• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

نزول القرآن على سبعة أحرف

نزول القرآن على سبعة أحرف
د. عبدالجبار فتحي زيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/11/2013 ميلادي - 29/12/1434 هجري

الزيارات: 131776

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نزول القرآن على سبعة أحرف


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

 

وبعد:

فقد كان العرب يتكلَّمون بلهجات مختلفة، أُحصِيَ منها أكثرُ من عشرين لهجة، تعرَّض لها اللغويون وجعلوا لها أسماءً وألقابًا؛ منها:

الاستنطاء:

وهو جعل العين الساكنة نونًا، فيقولون: أنطى بدلاً من أعطى، وقرئ قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]، إنا أنطيناك الكوثر، وورد الحديث الشريف: ((اللهم لا مانع لما أنطَيْتَ، و لا منطي لما منعت))، بدلا من: ((لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت))، وورد كذلك في الحديث النبوي الشريف: ((اليد المُنْطِية خير من اليد السفلى))، بدلاً من: ((اليد المعطية خير من اليد السفلى))، وورود مثل هذه الأحاديث يكون على أحد أمرين:

• إما أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تكلَّم بهذه اللهجة، مراعيًا لهجة مَن كان يخاطبه؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - كان يكلِّم الأقوام كلاًّ على لغته.

 

• وإما أن يكون الذي نقل هذا الحديث من أصحاب لهجة الاستنطاء، وروَى الحديث بلهجته، لا كما سمِعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يتكلَّم بلهجة قريش.

 

ومنها الطمطمانية:

وهي إبدال لام التعريف ميمًا، فيقولون مثلاً: طاب امهواء، وصفا امجو، يَعْنون بذلك: طاب الهواء، وصفا الجو.

 

ويروى أنه جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بين صحابته، فقال له: يا رسول الله، هل مِن امبر امصيام في امسفر؟ فردَّ عليه - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ليس من امبر امصيام في امسفر))، فقال له صحابته - رضي الله عنهم -: يا رسول الله، ماذا قال لك، وماذا قلت له؟ فقال: قال: ((هل من البر الصيام في السفر؟ فأجبته: ((ليس من البر الصيام في السفر)).

 

ومنها الفحفحة (لهجة هُذَيل):

وهي قلب الحاء عينًا في (حتى)، وكانت هذه اللهجة في مصحف عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أحدِ القرَّاء الأربعة المشهورين؛ لأن عبدالله بن مسعود كان من قبيلة هُذَيل.

 

ومنها الكشكشة:

وهي إبدال الكاف المؤنَّثة في الوقف شينًا، أو إلحاقها شينًا، وقد قرئ القرآن الكريم على هذه اللهجة؛ كقراءة مَن قرأ: (قد جعل ربُّشِ تحتَشِ سريًّا)، وقراءة مَن قرأ: (إن الله اصفاشِ وطهَّرشِ واصطفاشِ على نساء العالمين)، بدلاً من القراءة المشهورة: ﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴾ [مريم: 24]، و﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42].

 

وأخرج الطبراني في الصغير، والبيهقي في دلائل النبوة عن جابر: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول، إن أبيَهْ يريد أن يأخذ ماليَهْ، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ادْعُه ليَهْ))، وهذه لهجة بعض القبائل، وهي إلحاق آخر الكلمة هاءَ السَّكت، كما في قوله - تعالى -: ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ [الحاقة: 28، 29].


فقد كان العرب قبائلَ مختلفة، ولهجاتهم متعددة، وكل منها ما كانت تستطيع أن تقرأ القرآن إلا بلهجتها، وقد يحصل مثل هذا بين أفراد القبيلة الواحدة واللهجة الواحدة؛ ذلك لتباين مستويات الأداء، الناشئة عن اختلاف الألسن وتفاوت التعليم، فقد ذكر ابن جني في كتابه "الخصائص" عن السجستاني في كتابه الكبير في القراءات، قال: قرأ عليَّ أعرابي القرآن بلهجته: (طيبَى لهم وحسن مآب)، فقلت: ﴿ طُوبَى ﴾؛ لأن القرآن الكريم نزل بهذه اللهجة، وهي لهجة قريش، فقال الأعرابي: طيبى، فقرأها بلهجته ولم يستطع قراءتها بلهجة قريش، فلما طال عليَّ قلتُ: طو طو، قال: طي، طي، أفلا ترى أن هذا الأعرابي كيف نبا طبعه عن نقل الياء إلى الواو، فلم يؤثِّر فيه التلقين، ولا ثنى طبعَه عن التماس الخفة هزٌّ ولا تمرين؟

 

وقد ورد في الصحيحين البخاري ومسلم قولُ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسَّر منه))، وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب، وروايات الحديث على كثرتها لا تحدِّد معنى الأحرف السبعة؛ إذ لم تتعيَّن بنصٍّ من النبي - صلى الله عليه وسلم.

 

وينحصر موضوع الأحرف السبعة في نطاق الاختلاف في اللفظ ومنحى النطق دون اختلاف المعنى، وقد دارت آراءُ جمهور العلماء في هذا الإطار، لكنهم لم يتَّفِقوا على تفسير معيَّن، إلا أنه يمكن إجمال مذاهبهم على قولين:

القول الأول: هو أن عدد السبعة لم يقصد به الحصر؛ أي: حقيقة العدد، بل المراد التسهيل والتيسير والسَّعة.

 

القول الثاني: ذهب أكثرُ علماء السلف إلى أن المقصود بالسبعة في الحديث الحصرُ، وأرادوا حقيقةَ العدد، لكن اختلفوا في تعيينها، وأشهر الآراء في هذا القول رأيان:

الرأي الأول: أنها سبع لغات من لغات العرب، وليس معنى ذلك أن في الحرف الواحد سبعة أوجه، فهذا مالم يُسمَع به قط، وإنما المراد بذلك أنه نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون بعضه نزل بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هَوازِن، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحدة.

 

والرأي الثاني: أنها سبعة أنواع من القراءات:

فقد جعلوا مثلاً من اختلاف حركة الإعراب بابًا أو نوعًا من الأحرف السبعة، فقد قرأ ابن مسعود: ما هذا بشر، برفع (بشر) بدلاً من نصبِها في القراءة المشهورة: ﴿ مَا هَذَا بَشَرًا ﴾ [يوسف: 31].

 

وجعلوا من إبدال حرفٍ بحرف؛ كقراءة (الصراط) بالسين والصاد نوعًا ثانيًا.

 

وجعلوا من اختلاف النطق بالتفخيم أو الترقيق، والإمالة أو الفتح، والإظهار أو الإدغام ونحو ذلك نوعًا ثالثًا، وهكذا إلى أن أوصلوا هذه الأوجهَ إلى سبعة أنواع.

 

والصحيح قول السلف، فكثير من لغات العرب التي عُدَّت لغاتٍ، هي في الحقيقة لغات فرعية تعود إلى لغة واحدة، فهي مهما كَثُرَت وتعدَّدت يمكن إرجاعُها إلى سبعِ لغاتٍ أصلية، فيكون المقصودُ بالأحرف السبعة هذه اللغات السبع، ويمكن أن يكون المقصود بها سبعة وجوه عامة من القراءات.

 

وقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلتزم عند تعليمه القرآن للمسلمين لفظًا واحدًا، روى أبو عُبَيد القاسم بن سلام قال: حدثنا يزيد ويحيى بن سعيد كلاهما عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب، قال: "ما حكَّ في صدري شيء منذ أسلمت إلا أنني قرأتُ آية وقرأها آخر غير قراءتي، فقلت (له): أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال (لي): أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، أقرأتني آية كذا وكذا؟ قال: ((نعم))، وقال الآخر: أليس تقرئني (يا رسول الله) آيةَ كذا وكذا؟ قال: ((نعم))، (فأقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقراءتين على الرغم من اختلافهما) فقال: ((إن جبريل وميكائيل أتيَاني، فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآنَ على حرفٍ، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، وكل حرف كافٍ شافٍ)).

 

وروى الضحاك عن ابن عباس: أن الله - تعالى - أنزل هذا القرآن بلغةِ كلِّ حي من أحياء العرب، وفي حديث ابن عباس في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أقرأني جبريل على حرفٍ، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

 

وفي حديث أُبَي عند مسلم: ((إن ربي أرسل إليَّ: أنِ اقْرَأِ القرآنَ على حرفٍ، فرددت إليه: أنْ هوِّن على أمتي، فأرسل إلي: أن اقرأ القرآن على حرفين، فرددت إليه: أن هوَّن على أمتي، فأرسل إلي: أن اقرأ القرآن على سبعة أحرف)).

 

وفي حديث آخرَ أن جبريل - عليه السلام - قال له: ((إن الله يأمرك أن تُقرِئ أمتك على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا فقد أصابوا)).

