• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

البغية في أحكام الحلية

د. زيد بن مرزوق الوصيص

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/8/2009 ميلادي - 24/8/1430 هجري

الزيارات: 31346

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البغية في أحكام الحلية


المقدمة

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70- 71].


أمَّا بعد:

فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهديِ هديُ محمد، وشرَّ الأمور مَحْدثاتُها، وكلُّ مُحْدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


وبعدُ، فقد كان الباعثُ على عمل هذا البحث، هو أنِّي عندما كنت طالبًا في كلية الشريعة في السَّنة الأخيرة، وقد تقرَّر ضمنَ منهجها أن يُطلبَ مِن كلِّ طالب عملٌ في مجال اختصاص كليته، فاخترت موضوعًا فقهيًّا أكتب فيه بحثي هذا، وقد تكلَّمت في بعض أحكام حلية الذَّهب والفضة من حيثُ جواز التحلِّي بها بالنسبة للرِّجال والنساء، ومن حيثُ وجوبُ الزكاة فيها، واختلاف الفقهاء في ذلك، وبيا   ن الحقِّ في هذه المسألة، وبعض فوائد تتعلَّق بزكاة الحُلي.


وقد عدتُ إلى بحث هذا الموضوع بسبب تعلُّق أحكام كثيرة بحلية الذهب والفضة، حيث يشغلان حيِّزًا كبيرًا من تفكير الناس، وخصوصًا النساء؛ حيث إنَّهنَّ ابتلين بلبسهما دائمًا، ولذلك كان لا بدَّ من معرفة أحكام هذه الحِلية.


وكذلك تَعلَّق الرِّجال بهما؛ لأنهما مما حُبِّب إليهم من شهوات الدنيا؛ كما قال - تعالى -: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾ [آل عمران: 14]، فلا بدَّ من معرفة الرِّجال والنساء لأحكام هذه الحلية؛ لئلاَّ يقعوا فيما هو محرَّم عليهم منها.


وكذلك من الدواعي للكتابة في هذا الموضوع: الخلافُ الشديد في مسألة وجوب زكاة الحلي التي شغلت كثيرًا من الناس؛ إذ إنَّ فريقًا من العلماء لا يرون الزكاة في حُليِّ المرأة، في مقابلة الفريق الآخر الذي يرى أنَّ الزكاة فيه واجبة، فأردتُ أن أعرض هذه المسألةَ عرضًا تحليليًّا وتفصيليًّا، بذِكْر الأقوال ومناقشتها على ضوء الدليل الصحيح، حيث إنَّ الغالب في هذه المسألة أن يُتعرَّض لها ضمنَ كتاب الزكاة أو زكاة النقدين، وليس لها بحثٌ مستقل - فيما أعلم - إلاَّ كتاب "زكاة الحلي" للشيخ عطية سالم، وقد بحث هذا الموضوع العلاَّمة أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في كتابه: "الأموال"، إلاَّ أنَّه على طريقة المتقدِّمين.


فعندما أردتُ الكتابة في موضوع الحلية رأيتُ أن أردفه هذه المسألةَ لتعلُّقها بهذا البحث، وجعلتها في فصل خاص، وأسأل الله العونَ في هذا الجهد الضئيل، وأن يكون خالصًا لوجهه الكريم، فالله هو المستعان وحدَه لا سواه.


خطة البحث:

وقد جعلت هذا البحث بعدَ المقدِّمة من فصلين وخاتمة، وهو كالآتي:

الفصل الأول: في لباس الحلي، ويشتمل على هذه المباحث:
المبحث الأول: تعريف الحلي.
المبحث الثاني: مبدأ اتخاذ الخاتم.
المبحث الثالث: حكم التحلِّي بالذهب.
المبحث الرابع: حكم التحلي بالفضة.
المبحث الخامس: حكم التحلِّي بالحديد.
المبحث السادس: ما ورد في فصِّ الخاتم ونقشه، والتختُّم باليمين أو اليسار.
المبحث السابع: اتخاذ السِّن والأنف من الذَّهب.


الفصل الثاني: في زكاة الحلي واختلاف الفقهاء فيها، ويشتمل على هذا المباحث:
المبحث الأول: تصوير المسألة المختلَف فيها.
المبحث الثاني: أقوال الفقهاء في زكاة الحُلي المباح المستعمل.
المبحث الثالث: أدلة الفريقين من النُّصوص والآثار، والقياس، واللُّغة.
المبحث الرابع: مناقشة الأدلة والترجيح.
المبحث الخامس: فوائدُ متعلِّقة بالفصل.
ثم الخاتمة.


وقد اعتمدتُ في بحثي هذا الموضوعَ على المصادر الموثوق بها لكلِّ مذهب من المذاهب الأربعة، وهي كتبهم المعتبرة في الفقه، واعتمدتُ زيادة على ذلك على كتب الظاهرية في الفِقه والأصول، وبعض كتب المتأخِّرين في الجانب الفقهي، عازيًا كلَّ قول أو رأي لصاحبه في الحاشية، وأجعل كلَّ قول منقول بين قوسين في المتن.


وأمَّا الآيات، فإنِّي أذكر منها موضعَ الشاهد للاحتجاج بها، وأُرقِّم الآية مع ذِكْر السورة.


وكذلك الأحاديث التي أذكرها في المتن أعزوها إلى رُواتها من أصحاب الكتب السِّتة وغيرها في الحاشية، فإن كان الحديثُ في البخاري أو مسلم، فإنِّي أكتفي في تخريجي له بعزوه لهما أو لأحدهما، وأمَّا إذا كان في غيرهما، فإنِّي أخرجه لأكثر من واحد، وأمَّا عن تحقيق الأحاديث في هذا الموضوع، فإنِّي أرجع إلى ما قاله أهلُ الحديث فيها، وهم أصحاب الشأن في ذلك.


هذا ما أردتُ توضيحه في هذه المقدِّمة مما يتعلَّق حولَ هذا البحث، واللهَ أسأل أن يجعل عملي هذا صالحًا، ولوجهه خالصًا، وألاَّ يجعل لأحد فيه شيئًا، وصلَّى الله وسلَّم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الفصل الأول: لباس الحلي
المبحث الأول: تعريف الحلي

الحَلْي: اسمٌ لكلِّ ما يُتزيَّن به من مَصاغ الذَّهب والفضة، والجمع حُلِي بالضم والكسر؛ كثَدْي وثُدِي، ويقال: حِلية، والجمع حِلًى، مثل: لِحية ولِحًى، وربَّما ضم، وتطلق الحلية على الصِّفة أيضًا[1].


وفي القاموس: الحَلْي بالفتح: ما يُزيَّن به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة، الجمع: حُلِيٌّ كدُلِيّ، أو هو جمع، والواحد: حَلْية كظَبْية، والحِلية بالكسر: الحَلْيُ، وجمعها: حُلًى وحِلًى[2]، انتهى.


المبحث الثاني: مبدأ اتحاد الخاتم

سبب اتخاذ الخاتم:

عن أنس بن مالك[3] - رضي الله عنه - قال: "لَمَّا أراد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يكتب إلى الرُّوم قيل له: إنَّهم لن يقرؤوا كتابَك إذا لم يكن مختومًا، فاتخذ خاتمًا من فضة ونقشه: "محمد رسول الله"، فكأنما أنظر إلى بياضه في يده".


دلَّ هذا الحديث على أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ابتدأ لبسَ الخاتم عندما أراد أن يكتب إلى الملوك، قال الحافظ ابن حجر[4]: "قال الخطَّابي[5]: "لم يكن لباسُ الخاتم من عادة العرب، فلمَّا أراد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يكتبَ إلى الملوك اتَّخذ خاتمًا، واتخذه مِن ذهب، ثم رجع عنه لِمَا فيه من الزينة، ولِمَا يُخشى من الفِتنة، وجعل فصَّه ما يلي باطن كفِّه ليكونَ أبعد عن التزيين"[6]، قال الحافظ: "قال شيخنا[7] في "شرح الترمذي[8]: "دعواه أنَّ العرب لا تعرف الخاتم عجيبة، فإنَّه عربي كانت العرب تستعمله، انتهى، وعقَّب الحافظ أنه يحتاج إلى ثبوت لبسِه عن العرب، وإلاَّ فكونه (أي: الخاتم) عربيًّا واستعمالهم له في ختْم الكتب لا يرد على عبارة الخطابي"[9].


وقت اتخاذ الخاتم:

ذكر الحافظ ابنُ حجر وقتَ اتخاذ الخاتم فقال: "لقد جَزم أبو الفتح اليعمري[10] أنَّ اتِّخاذ الخاتم كان في السَّنة السابعة، وجَزَم غيرُه بأنَّه كان في السَّنة السادسة، ويُجمع بأنَّه كان في أواخرِ السادسة وأوائل السابعة؛ لأنَّه إنَّما اتَّخذه عند إرادته مكاتبةَ الملوك - كما تقدَّم - وكان إرساله إلى الملوك في مدَّة الهدنة، وكان في ذي القعدة سنة ست، ورجع إلى المدينة في ذي الحجة، ووجَّه الرُّسل في المحرَّم من السابعة، وكان اتِّخاذ الخاتم قبلَ إرساله الرسل إلى الملوك"[11].

 

المبحث الثالث: حكم التحلي بالذهب

(أ) يحرُم التحلِّي بحلية الذَّهب على الرِّجال أيًّا كان نوعها؛ خاتمًا أو قلادةً، أو سوارًا أو غيره دون النِّساء، فيُباح لهنَّ التحلي بجميع أنواع الحُلي من الذهب والفضة، ولا يحرم من ذلك شيءٌ وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه: قد نُقِل الإجماع على إباحة الذَّهب للنِّساء[12].


قال النووي في[13] شرحه على صحيح مسلم: "أجمع المسلمون على إباحتِه "خاتم الذهب" للنِّساء، وأجمعوا على تحريمه على الرِّجال، إلاَّ ما حُكِي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن محمد بن حزم[14] أنَّه أباحه، وعن بعض أنَّه مكروه لا حرام، وهذا الناقلان باطلان، فقائلهما محجوجٌ بالأحاديث التي ذكرها مسلمٌ - سوف تأتي - مع إجماع مَن قبله على تحريمه له مع قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الذهب والحرير: إنَّ هذين حرامٌ على ذكور أمَّتي، حِلٌّ لإناثها[15].


وقد ورد في تحريم لباس الذهب على الرجال دونَ النِّساء أحاديثُ كثيرة، نذكر منها الآتي:

1- عن أبي أمامة[16] - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فلا يلبس حريرًا ولا ذهبًا))[17].


2- عن عبدالله بن عباس[18] - رضي الله عنهما -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأي خاتمًا من ذهب في يدِ رَجُل، فنزعه فطرحَه، وقال: ((يعمد أحدُكم إلى جمرة من نار، فيجعلها في يدِه!)) فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طَرَحه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم[19].


3- عن أبي ثعلبةَ الخُشني[20] - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أبصرَ في يدِه خاتمًا مِن ذَهَب، فجعل يقرعه بقضيب معه، فلمَّا غفل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألقاه، فنظر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلم يَرَه في يده فقال: ((ما أرانا إلاَّ قدْ أوجعناك وأغرمناك))[21].


هذه الأحاديث وغيرها تُفيد التحريمَ القاطع الدلالة في أنَّ لُبسَ الذهب حرامٌ على الرجال، وإن كان في بعضها إجمال التحريم، إلاَّ أنَّها محمولة على تحريمه على الرِّجال فقط لحديث: ((أُحِل الذهبُ والحرير لإناث أمتي، وحُرِّم على ذكورها))[22]، فتخرج الناس من عمومات بعضِ هذه الأحاديث.


ذكر الحافظ ابن حجر نقلاً عن القاضي عياض[23] أنَّه قال: "وما نقل عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مِن تختُّمه بالذهب، فشذوذٌ، والأشبه أنَّه لم تبلغْه السنة فيه، فالناس مُجمِعون على خِلافه، وكذا ما روي فيه عن خباب[24]، وقد قال له ابن مسعود: "أما آنَ لهذا الخاتم أن يُلقى؟" فقال: "إنك لن تراه بعد اليوم"، فكأنَّه ما كان بلغه، فَلمَّا بَلَغه رجع"[25].


(ب) وقد كان خاتمُ الذهب مباحًا في البداية حيث لَبِسه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - برهةً من الزمن، ثم حرَّمه تحريمًا قاطعًا لا يدع مجالاً للشكِّ فيه، وممَّا يدلُّ على ذلك الحديث الآتي:

عن عبدالله بن مسعود[26] - رضي الله عنه -: "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - اصطنع خاتمًا من ذهب، فكان يجعل فصَّه في باطن كفِّه إذا لبسه، فصنع الناسُ مثلَه، ثم إنَّه جلس على المنبر، فنزعه فقال: ((إنِّي كنتُ ألبس هذا الخاتم وأجعل فصَّه من داخ، فرمى به ثم قال: والله لا ألبسه أبدًا))، فنبذ الناس خواتيمَهم"[27].


(ج) وقد ثبت إباحةُ الذهب وسائر أنواع الحلي - ما عدَا الحديد - للنِّساء بأدلة من الكتاب والسُّنة:

فمن الكتاب:

1) قوله - تعالى -: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 18]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ ﴾ يتغذي ويتربِّى "في الحلية"؛ أي: حلية الذهب والفضة[28]، "وهو في الخصام" في الكلام "غير مبين": غير ثابتِ الحجَّة، وهنَّ النساء[29]. ففي الآية تقريرُ أمر قد جبلتْ عليه النساء، ألاَ وهو التحلِّي بالذهب والفضة، وحب التزيُّن بما أُبيح لهنَّ من الحلي.


2) قوله - تعالى -: ﴿ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ ﴾ [الرعد: 17]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ابتغاء الحلية" لطلب زينة، وأراد الذَّهب والفضة؛ لأنَّ الحلية تطلب منهما"[30].


هذه الآيات ظاهرها يدلُّ على أنَّ لباس الذهب يجوز للنِّساء عمومًا، كما يدلُّ عليه لفظ "حلية" حيث إنَّه يعم كلَّ ما يُتزيَّن به من مصاغ الذهب والفضة وغيرهن، وكذلك تفاسير العلماء لهذه الآيات، حيث قرَّروا عندها إباحةَ حلية الذهب للنساء.


ومن السُّنة:

1) عن علي بن أبي طالب[31] - رضي الله عنه - قال: أخَذَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حريرًا، فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شِماله، ثم قال: ((إنَّ هذين حرامٌ على ذكور أمتي))، وزاد ابن ماجه[32]: ((حِلٌّ لإناثهم))[33].


2) عن طاوس[34] عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: "شهدتُ العيدَ مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فصلَّى قبل الخُطبة، قال أبو عبدالله: وزاد ابن وهب[35] عن ابن جريج[36] "فأتَى النساءَ فأمرهنَّ بالصدقة، فجعلنَ يُلقين الفتخ[37] والخواتيم في ثوب بلال[38]، وفي رواية: "فجعلت المرأة تصدَّق بخرصها[39] وسخابها[40]"، وفي رواية "فجعلتِ المرأةُُ تلقي قُرطَها"[41].


قال ابن حجر: "قال ابن بطال[42]: الخاتم للنِّساء من جملة الحلي الذي أُبيح لهنَّ" [43].


3) قال البخاريُّ[44] في الترجمة: "وكان على عائشة[45] خواتيمُ الذهب"؛ ذكره معلقًا في صحيحه، ووصله ابن سعد[46] من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب[47] قال: "سألتُ القاسم بن محمَّد[48]، فقال: "لقد رأيتُ – والله - عائشةَ تلبس المعصفر، وتلبس الخواتيمَ الذهب"[49].
وهذا دليلٌ قوي على الإباحة، فإنَّه ليس من المعقول أنَّه لو كان حرامًا لبسُه أن تغفل عنه عائشة - رضي الله عنها - وهي زوجة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عاشتْ معه أكثر حياته في المدينة زمنَ نزول التشريعات.


4) عن أم سلمة[50] - رضي الله عنه - قالت: "كنت ألبس أوضاحًا[51] من ذهب، فقلت: "يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن تُؤدَّى زكاتُه فُزكِّي، فليس بكنز))[52].


فلم ينكر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عليها لُبسَ الأوضاحِ من الذهب، بل أقرَّها عليهنَّ، والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يُقرُّ على منكر، ولكن أخبرها بأنَّ الحلي إذا بلغ النصابَ ففيه الزكاة.


فهذه الأحاديثُ وغيرها تدلُّ دلالة واضحةً على جواز لبسِ الذهب بعمومه، الذي دعاني لذِكْر هذه الأحاديث في إباحةِ لبسِ الذهب أنَّ هناك بعضَ الأحاديث التي جاءت في تحريم لبس الذهب، فأردتُ سردَها بعد هذه الأحاديث المشهورة المستفيضة في الإباحة، وبعد تقريرِ ما عليه جمهورُ أهل العِلم سلفًا وخلفًا من المحدِّثين والفقهاء من إباحة الذَّهب للنِّساء.


ولْنُلْقِ الضوء على هذه الأحاديث التي تُفيد الحُرْمة، وما أجاب به العلماءُ على هذه الأحاديث:

الأحاديث التي جاءتْ في تحريم الذَّهب على النِّساء:

1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أحب أن يُحلِّق حبيبَه بحلقه من نار، فليحلقْه حلقةً من ذهب، ومَن أحبَّ أن يُطوِّق حبيبَه طوقًا من نار، فليطوقْه طوقًا[53] - وفي رواية: فليسوِرْه سوارًا - من ذهب، ولكن عليكم بالفِضة فالعبوا بها))[54].


2- عن ثوبان [55] - رضي الله عنه - قال: "جاءت بنت هبيرة إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي يدِها فتخ من ذهب - أي: خواتيم كبار - فجعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يضرب يدَها بعصية معه يقول لها: ((أُيسُرُّكِ أن يجعلَ الله في يدِكِ خواتيمَ من نار؟!))، فأتت فاطمة تشكو إليها، قال ثوبان: فدخل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على فاطمةَ وأنا معه، وقد أخذتْ من عُنقِها سلسلةً من ذهب، فقالت: هذا أهدى لي أبو حسن؛ تعني: زوجها عليًّا - رضي الله عنه - وفي يدِها سلسلةٌ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا فاطمةُ، أيسرُّكِ أن يقول الناس: فاطمة بنت محمد في يدِها سلسلة من نار؟))، ثم عذمها عذمًا شديدًا[56]، فخرج ولم يقعدْ، فعمدتْ فاطمة إلى السلسلة، فاشترتْ بها نسمة فأعتقتها، فبلغ ذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((الحمدُ لله الذي نجَّى فاطمةَ من النار))[57].


3- عن عائشة - رضي الله عنها -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى في يد عائشة قلبين ملويين من ذهب، فقال: ((ألقيها عنكِ، واجعلي قلبين من فِضَّة، وصَفِّريهما بزعفران[58]))، والقلب: كالسوار؛ ذكره ابن الأثير.


4- عن أمِّ سلمة - رضي الله عنه - زوجِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالت: "جعلتْ شعائر[59] مِن ذهب في رقبتها، فدخل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأعرضَ عنها فقلت: ألاَ تنظر إلى زِينتها فقال: ((عَن زِينتكِ أُعرِض))، قال: زعموا أنَّه قال: ما ضرَّ إحداكنَّ لو جعلت خرصًا[60]، من ورق، ثُم جعلتْه بزعفران[61].


قال ابن القَيِّم - رحمه الله -: "اختلف الناس في هذه الأحاديث، وأُشكِلت عليهم، فطائفة: سلكت بها مسلكَ التضعيف وعلَّلتْها كلَّها.


وطائفة: ادَّعتْ أنَّ ذلك كان أوَّل الإسلام ثم نسخ، واحتجَّت بحديث أبي موسى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أُحِلَّ الذهب والحرير للإناث من أمَّتي، وحُرِّم على ذكورها))؛ قال الترمذي: حديث حسن صحيح[62].


وطائفة: حملتْ أحاديثَ الوعيد على مَن لم تؤدِّ زكاة حُليِّها، فمَن أدتْه فلا يلحقها هذا الوعيد، واحتجُّوا بحديث أمِّ سلمة (حديث الكنز) المتقدِّم.


وطائفة من أهل الحديث: حملتْ أحاديث الوعيد على مَن أظهرتْ حُليَّها وتبرجت بها دونَ مَن تزينت به لزوجها[63].


قال الحافظ المنذري: "هذه الأحاديث تحتمل وجوهًا من التأويل:

أحدها: أنَّ ذلك منسوخٌ، فإنَّه قد ثبت إباحةُ التحلِّي للنساء بالذهب.

ثانيها: أنَّ ذلك في حقِّ من لا يؤدِّي زكاتَه دونَ مَن أدَّاها، ويدلُّ ذلك على هذا حديث أم مسلمة المتقدِّم.

ثالثها: أنَّ ذلك في حقِّ مَن تزينت به وأظهرتْه، ويدلُّ لهذا ما رواه النسائي، وأبو داود عن ربعي بن حراش[64]، عن امرأته، عن أختِ حذيفة: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يا معشرَ النِّساء، أمَا لكنَّ في الفضَّة ما تحلين بها، أمَا إنَّه ليس منكنَّ امرأة تتحلَّى تُظهِره إلاَّ عُذِّبت به))[65]. وأخت حذيفة: اسمها فاطمة.


قال النسائي: "باب الكراهية للنِّساء في إظهار الحلي والذهب"، ثم صدَّره بحديث عقبة بن عامر[66]: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يمنع أهلَه الحِليةَ والحرير، ويقول: ((إنْ كنتم تحبون حِليةَ الجنَّة وحريرَها، فلا تلبسوه في الدنيا))[67].


رابعًا: أنَّه إنَّما منع منه حديث الأسورة (وهو حديث عمرو بن شعيب[68]، عن أبيه، عن جَدِّه: أنَّ امرأة أتتِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومعها ابنةٌ لها وفي يدي ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: ((أتُعطين زكاةَ هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرُّكِ أن يُسوِّرَكِ الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) قال: فخلعتهما فألقتهما إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقالت: هما لله - عزَّ وجلَّ - ولرسوله"[69].


قال الحافظ البيهقي في "السنن الكبرى" بعدما ساق من أحاديثِ الوعيد حديثَ أبي هريرة، وحديث أخت حذيفة، وحديث ثوبان، وحديث أسماء من رواية محمود بن عمرو هذه النصوص بأسانيدها ومتونها: "باب سياق أخبار تدلُّ على الإباحة للنساء"، ثم بعدها ساق بعضَ أحاديث الإباحة قال: "هذه الأخبار وما في معناها تدلُّ على إباحة التحلِّي بالذهب للنِّساء، واستدللْنا بحصول الإجماع على إباحته لهنَّ على نسْخ الأخبار الدالة على تحريمه فيهنَّ خاصَّة"[70].


قال ابن حزْم [71]: والحاكم على كلِّ ذلك؛ (أي: أحاديث الوعيد) هو حديث أبي موسى الأشعري[72]: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله أحلَّ لإناثِ أمَّتي الذهب والحرير، وحرَّمه على ذُكورِها))[73]، وقال: هو أثرٌ صحيح.


ثم استدلَّ بما عند أبي داود[74] عن عبدالله بن عمر[75]: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نهى النِّساء في إحرامهنَّ عن القُفَّازين و... إلخ، قال ابن حزم: أباح رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لهن جميعَ الحلي، ولو كان الذهب حرامًا عليهن لبَيَّنه عليه الصلاة والسلام[76].


قال ابن مفلح الحنبلي[77] - بعدما ذكر المنعَ من لبس الذهب عن أبي هريرة والحسن البصري[78] - قال: "وما يدلُّ لهذا القول من الأخبار يحمل - بتقدير صِحَّتها - على تحريم السابق لصحةِ أحاديث الإباحة وتأخُّرها"[79].


هذه بعض إجابات العلماء على سبيل الإجمال، وسنذكر ما قالوه فيها على التفصيل:

أولاً: من ناحية السَّند:

حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: "جاءت بنت هبيرة إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي يدِها فتخ من ذهب... " الحديث.


قال ابن القطان[80] في هذا الحديث: عِلَّتُه أنَّ الناس قالوا: إنَّ رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام[81] منقطعةٌ عن يحيى.


قال: حدَّثني زيدُ بن سلاَّم، وقد قيل: إنَّه دلَّس ذلك، ولعلَّه كان أجازه زيد بن سلام، فجعل يقول: حدَّثنا زيد. ا.هـ[82]


كما وافق الحافظُ الذهبي في "ميزان الاعتدال" ابنَ القطَّان على أنَّ رواية يحيى عن زيدِ بن سلاَّم منقطعة؛ لأنَّها من كتاب وقع له، وبهذا يتبيَّن تساهل المنذري في تصحيح هذا الحديث، ومِن ذلك كلِّه يتبيَّن أنَّ إطلاق الصحة في هذا الحديث فيه نظر، والله أعلم.


ثانيًا: من ناحية المتن:

قال ابن حزم عن حديث ثوبان - رضي الله عنه -: "أمَّا ضرب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدي بنت هبيرة، فليس فيه أنَّه - عليه الصلاة والسلام - إنَّما ضربَها من أجْل الخواتيم، ولا فيه أيضًا أن تلك الخواتيمَ كانت من ذهب، ومَن زاد على هَذين المعنيينِ في الخبر، فقد كَذَب بلا شكٍّ، وَقَفَا ما لا عِلم له به، وما لم يخبر به الراوي - كلامُه بناء على رواية النسائي التي ليستْ فيها الزيادتان وهما "من الذهب"، و((أيسرُّك أن يجعل في يدكِ خواتيم من نار))، وقد يمكن أن يكون ضربُه يديها؛ لأنَّها أبرزتْ عن ذراعيها ما لا يحلُّ لها إبرازُه، أو لغير ذلك ممَّا هو - عليه الصلاة والسلام - أعلمُ به.


وأما قوله "أيسرُّك أن يقول النِّساء: ابنةُ رسول الله، وفي يدِك سلسلة من نار!))، فظاهرُه الذي لا يُفهم منه سواه أنَّه - عليه الصلاة والسلام - ما أنكر إمساكَها إيَّاها بيدها، ليس في الخبر نصٌّ بغير هذا، ولا دليل عليه، وليس فيه أنَّه نهاها عن لِباسها، ولا عن تملُّكها، والله أعلم لأيِّ وجهة كان إنكارُه، إلاَّ أنَّه ليس فيه ألبته تحريمُ لباسِها، بل فيه نصٌّ أنَّه - عليه الصلاة والسلام - أباح لها ملكها يقينًا بلا شكٍّ؛ لأنَّه جَوَّز بيْعها للسلسلة، وجوَّز للمشتري لها منها شراءها، ولو كان لباسُها حرامًا أو ملكها لم يُجِزْ للذي اشتراه شراءَها، وأمَّا قوله - عليه الصلاة والسلام - إذ بلغه بيعُ فاطمة - رضي الله عنها - السلسلةَ الذهب، وابتياعها بثمنها غلامًا، فأعتقه: ((الحمد لله الذي نجَّى فاطمةَ من النار))، فالذي لا شكَّ فيه أنَّه قد صحَّ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((مَن أعتق رقبةً أعتقَ الله بكلِّ عضو منها عضوًّا من النار حتى يفرحه))، فنحن على يقين من أنَّ الله - تعالى - أنقذَها من النار بعِتْقها الغلامَ، لا من أجل بيْع السِّلسلة[83].


وخلاصة كلامه: أنَّ ضَرْب يدي بنت هبيرة ليس من أجْل الخواتيم، وأنَّ إنكار النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على فاطمة إمساكَها السلسلة بيدها هو لمعنًى الله أعلم به.


وأنَّ الثواب المذكور ليس لبيعها السلسلةَ، بل لإعتاقها الغلامَ الذي أعتقته. اهـ.


وقيل: إنَّه على تقدير صحَّة الحديث، فيُحمل الوعيدُ المذكور فيه على ما كان من الذَّهب ضخمًا، ويُؤيِّده تفسير "الفتخ" في الحديث نفسِه بخواتيم كِبار، وعند البخاري في حديث ابن عبَّاس، قال عبدالرازق: الفتخ: الخواتيم العِظام في الجاهلية"[84].


هذا ما قيل في حديث ثوبان من ناحية السَّند والمتن.


وأمَّا عن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((مَن أحبَّ أن يُحلِّق حبيبَه... إلخ)):

فهذا ما قيل فيه: "هذا ممَّا يُظنُّ أنه ورد في النساء خاصَّة، والصواب أنَّه خاصٌّ بالرِّجال، وذلك من وجهين:

1- أنَّ قوله في الحديث: ((حبيبَه)) يدلُّ على أنَّ المراد به الرجال، وبيانه أنَّ فعيل على وزن حبيب بمعنى مفعول، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث إذا ذُكِر الموصوف كما يقال: رجل قتيل، فإن لم يُذكر الموصوف فُرِّق بينهما نحو قتيل وقتيلة، وهذا معروف في اللُّغة والأصول.


2- قوله في آخر الحديث: ((لكن عليكم بالفِضة)) خطاب بلفظ المذكَّر، وهو لا يتناول النساءَ على الراجح، مع أنَّ دخولهن فيه بطريق التغليب مجازٌ بمنع منه ورودُ الأدلة الصريحة بإباحة الذَّهب لهن، وإذا كان المراد بالحبيب المؤنَّث فلا ارتباطَ لآخرِ الكلام بأوَّله، فتعيَّن أن المراد بالحديث تحريمُ ما ذكر فيه من حُليِّ الذهب على الرِّجالِ خاصَّة، وإباحة الفضة لهم نصًّا، وللنساء من باب أولى؛ لأنَّ الأصل في حقهنَّ الحِل"[85].


وقيل في هذا الحديث: إنَّه عامٌّ، فيشمل النِّساءَ والرجال، أقول: إنَّه لو سلمْنا بأنَّ الحديث عام، وأنَّ لفظ: ((حبيب)) يشملهما فإنَّه يؤدِّي إلى تعارُضِه من حديث أبي موسى الأشعري: ((أحِلَّ الذهب والحرير للإناث مِن أمَّتي... إلخ))، فكيف نجمع بينهما؟ مع أنَّه لا يمكن معرفةُ الناسخ من المنسوخ، ولا نستطيعُ الترجيح لقوَّة الأدلة المتساوية، ولكنَّ الجمع ميسورٌ جدًّا، فلا نتعداه إلى النَّسخ أو الترجيح إن أمكن الجمع، فنقول: حديث أبي هريرة عامٌّ، وحديث أبي موسى مفصَّل، فنَحمِل العامَّ على المفصَّل كما هي القاعدة الأصوليَّة في الشريعة، فيكون التحريم خاصًّا بالرِّجال في حديث أبي هريرة.


قال ابن حزم: "هذا مُجمَل يجب أن يخصَّ منه قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((إنَّ الذهب حرامٌ على ذكور أمَّتي حِلٌّ لإناثها))؛ لأنَّه أقلُّ معانيَ منه، ومستثنى بعض ما فيه.


ويشير ابن حزم إلى قاعدة أصوليَّة قرَّرها في كتابه "الإحكام في أصول الأحكام"، قال في بحثِ التعارض بين النصين: "إذا كان أحدهما أقلَّ معانيَ من الآخر، فالواجبُ أن يُستثنى الأقلُّ من الآخر"[86].


وقال ابن الأثير: "إنَّ ذلك كان قبلَ النسخ، فإنَّه قد ثبت إباحةُ الذهب للنساء"، وذكر كذلك: "أنَّ هذا الوعيد إنَّما هو في حقِّ مَن لا يؤدِّي زكاة الحلي دونَ مَن أدَّاها".


هذا ما قيل حولَ حديث أبي هريرة التي جاءت روايتُه بلفظ: ((حبيبه)) بصيغة التذكير.


وإنَّ ممَّا يشكل في هذا الحديث أن يقال إنَّ المذكورات في الحديث من الحَلْقة والطوق والسوار ليس لبسها من عادة الرِّجال، بل مِن عادةِ النساء، فيدلُّ ذلك على أنَّ المراد بالحديث النِّساء، لا الرِّجال، "وبيان هذا الإشكال أنَّ لبس المذكورات ليس مِن عادة النِّساء وزينتهنَّ الخاصَّة في كلِّ زمان ومكان؛ لأنَّ لكل قوم عادةً في الزينة تتبدَّل بتبدُّل الزمان والمكان، وقد جَرتْ العادة على التحلِّي بتلك المذكورات من عادة النساء دون الرِّجال لزم منه تخصيصُ العموم بالعادات، وهذا ينافي ما تقرَّر في علم الأصول من أنَّه لا يجوز"[87].


وأمَّا عن حديث عائشة - رضي الله عنها -:أنَّ النبي رأى في يدها قلبين ملويين من ذهب فقال: ((ألقيهما عنكِ، واجعلي قلبين من فضَّة وصَفِّريهما بزعفران)).


فالجواب عنه من ناحية سنده: أنَّ النسائي قال فيه بعدما رواه على خِلاف هذا اللفظ: "هذا غير محفوظ".


وأمَّا عن متنه فلا حجَّةَ فيه على تحريم الذهب؛ لأنَّه لم ينصَّ فيه على ذلك، وإنما غاية ما فيه أنَّه رغب أزواجه في لبس الفضة دون الذهب، لا ترك الزينة بالحلية مطلقًا، وعليه فهو تزهيد خاص به، لا تشريع عام.


وعندَ النسائي عن عقبة بن عامر[88]: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يمنع أهلَه الحلية والحرير، ويقول: ((إن كنتم تُحبُّون حليةَ الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا)).


قال السِّندي في حاشيته على النسائي: "الظاهر أنَّه يمنع أزواجَه الحِلية مطلقًا، سواء كانت من ذهب أو فضة، ولعلَّ ذلك مخصوصٌ بهم، ليؤثروا الآخرة على الدنيا، وكذا الحرير"[89].


وأمَّا عن حديث أمِّ سلمة - رضي الله عنها - زوجِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالت: "جعلت شعائر من ذهب... إلخ":

فالجواب عنه كالذي قبله، حيث إنَّه ليس فيه نصٌّ بالتحريم، بل إنَّ فيه الإرشادَ إلى ما هو الأفضل مِن ترْك تلك الزِّينة، وقد كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يمنع أهلَه التوسُّع في كثير من المباحات؛ ليؤثروا الآخرةَ على الدنيا مع أنَّ قول الراوي هو عطاءُ بن أبي رباح[90] فلم يُسندْه إلى أمِّ سلمة، فهو ضعيفٌ، وقد أسنده ليث بن أبي سليم عنه، ولكنْ ليث ضعيف مِن قِبل حِفْظه.


ولقد جاءتْ بعض الأحاديث التي تحرِّم الذهبَ على النساء، ولكنَّها ضعيفة لا يصلح الاحتجاج بها، ولولا خشيةُ الإطالة لذكرْناها، ولكن نكتفي بهذه الأحاديث الأربعة، حيث إنَّها العمدة في تحريم الذَّهب على النساء.


(هـ) قال السيوطي في شرحه على النسائي بعد ذِكْر حديث في تحريم الذهب على النساء: "وهذا منسوخ[91] بحديث: ((إنَّ هذين حرامٌ على ذكور أمَّتي، حِلٌّ لإناثها))، قال ابن شاهين[92] في "ناسخه": كان أوَّلَ الأمر تَلبسُ الرِّجال خواتيم الذهب وغير ذلك، وكان الحظر قد وقع على الناس كلِّهم، ثم أباحه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للنِّساء دون الرِّجال، فصار ما كان على النِّساءِ من الحظر مباحًا لهنَّ، فنَسختِ الإباحةُ الحظر، وحكى النووي في "شرح مسلم" إجماعَ المسلمين على ذلك، وهناك بعضُ الآثار التي يُستدلُّ بها على هذا التحريم، وهو ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في الأثر الذي رواه أحمد عنه: أنَّه كان يقول لابنته: "يا بنيةُ، لا تلبسي الذهبَ، إنِّي أخشى عليكِ اللهب، ولا تلبسي الحريرَ، إنِّي أخشى عليك الحريق"[93][94].


والجواب عن هذا: أنَّ قوله ليس نصًّا صريحًا في تحريم الذهب، فلعلَّه أراد بهذا الزَّجرِ تزهيدَ أهله في الحِلية، كما كان الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفعل ذلك بأهلِه، حيث كان يمنعهم منهما، ويرغبهم في الآخرة.


وكذلك لعلَّه خشي من أن يُلهِيها عن طاعة الله، فتترك ما عليها مِن واجبات لله - تعالى - وفي هذا المعنى جاء عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حديثُ ابن حبَّان في صحيحه[95]، أنَّه قال: ((ويلٌ للنِّساء من الأحمرين: الذَّهب، والمعصْفَر))، وقوله في حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنه - في صلاة العيد: ((تصدقنَ فإنِّي رأيتكنَّ أكثرَ أهل النار))[96]، فالزجر هنا لا مِن أجْل اللبس في ذاته، بل بما قد يؤول إليه من الاشتغال والالْتهاء بالذَّهب والتزيُّن به والتفاخر عن طاعةِ الله وأداءِ واجباته، فيؤدِّي إلى عقابه يومَ القيامة.


وقيل: "ثم إنَّه لو ثبت أنه يُحرِّمه، فمثل هذا لا يثبت به شريعةٌ، كسائر ما يُنقل عن أحدِ الصحابة من جِنس العبادات أو التحريمات، أو غيرها إذا لم يوافقْه نصٌّ صريح.


ولو كان ما نُقِل عنه صحيحًا للزم منه التحريم في الحرير، كالذَّهب على النِّساء، وهذا باطلٌ؛ لأنَّ إباحة الحرير معلومٌ بالضرورة، فالمقدَّم مثلُه"[97].


فعلى ذلك لا تنهض هذه الآثارُ على نقضِ ما ثبت من إجماع على إباحة الذَّهب للنِّساء.


(و) وأمَّا عن حديث معاوية في نهي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن لبس الذهب إلاَّ مقطعًا"[98]:

فقد قيل فيه: إنَّه خاصٌّ بالنِّساء، فلا يحلُّ لهنَّ من الذهب إلاَّ ما كان مقطعًا، وهذا فيه بُعدٌ فيما أعلم، حيث إنَّ المتبادر منه أنَّه يُفيد العمومَ، ولظاهر النص فلا يجوز التخصيص إلاَّ بدليل.


وممَّا يؤيِّد ذلك ما رواه النسائي: أنَّ معاوية قال لبعض الصحابة: "أتعلمون أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نهى عن لبس الحرير؟ قالوا: اللهمَّ نعم، قال: ونهى عن لبس الذهب إلاَّ مقطعًا؟ قالوا: نعم[99].


فذَكَر بجانب تحريم الحرير - وهو المحرَّم - على الرِّجال تحريم الذهب إلاَّ مقطعًا، ومعلوم أنَّ الذهب محرَّم على الرِّجال، وممَّا يدلُّ على أنَّ النهي في الاثنين مختصٌّ بالرِّجال.


وكذلك مما يؤيِّد هذا: قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: "أمَّا باب اللباس، فإنَّ لباس الذهب والفضة يُباح للنِّساء بالاتِّفاق، ويُباح للرِّجال ما يُحتاج إليه من ذلك، ويُباح يسيرُ الفضَّة للزينة، وكذلك يسيرُ الذهب التابع لغيره كالطرز ونحوه في أصحِّ القولين في مذهب أحمد وغيره، فإن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نهى عن لبس الذهب إلاَّ مقطعًا"[100].


فذكر ابن تيمية أنَّ الإمام أحمد - رضي الله عنه - حملَ حديثَ معاوية على الرِّجال، حيث أباح لهم يسيرَ الذَّهب كالطرز ونحوه؛ للاستثناء في الحديث، وأقرَّه على ذلك، وممَّا يدلُّ على موافقة ابن تيمية لأحمد: أنَّه فسَّر المقطَّع بأنَّه التابع لغيره، لا المفرد، قال ابن القَيِّم: "سمعت شيخ الإسلام يقول: حديث معاويةَ في إباحة الذَّهب مقطَّعًا هو في التابع غير المفرد، كالزِّر والعلم نحوه، والمفرد كالخاتم وغيره، وحديث الخريصة؛ [أي قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "من تحلَّى بخريصة كوي به يوم القيامة))][101]، هو في الفرْد كالخاتم وغيره، فلا تعارض بينهما، والله أعلم"[102].


وفي موضِع آخَرَ قال: "وفي يسيرِ الذَّهب في باب اللِّباس – أي: بالنسبة للرِّجال - عن أحمد أقوالٌ:

أحدها: الرُّخصة مطلقًا لحديث معاوية: "نهى عن لبس الذهب إلاَّ مقطَّعًا"، ولعلَّ هذا أقوى من غيره، وهو قول أبي بكر.

الثاني: الرخصة في السلاح فقط.

الثالث: في السيف خاصَّة، وفيه وجهٌ بتحريمه مطلقًا لحديث أسماء "لا يُباح من ذهب ولا الخربصيصة[103] والخربصيصة: عين الجرادة، ولكن هذا قد يحمل على الذَّهب المفرد، كالخاتم دون التابع"[104].


وقد ذكر النَّسائيُّ الحديث في باب: "تحريم الذهب على الرجال" ممَّا يدلُّ على أنَّه يراه خاصًّا بالرجال، وأبيح لهم من ذلك اليسير كالعلم، ونحو ذلك ممَّا ثبت في السُّنة[105]، ويشير إلى حديث معاوية السابق، وقال الشوكاني: "وقوله: نهى عن لبس الذهب إلاَّ مقطَّعًا" لا بدَّ من تقييد المقطَّع بالقدر المعفوِّ عنه، لا بما فوقَه؛ جمعًا بين الأحاديث"[106].


الخلاصة:

نخلص مِن هذا كلِّه إلى أنَّه قد وردتْ أحاديثُ في تحريم الذَّهب على الرِّجال خاصَّة، وكذلك وردتْ أحاديث في تحريم الذَّهب على النِّساء خاصَّة، وأيضًا وردتْ أحاديث في إباحة الذهب للنِّساء خاصَّة، فعلى هذا لم يَرِد في إباحة الذهب للرِّجال شيءٌ إلاَّ ما استُثني في حديث معاوية من المقطَّع الذي حمله بعضُ العلماء على الذهب اليسير كالعلم والزِّر، أو ما هو ضروري، فوجد التعارُض بين أحاديث التحريم، وأحاديث الإباحة بالنسبة للنساء، واختُلف في وجه الجمع بينها، وكلام العلماء لا يخرج عن هذه الوجوه في الجمع أو الترجيح:

الأول: إمَّا أن تُحمل أحاديثُ التحريم على مَن لا يؤدِّي زكاة الحلي من الذهب، وقد دلَّت على هذا بعضُ الأحاديث، وقد يُستبعد هذا الوجه حيث إنَّه لا وجه لتخصيص حلي الذَّهب بالزكاة دون الفِضَّة مع أنَّ الوعيد وارد في الذَّهب والفضة معًا؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ... ﴾ [التوبة: 34].


الثاني: أن تُحمل أحاديثُ التحريم على مَن أظهرتْه وتفاخرتْ به، وقد دلَّ على هذا حديثُ رِبعي بن حراش، عن امرأته، عن أخت حذيفةَ: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يا معشرَ النساء، أمَا لكنَّ في الفضة ما تحلين به؟ أما إنَّه ليس منكنَّ امرأة تحلَّى ذهبًا تُظهره إلاَّ عُذِّبت به))[107]؛ وهو ضعيف.


الثالث: أنَّ أحاديث التحريم منسوخة بالإباحة، وقد يؤيِّده لفظ ((أحل الذهب...))، وهو حديث أبي موسى الأشعري المتقدِّم، فإنَّ اللفظ ينبئ عن أنَّه كان محرَّمًا ثم أصبح حلالاً.


ولكن يعكر على ذلك أنَّ من شروط النسخ معرفةَ المتقدِّم من المتأخر، وهنا لا يعرف تاريخ ذلك.


الرابع: أن تُحمل أحاديثُ التحريم على ما كان من الذَّهب محلَّقًا، وما كان غير محلَّق، فلا حرج بلبسه؛ لحديث معاوية: "نُهِي عن لبس الذهب إلاَّ مقطعًا"، حيث فُسِّر المقطع بما كان غير محلَّق، وقد بينا سابقًا ضعفَ الاستدلال به، حيث أثبتنا أنَّ هذا النهي في الحديث مختصٌّ بالرِّجال، فيكون المستثنى المراد به إمَّا اليسير من الذهب - كما ذهب إلى ذلك جمعٌ من الأئمة؛ كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم وغيرهم - أو يُحمل على ما هو ضروري في استعمالِه.


الخامس: أن تُرجَّح أحاديثُ الإباحة على أحاديث التحريم؛ لكونِها أكثرَ وأشهر وأسند، ومتلقاةً بالقَبول، ولم يدخلها النكير، ولا يتطرق إليها النسخ، ولا الاحتمال، وموافقة للأدلة من الكتاب والسُّنة، والمعقول والإجماع وآثار الصحابة، وهذا الوجه قويٌّ جدًّا.


فقد تبيَّن بعرض أحاديث الإباحة والتحريم على بعض طُرق الترجيح التي ذكرها الفقهاء، وجعلوها قواعدَ لهم في المقارنة بين الأدلة المتعارضة - تبيَّن أنَّ الترجيح وجه مقبول، وإليك هذه الطرقَ:

1- كثرة النصوص.
2- قوَّة السند.
3- كثرة القائلين.
4- موافقة القياس.
5- موافقة القواعد العامَّة.
6- أصحاب البراءة الأصلية.
7- عدم ورود الاحتمال على النص.


فترى في المقارنة بينها على ضَوْء هذه الطرق الآتية:

(1) أنَّ أحاديث الإباحة كثيرة جدًّا، ومشهورة ومستفيضة، بخلاف المحرِّمة، فقد قال الجصَّاص في تفسير قوله - تعالى -: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾ [الزخرف: 18] بعد أن ذكر بعضَ أحاديث التحريم: "الأخبارُ الواردة في إباحة الذَّهب لنساء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أظهرُ وأشهر من أخبار الحَظْر"[108].


(2) أحاديث الإباحة قوَّية السند، لا كلام فيها ولا مطعنَ بخلاف المحرِّمة، فقد تطرَّق لمعظمها الضعفُ - كما تقدَّم.


(3) القائلون بما تُفيده أحاديثُ الإباحة هم الجمهور، بل هو إجماعُ السَّلف من الصحابة والتابعين - كما نقل ذلك جمعٌ الأئمة كابن حجر في الفتح، والنووي في شرحه، وابن تيمية في مجموع الفتاوى، وغيرهم - فلو كان شيءٌ من الذهب محرَّمًا لنُقل إلينا في ذلك شيء، واشتهر بين الصحابة وغيرهم فإنَّهم نَقلوا إلينا أصغرَ المسائل المختلف فيها في الشريعة، كيف وتحريم الذهب أو بعضه من الأمور المُلْفِتة للنظر، والمهمَّة، فكيف لا يُنقل فيها شيء؟!


قال الجصَّاص: "وقد استفاض لبسُ الحلي للنساء مِن لدنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - والصحابة إلى يومنا هذا مِن غير نكير من أحد عليهنَّ".


قال النووي: "أجمع المسلمون على أنَّه يجوز للنساء لبس أنواع الحلي من الذهب والفضة جميعًا، كالطوق والعِقد، والخاتم والسوار، والخَلخال والتعاويذ، والدمالج والقلائد والمخانق، وكل ما يُتَّخذ في العنق وغيره، وكل ما يعتدنَ لبسَه، ولا خلاف في شيءٍ من هذا"[109].


(4) والقول بإباحةِ لبس الذهب للمرأة موافقٌ للقياس والعقل، حيث إنَّ لبسه لهنَّ له من إكمال زينتهنَّ، وما يشعرن به مِن نقص في الجمال، وكما قال بعضُ الشعراء:

وَمَا  الْحَلْيُ   إِلاَّ   زِينَةٌ   لِنَقِيصَةٍ ♦♦♦ تُتَمِّمُ مِنْ حُسْنٍ إِذَا الْحُسْنُ قَصَّرَا

وما يكملن به زينتهن كما يكون بالفِضة واللؤلؤ وغيره، كذلك يكون بالذَّهب من باب أولى؛ لأنَّه أحسن زينةً، وأحلى مِن غيره من المعادن.


فعلى ذلك يكون الذهب - بجميع أشكالِه، وعلى أيِّ شكل صِيغ - حلالاً كلُّه للنِّساء، ولا يحرم عليهنَّ منه شيء، وأمَّا بالنسبة للرِّجال فيحرُم عليهم الذهب كلُّه إلاَّ ما استثناه بعضُ العلماء من اليسير منه، أو ما هو ضروري، على خلاف بينهم.


(5) وأنَّ القول بالإباحة للأحاديث المبيحة يوافق القواعدَ العامَّة المعروفة في الشَّرْع، من أنَّ المرأة فُطِرت على حبِّ التزيُّن والتحلِّي بأنواع الحُلي، وقد قرَّر ذلك القرآن الكريم في قوله - تعالى -: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 18]، والحِلية تشملُ الذَّهب والفِضة - كما فسَّرها غيرُ واحد.


(6) وكذلك فإنَّ الأصلَ في الأشياء الإباحةُ في غير العبادات، ما لم يَرِد دليل صحيح صريح على تحريم ما أباحه الشارع، فقد أباح لنا الكثيرَ من الطيِّبات؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف: 32]، وتحريم الذهب مِن تحريم زينة الله التي أخرج لعباده.

 

(7) أحاديث الإباحة لم يتطرَّق لها احتمالُ الضعف والسُّقوط، بخلاف المحرِّمة فقد تواردتْ عليها الاحتمالات في متونها وأسانيدها، فلا يصلح الاحتجاج بها، والله أعلم.


المبحث الرابع: حكم التحلي بالفضة

المطلب الأول:

قد أباح الشارع التحلِّي بالفضة عمومًا للنساء، ولم يحرِّم عليهنَّ منها شيئًا، وأباح للرِّجال التختُّم بالفضة؛ لِمَا ثبت في السُّنة المطهَّرة من أحاديث تُجيز ذلك، بل يكون لبسُه مسنونًا، قال ابن عربي: "الخاتم عادة في الأمم ماضية، وسُنَّة في الإسلام قائمة"[110]، ويعني: خاتم الفِضة، وقد كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يلبس خاتمَ الفضة، وتختَّم الصحابة في عهده، وأقرَّهم على ذلك، وجاء في ذلك أحاديثُ وأقوالٌ نكتفي بالآتي:

1- عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - اتَّخذ خاتمًا من ذهب، وجعل فصَّه ممَّا يلي كفه، ونقش فيه: "محمد رسول الله"، فاتَّخذ الناس مثلَه، فلمَّا رآهم قد اتَّخذوها رمى به، وقال: لا ألبسه أبدًا، ثم اتَّخذ خاتمًا من فضة، فاتَّخذ الناس خواتيمَ فضَّة، قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعدَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أبو بكر، ثم عثمان حتى وقع مِن عثمان في بئر أريس"[111].

2- عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان خاتمُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من وَرِق، وكان فصُّه حبشيًّا"[112].


قال القرطبي: "أجمع العلماء على جوازِ التختُّم بالفضَّة على الجملة للرِّجال"[113].


المطلب الثاني:

وهناك سؤالٌ وهو: هل يجوز التحلِّي بغير الخاتم من الفِضَّة للرِّجال؟

قال صاحب "الهداية" في الفِقه الحنفي: "إنَّه لا يجوز للرَّجل التحلِّي بالذَّهب والفضَّة إلاَّ بالخاتم والمنطقة وحلية السيف، ثم قال: "وقد جاء في إباحةِ ذلك آثار"[114]، فذكر أحاديثَ إباحةَ خاتم الفضَّة، وأحاديث السيف.


وقال النووي في "المجموع": "وأمَّا الفضَّة، فيجوز للرِّجال التختُّم بها، وهل له ما سوى الخاتم مِن حلي الفضة كالدمالج والسوار والطوق والتاج: فيه وجهان، قطع الجمهور بالتحريم"[115].


وذَكر ابنُ حجر الهيثمي في كتابه "الزواجر": "الكبيرة السادسة بعد المائة: تحلِّي الذَّكَر البالغ العاقل بذهب كخاتم، أو فضَّة غير خاتم"[116]، فعدَّ مِن الكبائر التحلِّي بغير الخاتم من الفضَّة.


قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فأمَّا لباس الفضة: إذا لم يكن فيه لفظ عامٌّ بالتحريم، لم يكن لأحد أن يُحرِّم منه إلاَّ ما قام الدليل الشرعي على تحريمه، فإذا جاءتِ السُّنَّة بإباحة خاتم الفضَّة، كان هذا دليلاً على إباحة ذلك، وما هو في معناه، وما هو أولى منه بالإباحة، وما لم يكنْ كذلك فيحتاج إلى نظر في تحليله وتحريمه"[117].


قال ابن حزم: "والتحلِّي بالفضَّة واللؤلؤ والياقوت حلالٌ في كلِّ شيء للرِّجال والنساء، ولا نخص شيئًا إلاَّ آنية الذهب والفضة فقط، فهي حرامٌ على الرِّجال والنساء؛ لأنَّ الله - عز وجل - يقول: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، وقال - تعالى -: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 119]، فلم يفصِّل الله - تعالى - تحريمَ التحلِّي بالفضة في ذلك، فهي حلال، وقد خصَّ قومٌ بالإباحة حليةَ السيف والمنطقة، والخاتم والمصحف، وهذا تخصيصٌ لا برهان على صحته"[118].


وقد يؤيِّد قول ابن تيمية وابن حزم قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ولكنْ عليكم بالفضَّة فالعبوا بها))[119].


المطلب الثالث:

وأمَّا عن مقدار ما يُتَّخذ من الخاتم، فقال العلاَّمة الشيخ محمد السفاريني الحنبلي: "قال ابن حمدان مِن علمائنا في كتابه "الرِّعاية": ويُسنّ أن تكون زِنةُ الخاتم الفضة دونَ مثقال، وظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب: لا بأسَ بأكثر من ذلك؛ لضعْف خبر بريدة: وهو أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - سُئِل عن الخاتم: من أيِّ شيء أتَّخذُه؟ قال: ((مِن فضَّة، ولا تتمَّه مثقالاً))[120].


وعند فُقهاء الحنفيَّة ينبغي ألاَّ يَزيد الخاتمُ على الدِّرهم، وهو ما يساوي ثلاثةَ جرامات وثلث، ولا دليل عليه، حيث إنَّه لم يأتِ لوزنه تحديدٌ من الشارع - فيما أعلم.


وقال البعض: يُباح للناس من الذَّهب والفضَّة ما جرت عادتهنَّ بلبسه، ولو كثر ولو زاد على ألْف مثقال، كسوار وطوق وخلخال وخاتم وقرْط[121]، والله أعلم.


المبحث الخامس: حكم التحلي بالحديد

المطلب الأول:

ثَبَت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - النهيُ عن لباس حلية الحديد، وذلك في حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما -: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى على بعض أصحابِه خاتمًا من ذهب، فأعرض عنه، فألْقاه واتَّخذَ خاتمًا من حديد فقال: ((هذا شرٌّ، هذا حليةُ أهل النار))، فألقاه فاتَّخذ خاتمًا من وَرِق، فسكت عنه"[122].


فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - جعلَ خاتم الحديد شرَّ حِلية أهل النار، وأخبر أنَّه شرٌّ من الذَّهب، فدلَّ ذلك على تحريم لبسه، حيث إنَّ النهيَ يقتضي التحريم.


قال الخطابي: "إنَّما يُكره خاتم الحديد، وذلك من سهوكته ورِيحه، ويُقال: معنى حلية أهل النار: أنَّه زِيُّ بعض الكفَّار، وهم أهل النار"[123].


المطلب الثاني:

وقد ردَّ على القولِ بتحريم المفهوم من الحديث بحديثِ الصحيحَين: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لرجل خَطَب امرأةً، ليس عنده مهر لها: ((الْتَمسْ ولو خاتمًا من حديد))[124]، فدلَّ على عدم التحريم، أو أفاد الكراهيةَ.


والجواب على هذا الاعتراض: أنَّ هذا ليس نصًّا في إباحة الحديد؛ ولهذا قال ابن حجر: "استُدلَّ به (أي: حديث الصحيحين) على جواز لبس الخاتم الحديد، ولا حجَّة فيه؛ لأنَّه لا يلزم من جواز الاتِّخاذ جوازُ اللبس، فيحتمل أنَّه أراد وجودَه لتنتفع المرأة بقيمته"[125].


وأمَّا ما رواه معيقيب[126] - رضي الله عنه - قال: "كان خاتم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حديدًا ملويًّا عليه فضَّة، قال: "وربَّما كان في يدي، فكان معيقيب على خاتم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم[127].


فهذا لا مخالفةَ فيه لحديث عبدالله بن عمرو؛ ولأنَّه يمكن الجمعُ بينهما بأن يحمل المنع على ما كان حديدًا صرفًا، كما قال الحافظ[128]، على أنَّ القول مقدَّمٌ على الفِعْل، فالأخذُ به أولى من الأخْذ بحديث معيقيب عند تعذُّر الجمع.


وكَرِه ذلك بعضُ الأئمَّة، فقال أحمد في رواية مهنا: "أكره خاتمَ الحديد؛ لأنَّه حليه أهل النار"، والكراهة هنا بمعنى التحريم، وقال في رواية الأثرم، وقد سأله عن خاتم الحديد: ما ترى فيه؟ فذكر حديثَ عبدالله بن عمرو المتقدِّم.


المطلب الثالث:

وأمَّا ما عدا الحديد من الصُّفر[129] والرَّصاص، وإن نَصَّ على كراهية اتِّخاذ الخاتم من ذلك بعضُ العلماء، إلاَّ أنَّه لا دليلَ ثابت في المسألة، وقد ورد حديثُ بُرَيدة: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لرجل لبس خاتمًا من صفر: ((أجِدُ منك رِيحَ الأصنام))، قال: فما أتَّخذُ يا رسول الله؟ قال: ((فضَّة)).


قال ابن مفلح الحنبلي: "إسناد حديث بريدة ضعيف، وقد ضعَّفه أحمد".


المطلب الرابع:

وأمَّا التحلِّي بالعقيق[130]: فلم يثبت فيه عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - تحريمٌ ولا استحباب، قال العلاَّمة السفاريني: "وردتْ عدَّة أحاديث ذكرها الحافظ ابن رجب في كتابه "كتاب الخواتيم"، وأعلَّها كلَّها، قال في كتابه: "ظاهر كلام الأكثر أنَّه لا يُستحب".


قال: "وهو ظاهرُ كلام الإمام أحمدَ - رضي الله عنه - في رواية مهنا، وقد سأله عن السنُّة - يعني: في التختُّم - قال: لم تكن خواتيمُ القوم إلاَّ فضَّة"[131].


وقد جاء في ذلك حديث: ((تختَّموا بالعقيق، فإنَّه مبارك))؛ وهو حديثٌ موضوع، قال العقيلي: لا يثبت في هذا الشيء، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات".


المبحث السادس: ما ورد في فص الخاتم ونقشه والتختم باليمين أو اليسار

المطلب الأول:
وردتْ بعضُ الأحاديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صِفة فصِّ خاتمه:
1- عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان خاتمُه من فضَّة، وكان فصُّه منه"[132].
2- وعنه - رضي الله عنه - أيضًا: "كان خاتمُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من وَرِق، وكان فصُّه حبشيًّا"[133].


فذكر في الحديث الأوَّل: في فصِّ خاتمه كان من فضَّة، وفي الثاني: أنَّ فصَّه كان حبشيًّا، فأوهم التعارض، لكن قال ابن حجر: "ولا تعارُضَ بين الحديثين؛ لأنَّه إمَّا أن يحمل على التعدُّد، وحينئذ فمعنى قوله: "حبشيًّا"؛ أي: كان حجرًا من بلاد الحبشة، أو على لون الحبشة، أو كان جزعًا أو عقيقًا؛ لأنَّ ذلك قد يُؤتَى به من بلاد الحبشة، ويُحتمل أن يكون هو الذي فصه منه، ونُسب إلى الحبشة لصفةٍ فيه؛ إمَّا الصياغة، أو النقش"[134].


المطلب الثاني:

وفي جعل الخاتمِ في باطن الكفِّ أو ظاهرها وردَ حديثُ نافع: أنَّ عبدالله حدَّثه: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - اصطنع خاتمًا من ذهب، وجعل فصَّه في بطن كفيه إذا لبسه...إلخ الحديث [135].


وجاء في حديث آخر من طريق ابن إسحاقَّ، قال: "رأيت على الصلت بن عبدالله خاتمًا في خِنصره اليمين، فسألته فقال: رأيت ابن عباس يلبس خاتمَه هكذا، وجعل فصَّه على ظهرها ولا إخالُ ابنَ عبَّاس إلاَّ ذَكَره عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم[136].


قال الحافظ: "قال ابن بطال: ليس في كون فصِّ الخاتم في بطن الكف أو في ظهرها أمرٌ ولا نهي"[137].


وقال غيره: السر في ذلك أنَّ جَعْله في باطن الكفِّ أبعدُ من أن يُظنَّ أنَّه فعَلَه للتزيُّن به.


المطلب الثالث:

وأمَّا عن نقْش الخاتم، فلا بأسَ به فقد نَقشَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاتمَه، وكان نقشُه "محمد رسول الله" كما ثبت عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - اتَّخذ خاتمًا من فضَّة، ونقش فيه: "محمد رسول الله"، وقال: إني اتَّخذت خاتمًا من وَرِق، ونقشت فيه: "محمد رسول الله"، فلا ينقش أحدٌ على نقشه"[138].


في الحديث جوازُ النقش على الخاتم مطلقًا، وأمَّا نهيُه عن أن ينقش أحدٌ على نقشِه لئلاَّ تفوتَ مصلحةُ نقش اسمه بوقوعِ الاشتراك؛ ذكره الحافظ.


قال الحافظ: "أخرج ابن أبي شيبةَ في "المصنف" عن ابن عمرَ أنَّه نقش خاتمه: "عبدالله بن عمر".


وقال ابن بطال: وكان مالك يقول: مِن شأن الخلفاء والقضاة نقشُ أسمائهم في خواتمهم، وأخرج ابنُ أبي شيبة عن حُذيفةَ وأبي عُبَيدةَ أنَّه كان نقش خاتم كلِّ واحد منهما: "الحمد لله" وعن علي - رضي الله عنه -: "الله الملك".


وعن إبراهيم النَّخَعي: "بالله"، وعن مسروق: "باسم الله"، وعن أبي جعفر الباقر: "العزة لله"، وعن الحسن والحسين قالاَ: لا بأسَ بنقش ذِكْر الله على الخاتم.


قال النووي: وهو قول الجمهور [139].


المطلب الرابع:

أمَّا عن التختُّم باليمين أو اليسار، فقد وردتْ عدَّة أحاديثَ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في التختُّم باليمين، وكذلك باليسار، واختلفت تلك الأحاديثُ اختلافًا لا يمكن الترجيح بينها، ولكن وَفَّق العلماء بينها بأقوال ذَكَرها الحافظ في "الفتح"، فمن الأحاديث في تختُّمه باليمين:

1- عن أنس - رضي الله عنه -: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتختَّمُ في يمينه"[140].

2- عن أبي سلمةَ بن عبدالرحمن: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتختَّم في يمينه"[141].

3- عن حمَّاد بن سلمة قال: "رأيت ابنَ أبي رافع - عبدالله بن أبي رافع - مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسألتُه عن ذلك، فقال: رأيتُ عبدالله بن جعفر يتختَّم في يمينه، وقال عبدالله بن جعفر: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتَختَّم في يمينه"[142].

4- عن ابن شِهاب الزهري عن أنس: "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لبس خاتمَ فضَّة في يمينه، فيه فصٌّ حبشيٌّ، كان يجعل فصَّه مما يلي كفَّه"[143].


ومما ورد في تختُّمه باليسار:
1- عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان خاتمُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذه، وأشار إلى الخِنصر من يده اليُسرى"[144].
2- عن ابن عمر - رضي الله عنه -: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتختَّم في يساره، وكان فصُّه في بطن كفِّه"[145].
3- قال الدارقطني وغيره: "المحفوظ أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتختم في يساره"[146].


وقيل: إنَّ ما قاله الدارقطني هو في خصوص حديث معيَّن لا على العموم، وإلاَّ فأحاديث تختمه باليمين - عليه الصلاة والسلام - أصحُّ وأكثر، وبعضُها في الصحيحين[147].


وورد عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنَّه لبس أولاً في يمينه، ثم حوَّلَه في يساره، واستدل له بما أخرجه أبو الشيخ، وابن عدي في رواية عبدالله بن عطاء عن نافع عن ابن عمرَ: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تختَّم في يمينه، ثم إنَّه حوَّله في يساره"، وهذا مرسل أو معضل، وقد جَمَع البغويُّ في "شرح السُّنة" بين ذلك فقال: تختَّم أولاً في يمينه، ثم تختَّم في يساره، وكان ذلك آخرَ الأمرين.


وقال النوويُّ في "شرح مسلم": "أجمع الفقهاءُ على جواز التختُّم في اليمين، وعلى جوازِه في اليسار، ولا كراهةَ في واحدة منهما، واختلفوا أيتهما أفضل، فتختَّم كثيرون من السَّلف في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحبَّ مالكٌ اليسارَ، وكَرِه اليمين، وفي مذهبنا وجهان لأصحابنا، الصحيح أنَّ اليمين أفضلُ؛ لأنَّه زينة، واليمين أشرفُ وأحق بالزينة والإكرام"[148].


قال السيوطي: "قال ابن أبي حاتم: سألتُ أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك، فقال: لا يَثبتُ هذا، ولكن في يِمينه أكثر"[149]، وممَّا يؤيِّد أفضلية اليمين ما ثَبَت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن استحبابِه التيامُنَ في جميع أموره من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُعجِبُه التيمُّنُ في تنعُّلِه وترجُّلِه وطُهوره، وفي شأنه كلِّه"[150].


والحقُّ ما قاله النووي مِن أنَّه يجوز التختُّم في الجميع، والأفضلية لليمين؛ لِمَا سبق، ولكثرة الأحاديث في ذلك، والله أعلم.


المطلب الخامس:

ويُكره وضْعُ الخاتم في السبَّابة والوسطى؛ للنهيِ الصحيح؛ فعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: "نهاني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن أجعلَ خاتمي في هذه السبابةَ، أو التي تليها"[151].


المبحث السابع: اتخاذ السِّن والأنف من الذهب

ذَكَر أبو داود في سُننه: "باب ربط الأسنان بالذَّهب"، وذكر فيه عن عبدالرحمن بن طرفة: "أنَّ جَدَّه عرفجة بن أسعدَ قُطِع أنفُه يومَ الكلاب[152]، فاتخذ أنفًا مِن وَرِق، فأنتنَ عليه، فأمَرَه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاتَّخذ أنفًا مِن ذهب"[153].


قال الخطَّابي: "في الحديث إباحةُ استعمال اليسير من الذهب للرِّجال عند الضرورة، كربط الأسنان به، وما جَرَى مجراه"[154].


قال النووي: "ويُستثنى من التحريم في الذَّهب على الرِّجال: أنَّه يجوز لِمَن قُطِع أنفه اتخاذ أنف من ذهب، وإن أمكنَه اتخاذُه من فضَّة، وفي معنى الأنفِ السِّنُّ والأنملة، فيجوز اتخاذهما ذهبًا بلا خِلاف"[155].


قال الزَّيلعي: "وقد رُوي عن جماعة من السَّلف أنَّهم شَدُّوا أسنانهم بالذَّهب، وفي هذا الحديث حُجَّة لهم، ثم ذكر بعضَ الآثار، ومنها:

1- روى الطبراني في "معجمه" عن سعدان، قال: رأيتُ أنس بن مالك يطوف به بنوه حولَ الكعبة على سواعدِهم، وقد شَدُّوا أسنانَه بذهب.

2- روى ابنُ سعد في "الطبقات": "أنَّ ابنَ شِهاب سُئِل عن شدِّ الأسنان بالذَّهب، قال: لا بأسَ به، ربط عبدُالملك بن مرْوان أسنانَه بالذهب "[156].


فالآثار مع الحديث تدلُّ على جواز اتِّخاذ السِّن والأنف من الذَّهب للضرورة فقط؛ لأنَّ الذَّهب في أصلِه محرَّم.


قال صاحبُ "الفتح الربَّاني": "إنَّ ما يفعله الناس الآنَ مِن اتِّخاذ السِّن أو كسوته بالذهب لأجْل الزِّينة، فإنَّ ذلك حرامٌ لا يجوز فِعلُه؛ لأنَّه فيه تغييرٌ لخلق الله - عزَّ وجل - وقد تَعالَى بعضُهم في ذلك من رجال ونساء، حتى صاروا يخلعون السِّنَّ السليم الصحيح، ويستبدلونَه بسنٍّ من ذهب؛ لأجل الزِّينة"[157].


الفصل الثاني: زكاة الحلي واختلاف الفقهاء فيها
المبحث الأول: تصوير المسألة المختلَف فيها

اتَّفق الفقهاءُ جميعًا على وجوب زكاة الحُلي الذي لا يجوز اتِّخاذُه كالخاتم من الذهب للرَّجل وغيره؛ أي: المحرَّم اتخاذُه ولبسُه، وكذلك لو كان معدًّا للكِراء أو النفقة، أو مُعدًّا للتجارة، وكذلك لو كان غيرَ مستعمل إذا بلغ نِصابًا وزنًا.


وهذه نصوص المذاهب في ذلك:

1- الحنفية: قال في "الهداية": "في تِبر[158] الذَّهب والفِضَّة وحليهما وأوانيهما الزكاةُ"، [159]" فعمَّم في حلي الذَّهب والفضة، مباحًا أو غير مباح، مستعملاً كان أو غيرَ مستعمل.


2- المالكية: قال مالك: "مَن كان عنده تِبر وحُليٌّ من ذهب أو فضة لا ينتفع به في لبس، فإنَّ عليه الزكاةَ في كلِّ عام"[160].


3- الشافعية: قال الشافعي: " ولا زكاةَ في خاتم رجُل من فضَّة، ولا حلية سيفه ولا مصحفه ولا منطقته إذا كان من فضَّة، فإن اتَّخذه من ذهب، أو اتَّخذ لنفسه حليَّ المرأة، أو قلادةً أو دملجين، أو غيره مِن حليِّ النساء، ففيه الزكاة؛ لأنَّه ليس له أن يتختَّم ذهبًا، ولا يلبسه في مِنطقة، ولا يتقلَّدَه في سيف ولا مصحف...."[161].


4- الحنابلة: قال في "المغني": "وليس في حلية المرأة زكاةٌ إذا كان ممَّا تلبسه أو تُعيرُه، وقال في الشَّرح: فأمَّا المعدُّ للكَرْي والنفقة إذا احتِيج إليه، ففيه زكاة... إلخ"[162].


وبهذا تكون قد اتَّفقت أقوالُ المذاهب الأربعة في زكاة الحليِّ غير المباح، أو المباح غير المستعمَل، وأمَّا الذي اختُلِف في زكاته فهو الحلي المباح المستعمل، فهذه هي المسألة المختلَف فيها بين الأئمَّة والفقهاء على قولين، سنذكرهما في المبحث التالي.


المبحث الثاني: أقوال الفقهاء في زكاة الحلي المباح المستعمل

اختلف الفقهاء في زكاة الحُليِّ المباح المستعمل على قولين:

القول الأول: تجب الزكاةُ في عموم الحلي، لا فَرْقَ عندهم في الذَّهب والفضة بين الحلي وغير الحلي، وبين المحرَّم والمباح، والمستعمل وغير المستعمل، وهذا قول الحنفية وقد تقدَّم.


وهناك رواية عن الشافعي، قال النووي في "المجموع" فيه قولان في المذهب:

أ - لا تجب فيه الزكاة: لِمَا رُوي عن جابر عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا زَكاةَ في الحلي))، ولأنَّه معدٌّ للاستعمال المباح، فأشبه العواملَ من الإبل والأبقار.

ب - تجب فيه الزكاةُ، واستخار اللهَ فيه الشافعيُّ، واختاره لحديث عمرةَ بن شعيب في المسكتان.


ورواية في مذهب الحنابلة: قال في "المغني": "ظاهر المذهب أنَّه ليس فيه الزَّكاة، ثم قال: وذكر ابنُ أبي موسى روايةً أخرى أنَّ فيه الزكاة.


فهاتان الروايتان في المذهب الشافعي والحنبلي توافِق قول الحنفية.


القول الثاني: لا زَكاةَ في الحلي المباح المستعمل، وهذا قولُ المالكيَّة، وهناك روايتان أيضًا في المذهب الشافعي والحنبلي توافِق هذا المذهبَ وقد تقدَّم ذِكرُها[163].


فحاصل تلك الأقوال أنَّ في المسألة قولَين رئيسين، وهما:
1- القول بالوجوب للأحناف، ورواية عن الشافعي وأحمد.
2- القول بعدم الوجوب للمالكية، ورواية عن الشافعي وأحمد.


فأصبحتِ الأقوالُ شبهَ متعادلة، وكلاهما استدلَّ بنصوص وآثار، وقياس ولغة، وسنذكُر أدلةَ الفريقين في المبحث التالي.


المبحث الثالث: أدلة الفريقين من النصوص والآثار واللغة والقياس

أولاً: أدلة القائلين بوجوب الزكاة:

أ - من النصوص:

1- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه: أنَّ امرأة أتتْ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتِها مَسَكتانِ غليظتان مِن ذهب، فقال لها: ((أَتُعطين زكاةَ هذا؟))، فقالت: لا، قال: ((أَيَسرُّك أن يُسوِّرَك الله بهما سوارين من نار؟!)) فخلعتهما فألقتهما إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقالت: هُما لله - عزَّ وجلَّ - ولرسوله[164].


ففي الحديث: التصريحُ بوجوب الزكاةِ في الحليِّ، حيثُ تَوعَّدها بأن يُسوِّرها الله يومَ القيامة بسوارين من نار، إذا لم تؤدِّ زكاته.


2- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخل عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فرأى في يدي فتخات من وَرِق، فقال: ((ما هذا يا عائشة؟))، فقلت: "صنعتُهنَّ أتزيَّن لك يا رسول الله، قال: ((أتؤدِّين زكاتهنَّ؟))، فقلت: ((لا، أو ما شاء الله))، قال: ((هو حسبُك مِن النار))[165]، قال الصنعاني في "سبل السلام": "والحديث دليلٌ على وجوب الزكاة في الحلية".


3- عن أمِّ سلمة - رضي الله عنها - قالت: "كنتُ ألبس أوضاحًا من ذهب فقلت: "يا رسولَ الله، أكَنْزٌ هو؟" فقال: ((ما بلغ أن تُؤدَّى زكاتُه، فزُكِّي فليس بكَنْز))[166].


فالحديثُ يدلُّ على أنَّ الحلي إذا بلغ نصابًا، ففيه الزكاة الواجبة.


هذه بعضُ النُّصوص التي احتجَّ بها القائلون بالوجوب، وهي ما بين صحيح وحسن وضعيف، وهي وإن كان في أكثرِها مقالٌ؛ أي: إلا إنَّها تصلح للاستشهاد بها،وتؤكِّد المعنى الذي في الحديث الأوَّل والثاني.

 

ب - من الآثار:

1- عن عمرَ - رضي الله عنه - أنَّه كتب إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنْ مُرْ مَن قِبلك من نِساء المسلمين أن يُزكينَ حُليهنَّ، ولا يجعلنَ الزِّيارة بينهنَّ تعاوضًا"[167].

2- عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: "لا بأسَ بلبس الحُليِّ إذا أعطيتْ زَكاته"[168] وهذا يُقوِّي روايتَها المرفوعة سابقًا في الفتخات.

3- عن عبدالله بن مسعود أن امرأته سألته عن حلي لها فقال: "إذا بلغ مائتي درهم، ففيه الزكاة، قال: أضعها في بني أخ في حجري؟ قال: نعم"[169].

4- عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أنَّه كان يزكِّي حليَّ نسائه وبناته، وعنه عدة روايات[170].


وقد قال بزَكاة الحُلي طائفةٌ من السَّلف، فقهاءُ ومحدِّثون، منهم: مجاهد، وعطاء، وطاوس، وجابر بن زيد، وميمون بن مهران، وعبدالله بن شداد، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، والحسن؛ ذَكَر أقوالَهم أبو عبيده في كتابه "الأموال" بأسانيدها[171]، وذَكَر الصنعانيُّ بعضَها في مصنَّفه[172].


قال الزهريُّ: "مضتِ السُّنة في أنَّ في الحلي زكاةً".


الأخبار والآثار التي جاءت في زكاة الحلي لَيستْ لإثبات حُكم ابتداءً، لا أصلَ له، بل إنَّ أصلَ الحكم موجودٌ بنصوص متواترة وإجماع من الأمَّة، وهو أصل وجوب الزَّكاة في عموم الذَّهب والفِضَّة.


ج - من القياس:

1- قياس الحلي على المسكوك والمسبوك بجامع أنَّ الجميع نَقدٌ.

2- ما ذكره ابن رشد[173] في سبب الاختلاف في زكاةِ الحلي هو: تردُّد شبه الحلي بين العُروض، وبين التبر والفضة، اللتين المقصود بهما المعاملةُ في جميع الأشياء.


فمَن شبَّهه بالعُروض التي المقصود بها المنافعُ أوَّلاً قال: ليس فيه زكاة، ومَن شبَّهه بالتِّبر والفضة المقصود منهما المعاملة بها أوَّلاً قال: فيه زكاة[174].
"أي: قياس الحلي بالتِّبر والفضة بجامع الشَّبه الموجود بينهما في المعاملة، فنجد أنَّ شبهَ الحلي بالنقدين في المعاملات أقوى مِن شبهه بالمتاع، بدليل أنَّه لو بيع بالنقدين وجبتِ المساواة والقبض بخلاف ما إذا بِيع بالمتاع"[175].


د - من اللغة:

"أنَّ لفظ الذَّهب والفضَّة يشملُ الحليَّ والنقد، والتِّبر وغيرَه، وقد جاء الوعيدُ فيمَن لا يؤدِّي زكاة الذهب والفِضَّة في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما مِن صاحب كَنْز..))، وقوله: ((ما مِن صاحبِ ذَهبٍ ولا فِضَّة لا يؤدِّي زكاتَه إلاَّ إذا كان يوم القيامة صُفِح له صفائحُ من نار، فيُكوى بِها جَبينُه وجنبُه... إلح"[176].


ثانيًا: أدلة القائلين بعدم الوجوب:

أ - من النصوص:

استدلوا بحديث جابر - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((ليس في الحلي زكاةٌ))[177].


ب - من الآثار:

1- ما رواه مالك في "الموطأ" عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه: أنَّ عائشة - رضي الله عنها - كانت تَلِي بناتِ أخيها (يتامَى في حجرها) لهنَّ الحلي، فلا تُخرِج من حليهنَّ الزكاة [178].

وعن أبي عُبيد من طريق إبراهيم بنِ المغيرة قال: "سألتُ القاسمَ بن محمَّد عن زكاة الحلي، فقال: "ما رأيتُ عائشةَ أمرَتْ به نساءَها ولا بناتِ أخيها"، وهو مِن أقواها سندًا.

2- ما رواه مالك في "الموطأ" عن نافع، عن عبدالله بن عمر: "أنَّه كان يُحلِّي بناتِه وجواريه، ثم لا يُخرج مِن حُليهنَّ زكاة" [179]، وقال البعض: إنَّ زكاته مرَّة واحدة لا غيرها.


ج- من القياس (استدلوا بثلاثة أنواع من الأقيسة):

1- قياس العلَّة: قاسوا الحليَّ من الذهب والفضة على الحليِّ من اللؤلؤ والياقوت بجامع الاستعمال.


2- قياس العكس: وبيانه أنَّ العُروض لا تجبُ في عينها الزكاة، فإذا قُصِد بها التجارة والنماء وجبتْ فيه الزكاة، عكس العين (الذهب والفضة)، فإنَّ الزكاة واجبةٌ في عينها، فإذا قُصِد بها التحلِّي، وصيغت حُليًّا وانقطع عنها قصْدُ التنمية - صارتْ لا زكاةَ فيها، وتعاكستْ أحكامُها؛ لتعاكسهما في العلَّة.

 

3- قياس الشبه: وهو تردُّد شبه الحلي بين العروض، وبين التِّبر من الذهب والفضَّة.


فمَن شبَّه بالعروض التي المقصود بها المنافع أوَّلاً قال: ليس فيه زكاة، ومَن شبَّه بالتبر من الذهب والفضة التي المقصود منها المعاملة بها أولاً: قال فيها الزكاة، وهم شبَّهوا الحليَّ بالعروض والأمتعة بجامع الاستعمال والاقتناء، وجعلوه كالعوامل مِن البقر والإبل المستعملة، لا زكاةَ فيها؛ لأنَّها غير مُرْصَدة للنماء"[180].


د - من اللغة:

قال أبو عبيدةَ في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا بلغتِ الرِّقَة خمسَ أواق، ففيها ربع عشر)): "قد خصَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالصَّدقة الرِّقَة من بين الفضَّة، وأعرض عن ذِكْر ما سواها، فلم يقل: ((إذا بلغت الفضة كذا، ففيها كذا))، ولكنَّه اشترط الرَّقة من بينها، ولا نعلم هذا الاسمَ في الكلام المعقول عندَ العرب يقع إلاَّ على الوَرِق المنقوشة ذات السكة السائرة بين الناس، وكذلك الأواقي ليس معناها إلاَّ الدَّراهم" [181].
وذلك يعني أنَّ الحليَّ المصوغ لا زكاةَ فيه، حيثُ إنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - خصَّ مِن بين الفضَّة الرِّقَة، وهو الورق المنقوش، ففيه الزكاةُ، وما عداه لا زكاةَ فيه، وكذلك لأنَّ لفظ "الرِّقَة" لا يطلق عند العرب إلاَّ على الورق المنقوش.


المبحث الرابع: مناقشة الأدلة والترجيح

المطلب الأول:

أولاً: مناقشةُ القائلين بعدم وجوب الزكاةِ في الحلي لِمَن قال بالوجوب ومناقشتهم في النقاط الآتية:

1- حديث عمرو بن شُعَيب: فإنَّه يُفيد وجوبَ الزكاة في الحليِّ، عندما كان الحليُّ محرَّمًا في أوَّل الإسلام، وقالوا: "هذا الحديث لا نعلمه يُروى إلاَّ من وجه واحد بإسناد قد تكلَّم الناس فيه"[182].


2- وإن صحَّتِ الأحاديثُ التي استدلَّ بها على وجوب الزَّكاة: "فهي محمولةٌ على أنَّ المراد بالزكاة فيها العارية، كما فسَّرها سعيد بن المسيب[183]، والشعبي[184]، والحسن في قولهم زكاة عاريته[185].


3- لو كانتِ الزكاة في الحليِّ فرضًا كفَرْض الرِّقَة ما اقتصر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من ذلك على أنَّه يقول لامرأة يخصُّها به عند رؤيته الحليَّ عليها دونَ الناس، ولكان هذا كسائر الصدقات الشائعة والمنتشرة عنه في العالم في كُتبِه وسُنَّته[186].


المطلب الثاني:

ثانيًا: مناقشة مَن قال بالوجوب لِمَن قال بعدم الوجوب وردودهم، وهي في النقاط الآتية:

1- ما استدلوا به من النُّصوص لا تقوم به الحُجَّة، ولا تقوى على معارضة أدلتنا الكثيرة الصحيحة من النُّصوص والآثار، فحديثُ جابر أكثر الرواة - بل كلُّهم - رَوَوْه عنه موقوفًا، إلاَّ ابن الجوزي، فلا يصحُّ مرفوعًا، وليس هناك ما يؤيِّده من الأحاديث ويشهد له، ولأنَّه لم يَسلمْ من الطَّعْن في سنده، ومناقشة أحد رواته، وهو عافية بن أيوب[187]، حيث لم يقم الدليل على ما يُوجِب توثيقَه، فالاستدلال به ساقط.


2- ما رواه ابنُ القاسم عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - وهو من أقوى ما استدلوا به سندًا، فقد رواه القاسم عن عائشة بلفظين: فمرَّة قال: "فلا تُخرج زكاة حليهنَّ" بالجزم.

ومرَّة قال: "ما رأيتُها أَمرَت نساءَها ولا بناتِ أخيها".

فإذا حملت رواية "لا تُخرج" على رواية "ما رأيتها"، فإنَّ عدم الرؤية لا يكون دليلاً على عدم الإخراج، بل ربَّما أخرجتْه هي بنفسها دونَ أن يراها أحد"[188].


ثم إنَّه ثبت عنها حديثٌ مرفوع في الوجوب - كما سبق - وثبت عنها فتواها بما يوافِق الحديث بالوجوب كذلك، فعَلَى فرْض صحة فِعلها، وأنَّها لا تؤدِّي الزكاة، فالحجة فيما روتْ وأفتتْ، لا في فِعلها.


3- أمَّا عن أثر عبدالله بن عمر، فسندُه كذلك قويٌّ، حيث رواه مالك، عن نافع، عنه: "أنَّه كان يُحلِّي بناته وجواريه، ثم لا يخرج مِن حليهن الزكاة"[189]، ولكن هذا فعلُ صحابي لا يقاوم عمومَ الكتاب، وخصوص السُّنَّة، وآثار صحابة آخرين، كذلك ما روي عن جابر[190] وأسماء[191] وأنس، فهي معارضةٌ لِمَا هو أقوى منها، ومعارضة لآثار صحابةٍ آخرين.


4- قولهم: إنَّ المراد بالزكاة العارية.

"فلا يشهد لهذا الوضْع لغةٌ ولا عُرفٌ، ولا اصطلاح شرعي"، ثم إنَّه صَرْف للفظ عن ظاهره الراجحِ إلى مرجوح، والعارية قد تكون لغِني عن الزكاة، لا تجب إلاَّ للفقراء، ولو كان المعنى الإعارة لسأل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: هل تُعيرينَه أم لا؟ والرسول أُمِر بتبيين ما أُنزِل إليه من ربِّه"[192].


5- وأمَّا قولهم في حديث عمرو بن شعيب: إنَّه يُفيد وجوبَ الزكاة في الحلي عندما كان محرَّمًا في أوَّل الأمر.

فهذا تأويل ساقط، حيث إنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقرَّهم على لبسه عندما أمرَهم بالزكاة فيه، وهو لا يُقرُّ على محرَّم.


6- قولهم: إنَّ هذا الحديثَ لا نعلمه يُروى إلاَّ من وجه واحد بإسناد قد تكلَّم فيه الناس.

يُجاب عليه بأنَّ هذا الحديث قد ثَبت من طريق صحيح عندَ النسائي، وأمَّا طُرقه عند الترمذي، فهي ضعيفة، فلعلَّهم أرادوا طريقَ الترمذي، وغفلوا عن طريق النسائي الصحيح.


7- قولهم: لو كانت الزكاة في الحلي فرْضًا كفرْض الرِّقَة، ما اقتصر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أن يقولَه لامرأة يخصُّها به عند رؤيته الحليَّ عليها دون الناس.


فأجيب عليه بأنَّ "أصل الوجوب موجودٌ في عموم الذهب والفضَّة مِن الكتاب كقوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ...} [التوبة: 34]، مع انضمامها إلى حديث أمِّ سلمةَ في تفسير الكنز، فقد فهمتْ أُمُّ سلمة من عموم الآية أنَّ الحليَّ قد يدخل في هذه الآية، فدعوى اقتصار البيان ضعيفةٌ، أما تخصيصه بامرأة، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يخصَّ هذه المرأة بذلك، فقد قال مثل ذلك لعائشةَ وأمِّ سلمة - كما تقدَّم [193].


8- أمَّا ردُّهم على الأقيسة، فالآتي:

القياس الأول: وهو قياس العلَّة، حيث قاسوا الحلي من الذهب والفضة على الحلي من اللؤلؤ والياقوت بجامع الاستعمال.
فأجيب عليه: "بأنَّه قياس مع الفارق؛ لأنَّ أصلَ الحلي من اللؤلؤ والياقوت ليس مالاً زكويًّا اتفاقًا، بعكس أصل حليِّ الذهب والفضة فهو مال زكويٌّ اتِّفاقًا، فأصلهما متباين، ففروعهما تكون كذلك"، ثم إنَّه فاسدُ الاعتبار، حيث لا قياس مع النصِّ لوجود النصوص التي أثبتها المحدِّثون، سواء في أصْل الحلي من الذَّهب والفضة، أو في عين الحليِّ - كما تقدَّم.


أمَّا القياس الثاني: وهو قياس العكس، فهو ضعيفٌ عند الأصوليِّين، حيث إنَّ النصوص جاءت في زكاة عموم الذهب والفضَّة، سواء كان للتنمية أو لغيره، وسواء كان مستعملاً كحلي، أو غير مستعمل، فقَيْد التنمية لا دليلَ عليه، كما أنَّ قَيْد السوم في الغنم والإبل له أصل من السُّنَّة"[194].


وأما القياس الثالث: "وهو قياس الشبه، وهو تردُّد فرع بين أصلين مختلفين، حيث تردَّد الحليُّ من شبهه بين المتاع والنقد.

فقالوا: إنَّ جانبَ شبه الحليِّ بالنقد أقوى من جانب شبهه بالمتاع؛ لأنَّنا نجد حكمَهما (أي: الحلي والنقد) في البيع أو الرِّبويَّات واحدًا، فإذا بيع حليٌّ بجنسه وجَب الحلول والمساواة والقبض، ولا يوجد هذا الاعتبارُ فيما لو بيع الحليُّ بغيره مِن سائر الأمتعة"[195].

9- وأجابوا عمَّا استدلوا به من اللُّغة مِن أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد خصَّ بالصدقة من الفِضة الرِّقَة، ولا يُعلم هذا الاسم يطلق عندَ العرب إلاَّ على الورق المنقوشة، مع أنَّ قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما مِن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدِّي زكاتَه.... إلخ)) الحديث[196] يردُّ قولَهم بلا شكٍّ، فإنَّ هذا العموم يشتمل على الوَرِق والحلي وغيرهما.


ثم إنَّ هذا القول ملزم لأصحابه، حيث إنَّهم يروْن الزكاة في الحلي المُكسَّر، والمحرَّم لبسُه، وليس هو بوَرِق ولا دنانير، وقد أوجبوا فيه الزكاة"[197]، فلم يسلم للقائلين بعدمِ الوجوب دليلٌ يُتمسَّك به، ولا أثر يُحتجُّ به، ولا قياس معتَبر يُعتمد عليه، فهذه أدلة الفريقين واختلافهم ومستند كل منهم، وقد تعارضتِ الأدلة كما رأينا.


المطلب الثالث:

معلومٌ عند الفقهاء أنَّه إذا تعارضتِ الأقوال وتأيَّد كلُّ قول بدليل، فإمَّا أن يُصار إلى الجمع بين الأدلة، وإذا لم يمكن، فإنه يُصار إلى الترجيح.


والجمْع يكون عندَ تعادُلِ الأدلة قوَّةً وضعفًا، وأمَّا الترجيح، فعند تفاوت الأدلة في القوَّة، والأقوى هو الراجح إذا لم يُمكن الجمع، ولم يثبت النسخ.


ومسألتنا هذه لا يمكن ادِّعاء الجمع فيها؛ لأنَّنا نجد التفاوت البعيدَ بين قوَّة أدلة الطرفين، حيثُ توجد للموجبِين عدَّةُ أحاديثَ مرفوعة مؤيَّدة بآثار وقياس لغةٍ، صالحة كلُّها للاحتجاج بها، ولا يوجد للقائلين بعدم الوجوب إلاَّ حديث واحد مختلَف في رَفْعه، والأكثرون على وقْفِه، فضلاً عن خلافهم في سندِه مع بعض الآثار والقياس.


ولا يوجد في المسألةِ نسخٌ، وقد ادَّعى البعضُ أنَّ فيها نسخًا، وهو أنَّ الزكاة كانت واجبةً حين كان لبسُ الذهب محرَّمًا، وهذا القول ساقطٌ، وبعيد عن الصِّحة كما أسلفنا[198].


فلم يبقَ إلاَّ الترجيح، والترجيح له طُرق كثيرة؛ وهي:

1- كثرة النصوص.
2- قوَّة السند.
3- موافقة القياس.
4- موافقة القواعد العامَّة.
5- النقل عن البراءة الأصليَّة إلى حُكم جديد.
6- كثرةُ القائلين.
7- المخرَج من العُهدة والمبرِّئ للذمة.


وبعرض أدلَّة الفريقين على هذه المرجِّحات نجد الآتي:

1- كثرة النُّصوص في جانبِ القائلين بالوجوب، وأمَّا مخالفوهم فليس لدَيهم إلاَّ نصٌّ واحد، مع الطَّعن في سندِه.
2- قوَّة السند: فأحاديثُ القائلين بالوجوب أقوى سندًا من أحاديثِ مخالفيهم، بل حديثُهم الوحيد مطعون فيه، والراجح أنَّه موقوف على جابر.
3- موافقة القياس: فقد رأينا في قياس الشَّبه أنَّ الحلي أقوى شبهًا بالأصل - وهو النقدان - منه بالمتاع؛ لاستصحابِه حكمَ النقدين في البيع والرِّبا، والنقدان فيهما الزكاة، فيكون في الحلي زكاة.
4- موافقة القواعد العامَّة: نرى القول بالوجوب موافقًا لعموم إيجاب الزَّكاة في جنس الذَّهب والفضة غير الحلي المباح المستعمل، بينما القول بعدم الوجوب يُبعِدُه عن أصله.
5- القول بالوجوب ناقلٌ عن البراءة الأصلية إلى حُكمٍ جديد هو إيجاب الزكاة.
6- أمَّا كثرة القائلين، فقد تقدَّم أنَّ الأقوال شبه متعادلة، لكن بيان البيهقي لوجه استخارة الشافعيِّ وتوقُّفِه يوجب ترجيحَ كِفَّة القائلين بالوجوب.
7- القول بالوجوب هو المخرج من عُهدةِ الواجب، والمبرِّئ للذِّمَّة من وعيد الكتاب والسُّنة [199].


قال الخطَّابيُّ: "الظاهر من الكتاب يشهد لقول مَن أوجبها والأثرُ يؤيِّده، ومَن أسقطها ذهب إلى النظر، ومعه طَرَف من الأثر، والاحتياطُ أداؤُها"[200].


وبالنظر في هذه المرجِّحات، يتبيَّن لنا أنَّ القولَ الراجح في هذه المسألة، الذي تشهد له النصوصُ والآثار والقياس واللُّغة: هو القولُ بالوجوب في زكاة الحُليِّ المباح المستعمل، كما تجب في غيره، ولا فَرْق، والله أعلم.


المبحث الخامس: فوائد تتعلق بهذا الباب

المطلب الأول:

ما ذكرناه مِن وجوب الزَّكاة في الحُلي إنَّما هو في حُليِّ الذهب والفضة، وأمَّا غير حلي الذهب والفضة، كاللؤلؤ والمَرْجان، والزبرجد والْمَاس والياقوت، ونحو ذلك من الأحجار، فلا زكاةَ فيها باتِّفاق الفقهاء إلاَّ إذا اتُّخِذت للتجارة، ففيها الزكاة، حيث تُقوَّم ويُخرَج رُبعُ العُشْر من قيمتها، وهذا ما عليه الجمهور، ما عدَا الظاهريَّةَ.


المطلب الثاني:

من المناسِب أن نذكرَ - بعدما عرفنا أنَّ في الحلي زكاةً - نِصابَ الذهب والفضة الذي تجب فيه الزكاة، ومقدار الزكاة:

أقول: نصاب الذهب - سواء كان نقدًا أم تِبرًا أم حُليًّا - عشرون دِينارًا؛ كما ثَبت في حديث عمرِو بن شعيب: ((ليس في أقلَّ من عشرين مثقالاً من الذهب، ولا في أقلَّ من مائتي درهم - صدقة))[201] وفي راوية: ((ليس في أقلَّ من عشرين دِينارًا....))، فنصابُه عشرون دينارًا، والدِّينار زِنةُ اثنتين وسبعين حَبَّة شعير[202]، وزنةُ الاثنين والسبعين شعيرة بالجِرامات ثلاثةُ جرامات ونِصف جرام، فإذا ضربت ذلك في عشرين دينارًا صارت سبعين[203] جرامًا، وهي نِصاب الذهب، فمَن ملك هذا المقدارَ ملكًا تامًّا، وحال عليه الحَوْلُ، وَجَب عليه زكاتُه، وهي رُبُع العُشْر، جرام وثلاثة أرباع؛ إذ في أربعين جرامٌ، وفي الثلاثين ثلاثةُ أرباع جرام.


وعليه؛ فمَن كان عنده من الذهب - حليًّا كان أو عُملة - ما يُساوي قيمةَ سبعين جرامًا من الذهب، فقد وجب فيه الزكاةُ، فيزكِّي ما عنده بنسبة ربع العُشْر؛ أي: اثنين ونصف في المائة، إذا حال عليه الحَوْل، والأمر ميسور في ذلك، فما عليه إلاَّ أن يأتي بائعَ الذهب، ويسأله عن قيمة سبعين جرامًا من الذهب، فإذا أعلمه بها، نَظَر فيما يملك هل يبلغ هذا النِّصاب؟ فإذا كان كذلك، فيزكِّيه، وإذا لم يكن فلا زكاةَ فيه.


وزيادةً في التوضيح؛ يُنظر في الجدول التالي في مقدار نصاب الذهب، ومقدار زكاته:

الدينار وزنه بالشعير وزنه بالجرام النصاب بالدينار قَدره بالجِرام الواجب فيه بالجرام
1 72 3.5 20 70 1.75

 

وذلك أنَّنا لَمَّا عَرْفنا أنَّ الدينار الشرعي زنته 72 حبة شعيرة، ووزنَّاها فوجدناها ثلاثةَ جرامات ونصفًا، وضربناها في عشرين - نصاب الذهب - فوجدناها سبعين جرامًا، فعَلِمْنا أنَّه نصاب الذهب، وبما أنَّ الواجب هو رُبع العُشْر، ففي الأربعين جرامٌ، وفي الثلاثين جرام إلاَّ رُبُعًا، وهو الواجب في السبعين جرامًا - نصاب الذهب.


نصاب الفضة - سواء كان مضروبًا، أو غير مضروب، مصوغًا أو غيره -: خمسُ أواقٍ؛ لقولِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس فيما دونَ خمْس أواقٍ صدقة))[204].


والأوقية أربعون درهمًا، فإذا ضُرِب الأربعون في خمس - عدد الأواقي - كان الحاصل مائتي درهم، وهو نِصابُ زكاة الفِضة بالدَّراهم، والدِّرهم إحدى وخمسون حبَّة شعير، ووزنها بالجِرامات جرامان وثلاثة مِن عشرة (2.3)، فإذا ضُرِبت في مائتين - عدد الدراهم - كان الحاصلُ أربعَمائة وستِّين جرامًا، وهو نِصاب الفضَّة بالجرامات، والواجب فيه رُبُع العُشْر، كالذهب سواء بسواء.


وعليه؛ فمَن ملك أربعَمائة وستِّين جرامًا من الفضة ملكًا تامًّا، وحال عليها الحَوْلُ، وجب عليه زكاتُه بربع العشر، وهو أحدَ عشرَ جرامًا، ومَن ملك أقلَّ من نصاب الفضَّة، فلا زكاةَ فيها عليه.


وزيادة في التوضيح؛ ينظر في الجدول في بيان مِقدار نِصابِ الفضَّة ومقدار زكاتها:

الدرهم وزنه بالشعير وزنه بالجرام النصاب بالدينار قدره بالجرام الواجب فيه بالجرام
1 51 2.3 200 460 11.5

 

وذلك أنَّنا لَمَّا عرفنا أنَّ الدرهم الشرعيَّ زنتُه إحدى وخمسون حبَّة شعير، ووزنَّاها فوجدناها جرامين وثلاثة عشر، وضربناها في مائتين - نصاب الفضة بالدرهم - فوجدناها أربعَمائة وستين جرامًا، فعلمنا أنَّه نصاب الفضة، وبما أنَّ الواجب هو رُبُع العشر، ففي الأربعمائة عشرة جِرامات، وفي الستِّين جرام ونصفُ جرام، وهو الواجب في الأربعمائة والستِّين جرامًا - نِصاب الفضَّة[205].

 

الخاتمة
خلاصة البحث

ممَّا سبق يتبيَّن ما توصَّلْنا إليه من خلال البحث في الفصلين السابقين، فقد تعرَّفْنا على أحكام حِلْية الذهب، وحُرمِته على الرِّجال، إلاَّ ما استُثني في قول بعضِ العلماء، وإباحته مطلقًا للنِّساء.


وكذلك حِلْية الفِضَّة وإباحتها للنِّساء مطلقًا، والخاتم للرِّجال، والخلاف في غير الخاتم، وذكرناه في موضعه، وحُرمة خاتم الحديد على الجميع، وجواز غيرِ الحديد؛ لعدم ورود الحديث الصحيح في تحريمها.


وتعرَّفْنا على صِفة نقْش الخاتم وفصِّه، واستحباب التختُّم باليمين، وجواز شدِّ الأسنان بالذهب والفضة للحاجة، هذا خلاصة الفصل الأول.


وأمَّا عن الفصل الثاني، فقد عَرفْنا ما اتَّفق عليه الفقهاء من وجوب الزَّكاة في الحلي المعطَّل، والمحرَّم اتِّخاذُه ولبسُه، وأنَّهم اختلفوا في الحلي المباح المستعمل على فريقين، ذكرْنا أقوالَهم وأدلتَهم، وتعارضها ومناقشتها، وتوصَّلْنا إلى ترجيح القول بالوجوب؛ للأدلة الصحيحة الصريحة من السُّنة والآثار، واللُّغة والقياس.


وذكرْنا في آخِرِ البحث فوائدَ في باب زكاة الحلي، حيث عرفنا أنَّ الزكاة التي في الحلي هي في حليِّ الذهب والفضة فقط، وأمَّا ما عداهما، فلا زكاةَ فيها إلاَّ إذا اتُّخِذت للتجارة.


وعرفْنا أخيرًا نِصابَ الذهب والفضة اللَّذين تجب فيهما الزكاة المفروضة.


هذا آخِرُ ما وفَّقنا الله - تعالى - إليه في هذا الموضوع، ونسألُه – تعالى - أن يُعلِّمَنا ما ينفعُنا، وينفعَنا بما علَّمَنا، إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه، وصلَّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.


مراجع البحث
(أ)

1- القرآن الكريم.


(ب) - التفسير

2- القرطبي: "الجامع لأحكام القرآن"، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت.
3- الجصَّاص: "أحكام القرآن"، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت.
4- السيوطي: "الدر المنثور"، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت.


(ج) - السنة

5- الإمام محمد بن إسماعيل البخاري: "صحيح البخاري"، ط. در إحياء التراث العربي، بيروت.
6- الإمام مسلم بن الحجاج القُشيري: "صحيح مسلم"، ط. عيسى البابي الحلبي، مصر.
7- أبو داود السِّجستاني: "سنن أبي داود"، (5 أجزاء، طبع دار الحديث أقليول، سورية).
8- أحمد بن شعيب النسائي: "سنن النسائي"، دار الفكر، بيروت.
9- أبو عيسى الترمذي: "سنن الترمذي"، مصطفى البابي الحلبي، مصر.
10- أبو عبدالله القزويني: "سنن ابن ماجه"، دار الفكر، مصر.
11- أحمد بن حنبل: "مسند أحمد"، المكتب الإسلامي.
12- ابن حجر العسقلاني: "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، دار الفكر، مصر.
14- النووي يحيى بن شرف الدين: "صحيح مسلم بشرح النووي"، دار المعرفة.
15- المنذري والخطابي: "مختصر سنن أبي داود ومعالم السنن"، دار المعرفة، بيروت.
16- المباركفوري: "تحفة الأحوذي بشرح الترمذي"، الهند.
17- أحمد البنا الساعاتي: "الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني"، دار إحياء التراث، بيروت.
18- محمد الزرقاني: "شرح الزرقاني للموطأ"، دار المعرفة، بيروت.
19- شمس الحق العظيم آبادي: "عون المعبود بشرح سنن أبي داود"، الهند.
20- الدارقطني: "سنن الدارقطني"، الناشر: عبدالله هاشم يماني العدني.
21- أبو نعيم الأصبهاني: "أخبار أصبهان"، ليدن 1934م.
22- عبدالرزاق الصنعاني: "المصنف"، المجلس العلمي، الهند.
23- السفاريني: "شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد"، المكتب الإسلامي.
24- ابن الأثير: "جامع الأصول"، مطبعة الملاح.
25- المنذري: "الترغيب والترهيب"، ط. دار الحديث، القاهرة.
26- الشوكاني: "نيل الأوطار"، دار الجيل، بيروت.
27- الأمير الصنعاني: "سُبُل السلام"، دار إحياء التراث، بيروت.
28- ابن دقيق العيد: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"، دار الكتب العلمية، بيروت.
29- الجيلاني: "فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد"، مطبعة المدني، القاهرة.
30- الزيلعي: "نصب الراية"، المجلس العلمي.
31- الألباني: "إرواء الغليل"، المكتب الإسلامي.
32- الذهبي: "ميزان الاعتدال"، دار المعرفة، بيروت.
33- ابن حجر العسقلاني: "تقريب التهذيب"، دار المعرفة، بيروت.


(د) الفقه

34- ابن همام الحنفي: "فتح القدير على شرح الهداية"، ط. مصطفى الحلبي.
35- النووي أبو زكريا محيي الدين بن شرف: "المجموع"، ط. دار الفكر، بيروت.
36- ابن قدامة: "المغني"، المطبعة اليوسفية، مصر.
37- ابن حزم: "المحلى"، دار الفكر، مصر.
38- ابن تيمية: "مجموع الفتاوى"، طبعة السعودية.
39- ابن تيمية: "الفتاوى الكبرى".
40- ابن مفلح الحنبلي: "الآداب الشرعية".
41- أبو عبيدة: "كتاب الأموال"، دار الفكر، مصر.
42- السيوطي: "الحاوي للفتاوي"، دار الكتب العلمية، بيروت.
43- ابن حجر الهيثمي: "الزواجر عن اقتراف الكبائر"، طبع دار الشعب، القاهرة.
44- ابن رشد: "بداية المجتهد"، دار المعرفة، بيروت.
45- أحمد بن حنبل: "الزهد"، طبع دار الكتب العلمية، بيروت.
46- ابن حزم: "الإحكام في أصول الأحكام"، مطبعة العاصمة، القاهرة.
47- عبدالعزيز المحمد السلمان: "الأسئلة والأجوبة الفقهية".
48- عطية سالم: "زكاة الحلي".
49- أبو الجود الأعظمي: "مقال دراسة في حلية الذهب والفضة إباحة وحظرًا"، المجلة السلفية - العدد الثامن - الهند.
50- إسماعيل الأنصاري: إباحة التحلِّي بالذهب.
51- الألباني: "آداب الزِّفاف"، طبع المكتب الإسلامي، سوريا.
52- أبو بكر الجزائري: "الجمل في زكاة العمل".


(هـ) اللغة

53- الفيروز آبادي: "القاموس المحيط"، ط. عالم الكتب، بيروت.
54- ابن الأثير: "النهاية في غريب الحديث"، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق: محمود محمد الطناحي.
55- جمال الدين ابن منظور: "لسان العرب"، دار المعارف، مصر.


[1] "النهاية" لابن الأثير، (1/435)، باب: الحاء مع اللام.
[2] "القاموس المحيط" (4/319)، "حلا".
[3] أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - خدَمَه عشر سنين، مات سنة 92هـ، وقد جاوز المائة؛ "التقريب"، (ص: 15).
[4] أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد الكناني العسقلاني، المصري المولد والدار والوفاة، وُلِد سنة 773هـ، وتوفي 852، وهو محدِّث أديب شاعر، ومؤرخ؛ "معجم المؤلفين" (2/20 - 21).
[5] أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي، ولد 319هـ، وتوفي 388هـ، وهو محدِّث، لغوي، فقيه، وأديب؛ "معجم المؤلفين" (2/61).
[6] "فتح الباري" (10/325).
[7] أبو الفضل العراقي: عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي، المصري، الشافعي، محدِّث حافظ، فقيه أصولي، وُلِد سنة 725، وتوفي سنة 806هـ؛ "معجم المؤلفين" (5/204).
[8] محمَّد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك السلمي، الترمذي، أبو عيسى، صاحب الجامع، أحد الأئمة، من الطبقة الثانية عشرة، مات سنة تسع وسبعين؛ "التقريب" (ص: 500)، رقم (6206).
[9] المرجع السابق نفسه.
[10] أبو الفتح اليعمري: هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد فتح الدين، الريعي، ابن سيِّد الناس، أبو سعد الحافظ، ولد سنة 670، وتوفي في ربيع الأول 728هـ؛ "الدرر الكامنة" (4/335)، رقم (4437).
[11] المرجع السابق نفسه.
[12] الفتح (10/317).
[13] النووي: يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الدمشقي الشافعي، فقيه، محدِّث، حافظ، لغوي، له "روضة الطالبين "، وُلِد سنة 631، وتوفي سنة 677هـ؛ "معجم المؤلفين" (8/202).
[14] أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري - بالنون والجيم - المدني، القاضي، قيل: إنَّه يكنى أبا محمد، ثقة، عابد من الطبقة الخامسة، مات سنة 120هـ؛ "التقريب" (ص: 624)، رقم (7988).
[15] "شرح صحيح مسلم" للنووي، (14/65).
[16] صُدي - بالتصغير - ابن عجلان، أبو أمامة، صحابي، مشهور، سكن الشام، ومات بها سنة 86هـ، أخرج له الجماعة؛ "التقريب" (ص: 276)، رقم (2923).
[17] أخرجه أحمد في المسند (5/161)، عن عبدالله بن عمرو، عن عبدالله بن عمرو.
[18] أخرجه مسلم في (كتاب اللِّباس والزِّينة - باب تحريم الخاتم الذهب على الرجال)، انظر "صحيح مسلم بشرح النووي" (14/65).
[19] أخرجه مسلم في (كتاب اللباس والزينة - باب تحريم الخاتم الذهب على الرجال)، انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" (14/65).
[20] أبو ثعلبة الخشني - بضم المعجمة، وفتح الشِّين بعدها النون - صحابي، مشهور بكنيته، مات سنة خمس وسبعين؛ "التقريب" (ص: 627)، رقم (8006).
[21] أخرجه النسائي (8/171)، وأحمد (4/195)، وأبو نعيم في أخبار "أصبهان" (1/200)، أخرجه النسائي عن الزهري عن أبي إدريس مرسلاً وقال: إنَّه أوْلى بالصواب، ولكن الحافظ وصَلَه في "الفتح"، فقال: رواه يونس، عن الزهري، عن أبي إدريس، عن رجل له صُحبة (10/317).
[22] لفظه عن علي بن أبي طالب قال: "أخذ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شِماله، ثم قال: ((إنَّ هذين حرام على ذكور أمتي))؛ أخرجه أبو داود (4/330)، وابن ماجه، وزاد: ((حِلٌّ لإناثهم)) (2/1189).
[23] عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليَحصُبي السبتي، أبو الفضل، عالِم المغرب، وإمام أهل الحديث في وقته، كان من أعلم الناس بكلام العرب، وأنسابهم، وأيَّامهم، ولد سنة 476هـ، وتوفي سنة 544هـ؛ "الأعلام" (5/99).
[24] خبَّاب - بموحدتَين الأولى مثقَّلة، ابن الأرت التميمي، أبو عبدالله، شهد بدرًا، ومات بها سنة سبع وثلاثين؛ "التقريب" (ص: 192)، رقم (1698).
[25] "الفتح" (10/317).
[26] عبدالله بن مسعود بن غافل - بمعجمه وفاء - ابن حبيب الهذلي، أبو عبدالرحمن، من السابقين الأوَّلين، ومن كِبار العلماء من الصحابة، مناقبه جمَّة، وأمَّره عمرُ على الكوفة، مات سنة اثنين وثلاثين، أو التي بعدَها بالمدينة، أخرج له الجماعة؛ "التقريب" (ص: 323)، رقم (3613).
[27] أخرجه مسلم في (كتاب اللباس والزينة - باب تحريم الخاتم الذهب على الرجال)، انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" (14/65).
[28] عزاه السيوطي لعبد بن حميد؛ "الدر المنثور" (6/15).
[29] القرطبي (15/71).
[30] مقال دراسة في حلية الذهب، أبو الجود الأعظمي؛ "المجلة السلفية"، الهند.
[31] علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عمِّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وزَوْج ابنته، ومِن السابقين الأوَّلين، وأوَّل من أسلم، وهو أحدُ العشرةِ المبشَّرين بالجنة، مات سنة أربعين وله ثلاث وستون سنة؛ "التقريب" (ص: 402)، رقم (4753).
[32] محمود بن زيد الربعي القزويني، أبو عبدالله بن ماجه، صاحب السنن، أحد الأئمَّة، حافظ، صنَّف السُّنن، والتفسير، والتاريخ، ومات سنة ست وسبعين، وله أربع وستون؛ "التقريب" (ص: 514)، رقم (6409).
[33] أخرجه أبو داود (4/330)، 26- كتاب: اللباس، 14- باب: في الحرير للنساء (4057)، وابن ماجه (4/179) 32- كتاب: اللباس، 19- باب: لبس الحرير والذهب للنساء (3595).
[34] طاوس بن كَيْسان اليماني، أبو عبدالرحمن الحميري، مولاهم الفارسي، يقال: اسمه ذكوان، وطاوس لقب، ثقة، فقيه، فاضل، من الثالثة، مات سنة 106هـ؛ "التقريب" (ص: 281)، رقم (2009).
[35] عبدالله بن وهب بن معلم القرشي، مولاهم، أبو أحمد المصري، الفقيه، ثقة، حافظ عابد، من الطبقة التاسعة، مات سنة سبع وستين، وله اثنتان وسبعون سنة، أخرج الجماعة؛ "التقريب" (ص: 328)، رقم (3694).
[36] عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج الأموي مولاهم، المكي، ثقة، فقيه، فاضل، وكان يُدلِّس، من السادسة، مات سنة خمسين أو بعدَها، وقد جاز السبعين، وقيل: جاز المائة، ولم يثبت، أخرج له الجماعة؛ "التقريب" (ص: 363)، رقم (4193). 
[37] الفَتخ: بفتح الفاء: الخواتيم الكِبار، وعند البخاري في حديث بن عباس: "قال عبدالرازق: الخواتيم العِظام في الجاهلية".
[38] أخرجه البخاري (كتاب اللباس - باب الخاتم للنساء)، انظر: "فتح الباري" (2/300).
[39] الخرص: في "القاموس": الخرص - يُضم ويكسر -: حلقة الذهب والفضة (2/300).
[40] السخاب: هو خيط ينظم فيه خرز، ويلبسه الصبيان والجواري؛ "النهاية" لابن الأثير (2/349).
[41] القُرْط: قال ابن حجر: "هو ما يُحلَّى به الأذن، ذهبًا كان أو فِضَّة، صرفًا أو مع لؤلؤ وغيره"؛ "الفتح" (10/331).
[42] علي بن خلف بن عبدالملك بن بطال البكري، القرطبي، المالكي، يعرف بابن اللجام أبو الحسن، محدِّث فقيه، توفي في آخر يوم من صفر سنة 449هـ؛ "معجم المؤلفين" (7/87).
[43] "فتح الباري" (10/331).
[44] محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، أبو عبدالله البخاري، جبل الحفظ، وإمام الدنيا في فقه الحديث، من الطبقة الحادية عشر، مات سنة مائتين وست وخمسين في شوال، وله اثنان وستون سنة؛ "التقريب" (ص: 468)، رقم (5727).
[45] عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقًا، وأفضل أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ خديجة، ففيها خلاف شهير، ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح؛ "التقريب" (ص: 750)، رقم (7633).
[46] محمد بن سعد بن منبع الهاشمي مولاهم، البصري، نزيل بغداد، كاتب الواقدي، صدوق، فاضل، من الطبقة العاشرة، مات سنة 230هـ، وهو ابن اثنتين وستين؛ "التقريب"، (ص: 480)، رقم (5903).
[47] عمرو بن أبي عمر، ميسرة، مولى المطلب، المدني، أبو عثمان، ثقة، من الطبقة السادسة، "التقريب" (ص: 427)، رقم (5114).
[48] القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة، أحد فقهاء المدينة، قال أيوب: ما رأيتُ أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومائة على الصحيح؛ "التقريب" (ص: 451)، رقم (5489).
[49] الفتح (10/320).
[50] هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم المخزومية، أم سلمة، أم المؤمنين، ماتت سنة اثنتين وستين؛ "التقريب" (ص: 754)، رقم (8694).
[51] الأوضاح: جمع وضح بفتحتين، وهو نوع من حُلي الفضَّة، سُمِّي بذلك لبياضه، ولكنَّه هنا مستعملٌ فيما عمل من ذهب، وقيل إنَّه خلاخل، الفتح الرباني (9/22).
[52] أخرجه أبو داود (2/122)، والبيهقي (4/140)، قال الترمذي: حسن غريب، وصحَّحه الحاكم، قال ابن عبدالبر: سنده جيد؛ انظر: "عون المعبود" (2/5).
[53] أخرجه أبو داود (4/436)، كتاب الخاتم، باب: ما جاء في الذهب للنساء (4235)، وأحمد في المسند (2/334 - 378).
[54] أخرجه البيهقي (4/140) كتاب: الزكاة، باب: سياق أخبار تدلُّ على تحريم التحلِّي بالذهب.
[55] ثوبان الهاشمي، مولى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صحبه ولازمه، ونزل بعده بالشام، ومات بحمص، سنة أربع وخمسين؛ "التقريب" (ص: 134)، رقم (858).
[56] عذمها: لامها وعنفها: العذم: الأخْذ باللِّسان واللوم؛ "لسان العرب" (4/2867)، عذم.
[57] أخرجه أحمد (8/158)، والحاكم (3/153) كتاب معرفة الصحابة، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. 
[58] أخرجه النسائي في "الكبرى" (5/436) كتاب الزِّينة، باب: الكراهية: للنساء في إظهار الحلي والذهب (9444).
[59] شعائر: هو جمع شعيرة، وهي ضرب من الحُلي على شكل الشَّعير؛ "الفتح الرباني مع شرحه" (17/260).
[60] الخَرْص: هي الحلقة الصغيرة من الذهب والفضة تُحلَّى بها الأذن؛ "النهاية" (2/22)، باب الخاء مع الراء.
[61] أخرجه أحمد (6/315).
[62] أخرجه الترمذي (4/217) كتاب: اللباس باب: ما جاء في الحرير والذهب (1720).
[63] "تهذيب سنن أبي داود" لابن القيم (6/126).
[64] ثقة، عابد، مخضرم، من الطبقة الثانية، مات سنة مائة؛ "التقريب" (ص: 205)، رقم (1879).
[65] أخرجه أبو داود (4/11810) كتاب: الخاتم، باب ما جاء في الذهب للنساء (4237).
[66] عقبة بن عامر الجهني، صحابي مشهور، ولي إمرة مصر لمعاوية سنين، وكان فقيهًا فاضلاً، مات في قرب الستين؛ "التقريب" (ص: 395)، رقم (4641).
[67] أخرجه النسائي - كتاب: الزينة - باب الكراهية للنساء في إظهار الحلي والذهب (8/146)، الإمام أحمد في المسند (6/455، 460).
[68] عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة 118هـ؛ "التقريب" (ص: 423)، رقم (5050).
[69] أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/55، 4600).
[70] "الترغيب والترهيب" المنذري (3/136- 141).
[71] على بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن سفيان بن يزيد الفارسي، الأندلسي، القرطبي، اليزيدي، أبو محمد، فقيه، أديب، أصولي، حافظ، متكلم، أديب مشارك في التاريخ، ولد سنة 384هـ وتوفي سنة 56؛ "معجم المؤلفين" (7/16).
[72] عبدالله بن قيس بن سليم بن حضار، أبو موسى الشعري، صحابي مشهور، أمره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، مات سنة خمسين؛ "التقريب" (318)، رقم (3542).
[73] أخرجه النسائي (8/190)، كتاب: الزينة 76- باب: تحريم لبس الذهب. 
[74] أخرجه أبو داود (4/1736) كتاب: اللباس - باب: من كرهه.
[75] عبدالله بن عمر بن الخطَّاب العدوي، أبو عبدالرحمن، ولد بعد المبعث بيسير، وهو أحد المكثرين من الصحابة والعبادلة، وكان من أكثر الناس اتِّباعًا للأثر، مات في سنة ثلاث وسبعين؛ "التقريب" (ص: 315)، رقم (3490).
[76] "السنن الكبرى للبيهقي" (4/140، 141، 142) كتاب الزكاة، باب: سياق أخبار تدلُّ على تحريم التحلي بالذهب.
[77] إبراهيم بن عبدالله بن محمد بن مفلح، ولد سنة 884هـ؛ "معجم المؤلفين" (1/100).
[78] الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه يسار - بالتحتانية والمهملة - الأنصاري، مولاهم، ثقة، فقيه فاضل، مشهور، وكان يُرسل كثيرًا ويُدلِّس، مات سنة عشر ومائة، وقد قارب التسعين؛ "التقريب" (ص: 160)، رقم (1227).
[79] "تهذيب سنن أبي داود" لابن القيم (6/126).
[80] يحيى بن سعيد بن فَرُّوخ - بفتح الفاء، وتشديد الراء المضمومة، وسكون الواو، ثم معجمة - التميمي، أبو سعيد، البصري، ثقة متقن، حافظ، من كِبار التاسعة، مات سنة 98هـ، وله ثمان وسبعون؛ "التقريب" (ص: 591)، رقم (7557).
[81] زيد بن سلاَّم بن أبي سلام: ممطور الحبشي، ثقة، من السادسة؛ "التقريب" (ص: 223)، رقم (2140).
[82] "تهذيب سنن أبي داود" لابن القيم (6/126).
[83] "المحلَّى" (10/84، 85)، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/429).
[84] من مقال "دراسة في حلية الذهب، أبو الجود الأعظمي" (ص: 40).
[85] المرجع السابق نفسه.
[86] "الإحكام في أصول الأحكام" (2/152).
[87] من مقال "دراسة في حلية الذهب" أبو الجود الأعظمي.
[88] عقبة بن عامر الجهني، صحابي جليل؛ "التقريب" (ص: 393)، رقم (4620).
[89] "حاشية الإمام السِّندي" على "شرْح سنن النسائي"؛ للسيوطي، (8/156)، والحديث أخرجه النسائي عن عقبة بن عامر (8/156)، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
[90] عطاء بن أبي رَباح - بفتح الراء والموحدة - واسم أبي رباح: أسلم، القرشي مولاهم، المكي، ثقة، فقيه، فاضل، لكنَّه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة أربع عشرة على المشهور، وقيل: إنَّه تغيَّر بأخرة، ولم يَكثُر ذلك منه؛ "التقريب" (ص: 391)، رقم (4590).
[91] "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص: 445، 446).
[92] الإمام العالِم الحافظ أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، وُلِد سنة 279هـ، وثَّقه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر الخطيب، وأبو نصر ابن ماكولا، وتوفي سنة 385هـ.
[93] "شرح السيوطي على النسائي" (8/157).
[94] أخرجه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: 153) عن أبي هريرة - رضي الله عنه.
[95] (13/307)، 48- كتاب - الرهن 1- باب: ما جاء في الفتن (5968).
[96] أخرجه ابن حبان (8/115 الإحسان)، 11- كتاب: الزكاة 9- باب: صدقة التطوع (3323).
[97] من مقال "دراسة في حلية الذهب.."، أبو الجود الأعظمي؛ "المجلة السلفية"، الهند.
[98] أخرجه النسائي في باب: تحريم الذهب على الرجال (8/163)، وأبو داود في اللِّباس (4/437).
[99] أخرجه النسائي في باب: تحريم الذهب على الرجال (8/163).
[100] "مجموع الفتاوى" (25/64).
[101] أخرجه أحمد في "المسند"، انظر الفتح الرباني (17/260).
[102] "تهذيب سنن أبي داود" (6/128).
[103] أخرجه أحمد في "المسند" (6/453).
[104] "الفتاوى الكبرى" (2/356)، و"النهاية" لابن الأثير (02/19).
[105] "الفتاوى الكبرى" (2/352).
[106] "نيل الأوطار" (2/88).
[107] "تهذيب سنن أبي داود" (6/124)، قال المنذري: "امرأةُ ربعيٍّ مجهولة، وأخت حذيفة اسمها فاطمة".
[108] "أحكام القرآن"، للجصاص (3/388)، ط. دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.
[109] "المجموع" (6/40)، والدملج: هو حلقة توضع في العضد.
[110] انظر: "حاشية شرح الأحكام لابن دقيق العيد" (4/221).
[111] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب اللباس - باب خاتم الفضة)، انظر: "الفتح" (10/318).
[112] أخرجه مسلم (3/1658) كتاب اللباس - باب في خاتم الورق فصُّه حبشيٌّ، رقم (2094).
[113] "تفسير القرطبي" (10/87).
[114] انظر: "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي (4/232)، ط. المجلس العلمي.
[115] "المجموع" (6/38).
[116] "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/154).
[117] "مجموع الفتاوى" (25/65).
[118] "المحلى" (10/86 - 87).
[119] أخرجه أبو داود (4/436) من طريق أسيد، قال الحافظ عن أسيد "صدوق"؛ "التقريب" (1/77).
[120] الحديث أخرجه أحمد في "المسند"، انظر: "الفتح الرباني" (17/356)، وأبو داود (4/428)، والنسائي (8/172)، والترمذي (4/249)، وقال الترمذي: حديث غريب.
[121] "الأسئلة والأجوبة الفقهية"، عبدالعزيز المحمد سلمان (2/67).
[122] أخرجه أحمد، انظر: "الفتح الرباني" (17/257)، والبخاري في "الأدب المفرد"، انظر: "فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد" للجيلاني (2/500) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جَدِّه، وللحديث شواهدُ ومتابعاتٌ يرتقي بها إلى درجة الحُسن، ذَكَرها الألباني في "آداب الزفاف" (ص:27).
[123] "معالم السنن على مختصر سنن أبي داود للمنذري" (6/115).
[124] الحديث: متفق عليه؛ أخرجه البخاري - كتاب: فضائل القرآن رقم (5029)، ومسلم (2/104) كتاب: النكاح، وأبو داود (2/903) كتاب النكاح باب: في التزوُّج على العمل بعمل (2111).
[125] "فتح الباري" (10/323).
[126] معيقيب ابن فاطمة الدوسي، حليف بني عبد شمس، من السابقين الأوَّلين، هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد، وولي بيتَ المال لعمر، ومات في خلافة عثمان، أو علي؛ "التقريب" (ص: 542)، رقم (6825).
[127] أخرجه أبو داود والنسائي (8/323).
[128] "فتح الباري" (4/429) (10/323).
[129] الصفر: النحاس؛ لأنَّ الأصنام غالبًا ما تتخذ من النحاس؛ "لسان العرب" (4/2458) صفر.
[130] العقيق: قال في "القاموس": "خرز أحمر يكون باليمن وبسواحل رومية، منه جنس كَدِرٌ كماءٍ يجري مِن اللحْم المملَّح وفيه خُطوطٌ بيضٌ خَفِيَّة" (2/266).
[131] "شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد" (1/384).
[132] أخرجه البخاري في صحيحه في (كتاب اللباس - باب فص الخاتم)؛ انظر: "فتح الباري" (10/322).
[133] أخرجه مسلم (3/1658).
[134] "فتح الباري" (10/322).
[135] أخرجه البخاري في صحيحهفي (كتاب اللبس - باب جعل فص الخاتم في بطن كفه)؛ انظر: "الفتح" (10/325).
[136] أخرجه أبو داود من طريق ابن إسحاق (4/432).
[137] "فتح الباري" (10/325).
[138] أخرجه البخاري في صحيحه في (كتاب اللباس - باب: قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: لا ينقش على نقش خاتمه)؛ انظر: "الفتح" (10/327).
[139] "فتح الباري" (10/328).
[140] أخرجه النسائي، كتاب الزينة - باب صفة خاتم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - (8/173).
[141] أخرجه النسائي، كتاب الزينة - باب موضع الخاتم في اليد (8/175).
[142] أخرجه النسائي، كتاب الزينة - باب موضع الخاتم في اليد (8/175)، والترمذي (4/228)، وقال البخاري: "هذا أصحُّ شيء رُوي في هذا الباب".
[143] أخرجه مسلم (3/1658) "كتاب اللباس - باب في خاتم الورق فصُّه حبشي، والنسائي "كتاب الزينة - باب صفة خاتم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - (8/173).
[144] أخرجه مسلم (3/1956).
[145] أخرجه البيهقي في "السنن" (4/142).
[146] انظر "إرواء الغليل" للألباني (2/298).
[147] انظر: "الإرواء" (2/399).
[148] "تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي" (3/51).
[149] "الحاوي للفتاوي" (1/76).
[150] أخرجه البخاري (كتاب الوضوء - باب التيمن - في الوضوء والغسل) (1/53).
[151] رواه مسلم (3/1659)، وأبو داود (4/430)، والترمذي (4/429)، والنسائي (8/177).
[152] يوم الكلاب: يوم معروف من أيَّام الجاهلية، ووقعة مذكورة من وقائعهم؛ "معالم السنن للخطابي".
[153] أخرجه النسائي (8/163) وأبو داود (4/434)، وقال الترمذي: حسن غريب (4/240) (2/425) والبيهقي، وفيه عبدالرحمن بن طرفة، وثَّقه العجلي وابن حبان.
[154] "الخطابي في معالم السنن" (6/122).
[155] "المجموع" (6/68).
[156] الزيعلي: "نصب الراية" (4/237).
[157] أحمد البنا: "الفتح الرباني" (17/273).
[158] التِّبر - بالكسر -: فئات الذهب والفضة أو فُتاتُهُما قبلَ أن يصاغَا، فإذا صيغا فهما ذهبٌ وفضة"؛ القاموس (1/379).
[159] انظر: "فتح القدير على الهداية" لابن همام الحنفي (2/215).
[160] "الموطأ بشرح الزرقاني" (2/102).
[161] "الأم" للشافعي (مختصر المزني) (ص:50).
[162] "المغني" لابن قدامة (3/9).
قال البيهقي: "وقد ذكرنا في كتاب الحج وغيره ما يدلُّ على صِحة سماع عمرو من أبيه، وسماع أبيه من جَدِّه عبدالله بن عمرو".
[163] من كتاب "زكاة الحلي" لعطية سالم (ص: 22) بتصرف.
[164] أخرجه الترمذي من طريقين في "السنن" عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب، بلفظ التثنية "أنَّ امرأتين أتتا..."، وعن مثنَّى بن صباح نحو هذا، وقال الترمذي عنهما: "يضعفان في الحديث لا يصحُّ في هذا الباب شيء" (3/21)، ولكن رواه النسائي بهذا السند: "حدَّثنا إسماعيل بن مسعود قال: حدَّثنا خالد بن حسن بن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه.. الحديث المذكور (5/38)، والحديث بهذا السند صحَّحه ابن القطَّان؛ انظر: "نصب الراية" (2/370)، وحسَّنه الألباني في "آداب الزفاف" (ص: 158)، وهو أولى حيث إنَّ حديث عمرو بن شعيب حسنٌ - كما قال الذهبي في "الميزان" - ولسنا نقول: إنَّ حديثه من أعلى أقسام الصحيح، بل هو من قبيل الحسن (3/268).
[165] أخرجه أبو داود في "السنن" بسنده، عن عبدالله بن شدَّاد بن الهاد أنه قال: "دخلْنا على عائشة، فقالت... الحديث" (2/213).
[166] أخرجه أبو داود (3/122)، والبيهقي (4/140).

[167] أخرجه البيهقي (4/139)، وقال: روى مساور الوراق عن شُعيب قال: "كتب عمر... إلخ"، ثم قال: "وهو مرسل، شعيب بن يسار لم يُدركْ عمر.
[168] أخرج البيهقي من حديث عمرو بن شعيب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - (4/139).
[169] أخرجه البيهقي موقوفًا على عبدالله بن مسعود، ثم قال: "وقد روي هذا مرفوعًا إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وليس بشيء (4/139)، قال ابن حزم في "المحلى": "وهو عن ابن مسعود في غاية الصِّحة" (6/759).
[170] ذكره الصنعاني في "المصنف" (4/84).
[171] "الأموال" (ص: 398 - 399).
[172] ذكره الصنعاني في "المصنف" (4/84).
[173] محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي، أبو الوليد، فقيه، أصولي، ولد في شوال سنة 450هـ، من مؤلفاته: البيان، والتحصيل، توفي سنة 520هـ؛ "معجم المؤلفين".
[174] "بداية المجتهد" ابن رشد (8/228) (251).
[175] "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 76).
[176] من كتاب "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 76) بتصرف.
[177] رواه الدارقطني موقوفًا على جابر من طريق أبي حمزة عن الشعبي (107: 2)، وذكره أبو عبيده موقوفًا على جابر (399)، وكذلك البيهقي (4/138)، وقال البيهقي عن هذا الحديث: "باطل لا أصل له"، وفي سنده عافية بن أيوب مجهول، قال الذهبي في "الميزان" (4/358): فيه جهالة.
[178] أخرجه مالك في "الموطأ" (1/250) كتاب: الزكاة - باب: ما لا زكاة فيه من الحلي والتبر.
[179] أخرجه مالك في "الموطأ" (1/250) كتاب: الزكاة - باب: ما لا زكاة فيه من الحلي والتبر.
[180] "زكاة الحلي" عطية سام، (ص: 68 – 69).
[181] "الأموال" (ص: 401).
[182] قاله أبو عبيد في كتابه "الأموال" (ص: 403).
[183] سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكِبار، من كبار الطبقة الثانية، اتَّفقوا على أن مراسيله أصحُّ المراسيل، مات بعد التسعين؛ "التقريب" (ص: 241)، رقم (2369).
[184] عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة، مشهور، فقيه، فاضل، من الثالثة، قال عنه مكحول: ما رأيتُ أفقهَ منه، مات بعد المائة، وله نحو ثمانين؛ "التقريب" (ص: 278)، رقم (3092).
[185] قال أبو عبيد في كتابه "الأموال" (ص: 403).
[186] قال أبو عبيد في كتابه "الأموال" (ص: 403).
[187] قال الذهبي عنه: "تُكلِّم فيه، ما هو بحجة، وفيه جهالة"؛ "ميزان الاعتدال" (2/358)، رقم (4073).
[188] "زكاة الحلي" عطية سالم، (ص: 60).
[189] أخرجه مالك في "الموطأ" (1/250) كتاب الزكاة - باب: ما لا زكاة من الحلي والتبر (10).
[190] جابر بن عبدالله عمرو بن حرام، الأنصاري، ثم السُّلمي، صحابي ابن صحابي، غزا تسعةَ عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعدَ السبعين، وهو ابن أربع وتسعين؛ "التقريب" (ص: 136)، رقم (871).
[191] أسماء بنت أبي بكر الصديق، زوج الزُّبير بن العوام، من كبار الصحابة، عاشت مائة سنة 93 أو 94؛ "التقريب" (ص: 743)، رقم (8525).
[192] كتاب "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 78).
[193] "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 71)، بتصرف.
[194] "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 71)، بتصرف.
[195] "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 70).
[196] أخرجه مسلم في صحيحه (2/680) 12- كتاب الزكاة، 6- باب: إثم مانع الزكاة (987).
[197] "زكاة الحلي" عطية سالم (ص: 80).
[198] قال شمس الحق آبادي في "التعليق المغني على الدارقطني" (2/107): "قال البيهقي في "المعرفة": ومن الناس من حَمَل الزكاة في هذه الأحاديث على أنَّه حين كان التحلِّي بالذهب حرامًا على النِّساء، فلمَّا أبيح لهن سقطت منه الزكاة، قال البيهقي: كيف يصحُّ هذا القول من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - وحديث فاطمة بنت قيس وحديث أسماء، وفيها تصريح بلبسه مع الأمْر بالزكاة، وحديث عائشة أيضًا: دخل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فرأى في يدي فتخاتٍ من ورق"، انتهى.
[199] من كتاب "زكاة الحلي" عطية سالم (83 - 86) بتصرف.
[200] "معالم السنن على مختصر أبي داود" (2/176).
[201] أخرجه الدارقطني (2/93) كتاب الزكاة، باب: وجوب زكاة الذهب والورق.. إلخ.
[202] قال الشيخ أبو بكر الجزائري: "إنَّ زنة الدينار باثنين وسبعين حبة شعير، وزنة الفضة بخمسين حبة - هو ما عليه الفقهاء والمالكية، وهو أضبط وأيسر"؛ ذكره في كتابه (الجمل في زكاة العمل) (ص: 37)، والدينار وزنه 25ر4 جرامًا بالاتفاق"؛ "المكاييل والموازين الشرعية" د.على جمعة (ص: 14).
[203] وقال البيهقي: نصابه خمسة وثمانون جرامًا، والفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جرامًا.
وقال الشيخ الجزائري في كتابه: "رجَّحنا السبعين... إلخ؛ لأمور ذَكرَها في كتابه، ومنها: أنَّ الأخذ بالأقل هو الأحوط لدِين المسلم، وأنفع للفقير المسلم، وغير ذلك، راجع كتابه السالف ذِكْرُه (ص: 37).
[204] أخرجه مسلم (675/2) كتاب الزكاة، رقم (980)، انظر: (ص: 74).
[205] ذكرتُ نصاب الذهب والفضة من كتاب (الجمل في زكاة العمل) بتصرف للشيخ أبي الجزائري (ص: 36، 37، 38)، (انظر صفحة 75)، و"جواهر الإكليل على شرح مختصر خليل" (1/308)، وحاشية علي الصعيدي العدوي على شرْح أبي الحسن على الرِّسالة (1/422 - 423)، وحاشية قليوبي وعميرة على "شرح المنهاج" للمحلى (2/22)، والمبدع في "شرح المقنع" لابن مفلح (2/364).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إن البغي يصرع أهله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الإمام السهيلى(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بغية الناسك في احكام المناسك(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بغية المشتاق في حكم اللهو واللعب والسباق(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • السلسلة الذهبية في ضبط المنظومة الرحبية المسماة بـ (بغية الباحث عن جمل الموارث) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بغية الوعاة في مشجرة الزكاة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة بغية المستفيد في علم التجويد (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بغية الأريب من معاني نظم العمريطي "نهاية التدريب" لأمجد رشيد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جلال الدين السيوطي منهجه وموارده في كتابه (بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة بغية الطلب في تاريخ حلب(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- طلب
محمد - السعودية 17-08-2009 11:05 PM

لو سمحتم ارجو اضافة هذا الكتاب على الوورد

تعليق الألوكة:

أخي الكريم.. بإمكانك نسخ المادة ثمّ لصقها في ملف وورد فارغ

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب