• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

المعازف وما يتعلق بها من أحكام

أبو مريم محمد الجريتلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/10/2009 ميلادي - 5/11/1430 هجري

الزيارات: 60955

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المعازف وما يتعلق بها من أحكام


إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

 

أما بعد:

فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور محدثَاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

لقد انتشرت الدَّعوة - بفضل الله وكرمه - في رُبُوع الأرض وتلك بشارة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أوشكت أنْ تتحقَّق، ويكفيك شاهد عدد المواقع على الشبكة العنكبوتيَّة التي تخدم الإسلام، وكَمِّ الفضائيَّات التي تنشر تعاليم الإسلام والكتب والصحف، والمجلات والمعاهد والمدارس والمساجد...

 

بل أعظم شاهد على انتشار الإسلام كَيْد الأعداء، ومكر المنافقين، وصمود الإسلام في وجه كل هؤلاء، لا يضرُّه وهن الواهِنين، ولا مكر الماكرين؛ فإنَّ الله يغرس لهذا الدين، وسيذهب الزبد لا مَحالة، ويبقى ما ينفع الناس، سيذهب الشرك ويبقى التوحيد، ستذهب البدعة وتبقى السنة، ولكن نَحتاج إلى أمرين لا ثالثَ لهما: إخلاص الدين لله - عزَّ وجلَّ - ومتابعة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

فالنية الطيبة من أهل الإسلام لا تكفي وحدَها حتى تُكلل بمتابعة المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم - والمتابعة تَحتاج إلى علم، والعلم بالتعلُّم ولا يُنال بالتمني؛ لذلك يكون السبب في كثير من المخالفات الشَّرعية: الجهل بحكم الله عند صاحب النية الطيبة، والعناد - والعياذ بالله - عند صاحب الكبر، فللأول نبيِّن الحق، وللثاني نقيم الحجة في مُخالفة من المخالفات التي عمَّت وانتشرت بين أهل الإسلام، وهي المعازف وما يتعلق بها من أحكام، فكانت هذه المقالة المختصرة، أسأل الله أنْ ينفعَ بها، وتكون زُخرًا لي يوم القيامة ولمن قرأها وانتفع بها، اللهم آمين.

 

مقدمة في بيان المصطلحات المتعلقة بالموضوع على وجه الاختصار:

(الحُدَاء، النصْب، الغِناء، الطَرَب، الإِنْشَاد...).

 

1- الحُدَاء:

• (حدا): حَدَا الإِبِلَ، وحَدَا بِها يَحْدُو حَدْوًا وحُِدَاءً: زَجَرَها خَلْفَها وساقَها... الحَدْوُ: سَوْقُ الإِبِل والغِناء لها؛ (لسان العرب، 14/168).

• و(الحادي) الذي يسوق الإبل بالحُداء، (ج) حداة؛ (المعجم الوسيط، 1/162).

• قال الراجز:

فَغَنِّهَا وَهْيَ لَكَ الْفِدَاءُ ♦♦♦ إِنَّ غِنَاءَ الْإِبِلِ الْحُدَاءُ

(جمهرة اللغة، 2/88).

 

• وأصْلُ الحُداءِ: ما كان للناسِ حُداءٌ، فَضَرَبَ أعْرابِيٌّ غُلامَهُ، وعَضَّ أصابِعَهُ، فَمَشَى وهو يقولُ: دَيْ دَيْ، أرادَ يا يَدَيْ، فَسارَت الإِبِلُ على صَوْتِهِ، فقال له: الْزمْهُ، وخَلَعَ عليه؛ (القاموس المحيط، 3/421).

• وقيل: أول مَن سن الحداء مضر بن نزار سقط عن بعير، فَوُثِيَتْ يده، وكان أحسن الناس صوتًا، فكان يَمشى خلف الإبل، ويقول: وا يداه! يترنَّم بذلك، فأعنقت الإبل، وذهب كلالها، فكان أصل الحداء عند العرب.

• وفي "فتح الباري"، للحافظ ابن حجر: أنَّ عبدًا كان لمضر ضربه مضر على يده، فأوجعه، فقال: يا يداي، فكان أصل الحداء، ومثله في أكثر الدواوين اللُّغوية والسيرية؛ (تاج العروس، 1/8389).

 

2- النَّصْب:

• ضرْبٌ من الغِنَاء للأعْرَاب أرَقُّ من الحداء؛ (المحيط في اللغة، 1/227).

• وقد نَصَبَ الرَّاكِبُ نَصْبًا إِذا غَنَّى، وفي الحديث: ((لو نَصَبْتَ لَنَا نَصْبَ العَرَبِ))؛ أَي: لو غَنَّيْتَ لنا غِناءَ العَرَبِ، يقالُ: نَصَبَ الحادِي: حَدَا ضَرْبًا من الحُدَاءِ.

• وقال أَبو عَمْرو: النَّصْبُ: حُداءٌ يُشْبِهُ الغِنَاءَ.

• وقالَ شمِرٌ: غِناءُ النَّصْبِ: ضرْبٌ من الأَلْحان.

• وقيل: هو الَّذِي أُحْكِمَ من النَّشِيد، وأُقِيم لَحْنُهُ ووَزْنُهُ، وسُمِّىَ ذلك؛ لأَنَّ الصَّوْتَ يُنْصَبُ فيه؛ أَي: يُرْفَع ويُعْلَى؛ (انظر: تاج العروس، 1/ 972).

 

3- الغِناء:

• (الغِناء): التطريب والترنُّم بالكلام الموزون وغيره، يكون مصحوبًا بالموسيقا وغير مصحوب.

• (غنَّى): طرب وترنَّم بالكلام الموزون وغيره، ويقال: غنى الحمام صوَّت... وبالشعر ترنم به؛ (المعجم الوسيط، 2/665).

• وقيل: الغناءُ: ترديد الصوت بالشعر ونحوه بالألحان، أمَّا التغني فهو الترنُّم؛ (معجم لغة الفقهاء، 1/335).

• (المغنِّي): محترف الغناء؛ (المعجم الوسيط، 2/666).

• يقول ابن منظور: وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: "وعندي جارِيتان تُغَنِّيانِ بغِناءِ بُعاثَ"؛ أَي: تُنْشِدانِ الأشعارَ التي قيلَتْ يومَ بُعاث، وهو حربٌ كانت بين الأنصار، ولم تُرِدِ الغِناء المعروفَ بين أَهلِ اللَّهْوِ واللَّعِبِ، وقد رَخَّصَ عمر - رضي الله عنه - في غناءِ الأعرابِ، وهو صوتٌ كالحُداءِ؛ (لسان العرب، 15/135).

• ولأنَّ الغناء أكثر ما كان يتولاه الإماء دون الحرائر، سُمِّيت المغنية: قينة، والقينة عند العرب: الأَمة، والقين: العبد...؛ (انظر: الفائق في غريب الحديث، 1/18).

 

4- الطرب:

• (الطرب): خفَّة وهزة تثير النَّفس لفرح أو حزن أو ارتياح، وأغلب ما يستعمل اليومَ في الارتياح والغناء ونحوه مما يُحرِّك في النفس الطرب.

• (طرب): تغنَّى، وفي صوته: رجعه ومدَّه وحسنه.

• (تطربَ): اهتزَّ طربًا، وفلانًا أطربه.

• (الطروب): السريع الهزة، والتأثر بما يطرب، (ج) طراب.

• (المطرب): اسم فاعل من أطرب، وغلب في المغني الحسن الصوتُ والأداءُ؛ (المعجم الوسيط، 3/553).

 

5- الإنشاد:

• الأصل في كلمة الإنشاد رفعُ الصوت، كإنشاد الضالة، ولما صاحب قول الشعر رفع الصوت به، سُمِّي إنشادًا، حتى غلبت عليه هذه التسمية ونُسي أصلها؛ يقول أهل اللغة:

• أنشد لي الشعر: قرأه رافعًا به صوته.

• (تناشدوا) الأشعار: أنشدها بعضهم بعضًا.

• (استنشد) فلانًا شعرًا: سأله أنْ ينشده؛ (2/921).

• ومن هذه المقدمة اللُّغوية نعرف أنَّ: الحداء غناء للإبل خاصَّة، وصاحبه يُسمى الحادي، والنَّصب أرقّ من الحداء وأقرب للغناء، وصاحبه يُسمى ناصب، والغناء إنشاد يصاحبُه ترنيم، سواء بآلة أم من دونها، وصاحبه يسمى مغنٍّ، الطرب غناء يصاحبه حركة واهتزاز، وصاحبه يسمى مطرب، والإنشاد هو رفع الصوت بالشِّعر وتحسينه، وصاحبه يسمى مُنشِد.

 

النشيد المباح وضوابطه:

إذا كان الإنشادُ هو رفع الصوت بالشِّعر وتحسينه، وهو من جنس الكلام، فإنَّ الأصل فيه الإباحة حتَّى يقترنَ به مانع يخرجه عن أصله؛ لقوله - تعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119]، وقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أحلَّ الله في كتابه، فهو حلال، وما حرَّم فهو حرام، وما سَكَت عنه، فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإنَّ الله لم يكن لينْسى شيئًا))، وتلا: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64].

 

يقول الآمدي: "الأصل في الأفعال كلها إنَّما هو الإباحة، ورفع الحرج عن الفعل والترك، إلاَّ ما دلَّ الدليل على تغييره"؛ (انظر: "الأحكام"، للآمدي، 1/178).

 

وليس استصحاب الأصل هو دليلُ الإباحة في المسألة وحْدَه؛ لأنَّه ثبت إنشاد الشعر في زمن النُّبوة، كما حفظته لنا كتب السنة فمن ذلك:

• ما رواه مسلم عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كَانَ يَقُولُ: ((اللهم إن العيش عيش الآخرة))، قال شعبة: أو قال: ((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرةْ، فأكرم الأنصار والمهاجرةْ))‏.

• وما رواه الشيخان عن البَراء - رضي الله عنه - قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، وهو ينقل التراب حتى وارى التُّراب شَعَرَ صدره، وكان رجلاً كثير الشَّعَر، وهو يرتجز برَجَزِ عبد‏الله:

لَهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا ولا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

يرفع بها صوته.

 

• ونحوه ما رواه البخاريُّ أيضًا عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى خيبر، فسرنا ليلاً، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تُسمعنا من هنيهاتك‏؟ قال: وكان ‏عامر رجلاً شاعرًا، فنزل يحدو بالقوم يقول:

لَهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوِّلُوا عَلَيْنَا

‏

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((‏مَن هذا السائق؟))، قالوا : عامر بن الأكوع، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((يرحمه الله))، وفي سُنَن النَّسائي - رحمه الله - أنَّ سلمةَ بن الأكوع ارتجز بأبيات أخيه هذه بين يدي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فصدَّقه رسول الله عندما قال: "لَهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا=وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا"، فهذه النصوص تدل على أن الإنشاد جائز على الوصف الذي جاءت به من سلامتها من المحاذير الشرعية التي تُخرجها عن أصل الإباحة.

 

يقول الإمام الشاطبي في "الاعتصام" - بعد أنْ أشار إلى حديث أنجشة -: "وهذا حسن، لكن العرب لم يكن لها من تحسين النَّغمات ما يجري مجرى ما الناس عليه اليوم؛ بل كانوا ينشدون الشعر مطلقًا، ومن غير أنْ يتعلموا هذه التَّرجيحات التي حدثت بعدهم، بل كانوا يُرقِّقون الصوت ويُمَطِّطُونَهُ على وجه يليق بأُمِّيَّة العرب الذين لم يعرفوا صنائعَ الموسيقا، فلم يكن فيه إلذاذٌ ولا إطرابٌ يُلهي، وإنَّما كان لهم شيء من النشاط، كما كان عبدالله بن رواحة يحدو بين يدي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكما كان الأنصار يقولون عند حفر الخندق:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا ♦♦♦ عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا

لذلك؛ نجدُ أنَّ العلماء يُنبِّهون على ذلك بقولهم: "المختارُ عندي: جواز ذلك، إذا سلمت من المحذور"، أو قولهم: "فهذا أمرٌ لا بأسَ به، ولكن لا بُدَّ من بيانِ شرطٍ مُهِم لجوازها"، ثم اجتهدوا في جمع تلك المحاذير بين مُجمل ومفصَّل على حسب ما يقع من النَّاس في هذا الباب، وهي:

إجمالاً:

محاذير في الأصوات، المعاني، طريقة الأداء، الكم، الوقت، النَّتيجة (الأثر النفسي)، المؤثرات الخارجيَّة.

 

تفصيلاً:

• محاذير الأصوات:

1- ألاّ يكونَ صوتُ المنشد رقيقًا فاتنًا، أو مصحوبًا بآهاتٍ وتأوُّهات وهَمْهَمات، وتطريب يُثير الغرائز؛ فقد روى البُخاري ومسلم: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لِحَادِيهِ - الذي يَحدو ويُنشد بصوت حسَن -: ((ويْحك يا أنجشة، رُويدَك سَوْقَكَ بالقوارير)).

 

وفي رواية لمسلم قال أنس: كان لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حَادٍ حسن الصوت، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رويدًا يا أنجشة، لا تكسر القوارير))؛ يعني: ضعفة النساء؛ أي: تَمَهَّل في حدائك بالإبل التي تسرع بالنِّساء، فيتأثرن من ذلك، أو أن صوتك يُؤثر عليهن فارفق بهن.

 

وهو من باب سد الذَّرائع المفضية للحرام:

1- ألا يكون المنشد امرأة أمام الرجال؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا ﴾ [الأحزاب: 32].

 

يقول الإمام البغوي في تفسير الآية: ﴿ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ﴾ لا تَلِنَّ بالقول للرِّجال، ولا ترققن الكلام، ﴿ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾؛ أي: فجور وشهوة، وقيل: نفاق، والمعنى: لا تقلن قولاً يَجد منافقٌ أو فاجر به سبيلاً إلى الطمع فيكنَّ، والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الأطماع.

 

• محاذير المعاني:

1- ألا يشتمل النشيد على معنى محذور؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 30].

 

يقول الإمام الشنقيطي في تفسير الآية: "كلُّ قول مائل عن الحق فهو زور؛ لأنَّ أصل المادة التي هي الزُّور من الازورار بمعنى الميل والاعوجاج".

 

ومن المعاني المحذورة على سبيل المثال من واقع الأناشيد: المعاني الشركية، من الاستغاثة والحلف بغير الله وسب الدَّهر، والدعوة لإحياء القوميات والنَّعرات الجاهلية، وتمجيد أهل الباطل ومدحهم، والدعوة لوحدة الأديان، وألفاظ العشق والهيام والغرام والتشبيب بالنِّساء، وذكر الأوصاف الحسية التي تخدش الحياء، والكذب والبهتان، والمبالغة والإطراء.

 

2- الكلام الذي لا معنى له من الهزل المذموم وألفاظ أهل الفِسق والسوقة غير المفهومة؛ لقوله - تعالى -: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

 

وفي الحديث: "((ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذِرْوة سنامه؟))، فقلت: بلى، يا رسول الله، فقال: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سَنَامه الجهاد في سبيل الله))، ثم قال: ((ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟))، فقلت: بلى، يا نبي الله، فأخذ بلسانه، ثم قال: ((كُفَّ عليك هذا))، فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم))".

 

• المحاذير في طريقة الأداء:

1- التشبُّه بأهل الفسق من التكسر والتمايل، وهز الرُّؤوس والأيدي، والتصفير والتصفيق، والضرب بالأرجل والتميُّع في الأداء؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن تشبَّه بقوم فهو منهم))، يقول ابن تيمية: "فإنَّ موجب هذا: تحريم التشبه بهم مطلقًا"؛ (اقتضاء الصراط المستقيم؛ 1/378).

 

2- ألا يكون النَّشيد على لحن أغاني أهل الفسق والفجور؛ بالتزام طريقتهم في الأداء مع تغيير الألفاظ فحسب؛ قال ابن عبدالبر: الغناء الممنوع ما فيه تمطيط وإفساد لوزن الشعر؛ طلبًا للطرب وخروجًا من مذاهب العرب، وإنَّما وَرَدت الرخصة في الضرب الأول دون ألحان العجم؛ (فتح الباري، 1/341).

 

• محاذير في الكم:

1- ألا تغلب الأناشيد على الإنسان - سواء المنشد أو المستمع - وتأخذ جل وقته، فتفسد عليه رصيده من العمر الذي هو رأس ماله في تجارته مع الله.

 

ولهذا بوَّب البخاري "باب من كان الغالب عليه الشعر"، ثم روى حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لأنْ يَمتلئ جوف أحدكم قيحًا وصديدًا خير له من أن يَمتلئ شِعرًا))، وهذا من فقه الإمام البخاري لحديث الباب.

 

2- ألا يكون الإنشاد هو سلوته وأنسه وذكره وتسبيحه، فلا يُرى إلا منشدًا، وقد رأينا من المنشدين - والله - مَن ينشد وهو نائم، ولا حولَ ولا قوة إلا بالله! قال تعالى في وصف أولي الألباب من عباده؛ ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

 

قال البغوي: "قال سائر المفسرين: أراد به المداومة على الذِّكر في عموم الأحوال... نظيره في سورة النساء: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء: 103]".

 

• محاذير الوقت:

1- ألا يشغل عن فرض الوقت وأداء الأَوْلَى: فالجاهل عليه أنْ ينشغل بتعلُّم ما يَجب عليه من فروض الأعيان، ولا يَشغله سماع الإنشاد عن ذلك، وطالب العلم عليه أن ينشغل بأداء زكاة ما تعلَّمه بالدَّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وهكذا.

 

واستقراء دواوين السنة تدُلُّنا على أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يخصص وقتًا ليسمع فيه الإنشاد، ولا فَعَلَ ذلك أصحابه الأطهار، إنَّما الأمر يأتي تبعًا لا أصالةً في قطع سآمة الطريق، كحديث أنجشة، أو الحثِّ على عمل شاق، كحديث البراء في حفر الخندق، أو شحذ الهمم في المعركة، كما هو مأثور عن علي بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة وكثير من الصحابة، أو العُرس والأعياد كحديث الجارتين.

 

2- ألا ينشغل بها عن ترديد الأذان والأذكار، وتشميت العاطس، وردِّ السلام والصلاة على النبي عند ذكره - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإجابة السائل.

حتى لا نكون ممن قال الله فيهم: ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 61].

 

• محاذير النتيجة (الأثر النفسي):

1- عند المنشد: الإعجاب بالنَّفس، وضعف الإخلاص، والحرص على الشهرة والمال، وهجره لأهل العلم والصلاح؛ تَجنبًا لنُصحهم، وقربه من أهل الفسق والهوان؛ للاستزادة من موروثهم، وتقلب العواطف والمشاعر بحسب كل نشيد يورث الحزن والتردُّد والحيرة.

 

2- عند المستمع: من أخطرها فسادُ القلب بحب المنشد الذي يصل للعشق والهيام أحيانًا، يظهر في الحرص على سماعه والطرب لذلك، والوحشة بالبعد عنه، وتناقل صوره، والبحث عن أرقام هواتفه، وبذل الأوقات والأموال؛ بل لا مانعَ من شد الرِّحال إليه، واتِّخاذ المنشد قدوة في أقواله وأفعاله، وفراغ القلب من شعور لذة الذكر والمناجاة.

 

• محاذير المؤثرات الخارجية:

أولاً المؤثرات المرئية: تجنب الصور التي توضع على أغلفة الشَّرائط للمنشدين تشبهًا بأهل الفنون والمجون، تَجنب ما يظهر في (الفيديو كليب) من صور البنات الفاتنات وإن كُنَّ صغيرات، والمنشدين المتميعين المتكسرين في أدائهم، أو من يُظن في صورته وهيئته أنه فتنة للنِّساء، أو آلات المعازف المنهي عنها، وإن لم يعزف عليها، وسائر المحرمات.

 

ثانيًا المؤثرات المسموعة: وفيه نحتاج إلى بسط القول في أمرين:

1- حكم سماع النشيد المصحوب بالمعازف (عن طريق الآلات الموسيقية) والخلاف فيها ضعيف، بل نفى بعضُ أهل العلم الخلافَ في المسألة، ونقل الإجماع على التَّحريم.

2- حكم سماع النَّشيد المصحوب بالمعازف، (عن طريق المؤثِّرات الصوتيَّة: برامج وأجهزة كالحاسب الآلي من دون الآلات الموسيقية المعروفة)، والخلاف فيها أقوى من الأولى.

 

حكم استماع المعازف (الموسيقا):

أولاً: التعريف بلفظي المعازف والموسيقا:

• المعازف:

(عزف): عَزَفَ يَعْزفُ عَزْفًا لها، والمَعازِفُ المَلاهي... والجمع: معازِفُ، رواية عن العرب، فإذا أُفرد "المِعْزَفُ"، فهو ضَرْب من الطَّنابير، ويتَّخذه أَهل اليمن وغيرُهم، يجعل العُود مِعْزفًا، وعَزْفُ الدُّفِّ: صوتُه، وفي حديث عمر أَنه مرَّ بعَزْف دُفٍّ، فقال: ما هذا؟ قالوا: خِتان، فسكت.

العَزْفُ: اللَّعِبُ بالمَعازِف وهي الدُّفُوف وغيرها مما يُضرب؛ قال الراجز:

لِلْخَوْتَعِ الْأَزْرَقِ   فِيهَا   صَاهِلْ ♦♦♦ عَزْفٌ كَعَزْفِ الدُّفِّ وَالْجَلاَجِلْ

 

وعزَفَتِ القوْسُ عَزْفًا وعزيفًا: صوَّتت... والعَزِيفُ: صوت الرِّمال إذا هَبَّت بها الرِّياح، وعَزْفُ الرِّياح: أَصواتها، وقد عَزَفت الجنُّ تَعْزِفُ بالكسر عزيفًا، وفي حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -: "كانت الجنُّ تَعزِف الليلَ كلَّه بين الصَّفا والمروة"، وعَزيفُ الجنِّ جَرْسُ أَصواتها، وقيل: هو صوت يسمع بالليل كالطبل، وقيل: هو صوت الرِّياح في الجوِّ، فتَوهَّمَه أَهلُ البادية صوتَ الجنِّ؛ (لسان العرب، 9/244).

 

• الموسيقا:

الموسيقا: لفظ يوناني ليس من ألفاظ العرب، وهو يُطلق على فنون العزف على آلات الطَّرب.

والموسيقا في الاصطلاح: علم يعرف منه أحوال النَّغم والإيقاعات، وكيفيَّة تأليف اللحون وإيجاد الآلات.

 

• علاقة الموسيقا بالمعازف:

إذا كان أصلُ العزف في اللغة العربية هو: صوت الرِّياح ودويها؛ ثم أُطلق على صوت آلات الطَّرب، والمعازف: اسم يُطلق على كل آلات الملاهي التي يعزف بها، وتحدث أصواتًا مطربة، كَالعُودِ، والطُّنْبُورِ، والطَّبْلِ، والدُّفِّ، والأوْتَارِ، والمَزَامِيرِ، والشَّبَّابَةِ، والصُّنُوجِ، وغيرها من آلات الطرب الحديثة: كالقَانُونِ، والكَمَنْجَةِ، والأوْرد، والبِيَانُو، والقِيثَارَةِ، والدَّرَبَكَّةِ، والرَّبَابَةِ، والسِّمْسِمِيَّةِ... فيدخل في اسم (المعازف) ما يعرف اليوم بالموسيقا، فهي أصوات وألحان وأنغام مطربة، تصدر عن آلات لهو، مهما كان اسم هذه الآلات، والنصوص الشرعية وردت بالنهي عن المعازف مهما كانت مُسمَّياتُها؛ وعلى هذا فتكون كلُّ هذه الآلات وغيرها من آلات العزف داخلة في النَّهي عن المعازف؛ قال الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء": "المعازف: اسم لكل آلات الملاهي التي يعزف بها"؛ (21/158).

 

وقال ابن القيم في كتابه "إغاثة اللهفان": "وهي آلات اللهو كلها، لا خلافَ بين أهل اللغة في ذلك".

 

ثانيًا: ذكر بعض آلات العزف:

ويُمكن حصرها في أربعة أنواع: (نقلاً عن بَحث مختصر في بيان حكم عزف الموسيقا وسماعها).

1- آلات القرع أو النَّقر: وهي الآلات التي تُحدث الصَّوت عند هزِّها أو قرعها أو نقرها بمطرقة أو عصا، أو بحك بعضها ببعض، أو غير ذلك من الآلات التي تستخدم في القرع والنقر، وله أشكال كثيرة، مثل: الطبل، والدف، والكوبة - التي تشبه الساعة الرملية - والأوركسترا، والماريمبا، وغيرها.

 

2- آلات النفخ: وهي الآلات التي تُحدث الصوت بالنَّفخ فيها أو في بعض أجزائها، ويكون النَّفخ فيها في أنبوبة أو ريشة أو غيرها، وتتوزع نغماته بتمرير الأنامل على فتحاته، ومنها ما له صمامات تتحكم في إخراج النَّغم منه، وله أشكال كثيرة، مثل: الناي والمزمار.

 

3- الآلات الوترية: وهي الآلات التي تحدث الصَّوت بوجود حركة احتكاك أو تذبذُب، أو تمرير ذهابًا وإيابًا، أو غيره؛ وينتج ذلك عن شد الأوتار بالأنامل عند العزف عليها، أو بتمرير آلة على قوس من الخيوط الجلدية أو خيوط النايلون أو غيره، وتَختلف نغماته على مقدار الشدِّ والحركة سرعة وبُطئًا، أو غير ذلك من الطُّرق التي تؤدي إلى إحداث صوت مطرب، كالعود، والرباب، والقانون، والقيثار.

 

4- آلات العزف الذَّاتي: وهي التي تعزف (تحدث الأصوات المطربة والإيقاع الموسيقي) بنفسها (أوتوماتيك)، سواء كانت تعزف مباشرة لأول مرَّة أم بحفظها وتخزينها على الإسطوانات والأشرطة والأقراص، ثم إعادة تشغيلها لغرض إحداث العزف أو سماعه.

فهذه الآلات على اختلاف أنواعها ومُسمَّياتِها تسمى في لغة العرب معازف.

 

ثالثًا: ما الأدلة على تحريم المعازف التي منها الموسيقا؟

الأدلة التي جاء فيها بيانُ تحريم آلات العزف التي تدخل فيها الموسيقا كثيرة جدًّا، من القرآن الكريم والسنة النبوية، وآثار الصحابة - رضي الله عنهم - وقد ألَّف العلماء فيها كتبًا خاصَّة، ومن هذه الأدلة ما يلي :

أدلة التحريم من القرآن الكريم:

• قوله - تعالى -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6].

قال حبر الأمة ابن عباس - رضي الله عنهما -: هو الغناء، وقال مجاهد - رحمه الله -: اللهو: الطبل؛ (تفسير الطبري)، وقال الحسن البصري - رحمه الله -: "نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير"؛ (تفسير ابن كثير).

 

قال ابن القيم - رحمه الله -: "ويكفي تفسير الصَّحابة والتابعين للهو الحديث بأنَّه الغناء، فقد صحَّ ذلك عن ابن عباس وابن مسعود؛ قال أبو الصهباء: سألتُ ابن مسعود عن قوله - تعالى -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾ [لقمان: 6]، فقال: والله الذي لا إله غيره، هو الغناء - يردِّدها ثلاث مرات - وصح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أيضًا أنه الغناء"؛ (إغاثة اللهفان، لابن القيم).

 

وكذلك قال جابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومكحول، وميمون بن مهران، وعمرو بن شعيب، وعلي بن بديمة، وغيرهم في تفسير هذه الآية الكريمة؛ قال الواحدي - رحمه الله -: "وهذه الآية على هذا التفسير تدُلُّ على تحريم الغناء"؛ (إغاثة اللهفان).

 

ولقد قال الحاكم في مستدركه عن تفسير الصحابي: "ليعلم طالب هذا العلم أنَّ تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند"، وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في كتابه "إغاثة اللهفان" معلقًا على كلام الحاكم: "وهذا وإن كان فيه نظر، فلا ريبَ أنه أَوْلَى بالقبول من تفسير مَن بعدهم، فهم أعلم الأُمَّة بمراد الله من كتابه؛ فعليهم نزل، وهم أوَّل من خُوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرَّسول علمًا وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل".

 

يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: "فدخل في هذا – يعني: في لهو الحديث - كلُّ كلام محرم، وكل لغو وباطل، وهذيان من الأقوال المرغِّبة في الكفر والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل؛ ليُدحضوا به الحق، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب، ومن غناء ومزامير شيطان ...".

 

• وقال تعالى: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الإسراء: 64 ].

 

جاء في تفسير الجلالين: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ ﴾: استخف، (صوتك): بدُعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية، وهذا أيضًا ما ذكره ابن كثير والطبري عن مجاهد، وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدُلُّ على تحريم المزامير والغناء واللهو، وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه، فواجب التنزه عنه".

 

قال ابن القيم - رحمه الله -: "فكل متكلم في غير طاعة الله، أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل، فذلك صوت الشيطان، وكلُّ ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله، وكل راكب في معصيته فهو من خيالته، كذلك قال السلف".

 

• وقال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]، ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنَّه قال: الزور هنا الغناء.

 

وجاء عند القرطبي والطبري عن مُجاهد في قوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾، قال: لا يسمعون الغناء.

 

وجاء عن الطبري في تفسيره: "قال أبو جعفر: وأصل الزُّور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يُخيل إلى مَن يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك؛ لأنَّه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل، ويدخل فيه الغناء؛ لأنَّه أيضًا مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه"؛ (تفسير الطبري).

 

• وفي قوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾، قال الإمام الطبري في تفسيره: "وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مرُّوا كرامًا، مرورهم كرامًا في بعض ذلك بألا يسمعوه، وذلك كالغناء".

 

أدلة التحريم من السنة النبوية الشريفة:

قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليكونن من أمَّتي أقوام يستحلون الْحِرَ والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب عَلَمٍ، يَروحُ عليهم بسَارِحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجعْ إلينا غدًا، فيبيتهم الله، ويَضَعُ العلم، ويَمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة))؛ (رواه البخاري تعليقًا، برقم: 5590، ووصله الطبراني والبيهقي، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني، 91).

 

وقد أقرَّ بصحة هذا الحديث أكابرُ أهل العلم، منهم الإمام ابن حبان، والإسماعيلي، وابن الصلاح، وابن حجر العسقلاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير.

 

وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئًا، كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنَّه منقطع؛ لأن البخاري لم يصلْ سنده به"، وقال العلامة ابن الصلاح - رحمه الله -: "ولا التفاتَ إليه؛ (أي: ابن حزم) في رده ذلك، وأخطأ في ذلك من وجوه، والحديث صحيح معروف الاتِّصال بشرط الصحيح"؛ (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لإمام السفاريني).

 

وفي الحديث دليلٌ على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين: أولهما: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "يستحلون"، فإنَّه صريح بأن المذكورات - ومنها المعازف - هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم.

 

ثانيًا: قرن المعازف مع ما تم حرمته، وهو الزنا والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة – أي: المعازف - لما قرنها معها"؛ (السلسلة الصحيحة، للألباني، 1/140 - 141 بتصرف)؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها"؛ (المجموع).

 

وروى الترمذي في سننه عن جابر - رضي الله عنه - قال: "خرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع عبدالرحمن بن عوف إلى النَّخيل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره، ففاضت عيناه، فقال عبدالرحمن: أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: ((إنِّي لم أنهَ عن البكاء، وإنَّما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نَغمةِ لَهْوٍ ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة))"؛ (قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني، صحيح الجامع: 5194).

 

• وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صوتان ملعونان: صوت مزمار عند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة))؛ (إسناده حسن، السلسلة الصحيحة: 427).

 

• وعن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((ليكونن في هذه الأمة خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتَّخذوا القينات، وضربوا بالمعازف))؛ (صحيح بمجموع طرقه، السلسلة الصحيحة: 2203).

 

• قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله حرم على أمتي الخمر، والميسر، والْمِزْرَ، والكُوبَة، والقِنِّين، وزادني صلاة الوتر))؛ (صحيح، صحيح الجامع: 1708).

 

الكوبة هي الطبل، أمَّا القنين هو الطنبور بالحبشية؛ (غذاء الألباب).

 

وروى أبو داود في سننه عن نافع أنه قال: "سمع ابن عمر مزمارًا، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع، هل تسمع شيئًا؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا"؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود: 4116).

 

وعلق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلاً: "قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حقِّ صوت لا يَخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!"؛ (الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي).

 

أقوال أئمة أهل العلم:

قال الإمام عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه -: "الغناء مبدؤه من الشيطان، وعاقبته سخط الرحمن"؛ (غذاء الألباب).

 

ولقد نقل الإجماع على حرمة الاستماع إلى الموسيقا والمعازف جمعٌ من العلماء، منهم: الإمام القرطبي، وابن الصلاح، وابن رجب الحنبلي.

 

فقال الإمام أبو العباس القرطبي: الغناء ممنوع بالكتاب والسنة، وقال أيضًا: "أمَّا المزامير والأوتار والكوبة (الطبل)، فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعدُّ قوله من السَّلف وأئمة الخلف من يُبيح ذلك، وكيف لا يُحرَّم وهو شعار أهل الخمور والفسوق، ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟! وما كان كذلك لم يشك في تحريمه، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه"؛ (الزواجر عن اقتراف الكبائر، لابن حجر الهيثمي).

 

وقال ابن الصلاح: الإجماع على تحريمه، ولم يثبت عن أحد ممن يعتدُّ بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح الغناء؛ قال القاسم بن محمد - رحمه الله -: الغناء باطل، والباطل في النار.

 

وقال الحسن البصري - رحمه الله -: إنْ كان في الوليمة لهو - أي: غناء ولعب - فلا دعوة لهم؛ (الجامع للقيرواني).

 

قال النحاس - رحمه الله -: هو ممنوع بالكتاب والسنة، وقال الطبري: وقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء، والمنع منه.

 

ويقول الإمام الأوزاعي - رحمه الله -: لا تدخل وليمة فيها طبل ومعازف؛ قال ابن القيم - رحمه الله - في بيان مذهب الإمام أبي حنيفة: "وقد صرَّح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدُّف، حتى الضرب بالقضيب، وصرَّحوا بأنه معصية توجب الفسق وتُرَدُّ بها الشهادة، وأبلغ من ذلك قالوا: إن السماع فسق، والتلذذ به كفر، وورد في ذلك حديثٌ لا يصح رفعه، قالوا: ويجب عليه أنْ يجتهد في ألا يسمعه إذا مرَّ به أو كان في جواره"؛ (إغاثة اللهفان).

 

ورُوي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: الغناء من أكبر الذُّنوب التي يجب تركها فورًا، وقد قال الإمام السفاريني في كتابه غذاء الألباب معلقًا على مذهب الإمام أبي حنيفة: "وأمَّا أبو حنيفة، فإنه يكره الغناء، ويَجعله من الذنوب، وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم، لا اختلاف بينهم في ذلك، ولا نعلم خلافًا بين أهل البصرة في المنع منه".

 

وقد قال القاضي أبو يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة حينما سُئِلَ عن رجل سمع صوتَ المزامير من داخل أحد البيوت، فقال: "ادخل عليهم بغير إذنهم؛ لأنَّ النَّهي عن المنكر فرض".

 

أمَّا الإمام مالك، فإنَّه نهى عن الغناء وعن استماعه، وقال - رحمه الله - عندما سئل عن الغناء والضرب على المعازف: "هل من عاقل يقول بأنَّ الغناء حق؟ إنَّما يفعله عندنا الفُسَّاق"؛ (تفسير القرطبي).

 

والفاسق في حكم الإسلام لا تقبل له شهادة ولا يصلي عليه الأخيار إن مات؛ بل يصلي عليه غوغاء الناس وعامتهم.6قال ابن القيم - رحمه الله - في بيان مذهب الإمام الشافعي - رحمه الله -: "وصرح أصحابه - أي: أصحاب الإمام الشافعي - العارفون بمذهبه بتحريمه، وأنكروا على من نسب إليه حلَّه، كالقاضي أبي الطيب الطبري، والشيخ أبي إسحاق وابن الصباغ"؛ (إغاثة اللهفان).

 

وسئل الشافعي - رضي الله عنه - عن هذا، فقال: "أول من أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة وعن الذِّكر"؛ (الزواجر عن اقتراف الكبائر).

 

قال ابن القيم - رحمه الله -: "وأمَّا مذهب الإمام أحمد، فقال عبدالله ابنه: سألت أبي عن الغناء، فقال: الغناء ينبت النفاق بالقلب، لا يعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق"؛ (إغاثة اللهفان).

 

وسئل - رضي الله عنه - عن رجل مات وخلَّف ولدًا وجارية مُغنية، فاحتاج الصبي إلى بيعها، فقال: تباع على أنَّها ساذجة، لا على أنَّها مغنية، فقيل له: إنَّها تساوي ثلاثين ألفًا، ولعلها إن بيعت ساذجة تساوي عشرين ألفًا، فقال: لا تباع إلا أنَّها ساذجة، قال ابن الجوزي: "وهذا دليل على أن الغناء محظور؛ إذ لو لم يكن محظورًا ما جاز تفويت المال على اليتيم"؛ (الجامع لأحكام القرآن).

 

ونص الإمام أحمد - رحمه الله - على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة، وأمكنه كسرها؛ (إغاثة اللهفان).

 

يقول شيخ الإسلام: "مذهب الأئمة الأربعة: أنَّ آلات اللهو كلها حرام، فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحِرَ والحرير والخمر والمعازف، وذكر أنَّهم يمسخون قردة وخنازير، و"المعازف" هي الملاهي - كما ذكر ذلك أهل اللغة - جمع معزفة، وهي الآلة التي يعزف بها؛ أي: يصوت بها، ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعًا.

 

إلاَّ أن بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي ذكر في اليراع وجهين، بخلاف الأوتار ونحوها؛ فإنَّهم لم يذكروا فيها نزاعًا.

 

وأمَّا العراقيون الذين هم أعلم بمذهبه وأتبع له، فلم يذكروا نزاعًا، لا في هذا ولا في هذا، بل صنف أفضلهم في وقته، أبو الطيب الطبري شيخ أبي إسحاق الشيرازي في ذلك مصنفًا معروفًا، ولكن تكلموا في الغناء المجرد عن آلات اللهو: هل هو حرام، أو مكروه، أو مباح؟ وذكر أصحاب أحمد لهم في ذلك ثلاثة أقوال، وذكروا عن الشافعي قولين، ولم يذكروا عن أبي حنيفة ومالك في ذلك نزاعًا.

 

وذكر زكريا بن يحيى الساجي - وهو أحد الأئمة المتقدِّمين المائلين إلى مذهب الشافعي -: أنَّه لم يخالف في ذلك من الفقهاء المتقدمين إلا إبراهيم بن سعد من أهل البصرة، وما ذكره أبو عبدالرحمن السلمي وأبو القاسم القشيري وغيرهما: عن مالك وأهل المدينة في ذلك فغلط.

 

وإنَّما وقعت الشبهة فيه؛ لأنَّ بعضَ أهل المدينة كان يحضر السماع إلاَّ أن هذا ليس قول أئمتهم وفقهائهم؛ بل قال إسحاق بن عيسى الطباع: سألت مالكًا عمَّا يترخص فيه أهل المدينة من الغناء، فقال: إنَّما يفعله عندنا الفُسَّاق، وهذا معروف في كتاب أصحاب مالك، وهم أعلم بمذهبه ومذهب أهل المدينة من طائفة في المشرق، لا علم لها بمذهب الفقهاء؛ (مجموع الفتاوى، 3/44).

 

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "إنَّك لا تَجد أحدًا عُنِيَ بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علمًا وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء"، وقال عن الغناء: "فإنه رُقية الزنا، وشركُ الشيطان، وخَمْرة العقول، ويَصُدُّ عن القرآن أكثر من غيره من الكلام الباطل؛ لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه".

 

قال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: "إنَّ تزويد الإذاعة بالأغاني والطرب وآلات الملاهي فساد وحرام بإجماع مَن يعتد به من أهل العلم، وإن لم يصحب الغناء آلة اللهو، فهو حرام عند أكثر العلماء.

 

وقد علم بالأدلة المتكاثرة أنَّ سماع الأغاني والعكوف عليها، ولا سيما بآلات اللهو، كالعود والموسيقا ونحوهما - من أعظم مكايد الشيطان ومصايده التي صاد بها قلوب الجاهلين، وصدَّهم بها عن سماع القرآن الكريم، وحبب إليهم العكوف على الفسوق والعصيان، والغناء هو قرآن الشيطان ومزماره ورقية الزنا واللواط، والجالب لأنواع الشر والفساد".

 

وبذلك يتبين لنا أقوال أئمة العلماء وإقرارهم على حُرمة الغناء والموسيقا والمنع منهما.

 

• وبعد ذكر هذه النُّقول من كلام أهل العلم يتبيَّن لنا لماذا قلنا: إنَّ الخلاف فيها - أي المعازف - واهٍ لا يَحتاج لطول نقاش ورد على المخالف، فالحق أبلج والباطل لجلج.

 

حكم سماع النشيد المصحوب بالمعازف (عن طريق المؤثرات الصوتية):

المؤثرات الصوتية:

هي أصوات معازف وموسيقا لم تتكوَّن من الآلات الموسيقية المعروفة، وإنَّما تكونت من جهاز (الحاسوب)، أو من حنجرة شخص مع المضخمات والآلات، فتخرج كأصوات الموسيقا، كالضرب على (المكروفونات)؛ ليخرج صوت كصوت الطبل.

 

• أعتبر دعوى الخلاف في المسألة على اعتبار الآلة، فقد اتفق الفريقان على أن هذه الأجهزة لا تسمى آلات معازف عرفًا ولا لغة، كما لا يقال على المسجل والمذياع وإن صدرت عنهما المعازف، فقد تستخدم هذه الآلات والبرامج في أمور مباحة.

 

• والجواب أنَّ النهي ورد في سماع المعازف، ولم يَختلف الفريقان في أن الصادر عن هذه الأصوات عزف لغة وعرفًا، وأن العلة الظاهرة في المنع موجودة فيهما، فإمَّا أن يمنعا معًا أو يُباحا معًا؛ لأنَّ الشَّرع لا يُفرق بين المتماثلين، ولا يَجمع بين المختلفين، وهو ما يسمى عند الأصوليين: القياس بإلغاء الفارق.

 

يقول ابن القيم: "وكذلك القياس بإلغاء الفارق، وهو: ألاّ يكون بين الصورتين فرق مُؤثِّر في الشرع، فمثل هذا القياس أيضًا لا تأتي الشريعة بخلافه، وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأحكام بحكمٍ يُفارق به نظائره فلا بُدَّ أن يختص ذلك النوع بوصف يوجب اختصاصه بالحكم، ويَمنع مساواته لغيره، لكن الوصف الذي اختص به ذلك النَّوع قد يظهر لبعض الناس وقد لا يظهر، وليس من شرط القياس الصحيح أنْ يعلم صحته كل أحد"؛ (إعلام الموقعين، 2/24).

 

• فإنْ كانت هذه المؤثرات ليست شبيهة بالموسيقا، ولا يحصل بها الترنُّم، كأصوات السيارات، وسقوط الأشياء، وكسر الزجاج، فلا مانع منها؛ لانتفاء علة المنع، وهو صدور العزف عنها.

 

• وأما الدفُّ، فالخلاف فيه معروف، وسنذكر - إنْ شاء الله - كلام أهل العلم فيه، فحكم المؤثرات الصوتية الشبيهة بصوته كحكمه سواء بسواء.

 

• وقد يُعتبر فارق الآلة في إنكار المنكر، فلو جاز تكسير آلات المعازف، كما نص عليه بعض أهل العلم، فلا يجوز تكسير هذه الأجهزة، بل يَجب الانتفاع بها فيما يباح.

 

الاستثناء في باب المعازف وما يلحق بها في الحكم:

• الدُّفُّ: بضم الدال وتشديد الفاء، وهو أفصح وأشهر، ورُوي بالفتح أيضًا: "وهو آلة من آلات الملاهي، مدور من جلد، لا خروقَ فيه ولا جلاجل، وما سوى ذلك، فهو حرام بلا خلاف عند عامَّة أهل العلم".

 

وبهذا قال ابن حجر - رحمه الله - في "الفتح"، (2/440) عن حقيقة الدف: "هو الكِرْبال - بكسر الكاف - وهو الذي لا جلاجلَ فيه، فإن كانت فيه فهو المزهر".

 

وقال الشوكاني - رحمه الله - في "نيل الأوطار"، (6/337): "قال الإمام يحيى: دف الملاهي مُدوَّر جلده من رِقٍّ أبيضَ ناعم، في عرضه سلاسل، يسمى: الطار، له صوت يطرب لحلاوة نغمته، وهذا لا إشكالَ في تحريمه وتعلق النهي به.

 

وأمَّا دف العرب، فهو على شكل الغِرْبال؛ خلا أنه لا خروقَ فيه، وطوله إلى أربعة أشبار، فهو الذي أراده - صلى الله عليه وسلم - لأنَّه المعهود حينئذ".

 

وقال الْمُبَارْكَفُوريُّ - رحمه الله - "تحفة الأحوذي"، (10/122)، مؤكدًا حقيقة الدف: "الدف: هو ما يطبل به، والمراد به الدف الذي كان في زمن المتقدمين، وأمَّا ما فيه الجلاجل، فينبغي أن يكون مكروهًا اتفاقًا"؛ انتهى (نقلاً عن كتاب الكف عن الضرب بالدف، للشيخ ذياب بن سعد الغامدي).

 

• اتَّفق غالب أهل العلم على جواز الدُّف المعهود عند العرب للنِّساء في أوقات مخصوصة: العيد، والعُرس، وقدوم غائب، والوفاء بالنَّذر، وفيما دون ذلك وقع الخلاف، والراجح المنع.

 

والحكم بالمنع مبني على ثلاث مقدمات ونتيجة:

1- الأصل في الدف أنه من المعازف لغة وشرعًا.

2- المعازف منهي عنها بالكتاب والسنة.

3- الخروج عن الأصل يحتاج لدليل.

4- وعليه؛ فكل ما لم يرد النص بإباحته؛ كضرب الدُّف في غير الأوقات التي شرع فيها من النساء، أو ضرب الدف للرجال - فهو باقٍٍ على أصل المنع؛ لأنَّه ليس فيه دليل ينهض للنظر والاستدلال.

 

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يشرع لصالحي أمَّته وعُبَّادهم وزُهَّادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف".

 

كما لم يُبحْ لأحد أن يخرج عن متابعته واتِّباع ما جاء به من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره، ولا لعامي ولا لخاصي، ولكن رخَّص النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أنواعٍ من اللهو في العُرس ونحوه، كما رخَّص للنساء أنْ يضربن بالدف في الأعراس والأفراح.

 

وأمَّا الرجال على عهده، فلم يكن أحدٌ منهم يضرب بدف، ولا يصفق بكف، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ((التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال))، ((ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء)).

 

ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النِّساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنَّثًا، ويسمون الرجال المغنين مخانيث، وهذا مشهور في كلامهم، ومن هذا الباب حديث عائشة - رضي الله عنها - لما دخل عليها أبوها - رضي الله عنه - في أيام العيد وعندها جاريتان من الأنصار تُغنِّيان بما تقاولت به الأنصار يوم بُعاث، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟! وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - معرضًا بوجهه عنهما، مقبلاً بوجهه الكريم إلى الحائط، فقال: ((دعهما يا أبا بكر، فإنَّ لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا أهل الإسلام)).

 

ففي هذا الحديث بيان أنَّ هذا لم يكن من عادة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه الاجتماع عليه، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقرَّ الجواري عليه؛ معلِّلاً ذلك بأنه يوم عيد، والصغار يرخص لهم في اللعب في الأعياد؛ كما جاء في الحديث: ((ليعلم المشركون أنَّ في ديننا فسحة))، وليس في حديث الجاريتين أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - استمع إلى ذلك.

 

والأمر والنهي إنَّما يتعلق بالاستماع، لا بمجرد السماع، كما في الرُّؤية فإنه إنَّما يتعلق بقصد الرُّؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيب إنَّما ينهى المحرم عن قصد الشم، فأما إذا شم ما لم يقصده، فإنه لا شيء عليه، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس: من السمع والبصر والشم والذوق واللمس.

 

إنَّما يتعلق الأمر والنَّهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل، وأمَّا ما يحصل بغير اختياره، فلا أمرَ فيه ولا نَهي، وهذا مما وجه به الحديث الذي في السنن عن ابن عمر: أنَّه كان مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسمع صوتَ زمارة راعٍ، فعدل عن الطريق، وقال: ((هل تسمع؟ هل تسمع؟)) حتى انقطعَ الصوت، فإنَّ من الناس مَن يقول: بتقدير صحة هذا الحديث لم يأمر ابن عمر بسدِّ أذنيه، فيجاب بأنه كان صغيرًا أو يجاب بأنه لم يكن يستمع، وإنَّما كان يسمع، وهذا لا إثم فيه.

 

وإنَّما النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعل ذلك؛ طلبًا للأفضل والأكمل، كمن اجتاز بطريق، فسمع قومًا يتكلمون بكلام محرم، فسد أذنيه؛ كي لا يسمعه، فهذا حسن، ولو لم يسد أذنيه، لم يأثم بذلك، اللهم إلا أنْ يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد.

 

فإذا عُرِف هذا، فاعلم أنَّه لم يكن في عُنفوان القرون الثَّلاثة المفضَّلة: لا بالحجاز، ولا بالشام، ولا باليمن، ولا مصر، ولا المغرب، ولا العراق، ولا خراسان - من أهل الدِّين والصلاح والزهد والعبادة مَن يَجتمع على مثل سماع المكاء والتَّصدية، لا بدُف، ولا بكف، ولا بقضيب، وإنَّما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية، فلما رآه الأئمة أنكروه، فقال الشافعي - رضي الله عنه -: خلفت ببغداد شيئًا أحدثته الزَّنادقة يسمونه "التغبير"، يصدون به الناس عن القرآن، وقال يزيد بن هارون: ما يغبِّر إلا الفاسق، ومتى كان التغبير؟

 

وسئل عنه الإمام أحمد فقال: أكرهه هو محدث، قيل: أنجلس معهم؟ قال: لا، وكذلك سائر أئمة الدين كرهوه، وأكابر الشيوخ الصالحين لم يحضروه، فلم يحضره إبراهيم بن أدهم، ولا الفضيل بن عياض، ولا معروف الكرخي، ولا أبو سليمان الداراني، ولا أحمد بن أبي الحواري والسري السقطي وأمثالهم.

 

والذين حضروه من الشيوخ المحمودين تركوه في آخر أمرهم، وأعيان المشايخ عابوا أهله، كما فعل ذلك عبدالقادر والشيخ أبو البيان وغيرهما من المشايخ، وما ذكره الشافعي - رضي الله عنه - من أنه من إحداث الزَّنادقة كلامُ إمامٍ خبيرٍ بأصول الإسلام، فإنَّ هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلاَّ من هو متهم بالزندقة؛ (مجموع الفتاوى، 3/44).

 

قال الشيخ ابن باز في مجموع فتاويه (3/423 - 424): "إنَّما يستحب ضرب الدف في النكاح للنِّساء خاصَّة؛ لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح، ولا بأسَ بأغاني النِّساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيعٌ على مُنكر، ولا تثبيط عن واجب، ويشترط أنْ يكون ذلك فيما بينهن من غير مخالطة للرِّجال، ولا إعلان يؤذي الجيران، ويشق عليهم، وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر، فهو منكر؛ لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم، ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غيرَ الدف من آلات الطرب، كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك، بل ذلك منكر، وإنَّما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة. أمَّا الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك، لا في الأعراس، ولا في غيرها، وإنَّما شرع الله للرِّجال التدرب على آلات الحرب، كالرمي، وركوب الخيل، والمسابقة بها، وغير ذلك من أدوات الحرب، كالتدرُّب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات، وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل، وكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله".

 

قال ابن حجر: معلقًا على حديث: ((أعلنوا هذا النِّكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدُّفوف)): استدل بقوله: ((واضربوا)) على أنَّ ذلك لا يختص بالنساء، لكنَّه ضعيف، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلحق بهن الرجال؛ لعموم النهي عن التشبُّه بهن.

 

المؤثرات التي لا تشبه الموسيقا ولا يحصل بها ترنم:

الأصوات الطبيعيَّة: كخرير الماء، وصوت الريح، وصوت الحيوانات، كصهيل الفرس، وصوت العصافير، وصوت آدمي من بكاء أو ضحك، أو أصوات المدافع والقذائف، وأصوات السيارات، وسقوط أشياء، وكسر زجاج...

 

فلو كانت مسجلة حقيقة من الواقع، أو مُؤلفة عن طريق برامج لا عزف فيها، فلا بأسَ بمن صنعها أو سمعها، أمَّا إذا كانت من صنع معازف، فهي محرمة على من ألَّفها، لا مَن سمعها؛ لأنه لم يسمع محرمًا، ومثاله في الفقه تحريمُ فعل من حَوَّل الخمرَ خلاًّ، وإباحة الخل لآكله؛ لأنه أكل حلالاً.

 

الانحراف بالنشيد (البديل الإسلامي):

بعد أن كانت الأناشيد أشعارًا ذات معانٍ راقية تسمو بالنَّفس، وتدعو إلى مكارم الأخلاق، وتحثُّ على الجهاد والعمل الصالح، لا يصاحبها معازف، ولا تخرج عن حدها - تطوَّر النشيد، وركب قطار الإنشاد فريقان: أهل البدع والأهواء من الصوفية، ومن سار على دربهم من المنتسبين للعمل الإسلامي والمخدوعين بهم، وأهل الفسق والفجور ممن يزعمون أنَّهم من التائبين والتائبات، لَمَّا رَأَوْا أن بضاعتهم في الغناء راكدة آسنة لجؤوا بكل ما تحمله قلوبُهم من زيغ، وقالوا: أسلمة الأغاني، فلم يجدوا لهم كثيرَ أتباع، فقالوا: البديل الإسلامي، فدخلت دعواهم على كثير من الناس، واستخدمت المعازف والمؤثرات على أعلى صورة، لم يكن ليتخيلها أحد ممن حرَّم المعازف، أو حتى أباحها؛ بحيث لا يشك صاحب دين في تحريمها، بل ولا صاحب مروءة في فسادها، ثم كثرت الفرق الإنشاديَّة، ولم يقف الحدُّ عند ذلك، بل نافست النساءُ الرجالَ، ونزلن الميدان، فظهرت أولاً أناشيد للأطفال، ثم تطور الأمر، فأنشدت الفتاة البالغةُ، وتدخلت البرامج لتحويل الصوت لصوت طفلة عذبة الصوت، كمجموعة ما يسمى بالطفل والبحر ونحوها، ثم رفع الحياء، وأنشدت الفتاة البالغة، ثم ظهرت الفرق النِّسائية المعروفة والمعلنة، وكانت أولاً للعرس بين النِّساء، ثم صارت شرائطَ تُباعُ، ويكتب عليها للنِّساء فقط، ثم خروج منشدات ينشدن على وقع المؤثرات الصوتيَّة مع رقص بالسامبا.

 

ولا زال خطُّ الانحراف يزداد يومًا بعد يوم، ولمَ لا؟! فَقَد حذَّرنا الله - تعالى - فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21]، واسمع من خطوات الشيطان: ظهور امرأة في نشيد أحد المنشدين في الفيديو كليب الإسلامي! الديسكو الإسلامي! الدبكة الإسلامية!

 

والطامة على أهل الإسلام أنَّ الأمر لم يصبح مقصورًا على المنشدين والمنشدات، بل انبرت له أقلامٌ من صحافةٍ وإعلامٍ وتعليمٍ، وعقدت له النَّدوات والمؤتمرات، وقامت برعايته أنظمة وحكام تغدق الأموال وتحفظه وترعاه؛ لأن به يتحقق الأمل المنشود؛ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

 

ولكن هل يرضى الشيطان بأقل من الكفر؛ قال تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16]، فإن الشيطان لما استطاع أنْ يَزُجُّ بحملة كتاب الله إلى دنس المعازف والألحان، ناسين أنَّ مَن وَهَبَهم الصوت الجميلَ، والمنظر البديع، سبحانه قادرٌ على تغييره - أتى الشيطان بما هو أعظم، فقد رأينا اليومَ مَن يدعو إلى تسجيل القرآن بخلفية موسيقية هادئة، فلما وجد أن القلوبَ لا زالت تحمل قدسية للقرآن مهَّد لها بقُراء يقرؤون القرآن على خلفيَّة موسيقية، ثم تحذف الموسيقا بعد تمام التلاوة، والدليل كما يزعم شيطان الإنس: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن".

 

يقول الشيخ الألباني - رحمه الله -: "وإنِّي لأذكر جيدًا أنَّني لما كنت في دمشق - قبل هجرتي إلى هنا (عمان) بسنتين - أنَّ بعض الشباب المسلم بدأ يتغنَّى ببعض الأناشيد السليمة المعنى، قاصدًا بذلك معارضة غناء الصوفية بمثل قصائد البوصيري وغيره، وسجل ذلك في شريط، فلم يلبث إلا قليلاً حتى قرن معه الضَّرب على الدف، ثم استعملوه في أول الأمر في حفلات الأعراس على أساس أن (الدف) جائز فيها، ثم شاع الشريط، واستنسخت منه نسخ، وانتشر استعماله في كثير من البيوت، وأخذوا يستمعون إليه ليلاً ونَهَارًا، بمناسبة وبغير مناسبة، وصار ذلك سلواهم وهِجِّيرَاهم، وما ذلك إلاَّ مِن غلبة الهوى والجهل بمكايد الشيطان، فصرفهم عن الاهتمام بالقرآن وسماعه، فضلاً عن دراسته، وصار عندهم مهجورًا، كما جاء في الآية الكريمة؛ قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، (3/317): "يقول تعالى مخبرًا عن رسوله ونبيه محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30].

 

وذلك أن المشركين كانوا لا يسمعون القرآن ولا يستمعونه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ ﴾ [فصلت: 26] الآية، فكانوا إذا تُلِيَ عليهم القرآن، أكثروا اللغط والكلام في غيره؛ حتَّى لا يسمعوه، فهذا من هُجرانه، وترك الإيمان به، وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبُّره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو، أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره - من هجرانه".

 

يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: "أرى الأناشيد الإسلاميَّة تغيرت عن مجراها سابقًا، كانت بأصوات غير فاتنة، لكنَّها صارت الآن بأصوات فاتنة، وأيضًا فخمت على أنغام الأناشيد الخبيثة الفاسدة، وقالوا: إنَّها يصحبها الدف، وهذا كله يقتضي أنَّ الإنسان ينبغي أن يبتعد عنها، لكن لو جاءنا إنسانٌ ينشد أناشيدَ لها هدف، وليس فيها شيء من سفاسف الأمور، وبصوته وحدَه من دون آلات لهو - هذا لا بأسَ به، وقد كان حسان بن ثابت ينشد الشِّعر في مسجد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ (دروس وفتاوى الحرم المدني عام 1416 هـ، السؤال رقم: 18).

 

وقال - رحمه الله - أيضًا: "الأناشيدُ الإسلامية كَثُرَ الكلام حولها، وأنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلة، وهي أول ما ظهرت كانت لا بأسَ بها، ليس فيها دفوف، وتُؤدَّى تأدية ليس فيها فتنة، وليست على نغمات الأغاني المحرمة، لكن تطورت، وصار يسمع منها قرع يُمكن أن يكون دُفًّا، ويُمكن أن يكون غير دف، كما تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة، ثم تطورت أيضًا حتى أصبحت تُؤدَّى على صفة الأغاني المحرمة؛ لذلك أصبح في النفس منها شيء وقلق، ولا يُمكن للإنسان أنْ يفتي بأنها جائزة على كل حال، ولا بأنَّها ممنوعة على كل حال، لكن إنْ خلت من الأمور التي أشرت إليها، فهي جائزة، أمَّا إذا كانت مصحوبة بدف، أو كانت مختارًا لها ذوو الأصوات الجميلة التي تفتن، أو أديت على نغمات الأغاني الهابطة - فإنه لا يَجوز الاستماع إليها"؛ (الصحوة الإسلامية ص 185).

 

وقال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -: "أمَّا ما تسمونه بالأناشيد الإسلاميَّة، فقد أعطي أكثر مما يستحق من الوقت، والجهد، والتنظيم، حتَّى أصبح فنًّا من الفنون، يحتل مكانًا من المناهج الدراسية، والنَّشاط المدرسي، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع، حتى ملأ غالب البيوت، وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات، حتى شغل كثيرًا من وقتهم، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم، والسنة النبوية، والمحاضرات، والدروس العلمية المفيدة"؛ (البيان لأخطاء بعض الكتاب، ص342).

 

فما البديل الشرعي؟

أولاً: لا بُدَّ أن يعلم كل مسلم ومسلمة أنَّ الإسلام يعني الاستسلام لله - عزَّ وجلَّ - دون منازعة ولا اعتراض بقبول شرعه والتزام أمره؛ قال تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 33]، وقال سبحانه: ﴿ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 47-52].

 

ثانيًا: على كل داعية أنْ يُوقن أنه لن يصلحَ أمرَ هذه الأمة إلا بما صَلَحَ به أولُها، وأن جمع أكبر عدد من المؤيِّدين - ولو على حساب الدين - لم يكن سمت أهل القرون الأولى من الصحابة والتابعين، وأنَّ النية الصالحة لا تصحح العمل الفاسد، وأنَّ الوسائل لها حكم المقاصد، فالغاية الصحيحة لا بُدَّ أن يتخذ لها وسيلة مشروعة.

 

ثالثًا: على المسلم ألا يغترَّ بالأسماء الرنانة، وينظر للحقائق بعين بصير؛ فعن يزيد بن عميرة - صاحب معاذ - أن معاذًا - رضي الله عنه - كان يقول كلما جلسَ مجلسَ ذِكْرٍ: اللهُ حَكَمٌ عَدْلٌ، تبارك اسمه، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يومًا في مجلسٍ جلسَه: وراءكم فِتَنٌ يكثر فيها المال، ويفتح فيها القُرآن، حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والْحُرُّ والعبد، والرجل والمرأة، والكبير والصغير، فيوشك قائلٌ أنْ يقولَ: فما للناسِ لا يتبعونني، وقد قرأت القرآن؟! والله ما هم بمتبعيَّ حتى أبتدعَ لهم غيره، فإياكم وما ابتدع، فإنَّ ما ابتدع ضلالةٌ، واحذروا زيغةَ الحكيم، فإنَّ الشيطان قد يقول كلمةَ الضَّلال على فم الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت له: وما يدريني - يرحمك الله - أنَّ الحكيم يقول كلمةَ الضلالةِ، وأن المنافق يقول كلمةَ الحق؟ قال: اجتنب من كلام الحكيم المشتبهات التي تقول: ما هذه؟ ولا ينئينَّك ذلك منه، فإنه لعله أنْ يُراجِع، ويَتلَقَّى الحقَّ إذا سمعه، فإن على الحقِّ نورًا".

 

رابعًا: البديل عن كل صور الجاهلية هو التزام ما أمر الله به؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 70].

 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: "فعوض عباده المؤمنين بالأذان عن النَّاقوس والطنبور، كما عوضهم دعاءَ الاستخارة عن الاستقسام بالأزلام، وعوضهم بالقرآن وسماعه عن قرآن الشيطان وسماعه وهو الغناء والمعازف، وعوضهم بالمغالبة بالخيل والإبل والبهائم عن الغلابات الباطلة، كالنرد والشطرنج والقمار، وعوضهم بيوم الجمعة عن السبت والأحد، وعوضهم الجهادَ عن السياحة والرهبانية، وعوضهم بالنِّكاح عن السفاح، وعوضهم بأنواع المكاسب الحلال عن الرِّبا، وعوضهم بإباحة الطيبات من المطاعم والمشارب عن الخبيث منها، وعوَّضهم بعيد الفطر والنَّحر عن أعياد المشركين، وعوَّضهم بالمساجد عن الكنائس والبيع والمشاهد، وعوَّضهم بالاعتكاف والصيام وقيام الليل عن رياضات أهل الباطل من الجوع والسَّهر والخلوة التي يعطل فيها دين الله، وعوضهم بما سنه لهم على لسان رسوله عن كل بدعة وضلالة"؛ (أحكام أهل الذمة، 3/1239).

 

ويقول - رحمه الله -: "وكل سماع في القرآن مَدَح الله أصحابه، وأثنى عليهم، وأمر به أولياءه، فهو هذا السماع، وهو سماع الآيات لا سماع الأبيات، وسماع القرآن لا سماع مزامير الشيطان، وسماع كلام رب الأرض والسماء لا سماع قصائد الشُّعراء، وسماع المراشد لا سماع القصائد، وسماع الأنبياء والمرسلين لا سماع المغنين والمطربين.

 

فهذا السماع حادٍ يَحدو القلوب إلى جوار علاَّم الغيوب، وسائق يسوق الأرواح إلى ديار الأفراح، ومحرك يثير ساكن العزمات إلى أعلى المقامات وأرفع الدرجات، ومنادٍ ينادي للإيمان، ودليل يسير بالركب في طريق الجنان، وداعٍ يدعو القلوب بالمساء والصباح من قبل فالق الإصباح: حي على الفلاح، حي على الفلاح.

 

فلم يعدم من اختار هذا السماع؛ إرشادًا لحجة، وتبصرة لعبرة، وتذكرة لمعرفة، وفكرة في آية، ودلالة على رشد، وردًّا على ضلالة، وإرشادًا من غيٍّ، وبصيرة من عمى، وأمرًا بمصلحة، ونهيًا عن مضرة ومفسدة، وهداية إلى نور، وإخراجًا من ظلمة، وزجرًا عن هوى، وحثًّا على تُقًى، وجلاء لبصيرة، وحياة لقلب، وغذاءً، ودواءً، وشفاءً، وعصمة، ونجاة، وكشفَ شبهة، وإيضاحَ برهان، وتحقيقَ حقٍّ، وإبطال باطل.

 

ونحن نرضى بحكم أهل الذَّوق في سماع الأبيات والقصائد، ونُناشدهم بالذي أنزل القرآن هدًى وشفاء، ونورًا وحياة: هل وجدوا ذلك أو شيئًا منه في الدُّف والمزمار، ونغمة الشادن ومطربات الألحان، والغناء المشتمل على تهييج الحب المطلق، الذي يشترك فيه مُحب الرحمن، ومحب الأوطان، ومحب الإخوان، ومحب العلم والعرفان، ومحب الأموال والأثمان، ومحب النِّسوان والْمُردان، ومحب الصلبان، فهو يثير من قلب كل مشتاق ومحب لشيء ساكنه، ويزعج قاطنه، فيثور وَجْدُه، ويبدو شوقه، فيتحرك على حسب ما في قلبه من الحب والشَّوق والوجد بذلك المحبوب، كائنًا ما كان، ولهذا تَجِدَ لهؤلاء كلهم ذوقًا في السماع، وحالاً ووجدًا وبكاء.

 

ويا لله العجب! أيُّ إيمانٍ ونور وبصيرة وهدًى ومعرفة تَحصل باستماع أبياتٍ بألحان وتوقيعات، لعلَّ أكثرها قيل فيما هو مُحرَّم يبغضُه الله ورسوله، ويعاقب عليه، مِن غزل وتشبيب بمن لا يَحل له من ذكر أو أنثى؟!

 

فإنَّ غالبَ التغزُّل والتشبيب إنَّما هو في الصور المحرمة، ومن أندر النادر تغزُّل الشاعر وتشبيبه في امرأته وأَمَتِه وأم ولده، مع أنَّ هذا واقع، لكنه كالشعرة البيضاء في جلد الثَّور الأسود، فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أنْ يتقرَّب إلى الله، ويزداد إيمانًا وقربًا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه، مقيت عنده، يمقت قائله والراضيَ به؟! وتترقى به الحال حتى يزعم أنَّ ذلك أنفع لقلبه من سماع القرآن والعلم النافع وسنة نبيه، يا لله!

 

إنَّ هذا القلب مخسوف به، ممكور به، منكوس لم يصلح لحقائق القرآن وأذواق معانيه ومطالعة أسراره، فبلاه بقرآن الشيطان"؛ (مدارج السالكين، 1/485).

 

من أبصر الحقَّ واهتدى، فقد نجا، ومن عَمِيَ عنه، فقد ضل سعيه، وخسر، وأعظم منه خسرانًا مَن بان له الحقُّ، فأعرض عنه وأبى.

 

فيا مَن يرجو لقاء ربِّه، إنْ بصَّرك الله بالحقِّ - وذلك فضل يؤتيه من يشاء - فاحْمَدِ الله، والتزم بما أمرك به، تكن من السُّعداء في الدنيا والآخرة.

 

أسأل الله أن نكون ممن يستمعُ القول فيتبع أحسنه... اللهم آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم استماع آلات اللهو
  • نصيحة بشأن مقالة
  • الموسيقا غذاء الروح والعقل!!
  • أقوال العلماء في حكم الموسيقى والغناء
  • الأغاني والمعازف في الإسلام (خطبة)
  • الأناشيد الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • بيان ما في الغناء والمعازف من أنواع المضرات والمفاسد(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الفرق بين حكم الغناء المصحوب بالمعازف والغناء غير المصحوب بالمعازف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصيحة محب ومشفق في التحذير من المعازف والغناء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدلة الغراء على تحريم المعازف والغناء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ظهور المعازف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • استحلال المعازف والغناء(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • حكم الغناء والمعازف (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مختصر الوقوف بعرفة وبعض ما يتعلق به من أحكام(مقالة - ملفات خاصة)
  • مختصر السعي بين الصفا والمروة وبعض ما يتعلق به من أحكام(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب