• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مدخل إلى علم المقاصد (5/5)

د. فارس العزاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/6/2009 ميلادي - 6/7/1430 هجري

الزيارات: 50380

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مدخل إلى علم المقاصد

(5/5)


للمصلحة المرسلة عند العلماء إطلاقات أخر، فقد سماها بعضهم بالاستصلاح، والبعض الآخر بالمناسب المرسل، ومنهم من أطلق عليها لفظ الاستدلال، وهذه الإطلاقات على الرغم من كونها مترادفة باعتبار وحدة مقصودها وهو المصلحة المرسلة، إلا أن كلا منها نظر إليها من جهة معينة، فمن نظر إليها من جهة المصلحة المترتبة عليها عبر بالمصلحة المرسلة وهو الإطلاق الأشهر، ومن نظر إليها من جهة الوصف المناسب الذي يستوجب ترتيب الحكم عليه تحقيق تلك المصلحة عبر بالمناسب المرسل، ومن نظر إليها من جهة بناء الحكم على الوصف المناسب أو المصلحة عبر بالاستصلاح أو الاستدلال[1]، وقد عرفها العلماء عدة تعريفات متقاربة من حيث المعنى:

• فقد عرفها الغزالي بقوله: " ما لم يشهد له من الشرع بالبطلان ولا بالاعتبار نص معين"[2]، وهو نفس تعريف ابن قدامة[3].

• وعرفها الشاطبي بقوله: " ما سكتت عنه الشواهد الخاصة، فلم تشهد باعتباره ولا بإلغائه"[4].

• وعرفها الشنقيطي بقوله: " أن لا يشهد الشرع لاعتبار تلك المصلحة بدليل خاص ولا لإلغائها بدليل خاص"[5].

• وعرفها الدكتور البوطي بقوله: " كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع دون أن يكون لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء "[6].

• وعرفها الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة بقوله: " هو استنباط الحكم في واقعة لا نص فيها ولا إجماع، بناء على مراعاة مصلحة مرسلة ( أي مطلقة ) بمعنى أنه لم يرد عن الشارع دليل معين على اعتبارها أو إلغائها "[7].


حجية المصالح المرسلة:

اتفق العلماء على أن المصالح المرسلة لا مدخل لها في العبادات والمقدرات، كالحدود والكفارات وفروض الإرث وشهور العدة بعد الموت أو الطلاق، وكل ما شرع محدداً واستأثر الشارع بعلم المصلحة فيما حدد به، أما العبادات فلكونها تعبدية في الأصل، ولا مدخل للعقل في إدراك المصلحة الجزئية لكل عبادة منها[8]، قال الشاطبي: " الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني. وأصل العادات الالتفات إلى المعاني. أما الأول فيدل عليه أمور: منها: الاستقراء؛ فإنا وجدنا الطهارة مخصوصة بالماء الطهور وإن أمكنت النظافة بغيره، وأن التيمم - وليست فيه نظافة حسية - يقوم مقام الطهارة بالماء المطهر. وهكذا سائر العبادات، كالصوم والحج وغيرهما.


ومنها: أنه لو كان المقصود التوسعة في وجوه التعبد بما حد وما لم يحد لنصب الشارع عليه دليلاً واضحاً كما نصب على التوسعة في وجوه العادات أدلة.


منها: أن وجوه التعبدات في أزمنة الفترات، لم يهتد إليها العقلاء اهتداءهم لوجوه معاني العادات. فقد رأيت الغالب فيهم الضلال فيها "[9]، وأما المقدرات فلأنها مثل أحكام العبادات، حيث استأثر الشارع بعلم المصلحة فيما حدد به، وحتى لو كان هناك سبيل لإدراك المصلحة والحكمة منها، لكن لا يمنع من القول إن الأصل فيها التعبد[10]، قال الطوفي: " أحكام العبادات والمقدرات التي لا مجال للعقل في فهم معانيها بالتفصيل، وهذه المعول عليه فيها نصوص القرآن والسنة وإجماع المجتهدين من الأمة... لأن العبادات حق للشرع خاص به، ولا يمكن معرفة حقه كماً وكيفاً وزماناً ومكاناً إلا من جهته، فيأتي به العبد على ما رسم له"[11].


واختلف العلماء في حكم المصالح المرسلة - أي في بناء الأحكام عليها - فيما سوى العبادات والمقدرات، على ثلاثة مذاهب[12]


الأول: المنع مطلقاً:

وذهب إليه بعض أهل العلم منهم أبو بكر الباقلاني[13]، والآمدي[14]، وابن الحاجب، وابن قدامة من الحنابلة، ونسبه الشوكاني إلى الجمهور[15]، وهو مذهب أكثر الشافعية، وفقهاء الحنفية، ومتأخري الحنابلة.


الثاني: الجواز مطلقاً[16]:

وذهب إليه مالك، وأحمد، والشافعي عند بعض العلماء دون البعض الآخر، وبعض الشافعية، ومعظم الحنفية، ومتقدمو الحنابلة وبعض المتأخرين منهم.


الثالث:
جوازها بشروط:

وذهب إليه الغزالي[17] والبيضاوي إذا كانت المصلحة قطعية، كلية، ضرورية.


أدلة القائلين بالمنع:

الأول: أن الله - سبحانه - لم يترك الخلق سدى، من غير أن يشرع لهم كل ما يكفل تحقيق مصالحهم، بل شرع لهم ذلك، وذلك بالأحكام التي نص عليها في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبالأحكام التي هدى إليها أهل العلم فلم يختلفوا فيها، وهي الأحكام التي سندها الإجماع، وأرشدهم إلى أنهم إن تنازعوا في شيء مما ليس فيه حكم لله ولا لرسوله ولم يجمع أهل العلم على حكم فيه أن يردوه إلى حكم الله ورسوله، وذلك يكون بالقياس أو بأي طريق من طرق رده إلى حكم لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. وبهذا كفل الله لخلقه تحقيق مصالحهم، وأكمل لهم دينهم، وأتم عليهم نعمته، وامتن عليهم بذلك، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾[18].


والقول بحجية المصلحة المرسلة يعني أن هناك مصالح للخلق باقية، لم يكفلها ما شرعه الله وما أرشد إلى سلوكه في حال التنازع فيما ليس فيه شرع الله، وهذا يتنافي مع إكمال الدين، وإتمام النعمة التي تفضل الله بها على عباده. فالقول باستناد الأحكام إلى المصالح المرسلة زائد لا حاجة إليه، وبهذا يتبين أنها ليست حجة في استنباط الأحكام[19].


والجواب عليه: أن المصلحة المرسلة وإن كانت مرسلة عن دليل معين خاص نص عليها، فإنها داخلة في إطار الدليل العام والمجمل، فالأدلة شاهدة على جنسها وإن لم تشهد على عينها.


الثاني: أن المصالح منقسمة إلى ما عهد من الشارع اعتبارها وإلى ما عهد منه إلغاؤها. والمصالح المرسلة مترددة بين هذين القسمين، وليس إلحاقه بأحدهما أولى من الآخر، فامتنع الاحتجاج به دون شاهد بالاعتبار يعرف أنه من قبيل المعتبر دون الملغى. ثم إن في هذا مجالاً للأهواء والشهوات والأغراض، فقد يغلب على المرء هواه فيرى المفسدة مصلحة، والمضرة منفعة، وقد تخفى على العقل بعض وجوه الضرر والفساد، فيحكم على غير علم تام، فالإنسان مهما كمل، لا يأمن من أن يغلب هواه عليه، وأن يزين له السوء حسناً، والعقل مهما نضج، لا يأمن من أن تخفى عليه بعض وجوه النفع والضرر.


والجواب عليه من وجهين:

• أن هذه المصلحة وإن كانت مرسلة عن دليل معين من الشارع على اعتبارها، إلا أنها معتبرة منه على سبيل الجملة كما أوضحنا في الجواب على الدليل الأول، فكان إلحاقها بالمعتبر أولى من إلحاقها بالملغي.


• أن عدم الاحتجاج بالمصلحة المرسلة يعني إلحاقها بالمصالح الملغاة، وليس إلحاقها بها أولى من إلحاقها بالمصالح المعتبرة إذ هو ترجيح بلا مرجح[20].


الثالث: إن المعاني إذا حصرتها الأصول وضبطتها المنصوصات كانت منحصرة في ضبط الشرع. وإذا لم يشترط استنادها إلى الأصول لم تنضبط، واتسع الأمر، وصار الشرع مرجوعه إلى وجوه الرأي من الناس، من غير اعتماد واستناد إلى أصل شرعي، فيرى كل إنسان وجهاً، ويعتمد شيئاً سوى ما يراه ويعتمده صاحبه، ويصير إذا أهل الرأي في هذا بمنزلة الأنبياء، فيفعل كل إنسان ما يراه ويعتقده صلاحاً في المعنى الذي سنح له، فيصير ذلك ذريعة إلى إبطال الشريعة بالرأي وإن كان صاحبه يرى فيه المصلحة والمنفعة[21].


والجواب عليه: أن بناء الحكم على مجرد المصلحة المرسلة وعدم العلم بأن الشرع قد أثبت هذا الحكم حفظاً لهذه المصلحة، لا يعتبر وضعاً للشرع بالرأي، بل هو طريق من الطرق الشرعية التي أمر الله بالرد إليها عند التنازع. ثم إن الشارع حافظ على كل واحدة من المصالح بالحكم المناسب لحفظها ولا يلزم أنه ينص على حكم بعينه، والمجتهد في المصلحة المرسلة مأمور ببذل الجهد في اختيار الحكم الأنسب لحفظ المصلحة، وهي وظيفة أناطها الله بالعلماء وفق النظر في مقاصد التشريع وقواعده العامة[22].


الرابع: إن الحكم إذا ثبت لمصلحة اقتضته ثم عدمت المصلحة، فإما أن يقال: انعدم الحكم، وهذا يفضي إلى جعل الشريعة مختلفة الأزمان وذلك نسخ لها، وإما أن يقال: لم ينعدم، فهذا يفضي إلى ثبوت الحكم مع عدم علته الموجبة وهذا محال على اعتبار أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً[23].


والجواب عليه: أن الحكم المستنبط بدليل المصلحة المرسلة هو من قبيل الاجتهاد الذي يختلف الحكم فيه باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال، فتغير الحكم فيه ليس معناه نسخ الشريعة، كما أن تغير الحكم يكون تبعاً لتغير علته، وتغير العلة منوط بتغير المصلحة، لأن الأحكام المبنية على مصلحة معينة تظل معتبرة ما بقيت هذه المصلحة، فإذا انتفت وجب أن يتغير الحكم تبعاً لها، وبناء الأحكام على المصالح الزمنية من أسباب تغيير الفتوى كما هو معلوم.


أدلة القائلين بالجواز:

الأول: ذكر السمعاني من أدلة مثبتي المصالح المرسلة قولهم: " أنا نعلم قطعاً أنه لا يجوز أن تخلو حادثة عن حكم الله تعالى، منسوب إلى شريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ببينة أنه لم يرد عن السلف الماضين أنهم أعروا وأخلوا واقعة عن بيان حكم فيها لله تعالى وتقدس، ونحن نعلم كثرة الفتاوى وازدحام الأحكام.


وقد استرسلوا في بث الأحكام استرسال واثق بانبساطها على جميع الوقائع، وقد تصدوا لإثباتها فيما وقع، وتشوفوا إلى إثباتها فيما سيقع، ولا يخفى على منصف أنهم ما كانوا يفتون فتوى من تنقسم الوقائع عنده إلى ما يعرى عن حكم وإلى ما لا يعرى عنه. وإذا عرفنا هذا فنقول: لو انحصرت مآخذ الأحكام في المنصوصات والمعاني المستثارة منها لما وسع القياس لكل ذلك؛ فإنا نعلم أن المنصوصات ومعانيها لا تنسحب على كل الوقائع؛ ولو لم يتمسك الماضون بمعان في وقائع لم يعهدوا أمثالها لكان يزيد وقوفهم في الأحكام على فتاويهم وجريانهم فيها "[24].


الثاني: إن وسائل الناس إلى مصالحهم الدنيوية المشروعة قد تتغير بتغير الزمان، ولا سبيل إلى حصرها. فإذا لم يعتبر منها إلا ما وقع له نظير في عهد التنزيل، ضاق بهم الأمر وحيل بينهم وبين التفكير في تيسير سبل العيش والتماس أفضل الوسائل للوصول إلى الأغراض الشريفة والمصالح المشروعة، وذلك إضرار عظيم بهم، فإن الوقائع تحدث، والحوادث تتجدد، والبيئات تتغير، والضرورات والحاجات تطرأ، وقد تطرأ للأمة اللاحقة طوارئ لم تطرأ للأمة السابقة، وقد تستوجب البيئة مراعاة مصالح ما كانت تستوجبها البيئة من قبل، وقد يؤدي تغير أخلاق الناس وذممهم وأحوالهم إلى أن يصير مفسدة ما كان مصلحة، فلو لم يفتح للمجتهدين باب التشريع بالاستصلاح، ضاقت الشريعة الإسلامية بمصالح العباد وقصرت عن حاجاتهم، فلا بد من التوسع في التشريع بمراعاة شواهد الشريعة العامة، وعدم الوقوف عند الشواهد الخاصة، وهذا من محاسن الشريعة، ومن أسباب مرونتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان[25].


الثالث: أن المصالح التي بنيت عليها أحكام المعاملات ونحوها معقولة، فقد شرع لنا ما يدرك العقل نفعه وحرم علينا ما يدرك العقل ضرره، فالحادثة التي لا حكم من الشارع فيها يكون حكم المجتهد فيها بناء على ما يدركه عقله فيها من نفع أو ضرر مبنياً على أساس معتبر من الشارع[26].


والجواب عليه من وجهين:

• أن العقل لا يدرك نفع جميع ما شرع الشارع، ولا يدرك قدر جميع ما نهى عنه الشارع، فقد شرع لنا كل أمر فيه مصلحة راجحة، ولو لم يدركها العقل، وحرم علينا كل ما فيه مضرة راجحة ولو لم يدرك العقل ضرره.


• أن نظر العقل واستحسانه ليس أساساً معتبراً من الشارع مطلقاً[27].


والجواب عليه: أن الشارع جعل للعقل مجالاً يسيح فيه بما حباه من قدرات وإمكانيات، يمكنه من خلالها إدراك محاسن الشريعة، واستنباط الأحكام الشرعية، وليس صحيحاً أن الشارع لم يعتبر نظر العقل مطلقاً، وإنما رد نظر العقل عند معارضته للنصوص الشرعية ومراد الشارع منها.


الرابع: عمل الصحابة - ومنهم الخلفاء الراشدون - والسلف الصالح بالمصلحة المرسلة فيما طرأ لهم من حوادث، ومراعاتهم المصالح وبناء الأحكام عليها فيما لم يقم دليل معين على اعتبارها[28]، وهذا عليه أمثلة كثيرة[29].


أدلة الغزالي ومن وافقه:

ذهب الغزالي إلى أن المصلحة المرسلة تنقسم إلى: ما يقع في رتبة الضرورات، وإلى ما يقع في رتبة الحاجات، وإلى ما يقع موقع التحسين والتزيين، واختار أن ما يقع في رتبة الضرورات يحتج بالمصلحة فيه، ولكنه لم يجزم، حيث قال: أما الواقع في رتبة الضرورات، فلا يبعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد، وإن لم يشهد له أصل معين، ومثل بمسألة الترس[30]، ثم قال: فهذا مثال مصلحة غير مأخوذة بطريق القياس على أصل معين، وانقدح اعتبارها باعتبار ثلاثة أوصاف: أنها ضرورية، قطعية، كلية[31]. ثم أورد اعتراضات ورد عليها، ومن أقواها: أن هذه المصلحة تخالف النص، وأنتم تلغونها عند وجوده، ولا تخصصون النص بها، وبدا عليه التراجع عند هذا الاعتراض، حيث قال: لهذا نرى المسألة في محل الاجتهاد، ولا يبعد المنع من ذلك[32].


ومن أقوى الاعتراضات التي أجاب عنها، وذكر بأنها - المصلحة - ليست هي الحجة، وإنما الحجة في المقاصد العامة التي جاءت بها النصوص الكثيرة[33]: أنه كيف تقولون بذلك، وأنتم جعلتم المصالح من الأصول الموهومة، فقال: هذا من الأصول الموهومة، إذ من ظن أنه أصل خامس، فقد أخطأ، لأنا رددنا المصلحة إلى حفظ مقاصد الشرع، ومقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع. فكل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع، وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشرع، فهي باطلة، ومن صار إليها، فقد شرع، كما أن من استحسن فقد شرع، وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصوداً بالكتاب والسنة والإجماع، فليس خارجاً من هذه الأصول[34].


أما وجه التفريق في قبول المصلحة المرسلة في الضرورات دون الحاجيات والتحسينيات فقد ذكر ابن قدامة أدلة ذلك في روضة الناظر، فقال - رحمه الله - مبيناً دليل قبول المصلحة في الضروريات دون قسيميها: " لأنا قد علمنا أن ذلك من مقاصد الشرع، وكون هذه المعاني مقصودة عرف بأدلة كثيرة، لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات "[35].


وأما أدلة عدم الاحتجاج بالمصلحة المرسلة فقد ذكر ابن قدامة ثلاثة أدلة، فقال: " فهذان الضربان لا نعلم خلافاً في أنه لا يجوز التمسك بهما من غير أصل فإنه لو جاز ذلك، كان وضعاً للشرع بالرأي، ولما احتجنا إلى بعثة الرسل، ولكان العامي يساوي العالم في ذلك، فإن كل أحد يعرف مصلحة نفسه "[36].


والجواب على أدلة هذا المذهب من وجهين[37]:

• أن الاستصلاح ليس وضعاً للشرع بالرأي، بل هو طريق من طرق الرد المشروعة، وعدم الحاجة إلى بعثة الرسل، وكذلك القول بتساوي العامي والعالم إذا قلنا بجواز الاستصلاح في الحاجيات والتحسينيات إنما يرد لو كانت المصلحة التي يستند إليها الحكم لا صلة لها بالأدلة الشرعية، وليس الأمر كذلك، بل لها صلة بها، حيث دلت على اعتبارها إجمالاً.


• أن الغزالي قال بجواز الاستصلاح في الضروريات وما هو مذكور من الأدلة هنا يمكن إيراده على جواز الاستصلاح في غيرها، فما كان جواباً له فهو جواب لنا، إذ لا فرق.


ومما يؤيد هذا أنه لم يفرق بين المصالح في هذه المراتب، بل ذكر أن كل مصلحة ترجع إلى حفظ مقصود شرعي، تسمى مصلحة مرسلة، بغض النظر عن كونها داخلة في مرتبة الضروريات، كما ذكر أن هذه المصلحة التي ترجع إلى حفظ مقصود شرعي، لا وجه للخلاف فيها، بل يجب القطع بكونها حجة، وفي هذا يقول: " وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصوداً بالكتاب والسنة والإجماع، فليس خارجاً من هذه الأصول، لكنه لا يسمى قياساً، بل مصلحة مرسلة... وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع، فلا وجه للخلاف في اتباعها بل يجب القطع بكونها حجة، وحيث ذكرنا خلافاً فذلك تعارض مصلحتين ومقصودين، وعند ذلك يجب ترجيح الأقوى "[38].


ومما يجدر بيانه في هذا المقام أن الغزالي اضطرب قوله في الاستصلاح وذلك أن كلامه في المستصفى اختلف عنه في شفاء الغليل والمنخول، وقد تصدى للرد عليه الدكتور البوطي في ضوابط المصلحة، وبين مظاهر الاضطراب في كلامه، فقال بعد تلخيصه كلام الغزالي في الاستصلاح من المستصفى: " هذه خلاصة كلامه عن الاستصلاح في المستصفى، وهو ينطوي على اضطراب نجمل بيانه فيما يلي:

لا معنى لجعله مراتب المصالح أساساً وميزاناً في حكم الاستصلاح، وحصر جوازه فيما كان داخلاً ضمن مرتبة الضروريات فقط، مع قوله فيما بعد بأن المصالح المرسلة داخلة ضمن مقاصد الشارع، وأنها - من أجل ذلك - لا وجه للخلاف فيها بل يجب القطع بكونها حجة. إذ ليس من فرق بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات، في إمكان دخولها ضمن مقاصد الشارع، فكما تكون الضروريات داخلة فيها، فالحاجيات والتحسينيات كذلك، بدليل أن اسم المصالح المرسلة ليس مقتصراً على المصالح الضرورية..


وقد اختلفت تفسيرات الأصوليين ونقولهم لمذهب الغزالي في الاستصلاح تبعاً لما وقع من تخالف واضطراب.. فقال كثير من الأصوليين: إنه لا يقول بالاستصلاح إلا حيث استند إلى مصلحة ضرورية قطعية كلية.. كالعضد في شرحه على ابن الحاجب، والكمال بن الهمام في كتابه التحرير، وكثيرين غيرهم، بل منهم من اختار هذا الرأي وعول عليه كالبيضاوي في المنهاج والآمدي في الإحكام.


ولكن المحقق السبكي رحمه الله أخذ من مجموع ما قاله الغزالي أنه إنما شرط في المصلحة أن تكون قطعية كلية ضرورية، لإخراجها عن محل النزاع وبيان أن مثل هذه المصلحة يؤخذ بها اتفاقاً دون خلاف، ولبيان أن ما لم تتوفر فيه هذه الشروط فهو محل الخلاف والبحث. قال في جمع الجوامع: ( وليس منه - أي المناسب المرسل - مصلحة ضرورية كلية قطعية.


واشترطها الغزالي، للقطع بالقول به، لا لأصل القول به، قال: والظن القريب من القطع كالقطع ).. وهذا الفهم أقرب ما يمكن أن يتلاءم مع كلام الغزالي، وإلا فإنه لا مفر من التناقض الواضح فيه كما ذكرنا. ومما يؤكد سلامة هذا الفهم أن الغزالي رحمه الله، في كتابه شفاء الغليل لم يحصر اعتبار المصالح المرسلة بالمصالح الضرورية فقط، بل وسع دائرة اعتبارها وأدخل فيها الحاجيات أيضاً، حيث قال: ( أما الواقع من المناسبات في رتبة الضروريات أو الحاجيات كما فصلناها، فالذي نراه فيها أنه يجوز الاستمساك بها إن كان ملائماً لتصرفات الشرع، ولا يجوز الاستمساك بها إن كان غريباً لا يلائم القواعد )، أما اشتراط القطعية والكلية فلم يعرج عليه بحال.


أما في المنخول فلم يشترط لاعتبارها أي مرتبة من مراتب المصالح، وأطلق القول باعتبارها ما دامت ملائمة لأحكام الشارع ومقاصده. فقال: ( كل معنى مناسب للحكم يضطرد في أحكام الشارع لا يرده أصل مقطوع به، يقوم عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع فهوم مقول به، وإن لم يشهد له أصل معين ).


فالقدر المشترك فيما كتبه الغزالي عن الاستصلاح في كتبه الثلاثة، هو اعتبار المصالح المرسلة ما دامت داخلة في مقاصد الشارع ملائمة لتصرفاته. أما اشتراط الضرورية والقطعية والكلية، فهو شيء لم يرد إلا في كتابه المستصفى، ولا سبيل لفهم مجموع كلامه بشكل منسجم إلا باتباع ما قاله السبكي..."[39].


والذي يترجح للباحث في هذه المسألة هو القول بحجية المصلحة المرسلة سواء كانت المصلحة التي يراد بناء الحكم عليها واقعة في مرتبة الضروريات، أم في مرتبة الحاجيات، أم في مرتبة التحسينيات، ولكن ترجيحنا لهذا القول مبني على الشروط التالية:

أولاً: أن تكون المصلحة ملائمة لمقاصد الشرع بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله، ولا دليلاً من دلائله القطعية، بل تكون متفقة مع المصالح التي قصد الشرع إلى تحصيلها، بأن تكون من جنسها أو قريبة منها، ليست غريبة عنها، وإن لم يشهد دليل خاص باعتبارها.


ثانياً: أن ترجع إلى حفظ أمر ضروري، أو رفع حرج لازم في الدين. فأما مرجعها إلى حفظ الضروري، فهو من باب ما لا يتم الواجب إلا به، فهي إذن من الوسائل لا المقاصد. وأما رجوعها إلى رفع حرج لازم، فهو إما لاحق بالضروري، وإما من الحاجي، الذي مرده إلى التخفيف والتيسير.


ثالثاً: أن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل منها، فتكون معقولة في ذاتها، بحيث إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول، فلا مدخل لها في الأمور التعبدية كالعبادات والمقدرات، لأن عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل في الأصل[40].


رابعاً: ألا تكون المصلحة في الأحكام التي لا تتغير، كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود، والمقدرات الشرعية، ويدخل في ذلك الأحكام المنصوص والمجمع عليها وما لا يجوز فيه الاجتهاد[41].


خامساً: أن تكون المصلحة حقيقية لا وهمية، وعامة لا خاصة، وهذا يعلم بالنظر والبحث والاستقراء[42].


سادساً: أن الذي يتولى تقدير المصلحة التي يبنى عليها الحكم فيما لا نص فيه ولا إجماع ولا يمكن الحكم فيه بالقياس جماعة من أهل الاجتهاد في الأمة، تتوافر فيهم العدالة والبصيرة النافذة بأحكام الشريعة ومصالح الدنيا[43].


قال الشنقيطي: " فالحاصل أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يتعلقون بالمصالح المرسلة التي لم يدل دليل على إلغائها، ولم تعارضها مفسدة راجحة أو مساوية. وأن جميع المذاهب يتعلق أهلها بالمصالح المرسلة، وإن زعموا التباعد منها. ومن تتبع وقائع الصحابة وفروع المذاهب علم صحة ذلك. ولكن التحقيق أن العمل بالمصلحة المرسلة أمر يجب فيه التحفظ وغاية الحذر حتى يتحقق صحة المصلحة وعدم معارضتها لمصلحة أرجح منها أو مفسدة أرجح منها أو مساوية لها، وعدم تأديتها إلى مفسدة في ثاني حال"[44].


وقال - رحمه الله - في مذكرته في أصول الفقه: " والحق أن أهل المذاهب كلهم يعملون بالمصلحة المرسلة وإن قرروا في أصولهم أنها غير حجة"[45].


وهذا الذي قرره القرافي في شرح التنقيح حيث قال: " وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا أو جمعوا أو فرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي جمعوا أو فرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي إذا في جميع المذاهب"[46]، وقال الدكتور عبد الكريم زيدان: " المصالح المرسلة حجة شرعية صرح بذلك كثير من الفقهاء وبنوا كثيراً من فقههم عليها كما نجد ذلك في فقه الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل. وقد نسب إلى الشافعية والحنفية القول بإنكار حجية المصلحة المرسلة واعتبارها من مصادر الأحكام في الشريعة الإسلامية، ولكننا نجد في فقههم اجتهادات قامت على أساس المصلحة. ومن العلماء من أخذ بالمصلحة بشروط تجعلها من قبيل الضرورات التي لا يختلف العلماء في الأخذ بها وبناء الأحكام عليها كالإمام الغزالي إذ اشترط فيها أن تكون ضرورية وقطعية وكلية.


ولكن الأدلة القوية ترجح القول بمشروعية الأخذ بالمصلحة المرسلة وبناء الأحكام عليها وأن أدلة المنكرين لها أدلة ضعيفة"[47]. وقال ابن عاشور مفصلاً القول في حجية المصالح المرسلة بكلام لا يوجد مثله في غير هذا الموضع: " ولا ينبغي التردد في صحة الاستناد إليها[48]، لأننا إذا كنا نقول بحجية القياس الذي هو إلحاق جزئي حادث لا يعرف له حكم في الشرع بجزئي ثابت حكمه في الشريعة للمماثلة بينهما في العلة المستنبطة، وهي مصلحة جزئية ظنية غالباً لقلة صور العلة المنصوصة، فلأن نقول بحجية قياس مصلحة كلية حادثة في الأمة لا يعرف لها حكم على كلية ثابت اعتبارها في الشريعة باستقراء أدلة الشريعة الذي هو قطعي أو ظني قريب من القطعي أولى بنا وأجدر بالقياس وأدخل في الاحتجاج الشرعي[49] وإني لأعجب فرط العجب من إمام الحرمين - على جلالة علمه ونفاذ فهمه - كيف تردد في هذا المقام[50].


وأما الغزالي، فأقبل وأدبر، فلحق مرة بطرف الوفاق لاعتبار المصالح المرسلة، ومرة بطرف رأي إمام الحرمين إذ تردد في مقدار المصلحة. وجلب كلام إمام الحرمين في كتاب البرهان وكلام الغزالي في المستصفى يطول. ثم إني أقفي على أثرهما فأقول: لا ينبغي الاختلاف بين العلماء بتصاريف الشريعة المحيطين بأدلتها في وجوب اعتبار مصالح هذه الأمة ومفاسد أحوالها عندما تنزل بها النوازل وتحدث لها النوائب. وإنه لا يترقب حتى يجد المصالح المثبتة أحكامها بالتعيين، أو الملحقة بأحكام نظائرها بالقياس. بل يجب عليه تحصيل المصالح غير المثبتة، ولا الملحقة بأحكام نظائرها بالقياس.


وكيف يخالف عالم في وجوب اعتبار جنسها على الجملة، وبدون دخول ي التفاصيل ابتداء، ثقة بأن الشارع قد اعتبر أجناس نظائرها التي ربما كان صلاح بعضها أضعف من صلاح بعض هذه الحوادث.


ثم لا أحسب أن عالماً يتردد - بعد التأمل - في أن قياس هذه الأجناس المحدثة على أجناس نظائرها الثابتة في زمن الشارع أو زمان المعتبرين من قدوة الأمة المجمعين على نظائرها - أولى وأجدر بالاعتبار من قياس جزئيات المصالح عامها وخاصها بعضها على بعض، لأن جزئيات المصالح قد يطرق الاحتمال:

1- إلى أدلة أصول أقيستها.

2- وإلى تعيين الأوصاف التي جعلت مشابهاتها فيها بسبب الإلحاق والقياس، وهي الأوصاف المسماة بالعلل.

3- وإلى صحة المشابهة فيها.


فهذه مطارق احتمالات ثلاثة، بخلاف أجناس المصالح. فإن أدلة اعتبارها حاصلة من استقراء الشريعة قطعاً أو ظناً قريباً من القطع، وأن أوصاف الحكمة قائمة بذواتها غير محتاجة إلى تشبيه فرع بأصل، وإنها واضحة للناظر فيها وضوحاً متفاوتاً لكنه غير محتاج إلى استنباط ولا إلى سلوك مسالكه. أفليست بهذه الامتيازات أجدر وأحق بأن تقاس على نظائر أجناسها الثابتة في الشريعة المستقراة من تصاريفها.


فإن كان بعض تلك المصالح مصالح محضة بحيث لا تعارضها مصالح أخرى ولا تخالطها مفاسد، فلا يحسن بأهل النظر في الشرع أن يختلفوا في تحصيلها.


وإن كانت تعارضها مصالح أخرى أو تخالطها مفاسد، فهي حينئذ يرجع بها إلى حكم تعارض المصالح والمفاسد المشروح في المبحث قبل هذا. وإنه مجال للاجتهاد بحسب قوة آثار المصالح المجتلبة وقوة ما يعارضها من المصالح والمفاسد، وبحسب تفاوت مراتب العلم بقوتها، فتلحق بنظائر أجناسها الثابت بالاستقراء كونها مقصودة للشارع في تحصيل الراجح وإهمال المرجوح، وفي اعتبار عموم الحاجة إلى التحصيل وخصوصها. ويشبه أن يكون المخالف في تحصيلها بدون تردد ملحقاً بنفاة القياس "[51].


أمثلة على المصالح المرسلة:

أولاً: اتفاق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جمع المصحف، وليس ثم نص على جمعه، وذلك بعد وقعة اليمامة، وقد تتبعه زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث زيد بن ثابت قوله: " أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: قلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر، قال زيد بن ثابت، وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن فاجمعه.


فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب، وصدور الرجال، حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم "[52].فهذا عمل لم ينقل فيه خلاف عن أحد من الصحابة.


ومثله أمر عثمان - رضي الله عنه - بجمع الناس على مصحف واحد، وإحراق ما سواه منعاً للخلاف بين المسلمين[53]. وكان سند اتفاقهم على هذا الأمر مجرد كونه خيراً، وإن لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - أو يأمر به. وواضح من كلام زيد - رضي الله عنه - أنه لم ينضم إلى هذا السند أي دليل آخر كالإجماع مثلاً، وإنما حصل الإجماع السكوتي على ذلك بعد بداءة زيد - رضي الله عنه - بالكتابة والجمع، وهو لا يعد سنداً أو جزء سند لما اتفق عليه الثلاثة، لأنه جاء متأخراً عن اتفاقهم، وإنما الإجماع نفسه مستند إلى الخير الذي كان مناط اتفاقهم[54].


وقد يقول قائل: إن فعل أبي بكر وعمر هو قياس الجمع على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابته بجامع الحفظ لكتاب الله تعالى، ولكن العبرة في المثال بالطريقة التي سلكها أبو بكر وعمر في الاجتهاد في أمر الجمع، وهما لم يستندا في ذلك إلا إلى مطلق الخيرية دون أن يخطر في بالهما قياس فرع على أصل، فقد نظروا إلى المسألة من حيث إنها استصلاح[55]، والدليل على ذلك ما قاله زيد عنهما - رضي الله عنهم -: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


ثانياً: عهد أبي بكر - رضي الله عنه - بالخلافة إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعهد لأحد من بعده، ولكنه لم ينه عن ذلك أيضاً. وقد كان سنده في ذلك أنه خشي إن هو قبض ولم يعهد بالخلافة إلى أحد يجمع شتات المسلمين ويوحد كلمتهم أن يعود الاختلاف بينهم بأخطر مما ظهر بينهم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك ما يجعل للعدو مطمعاً فيهم، فهي إذن مصلحة الحيطة في حفظ وحدة المسلمين وحماية شوكتهم، وهي داخلة في مقاصد التشريع وإن لم يرد بذلك نص أو دليل معين[56].


ثالثاً: إن الخلفاء قضوا بتضمين الصناع، قال علي - رضي الله عنه -: " لا يصلح الناس إلا ذاك "[57]، ووجه المصلحة فيه أن الناس لهم حاجة إلى الصناع، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط، وترك الحفظ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين: إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع، فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة، فكانت المصلحة التضمين.. وهو من باب ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة[58].


رابعاً: جواز قتل الجماعة بالواحد، وهو الذي أفتى به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، والمستند فيه المصلحة المرسلة؛ إذ لا نص على عين المسألة، وهو مذهب مالك والشافعي. ووجه المصلحة أن القتيل معصوم، وقد قتل عمداً، فإهداره إهدار لدم برئ، وتعطيل لحكم القصاص الثابت بالكتاب، وفتح لباب الجنايات دون تعرض للعقوبة الرادعة عنها. فإن قيل: هذا أمر ليس له أصل في الشرع وهو قتل غير القاتل. قلنا: ليس كذلك، بل لم يقتل إلا القاتل، وهم الجماعة من حيث الاجتماع عند مالك والشافعي،فهو مضاف إليهم تحقيقاً إضافته إلى الشخص الواحد، وإنما التعيين في تنزيل الأشخاص منزلة الشخص الواحد، وقد دعت إليه المصلحة فلم يكن مبتدعاً مع ما فيه من حفظ مقاصد الشرع في حقن الدماء[59].


خامساً: اتفاق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حد شارب الخمر ثمانين، وإنما مستندهم فيه الرجوع إلى المصالح والتمسك بالاستدلال المرسل، قال العلماء: لم يكن فيه في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حد مقدر، وإنما جرى الزجر فيه مجرى التعزير. ولما انتهى الأمر إلى أبي بكر - رضي الله عنه - قرره على طريق النظر بأربعين، ثم انتهى الأمر إلى عثمان - رضي الله عنه - فتتابع الناس فجمع الصحابة - رضي الله عنهم - فاستشارهم، فقال علي - رضي الله عنه - من سكر هذى، ومن هذى افترى، فأرى عليه حد المفتري.


ووجه إجراء المسألة على الاستدلال المرسل أن الصحابة أو الشرع يقيم الأسباب في بعض المواضع مقام المسببات، والمظنة مقام الحكمة... فرأوا الشرب ذريعة إلى الافتراء الذي تقتضيه كثرة الهذيان، فإنه أول سابق إلى السكران - قالوا - فهذا من أوضح الأدلة على إسناد الأحكام إلى المعاني التي لا أصول لها وهو مقطوع من الصحابة - رضي الله عنهم -[60].


ولقائل أن يقول: لماذا لا يكون هذا من قبيل القياس على حد القذف خصوصاً أن علياً - رضي الله عنه - قال في معرض الاستدلال عليه: من شرب سكر، ومن سكر هذى، ومن هذى افترى، فأرى عليه إذن حد المفتري؟ والجواب: أن بعض الأصوليين ألحقوا هذه المسألة بالقياس، والتحقيق أنه ليس كذلك، إذ القياس إنما هو تعدية حكم بعينه من محل النص إلى محل آخر بعلة هي الموجبة في محل النص، وهذا المعنى غير موجود في مسألتنا هذه، إذ لا يستقيم أن يقال: وجب ثمانون جلدة في القذف بعلة كذا، وتلك العلة بعينها موجودة في شرب الخمر فيجب ثمانون جلدة في شرب الخمر، ذلك أن موجب الثمانين في القذف كونه جناية على عرض الغير، وليس في شرب الخمر تعرض لعرض الغير، بحيث يتحقق من وجوده فيه حتى يعتبر بذلك علة جامعة[61].


سادساً: إن العلماء نقلوا الاتفاق على أن الإمامة الكبرى لا تنعقد إلا لمن نال رتبة الاجتهاد والفتوى في علوم الشرع، كما أنهم اتفقوا أيضاً - أو كادوا أن يتفقوا - على أن القضاء بين الناس لا يحصل إلا لمن رقى في رتبة الاجتهاد، وهذا صحيح على الجملة، ولكن إذا فرض خلو الزمان عن مجتهد يظهر بين الناس، وافتقروا إلى إمام يقدمونه لجريان الأحكام وتسكين ثورة الثائرين، والحياطة على دماء المسلمين وأموالهم، فلا بد من إقامة الأمثل ممن ليس بمجتهد، لأنا بين أمرين، إما أن يترك الناس فوضى، وهو عين الفساد والهرج، وإما أن يقدموه فيزول الفساد بتة، ولا يبقى إلا فوت الاجتهاد، والتقليد كاف بحسبه وإذا ثبت هذا فهو نظر مصلحي يشهد له وضع أصل الإمامة، وهو مقطوع به بحيث لا يفتقر في صحته وملاءمته إلى شاهد. هذا - وإن كان ظاهراً مخالفاً لما نقلوا من الإجماع في الحقيقة - إنما ينعقد على فرض أن لا يخلو الزمان من مجتهد، فصار مثل هذه المسألة مما لم ينص عليه، فصح الاعتماد فيه على المصلحة[62].


سابعاً: ومن أمثلة المصالح المرسلة في اجتهادات الفقهاء[63]:

• عند الحنفية:

قالوا بجواز حرق ما يغنمه المسلمون من العدو في القتال من متاع أو ضأن إذا عجزوا عن حمله، فيذبحون الضأن ويحرقون اللحم، وكذا يحرقون المتاع لئلا ينتفع به العدو، وقالوا بالحجر على الطبيب الجاهل والمفتي الماجن والمكاري المفلس.


• عند المالكية:

قالوا بجواز بيعة المفضول مع وجود الفاضل، وجواز فرض الضرائب على الأغنياء إذا خلا بيت المال - الخزانة العامة - من المال اللازم لمواجهة النفقات الضرورية للدولة كسد حاجات الجند، إلى أن يظهر مال في بيت المال يكفي لسد هذه النفقات. وأجازوا شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراحات للمصلحة، لأنه لا يشهد لعبهم - عادة - غيرهم، وإن لم يتوافر فيهم شرط البلوغ وهو من شروط قبول الشاهد. وأباحوا حبس المتهم وتعزيره توصلاً إلى إقراره. وأباحوا التصرف في مال الغير عند الحاجة وتعذر استئذانه بما يسمى الفضالة.


• عند الشافعية:

قالوا بجواز إتلاف الحيوانات التي يقاتل عليها الأعداء، وإتلاف شجرهم إذا كانت حاجة القتال والظفر بالأعداء والغلبة عليهم تستدعي ذلك .


• عند الحنابلة:

أفتى الإمام أحمد بن حنبل بنفي أهل الفساد إلى بلد يؤمن فيه من شرهم، كما أفتى بتخصيص الرجل أحد أولاده بهبة دون إخوانه لمصلحة معينة كأن يكون مريضاً لا مال له أو محتاجاً أو طالب علم، وقال فقهاء الحنابلة: إن لولي الأمر أن يجبر المحتكرين على بيع ما عندهم بثمن المثل عند ضرورة الناس إليه. كما أن لولي الأمر أن يجبر أصحاب الحرف والصناعات التي يحتاجها الناس على العمل باجر المثل إذا امتنعوا عن العمل بحرفهم وصناعاتهم. وقالوا: من احتاج إلى إجراء الماء في أرض غيره من غير ضرر عليه - أي على صاحب الأرض - فله أن يمرره ولو جبراً على صاحب الأرض، وهذا هو المنقول عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأخذ به أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه وأخذ به فريق من الحنابلة. وهو الأولى والأرجح لأن التعسف في استعمال الحق منهي عنه في الشريعة الإسلامية.


أسباب الخلاف في حجية المصالح المرسلة:

الأول: ما نقله الدكتور التركي عن الغزالي في شفاء الغليل قوله: " وفي كلام الأصوليين أيضاً نوع اضطراب فيه، ومعظم الغموض في هذه القواعد منشؤه الاكتفاء بالتراجم والمعاقد دون التهذيب بالأمثلة "[64].


الثاني: أنهم لم يحددوا المقصود باعتبار الاستصلاح عند نقلهم الخلاف فيه، فهل المقصود اعتباره أصلاً مستقلاً من أصول الاجتهاد، أو المقصود اعتباره في جملة دلائل الاجتهاد الأخرى، ورده إليها، دون أن يأخذ صفة الاستقلال. فالذين مالوا إلى إنكاره، إنما قصدوا بذلك إنكار كونه أصلاً مستقلاً، وكلامهم بهذا القصد صحيح، لأن معظم الأئمة لا يراه دليلاً مستقلاً برأسه. والذين مالوا إلى الاحتجاج به، إنما أرادوا بذلك دخوله في دلائل الاجتهاد الأخرى، وكلامهم بهذا القصد صحيح، لأن عامة الأئمة يأخذون به على هذا الأساس[65].


الثالث: عدم التثبت من الآراء المسندة إلى مالك في القضايا التي مبناها الاستصلاح، والتي قيل عنه بسببها: أنه أفرط واسترسل في الأخذ بالمصالح المرسلة حتى لم يلتفت فيها إلى ضرورة ملاءمتها لأصول الشرع وتصرفاته، ولم يراع فيها أن تكون مصالح حقيقية عامة، مما جعل بعض الناس يتخذونها وسيلة إلى التشريع لتحقيق أهوائهم وللمصالح الخاصة، وهذا ما جعل بعض الأئمة يذهب إلى أنه لا يبنى التشريع عليها سداً للذريعة إلى الشر، وبعضهم يذهب إلى بناء التشريع عليها، ولكنه احتاط، فشرط أن تكون مصلحة عامة لا فردية، وأن تكون ظاهرة المناسبة والملاءمة، بمعنى أن تشريع الحكم بناء عليها، يتفق ومقاصد الشارع العامة من التشريع، ويدفع ضرراً أو يرفع حرجاً، وأن تكون مصلحة حقيقية، لا وهمية. وأهم هذه الآراء التي اشتهرت نسبتها إليه ما نسب إليه قوله: أنا أقتل ثلث الأمة لاستيفاء ثلثيها[66]، قال الشنقيطي في مذكرته راداً على من نسب هذا القول إلى الإمام مالك: "وما ذكره المؤلف رحمه الله من أن مالكاً رحمه الله أجاز قتل الثلث لإصلاح الثلثين ذكره الجويني وغيره عن مالك وهو غير صحيح ولم يروه عن مالك أحد من أصحابه ولم يقله مالك كما حققه العلامة محمد بن الحسن البناني في حاشيته على شرح عبد الباقي الزرقاني لمختصر خليل"[67].


الرابع: ما استفاض عن الشافعي من أنه ينكر الاستحسان، ويعتبره قولاً بالتشهي، وتشريعاً بالهوى والرأي المجرد، دون أن يستثني من ذلك بعبارة صريحة ما استند فيه المجتهد إلى مصلحة داخلة ضمن مقاصد الشرع، ملائمة لتصرفاته، فهذا جعل الكثير يظن أن الشافعي رحمه الله ينكر الاستصلاح من جهة إنكاره الاستحسان، للتقارب بينهما، ودقة الفرق بينهما. والجواب عليه: أن إنكار الشافعي للاستحسان لا يلزم منه إنكاره للاستصلاح، كما لا يلزم من عدم ذكره له بصريح العبارة عدم احتجاجه به، إذ أنه يرى أنه نوع من القياس وليس أصلاً مستقلاً برأسه[68].


ومما يدل على أن الاستصلاح حجة عند الشافعي وإن لم يكن دليلاً مستقلاً قوله فيما نقله عنه الجويني في البرهان: " إذا استندت المعاني إلى الأصول فالتمسك بها جائز، وليست الأصول وأحكامها حججاً، وإنما الحجج في المعنى. ثم المعنى لا يدل بنفسه حتى يثبت بطريق، وأعيان المعاني ليست منصوصة، وهي المتعلق، فقد خرجت المعاني عن ضبط النصوص، وهي متعلق النظر والاجتهاد، ولا حجة في انتصابها إلا تمسك الصحابة - رضي الله عنهم - بأمثالها، وما كانوا يطلبون الأصول في وجوه الرأي. فإن كان الاقتداء بهم فالمعاني كافية، وإن كان للتعلق بالأصول فيه غير دالة ومعانيها غير منصوصة "[69]. وعلق الجويني على كلام الشافعي - رحمه الله - قائلاً: " ومن تتبع كلام الشافعي لم يره متعلقاً بأصل ولكنه ينوط الأحكام بالمعاني المرسلة، فإن عدمها التفت إلى الأصول مشبهاً "[70].


وهذا الكلام قد يشكل على قارئه، إذ أنه يوحي إليه من أول وهلة أن الشافعي لا يرى الانضباط بالأصول في الأحكام التي ليس فيها اعتبار ولا إلغاء من الشارع، طالما أنها مرسلة، وهذا الظن لا يسلم به، فقد علق الجويني على كلام الشافعي بقوله: " قد ثبتت أصول معللة اتفق القايسون على عللها، فقال الشافعي: أتخذ تلك العلل معتصمي، وأجعل الاستدلالات قريبة منها، وإن لم تكن أعيانها، حتى كأنها مثلاً أصول، والاستدلال معتبر بها، واعتبار المعنى بالمعنى تقريباً أولى من اعتبار صورة بصورة بمعنى جامع؛ فإن متعلق الخصم من صورة الأصل معناها لا حكمها، فإذا قرب معنى المجتهد والمستدل فيما يجتهد إلى الشرع، ولم يرده أصل، كان استدلالاً مقبولاً"[71].


علاقة المصالح المرسلة بالمقاصد:

تظهر علاقة المصالح المرسلة بالمقاصد في عدة أمور:

أولاً: اندراجها في مقاصد الشريعة: فالمصالح المرسلة طالما أننا قد حققنا القول في حجيتها، وأن من شروطها ملائمتها لتصرفات الشارع بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله، ولا دليلاً من أدلته القطعية، فهي إذا داخلة في مقاصد التشريع.


ثانياً: أن جلب المصالح يمثل حفظ ورعاية مقاصد الشريعة من جانب الوجود، فالمصالح ضرورية ولا بد منها حتى تتحصل مقاصد الشريعة، فإيجاد المقاصد، وتثبيتها، ورعايتها، والعناية بها لا يتم إلا بحصول المصالح والمنافع.


ثالثاً: تمثل المقاصد، ورعايتها، والجري على سننها، وعدم مناقضتها عنصراً رئيساً، وشرطاً مهماً في اعتبار المصالح.


رابعاً: كما يشترط في المجتهد أن يكون ملماً بمقاصد الشريعة، فكذلك يشترط فيمن ينظر في المصالح ويزنها، ويعتمد عليها في اعتبارها، أن يكون من ذوي الاختصاص الذين اصطبغوا بهذه الشريعة، ونهلوا من معينها الصافي، وهذا هو ما يختص به العلماء، وهو حقيقة العمل بما جاءت به الرسل.


خامساً: جلب المصالح الحقيقية الموافقة لروح الشريعة يمثل جانباً مهماً في إبراز محاسن الشريعة، وجمالها، وسر خلودها، وترغيب الناس فيها، وفي المقابل فإن إهمال المصالح الحقيقية المضبوطة بضابط الشرع فيه هدر لهذه المقاصد وخرم لها، ومناقضة لمطلوب الشارع ومراده، مما قد يجلب العنت والمشقة، ويظهر الشريعة بمظهر تبدو فيه غير ملائمة وملبية لحاجات المكلفين ومصالحهم[72].


سادساً: تظهر علاقة المصالح المرسلة بالمقاصد في ضوء تقسيم العلماء للمصالح المرسلة إلى ثلاثة أقسام باعتبار قوتها في ذاتها، وهي: الضرورية، والحاجية، والتحسينية، وقد تقدم تفصيلها في ثنايا هذا البحث، فهذه الأنواع الثلاثة من المصالح هي نقطة انطلاق مبدأ المصالح المرسلة[73]، وليس معنى هذا انطباق المصالح المرسلة على المقاصد أو العكس، وإنما هي - أي المصالح - مندرجة فيها كما تقدم.


الخاتمة

وبعد: فإن إدراك مقاصد الشريعة، وإبراز عللها يؤكد صلاحيتها وقدرتها على التكيف والتفاعل مع مختلف الظروف، ولذلك اهتم العلماء ببيان خصائص الشريعة وذكر مزاياها، ومنها مراعاتها للمصالح، وعمومها، وموافقتها للعقل، وإمكانية تعليل أحكامها مع مرونتها. وبناء على ذلك فإن العالم ودارس الشريعة والمتخصص فيها ونحوهم لا يمكنهم الاستغناء عن دراسة المقاصد، وإبراز حكمة الشريعة، خاصة إذا علمنا أن جماهير العلماء متفقون على أن الشريعة معللة بالحكم والمصالح، وأن الشارع وضعها لمصالح العباد عاجلاً وآجلاً.


ولذلك فإننا بحاجة إلى التعرف على أهم نقاط البحث التي دار حولها موضوعه - وهو مقاصد الشريعة -، ويمكننا إجمالها فيما يلي:

• المقاصد في الاصطلاح عرفت تعريفات متعددة كلها متفقة على أنها دائرة مع المعاني والغايات الملحوظة في أحكام الشريعة من أجل تحقيق مصالح الخلق في الدارين.


• شهد علم المقاصد مراحل متعددة حتى وصل إلى صورته المعروفة، وقد انطلق العلماء في تقريره ووضع قواعده من النصوص الشرعية وفق منهجية معروفة في كتب الأصول من خلال مباحث التعليل، حيث اتبعوا عدة طرق في إثباتها وأهمها استقراء الشريعة في تصرفاتها، وقد تدرج حتى وصل إلى مرحلة نضجه على يد علماء كبار كشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الشاطبي وغيرهما.


• علم المقاصد الشرعية لا يمكن اعتباره إلا وفق قواعد وضوابط وضعها العلماء استقراء واستنباطاً من تصرفات الشارع، وهي أربعة: الثبوت، والظهور، والانضباط، والاطراد.


• النظر المقاصدي مناط بالعلماء والمجتهدين؛ لأنه نوع دقيق من أنواع العلم، وحق العامي أن يتلقى الشريعة من العلماء دون بيان مقاصدها، ثم يتوسع للناس في تعريفهم المقاصد بمقدار ازدياد حظهم من علوم الشريعة.


• قسم العلماء المقاصد باعتبارات مختلفة، وكان الهدف من ذلك أنه يعين على النظر الأولوي، والموازنة بين المصالح والمفاسد من جهة، وبين مراتب المصالح أو المفاسد من جهة أخرى.


• فمن حيث الوضع قسمت إلى مقاصد الشارع، ومقاصد المكلف.
• ومن حيث العموم والخصوص قسمت إلى مقاصد عامة، ومقاصد خاصة، ومقاصد كلية، ومقاصد جزئية.
• ومن حيث اعتبار حظ المكلف وعدمه قسمت إلى مقاصد أصلية، ومقاصد تابعة.
• ومن حيث القطع والظن قسمت إلى مقاصد قطعية، ومقاصد ظنية، ومقاصد وهمية.
• ومن حيث الحاجة والأهمية قسمت إلى مقاصد ضرورية، ومقاصد حاجية، ومقاصد تحسينية.


• المصالح من حيث شهادة الشرع لها بالاعتبار أو الإلغاء أو السكوت عن الاعتبار والإلغاء تنقسم إلى ثلاثة أقسام: المصلحة المعتبرة، والمصلحة الملغاة، والمصلحة المرسلة: فأما المصلحة المعتبرة فهي المصلحة التي شهد الشارع لها بالاعتبار، وجاءت الأدلة بطلبها، ولذلك فإنها مندرجة في مقاصد الشارع قطعاً، وأما المصلحة الملغاة فهي المصلحة التي شهد الشارع لها بالإلغاء، ولذلك فإنها غير مندرجة في مقاصد الشارع قطعاً، وأما المصلحة المرسلة فهي المصلحة التي لم يشهد لها الشارع بالاعتبار أو الإلغاء، وقد اختلف أهل العلم في حكمها ومدى اعتبار الشارع لها، والذي يترجح ويظهر للباحث أنها معتبرة بحكم اندراجها في مقاصد الشرع، ولكن وفق شروط معينة أوضحها الباحث في ثنايا هذا البحث، وهذا الذي ترجح قد اتفق عليه جماهير العلماء على الرغم من اختلاف أنظارهم إليها بين اعتبارها دليلاً مستقلاً أو جعلها معنى من معاني القياس، والأمر لا يخرج عن كونه خلافاً لفظياً.


المراجع:

• الأسس العامة لفهم النص الشرعي، د. عبد المجيد السوسوه، دار الجامعات اليمنية، ط1، 1421هـ/2000م.

• أصول الفقه الإسلامي، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1406هـ/1986م.

• أصول مذهب الإمام أحمد، د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1416هـ/1996م.

• أضواء على الأصول العشرين للإمام حسن البنا، عصام أحمد البشير، مكتبة المنار الإسلامية، ط1، 1410هـ/1990م.

• الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، 2002م.

• الإحكام في أصول الأحكام، علي بن محمد الآمدي، تعليق العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي، دار الصميعي، الرياض، ط1، 1424هـ/2003م.

• الاجتهاد المقاصدي، د. نور الدين بن مختار الخادمي، سلسلة كتاب الأمة، قطر، ط1، 1419هـ/1998م.

• إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، محمد بن علي الشوكاني، تحقيق سامي بن العربي الأثري، دار الفضيلة، الرياض، ط1، 1421هـ/2000م.

• إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط2، 1405هـ/1985م.

• الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت، دار القلم، القاهرة، بدون تاريخ.

• الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي، دار الفكر، دمشق / مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، بدون تاريخ.

• إعلام الموقعين، ابن قيم الجوزية، مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، 1388هـ/1968م.

• إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ابن قيم الجوزية، ابن قيم الجوزية، مكتبة المعارف، الرياض، ط2، 1408هـ/1988م.

• البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين الزركشي، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ط2، 1413هـ/1992م.

• البرهان في أصول الفقه، أبو المعالي الجويني، تحقيق د. عبد العظيم ديب، ط1، 1399هـ.

• بين علمي أصول الفقه والمقاصد، الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1425هـ/2004م.

• تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي، دار الهداية، بدون تاريخ.

• تحفة المحتاج في شرح المنهاج، أحمد بن علي بن حجر الهيتمي، دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ.

• تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م.

• التوحيد والتزكية والعمران، د. طه جابر العلواني، دار الهادي، بيروت، ط1، 1424هـ/2003م.

• تهذيب الموافقات، محمد حسين الجيزاني، دار ابن الجوزي، الرياض، ط1، 1421هـ.

• الجامع لمسائل أصول الفقه، د. عبد الكريم بن علي النملة، مكتبة الرشد، الرياض، ط2، 1421هـ/2000م.

• الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/1985م.

• خطاب التجديد الإسلامي، مجموعة مؤلفين، دار الفكر، دمشق، ط1، 1425هـ/2004م.

• دراسة في فقه مقاصد الشريعة، د. يوسف القرضاوي، دار الشروق، القاهرة، ط1، 1427هـ/2006م.

• الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، ابن حجر العسقلاني، دار الجيل، بيروت، 1414هـ/1993م.

• روضة الناظر وجنة المناظر، ابن قدامة المقدسي، تحقيق د. عبد العزيز السعيد، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط2، 1399هـ.

• السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، د. يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1421هـ/2000م.

• شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ابن قيم الجوزية، دار المعرفة، بيروت، 1398هـ/1978م.

• شرح الكوكب المنير، ابن النجار الفتوحي، مكتبة العبيكان، الرياض، 1413هـ/1993م.

• شرح مختصر الروضة، نجم الدين الطوفي، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1419هـ/1998م.

• الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن قيم الجوزية، دار العاصمة، الرياض، ط3، 1418هـ/1998م.

• ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، د. محمد سعيد رمضان البوطي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط6، 1421هـ/2000م.

• علم المقاصد الشرعية، د. نور الدين بن مختار الخادمي، مكتبة العبيكان، الرياض، ط1، 1421هـ/2001م.

• العمل بالمصلحة، د. عبد العزيز الربيعة، بحث منشور في مجلة أضواء الشريعة، إصدار كلية الشريعة بالرياض، العدد 10، 1399هـ.

• في الاجتهاد التنزيلي، د. بشير بن مولود جحيش، سلسلة كتاب الأمة، قطر، ط1، 1424هـ/2003م.

• في ظلال القرآن، سيد قطب، دار العلم، جدة، ط12، 1406هـ/1996م.

• القاموس المحيط، الفيروزآبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، بدون تاريخ.

• قواطع الأدلة في أصول الفقه، أبو المظفر السمعاني الشافعي، تحقق د. عبد الله بن حافظ الحكمي، مكتبة التوبة، الرياض، 1419هـ/1998م.

• قواعد الأحكام في مصالح الأنام، العز بن عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ.

• قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، د. عبد الرحمن الكيلاني، دار الفكر، دمشق، ط2، 1426هـ/2005م.

• كل بدعة ضلالة، محمد المنتصر الريسوني، مكتبة دار المنهاج، الرياض، ط3، 1428هـ.

• لسان العرب، ابن منظور، دار صادر، بيروت، ط1، بدون تاريخ.

• المجموع شرح المهذب، محي الدين النووي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1423هـ/2002م.

• مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، ط2، 1416هـ/195م.

• المحصول في أصول الفقه، فخر الدين الرازي، تحقيق د. طه جابر العلواني، مؤسسة الرسالة، بدون تاريخ.

• مدخل لدراسة الشريعة، د. يوسف القرضاوي، بدون تاريخ.

• المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية، د. علي جمعة محمد، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/2007م.

• مذكرة في أصول الفقه، محمد الأمين الشنقيطي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط5، 2001م.

• المستصفى من علم الأصول، أبو حامد الغزالي، تحقيق د. حمزة زهير حافظ، المدينة المنورة، بدون تاريخ.

• المصالح المرسلة، محمد الأمين الشنقيطي، نشر الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ط1، 1410هـ.

• المصلحة عند الحنابلة، سعد بن ناصر الشثري، مجلة البحوث الإسلامية، إصدار رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، المملكة العربية السعودية، العدد 47.

• معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، محمد بن حسين الجيزاني، دار ابن الجوزي، الرياض، ط3، 1422هـ.

• مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الخطيب الشربيني، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ.

• المغني، موفق الدين ابن قدامة المقدسي، دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ.

• مقاصد الشريعة، مجموعة مؤلفين، تحرير عبد الجبار الرفاعي، دار الفكر المعاصر، بيروت /دار الفكر، دمشق، ط2، 1426هـ/2005م.

• مقاصد الشريعة الإسلامية، محمد الطاهر ابن عاشور، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1425هـ/2004م.

• مقاصد الشريعة الإسلامية، د. عبد الله النعيم، د. جمال الدين الشريف، معهد إسلام المعرفة، جامعة الجزيرة، السودان، ط1، 2005م.

• مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، يوسف أحمد البدوي، دار النفائس، الأردن، ط1، 2000م.

• المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، د. يوسف حامد العالم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فرجينيا، ط2، 1415هـ/1994م.

• منتهى السول في علم الأصول، على بن محمد الآمدي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1424هـ/2003م.

• منهج التيسير المعاصر، عبد الله بن إبراهيم الطويل، دار الهدي النبوي، مصر / دار الفضيلة، السعودية، ط1، 1426هـ/2005م.

• الموافقات في أصول الشريعة، أبو إسحاق الشاطبي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1423هـ/2002م.

• موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، تحرير أ.د. عبد الحليم عويس، دار الوفاء، المنصورة / ابن حزم، بيروت، ط1، 1426هـ/2005م.

• الموسوعة الفقهية، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، دار ذات السلاسل، ط2، 1404هـ/1983م.

• نظرات في الشريعة، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1421هـ/2000م.

• نظرية التقعيد الفقهي وأثرها في اختلاف الفقهاء، محمد الروكي، نشر كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط1، 1414هـ/1994م.

• نظرية مقاصد الشريعة بين شيخ الإسلام ابن تيمية وجمهور الأصوليين، عبد الرحمن يوسف القرضاوي، نشر جامعة القاهرة، بدون تاريخ.

• الوجيز في أصول التشريع الإسلامي، د. محمد حسن هيتو، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1421هـ/2000م.

• الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، د. محمد مصطفى الزحيلي، دار الخير، دمشق،ط1، 1423هـ/2003م.

• الوجيز في أصول الفقه، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، إعادة الطبعة الأولى، 1419هـ/1999م.

• مجلة إسلامية المعرفة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الأعداد: 45- 46 – 47.

 


[1] ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص287.
[2] المستصفى، مرجع سابق، ج2ص481.
[3] روضة الناظر، مرجع سابق، ص169. 
[4] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص114. 
[5] مذكرة في أصول الفقه، الشنقيطي، ص202. 
[6] ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص288. 
[7] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص120. 
[8] المرجع السابق، ص124، المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص306. 
[9] تهذيب الموافقات، محمد حسين الجيزاني، ص179، وللتوسع انظر : الموافقات، مرجع سابق، ص384. 
[10] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص125، المصلحة عن الحنابلة، مرجع سابق، ص306. 
[11] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص125. 
[12] انظر : قواطع الأدلة في أصول الفقه، السمعاني، ج4ص491، نظرية التقعيد الفقهي، محمد الروكي، ص475، العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص127. 
[13] انظر : قواطع الأدلة في أصول الفقه، مرجع سابق، ج4ص493. وسيأتي كلامه في الدليل الثالث من أدلة المانعين.
[14] قال في كتابه : منتهى السول في علم الأصول ص245 : " وقد اتفقت الشافعية والحنابلة وأكثر الفقهاء على امتناع التمسك بها إلا ما نقل عن مالك، مع إنكار أصحابه لذلك عنه، والحق في ذلك مذهب الجمهور؛ لأن ما لا يكون معتبراً في الشرع لا يكون دليلاً شرعياً ". وقال في الإحكام ج4ص195 : " وقد اتفق الفقهاء من الشافعية والحنفية وغيرهم على امتناع التمسك به، هو الحق ". 
[15] إرشاد الفحول، مرجع سابق، ج2ص990. 
[16] الإطلاق هنا ليس معناه العمل بالمصلحة المرسلة بدون ضوابط، وإنما القصد منه القول بحجية المصلحة المرسلة، وجواز بناء الأحكام عليها، وسيأتي بيان ذلك لاحقاً. 
[17] المستصفى، ج2ص481. 
[18] المائدة، آية 3. 
[19] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص141، المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص315. 
[20] نظرية التقعيد الفقهي، مرجع سابق، ص477، العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص143، المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص316. 
[21] قواطع الأدلة في أصول الفقه، مرجع سابق، ج4ص493. 
[22] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص145. 
[23] نظرية التقعيد الفقهي، مرجع سابق، ص477. 
[24] قواطع الأدلة في أصول الفقه، مرجع سابق، ج4ص494. 
[25] نظرية التقعيد الفقهي، مرجع سابق، ص478، العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص137. 
[26] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص138، المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص310. 
[27] المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص310. 
[28] نظرية التقعيد الفقهي، مرجع سابق، ص478، العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص140، المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص312. 
[29] سيأتي بيانها لاحقاً. 
[30] المستصفى، مرجع سابق، ج2ص487. 
[31] المرجع السابق، ج2ص488. 
[32] المرجع السابق، ج2ص493. 
[33] المرجع السابق، ج2ص502. 
[34] أصول مذهب الإمام أحمد، مرجع سابق، ص464، وقد لخص الدكتور عبد الله التركي كلام الغزالي تلخيصاً جيداً، ولهذا اعتمدنا عليه في النقل هنا. 
[35] روضة الناظر، مرجع سابق، ص170. 
[36] المرجع السابق، ص170. 
[37] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص 148. 
[38] المستصفى، مرجع سابق، ج2ص503. 
[39] ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص341-343. 
[40] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص129، مدخل إلى دراسة الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص164، السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، مرجع سابق، ص91. 
[41] معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، مرجع سابق، ص246. 
[42] المصلحة عند الحنابلة، مرجع سابق، ص320. 
[43] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص168. 
[44] المصالح المرسلة، الشنقيطي، ص21. 
[45] مذكرة في أصول الفقه، مرجع سابق، ص203. 
[46] مدخل إلى دراسة الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص162، السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، مرجع سابق، ص90. 
[47] نظرات في الشريعة، مرجع سابق، ص275. 
[48] أي المصلحة المرسلة. 
[49] كلام الشيخ ابن عاشور ـ رحمه الله ـ يدل على جعله المصلحة المرسلة نوعاً من أنواع القياس سماه قياس الجنس، بخلاف القياس المعروف في علم الأصول هو قياس العلة. انظر : بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص297. 
[50] يشير رحمه الله إلى ما قاله إمام الحرمين الجويني في البرهان ص1113 : " فذهب القاضي، وطوائف من متكلمي الأصحاب إلى رد الاستدلال، وحصر المعنى فيما إلى أصل. وأفرط الإمام إمام دار الهجرة، مالك بن أنس في القول بالاستدلال.. وذهب الشافعي ومعظم أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنهما إلى اعتماد الاستدلال، وإن لم يستند إلى حكم متفق عليه في أصل، ولكنه لا يستجيز النأي والبعد والإفراط، وإنما يسوغ تعليق الأحكام بمصالح يراها شبيهة بالمصالح المعتبرة وفاقاً، وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول، قارة في الشريعة ". 
[51] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص245-248. 
[52] أخرجه البخاري، كتاب التفسير، رقم 4679. 
[53] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص115، أصول مذهب الإمام أحمد، مرجع سابق، ص467. 
[54] ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص309. 
[55] المرجع السابق، ص309. 
[56] المرجع السابق، ص309. 
[57] أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الإجارة، رقم 11444. وقد ضعفه الشيخ الألباني في إرواء الغليل ج5ص319، رقم 1496. وإذا ثبت ضعفه فلا يصح جعله مستنداً لأمثلة المصالح المرسلة، ولكنا سقناه هنا لشهرته عند العلماء. 
[58] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص119. 
[59] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص125، ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص311. 
[60] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص118. 
[61] ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص312. 
[62] الاعتصام، مرجع سابق، ج2ص126. 
[63] نظرات في الشريعة، مرجع سابق، ص276، الوجيز في أصول الفقه، د. وهبة الزحيلي، ص95. 
[64] أصول مذهب الإمام أحمد، مرجع سابق، ص465. 
[65] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص156، ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص347. 
[66] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص156، ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص348، وانظر أقوال أخرى منسوبة إلى الإمام مالك في ضوابط المصلحة، ص294، 348.
[67] مذكرة في أصول الفقه، مرجع سابق، ص203.
[68] العمل بالمصلحة، مرجع سابق، ص157، ضوابط المصلحة، مرجع سابق، ص352.
[69] البرهان في أصول الفقه، الجويني، ص1117.
[70] المرجع السابق، ص1118.
[71] المرجع السابق، ص1121.
[72] مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، مرجع سابق، ص359.
[73] أصول الفقه الإسلامي، د. وهبة الزحيلي، ص755.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مدخل إلى علم المقاصد (1 /5)
  • مدخل إلى علم المقاصد (3 /5)
  • بين (مقاصد الشريعة) و(مقاصد النفوس)!
  • الحاجة لفقه المقاصد
  • نظرية المقاصد في فقه الوقف
  • أنواع المقاصد باعتبار القطع والظن
  • فهم المقاصد ووجوب الاجتهاد في اللغة

مختارات من الشبكة

  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • البحث في علم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علم المصطلح وعلم اللغة: أبعاد العلاقة بينهما(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كتب علوم القرآن والتفسير (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • طبيعة العلم من المنظور الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متن في المقاصد (غنية القاصد لعلم المقاصد) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • علم الماهية والعلوم المطلوبة للأغراض المحمودة وعلم الظاهر من الحياة الدنيا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما موقع علم الفقه في سلم العلوم الشرعية؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب