، أو موازين كثيرة؟

قال شيخُنا ابن عُثَيمين: "واختلف العلماء: هل هو ميزان واحد أو متعدد؟ فقال بعضهم: متعددٌ بحسب الأمم، أو الأفراد، أو الأعمال؛ لأنه لَم يرد في القرآن إلا مجموعًا، وأما إفراده في الحديث فباعتبار الجنس.

وقال بعضهم: هو ميزان واحد؛ لأنه ورد في الحديث مفردًا، وأما جمعه في القرآن فباعتبار الموزون، وكلا الأمرين محتمل، والله أعلم".

•       •       •

 

قال المصنِّف - رحمه الله -:

"وتُنْشَرُ الدَّواوين، وتَتَطايَرُ صُحُف الأَعْمال إلى الأَيْمان والشَّمائل: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴾[24].

 

الشرح

الحادي عشر: نشر الدواوين:

تعريف نشر الدواوين:

النشر لغة: بَثُّ الشيء، وشرعًا: إظهار صحائف الأعمال يوم القيامة وتوزيعها.

والدواوين لغة: جمع ديوان، وهو الكتاب الذي يُحصَى فيه الجند ونحوهم.

وشرعًا: هي الصحائف التي أحصيت فيها الأعمال التي كتبها الملائكة على العامل.

 

فنشر الدواوين: إظهارُ صُحُفِ الأعمال يوم القيامة التي كتبتْها الملائكةُ، بما فيها من أعمال العباد.

 

ونشر الدواوين ثابت بالنص والإجماع:

فمن النصوص: قوله - تعالى -: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾[25].

وأجمع السلف على إثبات نشْر الدواوين في ذلك اليوم.

 

• المجرمون مشفقون مما في هذا الكتاب؛ لأنه لا يُغادر شيئًا إلا وهو مكتوب؛ قال - تعالى -: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾[26].

 

صفة أخد الكتاب:

فأما السعيد فسوف يأخذ كتابه بيمينه؛ فيفرح ويسْتَبْشِر، وبيَّن الله - جل وعلا - حاله فقال - تعالى -: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾[27]، وأما الشقي فإنه يأخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره، وبيَّن الله - عز وجل - حاله فقال - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴾[28].

 

• كيف نجمع بين قوله - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ﴾[29]، وقوله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ﴾[30]؟

قال شيخُنا ابن عُثيمين: "الجمع بينهما أنْ يُقال: يأخذه بشماله لكن تخلع الشمال إلى الخلف من وراء ظهره، والجزاء من جنس العمل، فكما أن هذا الرجل جعل كتاب الله وراء ظهره، أُعْطِي كتابه يوم القيامة من وراء ظهره؛ جزاءً وفاقًا"[31].

 

الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح



[1] [الغاشية: 25 - 26].

[2] [الانشقاق: 8].

[3] متفق عليه.

[4] انظر: "شرح العقيدة الواسطية" ص (513).

[5] [الأعراف: 179].

[6] رواه الترمذي.

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.

[9] [آل عمران: 159].

[10] رواه مسلم من حديث عبدالله بن أبي أوفى.

[11] رواه البخاري من حديث أبي هريرة.

[12] [غافر: 17].

[13] [النساء: 40].

[14] [النساء: 49].

[15] [النساء: 124].

[16] والفتيل: هو الخيط الذي يكون في شِقِّ النواة، والنقير: هي النقرة الصغيرة التي تكون في ظهر النوة.

[17] [المؤمنون: 102 - 103].

[18] [الأنبياء: 47].

[19] رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصحَّحه ابن حبان، والحاكم، ووافقَه الذهبي وحسَّنَه، والترمذي، وصححه الألباني في "الصحيحة" (135)، وقال: "والأحاديث في ذلك متضافرةٌ، إن لَم تَكُنْ متواترة".

[20] رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".

[21] متفق عليه.

[22] رواه أحمد.

[23] "تفسير ابن كثير" (3/202).

[24] [الانشقاق: 7 - 12].

[25] [الإسراء: 13].

[26] [الكهف: 49].

[27] [الحاقة: 19 - 24].

[28] [الانشقاق: 10- 12].

[29] [الحاقة: 25].

[30] [الانشقاق: 10].

[31] انظر: "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/ 42).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (16)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (17)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (18)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (19)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (20)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (21)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (22)

مختارات من الشبكة

  • تيسير رب العباد شرح لمعة الاعتقاد(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (14)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (12)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (10)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (9)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (8)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (7)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (6)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب