• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الترويح عن النفس في الإسلام

فيصل بن علي البعداني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2009 ميلادي - 11/11/1430 هجري

الزيارات: 244824

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الترويح عن النفس في الإسلام


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فمن فضل الله تعالى على أمة الإسلام أن دينها الكريم يمتاز بشمول أحكامه لكافة جوانب الحياة المختلفة، كما قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾[المائدة: 5]، وقال سبحانه: ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38].
هو مع هذا الشمول يتحلى بكون أحكامه المباركة تجمع بين المثالية والواقعية؛ إذ تتسم بكونها خير الأحكام وأشرفها وبكونها يسيرة الامتثال سهلة التطبيق في آن واحد.

ولعل من أهم جوانب الحياة التي يتجلى فيها الأمر بجلاء، قضية: (الترويح عن النفس)، والتي أصبحت إحدى القضايا الحاضرة في عالمنا المعاصر، حتى شغلت في الجملة: الشيب قبل الشباب!، وأبناء الريف قبل المدن!، وتجاوزت حدود الفرد والأسرة إلى الدول والمجتمعات!، حتى صار لها مؤسساتها المتنوعة واتحاداتها التي لا يكاد يمكن حصرها في عامة الدول.

ومما شجع على الكتابة في هذا الموضوع الهام قلة الدراسات التأصيلية في هذا الباب من وجهة نظر إسلامية؛ إذ لا تخلو جل الكتابات الجادة في هذا الباب من كونها إما دراسات وصفية لكيفية تعامل شريحة ما من شرائح المجتمع مع الأنشطة الترويحية، وبعضها قد يزيد التقويم لذلك، وإما دراسات تعرضت لمفهوم الترويح وأسسه، ولكن في إطار تصور غير إسلامي، إضافة إلى مسيس الحاجة لمعرفة الأحكام الشرعية التفصيلية المتعلقة بهذا الموضوع لدى أفراد الأمة بعامة، ولدى المؤسسات التربوية وجهات التوجيه المعنية بفئات الشباب والفتيات بخاصة؛ نظراً لرواج ثقافة الترويح وتحولها في عصرنا من جهود فردية إلى صناعة عالمية لها أهدافها ومراميها المختلفة، وتحول كثير من مؤسسات الترويح في عصرنا في كثير من بلدان الإسلام من مؤسسات بناء إلى إلهاء، ومن جهات تعنى بغرس مفاهيم الوسطية والاعتدال، والتأكيد على الارتباط الوثيق بقيم الأمة وثوابتها بعيداً عن التشدد والإفراط إلى تقعيد وممارسةٍ حادةٍ لسلوكيات التفلت والتفريط؛ مما يحتم على أهل العلم والفكر القيام بواجبهم في التصحيح والمناصحة والبناء.
وحيث إن الموضوع ذو سعة كبيرة تجعل من غير المتاح تناوله تناولاً متكاملاً في مثل هذه الورقات، فقد اهتممت في التعرض للجانب التأصيلي للموضوع، وأوردت نماذج تطبيقية توضح ذلك وتشهد له، وتركت جانب الوصف والتحليل لمجالات ووسائل الترويح نظراً لدوران هذا البحث بدرجة كبيرة حول قضايا التقعيد والتأصيل.
وسيتم تناول هذا الموضوع من خلال العناصر الآتية:
أولاً: التعريف بمصطلحات البحث:
تعريف الإسلام:
الإسلام لغة، من (س ل م)، وهو أصل صحيح مأخوذ غالباً من الصحة والعافية، فالسلامة أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى. والله - عز وجل- هو السلام؛ لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفساد، والإسلام: الإنقياد والخضوع والإذعان؛ لأن صاحبه يسلم من الإباء والامتناع، وسمي المسلم مسلماً: إما لأنه مستسلم لله منقاد له. وإما لكونه مخلصاً عبادته لربه، من قولهم: سلَّم الشيء لفلان، أي: خلَّصه، وسَلِم الشيء له، أي: خَلَص له[1].
أما في الاصطلاح الشرعي فلإطلاقه حالتان:
الأولى: أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإيمان، فهو حينئذ يراد به الدين كله: أصوله وفروعه من اعتقاداته وعباداته ومعاملاته وأخلاقه القولية والعملية، ومن النصوص التي أريد بها هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].
الثانية: أن يطلق مقترناً بالإيمان، فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة دون الاعتقادات، ومن النصوص التي أريد بها هذا الإطلاق قوله تعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 14][2].
تعريف النفس:
النفس في اللغة تطلق على معان عدة، كالروح، والدم، والجسد، والعين، والعند، والعظمة، والعزة، والهمة، والأنفة، والغيب، والإرادة، والعقوبة، والسعة، والفسحة في الأمر[3].
أما في الاصطلاح فهي لفظ مشترك يطلق على عدة معان، يقرب من غرضنا هنا الإطلاقات الثلاثة الآتية:
أ- الإنسان بجملته:
إذ يراد بالنفس ذات الإنسان بكليته: جسداً وعقلاً وروحاً، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، وقوله سبحانه: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ﴾ [المائدة: 45]، وقوله عز وجل: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38][4].

ب-  الروح:
إذ تطلق النفس على الروح وحدها دون العقل والجسد، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ﴾ [الأنعام: 93]، وقوله تقدست أسماؤه: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42][5].

جـ- المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان:
يقول الغزالي - رحمه الله تعالى- في هذا السياق ما نصه: (وهذا الاستعمال هو الغالب على أهل التصوف؛ لأنهم يريدون بالنفس: الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان، فيقولون: لا بد من مجاهدة النفس وكسرها)[6] ، وهذا المعنى هو جزء من النفس لا كلها، وهو ما يطلق عليه بعض علماء السلوك بالنفس الأمارة بالسوء.  
والمقصود بالنفس هنا: هو المعنى الأول، أي: الإنسان بجملته.
تعريف الترويح:
الترويح في اللغة مأخوذ من مادة (روح)، والتي تدور حول معاني: السعة، والفسحة، والانبساط، وإزالة التعب والمشقة، وإدخال السرور على النفس، والانتقال من حال إلى آخر أكثر تشويقاً منه[7]، يقال: روح عني فاسترحت، وقال الليث: (الراحة: وجدانك رَوحاً بعد مشقة، تقول: أرِحني إراحةً، فأستريح)[8]، وقال ابن الأثير: (يقال: أراح الرجل واستراح إذا رجعت نفسه إليه بعد الإعياء)[9] ، وقال الفيومي: (الراحة: زوال المشقة والتعب، وأرحته: أسقطت عنه ما يجد من تعبه فاستراح)[10].

أما في الاصطلاح فقد تعددت مناحي التعريف بحسب اختلاف نظرات الباحثين لقضية الترويح ذاتها، ويمكن إيجاز أهم التوجهات في هذا الجانب بما يأتي:
أ- ربط تعريف الترويح بالغرض الذي يؤديه:
وعلى هذا فالترويح هو تسرية النفس والتنفيس عنها[11]، أو هو التفريغ للطاقة الزائدة، أو ما أسهم في التعويض عن نقص معين، أو ما ساعد على النمو الجسماني[12]، وسمى بعضهم هذا التوجه بـ: "نظرية التعبير الذاتي"[13].

ب- ربط تعريف الترويح بالوقت:
وعلى هذا فالترويح هو التعبير المضاد للعمل، على أساس أن الإنسان قليلاً ما يجد في عمله نوعاً من الترويح[14].

جـ- ربط تعريف الترويح بالغرض والوقت معاً:
وعلى هذا فالترويح: أوجه النشاط التي يمارسها الفرد في أوقات فراغه، والتي يكون من نتائجها الاسترخاء والرضاء النفسي[15]. 
وقد ذهب بعض المختصين في الأعمال الترويحية إلى ضرورة اشتراط النفع في العمل الترويحي سواءًا أكان نفعاً فردياً أم جماعياً، نفسياً أم بدنياً أم عقلياً[16].
ومن تعريفات بعض الباحثين للترويح:
قال بسيوني: (الترويح هو طريق للحياة الإنسانية، يتحقق بأداء أنشطة بدنية أو فنية أو عقلية تغاير نوع العمل، ويتم وفق الرغبة الحرة وتحقيق النفع الشخصي أو العام، في إطار الضوابط الخلقية والاجتماعية المنبثقة من الدين والعرف)[17].
ويذكر د. الخولي بأن الترويح: (إدخال السرور على النفس، وتجديد نشاطها بوسائل اللهو والترفيه المباحة)[18].
ويذهب د.الوكيل إلى أن المراد بالترويح (إدخال السرور على النفس وإنعاشها بحالة؛ لما تجده من الراحة في عمل أو قول تميل إليه)[19]. 
بينما يذكر د. الفعر بأن الترويح: (طلب راحة النفس، وهو أمر عام لا يتحدد في شكل معين)[20]. 
ويعد د. السمالوطي الترويح (كل استمتاع مثمر ومشروع بوقت فراغ الإنسان، بما يعود على الإنسان بالنفع وعلى المجتمع بالنمو والتقدم)، وفي موضع آخر يذكر بأنه: (حسن استثمار وقت فراغ الإنسان، بما يحقق له الانتعاش والسعادة وتجديد طاقته الفعلية والجسمية)[21].
ويعرفه د. فضالي بكل (نشاط ذو فائدةٍ ما يمارس اختياراً في أثناء الفراغ، بدافع ذاتي من الرضى الشخصي الذي ينتج عنه، ويعتبر ميداناً فسيحاً سعته سعة الإنسان ذاته)[22].
بينما ينحو د. باقادر إلى أنه (الجانب البناء من النشاط المحبب إلى النفس في ظل أحكام الشريعة الإسلامية الذي يضم جميع نشاطات الفرد العقلية والوجدانية والبدنية، في سبيل تربية الفرد المسلم بما يوافق الدين والتقاليد الإسلامية)[23].
ويسلط د. درويش والخولي الضوء على نظرة بعض باحثي الترويح الغربيين، فيقولا:
(ينظر كل من كراوس”Kraus” وبرباراباتس ”Barbara Bates” إلى الترويح على أنه نشاط وخبرة وحالة انفعالية تطرأ على الفرد؛ نتيجة لممارسته لأنشطةٍ من خلال واقع شخصي. كما يشيرا أيضاً إلى: أن الترويح قد يتكون من بعض الممارسات العابرة والوقتية أو الارتباط الجاد ببعض أنواع الممارسات طوال الحياة. ويرى بتلر”Petller” أن الترويح هو نوع من أنواع النشاط التي تمارس في وقت الفراغ، والتي يختارها الفرد لممارستها بدافعية ذاتية، والتي يكون من نتائجها اكتساب الفرد لقيم بدنية وخلقية ومعرفية واجتماعية. ويصف تشارلز بيو تشو”Charles Bacher” الترويح بأنه يرتبط بأوجه النشاط التي يمارسها الفرد في أوقات فراغه، والتي يكون من نتائجها الاسترخاء والرضى النفسي. أما تشارلزبرايتبل”Ckarles Brightbill” فإنه يشير إلى أن الترويح هو النشاط الذي يختاره الفرد ليمارسه في وقت فراغه، مؤكداً على أهمية ودور هذه الممارسة في تنمية وتطوير شخصية الفرد)[24].
ومن خلال تأمل التعاريف السابقة وملاحظتها يظهر أن الترويح عن النفس في الإسلام هو: البرامج والأنشطة غير الضارة التي تقام في أوقات الفراغ برغبة ذاتية؛ بغرض تحقيق التوازن والسعادة للنفس الإنسانية، في ضوء القيم والتعاليم الإسلامية.
ويتجلى بأن الترويح في اللغة والاصطلاح كلاهما يدلان على النشاط والراحة إلا أنا نقيدها في مصطلحنا الإسلامي بانضباطها بالقيم والتعاليم الإسلامية.
ثانياً: مقدمات عن الترويح:
أهمية الترويح:
تظهر أهمية الترويح عن النفس من خلال جوانب متعددة ومناحي مختلفة، لعل أبرزها:
1- إسهام الترويح في تحقيق التوازن بين متطلبات الإنسان؛ إذ في الأوقات التي تكون الغلبة فيها لجانب من جوانبه المختلفة يأتي الترويح ليحقق التوازن بين ذلك الجانب الغالب وبين بقية الجوانب الأخرى المتغلب عليها.

2- شيوع التوتر والقلق في عصرنا "عصر التقنية" بصورة مخيفة، نجم عنها عدد كبير من الأمراض النفسية الخطرة، والمشكلات الاجتماعية المتشعبة، مما جعل من الترويح الهادف أحد أهم متطلبات هذا الوقت؛ لما له من تأثير واضح وقدرة فائقة على الحد من السلبيات الناجمة عن هذا الوضعية المؤسفة.

3- إسهام البرامج الترويحية في إكساب الأفراد والمجتمعات خبرات ومهارات وأنماط معرفية متعددة، ومشاركتها الفاعلة في تنمية التذوق والموهبة، وتهيئة فرص الابتكار والإبداع[25]، حتى أن بعض المؤسسات التربوية في وقتنا في بعض المجتمعات الواعية بدأت تتجه إلى تعليم صغار أبنائها وتربيتهم من خلال الأنشطة الترويحية.

4- إن اشتغال الشباب والفتيات بالبرامج والأنشطة الترويحية الملائمة لكل جنس يسهم في تقليل الجريمة وإبعاد أفراد المجتمع عن التفكير في الانحرافات والعادات السيئة أو الوقوع فيها.
وبخاصة في زماننا هذا، والذي أسهمت فيه التقنية بامتياز في تفشي البطالة وتجاوزها لحد الظاهرة إلى المشكلة[26]، وعظم فيه الفراغ نتيجة ضعف مستوى الجدية بعامة، وقلة ساعات العمل والدراسة عن الأزمنة السالفة بصورة ملحوظة[27].

5- عمل البرامج والأنشطة الترويحية على بث سلوك السرور ودواعي البهجة في أوساط الأمة، وذلك بدوره يسهم بفاعلية في إشاعة ثقافة التفاؤل والثقة والإيجابية، والعود إلى الإمساك بزمام الفاعلية والمبادرة لدى الفئات المستفيدة من الترويح.
وفي هذا السياق يجمل ذكر مقولة أبي الدرداء - رضي الله عنه-: (إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو؛ ليكون ذلك أقوى لي على الحق)[28].
خصائص الترويح:
للترويح في الإسلام خصائص تميزه عن غيره، وتجلي مكانته، ويمكن إيجازها من خلال ما يلي:
1- كونه عبودية لله تعالى:
إذ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 162-163]، وغيرها من النصوص الدالة على هيمنة الشريعة في الإسلام على حياة الإنسان كلها: حلوها ومرها، جدها وهزلها، صغيرها وكبيرها.
والترويح هو جانب من المحيا والممات في حياة المسلم، وبالتالي فالعبد مطالب بأن يجعل منه ﴿ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾، وذلك حين ينوي به خيراً، ويتخذه وسيلة لعمل صالح يثاب عليه، ويفارقه حين يكون عملاً فاسداً قررت الشريعة النهي عنه، كما قرر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!، فقال: أرأيتم لو وضعها في الحرام، أليس كان يكون عليه وزر؟!، قالوا بلى. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال له الأجر)[29].
ولله در فقيه الأمة معاذ بن جبل - رضي الله عنه- حين قال مقرراً هذا الجانب: ( إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي)[30] ، فمتى يزول الغبش عن بعض أجيالنا المعاصرة، فتجعل من ترويحها عبودية لله تعالى.
2- ثابت المعالم متجدد الوسائل:
ليس للترويح من منظور إسلامي أن يتجاوز جوانب يرى الإسلام حرمتها وعدم الإقدام عليها، بل هو منضبط بضوابط الدين محتكم بأحكامه، وهذا هو الجانب الثابت فيه، وما سوى ذلك فللإنسان أن يبدع فيه ويجدد بحسب ما يشاء ما دام منضبطاً بحدود إطار الجانب الثابت.
وهذا التقييد للبرامج والأنشطة الترويحية من جهة، والفك وإفساح المجال أمام أصحابها للتجديد والإبداع فيها من ناحية أخرى، هو إحدى أهم الخصائص التي أعطاها الإسلام للترويح المنضبط، بعيداً عن مهاوي إفراط بعض المناهج ومزالق أخرى في التفريط.
3- يراعي طبيعة الفطرة الإنسانية:
الإنسان مكون من روح وعقل وجسد، وجاء الإسلام - في حدود الضوابط الشرعية - بتمكين الترويح من الانطلاق في تلبية احتياجات النفس البشرية من التسرية، والقيام بالتنفيس عن كل مكون من مكونات الإنسان المختلفة، ليجعل بذلك من الترويح في المجتمع المسلم غايةً في الواقعية ومراعاة حاجات المرء ومتطلباته المتنوعة.
4- الشمولية:
من يتأمل في أنواع الترويح المشروعة، وأصنافه التي أباحها الله - عز وجل- يجد تلبيتها لجميع متطلبات الإنسان التنفيسية، وشمولها لعموم احتياجات مكوناته المختلفة - الروحي منها والعقلي والجسدي- من الانبساط والتسرية، وهو ما يظهر بجلاء شمولية الترويح المنضبط بالإسلام، ويبرز أن ذلك خاصية من أهم خصائصه.
5- يحقق التوازن بين جوانب الإنسان المختلفة:
للإنسان جوانب مـخـتلـفة، وله ميول متنوعة، قد تدفعه إلى تغليب جانب أو أكثر على بقية الجوانب الأخرى، ولكن نتيجة للترابط بين جوانب الإنسان المختلفة نجده يكلّ ويملّ، ويصعب عليه مواصلة المسير، بل قد يمتنع عليه ذلك، وهنا يأتي دور الترويح لتحقيق التوازن بين تـلـك الـجـوانب؛ لكي يبتعد الإنسان عن الكلل والملل، ويعاود المسير براحة وطمأنينة.
6- ينطلق من دافِعِيّة ويمارس بانتقائية:
يـتم الإقبال على ممارسة النشاط الترويحي وفقاً لرغبة الممارس ودافعيّته الذاتية بحسب حاله من الكلل والملل أو النشاط والهمة. كما أن الإقبال يتم أيضاً وفقاً لرغبته واختياره لأي نوع من أنواع الأنشطة الترويحية التي تناسبه، وتعمل على تنميته، وتحقق ميوله ورغباته واحتياجاته[31].
7- لا يزحف على عمل جاد:
إذ لابد أن يتم ممارسة الأنشطة الترويحية في أزمنة الفراغ، والتي يتحرر فيها الفرد من قيود العمل والمسؤوليات الواجبة، ولذا فإن من أهم وظائف الترويح تمضية أوقات الفراغ واستثمارها بصورة فاعلة وإيجابية.
8- جالب لحالة من السرور والرضا:
إذ تزيل الأنشطة والبرامج الترويحية ما قد يوجد لدى ممارسها من حالات ملل وكآبة، وتجعله يعيش في أجواء من المتعة والبهجة والسرور[32].
دوافع الترويح:
حاول بعض المختصين بالترويح كشف الأسباب الدافعة لممارسة الترويح، وانتهت محاولتهم تلك ببعض النظريات، والتي يحسن استعراض أبرزها، وتجلية ما قد يؤخذ عليها من خلال ما يأتي:
1- نظرية الاستجمام (الراحة):
وتُعد هذه النظرية من أقدم النظريات التي حاولت التعرف على الأسباب، والدوافع الكامنة وراء ممارسة الترويح من قبل الإنسان. وترى هذه النظرية أن دافع الإنسان في ممارسة الترويح هو إراحة العضلات والأعصاب من عناء العمل، وتخليصها مما تراكم عليها من عبءٍ جراء إجهادها في غير وقت الفراغ[33].
والمتأمل في هذه النظرية يجد عليها جملة من المآخذ، من أبرزها ما يأتي:
— بحسب مفهوم النظرية سيكون الترويح لدى كبار السن أكثر منه لدى الأطفال؛ لاحتياجهم الشديد إلى الاستجمام بعد انتهائهم من أعمالهم، إلا أن الملاحظ أن الترويح ينتشر بين الصغار أكثر من انتشاره في أوساط الكبار.
— كثيراً ما يمارس الأطفال ترويحهم، وألعابهم بعد استيقاظهم من النوم، أو بعد أخذهم لقسط من الراحة، فلا يوجد لديهم عناء أو تعب حتى يتخلصوا منه.
— يوجد عدد من العاطلين عن العمل، والذين نجدهم يمارسون بعض الترويح في حياتهم اليومية، فهم في راحة جسدية طوال يومهم، ومع ذلك يمارسون الترويح.
2-  نظرية تفريغ الطاقة الزائدة:
وأصحاب هذه النظرية يشبهون الطاقة الكامنة بالجسم، وعلاقتها بالترويح مثل صمام الأمان الذي يسمح للقاطرة البخارية بالتخلص من البخار الفائض[34]. ولما كانت هذه الطاقة الكامنة توجد لدى الأطفال أكثر من وجودها عند الكبار فإنهم أكثر ممارسة للترويح من كبار السن، ومع ما في هذه النظرية من موضوعية إلا أنها تبقى عاجزة عن تفسير بعض الجوانب في العملية الترويحية مثل: 
— استمرار الأطفال في اللعب على الرغم من تعبهم وإجهادهم.
— وجود بعض الأفراد من الناس لا يميلون للترويح، ولا يرغبون به مطلقاً، ليتساءل المرء عندها: أين تذهب الطاقة الفائضة لديهم، وفق هذه النظرية؟!.
— وجود أناس يمارسون ترويحهم بعد انتهائهم من بعض الأشغال الشاقة أو المجهدة، ووفق هذه النظرية فإن طاقتهم الكامنة قد استنفدت في أعمالهم، وبالتالي فهم ليسوا بحاجة للترويح، فلماذا يمارسونه؟!.
3- نظرية التوازن:  
وهذه النظرية ترى أن لكل فرد غرائز وميولاً لا يمكن إشباع كثير منها بالجدية؛ لذا يُرى لدى الإنسان ميلاً نحو الترويح لكي يتمكن من إشباع غرائزه وميوله الكامنة، والتي عجز عن إشباعها في حياته العملية؛ ليتمكن بذلك من تحقيق التوازن المطلوب في حياته من خلال إشباع جميع رغباته وغرائزه الكامنة وغير الكامنة سواءاً أكان ذلك من خلال حياته العملية أم من خلال الترويح.
وعلى الرغم من تأكيد هذه النظرية على قضية التوازن، وهو ما لم يذكره غيرها، إلا أنه يؤخذ عليها عدم إمكانية تطبيقها إلا على من جاوز مرحلة الطفولة، وأصبح رجلاً وتقدم به العمر ودخل في معترك الحياة العملية الجادة؛ لأن الأطفال، هم أكثر البشرية ممارسة للترويح وتعلقاً به، مع أن عامتهم لم يعرف حياة العمل بعد.
4- نظرية التنفيس:
وتنطلق هذه النظرية من فرضية تتمثل في وجود كم كبير من غرائز الإنسان قد قيدت بالنظم الاجتماعية السائدة، ولا يمكن له إرضاء هذه الرغبات والميول في ظل ما هو سائد في مجتمعه، فيلجأ إلى ممارسة الترويح لكي يشبع رغباته وميوله بمعزل عن تلك النظم الاجتماعية الضابطة لتصرفاته وطريقته في إشباع غرائزه وميوله. ومن هنا تحدث عملية التنفيس لتلك الرغبات والميول المكبوتة من خلال ممارسة الترويح!.
ومع قرب هذه النظرية من سالفتها إلا إنه يمكن أن يقال فيها:
— إنها تصلح لتفسير دوافع الترويح لمن جاوز مرحلة الطفولة ودخل في مرحلة الرجولة. 
— وجود مناشط ترويحية يمارسها كثير من الناس دون أن توجد نظم اجتماعية تمنعهم من ممارستها حتى في العلن. 
فهذه النظرية كانت ستكون دقيقة في تفسير دوافع الترويح لو كان الإنسان يمارس جميع مناشطه الترويحية بمعزل عن الناس، وبعيداً عن سلطة المجتمع الضابطة.
5- نظرية الأُلفة (التعود):
وهذه النظرية ترى أن الأفراد يمارسون المناشط الترويحية المألوفة لديهم أو ما اعتادوا ممارسته، بسبب حرصهم على الابتعاد عن المخاطرة، ورغبتهم في زيادة فرصة النجاح فيما يمارسونه من أعمال، وتحقيق شيء من السعادة الناجمة عن ذلك، وهذا لا يتأتى لهم إلا بممارسة المألوف لديهم الذي سبق لهم ممارسته وسبر أغواره.
ومع ما قد يوجد في هذه النظرية من صحةٍ وانطباق على بعض ممارسي الترويح، إلا أنها تبقى عاجزة عن تفسير سبب ممارسة الفرد للترويح في أول مرة، وتعلق آخرين بممارسة كل جديد من المناشط الترويحية، فهي نظرية تصلح لتفسير سبب الاستمرار على نشاط ترويحي واحد دون غيره من الأنشطة الترويحية الأخرى، إلا أنها لا تصلح لتفسير أسباب الممارسات الترويحية الأخرى.
5- نظرية التقليد (المحاكاة):
ومنطلق هذه النظرية هو أن الفرد يتأثر بجماعة الترويح التي تشاركه في ممارسته للعملية الترويحية، فنجد كثيراً من الناس يندمجون مع مجموعة من الناس لمشاركتهم في ممارسة نشاط ترويحي معين بمجرد رؤيته لهم، وقد لا يرغبون كثيراً في ذلك النشاط.
ويلاحظ على هذه النظرية:
— أنه يمكن تطبيقها على الأطفال لما يمتازون به من طابع التقليد والمحاكاة لغيرهم، إلا أنه يصعب تطبيقها على كبار السن من ذوي الإرادة المستقلة.
— أنها أغفلت الإرادة الحرة للفرد وتصورته مجرد مقلد لمن حوله. 
— أنه لا يمكن لهذه النظرية تفسير سبب بقاء بعض الأفراد من المتفرجين على ممارسي الترويح في الأماكن العامة دون ممارسة للنشاط الترويحي نفسه، إذ لو صحت هذه النظرية بإطلاق لشارك الجميع في ممارسة نشاط واحد تقليداً لبعضهم بعضاً.
ولقد حاولت عدة دراسات تلمس أسباب إقبال بعض الناس على أنشطة ترويحية دون غيرها، وحاولت معرفة أبرز الدوافع لممارسة الترويح في أوقات الفراغ، وذلك من خلال طرح جملة من الأسئلة عليهم بشكل مباشر، وانتهت إحدى هذه الدراسات إلى أن أبرز هذه الدوافع تنحصر في الجوانب الآتية، مرتبة بحسب الأولوية: 
— البحث عن المتعة والأنس.
— من أجل الأصدقاء أو المرافقين.
— للتباهي والزهو وإبراز النفس.
— للمنافسة بين الأقران أو التغلب عليهم.
— لسهولة الحصول على ذلك النشاط وممارسته.
— لأن ذلك النشاط الترويحي جديد على الفرد.
— لإفادة الآخرين من خلال النشاط الممارس.
— للاستفادة من الآخرين من خلال النشاط الترويحي.
— لأنه لا يوجد غيره من الأنشطة الترويحية[35].
العوامل المؤدية إلى تباين الأنشطة الترويحية:
يمارس الأفراد الأنشطة الترويحية بتأثير عدة متغيرات، لعل من أبرزها ما يأتي:

أ- الجنس:
إذ تختلف الأنشطة الممارسة من فرد إلى آخر باختلاف الجنس، فالذكر له أنشطة ترويحية تناسبه، كما أن للأنثى أنشطة أخرى تناسبها. 
ومنشأ هذا التباين عائد إلى طبيعة وتركيب كل جنس، إضافة إلى دور كل منهما في الحياة واختلافه عن الآخر.

ب- العمر:
إذ يؤثر العمر في تحديد نوع النشاط الترويحي الذي يُمارسه الأفراد، فالأطفال لهم أنشطتهم الخاصة، وفي الغالب أنها ذات طابع حركي، في حين تكثر الأنشطة الثقافية والقراءة بين كبار السن، بينما تمتاز أنشطة فئة الشباب بالتنوع، إلا أن الجانب الرياضي والرحلات البرية ونحوها تأتي في صدر البرامج التي تطغى على غيرها لدى هذه الشريحة.

ت- المستوى التعليمي:
إذ يتدخل المستوى التعليمي بشكل كبير في تحديد نوعية النشاط الترويحي الذي يمارسه الأفراد، فلأصحاب المستوى العالي من التعلم في الغالب برامج وأنشطة ترويحية تختلف عن الفئات التي تعاني منها الأمية.

ث- مستوى المجتمع الاقتصادي:
إذ لكل مرحلة من مراحل نمو المجتمع الاقتصادية ما يناسبها من الأنشطة الترويحية، فإن كان المجتمع يمر بمرحلة تدهور اقتصادي فسيحمله ذلك على ممارسة أنشطة ترويحية تختلف عنها حين ظهور تحسن اقتصادي داخله.

جـ- مستوى الفرد الاقتصادي:
إذ يؤثر مستوى الأفراد الاقتصادي على الأنشطة والبرامج الترويحية المختارة، بسبب تنوع القدرة على تهيئة وتوفير الوسائل والأدوات التي من خلالها يمارس الفرد الأنشطة الترويحية، ولذا أصبحنا نرى أنواعاً من الترويح لا يمارسها غير الأغنياء وفاحشي الثراء.

حـ- كمية وقت الفراغ:
وهذا العامل يؤثر بشكل كبير، وهو أساسي في تحديد نوعية النشاط الترويحي الذي يمارسه الفرد في وقت الفراغ، فكلما ازداد الفراغ وطال كان ذلك دافعاً لاختيار برامج وأنشطة ترويحية تختلف عن البرامج والأنشطة الترويحية الممارسة في حال ضيق الوقت.

خـ- مكان الترويح ونوعية المشاركين:
إذ غالباً ما يتأثر قرار الفرد باختيار نوع النشاط الترويحي الممارس بمكان الترويح، وبالأشخاص الذين يمارسون الترويح معه، فيعمل على أن يندمج معهم في ممارسة النشاط الترويحي تقليداً لهم، وبسبب مشاهدته لهم يمارسونه أمام ناظريه.

د- خصوصية المجتمع العقدية والثقافية:
إن طبيعة المجتمع المسلم وخصائصه العقدية التي تميزه عن بقية المجتمعات الأخرى لها دور كبير، وهام في تحديد نوعية الأنشطة الترويحية التي يمارسها أفراده، ولذا لا يمكن إغفال دور هذا الجانب في ظهور أنشطة ترويحية تتناسب وطبيعة القيم والثقافة في كل مجتمع[36].
علاقة الترويح بالزمن:
ينقسم الزمن بالنسبة للإنسان إلى قسمين:
الأول: وقت ارتباط وعمل:
والمراد به الزمن الذي يكون المرء مقيداً فيه بجملة من الارتباطات والممارسات الملزمة بحكم الشرع أو الاحتياج أو العادة، كأزمنة الشعائر التعبدية المفروضة، ووقت العمل وواجبات الحياة الأخرى، كالنوم والأكل وتحقيق الحاجات الفسيولوجية، ويدخل فيه أيضاً: ما توجبه طبيعة الحياة الاجتماعية من عادات وتقاليد ملزمة، كزيارة الأقارب، والمرضى، وإكرام الضيف... ونحو ذلك[37].
ومما يشير إلى مصداقية هذا المفهوم قول سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما: (إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مقرراً ذلك: (صدق سلمان)[38].
الثاني: وقت فراغ:
والمراد به الزمن الذي يكون فيه المرء متحرراً من قيود العمل والارتباطات الملزمة[39].
ولذا فإن من أهم خصائص النشاط الترويحي أن يكون في وقت الفراغ (الوقت الحر)، وعليه فحصول السعادة بالنشاط الذي يزاول في أوقات الارتباط والعمل لا يعد ترويحاً في الاصطلاح، ويخطئ من يزعم أن السعادة والسرور لا يحصلان إلا في النشاط الترويحي؛ وذلك أن تعاليم الإسلام جاءت متوازنة ومتناسبة مع مكونات الكائن البشري، تعطي كل واحد منها ما يستحقه، وبالمقدار الذي يحقق له البهجة، ليأتي دور الترويح كحالة استثنائية معالجة لحالات القصور في التطبيق والتغليب لجانب من جوانب الحياة على أخرى.
وفي ظني أن هذا هو أحد الأسباب الرئيسة لعدم وجود تنظير معمق للترويح في المجتمعات الإسلامية في أوقات عز الإسلام، وإنما احتاجت إليه الأمة حينما ضعفت جديتها وعزيمتها وأخذت تعتمد على (الآخر) في كثير من شؤونها، إن على مستوى التصور أو السلوك[40].
ومن المؤسف له أن الأمة في واقعنا حين احتاجت إلى مفاهيم الترويح وتقعيد منطلقاته تلفتت يمنة ويسرة فلم تجد لديها شيئاً مباشراً ذا بال فجرى بعض أفرادها ومؤسساتها إلى الشرق والغرب، ليجدوا التنظيرات والممارسات الغربية والشرقية لتمضية أوقات الفراغ جاهزة، فنقلوا عامتها إلينا، وطبقوها على شبابنا وفتياتنا، مما جعلهم يسهمون بصورة فاعلة في تجذير سبب تخلفنا المحوري، والمتمثل بـ: إعراضنا عن تعلم ديننا وتطبيقه في كثير من شعب الحياة وميادينها.
ثالثاً: نظرة الإسلام إلى الترويح:
جاءت السنة المشرفة مليئة بالدلالة على مشروعية الترويح، ولعل من أهم النصوص النبوية الدالة على ذلك ما يأتي:
1- حديث: "ساعة وساعة":
عن حنظلة الأسيدي - رضي الله عنه- قال: (لقيني أبو بكر، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟، قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله، ما قلت؟. قال: قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً.
قال أبو بكر: فو الله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما ذاك، قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحكتم الملائكة على فرشكم وفي الطرقات، ولكن يا حنظلة: ساعة وساعة)[41].
2- حديث: "صدق سلمان":
عن أبي حذيفة -رضي الله عنه- قال: (آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة. فقال لها: ما شأنك؟، قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له في الدنيا.
فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال له: كل. فقال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل.
فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام. ثم ذهب يقوم فقال: نم. فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصليا. فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صدق سلمان)[42].
3- حديث: "إن لجسدك عليك حقاً...":
قال عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: (قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل، فقلت: بلى يا رسول الله. قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله.
فشددت فشدد علي. قلت: يا رسول الله، إني أجد قوة، قال: فصم صيام نبي الله داود - عليه السلام- ولا تزد عليه. قلت: وما كان صيام نبي الله داود - عليه السلام-، قال: نصف الدهر: فكان عبد الله يقول بعد ما كبر: يا ليتني قبلت رخصة النبي - صلى الله عليه وسلم -)[43].
ولفظ مسلم قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا عبد الله بن عمرو: إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل، وإنك إذا فعلت ذلك: هجمت له العين ونهكت، لا صام من صام الأبد)[44].
4- حديث: "في ديننا فسحة":
قالت عائشة - رضي الله عنها- : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ: (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة)[45].
5- حديث: "الثلاثة الذين كأنهم تقالوا عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ": عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- يقول: (جاء ثلاثة رهط إلي بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبروا كأنهم تقالوها.
فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فقال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبداً. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال أخر: أنا اعتزل النساء فلا أتزوج أبداً.
فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنتم الذين قلتم: كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وافطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)[46].
قال ابن حجر: ( ولمح بذلك إلى طريقة الرهبانية، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى، وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التزموه. وطريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - الحنفية السمحة، فيفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة، وإعفاف النفس، وتكثير النسل)[47].
فهذه الأحاديث الخمسة من أشهر الأحاديث الشريفة التي تدل على مشروعية الترويح من حيث الإجمال، إذ ترشد العبد إلى ضرورة مراعاة حظ النفس في الراحة، ونيل قسط من السرور والبهجة؛ لتبتعد عن الكلل، وتتجاوز الملل، وتستطيع أن تواصل طريق مضيها إلى الله - عز وجل- بعزيمة وجد ونشاط.
وهناك أحاديث تفصيلية كثيرة دالة على مشروعية أنواع معينة من الترويح، وسيتم إيراد جملة منها في ثنايا الحديث عن: أهداف الترويح وأنواعه في العهد النبوي.
دراسة بعض النصوص المجملة في الترويح:
وردت بعض النصوص التي قد يفهم منها حصر مشروعية الترويح في بعض أنواعه، وحتى لا يسرح الفهم في غير مراد الشرع منها، فسأتناولها من خلال ما يأتي:
حديث: "كل لهو باطل إلا ثلاث":
عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله)[48] ، وفي رواية: (كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل، إلا: رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق)[49].
وقد اختلف العلماء في فقه هذا الحديث إلى ثلاث طوائف:
الأولى: ترى حرمة ما سوى هذه الثلاث الخلال الواردة في حديث عقبة رضي الله عنه، وإن قاست عليه بعض ما في معناها:
يقول الخطابي عند ذكره لحديث عقبة - رضي الله عنه- ما نصه: (قلت: وفي هذا بيان أن جميع أنواع اللهو محظورة، وإنما استثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الخلال من جملة ما حرم منها؛ لأن كل واحد منها إذا تأملتها وجدتها معينة على حق أو ذريعة إليه.
ويدخل في معناها: ما كان من المثاقفة بالسلاح، والشد على الأقدام، ونحوها مما يرتاض به الإنسان، ويتوقح بذلك بدنه، ويتقوى به على مجالدة العدو.
فأما سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو، كالنرد والشطرنج والمزاجلة بالحمام وسائر ضروب اللعب مما لا يستعان به في حق ولا يستجم به لدرك واجب فمحظور كله)[50].
الثانية: ترى حرمة ما سوى هذه الثلاثة:
يقول ابن الأثير: ("ليس شيء من اللهو إلا في ثلاث"، أي: ليس منه مباح إلا هذه؛ لأن كل واحدة منها إذا تأملتها وجدتها معينة على حق وذريعة إليه)[51].
ويقول إبراهيم الحلبي: (واللعب قد يقصد منه فائدة نفسانية لا نفع لها، واللهو مثله إلا أن فيه زيادة حث للنفس بحيث تشتغل به عما يهمها، والكل حرام إلا ما استثنى الشارع لخاصية فيه تميزه عن نوعه على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وذلك أن هذه الأشياء الثلاثة لم تذكر في القرآن الكريم إلا على سبيل الذم سوى موضع واحد هو من المستثنى من اللعب في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل شيء من لهو الدنيا باطل إلا ثلاثة: رميك بقوسك، وتأديبك فرسك، وملاعبتك أهلك، فإنها من الحق)[52].
ويميل الإمام القرطبي إلى حرمة اللهو فيما سوى هذه الثلاثة، إذ يقول - رحمه الله تعالى- عقب إيراده حديث عقبة - رضي الله عنه-: (ومعنى هذا والله أعلم: أن كل ما يتلهى به الرجل لا يقيده في العاجل ولا في الآجل فائدة، فإنه باطل، والإعراض عنه أولى.
وهذه الأمور الثلاثة فإنه وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط فإنها حق لاتصالها بما يفيد، فإن الرمي بالقوس، وتأديب الفرس جميعاً من معاون القتال. وملاعبته الأهل قد تؤدي إلى ما يكون عنه ولد يوحد الله ويعبده، فلهذا كانت هذه الثلاثة من الحق)[53].
الثالثة: ترى إباحة ما سوى هذه الثلاثة:
يقول العلامة العظيم آبادي: ( وقال ابن معن في التنقيب في شرح اللفظ الأول: "ليس من اللهو إلا ثلاث"، يعني: ليس من اللهو المستحب)[54].

ويقول المباركفوري: ("كل ما يلهو به الرجل المسلم"، أي: يشتغل به ويلعب به،"باطل": لا ثواب له، "إلا رميه بقوس" احتراف عن رميه بالحجر والخشب،"وتأديبه فرسه"، أي: تعليمه إياه بالركض والجولان على نية الغزو، "وملاعبته أهله فإنها من الحق"، أي: ليس من اللهو الباطل، فيترتب عليه الثواب الكامل)[55].

وقال الإمام ابن العربي المالكي: (قوله: "كل ما يلهو به الرجل باطل" ليس يريد به حرام، وإنما يريد به أنه عار من الثواب، وأنه للدنيا محضاً لا تعلق له بالآخرة , والمباح منه لأنه باق، والباقي كل عمل له ثواب).

وقال الحافظ ابن حجر: (إنما أطلق على الرمي أنه لهو لإمالة الرغبات إلى تعليمه لما فيه من صورة اللهو، لكن المقصود من تعلمه الإعانة على الجهاد، وتأديب الفرس إشارة إلى المسابقة عليها، وملاعبة الأهل للتأنيس ونحوه، وإنما أطلق على ما عداها البطلان من طريق المقابلة، لا أن جميعها من الباطل المحرم)[56].
والذي يظهر - والله أعلم بالصواب - أن الراجح هو القول بعدم حصر اللهو المباح في هذه الثلاثة الواردة في حديث عقبة، للآتي:
1- أنه ورد عن عطاء بن رباح قال: (رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاري يرتميان، فمل أحدهما فجلس، فقال له الآخر: كسلت. سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كل شيء ليس من ذكر الله - عز وجل- فهو لهو أو سهو، إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبة أهله، وتعلم السباحة)[57] ، وفيه زيادة خصلة رابعة وهي: (تعليم الرجل السباحة)، فدلت هذه الزيادة على عدم الحصر.

2- ما ورد من الأحاديث الدالة على جواز أنواع من اللهو، بل مشروعية بعضها كضرب الدف والغناء في العيدين والنكاح، والمسابقة بالأقدام والإبل، والصيد، والمصارعة، والمسابقات العلمية،... ونحو ذلك.
أما وجه الحصر لهذه الثلاثة في حديث عقبة ووصفها بأنها حق وما سواها باطل فهو من باب المقابلة كما ذكر الحافظ ابن حجر؛ ليصل إلى دفع الناس عن أنواع اللهو التي تقتصر على تحقيق السعادة والأنس والمنفعة اللحظية فقط، إذ المراد الحث على أن يكون اللهو مع ذلك محقق لغرض شرعي، كالعون على الجهاد، وتكثير النسل، ونحو ذلك.
والظاهر أن المراد بالحق في الحديث: الشيء الذي ينبغي أن يقصد لفائدته ونفعه، وما ليس كذلك فهو باطل، لا نفع فيه[58]، ولا يلزم من ذلك أن يكون حراماً، والله أعلم.
حديث: "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر":
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر)[59].
وقد اختلف العلماء في مسألة هل جواز بذل العوض في السبق مختص بهذه الثلاثة المذكورة في الحديث أم لا[60]، على ثلاثة أقوال، هي:
الأول: أن جواز بذل العوض في السبق مختص بهذه الثلاثة، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، كالمالكية[61]، والشافعية[62]، والحنابلة[63] ، واستدلوا لقولهم بهذا الحديث.

الثاني: أنه يجوز بذل العوض في السبق في كل أمر مباح. وقد أورد هذا القول ابن تيمية في معرض ذكر الأقوال في مسألة جواز بذل السبق في المحرمات[64]، ولعل دليل من ذهب إلى هذا القول: ما تقرر في الشريعة من إعطاء الحرية لصاحب المال في التصرف في ماله في كل عمل مباح[65].

الثالث: أنه يجوز بذل العوض في السبق في كل(ما يقوي البدن في مجال الجهاد، أو مجال العلم والتعلم)[66] ، وهذا هو قول الحنفية وغيره من أهل العلم، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وابن مفلح والمرداوي وابن قاسم وغيرهم[67].
واستدل من ذهب إلى هذا القول بما يأتي:
— حديث: مصارعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لركانة على شاة[68].
— مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لكفار قريش على غلبة الروم لكسرى في بضع سنين[69].
— أن العلة التي أجاز فيها الشارع بذل العوض في المسابقة على الإبل والخيل والسهام، وهي إعداد العدة للجهاد موجودة فيما أجاز أصحاب هذا القول بذل العوض فيه[70].
والذي يظهر - والله أعلم - هو رجحان القول الثالث؛ لقوة أدلته، ولإمكان مناقشة استدلالات أصحاب القول الآخرين بما يأتي:
أولاً: مناقشة دليل أصحاب القول الأول:
1- أن الحديث قد فسره بعضهم بأنه لا سبق كامل ونافع.. الخ.
2- أنه يحتمل أن يراد به أن أحق ما بذل فيه السبق هذه الثلاثة لكمال نفعها وعموم مصلحتها[71]، وهذا التأويل لا بد منه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صارع ركانة على شاة، وأقر مراهنة الصديق للمشركين في غلبة الروم للفرس في بضع سنين. 
3- أن الملاحِظ لما وردت النصوص بجواز بذل العوض على السبق فيه يجد أن فيها جهاداً أو معونة عليه إما بالسبق والسنان وإما بالقلم واللسان، والله أعلم.
ثانياً: مناقشة دليل أصحاب القول الثاني:
إن الشارع قد نص على حرمة السبق إلا في هذه الثلاثة، وإنما ألحق به كل ما كان جهاداً أو معونة عليه باللسان أو السنان لقصتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصديق مع ركانة والمشركين مما يدل على أن الحصر غير مراد، ولكن لابد من تقييد ذلك بما كان جهاداً أو معونة عليه؛ لأن هذه العلة هي الواردة في جميع ما ورد إباحته في النصوص، فيجب عدم إغفالها، والله أعلم.
رابعا: ضوابط الترويح في الإسلام:
الحديث حول ضوابط الترويح طويل، لكني أوجز ذلك من خلال ما يأتي:
1- الأصل في الترويح الإباحة:
يدل لذلك حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله العافية، فإن الله لم يكن نَسيّاً، ثم قرأ هذه الآية: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِياً ﴾ [ مريم: 64])[72].
ومن القواعد المتقررة فـي الشرع: أن الأصل في الأشياء الإباحة، حتى يدل الدليل الصحيح الصريح على التحريم[73].
2- ثانياً: الترويح وسيلة لا غاية:
الترويح وسيلة من الوسائل التي يستطيع بها الإنسان تحقيق التوازن بين جوانبه المختلفة، في حال وجود اختلال ناجم عن الإفراط في جانب على حساب الجوانب الأخرى، وإذا تجاوز النشاط الترويحي هذا الحد وأصبح هدفاً وغاية في ذاته، فإنه يخرج من دائرة المستحب أو المباح إلى دائرة الكراهة أو الحرمة.
وبهذا الضابط يخرج الاحتراف لبعض الأنشطة الترويحية عن دائرة المباح أو المشروع؛ لأن فيه إخلالاً ببنية النظــام الاجتماعي وهيكله القائم على تعاليم الإسلام. وفيه قيادة أفراد الأمة إلى الهزل، وضعف المسؤولية، والعيش في أسوار الغفلة والسطحية والترف والانحلال.
أضف إلى ذلك: تحقيق ذلك لرغبات أعداء الأمة في إلهاء أفرادها وإشغالهم عن جوهر الصراع الاستئصالي والحضاري الذي يمارسونه ضدها في أكثر من موقع من أراضيها.
وأدلة هذا الضابط ظاهرة في الشريعة، فمنها:
أ- أن الإسلام رفض الإفراط في كمية العبادات الشرعية التي جاء أمراً بنوعها أمر وجوب أو استحباب إذا خرجت عن حد المألوف المستطاع.
ومن النصوص الدالة على ذلك:
— عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أخبروها كأنهم تقالوها!.
فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. 
قال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبداً. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً.
فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنتم الذين قلتم: كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)[74].
— عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟، قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا، حلوه. ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد)[75].
— عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه)[76].
— عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضجع)[77].
وغير ذلك من النصوص والآثار في هذا الباب كثير.
فما الحال بأمر مباح لم يأمر الشارع بنوعه يزاد في كميته بصورة تسبب ضياع المأمور به، وتجحف بالتوازن بين جوانب الإنسان ومتطلباته المختلفة، وتسهم في تغيير هيكل النظام الاجتماعي الإسلامي؟!
ب- أن في جعل الأنشطة الترويحية أهدافاً وغايات - يهدف لها الإنسان - تحقيقاً لمكائد اليهودية العالمية في استعباد الأمم واختلالها.
وفي هذا السياق جاء في البروتوكول اليهودي الثالث عشر ما نصه: (... ولكي نبعدها أن تكتشف بأنفسها أي خط عمل جديد سنلهيها أيضا بأنواع شتى من الملاهي والألعاب ومزجيات الفراغ والمجامع العامة وهلم جرا. وسرعان ما سنبدأ الإعلان في الصحف داعين الناس إلى الدخول في مباريات شتى في كل أنواع المشروعات، كالفن والرياضة وما إليهما. هذه المتع الجديدة ستلهي ذهن الشعب حتماً عن المسائل التي سنختلف فيها معه، وحالما يفقد الشعب تدريجياً نعمة التفكير المستقل بنفسه سيهتف جميعاً معنا؛ لسبب واحد هو: أننا سنكون أعضاء المجمع الوحيدين الذين يكونون أهلاً لتقديم خطوط تفكير جديدة)[78].
ويقول أحدهم واصفاً فعل اليهود: (... ولتحقيق هذا الهدف ينشرون في الأوساط الشعبية حياة التهتك والإباحية ليقوضوا بها وحدة العائلة التي تعتبر أساس المجتمع والأمة... ليفقدوهم الثقة بكل ما يعتزون به... ليتطلعوا إلى المادية فقط والاستهتار بكل شيء ما عداها، حتى تهون قيادتهم بينما اليهود يظلون على تعصبهم القومي يستمدون منه وحدتهم وقوتهم)[79].
1- الجد الأصل، والترويح فرع:
سبق ذِكْرُ أن النشاط الترويحي في التصور الإسلامي ما هو إلا حالة علاجية، لحصول الاختلال فـي إعطاء كل جانب من جوانب الكائن البشري ما يستحقه من النشاط والقوة؛ ليعود الإنسان بكافة جوانبه لمواصلة السير في طريقه إلى الله (عز وجل) بجد ونشاط ومثابرة.
وسأحاول تأصيل ذلك والتأكيد على أن الجد صاحب التقدمة والسبق، وأن الترويح تابع له، وفرع عنه، من خلال الأمرين الآتيين:
أ- الأولوية للجد في حال التعارض:
يقدم الإسلام الجد على الترويح، ويَظْهَر هذا جليّاً في سلوكياته - صلى الله عليه وسلم - وأقواله، ومن ذلك:
— ما رواه أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه (أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها)[80].
قال الحافظ ابن حجر - أثناء شرحه لهذا الحديث -: (قوله: " وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها"؛ لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً، أو عن الوقت المختار. والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن الصبح، أو عن وقتها المختار)[81].
والملاحظ أن الشارع لم يكره الترويح المتمثل فـي النوم لراحة البدن أو السمر لكونه سيؤدي إلى تضييع الواجب يقيناً، بل لاحتمال أن يكون ذريعة إلى الوقوع في ذلك.
ب- الجد والترويح ليسا بمتساويين في القد والمقدار:
فالجد هو الأعم الأغلب في حياة الإنسان المسلم، والترويح معالجة واستثناء، وهذا أمر ظاهر لمن طالع النصوص الشرعية والسيرة النبوية، ومن ذلك:
— ما رواه أبو هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب)[82] ، فنهى عن الإفراط في ذلك مع جواز الأصل.
— عن سماك قال: قلت لجابر بن سمرة: (أكنت تجالس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم، فكان طويل الصمت، قليل الضحك، وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وشيئاً من أمورهم فيضحكون، وربما تبسم)[83].
4- ألا يكون في النشاط الترويحي مخالفة شرعية:
يعتبر هذا الضابط هو الأهم بين ضوابط النشاط الترويحي، ولتطبيقه صور مختلفة، منها:
— ألا يكون في النشاط الترويحي أذية للآخرين: من سخرية، أو لمز، ونبز، أو ترويع، أو غيبة، أو اعتداء على ممتلكاتهم بإتلاف أو استخدام... ونحو ذلك؛ ومن النصوص الدالة على ذلك: 
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَـكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعـْدَ الإيمانِ وَمـَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلـَئكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَاًكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 11، 12].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً)[84].
ألا يكون في النشاط الترويحي كذب وافتراء:
قال - صلى الله عليه وسلم -: (ويل للذي يحدث فيكذب؛ ليضحك به القوم. ويل له، ويل له)[85].
ألا يكون في النشاط الترويحي تبذير للمال واستهلاك باذخ له:
قال الله تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراًإنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ﴾ [ الإسراء: 26، 27]، وسياق الآيات في الإنفاق على ذي القربى والمسكين وابن السبيل، فكيف الحال في الترويح؟![86].
ألا يكون في النشاط الترويحي اختلاط بين الرجال والنساء:
لما يفضي إليه ذلك من النظر المحرم، والخلوة المحرمة، بالإضافة إلى أنه قد يكون ذريعة لمخالفات شرعية أكبر؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الأحزاب: 53].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إياكم والدخول على النساء، فـقـال رجل من الأنصار: يا رسول الله: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)[87].
وعـن جرير - رضي الله عنه- قال: (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري)[88].
ألا يكون في النشاط الترويحي نص على الحرمة:
وسيأتي ذلك في فقرة أنواع الترويح غير المباح في العهد النبوي.
5- ألا يشغل الترويح عن واجب شرعي أو اجتماعي:
إذ الطابع العام لحياة المسلم: الجدية، وما الترويح إلا عامل مساعد للحياة الجادة، والاستمرار فيها، فإذا تجاوز الترويح هذا الحد فشغل عن الجد: فإنه يخرج إلى دائرة المكروه أو المحرم بحسب نوع الجد الذي يشغل عنه. فإذا كان شاغلاً عن أداء واجب أو ترك محرم فإنه محرم، وإن كان شاغلاً عن أداء مستحب أو ترك مكروه فإنه مكروه، لأنه أصبح ذريعة إلى الحرام أو المكروه، وما كان ذريعة إليهما أعطى حكمهما.
يقول الإمام أبو زهرة في بيان قاعدة سد الذرائع: (... وذلك لأن الشارع إذا كلف العباد أمراً فكل ما يتعين وسيلة إليه مطلوب، وإذا نهى الناس عن أمر فكل ما يؤدي إلى الوقوع فيه حرام أيضاً، وقد ثبت هذا بالاستقراء للتكليفات الشرعية طلباً ومنعاً)[89].
6- ألا يكون النشاط الترويحي ضارّاً بممارسه:
إذا كان في النشاط الترويحي ضرر على ممارسه - أيّاً كان نوع الضرر -، ولم يوجد فيه نفع يفوق ذلك الضرر فإنه يحرم على ذلك الممارس مزاولته؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار)[90]، ولما قد تقرر في الشرع من قواعد، كقاعدة: إذا اجتمع الحلال والحرام غُلّب الحرام[91]، وقاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح[92].
وبهذا تظهر حرمة أنواع من الرياضة في عصرنا كالملاكمة والمصارعة - بوضعهما الحالي والله أعلم -؛ لما تؤديا إليه من أضرار في الجسم، بل وربمـا أدى بعضها إلى الوفاة أو الإعاقة، كما هو مشاهد في حياة كثير ممن يمارسها في هذا الوقت.
خامسا: الترويح في العهد النبوي:
أهداف الترويح في العهد النبوي:
من يتأمل في صور الترويح في العهد النبوي يلحظ بجلاء أنه عمل على تحقيق جملة من الأهداف، يمكن إبراز أهمها من خلال ما يأتي:

أ- تنمية السرور في أوساط المجتمع: وهذا جلي؛ إذ يُسَرِّي الترويح النفس، ويبعد منها الكآبة، ويزيل عنها الهم والملل، ويدخل عليها السرور والبهجة، وكل ثنايا هذا الفصل شاهدة على تحقق ذلك في العهد النبوي. 
ب- تعميق الجدية في المجتمع المسلم: إذ عملت البرامج الترويحية في العهد النبوي على تربية أفراد المجتمع المسلم وتهيئتهم لخدمة الإسلام، كالتدرب على المنازلة في الحرب، والرمي، وركوب الخيل.
وهذا واضح في:
— حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: (أن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - سابق بالخيل التي قد أُضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع. وسابق بين الخيل التي لم تُضمر من الثنية إلى مسجد بني زُريق وكان ابن عمر فيمن سابق بها)[93].
— وحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر يقول: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال:60]، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)[94].
قال النووي: (وفي الحديث فضيلة الرمي والمناضلة والاعتناء بذلك بنية الجهاد في سبيل الله تعالى،... والمراد بهذا كله: التمرن على القتال، والتدرب، والتحذق فيه، ورياضة الأعضاء)[95].
جـ- التودد إلى الصحابة الكرام: ويظهر ذلك في مشاركته  - صلى الله عليه وسلم - مع بعض أصحابه الكرام - رضي الله عنهم - في الرمي بالنبال، ففي حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه- قال: (مر النبي  - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي  - صلى الله عليه وسلم -: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان. قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: ما لكم لا ترمون؟. قالوا: كيف نرمي وأنت معهم ؟، فقال النبي  - صلى الله عليه وسلم -: ارموا، فأنا معكم كلكم)[96].
د- تسلية الأهل وزيادة الترابط الاسري: ومن دلائل ذلك:
— ما جاء عن زوجه عائشة -رضي الله عنها- قالت: (خرجنا مع رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنزلنا منزلاً، فقال لها: تعالي حتى أُسابقك، قالت: فسابقته فسبقته. وخرجت معه بعد ذلك في سفر آخر، فنزلنا منزلاً، فقال: تعالي حتى أسابقك، قالت: فسبقني، فضرب بين كتفي وقال: هذه بتيك)[97]. 
— كما يشهد لذلك حديث عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه-: (أن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - قال: كل شيء يلهو به الرجل باطل، إلا رمي الرجل بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق)[98].
هـ- إظهار فسحة الإسلام:
إذ عمل الترويح في العهد النبوي على تجلية محاسن الإسلام وإبراز يسره وسماحته، ومن دلائل ذلك:
— حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي  - صلى الله عليه وسلم -، وكان لي صواحب يلعبن معي. فكان رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل يتقمعن منه، فيسربهن إلي فيلعبن معي)[99].
— وحديثها الآخر في لعب الحبش بالحراب في المسجد، أخبرت رضي الله عنها أن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ: (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة)[100].
أنواع الترويح المباح في العهد النبوي:
يمكن عرض بعض أنواع الترويح المباح التي كانت تمارس في العهد النبوي من خلال ما يأتي:
إنشاد الشعر والرجز وسماعهما: ومن شواهد ذلك:
ما جاء عن عمرو بن الشريد - رضي الله عنه- قال: (ردفت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - يوماً فقال: هل معك من شعر أمية بن الصلت شيء. قلت: نعم. فقال: هيه. فأنشدته بيتاً، فقال: هيه. ثم أنشدته بيتاً، فقال: هيه. حتى أنشدته مائة بيت)[101].
وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه- قال: (فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم:
تالله لولا الله ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، ونحن عن فضلك ما استغنينا، فثبت الأقدام إن لاقينا، وأنزلن سكينة علينا، فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: من هذا؟، فقال: أنا عامر. قال: غفر لك ربك)[102].
بل إن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - أنشد الرجز بنفسه، ومن دلائل ذلك:
— ما جاء عن جندب - رضي الله عنه- قال: ( بينما النبي  - صلى الله عليه وسلم - يمشي إذ أصابه حجر فعثر، فدميت أصبعه، فقال: هل أنت إلا أصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت)[103].

— وعن البراء - رضي الله عنه- قال: (كان النبي  - صلى الله عليه وسلم - ينقل التراب يوم الخندق حتى أغمر بطنه أو أغبر بطنه، يقول: والله لولا الله ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزلن سكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الألى قد بغوا علينا، إذا أرادوا فتنة أبينا، ويرفع بها صوته: أبينا، أبينا)[104]، وغير ذلك كثير.
المسابقات العلمية:
ومن دلائل ذلك:
ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي  - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟، قال: فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة. قال عبد الله: فاستحييت. فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها، فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: هي النخلة. قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا)[105].
وقد قال البخاري - رحمه الله تعالى- عند إخراجه هذا الحديث: ( باب طرح الإمام المسألة عند أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم)[106].
الغناء والضرب بالدف في الأعياد والأعراس والقدوم من الغزو أو السفر: 
وقد وردت في ذلك عدة نصوص، منها:
— ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين.
فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -، وذلك يوم عيد.
فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا بكر: إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا)[107] ، وذكر مسلم بسند آخر، وفيه: (جاريتان تلعبان بدف)[108].
— وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء - رضي الله عنها- قالت: ( جاء النبي  - صلى الله عليه وسلم - يدخل حين بُنِي عليَّ، فجلس على فراشي، كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر. إذ قالت إحداهما: وفينا نبي يعلم ما في غد!. فقال: دعي هذا، وقولي بالذي كنت تقولين)[109].
— وعن بريدة - رضي الله عنه- قال: ( رجع رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - من بعض مغازيه، فجاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله: إني كنت نذرت إن ردك الله تعالى سالماً أن أضرب على رأسك بالدف، فقال: إن كنت نذرت فافعلي وإلا فلا، قالت: إني كنت نذرت. قال: فقعد رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -، فضربت بالدف)[110].
قال الشوكاني: (والقائلون بالتحريم يخصون مثل ذلك من عموم الأدلة الدالة على المنع)[111].
المزاح:
كان الرسول  - صلى الله عليه وسلم - يمازح أصحابه الكرام - رضي الله عنهم -، ويمازحونه، ويتمازحون فيما بينهم.
وكان كل ذلك منضبط بأمرين:
الأول: أن يبقى المزاح في دائرة القول، ولا يتعداه إلى الفعل، ويدل لذلك:
— حديث عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده - رضي الله عنهما - أن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً، فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها عليه)[112].
— وما جاء عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ( حدثنا أصحاب محمد  - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يسيرون مع النبي فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً)[113].
الثاني: أن يكون مزاحاً بالحق، لا كذب فيه، ويدل لذلك:
ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: ( قالوا: يا رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - إنك لتداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقاً)[114].
ومن صور مزاحه  - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه الكرام:
— عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أن رجلاً استحمل رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني حاملك على ولد الناقة، فقال: يا رسول الله: ما أصنع بولد الناقة!، فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: وهل تلد الإبل إلا النوق)[115].
— وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أن النبي  - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا ذا الأذنين، قال محمود[116]: قال أبو أسامة: يعني يمازحه)[117].
ومن صور مزاح أصحابه الكرام معه  - صلى الله عليه وسلم -:
عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه- قال: (أتيت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، وهو في قبة من أدم، فسلمت فرد، وقال: أدخل، فقلت: أكلي يا رسول الله، قال: كلك، فدخلت)[118].
ومن صور مزاح الصحابة الكرام فيما بينهم:
عن بكر بن عبد الله قال: (كان أصحاب النبي  - صلى الله عليه وسلم - يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال)[119].
والصور كثيرة، وما ذكر غيض من فيض، وإنما المراد التدليل والتمثيل لا الاستيعاب والحصر.
النهي عن المزاح:
ما ورد من الأحاديث في النهي عن المزاح، كقوله  - صلى الله عليه وسلم -: (لا تمار أخاك، ولا تمازحه ولا تعده موعدة فتخلفه)[120] ، فهي محمولة على فرض صحتها على ما إذا اختل ضابط من الضوابط السالفة جمعاً بين النصوص المختلفة، يقول مناع القطان: ( ولا يجوز الإفراط في المزاح والمداومة عليه؛ لأنه يشغل عن مهمات الحياة، دنيا وأخرى، ويؤذي الناس، ويسقط المهابة والوقار، وينتهي إلى الهذر. والمهذار ساقط المروءة، وهذا هو الذي ورد فيه النهي: لا تمار أخاك ولا تمازحه)[121].
التسرية عن الأطفال ومداعبتهم:
وقد كان لذلك صور عدة، لعل من أبرزها:
الأولى: اللعب بالبنات (العرائس):
— عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي  - صلى الله عليه وسلم - وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي)[122].
— وعنها - رضي الله عنها- قالت: (قدم رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك أو خبير، وفي سهواتها ستر. فهبت ريح فكشفت ناحية الستر على بنات لعائشة، لعب. فقال: ما هذا يا عائشة؟، قالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً لها جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟. قالت: فرس. قال: وما هذا الذي عليه!. قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان!. قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟!، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه)[123].
الثانية: اللعب بالمراجيح:
ومن دلائل ذلك:
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ( تزوجني النبي  - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة كثر[124]، فأتتني أمي:أم رمان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي...)[125].
الثالثة: اللعب بالطيور:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أن النبي  - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل على أم سليم ولها ابن من أبي طلحة يكنى أبا عمير، وكان يمازحه. فدخل عليه فرآه حزيناً، فقال: مالي أرى أبا عمير حزيناً، فقالوا: مات نغره الذي كان يلعب به، قال فجعل يقول: أبا عمير: ما فعل النغير؟)[126].
الرابعة: مداعبة الأطفال وإدخال السرور عليهم وهذا كثير، ومن ذلك:
— قال محمود بن الربيع - رضي الله عنه -: (إني لأعقل مجة مجها رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو)[127].
— عن عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - قال: (خرجت مع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من صلاة العصر بعد وفاة النبي  - صلى الله عليه وسلم - بليال، وعلي يمشي إلى جنبه، فمر بحسن بن علي يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته، وهو يقول: وبأبي شبيه النبي، ليس شبيهاً بعلي، وعلي يضحك)[128].
— عن البراء - رضي الله عنه- قال: (رأيت النبي  - صلى الله عليه وسلم - والحسن بن علي على عاتقه، يقول: اللهم إني أحبه فأحبه)[129].
ومزاحه  - صلى الله عليه وسلم - للحسن والحسين ابني بنته ومداعبته لهما وإدخاله السرور عليهما معروف مشهور.
مداعبة الرجل أهله وترويحه عنهم:
وهذا كثير في حياته  - صلى الله عليه وسلم -، وقد سبق بعضه في ثنايا النصوص السالفة، ومن ذلك:

— وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان يوم عيد، يلعب فيه السودان بالدرق والحراب. فإما سألت النبي  - صلى الله عليه وسلم -، وإما قال: تشتهين تنظرين، فقلت: نعم. فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتى إذا مللت، قال حسبك، قلت: نعم، قال: فاذهبي)[130].
وفي لفظ لمسلم: قالت - رضي الله عنها- : (والله لقد رأيت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -، يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو)[131]. 
— ما جاء عن جابر - رضي الله عنه- قال: (تزوجت، فقال لي رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: ما تزوجت؟، فقلت: تزوجت ثيباً، فقال: مالك وللعذارى ولعابها).
قال الراوي: فذكرت ذلك لعمرو بن دينار، فقال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- يقول: قال لي رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: (هلا جارية تلاعبها وتلاعبك)[132].
المسابقة بالأقدام:
ومن شواهد وقوع ذلك في عهده  - صلى الله عليه وسلم - ما يلي:
— ما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - (أنها كانت مع النبي  - صلى الله عليه وسلم - في سفر فسابقته على رجلي فسبقته، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك)[133].
— ما جاء عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: ( فبينما نحن نسير، قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شداً، فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟، هل من مسابق؟، فجعل يعيد ذلك.
فلما سمعت كلامه، قلت: أما تكرم كريماً، ولا تهاب شريفاً. قال: لا، إلا أن يكون رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -. 
قال: قلت يا رسول الله بأبي وأمي، ذرني فلأسابق الرجل، قال: إن شئت.
قال: قلت: أذهب إليك، وثنيت رجلي فظفرت فعدوت، قال: فربطت عليه شرفاً أو شرفين أستبقي نفسي، ثم عدوت في أثره فربطت عليه شرفاً أو شرفين. ثم إني رفعت حتى ألحقه فأصكه بين كتفيه، قال: قلت: قد سبقت والله، قال: أنا أظن، قال: فسبقته إلى المدينة)[134].
المسابقة بالخيل والإبل:
وهذا كثير، ومن ذلك:

— ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (سابق رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل التي قد ضمرت، فأرسلها من الحفيا وكان أمدها ثنية الوداع.
وسابق بين الخيل التي لم تضمر، فأرسلها من ثنية الوداع وكان أمدها بني زريق. وكان ابن عمر ممن سابق فيها)[135]. 
— وما ورد عن أنس - رضي الله عنه- قال: (كان للنبي  - صلى الله عليه وسلم - ناقة تسمى العضباء لا تسبق، قال حميد: أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها, فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: حق على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه)[136].
المصارعة، ومن الشواهد الدالة على ذلك:
— ما جاء عن أبي جعفر بن محمد بن على بن ركانة عن أبيه (أن ركانة صارع النبي  - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي  - صلى الله عليه وسلم -)[137].
— وما رواه سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - يعرض غلمان الأنصار في كل عام فيلحق من أدرك منهم، قال: وعرضت عام فألحق غلاماً وردني، فقلت يا رسول الله لقد ألحقته ورددتني، ولو صارعته لصرعته، قال: فصارعه، فصارعته فصرعته، فألحقني)[138].
حمل الأثقال:
ومن شواهد ذلك:
— ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ( مر النبي  - صلى الله عليه وسلم - بقوم يرفعون حجرا، يريدون الشدة)[139].
— وعن طاووس قال: (مر ابن عباس - رضي الله عنهما – بعد ما ذهب بصره بقوم يجرون حجرا، فقال: ما شأنهم، قال: يرفعون حجرا، ينظرون أيهم أقوى، فقال ابن عباس: عمال الله أقوى من هؤلاء)[140].
الرمي واللهو بالحراب:
وهذا كثير جداً، ومن ذلك:
— ما جاء عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه- قال: (مر النبي  - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي  - صلى الله عليه وسلم -: (ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً، ارموا، وأنا مع بني فلان. قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: ما لكم لا ترمون. قالوا: كيف نرمي وأنت معهم ؟ فقال النبي  - صلى الله عليه وسلم -: ارموا فأنا معكم كلكم)[141].
— وما روته عائشة - رضي الله عنها- قالت: (والله لقد رأيت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -، يسترني بردائه لكي أنظر، ثم يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف)[142].
السباحة، ويشهد لذلك:
— ما جاء عن عطاء بن أبي رباح قال: ( رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير يرتميان، فمل أحدهما فجلس، فقال له الآخر: سمعت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - يقول: كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة)[143].
— وعن أبي أمامة بن سهل - رضي الله عنهما- قال: (كتب عمر - رضي الله عنه- إلى أبي عبيدة بن الجراح أن علموا غلمانكم: العوم، ومقاتلتكم: الرمي)[144].
هذه بعض أنواع الترويح الواردة عن العهد النبوي، على أنه توجد في عصرنا أنواع من الرياضات تشابه أسماء ما كان يوجد من ترويح في ذلك العهد الكريم إلا أنها قد تلبست بجوانب من المخالفات الشرعية تخرجها من دائرة الحل إلى الحرمة كالمصارعة الحرة مثلا، وذلك موضوع طويل ليس موضع عرضه في هذه الورقات المختصرة.
أنواع الترويح المنهي عنه في العهد النبوي:
جاءت بعض النصوص في القرآن الكريم، والسنة النبوية الكريم بالنهي عن بعض أنواع الترويح ووسائله، ومن ذلك:

أ‌- المعازف:
إذ ورد في تحريمها نصوص كثيرة منها: قوله  - صلى الله عليه وسلم -: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)[145].
ب‌- النرد:
إذ قال  - صلى الله عليه وسلم -: (من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير)[146]. 
ت‌- الميسر:
لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ﴾ [المائدة: 90].
ث‌- التحريش بين البهائم:
لقول ابن عباس - رضي الله عنهما-: (نهى رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -عن التحريش بين البهائم)[147]. 
ج‌- اتخاذ ما له روح غرضاً:
لما جاء عنه  - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً)[148].    
ح‌- تصوير ما له روح:
للآثار الواردة في ذلك، ومنها قوله  - صلى الله عليه وسلم -: (من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ)[149]. 
خ‌- المبالغة في الضحك:  
لقوله  - صلى الله عليه وسلم -: (أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب)[150]. 
د‌- النظر إلى ما حرم الله:
إذ وردت في ذلك نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30، 31].
هذه بعض أنواع الترويح ومداخله التي ورد في النصوص النهي عنها على خلاف في بعضها هل النهي للحرمة أو للتنزيه، والموفق من رآه الله تعالى حيث يحب، واتقى الله تعالى واجتهد في طاعته، وبادر إلى امتثال أمره واجتناب نهيه، والله أعلم.
أسأل الله تعالى سداده وتوفيقه، وما كان في هذا الورقات من صواب فهو من الله وحده لا شريك له. وما كان فيها من زلل فهي من نفسي وتقصيري والشيطان، والله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - منه برئيآن.
وصلى الله وسلم على نبينا المصطفى المختار، وعلى آله وصحبه البررة أجمعين

 


[1] انظر: مقاييس اللغة، لابن فارس: 3/ 90، لسان العرب، لابن منظور: 2080.
[2] انظر: المفردات، للراغب الأصفهاني: 240، الكليات، للكفوي: 112، مجموع فتاوى ابن تيمية: 7/ 235-236،جامع العلوم والحكم، لابن رجب: 24-37، معارج القبول، للحكمي: 2/ 595.
[3] انظر: لسان العرب، لابن منظور: 4500، القاموس المحيط، للفيروز آبادي: 2/ 253.
[4] انظر: الوجوه والنظائر، للدامغاني: 449، الروح، لابن القيم: 217.
[5] انظر: المرجعين في الهامش السابق، والروح (جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهو جسم نوراني، علوي، خفيف، حي، متحرك، ينفذ في جوهر الأعضاء، ويسري فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم. فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكا لهذه الأعضاء، وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح)، انظر: الروح، لابن القيم: 177-178.
[6] إحياء علوم الدين، للغزالي: 3/ 473.
[7] انظر: مقاييس اللغة، لابن فارس: 2/ 454، الترويح، للعودة: 23.
[8] تهذيب اللغة، للأزهري: 2/ 177.
[9] النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير: 2/ 658.
[10] المصباح المنير، للفيومي: 1/ 244.
[11] انظر: البدائل الإسلامية لمجالات الترويح المعاصرة، لبسيوني: 21، نقلاً عن: الترويح وخدمة المجتمع لحافظ وآخرون: 24.
[12] انظر: الترويح، للبنيان وآخرون: 11.
[13] انظر: بحث الترويح ونظرياته في المجتمعات الحضرية المعاصرة، لـ: د. إسحاق القطب في مجلة الدارة، عدد شوال: 1402 هـ، ص: 56.
[14] انظر: البدائل الإسلامية لمجالات الترويح المعاصرة، لبسيوني: 21، نقلاً عن جون رومني، عن كتاب: النشاط الترويحي وبرامجه، لخطاب: 14.
[15] انظر: الترويح وأوقات الفراغ، لدرويش والخولي: 21.
[16] انظر: البدائل الإسلامية لمجالات الترويح المعاصرة، لبسيوني: 24، الترويح وأوقات الفراغ، لدرويش والخولي: 21.
[17] البدائل الإسلامية لمجالات الترويح المعاصرة، لبسيوني: 22.
[18] فلسفة الترويح في الإسلام، حلقة بحث الترويح في المجتمع الإسلامي: 164.
[19] الترويح في المجتمع الإسلامي، حلقة بحث الترويح في المجتمع الإسلامي: 107.
[20] الترويح في المجتمع الإسلامي: حدوده وأهدافه، حلقة بحث الترويح في المجتمع الإسلامي: 250.
[21] المرجع السابق: 148.
[22] الترويح في المجتمع الإسلامي، حلقة بحث الترويح في المجتمع الإسلامي: 258.
[23] الترويح في المجتمع الإسلامي: حدوده وأهدافه، حلقة بحث الترويح في المجتمع الإسلامي: 334.
[24] الترويح وأوقات الفراغ في المجتمع المعاصر لـ: درويش والخولي: 21 – 22.
[25] انظر: الترويح وأوقات الفراغ في المجتمع المعاصر، لدرويش والخولي: 23 – 25.
[26] انظر: المصدر السابق، ص: 77 حيث ذكر المؤلفان أنه في عام: 1962م، تأكد أن من بين ستة مليون وخمسمائة ألف عاطل في الولايات المتحدة يوجد مليونان من ضحايا التقدم التقني. قلت: فما الحال عام: 2008م.
[27] أوردت بعض الدراسات أن معدل عمل الفرد في الأسبوع الواحد عام: 1800م كان يعادل: 84 ساعة، وفي عام: 1975 م صار يعادل 36.1 ساعة. قلت فما الحال في عام 2008م!، انظر: المصدر السابق: 63.
[28] بهجة المجالس، لابن عبد البر:1/ 115.
[29] مسلم (2058).
[30] التمهيد، لابن عبد البر:4/ 204.
[31] انظر: أوقات الفراغ والترويح، لعطيات:30.
[32] انظر: الترويح وأوقات الفراغ في المجتمع المعاصر، لدرويش والخولي: 22 – 23.
[33] انظر: عوامل التربية، لعلي وافي: 103.
[34] انظر: أساسيات في الترويح وأوقات الفراغ، لإبراهيم والحياري: 78.
[25] الجنوح والترويح في الأوقات الحرة لدى الشباب في المملكة العربية السعودية، مركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية السعودية: 98.
[36] انظر: البدائل الإسلامية لمجالات الترويح المعاصرة، لبسيوني:62، الترويح في العهد النبوي: أهدافه ووسائله، للسدحان، مجلة البحوث الإسلامية، دار الإفتاء السعودية، عدد: 60، ص: 222، وما بعدها.
[37] انظر: وقت الفراغ وشغله في مدينة الرياض، للشتري: 54- 56.
[38] البخاري (1968).
[39] انظر: وقت الفراغ وشغله في مدينة الرياض، للشتري: 54-56، الترويح وأوقات الفراغ في المجتمع المعاصر، لدرويش والخولي: 31-35.
[40] انظر في ذلك: فصل: خط الانحراف في كتاب: واقعنا المعاصر، لمحمد قطب، والانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، للزهراني.
[41] مسلم (2750)، الترمذي (2514).
[42] البخاري (1968).
[43] البخاري (1975).
[44] مسلم (1159).
[45] مسلم (2739)، أحمد (6766).
[46] البخاري (5063)، واللفظ له، مسلم (1401).
[47] فتح الباري، لابن حجر: 9/ 105.
[48] أبو داود (2513)، النسائي (3587).
[49] الترمذي (1637)، وقال: (وهذا حديث حسن صحيح) , وقال الحاكم في مستدركه: (هذا حديث صحيح ولم يخرجاه)ووافقه الذهبي في المختصر،فقال: (صحيح)، وضعفه الألباني في ضعيف سسن أبي داود (2513).
[50] معالم السنة، للخطابي- مع سنن أبي داود -: 3 / 28.
[51] النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير: 4 / 282.
[52] الرهص والوقص لمستحل الرقص، للحلبي: 57 -58.
[53] الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: 8 / 35 – 36.
[54] عون المعبود، للعظيم آبادي: 7 / 190.
[55] تحفة الأحوذي، للمباركفوري: 5 / 266.
[56] فتح الباري، لابن حجر: 11 / 91.
[57] المعجم الكبير، للطبراني (1785)، وعزاه له المنذري في الترغيب والترهيب: 2 / 279، وقال: (بإسناد جيد)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/ 269: (ورجال الطبراني رجال الصحيح خلا عبد الوهاب بن بخت، وهو ثقة)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (4410).
[58] انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية: 32 / 223.
[59] الترمذي: (1700)، وقال حديث حسن، وصححه الألباني، وقد ورد في الباء الموحدة في السبق روايتان الأولى بالفتح، ويكون المراد بها على ذلك الخط الذي يوضع بين أهل السباق. والثانية بالسكون، ويكون المراد بها على ذلك: التقدم، قال الخطابي في معالم السنن - مع سنن أبي داود-: 3 / 63 ما نصه: (الرواية الصحيحة في هذا الحديث السبق مفتوحة الباء).
[60] انظر بحث المسألة في: الفروسية، لابن القيم: 7 – 13, ملاحق تحريم النرد والشطرنج والملاهي، للآجري: 231 – 235 , القرعة ومجالات تطبيقها في الفقه الإسلامي، للعمار: 1 / 292 – 295.
[61] انظر: أسهل المدارك، للكشناوي: 2 / 281 , مواهب الجليل، للحطاب: 3 / 390.
[62] انظر: روضة الطالبين، للنووي: 10 / 370 , المهذب، للشيرازي: 1 / 420.
[63] انظر: الكافي، لابن قدامة: 2 / 336 , الروض المربع بحاشية ابن قاسم، للبهوتي: 5 / 349.
[64] مجموع الفتاوى، لابن تيمية: 32 / 251.
[65] انظر بحث ذلك في: شروط البيع، في الروض المربع بحاشية ابن قاسم، للبهوتي: 4 / 331 – 362.
[66] القرعة ومجالات تطبيقها في الفقه الإسلامي، للعمار: 1 / 293.
[67] انظر: السابق 1/ 293.
[68] السنن الكبرى، للبيهقي: 10/ 18، وحسنه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام: (378).
[69] انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 6/ 297.
[70] القرعة ومجالات تطبيقها في الفقه الإسلامي، للعمار: 1 / 294.
[71] انظر: الفروسية، لابن القيم: 11, حاشية الروض المربع، لابن قاسم: 5 / 350.
[72] المستدرك، للحاكم: 2/ 375، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[73] انظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي: 60.
[74] البخاري (5063)، مسلم (1401).
[75] البخاري (1150)، مسلم (784).
[76] مسلم (786).
[77] مسلم (787).
[78] الخطر اليهودي (بروتوكولات حكماء صهيون)، للتونسي: 168.
[79] المفسدون في الأرض،لـ: س. ناجي: 460، نقلا عن صحيفة الحارس الأمريكية.
[80] انظر: البخاري (599).
[81] فتح الباري، لابن حجر: 2/ 73.
[82] ابن ماجه (4217)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7321).
[83] أحمد (20829)، وحسنه الأرنؤوط.
[84] أبو داود (5003)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (7454).
[85] أحمد (20067)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع(7013).
[86] انظر: تفسير القرآن العظيم، لابنكثير: 3/ 36.
[87] مسلم (2172).
[88] مسلم (2159).
[89] ابن حنبل حياته، وعصره، وآراؤه الفقهية، لأبي زهرة: 314.
[90] أحمد (2867)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7517).
[91] الأشباه والنظائر، للسيوطي: 105، والأشباه والنظائر، لابن نجيم: 121.
[92] الوجيز في القواعد الفقهية، للبرنو: 85.
[93] مسلم، ح(4950).
[94] مسلم، ح (5055).
[95] شرح النووي على مسلم: 13/ 64.
[96] البخاري (2743).
[97] أحمد (24164)، وذكر الأرنؤوط بأن إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[98] سبق تخريجه والحكم عليه.
[99] البخاري (5779).
[100] أحمد، (26004)، وحسن إسناده الأرنؤوط.
[101] مسلم (2255).
[102] مسلم (1807).
[103] البخاري (6146).
[104] البخاري (4104).
[105] البخاري (131).
[106] البخاري - مع فتح الباري -: 1 / 147.
[107] مسلم (892).
[108] مسلم (2099).
[109] البخاري (5147).
[110] الترمذي (3690)، وقال: (حسن صحيح غريب من حديث بريدة), أحمد (23061)، وقوى إسناده الأرنؤوط, قال محقق تحريم النرد والشطرنج والملاهي: 289، (درجة الحديث بهذا السند رجالته ثقات إلا علي بن الحسين وقد تابعه زيد بن الحباب عن الحسين بن واقد في رواية أحمد وهو صدوق).
[111] نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشوكاني: 8 / 119.
[112] أبو داود (5003)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (7454).
[113] أبو داود (5004) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7534).
[114] الترمذي (1990)، وقال: (هذا حديث حسن صحيح)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2490)، من طريق ابن عمر عند الطبراني في الكبير ومن طريق أنس عند الخطيب في التاريخ.
[115] أبو داود (4998) , الترمذي (1991)، وقال: (حسن صحيح غريب)، أحمد (13844)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح.
[116] من رواة الحديث.
[117] الترمذي (1992)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (7786).
[118] أبو داود (5000) , ابن ماجه (4042)، أحمد (24017)، وصححه الأرنؤوط.
[119] الأدب المفرد، للبخاري: (266)، وصححه الألباني.
[120] الترمذي (1995)، وقال: (حسن غريب)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (6288).
[121] الترويح في ضوء النصوص الشرعية،"حلقة بحث الترويح في المجتمع الإسلامي"، لمناع القطان: 37.
[122] البخاري (6130), مسلم (2440).
[123] أبو داود (4932) , البيهقي: 10 / 229، وصححه الألباني في آداب الزفاق: 203.
[124] مجتمع شعر الناصية، انظر: فتح الباري، لابن حجر: 7 / 224.
[125] البخاري (3894).
[126] البخاري (6129)، أحمد (12980)، واللفظ له.
[127] البخاري (77)، قال ابن حجر في شرح الحديث: (قوله: ”تلاعبها وتلاعبك"، زاد في رواية النفقات: ”وتضاحكها وتضاحكك", وهو مما يؤيد أنه من اللعب. ووقع عند الطبراني من حديث كعب بن عجرة.. فذكر نحو حديث جابر، وقال فيه: ”وتعضها وتعضك", ووقع في رواية لأبي عبيدة: ”تذاعبها وتذاعبك", بالذال بدل اللام. وأما ما وقع في رواية محارب بن دثار عن جابر.. بلفظ: ”مالك وللعذارى ولعابها"، فقد ضبطه الأكثر بكسر اللام، وهو مصدر من الملاعبة أيضاً، يقال: لاعب لعاباً وملاعبة، مثل قاتل قتالاً ومقاتلة. ووقع في رواية المستملي بضم اللام، والمراد به: الريق، وفيه إشارة إلى مص لسانها، ورشف شفتيها، وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل).
[128] البخاري (3750)،أحمد (40).
[129] البخاري (3749).
[130] البخاري (950) , مسلم (892).
[131] مسلم (892).
[132] البخاري (4791).
[133] سبق تخريجه.
[134] مسلم (4779).
[135] البخاري (2870).
[136] البخاري (2872).
[137] أبو داود (4078) , الترمذي (1784) , وقال: (حديث حسن غريب وإسناده ليس بالقائم) , وحسنه الألباني في إرواء الغليل (1503).
[138] البيهقي: 10 / 18.
[139] كشف الأستار، للهيثمي(2053)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة(3295).
[140] رياضة الأبدان، لأبي نعيم:20.
[141] البخاري (2743).
[142] مسلم (892).
[143] سبق تخريجه.
[144] أحمد (323)، وحسنه إسناده الأرنؤوط.
[145] البخاري (5590).
[146] مسلم (2260).
[147] الترمذي (1708)، وقد رواه مرسلاً عن مجاهد (1709)وحكى أن المرسل أصح، وكذا قال المنذري في مختصر السنن: 3/ 391، وضعف الألباني المرفوع في ضعيف الجامع (6049)، و التحريش: الإغراء بين القوم أو الكلاب وذلك بتدريبها على ما يشبه المصارعة بهدف التسلي بذلك.
[148] مسلم(1957).
[149] البخاري مع الفتح (5963).
[150] الأدب المفرد، للبخاري(252)، وحسنه الألباني.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اللهو المباح
  • الترويح عن النفس في مرحلة التقاعد
  • الترويح عن النفس
  • الترويح عن النفس والمزاح
  • مشروعية الفرح في الأعياد والترويح عن النفس بالمباحات

مختارات من الشبكة

  • الترويح عن المتنازعين في عدد ركعات صلاة التراويح(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • البعد النفسي للجمهور ومهارات الترويح والترفيه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تقنيات للتخلص من ضجر البيت والترويح المفيد عن النفس(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الترفيه والفرح واللهو المباح في الزواج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
2- تأصيل مشروعية الترويح من القرآن
أبو يوسف - السعودية 05-04-2021 09:17 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يبدو أن المؤلف تعب كثيرا فجزاه الله خيراَ وبارك في مقاله
ولكن لم يذكر ولا آية واحدة عن مشروعية الترويح
فليته يكمل جميله بالبحث وإضافة هذا الأمر المهم

1- استفسار
س.ي - السعوديه 12-04-2014 09:38 PM

ماهي كتب المراجع للاستفادة؟

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب