• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

تذكير بني الإنسان بأصول الإيمان (2)

فادي نضال عمر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/12/2009 ميلادي - 11/1/1431 هجري

الزيارات: 9429

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده.

أما بعد:
فقد ذكرنا في الرسالة الأولى من هذه السلسلة مقدمة مهمة، تحدثنا فيها عن المنهج الصحيح القويم، وعن معنى الإسلام والإيمان، فراجعها - رحمك الله - فإنها مهمة، وفي هذه الرسالة نتحدث عن الركن الثاني من أركان الإيمان، وهو الإيمان بالملائكة.

الإيمان بوجودهم وخلقهم وفضلهم وعظمتهم:
الملائكة هم خلق الله - تعالى - خلقهم لعبادته وحده، ووكل إلى بعضهم بعض الوظائف التي سنبين بعضها - إن شاء الله - وقد ثبت وجود وخلق الملائكة في كثير من نصوص القرآن والسنة الكريمة؛ فقال - تعالى -: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، وقال - جل شأنه -: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161]، وقال - عز من قائل -: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18]، وقال أيضًا: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 1- 2].
 
والنصوص القرآنية كثيرة في ذكر الملائكة، أما في السنة فجاء ذكرهم مجملاً ومفصَّلاً في أحاديث كثيرة، نسوق الآن منها حديثًا ونذكر بعضها في محلها؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((خُلِقَت الملائكة من نور))؛ رواه مسلم.

فالملائكة مخلوقات نورانية، خُلِقت من نور لعبادة الله وتسبيحه وتحميده وتنفيذ أوامره، فهم جند لله - تعالى - وفضلهم عظيم، والإيمان بهم واجب، ومنهم جبريل وميكائيل وإسرافيل - عليهم السلام - والكفر بهم كفرٌ بالله - تعالى - قال - تعالى -: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98].
 
ولا يمكن أن يكون أصل إبليس الرجيم من الملائكة كما قال بعضهم؛ لأن الجان خلقت من مارج من نار ولم يُخْلَقوا من نور، وقد قال - تعالى - عن إبليس اللعين: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50].

الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون، وقيل: إنهم صُمدٌ؛ أي: لا أجواف لهم، وهم أصناف في خلقتهم؛ فمنهم ذوو الجناحين، ومنهم مَن له ثلاثة أجنحة، ومنهم مَن له أربعة؛ قال - تعالى -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، ومنهم مَن له أكثر من ذلك؛ فقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى جبريل - عليه السلام - مرتين على صورته الحقيقية، وله ستمائة جناح قد سدَّ الأفق.

ولا يمكن لأحد من البشر معرفة عدد الملائكة؛ فقد قال - عز وجل -: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر: 31]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئطَّ؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدًا))؛ رواه الترمذي وصححه الألباني، وقال - عليه الصلاة والسلام - في ذكر بيت الله البيت المعمور الذي تقصده الملائكة في كل يوم: ((فرُفِع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم))؛ أخرجاه، ففي كل يوم يأتيه سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ثانية.

وقد امتدح الله - تعالى - الملائكة وكرمهم، وجعل الإيمان بهم ركنًا ركينًا من أركان الإيمان، الذي لا يتمُّ ولا يكمل إلا به، وقد أثنى عليهم في أكثر من موطن في كتابه العزيز؛ فقال - تعالى -: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15- 16]، وقال - تعالى -: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50]، وقال أيضًا: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77- 79].

فقد وصفهم بهذه الأوصاف الحميدة وغيرها اللائقة بمقامهم، فهم كرام بررة، لا يعصون الله ما أمرهم، مطهَّرون من دنَس الشرك والمعاصي، ومن النجاسات الحسية.

وقد أثنى الله عليهم في سياق الآية الأخيرة بصفة الطهارة؛ لأنهم أهلٌ لذلك، ولتعلق هذا الثناء أيضًا بمسِّ كتاب الله - تعالى - الكريم، فكأن المراد أن هذا الكتاب لا يجب مسُّه إلا على طهارة، فالملائكة الذين هم مبرَّؤون من كل دنَس ونجاسة معنوية وحسية؛ قال الله فيهم: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، فما بالكم بِمَن هو ينجس معنويًّا وحسيًّا أحيانًا؟!

ولم يقل - تعالى -: يمسه المطهرون، بل أخبر بصيغة (لا) و(إلا)، نفي وإثبات، وهي صيغة حصر، ولم يصفهم أيضًا بوصف آخر هنا؛ بل وصفهم بالطهورية، مع أن هذا الأمر مُسَلَّم به، فعليه تكون هذه الآية من آيات الإخبار المراد بها الإنشاء وهو الأمر؛ أي: لا تمسوه إلا وأنتم على طهارة.

وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في أفضلية الملائكة والبشر؛ فذهبت طائفة إلى أن الملائكة أفضل من البشر، وذهبت أخرى إلى أن البشر أفضل؛ لأن الله - تعالى - أسجد الملائكة لأبيهم آدم - عليه السلام - وذهبت ثالثة إلى التفصيل وهو الراجح، وعليه نقول: إن الإنسان إذا أصبح زاهدًا في الدنيا، لا يشغله إلا طلب الآخرة ولا يعبد الله إلا محبة، وبين الخوف والرجاء، يراقب الله في جميع أموره، فإنه أفضل عند الله من بعض ملائكته وليس من جميعهم؛ ذلك أن الملائكة لا هوى ولا شهوة لديهم، والإنسان جُعِلت فيه بعض الشهوات والميل إلى الدنيا، كما جُعِلَت فيه إرادة صدها ومنعها واستعمالها فيما أحلَّه الله؛ قال - تعالى -: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40- 41].

والملائكة خلق عظيم جدًّا، ومن معرفة عظمتهم يتبيَّن لنا مدى عظمة الله - سبحانه وتعالى - وقدرته؛ قال - صلى الله عليه وسلم - : ((أُذِن لي أن أحدِّث عن ملك من ملائكة الله، من حملة العرش: إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام))؛ رواه أبو داود وصححه الألباني.

فسبحان الله! هذا الملك العظيم من حملة العرش يسبح لله ولا يستكبر؛ كما جاء في بعض الروايات أنه يقول: سبحانك، أين كنت وأين تكون، ونحن الضعفاء المساكين، نستكبر على الله وقد ملأنا الأرض كبرًا وغرورًا وجورًا.

وقد جاء في "سنن الترمذي" أيضًا: أن يهودًا أقبلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الرعد، ما هو؟ قال: ((ملك من الملائكة موكَّل بالسحاب، معه مخاريق من نارٍ يسوق بها السحاب حيث شاء الله))، فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: ((زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر))؛ صححه الألباني.

فهذا الصوت الذي قد يقضُّ المضاجع أحيانًا، ويزلزل القلوب أحيانًا أخرى - هو صوت ملك من ملائكة الرحمن، فيا سبحان الله! ما أعظم خلقَه وصنعه!
وقد تقدم أن جبريل - عليه السلام - له ستمائة جناح قد سدَّ الأفق، وفي بعض الروايات عن مجاهد وقتادة وغيرهما: أن الله لما أراد إهلاك قوم لوط أرسل إليهم جبريل - عليه السلام - فاحتمل قُرَاهم على أحد أجنحته حتى بلغ بها السماء الدنيا، فسمع مَن في السماء صوت كلابهم ودجاجهم، ثم قلبها وأرسلها إلى الأرض منكوسة، هذا كله بجناح واحد، ثم أتبعهم الله حجارة من سجِّيل، وما هي من الظالمين ببعيد، فليتقِ الله مَن يفعل فعل قوم لوط، نسأل الله العافية.

الإيمان بأعمالهم ووظائفهم:
إن الملائكة أصناف وأنواع، وهم في جملتهم يعبدون الله جميعًا لا يفترون عن عبادته، ولكن الله - تعالى - أَوْكَل إلى بعضهم بعض المهامِّ والوظائف إلى جانب العبادة؛ ومن ذلك:
جبريل - عليه السلام – وُكل إليه مهمة الوحي وفيه حياة القلوب.
ميكائيل - عليه السلام - وُكِل إليه مهمة القطر؛ أي: المطر وإنبات النبات بإذن الله، وفيه حياة الأرض والناس.
إسرافيل - عليه السلام - وُكل إليه مهمة النفخ في الصور - البوق أو القرن - وفي النفخة الأخيرة حياة الناس وبعثهم للحساب.

وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما كان يقوم من الليل كان يفتتح صلاته بدعائه: ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك أنت تهدي مَن تشاء إلى صراط مستقيم)).

وفي اختيار هذا الدعاء كاستفتاح لصلاة الليل مناسبة ظاهرة كما قال بعض أهل العلم، فاستيقاظ العبد من النوم هو بعْث له من الموت الأصغر وهو متضمِّن لمعنى الحياة، والملائكة المذكورين في الدعاء - عليهم السلام - وُكل إليهم مهامُّ تتضمَّن معاني للحياة أيضًا كما بينا ذلك، والله أعلم.

ملك الموت أيضًا وُكِّل إليه مهمة قبض الأرواح؛ قال - تعالى -: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: 11]، ولم يصحَّ اسم "عزرائيل"، ولم يرد في حديث، بل الثابت هو ملك الموت.

مالك أُوكِل إليه خزانة النار؛ قال - تعالى - على لسان المعذَّبين في نار جهنم: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، نعوذ بالله من النار.

خازن الجنة وُكِّلت إليه مهمة خزانة الجنة - جعلنا الله وإياكم من أصحابها - ولم يثبت اسم "رضوان" لخازن الجنة.

من الملائكة التي وُكِّل إليها مهامُّ أيضًا: المعقبات؛ قال - عز وجل -: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11]، وهؤلاء يحفظون الإنسان من السوء ويكلؤونه بإذن الله - تعالى - حتى إذا جاء أمر الله وقدر عليه مصابًا، خلو عنه.

ومنها أيضًا الملائكة الكاتبون؛ قال - تعالى -: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10- 12]، وقال أيضًا: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، ورقيب وعتيد هاتان صفتان للملكين وليستا اسمين لهما.

ومنها الملائكة التي تأمر بني آدم بالخير؛ قال - عليه الصلاة والسلام - : ((إن للشيطان لَمَّةً بابن آدم، وللملك لَمَّةً: فأما لَمَّة الشيطان، فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وأما لَمَّة الملك، فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمَن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، فليحمد الله، ومَن وجد الأخرى فليتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ...})) الآية [البقرة: 268]؛ رواه الترمذي وصححه الألباني.

وأودُّ الإشارة هنا إلى أمر يتداوله الناس ويسمونه بالحاسة السادسة أو السابعة، ما هي هذه الحاسة؟ لن تجد جوابًا عندهم، وبعض النفسانيين يسمونها قوة التركيز والطاقة البشرية الخارجة، وفي الحقيقة هذه المصطلحات هي ليست من الإسلام في شيء؛ إذ إنها تعزو الأمر إلى غير الله - تعالى - وهي مصطلحات دخيلة، نعم للإنسان طاقة لا نجحدها؛ ولكن هل هي والتركيز نبَّأت الإنسان بما قد سيحدث أو أشعرته بذلك؟

الحقيقة أن مثل هذه المشاعر والأحاسيس هي إلهام من الله يقذفه في روع الإنسان، أو هو من لَمَّة الملك يقول له: افعل كذا واترك كذا، وقد يشعره - بإذن الله - ببعض الأمور التي ربما تحدث له مستقبلاً.

ومنها ملائكة يتتبَّعون حِلَق العلم والذكر يحفُّونهم؛ يروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن لله سيارةً من الملائكة يطلبون حِلَق الذكر...)) والحديث هذا فيه مقال؛ ولكن يقوِّيه حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - عند الإمام مسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن عنده))، ويا له من أجر عظيم في حلقات العلم التي هجرها الكثير من الناس؛ جريًا وراء الدنيا!

ومنها ملائكة تكون على أبواب المساجد يوم الجمعة، يكتبون الداخلين إلى المسجد لحضور الجمعة، الأولَ فالأولَ إلى أن يجيء الإمام، فمَن أعجل وسبق كان أجره أعظم ممن تأخر؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((على كل باب من أبواب المسجد يوم الجمعة ملكان يكتبان الأول فالأول، فكرجل قدَّم بَدَنَةً، وكرجل قدَّم بقرة، وكرجل قدَّم شاة، وكرجل قدم طيرًا، وكرجل قدَّم بيضة، فإذا قعد الإمام طُوِيَت الصحف))؛ رواه المنذري وصححه الألباني.

ومنها المَلَكان اللذان يسألان الإنسان في قبره، وعذاب القبر ونعيمه ثابت بالسنة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوَّذ بالله من عذاب القبر ويأمر بالتعوُّذ منه، وفي شأن المَلَكين اللذين يأتيان الواحد منَّا في قبره يقول - عليه السلام -: ((يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: مَن ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان: ما هذا الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان: وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]، قال: فينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له فيها مدَّ بصره، وأما الكافر - فذكر موته قال -: وتُعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: مَن ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بُعِث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب، فافرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، قال: فيأتيه من حرِّها وسمومها، قال: ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ثم يُقَيَّض له أعمى أصم، معه مِرْزَبَةٌ من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابًا، فيضربه به ضربةً يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابًا، ثم يُعاد فيه الروح))؛ رواه أبو داود، وجمْع من أهل العلم، وصححه الألباني، أما عن اسم منكر ونكير، ففيه خلاف بين أهل العلم في ثبوتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

ومنها الزبانية وهم ملائكة النار والعذاب - أعاذنا الله منها - قال - تعالى -: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 17- 18]، ومنهم مَن يأتي يوم القيامة يجرُّ نار جهنم - والعياذ بالله - قال - عليه الصلاة والسلام -: ((يؤتَى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زِمام، مع كل زِمام سبعون ألف ملك يجرُّونها))؛ رواه مسلم.

ومنها الكثير غيرها؛ كملائكة الجبال والبحار والمحيطات، وحمَلَة العرش، وملائكة النار التسعة عشر، وغيرهم، ومنها ما لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى.

آثار الإيمان بالملائكة:
من بعض آثار الإيمان بالملائكة:
أن تستشعر عظمة الله - سبحانه وتعالى - وقدرته العظيمة على خلق وفعل ما يشاء.
أن تستشعر جبروت الله - تعالى - وأنه لا يعجزه شيء في السماء ولا في الأرض - سبحانه.
أن تستشعر كرَم الله ورحمته - سبحانه - إذ جعل لك مَن يحفظك في الأرض بأمره، ويحفظك وأنت قائم أو قاعد أو ساعٍ أو نائم.
أن تستشعر ذلَّ وصغار البشر إن لم يُؤيَّدوا بنصر من الله - تعالى.

هو دواء لداء العُجْب والكِبْر أيضًا، فالملائكة مع عظم قدرهم وقدرتهم هم عبيد لله - تعالى - فما بالنا نتكبَّر على الله وعلى خلقه في الأرض ونحن ضعاف؛ قد تؤذينا شوكة، وتمرضنا حشرة، وتقتلنا فيروسات متطفلة؟!

ومن آثارها أن تقوِّي عندك جانب الإيمان بالغيب؛ فتصبح ممَّن أثنى الله عليهم في قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 2- 5]، وقال أيضًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك: 12].

من آثار الإيمان بالملائكة أيضًا أن تحبهم؛ لأنهم عبيد الله - تعالى - ولأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم، ولأنهم يحفظونك بأمر الله - تعالى.

ومن تلك الآثار أيضًا أن تكرمهم، فلا تجعلهم يرون ما يكرهون ولا يسمعون ما يكرهون، وهذه نقطة أغفلها كثير من الناس في حق الله - تعالى - فضلاً عنه في حق الملائكة؛ قال النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)) يريد صورة التماثيل التي فيها الأرواح؛ أخرجاه، وقال - عليه السلام -: ((لا تصحب الملائكة رفقةً فيها كلب أو جرس))؛ رواه أبو داود وصححه الألباني، وإن رأيت بيوت المسلمين اليوم علمت لمَ تكثر فيها المشاكل والقلاقل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن تلك الآثار أيضًا أن تخشى الله، وتعلم أن عليك ملائكة يكتبون ما تقول وتفعل، فلا تقول حرامًا ولا تفعل حرامًا، بل ستكثر من الكلام الطيب وذكر الله والعمل الصالح.

ومن تلك الآثار أيضًا - و هو أثر مهم جدًّا؛ إذ ضلت طوائف من الناس لإغفالهم إياه -: أن تعبد الله وحده، وأن لا تعبد الملائكة أو الصالحين معه، فإذا كان الملائكة يعبدون الله، فكيف تشرك بالله - تعالى - وتعبد مَن هو محتاج إلى عبادة الله - سبحانه وتعالى - وتدعوهم وتستغيث بهم من دون الله؟!

وهذه هي بعض الآثار وإلا فهي كثيرة جدًّا ولا يحصيها مثلي، وأرجو من الله أن يتقبل فعلي، وأن يجعلنا من عباده المؤمنين الأخيار، الذين لا يرضون بهذي الدار، بل نفوسهم إلى الآخرة اشتاقت، وإلى لقاء ربها تاقت، وإلى جنات الخلد تطلَّعت، وصبرت في سبيل الله مهما توجَّعت، ومهما منها الصلات تقطعت، وأسأل الله أن يعتق رقابنا من النار، وأن يدخلنا برحمته جنات تجري من تحتها الأنهار، وأسأله - سبحانه - أن يتقبَّل صالح أعمالنا، وأن يغفر لنا جهلنا، وإسرافنا في أمرنا، وهزلنا وجدَّنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا، وأن يرحمنا ويهدينا إلى صراطه المستقيم، إنه هو الغفور الرحيم، وهو - سبحانه - هادي العباد إلى سبيل الرشاد.

وصلِّ اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تذكير بني الإنسان بأصول الإيمان (1)
  • فلماذا إذًا تبحث عن الحقيقة؟
  • أحاديث الإيمان
  • فضل الإيمان وأنه يزيد وينقص
  • الإيمان قاعدة الإصلاح
  • الإيمان قول وعمل
  • الإنسان الذي يريده الإسلام
  • بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (1)
  • من أصول الإيمان: الإيمان بالملائكة (خطبة)
  • أصول الإيمان

مختارات من الشبكة

  • موجة الحر: تذكير وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير أهل الإيمان بوجوب الاطمئنان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التذكير بنعمة إدراك رمضان وما ينبغي فيه لأهل الإيمان(مقالة - موقع العميد: عبدالعزيز بن عبدالله القصير)
  • تذكير أهل الإيمان بصفة عباد الرحمن(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • تذكير العباد بأخبار كندة والبحرين وبني مراد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التذكير بليالي التشمير (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: «كل أمتي يدخلون الجنة» الجزء السابع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موعظة وتذكير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء السادس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير العابد بفضائل وآداب المساجد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب