• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (194)

تفسير سورة البقرة .. الآية (194)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/8/2013 ميلادي - 14/10/1434 هجري

الزيارات: 34562

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية (194)


قال تعالى: ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194].


يقول الله تعالى: من استحل دمكم في الشهر الحرام فاستحلوا دمه، وذكر قوم قولاً صالحاً، وهو: أن الشهر الحرام لما لم يمنعكم عن الكفر بالله فكيف يمنعنا عن مقاتلتكم، فالشهر الحرام من جانبنا مقابل بالشهر الحرام من جانبكم، والحاصل أن حرمة الشهر الحرام لما لم تمنع الكافرين من الكفر والأعمال القبيحة فكيف جعلوه سبباً في أن يمنعنا من القتال دفعاً لفتنتهم، وقمعاً لشرهم، وتطهيراً للأرض من شركهم وفسادهم، ولهذا قال تعالى: والحرمات هي الشهر الحرام والبلد الحرام وحرمة الإحرام فقوله سبحانه ﴿ قِصَاصٌ ﴾ معناه أنهم لما أضاعوا هذه الحرمات الإلهية بشركهم وكفرهم في أصول التوحيد، وأخذوا يتعللون بالفروع بدعوى تقديس هذه الحرمات وهم قد هدموها من الأساس، كان قتالهم قصاصاً على انتهاكهم لهذه الحرمات بالشرك، فتعللهم بتقديسها كالذي يعالج الجرح والرأس مقطوع، ولهم شبيه وارث في هذا الزمان ممن يتباكى على المقدسات بكاء التماسيح خداعاً للمسلمين ودغدغة لعواطفهم الدينية، وهو غير محترم للمقدسات، ولا معظم لرب المقدسات، لإباحته ما حرم الله في سفحها وحكمه بشريعة الطاغوت فيها. فشرك الأولين والآخرين يلتقي في التهويل والتضليل وخداع المسلمين.


فما أعظم معنى قوله سبحانه: ﴿ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ﴾ [البقرة: 194]وما أجمله، فالله يعلم أن عباده المسلمين لن ينتهكوا هذه الحرمات على سبيل الابتداء انتقاصاً لها، ولكن على سبيل القصاص للملابسات التي حصلت فيها من كفر المشركين وفتنتهم للمسلمين، ولذا قال سبحانه: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194] لأنه لم يمنعهم حرمة الشهر والبلد من الكفر بالله فيه والعمل على فتنة عبادة المؤمنين، فكيف يمتنع المؤمنون من قتالهم، بل لهم أن يقابلوا الاعتداء على دين الله وعباده بمثله، وتسميته اعتداء على وجه المقابلة كقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126] وأخذهم بالعقوبة قصاصاً بالعدل لا عقوبة، فهكذا معنى اعتدائهم لمقابلة المعتدي.


وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194] تقدم ذكر معنى التقوى وسيأتي لها مزيد إن شاء الله، وأما قوله: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194] فمعناه اعلموا علم اليقين أنكم إذا اتقيتم الله في مقاصدكم بجهادكم لإعلاء كلمته، وتجردتم به عن أغراضكم النفسية ومنافعكم الشخصية، واتقيتم الله بالتزامكم حدوده في الجهاد صيانة لجانب العقيدة، فإن الله مع المتقين، بتوفيقه لهم، وتسديده لخطاهم، وجبره لنقص قوتهم، وتأييدهم بما شاء، حتى يتحقق لهم النصر والتمكين في الأرض كما وعدهم ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 111].


ولن يخلف الله وعده إلا إذا لم تحصل التقوى من المجاهدين إما باختلاف مقاصدهم وانحرافهم عن واجب الجهاد، إما بسوء أعمالهم، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.


مسألة: كيف يوفق بين قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ [البقرة: 193] مع العلم أن قتالهم لا يزيل الكفر، وخبر الله سبحانه لا يكون إلا حقاً؟

الجواب: من عدة وجوه.


أحدها: أن كفرهم يزول عند قتالهم في الأغلب، وبزواله تزول الفتنة، لأن في الجهاد يقتل بعضهم أو شطرهم، ومن قتل استرحنا من كفره بزوال فتنته، ومن لم يقتل يتوقف عن الفتنة بسبب ذله وانكسار قلبه.


ثانيها: أن المراد قتالهم بقصد زوال الفتنة بانقماع الكفر لا بزوال الكفر بالكلية، ويشهد لكلا الوجهين:

الوجه الثالث: وهو ما ذكره الله في الآية (14، 15) من سورة براءة، وأشرنا لما ذكرناه من الفوائد الستة في قتالهم باختصار في الدعامة الثالثة عشرة من دعائم الرشد، وهي قوله تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 14، 15].


وما أحسن ختام الله لهذه الآية بأنه: ﴿ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ فإن فيها قطعاً لكل تساؤل.


وهاهنا فوائد:

أحدها: صبيان الكفار الممنوعين عن قتالهم إذا تدربوا على القتال أو صاروا يحملون قنابل يرمونها أو يمدون بها الرماة، جاز قتلهم أو وجب على حسب مبلغ شرهم.


ثانيها: لا تقتل النساء العزل اللاتي ليس لهن فعل ولا تأثير في القتال، فأما اللاتي لهن تأثير في الإمداد بالأموال، والتحريض على القتال، أو إنشاد الأشعار المهيجة، أو تكثير سواد المقاتلين بالتشبه بهم باللباس، أو مساعدتهم بمناولة الرصاص والقنابل ونحو ذلك، فقتالهن جائز أو واجب، فأما اللاتي حضورهن في المعركة مقصور على تضميد الجرحى أو إسقاء العطشى فلا يجوز قتلهن.


ثالثها: الرهبان لا يقتلون ولا يسترقون، بل يترك لهم ما يعيشون به من أموالهم، وذلك إذا انفردوا عن قومهم ولم يعينوهم بقتال ولا بتشجيع، فإن شاركوا الكفار في الكنائس قتلوا، وكذالك حكم المرأة إذا ترهبت ولم يحصل منها تحريض لقومها أو مشاركة في تجمعهم ضدنا.


رابعها: الشيوخ العاجزون والزمناء المنقطعون عن المشي لعلة في أرجلهم لا يجوز قتلهم إلا إذا حصل منهم إيذاء لنا، أو كانوا ينفعون قومهم بأيديهم أو برأيهم وحيلتهم، فيقتلون.


خامسها: في قتل العسفاء خلاف بين العلماء، والعسفاء جمع عسيف وهم الفلاحون والأجراء للعمل في الحراثة والعمران، فقال بعضهم: لا يقتلون حتى يحملوا السلاح أو يعاونوا أسيادهم علينا، وقال الشافعي ومن وافقه: يقتلون حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية.


قلت: وذلك لأنهم يمدون أعدائنا بعناصر القوة والنماء، فيطيلون أمد المقاومة، فحكمهم كالمقاتلين، لأنهم مدد لهم وتحت أمرهم في كل شيء، وعلى هذا الخلاف إن حصل التمييز بينهم والنظر فيهم، فلينظر حتى لا يقتل أحد بظلم.


سادسها: لا يجوز للمسلمين قطع أشجار الكفار ولا تحريق زروعهم حتى ولو كان في تركها إطالة للحصار، إلا إذا أساءوا المعاملة معنا، فقطعوا أشجارنا وحرقوا زروعنا، فيجوز لنا معاملتهم بالمثل، والأولى ألا تقابلهم بذلك وألا يغلبونا على وصية ديننا في الحلم والرحمة حتى يكون في تركها تطويل لمدة الحصار وهم قد بدأونا بذلك فإنه يحسن منا مقابلتهم بالمثل لتحصيل المصلحتين.


سابعها: البغاة الذين يخرجون على إمام المسلمين ويشقون عصا الطاعة ويفرقون صفوف المسلمين يقاتلون قتالاً غير قتال الكفار، لأن الكافر يقاتل بكل حال إذا قاتل أو حصلت منه الفتنة على الدين، ولا يخلي سبيله حتى تتم غاية الجهاد بحصول الإسلام أو دفع الجزية أو الإثخان بالقتال المزيل لفتنته، وأما البغاة فقتالهم لأجل دفعهم كالصائل، فمن أدبر منهم لا يجوز اتباعه، ومن جرح منهم لا يجوز الإجهاز عليه، لأنهم إخوان لنا، كما نص الله على ذلك في سورة الحجرات في الآية التاسعة والعاشرة.


ثامنها: وجوب الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، ومنه ما هو فرض عين، وما هو فرض كفاية، حسبما تقتضيه الحال، ولا يجوز التخلف عنه بلا عذر صحيح لقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد، فهجرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر أصحابة بهجرهم، فقاطعوهم مقاطعة ضاقت بسببها عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، فبذل النفس والمال في سبيل العقيدة من أوجب الواجبات، ولا يجوز للمسلمين الفرار عند ضعفهم من الكفار إلا بحيلة المكر والانحراف أو التحيز إلى فئة، والفرار معدود من كبائر الذنوب، فيجب الصبر والمصابرة والمرابطة، والإكثار من ترك الفخر والبطر والإعجاب والغرور بالأماني والاعتماد على القوة، فإن جميع ذلك مسخط لله وجالب للهزيمة.


وعلى المسلمين أن يتدبروا سورة الحياة التي هي سورة الأنفال وما بعدها من (براءة) وأن يحققوا العمل بمقتضاهما، ليصدقوا مع الله في دينهم ويحصلوا على وعد الله بنصرهم.


تاسعها: مشروعية الجهاد تحت راية إسلامية تعمل بحكم الله فيما أنزل في جميع شئون الحياة، وتندفع للجهاد الصحيح ببواعثه وإجاباته الشرعية ليس للأغراض النفسية والغايات الأرضية والحمية العصبية. فقد ورد في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ومن قاتل تحت راية عمية، يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية، فليس مني ولست منه))[1]. وقال: ((من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم))[2] والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة، فلا يجوز الجهاد تحت راية غير إسلامية، ولا مساعدتها ولا التبرع لها، إلا إذا اقتضت مصلحة المسلمين لضرب الكفار بعضهم ببعض، وأمنوا شر من يساعدونهم على قتالهم إذا انتصروا.


عاشرها: لا يجوز الانتصار بالكفار، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنا لا ننتصر بكافر))[3]. ولكن يجوز شراء الأسلحة أو استعارتها، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في استعارة الدروع من صفوان بن أمية. وقد يجب ذلك عند الضرورة، ولكن بشرط عدم التأثير على العقيدة بألا يكون الشراء مقروناً بما يجلب ثقافتهم أو ينشر مبادئهم ومذاهبهم الإلحادية بين المسلمين، أو يغرس حبهم في قلوب الناشئة، وينبغي أن يعلم أن مشروعية الجهاد في سبيل الله لا في سبيل المطالب والمقاصد النفسية، ولا لنصرة شخص على شخص، أو بلد على بلد، أو مبدأ أرضي أو مذهب اقتصادي على المبدأ الآخر. وإنما وجوب الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وقمع المفتري عليه، والدفع بالمد الديني والرسالة المحمدية إلى الأمام، وردع من يقف في وجهها حتى لا يكون له شوكة ولا كيان، ومعنى إعلاء كلمة الله وقمع المفتري عليه هو أن يكون الحكم لله في الأرض لتحقيق ألوهيته على أهلها، ويزول حكم الطاغوت المفتري على الله والمتطاول بالتشريع والتقنين، فلا يحكم إلا بشريعة الله، ولا تقام إلا حدود الله فقط، لا شريعة المخلوق ولا حدوده الباطلة، فلا يكون لأي وطن ولا قوم شريعة ولا حدود، بل الشريعة هي شريعة الله، وتكون الحدود حدود الله، ويكون الوطن وجميع الأوطان لله، والدين لله وحده، عكس ما يزعمه أفراخ الماسونية وتلاميذ الاستعمار من قولهم: الدين لله والوطن للجميع.


لقد روجوا هذه الكلمة الفاجرة الكافرة حتى انطلت على كثير من الناس أنها تقتضي أن يقصى دين الله من واقع الحياة جميعها، وأن تحكم البلاد حسبما تريده الأقليات الكافرة والملاحدة والمنحرفون بحكم وثنى جاهلي جديد، يباح فيه ما حرم الله من الفواحش والمسكرات ولا يبقي لله إلا جزء يسير من الدين في مسجد تفرض الرقابة عليه، فأي فتنة في دين الله أشد من هذا وأفظع؟ إنها فتنة معنوية أشد من القتل ومن كل فتنة حسية.


فمشروعية الجهاد المقدس الصحيح لإعلاء كلمة الله بأن يكون الوطن لله يحكم فيه بحكم الله، والدين لله وحده لا يقصد غير وجهه في كل عمل، ولا يحكم بغير شريعته في كل ميدان من ميادين الحياة.


الوطن لله، تعلو فيه كلمة الله بارتفاع أهل طاعته، ويطهر من أعداء الله الذي شرعوا لهم ما لم يأذن به الله، أو يلتزمون الصغار ويدفعوا الجزية ويلتزموا أحكام الإسلام.


الوطن لله، يعلو فيه الإسلام ولا يعلى عليه، لا يكون فيه صوت إلحاد، ولا صحيفة إلحاد، ولا دعاية لظالم، ولا دعوة لفسق، ولا تشجيع على الفسق والفجور.


الوطن لله، يحرم فيه ما حرم الله، وتقام فيه حدود الله، وتنفذ شريعته وينتصر لدينه، وينتصف من أعدائه، وإلا فما قيمة إله لا تنفذ شريعته ولا تقام حدوده، ولا يعمل لدينه ولا ينتصر له؟ بل ما قيمة إله لا في الوطن يكون النصراني العربي فيه ومن هو أخبث من النصراني العربي خير من المسلم غير العربي، والله يقول: ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [القلم: 35، 36] والجاهلية الجديدة تفضل المجرم على المسلم، بينما الله ينفي مساواته.


فمشروعية الجهاد لإقامة الحكم الإسلامي والإطاحة بكل حكم قومي في مكة والطائف وغيرهما، ولما ترك الجهاد الشرعي عاد الحكم القومي، بل الحكم العلماني إلى أكثر أقطار الأرض، وصار المسلمون في أفريقيا ونحوها يدفعون شبه الجزية مما يسمى بـ(ضريبة الكنائس)، فأصبح وجودهم مدداً لدين عدوهم، لا مدداً لدينهم، ومن يدافع عنهم وهو مقيم حكماً علمانياً؟


وكما قلنا إن مشروعية الجهاد لإعلاء كلمة الله بإقامة حكمه والدفع بمد رسالته إلى الأمام وقمع المفترى عليه من كل ملة ونحلة، فنقول أيضاً: إن من استغل اسم الجهاد للاستعلاء على الناس وبسط نفوذ أو توسيع رقعة ملكه لاستغلال الأمم والشعوب دون العمل الصحيح للإسلام، فإن عمله ليس من الجهاد، وما يغنمه أو يسترقه من المغلوبين ليس شرعياً، حتى ولو كانوا كفاراً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))[4]. فمن لم ينو بحربه إعلاء كلمة الله على ما فصلناها متجرداً عن المقاصد و الأنانية والوساوس النفسية، فإنه ليس بمجاهد، بل هو مستعمر كسائر الغزاة الطامعين، ولا يخرجه إسلامه عن هذه الأوصاف ما دامت مقاصده مخالفة للإسلام.


وقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن أعرابياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن هو في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله))[5].


ولهما في رواية أخرى: الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية. وفي رواية: يقاتل غضباً. فمن هو في سبيل الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا))[6].


لنعطر تفسير هذه الآيات القليلة من آيات الجهاد بذكر بعض الأحاديث الصحيحة فيه، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ فقال: ((إيمان بالله ورسوله)). قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)). قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور))[7].


وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين)). قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))[8].


وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله الجهاد في سبيل الله))[9].


وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها)). وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي الناس أفضل؟ فقال: ((مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله)). قال: ثم من؟ قال: ((ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره))[10].


وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها))[11].


كل هذه الأحاديث اتفق على تخريجها الشيخان البخاري ومسلم، وروى أبو داود عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن فتنة القبر))[12]. ورواه الترمذي أيضاً وقال: حديث حسن صحيح.


وروى أبو داود والنسائي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)). وفي رواية النسائي: ((بأيديكم وألسنتكم وأموالكم))[13].


وروى مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق))[14].


وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الحرب خدعة))[15] وهذا من مرونة الدين السياسية والعسكرية.


وروى أبو داود والنسائي ومالك في الموطأ عن معاذ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الغزو غزوان: فغزو ينفق فيه الكريمة، ويياسر فيه الشريك، ويطاع فيه ذو الأمر، ويجتنب فيه الفساد، فذلك خير كله، وغزو بعكس ذلك لا يرجع صاحبه كفافاً))[16] باختصار.


وأخرج رزين عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال له رجل: أريد أن أبيع نفسي من الله فأجاهد حتى أقتل. فقال: ويحك و أين الشروط؟ أين قوله تعالى: ﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 112].


وروى أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضاً من عرض الدنيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا أجر له)). فأعاد الرجل السؤال ثلاث مرات والرسول يجيبه بأن لا أجر له[17].


وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو. فقال: ((يا عبد الله، إن قاتلت صابراً محتسباً بعثك الله صابراً محتسباً، وإن قاتلت مرائياً مكابراً بعثك الله مرائياً مكابراً، على أي حال قاتلت أو قوتلت بعثك الله على تلك الحال))[18].



[1][صحيح] أخرجه مسلم: [1848]، و غيره.

[2][صحيح] أخرجه الترمذي: [2863]، وأبو يعلى: [1571]، وابن خزيمة: [1895]. وغيرهم.

[3]لم أقف عليه.

[4]أخرجه البخاري، كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الحي، [1]، ومسلم: [1907].

[5][صحيح] سبق تخريجه.

[6][صحيح] سبق تخريجه.

[7]أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب: من قال أن الإيمان هو العمل، [26] ومسلم: [83].

[8]أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها، [527]، ومسلم [85].

[9]أخرجه البخاري، كتاب العتق، باب: أي الرقاب أفضل، [2518]، ومسلم [84].

[10]أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير، باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه، [2786]، ومسلم [1888].

[11]أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير، باب: فضل رباط يوم في سبيل الله، [2892]، ومسلم [1881].

[12] [صحيح] أخرجه أبو داود: [2500]، والترمذي [1621]، وغيرهما كلهم من طريق حيوة، وابن وهب عن أبي هانئ الخولاني، عن عمرو بن مالك، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه.

[13]أخرجه أبو داود: [2504]، والنسائي في الكبرى [4304]، وفي المجتبى [3096]، وغيرهم.

[14]أخرجه مسلم: [1910].

[15]أخرجه البخاري، كتاب: الجهاد والسير، باب الحرب خدعة، [3029]، ومسلم [1740] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي الباب عن علي وجابر - رضي الله عنهما -، وغيرهما.

[16]أخرجه أبو داود: [2515]، والنسائي: [6/49]، وغيرهما، وانظر علل الدار قطني: [6/84] [997].

[17]أخرجه أبو داود: [2516]، والأمام أحمد: [2/290، 366]، والبيهقي: [9/169]، والحاكم: [2/94، 403].

[18]أخرجه أبو داود: [2437]، والحاكم: [2/95، 122]، والبيهقي: [9/168].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآية (188)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (189)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (193)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (195)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (196)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (197)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (198)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (203)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سور المفصَّل ( 10 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 9 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب