تحقيق تخريج مسألة ( لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات )

تحقيق تخريج مسألة

( لينتهينَّ أقوام عن تركهم الجمعات )

قال ابن أبي حاتم في كتاب العِلل: وسألت أبي عن حديث رواه أبان العطار، عن يحيى، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي، عن الحكم بن ميناء، أنه سمع ابن عمر، وابن عباس، سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو[1] على المنبر قال: ((لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات...)) الحديث.

قال أبي: رواه معاوية بن سلام، عن أخيه زيد عن أبي سلام[2]، ولم يذكر فيه الحضرمي، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.

قال أبي: والحضرمي بن لاحق[3] رجل من أهل المدينة، وليس لرواية أبي سلام عنه معنى[4]، وإنما يشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من زيد، فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به، والله أعلم.

رجال الإسناد:

• أبان بن يزيد العطار، ثقة له أفراد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 508.

• يحيى بن أبي كثير الطائي، ثقة يدلس، من الثانية، تقدمت ترجمته في المسألة 507.

وقال معاوية بن سلام: أخذ مني يحيى بن أبي كثير كتب أخي زيد بن سلام.

وقال ابن معين: لم يلق يحيى بن أبي كثير زيد بن سلام، وقدم معاوية بن سلام عليهم، فلم يسمع يحيى بن أبي كثير منه شيئاً، أخذ كتابه عن أخيه، ولم يسمعه، فدلسه عنه.

ذكر ذلك المزي، ومن تابعه، في ترجمة زيد بن سلام الآتية.

• زيد بن سلَّام بن أبي سلَّام: ممطور الحبشي، من السادسة.

روى عن جده أبي سلَّام، وعبدالله بن فروخ، وعبدالله بن زيد الأزرق، وعلي بن أرطاة.

روى عنه أخوه معاوية، والحضرمي بن لاحق، ويحيى بن أبي كثير.

ثقة، متفق على توثيقه.

انظر تهذيب الكمال 10/78، والتهذيب 3/415، التقريب (2140).

• أبو سلَّام: ممطور الأسود الحبشي، الأعرج الدمشقي، من الثالثة.

ثقة، متفق على توثيقه. قال ابن حجر: ثقة يرسل.

انظر تهذيب الكمال 28/484، التهذيب 10/296، التقريب (6879).

• الحضرمي بن لاحق التميمي اليمامي، من السادسة.

روى عن زيد بن سلَّام، وابن المسيب، وذكوان السَّمان، وغيرهم.

روى عنه يحيى بن أبي كثير، وسنان بن ربيعة، وعكرمة بن عمار، وغيرهم.

قال عبدالله بن أحمد: سألت أبي عن الحضرمي الذي حدث عنه سليمان التيمي، قال:

كان قاصاً، فزعم مُعتمر قال: قد رأيته، قال أبي: لا أعلم يروي عنه غير سليمان التيمي.

وقال عبدالله أيضاً: سألت يحيى بن معين عن الحضرمي الذي روى عنه سليمان التيمي، فقال: ليس به بأس، وليس هو بالحضرمي بن لاحق.

وفرق بينهما أيضاً البخاري، وابن المديني، وابن حبان في ثقاته، والخطيب في الموضح.

وكذا فرق بينهما ابن عدي، وقال عن ابن لاحق: وليس هذا بالحضرمي الذي يروي عنه سليمان التيمي؛ لأن الذي يروي عنه سليمان لا يروي عنه غيره، وهذا غير الذي روى عنه سليمان، ولسليمان عن الحضرمي غير ما ذكرت من الحديث، وأرجو أنه لا بأس به.

وهذا ما رجحه ابن حجر في التهذيب، فقال: والذي يظهر أنهما اثنان.

وقال أبو حاتم: حضرمي اليمامي، وحضرمي بن لاحق هو عندي واحد.

قلت: وقوله لا يعارض الأقوال المتقدمة؛ لأن ابن لاحق يمامي، ونص على ذلك ابن معين كما في الموضح، ولم يقل أحد عن الآخر أنه يمامي، كما هو ظاهر من أقوالهم.

وقال عكرمة بن عمار: حدثنا الحضرمي بن لاحق، وكان فقيهاً، وخرجت معه إلى مكة.

قال ابن حجر في التقريب: حضرمي بن لاحق التميمي اليمامي القاص، لا بأس به من السادسة، وفرق ابن المديني بين الحضرمي شيخ سليمان التيمي، وبين ابن لاحق.

قلت: وظاهر كلامه أنه جعلهما واحداً، وفي ذلك نظر كما تقدم، ولعل الصواب مع من فرق بينهما، إذ الأكثر على ذلك.

وحضرمي بن لاحق لم أر من تكلم عنه بجرح أو تعديل سوى ذكر ابن حبان له في الثقات وقول عكرمة بن عمار: كان فقيهاً، ومقتضى هذا مع عدم ذكر جارح أنه صدوق إن شاء الله، والله أعلم.

انظر التاريخ الكبير 3/125، الثقات 6/249، الموضح لأوهام الجمع 1/227، الكامل 2/859، تهذيب الكمال 6/553، التهذيب 2/394، التقريب (1396).

• الحكم بن ميناء، بكسر الميم، الأنصاري المدني، من الثانية.

روى عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم من الصحابة.

روى عنه أبو سلَّام الأسود، والحجاج بن أرطاة، والضحاك بن عثمان، وغيرهم.

قال أبو زرعة، والدارقطني: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال أبو حاتم: مدني يروى عنه.

وقال ابن حجر في التهذيب: وقال الكناني عن أبي حاتم: شيخ.

قال ابن حجر في التقريب: صدوق، من أولاد الصحابة.

قلت: لعل الرجل ثقة، فقد وثقه اثنان، وأخرج له مسلم، والنسائي، مع تقدم طبقته، كما أشار له ابن حجر بقوله من أولاد الصحابة، وأما قول أبي حاتم - إن ثبت - فغير مفسر ولا يفيد الجرح، كما أنه متشدد، والله أعلم.

انظر تهذيب التهذيب 2/440، التقريب (1463)، الجامع في الجرح 1/189.

• عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة 518.

• عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة 525.

• معاوية بن سلَّام بن أبي سلَّام، أبو سلَّام الدمشقي، الحمصي (ت 170 تقريباً).

ثقة، متفق على توثيقه.

انظر تهذيب الكمال 28/184، السير 7/397، التهذيب 10/208، التقريب (6761).

تخريج الحديث:

روى زيد بن سلام هذا الحديث، واختلف عليه، وعلى الرواة دونه:

أولاً: رواه يحيى بن أبي كثير، واختلف عليه، وعلى الرواة عنه:

1- فرواه أبان بن يزيد العطار، واختلف عليه:

أ- فرواه عبيدالله بن موسى، وموسى بن إسماعيل، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي بن لاحق، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس، وابن عمر.

ب- ورواه حبان بن هلال، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس، وابن عمر.

ج- ورواه عفان، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر.

وتابع أبان على هذا الوجه: علي بن المبارك.

د- ورواه هُدْبة بن خالد، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر.

وتابع أبان على هذا الوجه: هشام الدستوائي، في الراجح عنه، كما سيأتي.

2- ورواه هشام الدستوائي، واختلف عليه:

أ- فرواه عدد من الثقات عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.

ب- ورواه أبو أسامة، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.

3- ورواه أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عمن حدثه، عن ابن عمر، وابن عباس.

4- ورواه معمر، عن يحيى بن أبي كثير،عن الحكم بن ميناء، عن النبي صلى عليه وسلم.

وقال معمر: ربما قال الحكم بن ميناء: عن ابن عمر وابن عباس، أو أحدهما.

ثانياً: ورواه معاوية بن سلام، واختلف على بعض الرواة عنه:

1- فرواه أبو توبة: الربيع بن نافع، واختلف عليه:

أ- فرواه عدد من الثقات، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة.

وتابع أبا توبة عليه أكثر من ثقة.

كما تابع معاوية عليه: يحيى بن أبي كثير - في أحد الأوجه عنه -، كما تقدم في الوجه الثالث من الاختلاف على أبان.

ب- ورواه موسى بن سهل، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام عن الحكم بن ميناء، عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري.

2- ورواه الوليد بن مسلم، واختلف عليه:

أ- فرواه مرة، عن معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة.

ب- ورواه مرة، عن معاوية بن سلام، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة.

وفيما يلي تفصيل ما تقدم:

أولاً: ورواه يحيى بن أبي كثير، واختلف عليه، وعلى الرواة عنه:

1- فرواه أبان بن يزيد، واختلف عليه:

أ- فرواه عبيدالله بن موسى، وموسى بن إسماعيل، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي بن لاحق، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس، وابن عمر:

أخرجه البيهقي في الكبرى 3/171، والطحاوي في شرح مشكل الآثار 8/214، رقم 3186، من طريق عبيدالله بن موسى.

والطحاوي في الموضع السابق، وابن المنذر في الأوسط 4/14، رقم 1730، من طريق أبي سلمة: موسى بن إسماعيل.

كلاهما عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، به.

قلت: وعبيدالله بن موسى، وموسى بن إسماعيل: ثقتان (التقريب 4345، 6943).

ب- ورواه حبّان بن هلال، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر:

أخرجه النسائي 3/88، كتاب الجمعة، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، رقم 1370 - ومن طريقه قوام السنة في الترغيب والترهيب 1/392، رقم 908 -، عن محمد بن معمر البصري، عن حبّان بن هلال، عن أبان العطار، به.

قلت: وحبان: ثقة ثبت. ومحمد بن معمر: صدوق (التقريب 1069، 6313).

ج- ورواه عفان، وسهل بن بكار، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر:

أخرجه أحمد 1/254 - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 15/66 -.

وأبو يعلى[5] 10/143، رقم 5766 - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 15/66 - عن عمر الناقد.

كلاهما عن عفان (وهو ابن مسلم)، عن أبان العطار، به.

وأخرجه ابن بشران في الثالث من حديث أحمد بن الفضل بن خزيمة (ق7/ب)، عن يعقوب بن إسحاق، عن سهل بن بكار، عن أبان، به.

قلت: وعفان: ثقة ثبت، وسهل: ثقة ربما وهم (التقريب 2651، 4625).

وتابع أبان على هذا الوجه: علي بن المبارك:

أخرجه النسائي في الكبرى 1/516، رقم 1659، من طريق سعيد بن الربيع.

وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/64، من طريق زيد بن الحسن الأنماطي.

كلاهما عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به.

قال علي: ثم كتب به إلي عن ابن عمر، وأبي هريرة.

قلت: وعلي بن المبارك: ثقة كان له عن يحيى بن أبي كثير كتابان، أحدهما سماع والآخر إرسال، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء (التقريب 4787).

وأحد الراويين عنه، وهو سعيد، ليس من الكوفيين، فهو بصري ثقة (التقريب2303).

د- ورواه هُدْبة بن خالد، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر:

أخرجه أحمد 1/335.

والمزي في تهذيب الكمال 7/145، وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/66، كلاهما من طريق عبدالله بن أحمد[6].

وأحمد، وابنه عبدالله، كلاهما عن هُدبة بن خالد، عن أبان العطار، به.

وتابع أبان على هذا الوجه: هشام الدستوائي، في الراجح عنه، كما سيأتي.

قلت: وهُدبة بن خالد: ثقة تفرد النسائي بتليينه (التقريب 7269).

ولعل أرجح هذه الأوجه عن أبان الوجه الأول، والثالث، والرابع، حيث رواه في الأول ثقتان عن أبان، وفي الثالث رواه عنه ثقتان، وتوبع عليه من ثقة، وفي الرابع رواه عنه ثقة، وتوبع عليه من ثقة ثبت أيضاً، أما الوجه الثاني، فقد رواه عنه ثقة واحد، والراوي عنه صدوق، كما تقدم، ولم أجد من تابع أبان عليه، والله أعلم.

2- ورواه هشام الدستوائي، واختلف عليه:

أ- فرواه عدد من الثقات عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس:

أخرجه أحمد 1/239، 2/84- ومن طريقه ابن الجوزي في الحدائق 2/185-، ورواه أبو يعلى 10/110، رقم 5742- ومن طريقه ابن حبان 7/25، رقم2785، وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/65-، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف 2/154. من طريق يزيد بن هارون.

وأحمد1/335، عن عبدالصمد.

وأبو داود الطيالسي (263، 357)، رقم 1952، 2735- ومن طريقه البيهقي في الكبرى 3/172، وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/65-.

وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/65، من طريق معاذ بن هشام.

كلهم عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، به.

قلت: وهشام ثقة ثبت، من أثبت الناس في يحيى (تهذيب الكمال 30/220).

وتابع هشاماً على هذا الوجه أبان العطار في الوجه الرابع من الاختلاف عليه،كما تقدم.

ب- ورواه أبو أسامة، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس:

أخرجه ابن ماجه 1/260، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، رقم794، عن علي بن محمد، عن أبي أسامة، به.

وقال في متنه: "الجماعات" بدل: "الجمعة".

وتابع هشاماً عليه: معمر، كما سيأتي، في الوجه الرابع.

قلت: والوجه الأول أرجح، حيث رواه عدد من الثقات عن هشام كذلك، في حين لم أجد من تابع أبا أسامة على الوجه الثاني.

إلا أن الوجه الثاني محتمل، لوجود متابعة معمر لهشام، كما سيأتي، والله أعلم.

3- ورواه أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عمن حدثه، عن ابن عمر، وابن عباس:

أخرجه أبو يعلى 10/143، رقم5765- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 15/66 -، عن عمرو الناقد.

وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/67، من طريق علي بن عبدالله.

كلاهما عن إسماعيل بن علية، عن أيوب، به.

وذكره المزي في التحفة 5/335، من رواية إسماعيل بن علية، عن أيوب، به.

ولكنه وقع في المسند في كلا طبعتيه، وفي مخطوطتين له أطلعت عليهما: "عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد"، ولعل قوله: "عن محمد" وهم من الناسخ، أو تصحيف عن كلمة: "عن من حدثه"، إذ أخرجه ابن عساكر من طريقه على الصواب، والله أعلم.

ولو ثبت فيعد وجهاً آخر من الخلاف، وكلا الوجهين مرجوح، كما سيأتي.

وقال ابن عساكر: قال علي: هكذا رواه أيوب: عن يحيى بن أبي كثير، عمن حدثه، عن ابن عباس وابن عمر، ولم يفسر إسناده، لعله لم يقم إسناده، والله أعلم.

4- ورواه معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحكم بن ميناء، عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أخرجه عبدالرزاق 3/166، رقم 5168، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحكم بن ميناء[7]، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال معمر: ربما قال الحكم بن ميناء: عن ابن عمر وابن عباس، أو أحدهما.

قلت: وتابع معمراً على الوجه الثاني، هشام في أحد الوجهين عنه، كما تقدم.

ثانياً: ورواه معاوية بن سلام، واختلف على بعض الرواة عنه:

1- فرواه أبو توبة: الربيع بن نافع، واختلف عليه:

أ- فرواه عدد من الثقات، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة:

أخرجه مسلم 2/591، كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، رقم 865، والبيهقي في الخلافيات (2ق81/أ)، من طريق الحسن بن علي الحلواني.

والطبراني في الأوسط 1/258، رقم 408، وفي مسند الشاميين 4/107، رقم2865- وعنه أبو نعيم في المستخرج 2/453، رقم 1948-. عن أحمد بن خُليد.

و البيهقي في الكبرى3/171، وفي الصغرى1/232، رقم599، وفي فضائل الأوقات رقم 257، من طريق أبي حاتم الرازي.

والطحاوي في شرح المشكل 8/215، رقم3187، عن علي بن زيد الفرائضي.

والبيهقي في شعب الإيمان 3/103، رقم 3008، وفي الخلافيات (2ق81/أ)، من طريق الفضل بن محمد الشعراني.

وابن عساكر في تاريخ دمشق 15/64، من طريق إبراهيم بن الحسين الهمداني.

كلهم عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، به.

وتوبع أبو توبة على هذا الوجه:

أخرجه أبو نعيم الحداد في الجامع بين الصحيحين (ق147)، والبيهقي في شعب الإيمان 3/103، رقم3008، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 1/393، رقم909- وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق 15/63، 64-، ورواه ابن عساكر أيضاً عن غيره، من طريق محمد بن شعيب بن شابور.

والدارمي 1/306، رقم1578،- ومن طريقه البغوي في شرح السنة 4/214، رقم1054، وفي تفسيره 4/342-. عن يحيى بن حسان.

وتابعهم: الوليد بن مسلم في أحد وجهين عنه، كما سيأتي.

كلهم عن معاوية، به.

كما تابع معاوية عليه: يحيى بن أبي كثير - في أحد الأوجه عنه -، كما تقدم في الوجه الثالث من الاختلاف على أبان.

وقال البيهقي: ورواية معاوية بن سلام، عن أخيه زيدٍ أولى أن تكون محفوظة.

ب- ورواه موسى بن سهل، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري:

أخرجه ابن خزيمة[8] 3/175، رقم1855-ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 15/63-، عن موسى بن سهل الرملي، به.

وقال ابن عساكر: كذا قال، وذكر أبي سعيد فيه غريب.

قلت: والوجه الأول أرجح، حيث رواه عدد من الثقات كذلك، كما أخرجه مسلم أيضاً في حين لم أجد من تابع موسى على الوجه الثاني، وهو ثقة (التقريب6972)، وعليه فروايته شاذة، والله أعلم.

2- ورواه الوليد بن مسلم، واختلف عليه:

أ- فرواه مرة، عن معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة:

ذكره المزي في التحفة 5/335، ولم أقف على من أخرجه.

وتابع الوليد على هذا الوجه عدد من الثقات، كما تقدم.

2- ورواه مرة، عن معاوية بن سلام، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة:

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 15/64، من طريق أحمد بن عبدالرحمن، عن الوليد، به.

وقال ابن عساكر: أسقط الوليد زيد بن سلام من إسناده.

قلت: وقد رواه أيضاً على الصواب في الوجه الأول، ووافقه عليه عدد من الثقات، وعليه فالوجه الأول أرجح، والله أعلم.

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أن زيد بن سلام روى هذا الحديث، واختلف عليه وعلى من دونه:

أولاً: رواه يحيى بن أبي كثير: واختلف عليه، وعلى الرواة عنه:

وخلاصة ما تقدم من الاختلاف على يحيى بن أبي كثير ما يلي:

1- رواه أبان العطار - في أحد الأوجه الراجحة عنه -، عن يحيى، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي بن لاحق، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر.

2- ورواه أبان العطار - في وجه مرجوح عنه -، عن يحيى، عن الحضرمي بن لاحق، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر.

3- ورواه أبان العطار - في أحد الأوجه الراجحة عنه -، وعلي بن المبارك، عن يحيى، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر.

4- ورواه أبان العطار - في أحد الأوجه الراجحة عنه -، وهشام الدستوائي، عن يحيى، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر.

5- ورواه علي بن المبارك - في أحد وجهين عنه - عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وأبي هريرة.

6- ورواه هشام الدستوائي - في وجه مرجوح عنه -، ومعمر- في أحد وجهين عنه -، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.

7- ورواه معمر - في أحد وجهين عنه -، عن يحيى، عن الحكم بن ميناء، مرسلاً.

8- ورواه أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عمن حدثه، عن ابن عمر، وابن عباس.

وأرجح هذه الأوجه هو الوجه الرابع، حيث رواه ثقتان كذلك، وأحدهما، وهو هشام الدستوائي من أثبت الناس في يحيى، ويليه الوجه الثالث، حيث رواه ثقتان عن يحيى، أما بقية الأوجه، فرواتها ثقات، ولكني لم أجد من تابعهم عليها.

ثانياً: ورواه معاوية بن سلام، واختلف على أحد الرواة عنه:

وخلاصة ما تقدم ما يلي:

1- رواه معاوية بن سلام - في الراجح عنه -، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر، وأبي هريرة.

وتابع معاوية عليه يحيى بن أبي كثير- في أحد الأوجه عنه -، كما تقدم في الوجه الخامس من الاختلاف على يحيى.

2- ورواه معاوية بن سلام - في وجه مرجوح عنه -، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري.

ومما تقدم يتضح أن أرجح هذه الأوجه عن زيد هو رواية معاوية بن سلام، ويحيى بن أبي كثير في أحد الأوجه عنه، فمعاوية ثقة كما تقدم، وهو أعرف بحديث أخيه من غيره، إضافة إلى أن جميع الأوجه الأخرى من رواية يحيى بن أبي كثير، وحديث يحيى عن زيد إنما هو كتاب، كما تقدم، إضافة إلى أنه قد رواه في أحد الأوجه كرواية معاوية.

ويضاف إلى هذا كله إخراج مسلم لرواية معاوية، عن زيد، والله أعلم.

ومنه يتضح صحة ما ذهب إليه أبو حاتم، فظاهر كلامه يُفهم منه ترجيح رواية معاوية.

وقال أبو حاتم: والحضرمي بن لاحق رجل من أهل المدينة، وليس لرواية أبي سلام عنه معنى، وإنما يُشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من زيد، فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به، والله أعلم.

ومعنى كلامه أنه يُحتمل أن تكون رواية يحيى في الأصل إنما هي عن الحضرمي عن زيد؛ لأن يحيى يشبه ألا يكون سمع من زيد. ولكن الراوي عنه وهم، فقال: عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي.

قلت: وأما ترجيحه لعدم سماع يحيى من زيد، فتقدم ما يؤيده من كلام ابن معين في ترجمة يحيى، وأن روايته عن زيد إنما هي كتاب.

وأما احتمال وهم الراوي عن يحيى في هذا الوجه المذكور، فهو احتمال كبير، حيث تقدم أن هذا الوجه وإن كان أحد الأوجه الراجحة عن أبان العطار، لكنه ثقة له أفراد، ولم أجد من تابعه عليه، كما أن هذا الوجه من الأوجه المرجوحة عن يحيى، والله أعلم.

والحديث من وجهه الراجح صحيح، فقد أخرجه مسلم كما تقدم، والله أعلم.