 

وروي عن علي وابن عباس - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل - عليه السلام - فقال: ((يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم)).

 

وقد جاء في الصحيحين عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يُقرِئنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكدت أساوره في الصلاة (أي: كدت أثب عليه)، فتصبَّرت حتى سلَّم، فلببته بردائه، فقلت: مَن أقرأك هذه السورة التي سمعتُك تقرؤها؟! قال: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: كذبتَ، فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أقرأنيها على غير ما قرأتَ، فانطلقتُ به أقودُه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إني سمعتُ هذا يقرأ سورة الفرقان على حروفٍ لم تقرئنيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أرسِلْه يا عمر))، ثم قال: ((اقرأ يا هشام))، فقرأ عليه السورة التي سمعتُه يقرؤها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هكذا أُنزِلتْ))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هكذا أُنزِلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسَّر منه))، والذي يُفهَم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تيسَّر منه)) أنها رخصةٌ للقبائل التي كانت لا تستطيع أن تُكرِه ألسنتَها على لهجة قريش أو على اللهجة الأصلية.

 

وذكر ابن قتيبة أنه كان من تيسيرِ الله لأمة القرآن في أول نزولِه أنه - سبحانه - أمَرَ رسوله - صلى الله عليه وسلم - بوساطة جبريل بأن يُقرِئ كلَّ قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتُهم، فالهذلي (مثلاً) يقرأ (عَتَّى حين)؛ لأنه هكذا يلفظ بها ويستعملها، والأسدي يقرأ (تِعلمون)، و(تِعلم) و(وتِسود وجوه)، يقرؤها جميعها بكسر التاء لا بفتحها، والتميمي يهمز ويقرأ: (فؤاد أم موسى)، والقرشي لا يهمز، فيقرأ: (فواد أم موسى).

 

ولو أن كل فريقٍ من هؤلاء أُمِر أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلاً وشابًّا وكهلاً، لاشتد ذلك عليه، وعظُمت المحنة فيه، ولم يمكنه القراءة بلهجة قريش إلا بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليل للسان، وقطع للعادة، فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل له متسعًا في اللغات، ومتصرفًا في الحركات؛ لتيسيره عليهم في الدين.

 

يتبين مما مر ذكره مسألتان:

أولاهما: أن القرآن الكريم نزل بلهجةِ قريشٍ لفصاحتها، فقد كانت تمثِّل اللغة الأدبية المشتركة بين القبائل العربية، هذا في الأعم الأغلب؛ أي: إن القرآن الكريم أُنزِل بغير هذه اللغة أيضًا؛ من ذلك مثلاً أن لهجة تميمٍ تنبر الهمزة فتحقِّقها ويشاركها في ذلك أكثر البدو، فيقولون: (رأس، وبئس، وفؤاد، وخاسئة)، في حين يسهِّل الحجازيون (القرشيون) الهمزة ولا ينبرونها إلا إذا أرادوا محاكاة التميميين، فيقولون: (راس، وبيس، وفواد، وخاسية)، وقد نزل القرآن الكريم بهاتين اللغتين.

 

والثانية: أنه حين يذكر أن القرآن نزل بلهجة قريشٍ، لا يعني هذا أنه نزل بقراءة واحدة؛ إذ لم تكن لهجة قريش قراءةً واحدة، بل كانت تتضمَّن عدة قراءات، في ضوء ذلك يمكن القول - والله أعلم -: إن القراءات في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمشمولة بالأحرف السبعة كانت على قسمين:

قراءات مؤقتة:

لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في صلاته؛ لأنها في الحقيقة لم تكن قراءات منزَّلة، وإنما أقرَّ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مراعاة للهجات القبائل، وهذه هي القراءات التي ألغاها عثمان - رضي الله عنه - لأنها كانت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخصةً وتيسيرًا لكل مَن لم يستطع أن يقرأ القرآن إلا بلهجته الخاصة، وقد أُبطِلت هذه الرخصةُ في عهد عثمان - رضي الله عنه - ذلك أن الناس تعوَّدت ألسنتُهم على قراءة القرآن بالقراءة التي كان يقرأ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته.

 

وقراءات دائمة ثابتة:

تابعة للغة قريش، وأخرى تابعة للغات قبائل أخرى، نزل بها القرآن الكريم، لا مراعاة للهجات تلك القبائل، ولكن لكون هذه القراءات بلغت مستوى لغة قريش من حيث بلاغتها وفصاحتها، وهذه هي التي أبقاها عثمان - رضي الله عنه - ووحَّد الأمة الإسلامية على اختلافِ لهجاتهم للقراءة بها؛ لأنها قراءاتٌ أُرِيد بها أن تُتلَى ويقرأ بها إلى قيام الساعة، وهي المدوَّنة في المصاحف التي بين أيدينا اليوم، تحت اسم القراءات السبع، والقراءات العشر، التي هي نفس المصاحف التي جمع فيها زيدُ بن ثابت القرآن، وأُرسِلت في خلافة عثمان - رضي الله عنه - من المدينة إلى الأمصار، وعُرِفت باسم المصاحف العثمانية؛ نسبةً إلى الخليفة الثالث الذي أمر بنسخها وإرسالها، وهذه المصاحف هي نفسها المنقولة عن الصحف التي جمع فيها زيد بن ثابت أيضًا القرآن في خلافة أبي بكر الصديق، وهي نفسها المنقولة عن القطع التي كُتِب عليها القرآن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمره وتحت سمعه وإشرافه.

 

• ومما يجب التنبيه عليه أن هذه القراءات لم تكن في كلِّ آية من آيات القرآن الكريم، بل تشمل عددًا معينًا في كل سورة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن عبارة (سبعة أحرف) لا تعني أن كلاًّ من هذه الآيات المشمولة تُقرَأ بسبع قراءات أو عشر، من ذلك مثلاً:

• ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، و(مَلِك يوم الدين) [الفاتحة: 1]، فهذه الآية من سورة الفاتحة تقرأ بهاتين القراءتين فقط.

 

• و﴿ يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137]، تقرأ بقراءتين فقط بكسر الراء وبضمها.

 

• و﴿ جَمَعَ ﴾ [الهمزة: 2] تقرأ بقراءتين فقط (جمَع) بفتح الميم وتخفيفها، و(جمَّع) بفتح الميم وتشديدها.

 

• و﴿ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ ﴾ [البقرة: 77] تقرأ (عليهِمِ القتال) بكسر الهاء والميم، و(عليهُمُ القتال) بضم الهاء والميم، و(عليهِمُ القتال) بكسر الهاء وضم الميم، فتقرأ هذه الآية بهذه القراءات الثلاث فقط.

 

وأكثر القراءات عددًا أربع، وهي في ألفاظ قليلة؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾ [يوسف: 23]، فقد قُرِئَتْ بأربع قراءات نذكرها فيما بعد.

 

ونلحظ أن جميع هذه القراءات خطها واحد، ومعناها واحد، والحكمة من وجود هذه القراءات يمكن إجمالها فيما يأتي:

الحكمة الأولى: التيسير على الأمة الإسلامية على اختلاف عصورها وأقاليمها ولغاتها، سواء كانت من قريش أم من غير قريش، وسواء عربية كانت أم أعجمية.

 

والحكمة الثانية: هي الجمع بين حكمين مختلفين؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

 

قرئ بالتخفيف والتشديد في حرف الطاء من كلمة ﴿ يَطْهُرْنَ ﴾، وصيغة التشديد تفيد وجوب المبالغة في طهر النساء من الحيض؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.

 

أما قراءة التخفيف، فلا تفيد هذه المبالغة، ومجموع القراءتين يحكم بأمرين:

أولهما: أن الحائض لا يقربُها زوجها حتى يحصل أصل الطهر، وذلك بانقطاع الحيض.

 

والثاني: أنه لا يقربها زوجها أيضًا إلا إذا بالغت في الطهر، وذلك بالاغتسال، وهو ما ذهب إليه الإمام الشافعي ومَن وافقه، ويبدو أن جواز القراءتين يدل على جواز الأمر الأول، إلا أن الأمر الثاني أفضل وأكثر استحبابًا.

 

والحكمة الثالثة: هي الدلالة على حكمين شرعيين، ولكن في حالتين مختلفتين؛ كقوله - تعالى - في بيان الوضوء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].

 

قُرِئ بنصب (أَرْجُلكم) وبجرِّها، فالنصب يفيد طلب غسلها؛ لأن العطف حينئذٍ يكون على لفظ (وجوهَكم) المنصوب الذي حكمه الغَسل، والجرُّ يفيد طلب مسحها؛ لأن العطف حينئذٍ يكون على لفظ (رؤوسِكم) المجرور الذي حكمه المسح، والمعروف أن النصب هو الأصح والأشهر؛ لأن المراد به الحالة العامة التي هي وجوب الغسل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويل للأعقاب من النار))، والأعقاب مؤخر القدم، وهذا حديث نبوي قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما نظر إلى رجلٍ يتوضأ ولم يغسل قدميه، وهو حديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما، أما الجر، فقد كان في حالات خاصة وشروط معينة.

 

والحكمة الرابعة: الجمع بين معنَيي القراءتين؛ من ذلك قوله - تعالى -: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259].

 

والنشز (بالزاي): يعني رفع العظام بعضها فوق بعض، والمراد جمعها وإرجاعها إلى ما كانت عليه، ويكون ذلك تمهيدًا لبعث الروح فيها، وقُرِئت: ننشرُها (بالراء)، والنشر؛ معناه: البعث والإحياء، فعند جمع هاتينِ القراءتين يكون تفسير الآية: وانظر إلى حمارك الذي مات قبل مائة سنة، وتفسخت عظامه، وتناثرت هنا وهناك، كيف نجمعها ونعيدها إلى مواضعها، وانظر كيف نحييها.

 

والحكمة الخامسة: يمكن توضيحها في قوله - تعالى -: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23].

 

قُرِئَتْ (هيت لك) بأربع قراءات صحيحة ومتواترة، هي:

1- هِيتَ لك: بكسر الهاء وتسكين الياء، وفتح التاء.

2- هِئْتَ لك: بكسر الهاء، وتسكين الهمزة، وفتح التاء.

3- هَيْتُ لك: بفتح الهاء، وتسكين الياء، وضم التاء.

4- هَيْتَ لك: بفتح الهاء، وتسكين الياء، وفتح التاء.

 

• مما لاشك فيه أن امرأة العزيز اتَّبعت عدة طرائق لتراود بها يوسف - عليه السلام - عن نفسه، ذلك بنبرات خطابِها له، وتعدد نغماته المغرية والمثيرة لكوامن الشهوة، فيظهر أيضًا أن تعدُّد قراءات (هيت لك) كان ليشير إلى تعدد طرائق الإغواء التي اتَّبعتْها امرأة العزيز لاستمالة يوسف - عليه السلام - إليها بحديثها وخطابها، وعرض مفاتن جسمها في مواقف مختلفة.

 

وفي قوله - تعالى -: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23].

 

قُرِئَتْ (أفٍّ) ثلاث قراءات: (أفِّ) بكسر الفاء، و(أفَّ) بفتح الفاء، و(أفٍّ) بتنوين الفاء تنوين كسر، وكذلك يظهر أن تعدد قراءة (أف) في هذه الآية جاء ليحث الأبناء إلى عدم خطاب الوالدين بأي نوع كان من أنواع الضجر.

 

فكل قراءة في هذا القرآن محسوب معناها وغرضها، فما أعظمَه من كتاب!

 

اللهم يسِّر لنا قراءة القرآن وحفظه والعمل به، اللهم آمين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إنزال القرآن على سبعة أحرف
  • القرآن والأحرف السبعة
  • فوائد حول نزول القرآن
  • مصادر التشريع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
  • نزول القرآن بأرقى اللغات وأشرفها
  • نزول القرآن مفرقا والحكمة منه
  • متى أنزل القرآن؟ ولماذا أنزل؟

مختارات من الشبكة

  • معرفة المكي والمدني من القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب نزول القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نزول القرآن في ليلة القدر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معرفة أسباب نزول القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعض القواعد الأصولية المرتبطة بأسباب نزول القرآن (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ماليزيا: عقد فعالية "نزول القرآن" في مسجد سراواك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • علم أسباب نزول القرآن: دراسة تاريخية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أثر التدرج في نزول القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان شهر نزول القرآن(مقالة - ملفات خاصة)
  • نزول القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن
بتول - أمريكا 02-08-2015 11:14 AM

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،
لدي بحث جميل جداً لم يسبق له مثيل في الأحرف السبعة وقد وفق بين جميع الأحاديث التي جاءت فيه. وقد حدد تحديداً واضحاً ومباشراً ما هي الأحرف السبعة. وأريد أن أنزله في بلوكي الخاص بي. ولكنني أرى أن تعم الفائدة بنشره في موقعكم. فإن أردتم الاطلاع عليه فأنا على استعداد إرساله لكم. وفيه المفيد بإذن الله تعالى ولكم شكري وتقديري

سكرتير التحرير:

نشكركم، ويسرنا استقبال البحث على هذا البريد:

info@alukah.net

1- nozol l9oran
jamal taoufiq - maroc 11-11-2013 01:17 PM

momtaz

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب