تحقيق تخريج مسألة ( أنه كان يكبر في العيدين سبعا في الأولى وخمسا في الثانية )

تحقيق تخريج مسألة

( أنه كان يُكبر في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية )

قال ابن أبي حاتم في كتاب العِلل: وسألت أبي عن حديث رواه نافع بن أبي نُعيم القارئ، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، أنه كان يُكبر في العيدين، سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية. قال أبي: هذا خطأ، روي[1] هذا الحديث عن أبي هريرة أنه كان يُكبر.

رجال الإسناد:

• نافع بن عبدالرحمن بن أبي نُعيم القارئ المدني، مولى بني ليث (ت169).

روى عن نافع مولى ابن عمر، وزيد بن أسلم، وربيعة بن عبدالرحمن، وغيرهم. روى عنه القعنبي، وعبيد بن ميمون، وزياد بن يونس، وغيرهم.

قال ابن معين: ثقة. وقال ابن سعد: كان ثبتًا. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث. وقال الساجي: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن عدي: لم أر في حديثه شيئًا منكرًا، وأرجو أنه لا بأس به.

وقال أحمد: كان يؤخذ عنه القرآن، وليس في الحديث بشيء.

قال ابن حجر: صدوق ثبت في القراءة.

انظر تهذيب الكمال 29/281، التهذيب 10/407، التقريب 7077.

• نافع مولى ابن عمر، ثقة ثبت، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 529.

• عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة 518.

• أبو هريرة - رضي الله عنه - صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة 501.

تخريج الحديث:

روى نافع مولى ابن عمر هذا الأثر، واختلف عليه، وعلى بعض الرواة عنه:

أولًا: رواه نافع بن أبي نعيم، واختلف عليه:

1- فرواه عبدالرحمن بن القاسم، وخالد بن مخلد، عن نافع بن أبي نعيم، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، موقوفًا.

2- ورواه عبدالوهاب بن حبيب، عن نافع بن أبي نعيم، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، مرفوعًا.

ثانيًا: ورواه عدد من الثقات، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا.

ثالثًا: ورواه عبدالله بن عامر، ويحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

رابعًا: ورواه مالك، عن نافع، واختلف على مالك:

1- فرواه عدد من الثقات، عن مالك، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا. وتابع مالكًا عليه عدد من الثقات، كما تقدم في الوجه الثاني.

2- ورواه عبدالله بن عبدالحكم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

خامسًا: ورواه عبيدالله العمري، واختلف عليه:

1- فرواه ابن إدريس، ومعتمر، عن عبيدالله، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا. وتابع عبيدالله عليه عدد من الثقات، كما تقدم في الوجه الثاني.

2- ورواه ابن المبارك، وعبدة، عن عبيدالله، عن نافع، عن أبي هريرة، مرفوعًا.

وفيما يلي تفصيل ما تقدم:

أولًا: رواه نافع بن أبي نعيم، واختلف عليه:

1- فرواه عبدالرحمن بن القاسم، وخالد بن مخلد، عن نافع بن أبي نعيم، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، موقوفًا:

أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/345، من طريق عبدالرحمن بن القاسم. وابن شيبة في المصنف 2/175، عن خالد بن مخلد[2].

كلاهما عن نافع بن أبي نعيم، به.

قلت: وعبدالرحمن بن القاسم، هو العُتَقي: ثقة (التقريب 3980).

وخالد بن مخلد: صدوق له أفراد (التقريب 1677 ).

2- ورواه عبدالوهاب بن حبيب، عن نافع بن أبي نعيم، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، مرفوعًا:

أخرجه البيهقي في الخلافيات (2ق13/ب)، من طريق ابن خزيمة، وأحمد بن علي المقرئ، كلاهما عن محمد بن عبدالوهاب بن حبيب العبدي، عن أبيه، عن نافع، به.

قلت: ومحمد بن عبدالوهاب ثقة عارف (التقريب 6104). وأبوه عبدالوهاب ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام 14/249، ونقل عن الحاكم قوله في تاريخه: إمام في الدين والفقه والورع، غَزَّاءٌ، حجاج، صوام، يُقاس بعبدالله بن المبارك في عصره. ولم أقف على من ترجم له غيره.

وعليه فلعل الوجه الأول أرجح عن نافع بن أبي نعيم، حيث رواه الأكثر والأوثق كذلك.

ثانيًا: ورواه عدد من الثقات، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا:

أخرجه البيهقي في الكبرى 3/288، وفي الصغرى 1/259، رقم 696، من طريق شعيب بن أبي حمزة.

والطحاوي في شرح المعاني 4/344، والبيهقي في الخلافيات (2ق15/أ)، من طريق صخر بن جويرية.

وعبد الرزاق 3/292، رقم 5681، والفريابي في أحكام العيدين، رقم 111، من طريق أيوب.

وعبد الرزاق 3/293، رقم 5682، والفريابي في أحكام العيدين، رقم 114، من طريق موسى بن عقبة.

والبيهقي في الخلافيات (2ق15/أ)، من طريق العمري، يعني عبدالله[3].

والفريابي في أحكام العيدين، رقم 109، من طريق الليث بن سعد. وتابعهم: مالك، وعبيدالله العمري، في الراجح عنهما كما سيأتي في الاختلاف عليهما. كلهم عن نافع، عن أبي هريرة، من فعله.

ثالثًا: ورواه عبدالله بن عامر، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا:

أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (بغية الباحث 1/325، رقم 209)، والطحاوي في شرح المعاني 4/344، والبيهقي في الخلافيات (2ق15/أ)، وابن عساكر في تاريخ دمشق 54/379. من طريق الفرج بن فضالة.

والبزار في مسنده (نسخة الأزهرية ق27/ب)، وابن المتيم الصوفي في حديث أبي بكر بن البهلول (ق126/ب)، من طريق عمر بن حبيب.

والشحامي في تحفة عيد الفطر (ق195/أ،ب)، من طريق إسماعيل بن عياش. كلهم عن عبدالله بن عامر الأسلمي، به.

وقال البخاري - كما في ترتيب علل الترمذي 1/289 -: وحديث الفرج بن فضالة عن عبدالله، عن[4] نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا خطأ.

قلت: وعبدالله بن عامر: ضعيف (التقريب 3406).

وقد تابعه يحيى بن سعيد، ولكنها متابعة لا تثبت:

فقد أخرجه الدارقطني في السنن 2/48 - ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق 1/508، رقم 818 -، ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 54/379.

من طريق سعد بن عبدالحميد، عن فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

وقال البخاري –كما في علل الترمذي الكبير 1/290-: الفرج بن فضالة ذاهب الحديث، والصحيح ما روى مالك، وعبدالله، والليث، وغير واحد من الحفاظ، عن نافع، عن أبي هريرة فعله.

وقال البيهقي في الخلافيات (2 ق13/ب): ورواه الفرج بن فضالة عن عبدالله بن عامر عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك روى عبدالله بن عمر، وعبيدالله بن عمر ويحيى بن سعيد، ومالك، ونافع القارئ، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح شيء من ذلك، والموقوف على أبي هريرة صحيح لا شك فيه. وقال ابن عساكر: رواه غير فرج بن فضالة عن عبدالله بن عامر الأسلمي، بدلًا من يحيى، عن نافع.

قلت: والفرج بن فضالة: ضعيف أيضًا (التقريب 5383)، وقد اضطرب فيه، حيث رواه عن عبدالله بن عامر، كما تقدم، فيقدم من روايتيه ما وافقه غيره.

وأما من ذكرهم البيهقي، فمن وجه مرجوح عنهم، كما تقدم، وسيأتي، والله أعلم.

رابعًا: ورواه مالك، واختلف عليه:

1- فرواه عدد من الثقات، عن مالك، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا:

أخرجه مالك في الموطأ برواية يحيى بن يحيى 1/180، ورواية أبي مصعب 1/230، رقم 590، ورواية محمد بن الحسن (89)، رقم 237، ورواية سويد (204)، رقم 410. ومن طريقه مالك أخرجه كل من:

الشافعي في الأم 1/236 - ومن طريقه البيهقي في الكبرى 3/288، وفي المعرفة 5/72 رقم 6874، وفي الخلافيات (2 ق13/أ) -.

والطحاوي في شرح المعاني 4/344، من طريق ابن وهب، وروح. وعبدالرزاق 3/292، رقم 5680.

والفريابي في أحكام العيدين، رقم 110، عن قتيبة.

وسحنون في المدونة 1/169، من طريق ابن القاسم.

كلهم عن مالك، به.

2- ورواه عبدالله بن عبد الحكم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا: أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 10/364 - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 21/259، 260 -، من طريق يحيى بن عبدك، عن عبدالله بن عبد الحكم، به.

قلت: وعبدالله بن عبد الحكم: صدوق أنكر عليه ابن معين شيئًا (التقريب 3422)، وقد خالفه عدد من الثقات في الوجه الأول، وعليه فروايته شاذة، والله أعلم.

خامسًا: ورواه عبيدالله العمري، واختلف عليه:

1- فرواه عدد من الثقات، عن عبيدالله، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا: أخرجه ابن أبي شيبة 2/173. والفريابي في أحكام العيدين، رقم 112، 113، من طريق عبدالله بن إدريس.

وعبدالله بن أحمد في مسائله عن أبيه (ص 128)، رقم 468، عن يحيى بن سعيد[5]. والدارقطني في العلل 9/47، من طريق معتمر.

وابن أبي زرعة في حديث عبيد الله بن عمر (ق140/أ)، من طريق شعيب بن إسحاق. كلهم عن عبيدالله، به.

قلت: وعبدالله، ومعتمر، ويحيى بن سعيد، وشعيب، كلهم ثقات.

(انظر التقريب 3207، 6785، 7556، 2793 ).

2- ورواه ابن المبارك، وعبدة، عن عبيدالله، عن نافع، عن أبي هريرة، مرفوعًا. أخرجه ابن عدي في الكامل 7/2484.

والبيهقي في الخلافيات (2ق 15/أ)، من طريق أحمد بن إبراهيم.

كلاهما عن حمزة بن عيسى الكاتب، عن نعيم بن حماد، عن عبدالله بن المبارك، وعبدة بن سليمان[6]، عن عبيدالله العمري، عن نافع، عن أبي هريرة مرفوعًا. وذكر هذا الوجه الدارقطني في العلل 9/46.

وقال ابن عدي: وهذا لم يرفعه عن عبيدالله عن نافع عن أبي هريرة، غير نعيم هذا عن ابن المبارك وعبدة، والحديث موقوف.

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام 16/430: والمحفوظ أنه موقوف.

قلت: وفي إسناده نعيم بن حماد: صدوق يخطئ كثيرًا (التقريب 7166 )، وقد رواه ثقتان في الوجه الأول بخلاف هذا الوجه، وعليه فلا يثبت عن عبيدالله، والله أعلم.

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أنه اختلف على نافع، وعلى بعض الرواة عنه، خلاصة ما تقدم من الاختلاف عليه ما يلي:

1- رواه نافع بن أبي نعيم - في الراجح عنه -، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفًا.

2- ورواه عدد من الثقات، عن نافع، عن أبي هريرة، موقوفًا.

3- ورواه عبدالله بن عامر، ونافع بن أبي نعيم – في وجه مرجوح عنه -، ويحيى بن سعيد ومالك – في وجه لا يثبت عنهما -، عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا.

4- ورواه عبيدالله العمري- في وجه لا يثبت عنه -، عن نافع، عن أبي هريرة، مرفوعًا.

وأرجح هذه الأوجه الوجه الثاني، حيث رواه عدد من الثقات كذلك، في حين لا تخلو بقية الأوجه من مقال، كما تقدم مفصلًا أثناء التخريج.

ومنه يتضح صحة ما ذهب إليه أبو حاتم من ترجيحه لرواية أبي هريرة الموقوفة.

وإسناده من وجهه الراجح إلى أبي هريرة صحيح.

وله شواهد كثيرة مرفوعة عن عدد من الصحابة، استوعب أكثرها الشيخ د. مساعد الراشد في تحقيقه لكتاب أحكام العيدين للفريابي ص142-158. والله أعلم