• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أحكام المزارعين

أحكام المزارعين
أحمد بن محمد محروس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/10/2014 ميلادي - 20/12/1435 هجري

الزيارات: 23374

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام المزارعين

مقدمة فضيلة الشيخ وحيد بن عبدالسلام بالي

حفظه الله


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فقد وقفت على كتاب (أحكام المزارعين) فوجدته جديدًا في موضوعه، نافعًا في بابه، قد عالج موضوعات تهم فئامًا من الناس، وقد قام بمعالجة هذه الموضوعات بأسلوب سهل ميسر.

 

وفق الله المؤلف لما يحب ويرضى، وجزاه جزاء المحسنين.

 

مقدمة المؤلف

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

وبعد:

فهذه رسالة تدور حول جملة من الأحكام الفقهية الهامة، التي يحتاج إليها المزارعون؛ مثل: أحكام زكاة الزرع، وإجارة الأرض، وغيرها، وليس فيها كبير جهد؛ فكلها جمع مع الترتيب والاختصار لهذه المسائل من كتاب "المغني" لابن قدامة؛ لِما فيه من مسائل وتفريعات لا توجد في غيره، اختصرت فيها مسائله، واقتصرت منها على الراجح مع ذكر الدليل أو التعليل، واستبدال كلمات مبسطة بالكلمات الصعبة، ومثلت لها بأمثلة ومصطلحات من واقعنا المعاصر؛ ليسهل فهمها، وكذلك اختيارات شيخنا المفضال وحيد بن بالي في كتابه: بداية المتفقه، وأضفت إليها إضافات عدة ظننت أن فيها فائدة.

 

أسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا، وأن يغفر لجامعها ولوالديه وللمؤمنين يوم العرض عليه، وأن ينفع بها من قرأها، ويجزي عنا شيخنا "وحيد بالي" خير الجزاء؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.


زكاة الزروع

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].

 

قال أبو محمد بن قتيبة (المغني 2 /427): الزكاة من الزكاء والنماء والزيادة، سميت بذلك لأنها تثمر المال وتنميه، يقال: زكا الزرع إذا كثُر ريعه، وزكت النفقة إذا بُورك فيها، وهي في الشريعة حق يجب في المال، فعند إطلاق لفظها في موارد الشريعة ينصرف إلى ذلك، والزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي واجبة بكتاب الله تعالى، وسنَّة رسوله، وإجماع أمته، أما الكتاب فقول الله تعالى: ﴿ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ - كما في الصحيحين (خ 1458، م19) -: ((فأخبِرْهم أن الله فرض عليهم زكاةً من أموالهم، وترد على فقرائهم)).

 

الزروع التي تجب فيها الزكاة:

الزكاة تجب فيما جمَع هذه الأوصاف:

الكيل، والبقاء، واليبس، من الحبوب والثمار، مما ينبته الآدميون، إذا نبت في أرضه، سواء كان قوتًا؛ كالقمح، والشعير، والأرز، والذرة، أو من القطنيات؛ كالعدس والحمص، أو من الأبازير؛ كالكمون، والكراويا، أو البذور؛ كبذر الكتان والقثاء والخيار، أو حب البقول؛ كحب الفجل، والترمس، والسمسم، وسائر الحبوب، وتجب أيضًا فيما جمع هذه الأوصاف من الثمار؛ كالتمر، والزبيب، واللوز، والفستق، والبندق؛ لعموم قوله عليه السلام: ((فيما سقت السماءُ والعيون أو كان عَثَريًّا: العُشرُ، وما سُقي بالنَّضح نصفُ العشر))؛ رواه البخاري (1483).

 

فخرج منه ما لا يكال، وما ليس بحَب بمفهوم قوله عليه السلام: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))؛ (خ 1447، م 979)، فدل هذا الحديث على انتفاء الزكاة فيما لا توسيق فيه، وأما ما هو مَكيل فيبقى على العموم؛ فلا زكاة في سائر الفواكه؛ كالخوخ والكمثرى والتفاح والمشمش والتين والجوز والبرتقال، ولا في الخضر؛ كالقثاء والخيار والباذنجان واللفت والجزر والبسلة إذا حصدت خضراء، ولا في الجذور؛ كالبطاطا والبطاطس والبنجر والبصل.

 

وما يلتقطه اللقاط من السنبل، فإنه لا زكاة فيه، ولو اشترى زرعًا بعد بُدوِّ الصلاح فيه، أو ثمرة قد بدا صلاحها، أو ملَكها بجهة من جهات المِلك؛ كميراث أو هبة - لم تجب فيه الزكاة، أو استؤجر لحصاده بنسبة منه تبلغ النصاب، فإنه يعتبر ملك النصاب ملكًا مستقرًّا وقت الوجوب، وهو وقت اشتداد الحب وبُدو صلاح الثمرة وإمكان الانتفاع بها.

 

ولا تجب في ورق؛ مثل: الفجل والجرجير والخس ونحوه، ولا في الأزهار؛ كالزعفران والعصفر والقطن؛ لأنه ليس بحب ولا ثمر، ولا هو بمكيل؛ فلم تجب فيه زكاة.

 

نصاب الزروع:

الزكاة لا تجب في شيء من الزروع والثمار حتى تبلغ خمسة أوسق، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم: عمر بن عبدالعزيز، وجابر بن زيد، والحسن، وعطاء، ومكحول، والحكم، والنخعي، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وسائر أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))؛ متفق عليه.

 

والخمسة أوسق = 672 كيلو جرام قمح نقي.

 

وإن كانت الأرض بين شركاء، قُسم المحصول بينهم أولاً، فإن بلغ نصيب أحدهم النصاب وجب عليه الزكاة، وإلا فلا زكاة عليه، حتى وإن كان مجموع أنصبتهم يبلغ نصابًا؛ لأنه لا تأثير للخلطة إلا في بهيمة الأنعام.

 

وإن كان لرجل قطعتَا أرض مزروعتين بنفس الزرع، تُضم كل منهما إلى الأخرى، فإن بلغتا نصابًا أخرج الزكاة، ولا تُضم الثمار المختلفة إلى بعضها البعض.

 

مقدار الزكاة:

العُشر يجب فيما سُقي بغير مؤنة؛ كالذي يشرب من السماء والأنهار، ونصف العشر فيما سُقي بالمؤن؛ كالدوالي النواضح، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريًّا العُشر، وما سقي بالنَّضح نصف العُشر))؛ رواه البخاري (1483).

 

قال أبو عبيد: العَثَري: ما تسقيه السماء، فإن كان هناك زرع يسقى نصف السنة بكلفة ونصفها بغير كلفة - كالفول مثلاً - ففيه ثلاثة أرباع العشر، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، - قال ابن قدامة: ولا نعلم فيه مخالفًا - لأن كل واحد منهما لو وُجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه، وسقط حكم الآخر، نص عليه، وهو قول عطاء والثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي.

 

وإذا سقي بعض العام بكلفة والبعض الآخر بغير كلفة، ألحق بأكثرهما، وإذا جهل الأكثر منهما، أخرج العُشر إبراءً للذمة.

 

وتجب الزكاة إذا اشتد الحَبُّ وأمكن الانتفاع به وتخرج بعد تصفيته.

 

زكاة بهيمة الأنعام:

ذهب جمهور أهل العلم - منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد - إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت سائمة (أي: ترعى النباتات البرية، ولا يعلفها صاحبها)، فإن كانت تُعلف، فلا زكاة فيها، ودليل ذلك ما رواه البخاري (1454) عن أنس، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر اللهُ بها رسوله، فمن سُئلها من المسلمين على وجهها، فليُعطِها، ومن سئل فوقها فلا يعط...، وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة: شاةٌ...؛ الحديث.

 

فقيد الغنم بالسوم؛ فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة، وكذلك الإبل والبقر، فإن كانت كذلك فزكاتها على النحو المبيَّن في الجدول الآتي:

الصنف

النصاب

الواجب

الإبل

أقل من 24

في كل 5 شاة

25: 35

بنت مخاض (سنة)

36: 45

بنت لبون (سنتان)

46: 60

حِقَّة (ثلاث سنوات)

61: 75

جَذَعة (أربع سنوات)

76: 90

بنتا لبون

91: 120

حِقَّتان

121

ثلاث بنات لبون

ثم تستقر الفريضة في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة.

البقر والجاموس

في كل ثلاثين

تبيع أو تبيعة (سنة)

في كل أربعين

مسنة (سنتان)

الغنم والماعز

40: 120

شاة

121: 200

شاتان

201: 300

ثلاث شِيَاهٍ

ثم تستقر الفريضة في كل مائة شاةٍ شاةٌ.

 

ودليل هذا التقسيم: حديث أنس السابق بتمامه (خ1454)، عن أنس: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين:

بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئِلها من المسلمين على وجهها، فليُعطها، ومن سئل فوقها فلا يعطِ؛ في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، من الغنم، من كل خمسٍ: شاةٌ، إذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستين ففيها حِقَّة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمس وسبعين ففيها جَذَعة، فإذا بلغت يعني ستًّا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حِقَّتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين: بنت لبون، وفي كل خمسين: حِقَّة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل، فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسًا من الإبل، ففيها شاة، وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة: شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين: شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاثُ شياهٍ، فإذا زادت على ثلاثمائة، ففي كل مائة: شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةً واحدةً، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العُشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائةً، فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.

 

إن كانت بهيمة الأنعام لا تبلغ النصاب أو تعلف، فليس فيها زكاة، إلا إن أعَدَّها مالكها للتجارة ففيها ربع العُشر من قيمتها إن بلغت قيمتها نصابًا، وحال عليها الحول، وكذلك إن أعطاها لآخرَ مشاركة يربيها له ويطعمها والربح بينهما، كما يتفقان، ففي قيمتها ربع العُشر إن حال عليها الحول، يخرجها مالكها ويحتسب الحول في حالة التجارة والمشاركة من مِلك النصاب، وهو ما يعادل 600 جرام فضة تقريبًا، وليس من وقت شرائها، بمعنى لو أنه يمتلك مالاً بلغ النصاب في رمضان، ثم اشترى به ماشية في ذي القعدة، يحتسب النصاب من رمضان، وليس من ذي القعدة.

 

مصارف الزكاة:

لا تصرف إلا في الثمانية الأصناف التي سمى الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، و﴿ إِنَّمَا ﴾: للحصر والإثبات، تثبت المذكور وتنفي ما عداه، ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير الثمانية، من بناء المساجد والقناطر، والسقايات، وإصلاح الطرقات، وسد البثوق، وتكفين الموتى، والتوسعة على الأضياف، وأشباه ذلك من القُرَب التي لم يذكرها الله تعالى.

 

قال أبو داود: سمعت أحمد وسئل: يكفن الميت من الزكاة؟ قال: لا، ولا يقضى من الزكاة دينُ الميت، وإنما لم يجز دفعها في قضاء دين الميت؛ لأن الغارم هو الميت، ولا يمكن الدفع إليه، وإن دفعها إلى غريمه، صار الدفع إلى الغريم، لا إلى الغارم، وقال أيضًا: يقضى من الزكاة دَين الحي، ولا يقضى منها دين الميت؛ لأن الميت لا يكون غارمًا، قيل: فإنما يعطى أهله، قال: إن كانت على أهله فنعم.

 

وإن وجد جميع الأصناف الثمانية أعطاهم، وإن وجد بعضهم اكتفى بعطيته، وإن أعطى البعض مع إمكان عطية الجميع جاز أيضًا، وإن أعطاها كلها في صنف واحد أجزأه إذا لم يُخرجه إلى الغني، وجملته: أنه يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية، ويجوز أن يعطيها شخصًا واحدًا، وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير والحسن والنخعي وعطاء، وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي.

 

ورُوي عن النخعي أنه قال: إن كان المال كثيرًا، يحتمل الأصناف، قسمه عليهم، وإن كان قليلاً جاز وضعه في صنف واحد، وقال مالك: يتحرى موضع الحاجة منهم، ويقدم الأولى فالأولى.

 

وكل صنف من الأصناف يدفع إليه ما تندفع به حاجتُه من غير زيادة.

 

نقل الزكاة إلى بلد آخر:

هل يجوز نقل الزكاة إلى بلد آخر؟ استحب أكثر أهل العلم ألا تنقل من بلدها، واستدل القائلون بذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في الصحيحين (خ 1458، م19): ((فأخبِرْهم أن الله فرض عليهم زكاةً من أموالهم، وترد على فقرائهم)).

 

وهذا يختص بفقراء بلدهم، والمقصود إغناء الفقراء بها، فإذا أبَحْنا نقلها أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين، فإن خالف ونقلها أجزأته في قول أكثر أهل العلم، فإن استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها، نص عليه أحمد فقال: قد تحمل الصدقةُ إلى الإمام إذا لم يكن فقراء، أو كان فيها فضلٌ عن حاجتهم، وقال أيضًا: لا تخرج صدقةُ قومٍ عنهم من بلد إلى بلد إلا أن يكون فيها فضلٌ عنهم.

 

إذا كان الرجل في بلد ومالُه في بلد، أدى زكاته حيث كان مالُه.

 

من لا يجزئ دفع الزكاة إليهم:

1- الكافر:

قال ابن المنذر (الإجماع 114): وأجمعوا على ألا يجزئ أن يعطى من زكاة المال أحدٌ من أهل الذمة؛ فالكافر من باب أَولى.


2- الغني:

روى أبو داود (1634) - وصححه الألباني - عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحلُّ الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّةٍ سويٍّ)).

 

3- من تلزمك نفقته:

قال ابن المنذر رحمه الله (الإجماع 119): أجمعوا على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين والولد في الحالة التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم، وأجمعوا على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة؛ لأن نفقتها عليه، وهي غنيَّة بغناه.

 

4- بنو هاشم:

لما رواه مسلم (1072) من حديث عبدالمطلب بن ربيعة والفضل بن عباس مرفوعًا: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس)).

 

روى مسلم (2408) عن زيد بن أرقم قال: ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عَقيل، وآل جعفر، وآل عباس.

 

دفع الزكاة إلى الأقارب:

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله "نشر في (كتاب الدعوة) ج1 ص 110، وفي كتاب (مجموع فتاوى سماحة الشيخ) إعداد وتقديم د. عبدالله الطيار والشيخ أحمد الباز (ج5 ص 121) - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع عشر":

هل تجوز الزكاة من الأخ لأخيه المحتاج (عائل ويعمل ولكن دخله لا يكفيه)؟ وكذلك هل تجوز للعم الفقير؟ وكذلك هل تدفع المرأة زكاة مالها لأخيها أو عمتها أو أختها؟

لا حرج في دفع الرجل أو المرأة زكاتهما للأخ الفقير، والأخت الفقيرة، والعم الفقير، والعمة الفقيرة، وسائر الأقارب الفقراء؛ لعموم الأدلة بأن الزكاة فيهم صدقة وصلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصدقة في المسكين صدقة، وفي ذي الرحم صدقة وصلة))، ما عدا الوالدين وإن علَوْا، والأولاد ذكورًا أو إناثًا وإن نزلوا، فإنها لا تدفع إليهم الزكاة، ولو كانوا فقراء، بل يلزمه أن ينفق عليهم من ماله إذا استطاع ذلك، ولم يوجد من يقُوم بالإنفاق عليهم سواه.

 

بيع الأصول والثمار:

متى وقع البيع على نخل مثمر، ولم يشترط الثمرة، وكانت الثمرة مؤبرة، فهي للبائع، وإن كانت غير مؤبرة فهي للمشتري، وبهذا قال مالك والليث والشافعي؛ لِما في الصحيحين (خ 2379، م1543) عن عبدالله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر، فثمرتها للذي باعها، إلا أن يشترط المبتاع))، ومتى اشترطها أحد المتبايعين فهي له، مؤبرة كانت أو غير مؤبرة، البائع فيه والمشتري سواء، ولو اشترط أحدهما جزءًا من الثمرة معلومًا، كان ذلك كاشتراط جميعها في الجواز في قول جمهور الفقهاء.

 

ولا يقاس غير النخل عليه.

 

أما الأغصان والورق وسائر أجزاء الشجر، فهو للمشتري بكل حال؛ لأنه من أجزائها، خُلِق لمصلحتها؛ فهو كأجزاء سائر المبيع، وإذا كانت الثمرة للبائع مبقاةً في شجر المشتري، فاحتاجت إلى سقيٍ، لم يكن للمشتري منعه منه؛ لأنه يبقى به، فلزمه تمكينه منه كتركه على الأصول، وإن أراد سقيها من غير حاجة، فللمشتري منعه منه؛ لأن بسقيه يتضمن التصرف في ملك غيره، ولأن الأصل منعُه من التصرف في مِلك غيره، وإنما أباحته الحاجة، فإن لم توجد الحاجة يبقى على أصل المنع.

 

وإذا باع شجرًا فيه ثمر للبائع فحدثت ثمرة أخرى، أو اشترى ثمرة في شجرها فحدثت ثمرة أخرى، فإن تميزتا فلكل واحد ثمرته، وإن لم تتميز إحداهما من الأخرى، فهما شريكان فيهما، كل واحد بقدر ثمرته، فإن لم يعلم قدر كل واحدة منهما اصطلحا عليها، ولا يبطل العقد.

 

إذا باع الأرض وفيها زرع لا يحصد إلا مرة، كالحنطة والشعير والقطاني، وما المقصود منه مستتر؛ كالجزر والفجل والبصل والثوم وأشباهها، فاشترطه المشتري - فهو له، قصيلاً كان أو ذا حَب، مستترًا أو ظاهرًا، معلومًا أو مجهولاً؛ لكونه دخل في البيع للأرض فلم يضرَّ جهلُه وعدمُ كماله، كما لو اشترى شجرة فاشترط ثمرتها بعد تأبيرها؛ لأنه يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً؛ كشراء البهيمة العشراء، وإن أطلق البيع فهو للبائع؛ لأنه مودع في الأرض، فهو كالكنز والقماش، ولأنه يراد للنقل، فأشبه الثمرة المؤبرة، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي، قال ابن قدامة: ولا أعلم فيه مخالفًا، ويكون للبائع مبقى في الأرض إلى حين الحصاد بغير أجرة؛ لأن المنفعة حصلت مستثناة له، وعليه حصاده في أول وقت حصاده.

 

وإن باع أرضًا وفيها زرع يجز مرة بعد أخرى، فالأصول للمشتري، والجزة الظاهرة عند البيع للبائع، سواءٌ كان مما يبقى سنة؛ كالبقول، أو أكثر؛ كالرطبة، وعلى البائع قطع ما يستحقه منه في الحال.

 

وكذلك إن كان الزرع مما تكرَّرُ ثمرته؛ كالقثاء والخيار والبطيخ والباذنجان وشبهه، فهو للمشتري، والثمرة الظاهرة عند البيع للبائع؛ لأن ذلك مما تتكرر الثمرة فيه، فأشبه الشجر.

 

حكم شراء الثمرة قبل بُدوِّ صلاحها:

لا يخلو شراء الثمرة قبل بدو صلاحها من أربعة أقسام:

أحدها: أن يشتريها بشرط التبقية، فلا يصح البيع إجماعًا؛ لِما في الصحيحين (خ1486، م 1534) عن ابن عمر رضي الله عنهما: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.

 

والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.

 

الثاني: أن يبيعها بشرط القطع في الحال؛ كشراء الذرة أخضر، لجعله علفًا للماشية، فيصح بالإجماع؛ لأن المنع إنما كان خوفًا من تلف الثمرة، وحدوثِ العاهة عليها قبل أخذها؛ لِما رواه مسلم (1555) عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهوَ، فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: ((تحمرُّ وتصفرُّ، أرأيتك إن منع الله الثمرة، بمَ تستحل مال أخيك؟!))، وهذا مأمون فيما يقطع، فصح بيعه كما لو بدا صلاحه.

 

الثالث: أن يبيعها مطلقًا، ولم يشترط قطعًا ولا تبقية، فالبيع باطل، وبه قال مالك والشافعي.

 

الرابع: أن يشتريها مع الأصل (الأرض)؛ لأنه - كما ذكرنا سابقًا - يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً، والثمرة هنا ليست مقصودة بمفردها، وإنما اشترى أرضًا بما عليها، كمن اشترى بهيمة عُشراء، أو بهيمة وفي ضرعها لبن.

 

وإن اشتراها بعد أن بدا صلاحُها على الترك إلى الجِزاز، جاز.

 

وبُدو الصلاح في بعض ثمرة النخلة أو الشجرة صالح لجمعيها، بمعنى أنه يباح بيع جميعها، بذلك قال ابن قدامة، ولا أعلم فيه اختلافًا.

 

إن كانت ثمرة نخل، فبُدو صلاحها أن تظهر فيها الحمرة أو الصفرة، وصلاح ما سواه: أن يبدو فيها النضج، وإن كان مما لا يتلوَّن - كالتفاح ونحوه - فبأن يحلوَ أو يطيب، وإن كان بِطيخًا أو نحوه فبأن يبدو فيه النضج، وإن كان مما لا يتغير لونه ويؤكل طيبًا صغارًا وكبارًا - كالقثاء والخيار - فصلاحه بلوغه أن يؤكل عادة، في صحيح مسلم (1536) عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تُطعِمَ.

 

يجوز بيع ما المقصود منه مستورٌ في الأرض - كالجزر والفجل والبصل والثُّوم - إن بدا صلاح بعضه، وهو قول مالك والأوزاعي وإسحاق؛ لأن الحاجة داعية إليه، فأشبَهَ بيع ما لم يبدُ صلاحه تبعًا لِما بدا.

 

ويجوز بيع الجوز واللوز والباقلا الأخضر في قشرته وفي شجره، وبيع الحَب المشتد في سنبله، وبيع الطلع قبل تشققه، مقطوعًا على وجه الأرض وفي شجره، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، وكذلك الرَّطبة كل جزة - كالبرسيم - لأن الرطبة وما أشبهها مما تثبت أصوله في الأرض، ويؤخذ ما ظهر منه بالقطع دفعة بعد دفعة، ولا يجوز بيعه، إلا أن يبيع الظاهر منه بشرط القطع في الحال، وبذلك قال الشافعي، وروي ذلك عن الحسن وعطاء، وأما ما لا تتميز بطونه - كالفُلفل والبسلة والخيار - فيجوز بيعه بأصوله إلى أن تنتهي الثمرةُ، للحاجة الداعية إلى ذلك، ومشقة بيعه لقطة لقطة، وخاصة إذا كانت المساحة المزروعة كبيرة، وإذا باع حائطًا واستثنى منه صاعًا، لم يجُز، وإن استثنى منه نخلة أو شجرة بعينها جاز؛ لأنه استثنى معلومًا أشبَهَ ما إذا استثنى منها جزءًا؛ لِما رواه النسائي (4633) - وصححه الألباني - عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثُّنْيَا إلا أن تُعلَمَ.

 

وضع الجوائح:

وإذا اشترى الثمرة دون الأصل فتلِفَت بجائحة من السماء، رجع بها على البائع؛ لأن ما تُهلكه الجائحة من الثمار من ضمان البائع، وبهذا قال أكثر أهل المدينة، منهم: يحيى بن سعيد بن الأنصاري ومالك وأبو عبيد، وجماعة من أهل الحديث، وبه قال الشافعي في القديم؛ لِما روى مسلم في صحيحه (1554) عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبدالله، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو بِعْتَ من أخيك ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بمَ تأخذ مال أخيك بغير حق؟))، والجائحة: كل آفة لا صُنعَ للآدمي فيها؛ كالريح والبرد والجراد والعطش، وأما ما كان بفعل آدمي، فالمشتري بالخيار بين فسخ العقد ومطالبة البائع بالثمن، وبين البقاء عليه ومطالبة الجاني بالقيمة؛ لأنه أمكن الرجوع ببدله، بخلاف التالف بالجائحة، وإن اشتراه وفرَّط في حصاده حتى تلِف، فمن ضمانه هو، ويستحق البائع الثمن كله.

 

شروط بيع الطعام المكيل أو الموزون من حب وثمر ونحوه:

روى مسلم (1587) عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلاً بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبِيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد)).

 

فكل طعام يكال أو يوزن - كالقمح والأرز والذرة - يخضع في بيعه وشرائه لمجموعة من الضوابط، طبقًا لهذا الحديث، مَن خالفها وقع في الربا، وهذه الضوابط:

1- إذا بِيع هذا الصنف الربوي بجنسه - كقمح بقمح - يشترط فيه شرطان: التقابض في نفس المجلس، والتماثل في الوزن أو الكيل، حتى لو اختلفت جودته وقيمته، ولا يجوز لأحدهما أخذُ أي فروق، سواء مادية أو خدمية مقابل هذا الفرق، ولمعالجة هذه القضية ومراعاة هذه الفروق في الأسعار بين الجيد وغيره، فإنه يبيع الرديء بالمال ويقبضه في يده، ثم يشتري بالمال النوع الجيد الذي يريد؛ كالقمح الأبيض والقمح الأسود؛ لِما في الصحيحين (خ 2312، م1594) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: جاء بلالٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر بَرْنيٍّ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أين هذا؟))، قال بلال: كان عندنا تمر ردي، فبِعْتُ منه صاعين بصاع؛ لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((أَوَّهْ أَوَّهْ، عين الربا عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري، فبِعِ التمر ببيع آخر، ثم اشترِه)).

 

2- إذا بِيع هذا الربوي بما اتفق معه في العلة، واختلف في الجنس - كقمح بأرز، أو أرز بذرة - شرط فيه شرط واحد فقط، وهو التقابض في نفس المجلس.

 

في الحديث السابق عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبِيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)).

 

3- إذا باعه أو اشتراه بالنقود، لا يشترط فيه أي شروط، إلا شروط صحة البيع: الرضا، والرشد، والقدرة على التسليم، ومعرفة الثمن والمثمَّن.

 

فمن اشترى أرزًّا بالنقود أو قمحًا بالنقود، جاز له شراؤه نقدًا أو قسطًا.


روى البخاري (2068) عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل.

 

وإن اشتراه بالقسط فعليه أن يراعي شروط صحته؛ من الاتفاق على السعر في مجلس العقد، وكيفية السداد، ولا يحل له زيادة القسط عليه إن تأخر في السداد؛ فهذا شرط ربوي، وينهيان العقد قبل أن يتفرقا.

 

المساقاة والمزارعة

المساقاة: أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه، وعمل سائر ما يحتاج إليه بجزء معلوم له من ثمره؛ كدفع حديقة برتقال إلى من يراعيها بالسقي والمتابعة مقابل نسبة من الثمرة؛ كالثلث أو الربع.

 

والمزارعة: دفع الأرض إلى من يزرعها أو يعمل عليها والزرع بينهما، كما يتفقان.

 

في الصحيحين (خ4248، م1551) عن نافع، عن عبدالله رضي الله عنه، قال: "أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود، أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شَطرُ ما يخرج منها".

 

المساقاة جائزة في جميع الشجر المثمر، هذا قول الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب وسالم والثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق وأبو ثور.

 

وأما ما لا ثمرَ له من الشجر؛ كالصفصاف والجوز ونحوهما، أو له ثمر غير مقصود؛ كالصَّنَوْبر والأَرْزِ - فلا تجوز المساقاة عليه، وبه قال مالك والشافعي، قال ابن قدامة: ولا نعلم فيه خلافًا؛ لأنه ليس بمنصوص عليه، ولا في معنى المنصوص، ولأن المساقاة إنما تكون بجزء من الثمرة، وهذا لا ثمرة له، إلا أن يكون مما يقصد ورقه؛ كالتوت والورد، فتجوز المساقاة عليه؛ لأنه في معنى الثمر؛ لأنه نماءٌ يتكرر كل عام، ويمكن أخذه والمساقاة عليه بجزء منه، فيثبُت له مثلُ حُكمه.

 

وإن ساقاه على ثمرة موجودة، فجائز، وهو قول مالك وأبي يوسف ومحمد وأبي ثور وأحد قولي الشافعي؛ لأنها إذا جازت في المعدومة - مع كثرة الغرر فيها - فمع وجودها وقلة الغرر فيها أَولى، وإنما تصح إذا بقي من العمل ما يستزاد به الثمرة؛ كالتأبير والسقي وإصلاح الثمرة، فإن بقي ما لا تزيد به الثمرة - كالجزاز ونحوه - لم تجز المساقاة، وإنما تجوز الأجرة مقابل الحصاد.

 

والمساقاة لا تصح إلا على جزء معلوم من الثمرة مشاع - كالنصف والثلث؛ لحديث ابن عمر: "عامَل أهل خيبر بشَطر ما يخرج منها"، وسواء قل الجزء أو كثُر.

 

وإذا كان البستان شجرًا من أجناس - كالتين والزيتون والبرتقال والرمان - فشرط للعامل من كل جنس قدرًا؛ كنصف ثمر التين، وثلث الزيتون، وربع البرتقال، وخُمس الرمان، أو كان فيه أنواع من جنس، فشرط من كل نوع قدرًا، وهما يعلمان قدر كل نوع - صحَّ؛ لأن ذلك كأربعة بساتين، ساقاه على كل بستان بقدر مخالف للقدر المشروط من الآخر، وإن لم يعلما قدره أو لم يعلم أحدهما لم يجز؛ لأنه قد يكون أكثرُ ما في البستان من النوع الذي شرط فيه القليل، أو أكثرُه مما شرط فيه الكثير، ولو قال: ساقيتك على هذين البستانين بالنصف من هذا، والثلث من هذا، صحَّ؛ لأنها صفقة واحدة جمعت عِوضين، فصار كأنه قال: بِعْتُك دارَيَّ هاتين؛ هذه بألف، وهذه بمائة، وإن قال: بالنصف من أحدهما، والثلث من الآخر، لم يصحَّ؛ لأنه مجهول لا يدري أيهما الذي يستحق نصفه، ولا الذي يستحق ثلثه، ولو ساقاه على بستان واحد، نِصفه هذا بالنصف، ونِصفه هذا بالثلث، وهما متميزان، صحَّ؛ لأنهما كبستانين.

 

ولو ساقاه ثلاث سنين على أن له في الأولى النصف، وفي الثانية الثلث، وفي الثالثة الربع - جاز؛ لأن قدر ماله في كل سنة معلوم، فصح، كما لو شرط له من كل نوع قدرًا.

 

ولا تصح المساقاة إلا على شجر معلوم بالرؤية أو بالصفة التي لا يختلف معها، كالبيع، فإن ساقاه على بستان بغير رؤية ولا صفة، لم يصحَّ؛ لأنه عقد على مجهول، فلم يصحَّ، كالبيع.

 

ولو دفع إلى رجل أرضًا فقال: ما زرعتَ فيه من حنطة فلي ربعه أو نصفه، صح، وإن قال: ما نتج من هذا الجزء من الأرض فهو لي، وما نتج من هذا الجزء فهو لك - لم يجُزْ.

 

إجارة الأرض:

قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن اكتراء - إجارة - الأرض وقتًا معلومًا جائزٌ بالذهب والفضة، روينا هذا القول عن سعيد ورافع بن خديج وابن عمر وابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وسالم وعبدالله بن الحارث ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي؛ اهـ.

 

ولأنها عين يمكن استيفاء المنفعة المباحة منها مع بقائها، فجازت إجارتها بالأثمان ونحوها، كالدور.

 

وأما إجارتها بطعام فتنقسم ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يؤجرها بمطعوم غير الخارج منها معلوم، فيجوز، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم: سعيد بن جبير وعكرمة والنخَعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد.

 

القسم الثاني: إجارتها بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها، كإجارتها بقُفزانِ حنطة من المزروع فيها، قال بجواز ذلك أبو الخطاب وأبو حنيفة والشافعي؛ لأن ما جازت إجارته بغير المطعوم جازت به، كالدور.

 

القسم الثالث: إجارتها بجزء مشاع مما يخرج منها، كنصف وثلث وربع، فلا تصح، وهو قول أبي حنيفة والشافعي؛ لأنها إجارة بعوض مجهول، فلم تصح، كإجارتها بثلث ما يخرج من أرض أخرى، ولأنها إجارة لعين ببعض نمائها، فلم تجُزْ، كسائر الأعيان.

 

وإن أجرها للزرع مطلقًا، أو قال: لتزرَعْها ما شئت، فإنه يصح، وله زرع ما شاء، وهذا مذهب الشافعي.

 

وإن أجرها لزرع حنطة أو نوع بعينه، فإن له زرع ما يعيِّنه، وما ضرره كضرره أو دونه، ولا يتعين ما عينه في قول عامة أهل العلم.

 

وإذا استأجر أرضًا للزراعة مدة، فانقضت وفيها زرع لم يبلغ حصاده، لم يخلُ من حالين، أحدهما: أن يكون لتفريط من المستأجر، مثل أن يزرع زرعًا لم تجرِ العادة بكماله قبل انقضاء المدة، فحُكمه حكم زرع الغاصب، يخيَّر المالك بعد المدة من أخذه بالقيمة، أو تركه بالأجر لما زاد على المدة؛ لأنه أبقى زرعه في أرض غيره بعدوانه، وإن اختار المستأجر قطع زرعه في الحال وتفريغ الأرض، فله ذلك؛ لأنه يزيل الضرر، ويسلم الأرض على الوجه الذي اقتضاه العقد، وعلى المستأجر نقل الزرع وتفريغ الأرض، وإن اتفقا على تركه بعوض أو غيره، جاز، وهذا مذهب الشافعي.

 

الحال الثاني: أن يكون بقاؤه بغير تفريط، مثل أن يزرع زرعًا ينتهي في المدة عادة، فأبطأ لبرد أو غيره، فإنه يلزم المؤجر تركه إلى أن ينتهي، وله المسمى وأجرُ المثل لما زاد، كما لو أعاره أرضًا فزرعها ثم رجع المالك قبل كمال الزرع.

 

وإذا اكترى الأرض لزرعٍ مدة لا يكمل فيها، مثل أن يكتري خمسة أشهر لزرع لا يكمل إلا في سنة نظرنا، فإن شرط تفريغها عند انقضاء المدة ونقله عنها، صح؛ لأنه لا يفضي إلى الزيادة على مدته، وقد يكون له غرض في ذلك لأخذه إياه قصيلاً أو غيره، ويلزمه ما التزم، وإن أطلق العقد ولم يشترط شيئًا، صح أيضًا؛ لأن الانتفاع بالزرع في هذه المدة ممكن.

 

وإن أمكن أن ينتفع بالأرض في زرع ضرره كضرر الزرع المشروط أو دونه، مثل أن يزرعها شعيرًا يأخذه قصيلاً، صح العقد؛ لأن الانتفاع بها في بعض ما اقتضاه العقد ممكن، وإن لم يكن كذلك لم يصح.

 

وزكاة الزرع في حال تأجير الأرض تكون على المستأجر؛ لأن المستأجر هو الحاصد للزرع، وهو المنتفع به.

 

وصية هامة وخاتمة:

وختامًا أوصي المزارع الكريم وكل من انتفع بهذه الرسالة بتقوى الله عز وجل، وبخاصة فيما يتعلق بتوزيع الأرض على أولاده، فلا يحل له أن يميز أحد أولاده على الآخرين إلا لظروف خاصة يستفتي فيها مَن يثق فيه من أهل العلم؛ ففي صحيح مسلم (1623) عن النعمان بن بشير، قال: انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، اشهد أني قد نحلتُ النعمان كذا وكذا من مالي، فقال: ((أكلَّ بنيك قد نحلت مثل ما نحلت النعمان؟))، قال: لا، قال: ((فأشهِدْ على هذا غيري))، ثم قال: ((أيسُرُّك أن يكونوا إليك في البر سواءً؟))، قال: بلى، قال: ((فلا إذًا)).

 

ولا يحل له كذلك أن يعطي الذكور ويحرم الإناث؛ فغدًا سيفارق الدنيا، ولن يغني عنه بنوه من الله شيئًا، والأولى له والأفضل أن يترك المال كله باسمه، ويوصي أولاده بتقوى الله عز وجل في قسمة ما تركه بينهم وَفْق ما جاء في كتاب الله، وألا يجور أحدهم على أخواته الإناث، ولا يأكل حقهن، ولا يجبرهن على بيعه له، فإنه إن فعل ذلك فإنما يأكل سُحتًا وحرامًا، وما نبت من سحت فالنار أولى به، أعاذنا الله وإياكم من النار وما قرَّب إليها من قول أو فعل.

 

تمت بفضل الله وتوفيقه.

 

اللهم اجعل هذا العمل لوجهك خالصًا، ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئًا.

 

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جهود المسلمين الأوائل للرقيّ بالزراعة
  • أفضل الكسب الزراعة

مختارات من الشبكة

  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوقوف بعرفة وحكم التعريف بالأمصار: أحكام وأسرار(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأضحية: أحكام وحكم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب