التيمم ( من المرتع المشبع ) (3)

مواضع الطهارة .. الموضع التاسع عشر

التيمم من المرتع المشبع (3)

((إن نوى بتيممه نفلا لا يصلي به فرضا..))

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع

قوله: (وإن نوى بتيممه نفلاً لا يصلي به فرضاً؛ لأنه ليس بمنْوي، وخالف طهارة الماء؛ لأنها ترفع الحدث) [1].

قال في " الإفصاح ": "وأجمعوا [2] على أن النية شرط في صحة التيمم، وصفة نية المتيمم أن ينوي استباحة الصلاة " [3].

"وأجمعوا [4] على أن التيمم لا يرفع الحدث على الاستمرار، وفائدته: أن المتيمم إذا رأى الماء قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه ولزمه استعمال الماء، ولو كان يرفع الحدث على الاستمرار لما لزمه استعمال الماء " [5].

" وأجمعوا [6] على أنه إذا تيمم لفريضة صلاها ثم النوافل وقضى الفوائت. إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى، إلا مالكا [7] والشافعي [8] فإنهما قالا: يصليها والنوافل خاصة ولا يقضي بذلك التيمم الفوائت؛ بل يكون لكل فريضة تيمم [ 28ب]؛ لأنه لا يصلي بالتيمم أكثر من فريضة واحدة.

واختلفوا في التيمم بنية النفل: هل يستبيح به الفرض؟

فقال مالك [9] والشافعي [10] وأحمد [11]: لا يجوز له صلاة الفرض بهذا التيمم، وكذلك لو نوى طهارة مطلقة لم يجز له بها صلاة الفرض.

وقال أبو حنيفة [12]: يستبيح بتيممه ذلك صلاة الفرض في الحالين، وله أن يصلي بعد التيمم فريضتين أو أكثر " [13].

وقال ابن رشد: " واختلفوا: هل يستباح بهذه الطهارة أكثر من صلاة واحدة فقط؟

فمشهور مذهب مالك [14]: أنه لا يستباح بها صلاتان مفروضتان أبدا، واختلف قوله في الصلاتين المقضيتين، والمشهور عنه[15]: أنه إذا كانت إحدى الصلاتين فرضا والأخرى نفلا: أنه إن قدم الفرض جمع بينهما، وإن قدم النفل لم يجمع بينهما.

وذهب أبو حنيفة [16]: إلى أنه يجوز الجمع بين صلوات مفروضة بتيمم واحد.

وأصل هذا الخلاف هو: هل التيمم يجب لكل صلاة أم لا؟

إما من قبل ظاهر الآية كما تقدم، وإما من قبل وجوب تكرار الطلب وإما من كليهما " [17].

وقال الحافظ: " قوله: " (وأم ابن عباس وهو متيمم) أشار المصنف بذلك إلى أن التيمم يقوم مقام الوضوء ولو كانت الطهارة به ضعيفة لما [29أ] أم ابن عباس وهو متيمم من كان متوضئا، وهذه المسألة وافق فيها البخاري الكوفيين والجمهور، وذهب بعضهم من التابعين وغيرهم إلى خلاف ذلك، وحجتهم: أن التيمم طهارة ضرورية لاستباحة الصلاة قبل خروج الوقت، ولذلك أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الذي أجنب فلم يصل الإناء من الماء ليغتسل به بعد أن قال له: " عليك بالصعيد فإنه يكفيك " [18]؛ لأنه وجد الماء فبطل تيممه.

وفي الاستدلال بهذا على عدم جواز أكثر من فريضة بتيمم واحد نظر، وقد أبيح عند الأكثر بالتيمم الواحد النوافل مع الفريضة، إلا أن مالكا [19] رحمه الله يشترط تقدم الفريضة.

وشذ شريك القاضي، فقال: لا يصلي بالتيمم الواحد أكثر من صلاة واحدة، فرضا كانت أو نفلا.

قال ابن المنذر [20]: إذا صحت النوافل بالتيمم الواحد صحت الفرائض؛ لأن جميع ما يشترط للفرائض مشترط للنوافل إلا بدليل " [21].

قال الحافظ: " وقد اعترف البيهقي بأنه ليس في المسألة حديث صحيح من الطرفين، قال: لكن صح عن ابن عمر إيجاب التيمم لكل فريضة [22]، ولا يعلم له مخالف من الصحابة.

وتعقب: بما رواه ابن المنذر، عن ابن عباس: أنه لا يجب [23].

واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب: " فإنه يكفيك "، أي: ما لم تحدث أو تجد الماء.

وحمله الجمهور على الفريضة التي تيمم من أجلها، ويصلي ما شاء من النوافل، فإذا حضرت فريضة

أخرى وجب طلب الماء، فإن لم يجد تيمم، والله أعلم " [24] [ 29ب].

وقال في "الاختيارات": "والتيمم يرفع الحدث، وهو مذهب أبي حنيفة [25]، ورواية عن أحمد [26]، واختارها أبو محمد[27] الجوزي.

وفي " الفتاوى المصرية ": التيمم لوقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى كمذهب مالك [28] وأحمد في المشهور عنه [29]، وهو أعدل الأقوال " [30].

قال: " والجريح إذا كان محدثا حدثا أصغر فلا يلزمه مراعاة الترتيب، وهو الصحيح من مذهب أحمد [31] وغيره، فيصح أن يتيمم بعد كمال الوضوء؛ بل هذا هو السنة، والفصل بين أبعاض الوضوء بتيمم بدعة"[32].