• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مدخل إلى علم المقاصد (3 /5)

د. فارس العزاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/6/2009 ميلادي - 22/6/1430 هجري

الزيارات: 204206

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضوابط المقاصد وأقسامها

مدخل إلى علم المقاصد (3 /5)

 

ضوابط المقاصد:
إن المرجع في التعرف على المقاصد وتعيينها هو الوقوف على الأدلة الشرعية التفصيلية وعللها أو على حكمة التشريع التي قصد إليه الشارع[1]، وقد تم بيانه سابقاً في مبحث طرق إثبات المقاصد، وحتى يتسنى لنا الوقوف على المقاصد الحقيقية علينا أن نقف على الأمور الضابطة لها، وقد وضع ابن عاشور في مقاصده أربعة ضوابط للمقاصد بقوله:
"المقاصد الشرعية نوعان: معان حقيقية، ومعان عرفية عامة.. فأما المعاني الحقيقية فهي التي لها تحقق في نفسها بحيث تدرك العقول السليمة ملاءمتها للمصلحة أو منافرتها لها، أي تكون جالبة نفعاً عاماً أو ضراً عاماً، إدراكاً مستقلاً عن التوقف على معرفة عادة أو قانون،كإدراك كون العدل نافعاً، وكون الاعتداء على النفوس ضاراً، وكون الأخذ على يد الظالم نافعاً لصلاح المجتمع.. وأما المعاني العرفية فهي المجربات التي ألفتها نفوس الجماهير، واستحسنتها استحساناً ناشئاً عن تجربة ملاءمتها لصلاح الجمهور، كإدراك كون الإحسان معنى ينبغي تعامل الأمة به، وكإدراك كون عقوبة الجاني رادعة إياه عن العود إلى مثل جنايته، ورادعة غيره عن الإجرام، وكون ضد ذينك يؤثر ضد أثرهما[2]، وإدراك كون القذارة تقتضي التطهر.

وقد اشترطت لهذين النوعين: الثبوت، والظهور، والانضباط، والاطراد.
فالمراد بالثبوت: أن تكون تلك المعاني مجزوماً بتحققها أو مظنوناً ظناً قريباً من الجزم.
والمراد بالظهور: الاتضاح، بحيث لا يختلف الفقهاء في تشخيص المعنى، ولا يلتبس على معظمهم بمشابهه، مثل حفظ النسب الذي هو المقصد من مشروعية النكاح فهو معنى ظاهر ولا يلتبس بحفظه الذي يحصل بالمخادنة أو بالإلاطة، وهي إلصاق المرأة البغي الحمل الذي تعلقه برجل معين ممن ضاجعوها.

والمراد بالانضباط: أن يكون للمعنى حد معتبر لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، بحيث يكون القدر الصالح منه لأن يعتبر مقصداً شرعياً قدراً غير مشكك، مثل حفظ العقل إلى القدر الذي يخرج به العاقل عن تصرفات العقلاء الذي هو المقصد من مشروعية التعزير بالضرب عند الإسكار.

والمراد بالاطراد: أن لا يكون المعنى مختلفاً باختلاف أحوال الأقطار والقبائل والأعصار، مثل وصف الإسلام، والقدرة على الإنفاق في تحقيق مقصد الملاءَمة للمعاشرة المسماة بالكفاءة المشروطة في النكاح في قول مالك وجماعة من الفقهاء "[3].

النظر في المقاصد:
لكون مقاصد الشريعة نوعًا دقيقًا من أنواع العلم، فإنها تحتاجُ إلى نظرٍ دقيقٍ يتناسب معها يستطيع معرفة مراد الشارع من وضعه للشريعة، وإدراك غايات التشريع والأحكام الموضوعة للمكلفين، ولذلك: "ليس كل مُكلَّفٍ بحاجةٍ إلى معرفة مقاصد الشريعة.. فحقُّ العامِّي أن يتلقَّى الشريعة بدون معرفة المقصد؛ لأنه لا يحسن ضبطه ولا تنزيله. ثم يتوسَّع للناس في تعريفهم المقاصد بمقدار ازدياد حظِّهم من العلوم الشرعية، لئلا يضعوا ما يُلقنون من المقاصد في غير مواضعه، فيعود بعكس المراد، وحق العالم فهم المقاصد"[4].

وإذا كانت بعض معاني الشريعة ظاهرة بينة، والمصلحة فيها قطعية لا خلاف فيها بين العلماء مهما اختلفت الظروف والأحوال والأزمنة والأمكنة - كسائر القطعيات في الشريعة، فإن هناك من المعاني ما يتردد بين كونه صلاحاً تارة وفساداً تارة أخرى، وهذا معناه: اختلال صفة الاطّراد فيها، فهذه لا تصلح لاعتبارها مقاصد شرعية على الإطلاق، ولا لعدم اعتبارها كذلك؛ بل المقصد الشرعي فيها أن توكل إلى نظر علماء الأمة وولاة الأمور الأمناء على مصالحها من أهل الحل والعقد، لتعيين الوصف الجدير بالاعتبار في أحد الأحوال دون غيره صلاحاً أو فساداً[5].

وهذا الأصل مُقرَّر في النصوص الشرعية، مُتَّفقٌ عليه بين العلماء المعتبرين، ومن أبرز الأمثلة على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾[6]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾[7].

فالنظر المقاصدي في غاية من الأهمية تجعل الفقيه قادراً على فهم النص واكتمال دلالاته به، ولا يستقيم الفهم للنص بمجرد الوقوف على ظاهره والجمود عند حرفيته وتفسيره بذلك دون ربطه بالمقاصد العامة للتشريع وعلل الأحكام[8]، وهذا لا يتيسر إلا للعلماء.

أقسام المقاصد:
بالنظر إلى أهمية المقاصد الشرعية فقد حظيت بعناية العلماء من حيث تقسيمها وبيان مراتبها، والهدف من هذا التقسيم أنه يعين على النظر الأولوي والموازنة بين المصالح والمفاسد من جهة، وبين مراتب المصالح أو المفاسد في ذاتها من جهة أخرى، وهذا دفع باتجاه تقسيم المقاصد باعتبارات مختلفة[9]:
• من حيث الوضع إلى مقاصد الشارع ومقاصد المكلف.
• ومن حيث العموم والخصوص إلى مقاصد عامة ومقاصد كلية ومقاصد خاصة ومقاصد جزئية.
• ومن حيث اعتبار حظ المكلف وعدمه إلى مقاصد أصلية ومقاصد تابعة.
• ومن حيث القطع والظن إلى مقاصد قطعية ومقاصد ظنية ومقاصد وهمية.
• ومن حيث الحاجة والأهمية إلى مقاصد ضرورية وحاجية وتحسينية.
وسنستعرض هذه الأقسام بصورة موجزة، مع التنبيه على أن هذه الأقسام قد يتداخل بعضها في بعض:

أولاً: أقسام المقاصد من حيث الوضع:
مقاصد الشارع:
وهي المقاصد التي قصدها الشارع بوضعه الشريعة، وهي تتمثل إجمالاً في جلب المصالح ودرء المفاسد في الدارين[10]، وقد قدم الشاطبي كتاب المقاصد بقوله: "وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معًا"[11]، وحصر - رحمه الله - مقصد الشارع في أربعة أنواع:
الأول: قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء.
الثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للأفهام.
الثالث: قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها.
الرابع: قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة[12] .
وقد جرى على هذا التقسيم ابن عاشور في مقاصده[13]، وسيأتي الحديث عن مضامينها عند ذكر المقاصد الضرورية وقسيميها.

مقاصد المكلف:
وهي المقاصد التي يقصدها المكلف في سائر تصرفاته، اعتقاداً وقولاً وعملاً[14]، وتكون معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات، وهي التي تفرق بين ما هو عادة وما هو عبادة، وفي العبادات بين ما هو واجب وغير واجب، وفي العادات بين الواجب والمندوب، والمباح والمكروه والمحرم، والصحيح والفاسد، وغير ذلك من الأحكام، هذا من جهة ومن جهة أخرى قصد المكلف لا بد أن يكون موافقاً لقصد الشارع من التكليف، وهذا ظاهر من جهة أن المكلف خلق لعبادة الله تعالى، وذلك راجع إلى العمل على وفق القصد من وضع الشريعة - وهذا محصول العبادة - [15]، والخروج من داعية الهوى إلى حسن الامتثال للخالق، فالمقصد الشرعي من وضع الشريعة هو إخراج المكلف عن داعية هواه، حتى يكون عبداً لله اختياراً، كما هو عبد لله اضطراراً[16].

ثانياً: أقسام المقاصد من حيث العموم والخصوص:
مقاصد كلية: وهي المقاصد الضرورية[17] التي لا بد منها لقيام نظام العالم وصلاحه بحيث لا يبقى النوع الإنساني مستقيم الحال بدونه، وقد حصر العلماء هذا النوع في خمسة وهو حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال[18].

مقاصد جزئية: وهي ما يقصده الشارع من كل حكم شرعي[19]، وما فيه من علل وحكم وأسرار، ويدخل فيها مقاصد الفروع الفقهية المبثوثة في كتب الفقه والقواعد، وما وضعه العلماء من تصانيف في محاسن الشريعة[20].

مقاصد عامة: وهي المقاصد التي تلاحظ في جميع أو أغلب أبواب الشريعة ومجالاتها، بحيث لا تختص ملاحظتها في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا أوصاف الشريعة وغاياتها الكبرى[21].

مقاصد خاصة: وهي المقاصد المتعلقة بباب معين أو أبواب متجانسة من الشريعة كأبواب المعاملات[22]، وقد اهتم بهذا النوع من المقاصد العلامة ابن عاشور في مقاصده، وقد وصفها بقوله: " وهي الكيفيات المقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة، أو لحفظ مصالحهم العامة في تصرفاتهم الخاصة، كي لا يعود سعيهم في مصالحهم الخاصة بإبطال ما أسس لهم من تحصيل مصالحهم العامة، إبطالاً عن غفلة أو عن استزلال هوى وباطل شهوة. ويدخل في ذلك كل حكمة روعيت في تشريع أحكام تصرفات الناس"[23].

ثالثاً: أقسام المقاصد من حيث اعتبار حظ المكلف وعدمه:
مقاصد أصلية: هي المقاصد التي لا حظ فيها للمكلف، وهي الضروريات الخمس في كل ملة، التي بها القيام بمصالح عامة مطلقة، وهي على ضربين: عينية وكفائية، فأما العينية فهي واجبة على كل مكلف في نفسه، فهو مأمور بحفظ دينه، ونفسه، وعقله، ونسله، وماله.

ويدل على ذلك: أنه لو فرض اختيار العبد خلاف هذه الأمور لحجر عليه، ولحيل بينه وبين اختياره، فمن هنا صار فيه مسلوب الحظ، محكوماً عليه في نفسه، وأما الكفائية فهي القيام بالمصالح العامة على العموم لجميع المكلفين، لتستقيم الأحوال العامة التي لا تقوم الخاصة إلا بها.

إلا أن هذا القسم مكمل للأول، فهو لاحق به في كونه ضرورياً، إذ لا يقوم العيني إلا بالكفائي؛ وذلك أن الكفائي قيام بمصالح عامة لجميع الخلق، فالمأمور لم يؤمر إذا ذاك بخاصة نفسه فقط - وإلا صار عينياً - بل بإقامة الوجود[24].

ويدلك على أن هذا المطلوب معرًى من الحظ شرعاً: أن القائمين به في ظاهر الأمر ممنوعون من استجلاب الحظوظ لأنفسهم بما قاموا به من ذلك، فلا يجوز لوال أن يأخذ أجرة ممن تولاهم على ولايته عليهم. ولذلك امتنعت الرشا والهدايا المقصود بها نفس الولاية؛ لأن استجلاب المصلحة هنا مؤد إلى مفسدة عامة تضاد حكمة الشريعة في نصب هذه الولايات، وعلى هذا المسلك يجري العدل في جميع الأنام، ويصلح النظام، وعلى خلافه يجري الجور في الأحكام، وهدم قواعد الإسلام[25].

مقاصد تابعة: وهي المقاصد التي روعي فيها حظ المكلف، فمن جهتها يحصل له مقتضى ما جبل عليه من نيل الشهوات، والاستمتاع بالمباحات، وسد الخلات. وذلك أن حكمة الحكيم الخبير حكمت أن قيام الدين والدنيا إنما يصلح ويستمر بدواع من قبل الإنسان تحمله على اكتساب ما يحتاج إليه هو وغيره، فخلق له شهوة الطعام والشراب إذا مسه الجوع والعطش، ليحركه ذلك الباعث إلى التسبب في سد هذه الخلة بما أمكنه. فمن هذه الجهة صارت المقاصد التابعة خادمة للمقاصد الأصلية ومكملة لها[26].

رابعاً: أقسام المقاصد من حيث القطع والظن:
مقاصد قطعية:
وهي التي تواترت عليها وتكررت أدلة القرآن والسنة، ومثالها: مقصد التيسير الذي وردت به آيات كثيرة وأحاديث متعددة، قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾[27]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الدين يُسْر، ولن يُشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه))[28]، ومثله مقصد الأمن، وحفظ الأعراض، وصيانة الأموال، وإقرار العدل، وغيرها[29].

مقاصد ظنية:
وهذه المقاصد دون المقاصد القطعية، وتحصيلها سهل من استقراء غير كبير لتصرفات الشريعة، لأن ذلك الاستقراء يعطي علماً باصطلاح الشارع وما يراعيه في التشريع[30]، وقد وضع العز بن عبد السلام قاعدة ترشد إلى طريق معرفة المقاصد الظنية في مبحث ما خالف القياس من المعاوضات في قواعده بعد ذكر المثال الحادي والعشرين، فقال: "إن من عاشر إنساناً من الفضلاء الحكماء العقلاء، وفهم ما يؤثره ويكرهه في كل ورد وصدر، ثم سنحت له مصلحة أو مفسدة لم يعرف قوله فيها، فإنه يعرف بمجموع ما عهده من طريقته وألفه من عادته أنه يؤثر تلك المصلحة ويكره تلك المفسدة"[31].

وقد ذكر ابن عاشور أمثلة للمقاصد الظنية وجعلها متفاوتة الدرجة ظهوراً وخفاء، فقال - رحمه الله: "واعلم أن مراتب الظنون في فهم مقاصد الشريعة متفاوتة بحسب تفاوت الاستقراء المستند إلى مقدار ما بين يدي الناظر من الأدلة، وبحسب خفاء الدلالة وقوتها. فإن دلالة تحريم الخمر على كون مقصد الشريعة حفظ العقول عن الفساد العارض دلالة واضحة. ولذلك لم يكد يختلف المجتهدون في تحريم ما يصل بالشارب إلى حد الإسكار.

وأما دلالة تحريم الخمر على أن مقصد الشريعة سد ذريعة إفساد العقل، حتى نأخذ من ذلك المقصد تحريم القليل من الخمر، وتحريم النبيذ الذي لا يغلب إفضاؤه إلى الإسكار، فتلك دلالة خفية. ولذلك اختلف العلماء في مساواة تحريم الأنبذة لتحريم الخمر، وفي مساواة تحريم شرب قليل الخمر. فمن غلب ظنه بذلك سوى بينهما في التحريم وإقامة الحد والتجريح به؛ ومن جعل بينهما فرقاً، لم يسو بينهما في تلك الأمور"[32].

مقاصد وهمية:
وهي التي يتخيل ويتوهم أنها صلاح وخير ومنفعة، وهي في الحقيقة خلاف ذلك، ولا شك أن هذا النوع من المقاصد مردود وباطل[33]، ولعل أبرز أمثلتها: توهم المقاصد المرجوة من إباحة الربا.

خامساً: أقسام المقاصد من حيث الحاجة والأهمية:
يعتبر الغزالي أول من قسم مراتب المقاصد والمصالح والكليات الشرعية إلى مراتبها الثلاث المعروفة: الضرورية، والحاجية، والتحسينية، قال - رحمه الله: "المصلحة باعتبار قوتها في ذاتها تنقسم إلى ما هي في رتبة الضرورات، وإلى ما هي في رتبة الحاجات، وإلى ما يتعلق بالتحسينات والتزيينات"[34].

وهذا التقسيم يعتبر تقسيماً منطقياً لا يستغني عنه مجتهد في الحكم على وقائع الحياة، والموازنة بين الأشياء عندما تتعارض، فالضروريات مقدمة على الحاجيات والتحسينات، والحاجيات مقدمة على التحسينات، ولكل مرتبة حكمها[35].

وهذا القسم بأنواعه الثلاثة عني ببحثه العلماء، وتتبعوا تصاريف الشريعة في أحكامها فيه، فوجدوها دائرة حول هذه الأنواع لا تكاد تفوت شيئاً منها ما وجدت السبيل إلى تحصيله؛ حيث لا يُعارِضُ ذلك مُعارِضٌ في جلب مصلحةٍ أعظم، أو في درءِ مفسدةٍ كبرى[36].

أولاً: مقاصد ضرورية:
وهي المقاصد التي لا بُدَّ منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا اختَلَّت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين[37].

وقد حصر الغزالي[38]، والشاطبي[39]، وابن عاشور[40]، وغيرهم هذه المقاصد في خمس، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.

ولكن حصرها في هذه الخمس قد تمت مراجعته، والنظر فيه، وعدم التسليم به من قِبَلِ العلماء، وهناك محاولات متعددة قديماً وحديثاً لإعادة النظر فيه، وقد ترددت ما بين إضافة عناصر أخرى إليه، وما بين إعادة النظر في التقسيم أصلاً:
- فأولى المحاولات في مراجعة هذا التقسيم للمقاصد الضرورية جاء عن طريق القرافي، حيث أضاف حفظ العرض إلى المقاصد الخمسة المتقدمة[41]، وقد وافقه في ذلك كل من السبكي في جمع الجوامع، والشوكاني[42]، ومن المعاصرين الدكتور يوسف القرضاوي[43]، وقد انتقد إضافة العرض إلى المقاصد الضرورية كلٌّ من العلاَّمة ابن عاشور[44]، والدكتور أحمد الريسوني[45].

• أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد استدرَكَ على الأصوليين حصرهم للمقاصد الضرورية، بقوله: "وقوم من الخائضين في أصول الفقه وتعليل الأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة إذا تكلموا في المناسبة، وأن ترتيب الشارع للأحكام على الأوصاف المناسبة يتضمن تحصيل مصالح العباد ودفع مضارهم، ورأوا أن المصلحة نوعان أخروية، ودنيوية، جعلوا الأخروية ما في سياسة النفس وتهذيب الأخلاق من الحكم، وجعلوا الدنيوية ما تضمن حفظ الدماء والأموال والفروج والعقول والدين الظاهر، وأعرضوا عما في العبادات الباطنة والظاهرة من أنواع المعارف بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، وأحوال القلوب وأعمالها، كمحبة الله، وخشيته، وإخلاص الدين له، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، ودعائه، وغير ذلك من أنواع المصالح في الدنيا والآخرة‏‏ وكذلك فيما شرعه الشارع من الوفاء بالعهود وصلة الأرحام، وحقوق المماليك والجيران، وحقوق المسلمين بعضهم على بعض، وغير ذلك من أنواع ما أمر به ونهى عنه، حفظًا للأحوال السنية، وتهذيب الأخلاق‏ ويتبين أن هذا جزء من أجزاء ما جاءت به الشريعة من المصالح "[46].

وقد جرى على منواله الدكتور يوسف القرضاوي، حيث قال: "وهناك مقاصد أو مصالح ضرورية لم تستوعبها هذه الخمس المذكورة. من ذلك: ما يتعلق بالقيم الاجتماعية، مثل الحرية، والمساواة، والإخاء، والتكافل، وحقوق الإنسان. ومن ذلك ما يتعلق بتكوين المجتمع والأمة والدولة.

ويبدو لي أن توجه الأصوليين قديماً كان إلى مصلحة الفرد المكلف: من ناحية دينه ونفسه ونسله وعقله وماله. ولم تتوجه عناية مماثلة للمجتمع، والأمة، والدولة، والعلاقات الإنسانية"[47].

• وأما محاولات العلماء المعاصرين فيمكن جعلها في أربعة اتجاهات[48]:
الاتجاه الأول: فقد ذهب ابن عاشور، وعلال الفاسي إلى القول بتوسيع دائرة المقاصد الشرعية، ومواكبة الاجتهاد فيها بما يوافق مقاصد الشارع، ويحقق مصالح الأمة، لكنهما لم يقولا بإعادة النظر في مبدأ الحصر الخماسي للمقاصد الضرورية.

أما ابن عاشور فقد أطال النفس في استخلاص وتأصيل مجموعة مقاصد شرعية، ذات دلالات وأبعاد مصلحية حضارية في حفظ نظام الشريعة ومصالح الأمة والإنسانية جمعاء، أهمها: حفظ الفطرة، والسماحة، والنظام، والمساواة، والحرية، وحقوق الناس. لكنه لم يُضْفِ عليها صفة الضرورية[49].

إذ قال: "فالمصالح الضرورية: هي التي تكون الأمة بمجموعها وآحادها في ضرورة إلى تحصيلها بحيث لا يستقيم النظام باختلالها، فإذا انخرمت تؤول حالة الأمة إلى فساد وتلاش. ولست أعني باختلال نظام الأمة هلاكها واضمحلالها؛ لأن هذا قد سلمت منه أعرق الأمم في الوثنيّة والهمجيّة، ولكني أعني أن تصير أحوال الأمة شبيهة بأحوال الأنعام بحيث لا تكون على الحالة التي أرادها الشارع منها"[50].

والحق أن تعريف إمام الزيتونة ينطبق على مجموع المقاصد الحاجية الصرفة، أو المنزلة منزلة الضرورية بالخصوص، فهي التي متى اختلت بإطلاق صارت حياة الأمة شبيهة بحياة الأنعام. أما المقاصد الضرورية الخمسة فلا؛ لأنها إذا انخرمت لا تقف أحوال البشرية عند حد معين من الفساد، بل تنجر إلى الفناء العام، وأما الأستاذ الفاسي فلم يختلف كلامه كثيرًا عن كلام ابن عاشور[51].

الاتجاه الثاني: اتفق أصحاب هذا الاتجاه على دعوى الزيادة على الضروريات الخمس، لكنهم اختلفوا في نظرتهم إليها، فمنهم من دعا إلى إعادة النظر في مبدأ الحصر الخماسي للمقاصد الضرورية، كالأستاذ أحمد الريسوني، ومنهم من سجل ما ظهر له من اعتراضات على هذا المبدأ، كالأستاذ طه عبد الرحمن، ومنهم من قدم محاولة نظرية تطبيقية لمراجعة ذلك المبدأ من أصله، كالأستاذ جمال الدين عطية.

أما الأستاذ الريسوني فقد اكتفى بالدعوة والتذكير بإعادة النظر في حصر الضروريات في الخمس المعروفة بدعوى أنها مسألة اجتهادية.. وأنها ذات هيبة، ولا ينبغي أن نحرم من منزلتها مقاصد أخرى لا تقل أهمية وشمولية عنها، وألمح إلى ما دعا إليه الأستاذ أحمد الخمليشي من جعل العدل وحقوق الفرد ضمن الضروريات من مقاصد الشريعة.

وأما الأستاذ طه عبد الرحمن فقد أورد اعتراضات منهجية مختلفة، عامة وخاصة على تقسيم القيم الشرعية وترتيبها بصفة عامة، وقد نص على ذلك في مقال له بعنوان: "مشروع تجديد علمي لمبحث مقاصد الشريعة".

فهو يرى أن تقسيم الأصوليين للقيم إلى ثلاثة أقسام، وترتيبها على ثلاث درجات: ضرورية، وحاجية، وتحسينية، يخل بشرط التباين من شروط التقسيم؛ حيث إن القيم التي يتكون منها القسم الضروري، مثل: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، لا يستقل بهذا التقسيم، بل يشاركه فيها القسمان الآخران: الحاجي والتحسيني.

ومثاله: الأحكام الثلاثة المتعلقة بتحريم الزنا الذي يُعدُّ حكمًا يُحقِّقُ قيمةً ضرورية، وتحريم النظر إلى عورة المرأة الذي يُعدُّ حكمًا يُحقِّقُ قيمةً حاجية، وتحريم تبرُّج المرأة الذي يُعدُّ حكمًا يُحقِّقُ قيمةً تحسينية، تشترك كلها في حفظ النسل.

والحق أن الاعتراض العام على تقسيم القيم الشرعية وترتيبها اعتراضٌ غير صحيح؛ لأن اندراج الأحكام المتعلقة بالقيم الحاجية والتحسينية تحت الأجناس الخمسة لا يقدح في انفراد القيم الضرورية بهذه الأجناس؛ لأن القيم الضرورية الخمس هي القاعدة الأصلية، وكل ما سواها من القيم الحاجية والتحسينية تابع لها، وحائم حول حماها بالخدمة والتقوية والتجميل، وهو ما جعل قيمة تحريم النظر إلى عورة المرأة، وهي قيمة حاجية، أو قيمة تحريم تبرج المرأة، وهي قيمة تحسينية، كلاهما يدخل في قيمة حفظ النسل، وهي قيمة ضرورية.

وقِسْ على ذلك جميع القيم الحاجية أو التحسينية في علاقتها بالقيم الضرورية؛ لأن كل حاجي وتحسيني إنما هو خادم للأصل الضروري، ومؤنس به، ومحسن لصورته الخاصة، إما مقدمة له، أو مقارناً أو تابعاً.

أما د.جمال الدين عطية، فقد تناول مبدأ الحصر الخماسي بالمراجعة، وانتهى إلى القول: "ونحن من جانبنا نأخذ بعدم انحصار الكليات من حيث المبدأ ومن حيث التطبيق... حيث أضفنا العديد من المقاصد فبلغت أربعة وعشرين بدلا من خمسة... موزعة على أربعة مجالات، وهي: مجال الفرد، ومجال الأسرة، ومجال الأمة، ومجال الإنسانية".

وهذا التصنيف والتوزيع المقاصدي الذي نهجه الأستاذ عطية يعبر عن نظرة اجتهادية متقدمة في التنزيل المقاصدي على مختلف المجالات الحيوية المستهدفة بالخطاب الشرعي المفعم برعاية المصالح الإنسانية على جميع المستويات الخاصة والعامة. ولكنه يفتقر للدليل العلمي من جهة، ومن جهة أخرى فأنه ينضوي تحت المقاصد الضرورية الخمسة أو مكملاتها[52].

الاتجاه الثالث: يكمن في محاولة إعادة النظر في ترتيب الكليات الخمس، وهي دعوة ليست معاصرة فقد ذهب إليها الزركشي[53]، حيث خالف ترتيب الغزالي لها، وقد أيد هذا النظر الدكتور علي جمعة محمد حيث رتب المقاصد الضرورية الخمسة بخلاف ترتيبها المعروف.

قال - حفظه الله: "والترتيب الذي نراه متوافقاً، وهذا الاحتياج كالآتي: حفظ النفس، ثم العقل، ثم الدين، ثم النسل، ثم المال. على حين أن القدامى رتبوها ترتيباً مخالفاً لذلك باعتبار أن مرادنا بالدين هنا: الشعائر التي تحتاج إلى النية، أو العبادة المحضة، أو محض التعبد.. وليس مقصودنا بالدين هنا: الإسلام، بل الإسلام في ذلك الاصطلاح أعم من الدين بهذا المفهوم، وبالتالي فهو يشمل هذه المقاصد الخمس، وحينئذ تحل مشكلات كثيرة"[54].

وقد بيَّنَ حُجَّتَهُ في ترجيح هذا الترتيب بقوله: "ترتيبُ الكُلِّيَّات الخمس على نحو ما قرَّرْناه: (النفس، العقل، الدين، النسل، المال)، هو ترتيبٌ منطقيٌّ، وله اعتبارٌ؛ حيث إنه يجبُ المحافظةُ أولاً على النفس التي تقومُ بها الأفعال، ثم على العقل الذي به التكليف، ثم نحافظُ على الدين الذي به العبادة، وقوام العالم، ثم نحافظ بعد ذلك على ما يترتب على حفظ الذات، والعقل، والدين، وهو: المحافظة على النسل الناتج من الإنسان، وما يتعلق، أو ما يندرج تحت هذا العنوان الكلي، من المحافظة على العرض، وحقوق الإنسان وكرامته.

ثم بعد ذلك نحافظ على قضية الملك، وهي التي بها عمارة الدنيا عند تداولها، ذلك المال الذي إذا ما تدوول، فإنه يمثل عصباً من أساسيات الحياة"[55].

والذي يظهر أن هذا الترتيب الذي ذهب إليه الدكتور علي جمعة لا يتنافى مع الترتيب المعروف طالما أنه حدد مفهومه للدين على وفق ما تقدم، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا كان لا يتعارض مع النص الشرعي ومراد الشارع منه.

الاتجاه الرابع: يكمن في محاولة الدكتور طه جابر العلواني في إعادة النظر في التقسيم جملة وتفصيلاً، فقد ذهب إلى أن مقاصد الشريعة تتمثل في: التوحيد، والتزكية، والعمران، وجعلها المقاصد القرآنية الحاكمة العليا، ونظر لها في مؤلفاته المتعددة، وخاصة المتأخرة منها، ككتابه: التوحيد والتزكية والعمران محاولات في الكشف عن القيم والمقاصد القرآنية الحاكمة، وكتاب مقاصد الشريعة، وبحثه المنشور في مجلة إسلامية المعرفة تحت عنوان: من التعليل إلى المقاصد القرآنية العليا الحاكمة، يقول - حفظه الله: "فأعلى المقاصد الشرعية، وأسمى القيم الحاكمة ثلاثة هي: التوحيد، والتزكية، والعمران. وسائر القيم الأخرى الكلية منها والجزئية تنتهي إلى هذه القيم الثلاث التي لا يمكن أن ينفصل أي منها عن الآخرين: فالتوحيد غاية التزكية وهدفها، ووسيلتها في الوقت ذاته. والعمران ثمرة للتوحيد والتزكية معاً لا يوجد على حقيقته، وبشروطه بدونهما "[56].

وقال أيضًا واصفًا المقاصد الثلاث - التوحيد والتزكية والعمران: "إن هذه القيم الثلاث تمثل المقاصد العليا، والقيم الأساسية الكبرى، والمبادئ الأصلية، وهي في الوقت ذاته صالحة في كل زمان ومكان، لتكون مقياساً لسائر أنواع الفعل الإنساني، ولجميع الآثار المترتبة عليه في الدنيا والآخرة، توضح للإنسان ما في ذلك الفعل من صلاح أو فساد، وما يمكن أن يترتب عليه من استقامة أو انحراف، قدر ما ينسجم أو يختلف مع تلك المقاصد العليا الثلاثة، وهي: التوحيد، والتزكية، والعمران... وهذه المقاصد الثلاثة العليا تستدعي - بالضرورة - سائر المستويات الأخرى من المقاصد (كالعدل والحرية والمساواة) فهذا المستوى من القيم والمقاصد ضروري لتحقيق المقاصد العليا - التي يمكن إدراجها في المستوى الثاني الذي ذكرناه، وهو يستدعي المستوى الأخير الذي جرى تركيز الأصوليين والفقهاء عليه، حتى اعتبروا تلك الأمور هي مقاصد الشريعة، وصنفوها إلى الضروريات الإنسانية والحاجيات والتحسينيات؛ فهذه - الأمور - التي عدوها مقاصد للشريعة - لم تستطع أن تقدم أو تولد منظومة الأحكام التي نحتاجها لتغطية ومعالجة كل مستجدات الحياة التي سيتعلق بها الفعل الإنساني حتى يوم الدين، بل اكتفت بأن بينت لنا حكم الشريعة والتشريع، وفوائدها، التي تعود على ضرورياتنا وحاجياتنا وتحسينياتنا بالحفظ والتسديد والحماية.

فهي في وضعها الذي حددوه ابتداء من إمام الحرمين الجويني، ثم الغزالي، مروراً بالشاطبي، ثم ابن تيمية، وابن القيم، وإلى الشيخين علال الفاسي، وابن عاشور، تعتبر بمقام الحكم والمقاصد لدعم القياس وتوسيع آفاقه من ناحية، ولتعزيز ودعم دليل (المصلحة) من ناحية أخرى، وكذلك لتعزيز الإيمان والثقة برعاية الأحكام الشرعية لمصالح العباد، وبقيت الأحكام الشرعية التكليفية منها والوضعية تدور على محاور الأوامر والنواهي والمنطلقات اللغوية التي أدت إلى بناء وتدعيم الاتجاه الجزئي في النظر الفقهي"[57].

ولا شك تعتبر محاولة الدكتور طه العلواني خطوة جريئة وشجاعة في التنظير لعلم المقاصد من أجل إعطائه نظراً كلياً، وإخراجه من النظر التجزيئي الذي أشار إليه في كلامه أعلاه، وبغض النظر عن كون هذه المحاولة تمثل صورة أو وجهة أخرى للمقاصد الضرورية الخمسة المعروفة كما أشار إلى ذلك بعضهم[58].

فإنها تؤكد على كون التقسيم المألوف عند العلماء إنما يمثل اجتهاداً وصل إليه العلماء قديماً وجرى عليه المتأخرون، ولا يمنع من إعادة النظر فيه وصولاً إلى إدراك مقاصد الشارع من وضعه للشريعة، طالما أنه لا يصادم نصوصها، ولكل وجهة هو موليها.

أدلة اعتبار المقاصد الضرورية:
ودليل اعتبار هذه المقاصد ما قاله الشاطبي في موافقاته: " استقراء الشريعة، والنظر في أدلتها الكلية والجزئية، وما انطوت عليه من هذه الأمور العامة، على حد الاستقراء المعنوي الذي لا يثبت بدليل خاص، بل بأدلة منضاف بعضها إلى بعض، مختلفة الأغراض، بحيث ينتظم من مجموعها أمر واحد تجتمع عليه تلك الأدلة على حد ما ثبت عند العامة جود حاتم، وشجاعة علي - رضي الله عنه، وما أشبه ذلك.

فلم يعتمد الناس في إثبات قصد الشارع في هذه القواعد على دليلٍ مخصوصٍ، ولا على وجهٍ مخصوصٍ؛ بل حصل لهم ذلك من الظواهر والعمومات، والمطلقات والمقيدات، والجزئيات الخاصة، في أعيان مختلقة ووقائع مختلفة في كل باب من أبواب الفقه، وكل نوع من أنواعه، حتى ألفوا أدلة الشريعة كلها دائرة على الحفظ على تلك القواعد، هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من قرائن أحوال منقولة وغير منقولة"[59].

المقاصد الضرورية الخمسة:
نقصد بحفظ الضروريات الخمس - أو الكليات - حفظها بالنسبة لآحاد الأمة وبالنسبة لعموم الأمة بالأولى[60]، وذلك يكون بأمرين:
الأول: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود.
الثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم[61].

أولاً: حفظ الدين:
الحفاظ على مصلحة الدين من جانب الوجود - أي إبقاؤه على سبيل الدوام - يكون عن طريق: تشريع الإيمان، والنطق بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وما أشبه ذلك، وهذا الواجب الذي أوجبه الله على عباده بالرغم من أنه حق الله على عباده إلا أن مصالحه تعود على الأفراد والجماعة في الدنيا والآخرة، وهو أيضاً وسيلة لتحصيل جميع الفضائل الضرورية[62].

وأما الحفاظ عليه من جانب العدم فيكون عن طريق: تشريع الجهاد والترغيب فيه، وتحريم الردة وتشريع حد الردة، وتحريم البدعة وتشريع عقوبة الداعي إلى البدعة[63].

ثانيًا: حفظ النفس:
الحفاظ على النفس من جانب الوجود يكون عن طريق مراعاة حق الإنسان في الحياة، وحفظ حياته من التلف أفراداً وعموماً، ويكون كذلك عن طريق تشريع نظام الحلال والحرام، وهذا النظام يعتبر معياراً للنفع والضرر، ومرجع ذلك أن المصالح والمفاسد لا يستطيع العقل البشري أن يحيط بها إحاطة تامة، وإنما مرد ذلك إلى عالم الغيب والشهادة - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [64].

أما الحفاظ على النفس من جانب العدم فيكون عن طريق: تحريم القتل وتشريع القصاص، ومنع التمثيل والتشويه، ومعاقبة المحاربين وقطاع الطرق، وغير ذلك[65].

قال ابن عاشور: "وليس المراد حفظها[66] بالقصاص كما مثل به الفقهاء، بل نجد القصاص هو أضعف أنواع حفظ النفوس، لأنه تدارك بعض الفوات.

بل الحفظ أهمه حفظها عن التلف قبل وقوعه، مثل مقاومة الأمراض السارية. وقد منع عمر بن الخطاب الجيش من دخول الشام لأجل طاعون عمواس.

والمراد النفوس المحترمة في نظر الشريعة، وهي المعبر عنها بالمعصومة الدم.. ويلحق بحفظ النفوس من الإتلاف حفظ بعض أطراف الجسد من الإتلاف، وهي الأطراف التي ينزل إتلافها منزلة إتلاف النفس في انعدام المنفعة بتلك النفس. مثل الأطراف التي جعلت في إتلافها خطأ الدية كاملة "[67].

ثالثاً: حفظ العقل:
الحفاظ على العقل من جانب الوجود يكون عن طريق العلم ونشره وتعليمه، والنصوص الحاثة على العلم وفضله أكثر من أن تساق في هذا المقام، ولكن حسبنا قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [68]، وقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [69].

أما حفظه من جانب العدم فيكون بحفظه من أن يدخل عليه خلل يفضي إلى فساده، ودخول الخلل على عقل الفرد مفض إلى فساد جزئي، ودخوله على عقول الجماعات وعموم الأمة أعظم[70] .

قال القرضاوي: "وهناك بعض الملاحظات على استدلال الأصوليين على بعض الضروريات والكليات، مثل استدلالهم على حفظ العقل بتحريم الخمر وفرض العقوبة على شاربها. وأرى أن حفظ العقل يتم في الإسلام بوسائل وأمور كثيرة، منها: فرض طلب العلم على كل مسلم ومسلمة، والرحلة في طلب العلم، والاستمرار في طلب العلم من المهد إلى اللحد، وفرض كل علم تحتاج إليه الأمة في دينها أو دنياها فرض كفاية، وإنشاء العقلية العلمية التي تلتمس اليقين وترفض اتباع الظن أو اتباع الهوى، كما ترفض التقليد للآباء وللسادة الكبراء، أو لعوام الناس، شأن الإمعة، والدعوة إلى النظر والتفكر في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء"[71] .

رابعاً: حفظ النسل:
الحفاظ على النسل من جانب الوجود يكون عن طريق تشريع الزواج والترغيب فيه، قال عليه الصلاة والسلام: " وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني "[72] .

أما الحفاظ عليه من جانب العدم فيكون عن طريق تحريم الزنى واللواط والقذف، وتشريع العقوبة عليها. قال ابن عاشور: "وأما حفظ الأنساب - ويعبر عنه بحفظ النسل - فقد أطلقه العلماء ولم يبينوا المقصود منه، ونحن نفصل القول فيه. وذلك أنه إن أريد به حفظ الأنساب أي النسل من التعطيل فظاهر عده من الضروري، لأن النسل هو خلفة أفراد النوع. فلو تعطل يؤول تعطيله إلى اضمحلال النوع وانتقاصه، كما قال لوط لقومه: ﴿ وتقطعون السبيل ﴾ [73] .

على أحد التفسيرين، فبهذا المعنى لا شبهة في عده من الكليات؛ لأنه يعادل حفظ النفوس، فيجب أن تحفظ ذكور الأمة من الاختصاء مثلاً، ومن ترك مباشرة النساء باطراد العزوبة ونحو ذلك. وأن تحفظ إناث الأمة من قطع أعضاء الأرحام التي بها الولادة، ومن تفشِّي إفساد الحمل في وقت العلوق، وقطع الثدي، فإنه يكثر الموتان في الأطفال بعسر الإرضاع الصناعي على كثيرٍ من النساء، وتعذُّره في البوادي"[74] .

خامساً: حفظ المال:
الحفاظ على المال من جانب الوجود يكون عن طريق تداول المال وإبعاده عن مواطن النزاع والخصومة والتضرر، والعدل فيه بوضعه موضعه الذي وجد من أجله[75]، قال تعالى: ﴿ إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [76]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [77]، وأما حفظه من جانب العدم فعن طريق تحريم السرقة والحرابة، وتشريع العقوبة عليهما.

ثانياً: مقاصد حاجية:
المقاصد الحاجية هي في المرتبة الثانية بعد المقاصد الضرورية، وقد عرفها العلماء بألفاظ مختلفة، ولكنها متفقة من حيث المعنى، وبعض أهل العلم وضع ضوابط للتفريق بينها وبين قسيميها - الضروري والتحسيني:
• فقد عرفها الشاطبي بقوله: "وأما الحاجيات، فمعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع، دخل على المكلفين - على الجملة - الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة"[78] .

• وعرفها ابن عاشور بقوله: "ولننتقل إلى صنف الحاجي، وهو ما تحتاج الأمة إليه لاقتناء مصالحها وانتظام أمورها على وجه حسن، بحيث لولا مراعاته لما فسد النظام، ولكنه كان على حالة غير منتظمة فلذلك كان لا يبلغ مبلغ الضروري"[79] .

• وعرفها الدكتور البوطي بقوله: "وأما الحاجيات: فهي تلك التي قد تتحقق من دونها الأمور الخمسة، ولكن مع الضيق، فشرعت لتحصين أركانها أو لحاجة الناس إلى رفع الضيق عن أنفسهم كي لا يقعوا في حرج قد يفوت عليهم المطلوب"[80] .

ضابط المقاصد الحاجية:
وضع العلامة ابن عاشور ضابطاً للمقاصد الحاجية يميزه عن غيره من المقاصد، حيث قال: "ويظهر أن معظم قسم المباح في المعاملات راجع إلى الحاجي"[81] .

أمثلة المقاصد الحاجية:
• فيما يتعلق بحفظ الدين: شرعت العبادات دعماً لأركانه، وشرعت الرخص[82] المخففة، كالنطق بكلمة الكفر لتجنب القتل، وكالفطر بالسفر، والرخص المناطة بالمرض.

• وفيما يتعلق بحفظ النفس: إباحة الصيد والتمتع بالطيبات، وهو ما زاد على أصل الغذاء.

• وفيما يتعلق بحفظ المال: التوسع في شرعة المعاملات، كالقراض[83] والسلم[84] والمساقاة[85] .

• وفيما يتعلق بحفظ النسب: شرعت المهور والطلاق، وشرط توفر الشهود على موجب حد الزنا[86] .


قال ابن عاشور: "والنكاح الشرعي من قبيل الحاجي، وحفظ الأنساب، بمعنى إلحاق الأولاد بآبائهم من الحاجي للأولاد وللآباء. فللأولاد للقيام عليهم فيما يحتاجون ولتربيتهم النافعة لهم، وللآباء لاعتزاز العشيرة وحفظ العائلة. وحفظ الأعراض - أي حفظ أعراض الناس من الاعتداء عليها - هو من الحاجي، لينكف الناس عن الأذى بأسهل وسائله وهو الكلام. ومن الحاجي ما هو تكملة للضروري، كسد بعض ذرائع الفساد، وكإقامة القضاة والوزعة والشرطة لتنفيذ الشريعة. ومن الحاجي ما يدخل في الكليات الخمسة المتقدمة في الضروري إلا أنه ليس بالغاً حد الضرورة. كما أشرنا إليه فيما مضى من الأمثلة. فبعض أحكام النكاح ليست من الضروري ولكنها من الحاجي مثل اشتراط الولي والشهرة.

وبعض أحكام البيوع ليست من الضروري، مثل بيوع الآجال المحظورة لأجل سد الذريعة، ومثل تحريم الربا، وأخذ الأجر على الضمان، وعلى بذل الشفاعة. فإن كثيراً من تلك الأحكام تكميلية لحفظ المال، وليست داخلة في أصل حفظ المال. وعناية الشريعة بالحاجي تقرب من عنايتها بالضروري. ولذلك رتبت الحد على تفويت بعض أنواعه، كحد القذف[87] "[88] .

ثالثاً: مقاصد تحسينية:
وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الضروري والحاجي، وفيها تعريفات متعددة:
• فقد عرفها الغزالي بقوله: "الرتبة الثالثة: ما لا يرجع إلى ضرورة ولا إلى حاجة، ولكن يقع موقع التحسين والتزيين والتيسير للمزايا والمزائد، ورعاية أحسن المناهج في العادات والمعاملات"[89] . 

وعرفها الشاطبي بقوله: "الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق"[90] .

• وعرفها ابن عاشور بقوله: "والمصالح التحسينية هي عندي ما كان بها كمال حال الأمة في نظامها حتى تعيش آمنة مطمئنة، ولها بهجة منظر المجتمع في مرأى بقية الأمم، حتى تكون الأمة الإسلامية مرغوباً في الاندماج فيها أو في التقرب منها. فإن لمحاسن العادات مدخلاً في ذلك سواء كانت عادات عامة كستر العورة، أم خاصة ببعض الأمم كخصال الفطرة وإعفاء اللحية. والحاصل أنها مما تراعى فيها المدارك الراقية البشرية"[91] .

• وعرفها الدكتور البوطي بقوله: "وأما التحسينات: فإن تركها لا يؤدي إلى ضيق، ولكن مراعاتها متفقة مع مبدأ الأخذ بما يليق، وتجنب ما لا يليق، ومتمشية مع مكارم الأخلاق ومحاسن العادات"[92] .

والتحسين نوعان: الأول: ما لا يقع على معارضة قاعدة شرعية كالمقصود من تحريم القاذورات، فإن نفرة الطباع عنها لخساستها مناسب لحرمة تناولها حثاً للناس على مكارم الأخلاق، ومحاسن العادات، والشيم، وكسلب العبد أهلية الشهادة وليس إلى سلب أهليته حاجة ولا ضرورة، لأنها لو قبلت في حال العدالة لكان ذلك كقبول فتواه وروايته، ولكنه مستحسن في العادة لتنقيص الرقيق عن هذا المنصب الشريف؛ لأن الشهادة بنفوذها على الغير صارت منصباً علياً، ومقاماً سامياً لا يليق بالرقيق. والثاني: ما يقع على معارضة قاعدة معتبرة كالكتابة فإنها وإن كانت مستحسنة؛ لأنها عون على حصول العتق وإزالة الرق عن البشرية المكرمة من بني آدم فهي من مكارم الأخلاق، وتتمَّات المصالح إلا أنها في الحقيقة بيع الرجل ماله بماله وذلك غير معقول[93].

أمثلة المقاصد التحسينية:
• فيما يتعلَّق بحفظ الدين: شرعت أحكام النجاسات، والطهارات، وستر العورة، وما شابه ذلك.
• وفيما يتعلق بحفظ النفس: شرعت آداب الأكل والشراب، ومجانبة ما استخبث من الطعام، والابتعاد عن الإسراف والتقتير.
• وفيما يتعلق بحفظ المال: شرع المنع من بيع النجاسات، وفضل الماء والكلأ.
• وفيما يتعلق بحفظ النسب: شرعت أحكام الكفاءة في اختيار الزوجين، وآداب المعاشرة بينهما[94] .

أهمية ترتيب هذه المقاصد:
تبرز أهمية ترتيب المقاصد بالصورة المتقدمة: الضرورية ثم الحاجية ثم التحسينية فيما يلي:
أولاً: إن معرفة مقصد الشارع من الحكم الشرعي يعين على فهم النص على وجهه الصحيح، ومن ثم تساعد على حسن تنزيله على الوقائع سواء من جهة الاهتداء بفهم المقصد العام في تنزيل الحكم الكلي على الجزئيات، أو الترجيح بين ما ظاهره التعارض.

ثانياً: إن هذا التقسيم يحدد مراتب الأحكام الشرعية بحسب المقصود منها، فالضروريات مقدمة على الحاجيات، والحاجيات مقدمة على التحسينيات، والنازل مكمل للعالي، فلا يراعى الحكم النازل كالتحسيني مثلاً إذا عاد على الحاجي أو الضروري بالإخلال، أما الضروري فلا يجوز الإخلال به إلا إذا أخل بكلي أهم منه كالتضحية بالنفس في الجهاد للحفاظ على الدين[95] .

القواعد المنظمة للعلاقة بين المقاصد الثلاثة:
أولاً: المقاصد الضرورية في الشريعة أصل للحاجية والتحسينية:
بيان هذه القاعدة: أن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة على المقاصد الخمسة المتقدمة، فإذا انخرمت لم يبق للدنيا وجود. وكذلك الأمور الأخروية لا قيام لها إلا بذلك. فلو عدم الدين عدم ترتب الجزاء المرتجى، ولو عدم المكلف لعدم من يتدين. ولو عدم العقل لارتفع التدين، ولو عدم النسل لم يكن في العادة بقاء، ولو عدم المال لم يبق عيش. وإذا ثبت هذا فالأمور الحاجية إنما هي حائمة حول هذا الحمى؛ إذ هي تتردد على الضروريات تكملها، بحيث ترتفع في القيام بها المشقات، وتميل بهم فيها إلى التوسط والاعتدال في الأمور، حتى تكون جارية على وجه لا يميل إلى إفراط ولا تفريط.

فإذا فُهِمَ هذا لم يرتّب العاقل في أن هذه المقاصد الحاجية فروع دائرة حول المقاصد الضرورية. وهكذا الحكم في التحسينية؛ لأنها تكمل ما هو حاجي أو ضروري. فإذا كملت ما هو ضروري فظاهر. وإذا أكملت ما هو حاجي فالحاجي مكمل للضروري، والمكمل للمكمل مكمل. فالتحسينية إذن كالفرع للأصل الضروري.

أمثلة هذه القاعدة:
• ما نص عليه الحنفية والشافعية من جواز التداوي بالنجاسات، إذا لم يجد المريض طاهراً يقوم مقام الدواء النجس؛ لأن ترك تناول النجاسات هو من المصالح التحسينية، وحفظ الإنسان وتحقيق سلامته من الآفات هو من الضروريات أو الحاجيات على أقل تقدير، والتحسينيات متأخرة في الرتبة والاعتبار عن الضروري والحاجي، وقد نبه العز على ذلك بقوله: إن حفظ الأرواح أكمل مصلحة من اجتناب النجاسات.

• ما اتفق عليه الفقهاء من جواز نظر الطبيب إلى العورة ولمسها للتداوي، وسند ذلك: الموازنة بين المفسدة الناشئة عن كشف العورة والمتعلقة بمرتبة التحسينيات، وبين المفسدة الناشئة عن عدم التداوي والمتعلقة بالضروريات إن كان يترتب عليها حفظ النفس أو الحاجيات إن ترتب على عدم التداوي الوقوع بالمشقة الحرج، وكلا المترتبتين مقدمة على المرتبة التحسينية.

ثانياً: اختلال الضروري بإطلاق يلزم منه اختلال الحاجي والتحسيني:
بيان هذه القاعدة: إذا ثبت أن الضروري هو الأصل المقصود، وأن ما سواه مبني عليه، كوصف من أوصافه، أو كفرع من فروعه لزم من اختلاله اختلال الباقيين؛ لأن الأصل إذا اختل اختلّ الفرع من باب أولى. وقد مثل الشاطبي على هذه القاعدة بقوله: إذا سقط عن المغمى عليه أو الحائض أصل الصلاة لم يمكن أن يبقى عليهما حكم القراءة فيها أو التكبير. ومن هنا يعرف مثلاً أن الصلاة إذا ارتفعت ارتفع ما هو تابع لها ومكمل، من القراءة والتكبير والدعاء وغير ذلك.

فلا يصح أن يقال: إن أصل الصلاة هو المرتفع، وأوصافها بخلاف ذلك. ولكن يبدو أن الشاطبي لم يدرك أن هذه الأمثلة التي ساقها لا تعلق لها بالحاجي ولا التحسيني، وإنما تعتبر من مكملات الضروري، وربما ساق الشاطبي هذه الأمثلة ليؤكد أن المكمل يختل باختلال مكمله، وكان عليه أن يسوق أمثلة تعتبر مكملة للضروريات كما أنها تعتبر في مرتبة الحاجيات أو التحسينيات.

أمثلة هذه القاعدة:
• إذا فرض سقوط فرض الصلاة عن المكلف كأن تكون حائضاً مثلاً، فإنه يسقط عنها كل مكمل لتلك الصلاة، سواء أكان حاجياً كالقصر والجمع بالنسبة للمسافر، أم تحسينياً كالطهارة وستر العورة.

• إذا ارتفع أصل البيع واعتبرناه ضرورياً سقط بسقوط هذا الأصل ما عداه من المعاملات الحاجية، كالسلم، والقراض، والاستصناع[96]، وغيرها.

ثالثاً: لا يلزم من اختلال الحاجي والتحسيني اختلال الضروري بإطلاق:
بيان هذه القاعدة: أن الضروري مع غيره كالموصوف مع أوصافه. ومن المعلوم أن الموصوف لا يرتفع بارتفاع بعض أوصافه. إلا إذا كان الوصف المكمل ركناً أو شرطاً ذاتياً؛ فحينئذ يترتب على عدمه فوات الأصل. فينخرم الأصل بانخرام قاعدة من قواعده، كما في الركوع والسجود ونحوهما في الصلاة، فإن الصلاة تنخرم من أصلها بانخرام شيء منها بالنسبة إلى القادر عليها، وهذا لا نظر فيه.

أمثلة هذه القاعدة:
• الصلاة إذا بطل منها الذكر أو القراءة أو التكبير لا يبطل أصل الصلاة.

رابعاً: قد يلزم من اختلال التحسيني بإطلاق اختلال الحاجي بوجه ما، وقد يلزم من اختلال الحاجي بإطلاق اختلال الضروري بوجهٍ ما:
بيان هذه القاعدة من وجهين:
• أن كل واحدة من هذه المراتب لما كانت مختلفة في تأكد الاعتبار - فالضروريات آكدها ثم الحاجيات والتحسينيات - وكان مرتبطاً بعضها ببعض؛ صار الأخف كأنه حمى للآكد، والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه. فالمخل بما هو مكمَّل كالمخل بالمكمَّل من هذا الوجه، فالمتجرئ على الأخف بالإخلال به معرض للتجرؤ على ما سواه. فكذلك المتجرئ على الإخلال بها يتجرأ على الضروريات، فيكون في إبطال الكمالات بإطلاق إبطال الضروريات بوجهٍ ما.

مثال ذلك: لو تصوّر أن المكلف لا يأتي بمكملات الصلاة، من قراءة السورة الثانية، والمحافظة على الأذكار والسنة، واقتصر على ما هو فرض في الصلاة، لم يكن في صلاته ما يستحسن، وكانت إلى اللعب أقرب.

• أن كل حاجي وتحسيني إنما هو خادم للأصل الضروري، ومؤنس به، ومحسن لصورته الخاصة: إما مقدمة له، أو مقارناً، أو تابعاً. فهو يدور بالخدمة حواليه، فهو أحرى أن يتأدى به الضروري على أحسن حالاته.

مثال ذلك: الصلاة إذا تقدمتها الطهارة أشعرت بتأهُّبٍ لأمرٍ عظيمٍ، فإذا استقبل القبلة أشعَرَ التوجُّهُ بحضورِ المتوجه إليه، فإذا أحضر نيةَ التعبُّدِ أثمَرَ الخضوع والسكون، ثم يدخل فيها بزيادة السورة خدمةً لفرضٍ أم القرآن، وإذا كبر وسبح وتشهد فذلك كله تنبيه للقلب وإيقاظ له أن يغفل عما هو فيه من مناجاة ربه والوقوف بين يديه. فلو قدم قبلها نافلة كان ذلك تدريجاً للمصلي واستدعاء للحضور في الفريضة.

خامساً: إذا حوفظ على الضروري، فينبغي الحفاظ على الحاجي، وإذا حوفظ على الحاجي، فينبغي الحفاظ على التحسيني؛ إذ ثبت أن التحسيني يخدم الحاجي، وأن الحاجي يخدم الضروري، فإن الضروري هو المطلوب.

بيان هذه القاعدة: أن المحافظة على المقاصد الضرورية لا تكمل إلا بالمحافظة على المقاصد الحاجية والتحسينية أيضاً، أن الإخلال بأي من هاتين المرتبتين بإطلاق يفضي إلى الإخلال بالضروري ذاته.

وإذا كان لا بُدَّ للحاجيات والتحسينيات من أصل تستند إليه، فإن الضروريات هي أصل لهاتين المرتبتين، ولا يلزم كون كل من الحاجيات والتحسينات أنقص رتبة من الضروريات الاستهانة بأي من هاتين الرتبتين أو المسائل المتفرعة عنها؛ ذلك أن الإخلال بالمرتبة الأقل سبب إلى الإخلال بالمرتبة الأعلى. وهذه القاعدة بيانها كما قال الشاطبي: ظاهر مما تقدم، ولذلك فأمثلة القواعد المتقدمة صالحة للتمثيل لها[97].

 


[1] بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص172. 
[2] أي يفضي إلى استمرار الجاني في جنايته، وعدم ردع غيره عن التلبس بها.
[3] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص165. 
[4] المرجع السابق، ص51. 
[5] المرجع السابق، ص168.
[6] النساء، آية 83.
[7] الحجرات، آية 9.
[8] الأسس العامة لفهم النص الشرعي، مرجع سابق، ص43.
[9] في الاجتهاد التنزيلي، د. بشير بن مولود جحيش، ص77.
[10] الاجتهاد المقاصدي، مرجع سابق، ج1 ص53.
[11] الموافقات، مرجع سابق، 200.
[12] المرجع السابق، ص200.
[13] انظر: بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص137.
[14] الاجتهاد المقاصدي، مرجع سابق، ج1 ص53.
[15] الموافقات، مرجع سابق، ص401. 
[16] المرجع السابق، ص301. 
[17] وسيأتي تفصيلها مع قسيميها لاحقاً.
[18] مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص41. 
[19] المرجع السابق، ص41. 
[20] بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص143.
[21] الاجتهاد المقاصدي، مرجع سابق، ج1 ص54.
[22] مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص41، الاجتهاد المقاصدي، مرجع سابق، ج1 ص54.
[23] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص 402.
[24] الواجب الكفائي يعرفه بعض الأصوليين: هو ما كان نظر الشارع فيه إلى الفعل بغض النظر عن الفاعل. بمعنى أنه واجب على الجميع، ولكن يسقط هذا الواجب بفعل البعض. انظر: الوجيز في أصول التشريع الإسلامي، د. محمد حسن هيتو، ص63.
[25] الموافقات، مرجع سابق، ص306، بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص146.
[26] الموافقات، مرجع سابق، ص306.
[27] البقرة، آية 185.
[28] أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، رقم 39.
[29] بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص144، الاجتهاد المقاصدي، مرجع سابق، ج1 ص55، وانظر للتفصيل: مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص138. 
[30] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص143.
[31] قواعد الأحكام في مصالح الأنام، عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، ج2 ص160. 
[32] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص146. 
[33] الاجتهاد المقاصدي، مرجع سابق، ج1ص55. 
[34] المستصفى، مرجع سابق، ج2ص481. 
[35] دراسة في فقه مقاصد الشريعة، مرجع سابق، ص29. 
[36] بين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص142.
[37] الموافقات، مرجع سابق، ص202.
[38] قال - رحمه الله: "ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم". انظر: المستصفى، مرجع سابق، ج2ص482.
[39] قال - رحمه الله: "ومجموع الضروريات خمسة، وهي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل". انظر: الموافقات، مرجع سابق، ص203.
[40] قال - رحمه الله - مقرراً ما قاله من سبقه من العلماء: "وقد مثل الغزالي - في المستصفى - وابن الحاجب، والقرافي، والشاطبي هذا القسم الضروري بحفظ الدين والنفوس والعقول والأموال والأنساب". انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص233.
[41] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص234، وبين علمي أصول الفقه والمقاصد، مرجع سابق، ص140.
[42] انظر: في الاجتهاد التنزيلي، مرجع سابق، ص78.
[43] دراسة في فقه مقاصد الشريعة، مرجع سابق، ص27.
[44] قال - رحمه الله: "وأما حفظ العرض في الضروري فليس بصحيح. والصواب أنه من قبيل الحاجي. وإن الذي حمل بعض العلماء - مثل تاج الدين السبكي في جمع الجوامع - على عده في الضروري هو ما رأوه من ورود حد القذف في الشريعة. ونحن لا نلتزم الملازمة بين الضروري وبين ما في تفويته حد ". انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص240.
[45] قال - حفظه الله: "والحقيقة أن جعل العرض ضرورة سادسة توضع إلى جانب ضرورات: الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال، إنما هو نزول بمفهوم الضرورات، وبمستوى ضرورتها للحياة البشرية، كما أنه نزول عن المستوى الذي بلغه الإمام الغزالي في تحريره المركز والمنقح لهذه الضرورات الكبرى. فبينما جعل الضروري هو حفظ النسل نزل بعض المتأخرين إلى التعبير بالنسب، ثم إلى إضافة العرض، وهل حفظ الأنساب وصون الأعراض إلا خادم لحفظ النسل؟ ". انظر: المقاصد الضرورية بين مبدأ الحصر ودعوى التغيير، عبد النور بزا، مجلة إسلامية المعرفة، العدد 45، 2007م.
[46] مجموع الفتاوى، ج32 ص234.
[47] دراسة في فقه مقاصد الشريعة، مرجع سابق، ص28.
[48] انظر: المقاصد الضرورية بين مبدأ الحصر ودعوى التغيير.
[49] المقاصد الضرورية بين مبدأ الحصر ودعوى التغيير، مرجع سابق.
[50] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص232.
[51] المقاصد الضرورية بين مبدأ الحصر ودعوى التغيير، مرجع سابق.
[52] انظر تفصيل ذلك في المرجع السابق.
[53] الزركشي رتب الكليات الخمس على النحو التالي: النفس، المال، النسل، الدين، العقل.
[54] المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية، د. علي جمعة محمد، ص316.
[55] المرجع السابق، ص317.
[56] التوحيد والتزكية والعمران: محاولات في الكشف عن القيم والمقاصد القرآنية الحاكمة، د. طه جابر العلواني، ص114.
[57] مقاصد الشريعة، د. طه جابر العلواني، مرجع سابق، ص82.
[58] انظر: المقاصد الضرورية بين مبدأ الحصر ودعوى التغيير، مرجع سابق.
[59] الموافقات، مرجع سابق، ص228.
[60] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص236.
[61] الموافقات، المرجع السابق، ص202.
[62] مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص56، علم المقاصد الشرعية، مرجع سابق، ص81، الموافقات، مرجع سابق، ص202.
[63] مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص58، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص110.
[64] الملك، آية 14.
[65] مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص63، علم المقاصد ا لشرعية، مرجع سابق، ص81.
[66] أي النفوس.
[67] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص236.
[68] الزمر، آية 9.
[69] طه، آية 114.
[70] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص238.
[71] دراسة في فقه مقاصد الشريعة، مرجع سابق، ص29.
[72] البخاري، كتاب النكاح، رقم 4776.
[73] العنكبوت، آية 29.
[74] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص239.
[75] مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص92.
[76] البقرة، آية 282.
[77] الفرقان، آية 67.
[78] الموافقات، مرجع سابق، ص203.
[79] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص241.
[80] ضوابط المصحلة في الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص111.
[81] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص241.
[82] الرخصة في الشرع: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. انظر: شرح الكوكب المنير، ج1ص478.
[83] القراض ويسمى المضاربة في لغة أهل العراق: هو أن يدفع مالاً إلى العامل ليتجر فيه والربح مشترك. انظر: مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الخطيب الشربيني، ج3 ص397.
[84] وهو أن يسلم عوضاً حاضراً، في عوض موصوف في الذمة إلى أجل، ويسمى سلماً، وسلفاً، يقال: أسلم، وأسلف، وسلف - بالتشديد -. انظر: المغني، موفق الدين ابن قدامة المقدسي، ج4 ص185.
[85] المساقاة: هي معاملة على تعهد شجر بجزء من ثمرته من السقي الذي هو أهم أعمالها. انظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج، أحمد بن علي بن حجر الهيتمي، ج6 ص106.
[86] ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص111.
[87] بناء على تصنيفه حفظ العرض في المقاصد الحاجية وليست الضرورية، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه.
[88] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، ص241.
[89] المستصفى، مرجع سابق، ج2ص485.
[90] الموافقات، مرجع سابق، ص203.
[91] مقاصد الشريعة الإسلامية، ابن عاشور، مرجع سابق، ص243.
[92] ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص111.
[93] المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص164.
[94] المرجع السابق، ص111.
[95] في الاجتهاد التنزيلي، مرجع سابق، ص83.
[96] الاستصناع في الاصطلاح عرفه بعض الحنفية بأنه: عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل. فإذا قال شخص لآخر من أهل الصنائع: اصنع لي الشيء الفلاني بكذا درهم، وقبل الصانع ذلك، انعقد استصناعاً عند الحنفية، وكذلك الحنابلة، حيث يستفاد من كلامهم أن الاستصناع: بيع سلعة ليست عنده على غير وجه السلم، فيرجع في هذا كله عندهم إلى البيع وشروطه عند الكلام عن البيع بالصنعة. أما المالكية والشافعية: فقد ألحقوه بالسلم، فيوخذ تعريفه وأحكامه من السلم. انظر: الموسوعة الفقهية، ج3 ص325.
[97] انظر: الموافقات، مرجع سابق، ص206-213، وقواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، مرجع سابق، ص205-232.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مدخل إلى علم المقاصد (1 /5)
  • مدخل إلى علم المقاصد (5/5)
  • بين (مقاصد الشريعة) و(مقاصد النفوس)!
  • الحاجة لفقه المقاصد
  • نظرية المقاصد في فقه الوقف
  • أنواع المقاصد باعتبار القطع والظن
  • فهم المقاصد ووجوب الاجتهاد في اللغة

مختارات من الشبكة

  • أنواع المقاصد باعتبار مدى الحاجة إليها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متن في المقاصد (غنية القاصد لعلم المقاصد) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاصد الشريعة الإسلامية في أحكام الأسرة والنكاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع المقاصد باعتبار تعلقها بعموم الأمة وخصوص أفرادها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقاصد الجزئية والمقاصد الخاصة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أنواع المقاصد باعتبار تعلقها بعموم التشريع وخصوصه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد الأوقاف الشرعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد العقيدة: مدخل تأصيلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدور كتاب (المدخل إلى مقاصد القرآن) للدكتور عبدالكريم حامدي.(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • أهمية مقاصد الزواج في تحقيق الأمن المجتمعي(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب