تحقيق تخريج مسألة ( صلاة النبي ركعتين بعد المغرب )

تحقيق تخريج مسألة ( صلاة النبي ركعتين بعد المغرب )

للإمام الحافظ أبي محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي

قال ابن أبي حاتم في كتاب العِلل: وسمعت أبي وسئل عن حديث رواه أبو قتيبة، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد الجمعة، في بيته.

فقال أبي: إنما هو ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس موقوف.

والمرفوع إنما هو ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأبو قتيبة كثير الوهم، يُكتب حديثه.

رجال الإسناد:

• أبو قتيبة، هو سَلْم بن قتيبة الشّعيري الخراساني، نزيل البصرة (ت 200 تقريبًا).

روى عن شعبة، ومالك، وجرير بن حازم، وغيرهم.

روى عنه عمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن بشار: بُندار، ونصر الجهضمي، وغيرهم.

احتج به البخاري. وقال أبوداود، وأبو زرعة والدارقطني، وابن قانع: ثقة. وقال الحاكم: ثقة مأمون. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن معين: ليس به بأس.

وقال يحيى بن سعيد: ليس أبو قتيبة من الجمال التي تحمل المحامل[1] وقال أبو حاتم: ليس به بأس، كثير الوهم يكتب حديثه.

قال ابن حجر: صدوق.

انظر تهذيب الكمال 11/232، التهذيب 4/133، التقريب (2471).

• ابن أبي ذئب: محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة، أبو الحارث المدني (ت 158).

ثقة، متفق على توثيقه. قال ابن حجر: ثقة فقيه فاضل.

انظر تهذيب الكمال 25/630، السير 7/459، التهذيب 9/303، التقريب (6082).

• شعبة بن دينار الهاشمي، مولى ابن عباس، المدني، مات وسط خلافة هشام.

روى عن مولاه عبدالله بن عباس. وعنه ابن أبي ذئب، وبكير الأشج، وغيرهما.

قال أحمد: ما أرى به بأسًا. وقال ابن معين في رواية: ليس به بأس.

وقال العجلي: جائز الحديث. وقال ابن عدي: ولم أجد له حديثًا منكرًا فأحكم عليه بالضعف، وأرجو أنه لا بأس به.

وقال ابن معين في رواية: لا يُكتب حديثه. وفي أخرى: ليس بثقة. وقال أبو حاتم، والنسائي، والجوزجاني: ليس بقوي. وقال يحيى بن سعيد: لا يحتج به. وضعفه أبو زرعة. وقال ابن حبان: يروي عن ابن عباس ما لا أصل له كأنه ابن عباس آخر.

قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ.

انظر تهذيب الكمال 12/497، التهذيب 4/346، التقريب (2792).

• ابن عباس، صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 525.

• نافع مولى ابن عمر، ثقة ثبت، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 529.

• عبدالله بن عمر، صحابي جليل، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 518.

تخريج الحديث:

روى ابن أبي ذئب هذا الحديث، واختلف عليه:

1- فرواه أبو قتيبة وعلي بن ثابت، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، مرفوعًا.

2- وروي عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، موقوفًا.

3- ورواه عدد من الثقات، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

وتابع ابن أبي ذئب على هذا الوجه عدد من الثقات.

الوجه الأول:

أخرجه أبو يعلى في معجم شيوخه (97)، رقم52، عن محمد بن يحيى بن فياض، عن أبي قتيبة. سلم بن قتيبة والمحاملي في أماليه (رواية ابن مهدي) ق48/أ، رقم 290من نسختي - ومن طريقه الذهبي في تذكرة الحفاظ 2/509-، من طريق علي بن ثابت.

كلاهما عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، مرفوعًا.

قلت: وأبو قتيبة صدوق كما تقدم في ترجمته.

وعلي بن ثابت: صدوق ربما أخطأ (التقريب 4696).

الوجه الثاني:

ذكره المصنف في هذه المسألة، من رواية ابن أبي ذئب، ولم أقف على من أخرجه.

الوجه الثالث:

أخرجه أبو يعلى في المعجم (97)، رقم 51- وعنه ابن حبان 6/235، رقم 2487-، عن أبي قتيبة: سلم بن قتيبة.

وأحمد في مسنده 2/23، وابن أبي شيبة 2/246، عن وكيع.

وأبو داود الطيالسي في مسنده (252)، رقم 1836.

وعبد بن حميد (المنتخب ص250، رقم 781)، عن شبابة بن سوار.

والبزار في مسنده (نسخة الأزهرية ق 28/ب)، عن نصر بن علي، عن أبيه.

والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/336، من طريق حجاج بن محمد.

والبغوي في الجعديات 2/329، رقم 2808، عن علي بن الجعد.

وابن عبدالبر في التمهيد 14/182، من طريق آدم بن أبي إياس.

والخطيب في تاريخ بغداد 3/220، من طريق شعبة.

وابن عساكر في تاريخ دمشق 43/13، من طريق ابن أبي فديك.

والمحاملي في أماليه (رواية ابن مهدي) ق48/أ، رقم 291من نسختي، من طريق علي ابن ثابت.

كلهم عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

وتوبع ابن أبي ذئب على هذا الوجه:

أخرجه مالك في الموطأ 1/166، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب العمل في جامع الصلاة، رقم 69. ومن طريق مالك أخرجه كل من:

البخاري 2/493 (مع الفتح)، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، رقم 397 ومسلم 2/600، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، رقم 882/71، وأبو داود 2/43، كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع، رقم 1252، والنسائي 2/119، كتاب القبلة، باب الصلاة بعد الظهر، رقم873، 3/113، كتاب الجمعة، باب صلاة الإمام بعد الجمعة، رقم 1427- ومن طريقه الذهبي في معجم الشيوخ الكبير 2/380- ورواه أبو نعيم الأصبهاني في المستخرج 2/466، رقم 1982، وأبو نعيم الحداد في الجامع بين الصحيحين (ق131)، وابن خزيمة 3/182، رقم 1870، والدارمي 1/307، رقم 1581، وابن وهب في الجامع (ق38/ب) - ومن طريقه البيهقي في الكبرى 2/477، وابن عبدالبر في التمهيد 14/167-، ورواه البيهقي أيضًا 3/240، والبغوي في شرح السنة 3/445، رقم 868، وفي كتاب الأنوار 2/409، رقم 561، وأحمد 2/63، وعبد الرزاق 3/65، رقم 4810، وابن عبدالبر في التمهيد 14/175، وابن عساكر في تاريخ دمشق 38/104، والسيوطي في الأربعين حديثًا من رواية مالك، رقم 10، والغافقي في مسند الموطأ (ص513)، رقم 653.

كلهم من طريق مالك.

والبخاري 3/60 (مع الفتح)، كتاب التهجد، باب التطوع بعد المكتوبة، رقم 1172، ومسلم 1/504، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل السنن الراتبة، رقم 729، وأبو نعيم الأصبهاني في المستخرج 2/324، رقم 1651، وأبو نعيم الحداد في الجامع بين الصحيحين (ق123)، وأبو عوانة 2/263، وابن حبان 6/229، رقم 2479، والبيهقي في الكبرى 2/471، وفي المعرفة4/5، رقم5283، وأحمد 2/77، 75، والبزار في مسنده (نسخة الأزهرية ق 20/أ)، وابن عبدالبر في التمهيد 14/181،.

من طريق عبيد الله بن عمر.

والبخاري 3/70 (مع الفتح)، كتاب التهجد، باب الركعتين قبل الظهر، رقم 1180، والترمذي في السنن 2/290، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الركعتين بعد الظهر، رقم 425، و 2/297، باب ما جاء أنه يصليهما في البيت، رقم 432، وفي الشمائل، رقم 267-ومن طريقه البغوي في شرح السنة، 3/444، رقم 867-، ورواه عبدالرزاق 3/65، رقم 4811، و3/247، رقم 5525- ومن طريقه الترمذي 2/297، أبواب الصلاة، باب ما جاء أنه يصليهما في البيت، رقم 433، وابن خزيمة 3/182، رقم 1869، وأحمد 2/35، وابن المنذر في الأوسط 4/124، رقم 1877-، ورواه أبو داود 1/672، أبواب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، رقم 1128- ومن طريقه البيهقي في الكبرى 3/240، وابن عبدالبر في التمهيد 14/172-، ورواه أبو داود الموضع السابق، رقم 1127- ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد 14/172-، ورواه النسائي 3/113، كتاب الجمعة، باب إطالة الركعتين بعد الجمعة، رقم 1429- ومن طريقه الذهبي في المعجم المختص بالمحدثين (ص 297) -، ورواه ابن خزيمة 2/208، رقم 1197، و3/168، رقم 1836، وابن حبان 6/207، رقم 2454، و6/227، رقم 2476، وابن الجارود في المنتقى (105)، رقم 276، والطوسي في مختصر الأحكام 3/41، رقم 490، والبيهقي في الكبرى 2/471، وفي الصغرى 1/270، رقم 728 وأحمد 2/6، 103، والبزار في مسنده (نسخة الأزهرية ق 12/أ)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/336، وابن عبدالبر في التمهيد 14/180، وابن المنذر في الأوسط 4/124، رقم 1876، وتمام في فوائده (الروض البسام 2/70، رقم 462)، والبغوي في الجعديات 1/345، رقم 1191- ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد 14/180-، ورواه أبو طاهر المخلص في الحادي عشر من الفوائد المنتقاة (ق228/ب) - ومن طريقه ابن أبي الفوارس في المنتقى من الحادي عشر والثاني عشر من حديث المخلص (ق57/ب) -. كلهم طريق أيوب.

ومسلم 2/600، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، رقم 882، والترمذي 2/399، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة قبل الجمعة وبعدها، رقم 522، والنسائي في الكبرى1/538، رقم 1746، وابن ماجه 1/358، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة، رقم 1130، وأبو نعيم في المستخرج 2/466، رقم 1982، وابن وهب في الجامع (ق38/ب)، - ومن طريقه البيهقي في الكبرى 2/477، وابن عبدالبر في التمهيد 14/168-. من طريق الليث بن سعد.

وابن وهب في الجامع (ق38/ب)، - ومن طريقه البيهقي في الكبرى 2/477، وابن عبدالبر في التمهيد 14/168-، عن أسامة بن زيد.

وابن وهب في الجامع (ق38/ب) -، ومن طريقه البيهقي في الكبرى 2/477، وابن عبدالبر في التمهيد 14/167[2] -، ورواه ابن أبي شيبة 2/246، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص447)، رقم530، من طريق عبدالله بن عمر.

وأبو يعلى 10/189، وأبو أحمد الحاكم في الكنى 1/343، من طريق أبي أمية الثقفي.

والبزار في مسنده (نسخة الأزهرية ق12/أ، 20/أ)، من طريق يحيى بن أبي كثير.

والبزار في مسنده (نسخة الأزهرية ق20/أ)، من طريق فليح بن سليمان.

وابن وهب في الجامع (ق38/ب)، - ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد 14/168-، عن ابن سمعان.

وابن أبي شيبة 2/138، من طريق ابن إسحاق.

وتمام في فوائده (الروض البسام 1/377، رقم376)، من طريق كثير بن فرقد.

وأبو العباس الأصم في فوائده (ق50/أ، ب)، من طريق يحيى بن سعيد.

كلهم عن نافع، عن ابن عمر، نحوه.

وقد ذكر بعضهم الحديث مطولًا بذكر السنن الرواتب كلها، وبعضهم مقتصرًا على ركعتي المغرب، أو ركعتي الجمعة، أو غيرها.

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أن ابن أبي ذئب روى هذا الحديث، واختلف عليه:

1- فرواه أبو قتيبة، وعلي بن ثابت، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، مرفوعًا.

2- وروي عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، موقوفًا.

3- ورواه عدد من الثقات، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.

وتابع ابن أبي ذئب على هذا الوجه عدد من الثقات.

والوجه الثالث أرجح هذه الأوجه؛ حيث رواه كذلك عدد كبير من الثقات، كما تابع ابن أبي ذئب عليه عدد من الثقات أيضًا. في حين لم أجد من تابع أبا قتيبة وعلي بن ثابت على الوجه الأول، وهما قد روياه أيضًا على الوجه الثالث، كما تقدم في التخريج، فيقدم من روايتيهما ما وافقهما غيرهما.

أما الوجه الثاني فقد ذكره أبو حاتم في هذه المسألة ورجحه على الوجه الأول، ولم يذكر من رواه عن ابن أبي ذئب، لننظر هل يقوى على معارضة الوجه الثالث أم لا.

ويرى أبو حاتم أن الوجه الثاني والثالث ثابتان، حيث قال: إنما هو ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس موقوف. والمرفوع إنما هو: ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي ترجيحه للوجه الثاني نظر؛ حيث لم أقف من أخرج الوجه الثاني، أو أشار إليه غيره ولم يذكر من رواه لنعرف حاله، كما أن الراجح عن ابن أبي ذئب هو الوجه الثالث، حيث رواه عدد من كبير من الثقات عنه كذلك، كما تقدم.

ولكن قد يقال إن ترجيحه للوجه الثاني إنما هو في مقابل الوجه الأول فقط، إذ يتفقان بكونهما من رواية ابن أبي ذئب عن شعبة.

قلت: وهذا فيه نظر أيضًا؛ حيث تقدم أنه رواه على الوجه الأول صدوقان، ولم يذكر أبو حاتم من رواه على الوجه الثاني لننظر هل يقوى راويه، أو رواته على معارضة من رواه على الوجه الأول أم لا، والله أعلم.

وأما ترجيحه للوجه الثالث المرفوع، فصحيح لا إشكال فيه، كما تقدم.

والحديث من الوجه الراجح صحيح، وقد أخرجه البخاري ومسلم، كما سبق في التخريج والله أعلم.