• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

دفن الميت

تمام المنة - الجنائز (9/ 12)
الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/5/2013 ميلادي - 18/7/1434 هجري

الزيارات: 89821

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دفن الميت

تمام المنة - الجنائز (11)


حُكمه:

فرْضُ كفاية كما تقدَّم.

 

صفة القبر:

يجوز أن يكونَ القبر لحدًا، ويجوز أن يكون شقًّا، واللحد أفضل؛ لأنه هو الذي اختارَه الله لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "لَمَّا تُوفِّي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بالمدينة رجلٌ يَلْحَد، وآخر يَضْرَح، فقالوا: نَستخير ربَّنا، ونَبعث إليهما، فأيُّهما سُبِق، ترَكناه، فأرسَلنا إليهما، فسبَق صاحب اللحد، فلَحَدوا للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم"[1].

 

وعن سعد بن أبي وقاص قال: "ألْحِدوا لي لحدًا، وانْصِبوا عليَّ اللَّبِن نَصْبًا، كما صُنِع برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"[2].

 

ومعنى اللحد: الميْل، وذلك إنما يكون في الأرض المتماسكة الصُّلبة، التي لا يَنهار تُرابها، وذلك بأن يُحفر القبر، ثم يُحفر في أسفله من جانبه الذي يلي القِبلة.

 

وأمَّا الشق، فهو أن يُحفر القبر، ثم يُوضع الميِّت في أسفل الحفرة، ويُعرَّش فوقه باللَّبِن أو الخشب ونحوه، ثم يُوضع فوقه التراب.

 

ويلاحظ في القبر:

أ- أنه يجب أن يُعمَّق ويُوسَّع ويُحسَّن؛ فعن هشام بن عامر قال: "لَمَّا كان يوم أُحد، أُصيب مَن أُصيب من المسلمين، وأصابَ الناسَ جراحاتٌ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((احْفِروا وأوْسِعوا - وفي رواية: وأعْمِقوا، وفي رواية أخرى: وأحْسِنوا...))؛ الحديث[3].

 

ب- يُسَنُّ أن يُرفع القبر بعد الفراغ من الدفن قليلاً نحو شبرٍ؛ فعن جابر - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أُلْحِد له لحدٌ، ونُصِب عليه اللَّبِن نصْبًا، ورُفِع قبره عن الأرض نحوًا من شبرٍ[4].

 

جـ- أن يجعلَ القبر مُسنمًا بالتراب والحصى، ولا يكون ذلك بالبناء والطين؛ فعن سفيان التمار قال: "رأيتُ قبرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مُسنمًا"[5]، و"المُسنم": هو المُرتفع من وسطه، ومائل من جانبه؛ أي: مثل سَنَمة الجمل.

 

قال ابن القيِّم: "وقبرُه مُسنم، مبطوح ببطحاء العَرْصة الحمراء، لا مبني ولا مُطيَّن، وهكذا كان قبر صاحبَيه"[6].

 

د- أن يعلَّم بحجرٍ ونحوه؛ لِما ثبَت عن المطلب بن أبي وداعة قال: لَمَّا مات عثمان بن مظعون، أُخْرِج بجنازته، فدُفِن، أمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً أن يأتِيَه بحجرٍ، فلم يستطع حمْله، فقام إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسَر عن ذراعيه، ثم حمَله، فوضَعه عند رأسه، وقال: ((أتعلَّم بها قبر أخي، وأَدْفِن إليه مَن مات من أهلي))[7].

 

هـ- ولا يجوز تجصيص القبر والبناء عليه، ولا يجوز الكتابة عليه؛ فعن جابر - رضي الله عنهما - قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُجصَّص القبر، وأن يُقعد عليه، وأن يُبنى عليه"[8].

 

ورواه الترمذي بلفظ "نهى أن تُجصَّص القبور، وأن يُكتب عليها، وأن يُبنى عليها، وأن تُوطَأ"، ومعنى "التجصيص": أن يُوضع فوقه الجِصُّ، وذلك بأن يُكسى القبر بأحجارٍ، أو رخامٍ، ونحو ذلك.

 

قال ابن عثيمين: "فالصحيح أنَّ تَجصيصها والبناء عليها حرامٌ".

 

تنبيه: ما يَكتبه البعض على باب المقابر؛ لمعرفة ملكيَّة الأرض لعدم التعدِّي عليها[9]، يكون من الأمور الجائزة للضرورة، ولكن لا يُكتب على كلِّ قبرٍ بخصوصه؛ كالثناء عليه، ونحو ذلك.

 

صفة الدفن:

أ- السُّنة إدخال الميِّت من مؤخِّر القبر؛ فعن ابن سيرين قال: "كنتُ مع أنس في جنازة، فأمَر بالميِّت، فَسُلَّ من قِبَلِ رجل القبر"[10].

 

ومعنى هذا: أن يُوضع رأسه في الموضع الذي تكون فيه رجلاه إذا دُفِن، ثم يُسَلَّ سلاًّ رفيقًا، فإن لَم يكن إدخاله القبرَ بهذه الصورة متيسِّرة لهم، أدْخَلوه حيث شاؤوا؛ إذ المقصود الرِّفق بالميِّت، وما تقدَّم هو الأفضل؛ لأنه السُّنة.

 

فعن أبي إسحاق قال: "أوصى الحارث أن يُصلِّي عليه عبدالله بن يزيد، فصلَّى عليه، ثم أدخَله القبر من قِبل رِجْلي القبر، وقال: هذا من السُّنة"[11].

 

قال المنذري: "قال البيهقي: هذا سندٌ صحيح، وقد قال: "هذا من السُّنة، فصار كالمسند، وقد رُوِّينا هذا القول عن ابن عمر وأنس بن مالك، قال الشافعي: أخبَرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر، لا اختلاف بينهم في ذلك: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُلَّ من قِبَل رأسه، وأبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - قال البيهقي: هذا هو المشهور فيما بين أهل الحجاز"[12].

 

ب- ويقول الذي يَدفنه: "بسم الله، وعلى مِلَّة رسول الله"، أو "على سُنة رسول الله"، أو يقول: "بسم الله وبالله، وعلى مِلَّة رسول الله".

 

فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا وضَع الميِّت في القبر قال: ((بسم الله، وعلى سُنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم))[13].

 

وعن البياضي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الميِّت إذا وُضِع في قبره، فليَقل الذين يَضعونه حين يُوضع في اللحد: بسم الله وبالله، وعلى مِلَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم))[14].

 

جـ- ويُستحب أن يُجعل الميِّت في قبره على جنْبه الأيمن، ووجْهه قُبالة القِبلة، ورأسه عن يمين القِبلة، ورِجلاه عن يسار القِبلة.

اتجاه القبلة

رأس الميت               رِجلا الميت


قال ابن حزم: "على هذا جرى عملُ أهل الإسلام من عهْد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، وهكذا كلُّ مَقبرة على ظهر الأرض"[15].

 

قال ابن حزم: "وتوجيه الميِّت إلى القِبلة حسَنٌ، فإن لَم يُوجَّه، فلا حرَج؛ قال الله تعالى: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]، ولَم يأتِ نصٌّ بتوجيهه إلى القِبلة"[16].

 

قلتُ: لكن يكفي في ذلك كلامه السابق أنه عملُ أهل الإسلام من عهْد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذه هي السُّنة، والله أعلم.

 

د- ثم تُحلُّ عقدُ الكفن، ويَبقى الوجه على حاله لا يُكشف[17]، إلاَّ أن يكون مُحرمًا، فإنه لا يُغطَّى رأسه أصلاً، وكذلك لا يُغطى وجْهه، وأمَّا ما يفعله بعض الذين يقومون على الدفن مِن كشْف الوجه لغير المُحرِم، وتجليل الثوب، فمِمَّا لا دليلَ عليه، وهو مما تَوارَثوه - جهلاً - بعضُهم عن بعض، بلا أثارة من علمٍ.

 

هـ- ثم يُوضع اللَّبِن خلف الميِّت، إن كان لحدًا، ويسد الفراغات التي بينه بالطين؛ حتى لا يَنهال عليه، وإن كان شقًّا، عرَّش فوقه بما يَمنع سقوط التراب عليه، ثم يُهال التراب لردْمِ الحفرة، ويُستحب لِمَن عند القبر أن يَحثوَ من التراب ثلاث حَثوات بيديه جميعًا؛ لِما ثبَت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على جنازة، ثم أتى الميِّت، فحثَى عليه من قِبَل رأسه ثلاثًا[18]، وأمَّا ذكر الآية: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 55] عند هذه الحَثَيَات، فمِمَّا لا يَصِح، واللَّه أعلم.

 

ماذا بعد الدفن؟

السُّنة بعد أن يُدفنَ الميِّت أن يقفَ المُشيِّعون قليلاً، يَستغفرون للميِّت، ويسألون له التثبيت، ودليل ذلك: ما ثبَت في الحديث أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اسْتِغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل))[19].

 

وثبَت أنَّ عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أوصى أن يَقفوا عند قبره قدْر أن تُنحَر جزورٌ ويُقسم لحمُها، قال: "حتى أَستأنِسَ بكم، وأنظر ماذا أراجع به رُسل ربي"[20]؛ رواه مسلم.

 

وهذا الدعاء لَم يَثبت أن يكون جماعيًّا، ولا أن يقومَ أحدهم فيدعو والناس يُؤمِّنون، ولكن الصحيح من ذلك أن يدعوَ كلُّ إنسانٍ بمفرده بصوت مُنخفضٍ.

 

وهل يجوز أن يقومَ أحدهم بموعظة؟

الجواب:

نعم يجوز ذلك في بعض الأحيان، على ألا يُتَّخذ ذلك سُنة وعادة، وكأنها من مُتمِّمات الدَّفن، فقد ثبَت أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث البراء[21] وعَظ الناس، ولكنه لَم يكن يفعل ذلك في كلِّ جنازة يَحضرها، فالمداومة على ذلك من المخالفات للسُّنة، واللَّه أعلم.

 

واعْلَم أنه يجوز رفْع اليدين في الدعاء على المقبرة، وعليه أن يستقبلَ القِبلة عند الدعاء؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "خرَج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فأرسَلت بَريرة[22] في أثرِه؛ لتَنظر أين ذهَب، قالت: فسلَك نحو بقيع الغرقد، فوقَف في أدنى البقيع، ثم رفَع يديه، ثم انصرَف، فرجَعتْ إليَّ بَريرة فأخْبَرتني، فلمَّا أصبَحْتُ سألتُه، فقلتُ: يا رسول الله، أين خرَجتَ الليلة؟ قال: ((بُعِثْتُ إلى أهل البقيع؛ لأُصلِّي عليهم))[23]، ومعنى "الصلاة": الدعاء.

 

مَن أحقُّ الناس بدفْن الميت؟

1- اعْلَم - رحمك الله - أنَّ الذين يتولَّون إنزال الميِّت في قبره ودفْنه، الرجال دون النساء، حتى لو كان الميِّت أنثى، وعلى هذا جرى العمل في جميع عصور المسلمين، وهو المعهود في زمنه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

2- وأحقُّ مَن يتولَّى دفنه: "وصيُّه" إن أوْصى بذلك، فإن لَم يُوصِ، فأحقُّ الناس بذلك أقاربه إن كانوا يُحسنون الدفن؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 75]، وتقدَّم قول علي - رضي الله عنه - بعد فراغه من دفْن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يَلي الرجلَ أهلُه".

 

فإن لَم يكن ثَمَّ أقاربُ، أو كانوا لا يُحسنون، أو لا يُريدون دفنه - جاز أن يتولَّى ذلك غيرهم.

 

3- ويَجوز أن يتولَّى الزوج دفْنَ زوجته بنفسه، لكنَّه يُشترط عمومًا ألاَّ يتولَّى دفْن المرأة مَن جامَع أهله تلك الليلة؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - قال: "شَهِدت ابنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ على القبر، فرأيتُ عينيه تَدمعان، فقال: ((هل منكم رجلٌ لَم يُقارف[24] الليلة؟))، فقال أبو طلحة: أنا يا رسول الله، قال: ((فانْزِل))، فنزَل في قبرها"[25].

 

الأوقات المنهي عن الدفن فيها:

1- لا يجوز دفْنُ الميِّت في الأوقات الثلاث التي نَهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك في حديث عُقبة بن عامر: "ثلاثُ ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَنهانا أن نُصلي فيهنَّ، أو أن نَقبر فيهنَّ موتانا: حين تَطلع الشمس بازغة حتى تَرتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تَميل الشمس، وحين تَضَيَّف الشمس للغروب حتى تَغرب"[26].

 

2- وأمَّا الدَّفن بالليل، فقد اختَلف العلماء في جوازه وعدمه، فذهب الجمهور إلى جوازه، وكَرِهه الحسن البصري؛ لحديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكَر رجلاً من أصحابه قُبِض، فكُفِّن في كفنٍ غير طائلٍ، وقُبِر ليلاً، فزجَر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُقبَر الرجل بالليل حتى يصلَّى عليه، إلاَّ أن يَضطرَّ إنسان إلى ذلك"[27].

 

قال الشوكاني: "فإذا لَم يقع تقصير في الصلاة على الميِّت وتكفينه، فلا بأس بالدَّفن ليلاً"[28].

 

ومما يدلُّ على جواز ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدخَل رجلاً قبرَه ليلاً، وأسرَج في قبره"[29].

 

وكذلك دفنَ أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ليلاً من غير إنكار، واللَّه أعلم.

 

ملاحظات وتنبيهات:

1- السُّنة الدفن في المقابر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَدفن الموتى في مقابر البقيع، ولا يَدفن في البيوت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَجعلوا بيوتكم مقابرَ))[30].

 

2- وأمَّا الشهداء، فإنهم يُدفنون في مواطن استشهادهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَر بالقتلى يوم أُحد أن يُدفنوا في مصارعهم[31].

 

3- من البِدَع: وضْع الميِّت قليلاً على شفير القبر قبل الدَّفن، وقراءة بعض سور القرآن، والذِّكر ونحو ذلك.

 

4- من الأخطاء الشائعة - خاصة في الديار المصرية -: وضْع الميِّت - رجْليه - قُبالة القِبلة، وهذا مما لا دليلَ عليه من السُّنة، والصحيح أن يكون وجهه تُجاه القِبلة، ورأسه عن يمينها، ورجلاه عن يسارها، مُوجَّهًا على جَنْبه الأيمن كما تقدَّم.

 

5- من الأخطاء: كشْفُ وجهه[32]، وتجليل الكفن، وهذا مما لا أصْلَ له.

 

6- لا يُستحب للرجل أن يحفرَ قبره قبل أن يموتَ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَم يَفعل ذلك هو ولا أصحابه.

 

7- الأصل أن يُدفن كلُّ ميِّتٍ في قبرٍ مُستقل، لكنَّه يَجوز عند الضرورة أن يُدفن الرجلان والثلاثة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَجمع بين الرجلين والثلاثة من قتلى أُحد في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقول: ((أيُّهم كان أكثر أخْذًا للقرآن؟))، فإن أُشير إلى أحدهما، قدَّمه في اللحد..."؛ الحديث[33].

 

8- من الأخطاء: هذه المقابر التي انتشَرت بأن يَجعلوها غرفة، ويُوضع الميِّت على ظهْر الأرض فيها، وهذا خلاف السُّنة، وقد تقدَّم صفة القبر المشروع.

 

9- من البِدع: الذبح عند وصول الميِّت المقبرة قبل دفْنه، وتفريق اللحم على الحاضرين.

 

10- من البِدع: وضْع كِسرة خُبز وإبريق ماءٍ مع الميِّت في قبره، أو وضْع حناءٍ، أو وضْع كتابٍ لتثبيته.

 

11- من البدع: قراءة القرآن بعد إهالة التراب، أو قراءة الفاتحة عند رأس الميِّت، وأوَّل سورة البقرة عند رِجْليه.

 

12- ومن البدع: ما يَفعله البعض من تلقين الميِّت، بأن يقومَ أحدهم، فيقول: "يا فلان بن فلان، إذا سألك الملكان، فقل: ربي الله... إلخ".

 

13- من الأخطاء: قول بعضهم: "انتقَل إلى مثواه الأخير"، فالقبر ليس هو مثواه الأخير، بل هو انتقالٌ إليه، ثم إلى القيامة، والمثوى الأخير: إمَّا الجنة، وإمَّا النار.

 

14- من الأخطاء: قولهم: "ربنا افتكره، وربنا اعتازه"؛ لأن فيها وصْفَ الله بالنقص والنسيان.

 

15- من الأخطاء: اعتقاد بعض العامة أنه بمجرَّد الموت انحلَّت عقدة النكاح، وعلى هذا يَمنعون الزوج من دفْنها، ومن باب أَوْلى من تغسيلها إن احْتاج الأمر، والراجح أنَّ الزوج من أحقِّ الناس بذلك.

 

16- جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا انقطَع عضو من الإنسان لأيِّ سببٍ كان، فإنه يلف في خِرقة، ويُدفن في المقبرة، أو في أرض طيِّبة بعيدة عن الامتهان، ولا يُغسَّل، ولا يُصلَّى عليه[34].

 

واعْلَم أنه ليس هناك دليلٌ على دفْن قُلامة الأظفار، أو ما يَحلقه الإنسان من شعرٍ، ولا مانعَ له من إلقائها.

 

17- ما يتوارَد على ألْسِنة البعض أنه لا يُبنى القبر بشيءٍ مسَّه النار، لا دليلَ عليه، والصحيح أنه لا بأْس باستخدام مثل هذه الأحجار في اللحود[35].

 

18- موتى الحوادث الذين تتمزَّق أجسادهم، وتَختلط أعضاؤهم، بحيث يَصعُب تمييزهم، يُصلَّى عليهم جميعًا بعد تغسيل ما تيسَّر تغسيله، ويَجتهد قدر الإمكان في جمْع أجزاء كلِّ فردٍ على حِدَة، ويُدفن كلُّ فردٍ في قبره، ويجب استخراج جميع الأجزاء المتناثرة؛ لتُدفَن مع الموتى، ولا تُعدم مع السيارات[36].

 

19- السُّنة أن يُدفن الميِّت في البلد التي مات فيها، وعليه فلا يَجوز نقْله إلى غيرها إلاَّ لغرَضٍ صحيح، وقد سُئِل الشيخ ابن باز: إذا أوصى بنقْله إلى بلدٍ؛ ليُدفن فيه، هل تُنفَّذ وصيَّته؟ فأجاب: تنفيذ الوصية هنا ليس بلازمٍ، فإذا مات في بلد مسلمٍ، فليُدفن فيه، والحمد لله[37].

 

20- من الطقوس المُنكرة التي نُقِلت إلينا من اليهود والنصارى وغيرهم: الوقوف دقيقة أو نحوها؛ حدادًا على الميِّت، وتنكيس الأعلام والرايات[38].

 

21- وكذلك من الشعارات الباطلة: لُبس السواد، وعدم الحلْق؛ سواء شعر الرأس، أو نحوه من شعور الإنسان، علمًا بأنَّ حَلْق اللحية حرامٌ عمومًا، إلاَّ أنَّهم يَمتنعون عن حلْقها؛ لا لوجوب إعفائها، ولكن حدادًا على الميِّت، حتى يَمضي عليه أربعون يومًا.

 

22- إذا ماتَت امرأة حامل غير مسلمة، وكانت قد تزوَّجت من مسلمٍ، فإنها تُدفن في أطراف مَقبرة المسلمين، ويرى ابن حزم أنَّ ذلك إذا كان الجنين قد كَمُل في بطنها أربعة أشهر، وهذا ما فعَله واثلة بن الأسقع، قال ابن حزم: ورُوِّينا عن عمر أنها تُدفن مع المسلمين من أجْل ولدِها[39].

 

قلتُ: وقد ذهَب العلماء في هذه الحالة أن تُوضع مُستدبرة القِبلة؛ ليكون ولدُها مُستقبلاً القِبلة.

 

23- قال ابن حزم: "لا بأْس أن يُبسط في القبر تحت الميِّت ثوبٌ؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "بُسِط في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطيفة حمراء"[40]، [41].

 

ونقَل النووي عن الجمهور كراهته، وأجازَه البغوي، وحمَل الجمهور هذا الحديث على أن الذي ألقى القطيفة شُقران مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - لَم تَطِب نفسه أن يَلبسَها أحدٌ بعد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم[42].

 

قلت: وهذا الاستدلال فيه نظر، والله أعلم.



[1] حسن؛ رواه ابن ماجه (1557)، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.

[2] مسلم (966)، والنسائي (4/ 80)، وابن ماجه (1556).

[3] صحيح؛ رواه أبو داود (3215)، والترمذي (1713)، والنسائي (4/ 80)، وابن ماجه (1560).

[4] حسن؛ رواه ابن حِبَّان (6635)، والبيهقي (3/ 410).

[5] البخاري (1390).

[6] زاد المعاد (1/ 524).

[7] حسن؛ رواه أبو داود (3206).

[8] مسلم (970)، وأبو داود (3266)، والنسائي (4/ 88)، والترمذي (1052)، وابن ماجه (1562).

[9] وذلك في الديار المصرية؛ حيث إنَّ المقابر فيها تكون لكلِّ عائلة تخصُّها، تُملِّكها الدولة لهم.

[10] صحيح؛ رواه أحمد (1/ 429)، وابن أبي شيبة (4/ 130).

[11] أبو داود (3211)، وصحَّحه الألباني.

[12] تهذيب السُّنن، هامش مختصر سنن أبي داود (4/ 336)، مكتبة السُّنة المحمدية.

[13] صحيح؛ رواه أبو داود (3213)، والترمذي (1046)، وابن ماجه (1550).

[14] حسن؛ رواه الحاكم (1/ 366).

[15] المحلى (5/ 255 - 256).

[16] المحلى (1/ 256).

[17] فتاوى اللجنة الدائمة (8/ 419)؛ ترتيب الدويش.

[18] صحيح؛ ابن ماجه (1565)، وصحَّحه الشيخ الألباني.

[19] حسن؛ رواه أبو داود (3221)، والحاكم (1/ 370) وصحَّحه، ووافَقه الذهبي.

[20] مسلم (121).

[21] وهو حديث طويل رواه أبو داود (4753)، والحاكم (1/ 37 -40) وصحَّحه على شرط الشيخين، وأقرَّه الذهبي.

[22] وهي أَمَة لعائشة - رضي الله عنها.

[23] حسن؛ رواه أحمد (6/ 2)، والنسائي (1/ 287).

[24] يعني: "لَم يُجامع أهله"؛ كما ورَد في رواية خارج الصحيح؛ انظر: مشكل الآثار (3/ 3040)، والحاكم (4/ 47)، والبيهقي (4/ 53).

[25] البخاري (1285)، (1342).

[26] مسلم (831) وأبو داود (3192)، والترمذي (1030)، والنسائي (1/ 275)، (4/ 82)، وابن ماجه (1519).

[27] مسلم (943)، وأبو داود (3148)، والترمذي (995)، وابن ماجه (1474).

[28] نيل الأوطار (4/ 138).

[29] حسن؛ رواه أبو داود (3164)، والترمذي (1057)، وابن ماجه (1520)، واللفظ له.

[30] مسلم (780)، والترمذي (2877)، ورواه البخاري (432)، ومسلم (777) نحوه.

[31] حسن؛ رواه أبو داود (3165)، والترمذي (1717)، والنسائي (4/ 79)، وابن ماجه (1516).

[32] انظر: فتاوى اللجنة الدائمة (8/ 419)، رقْم (5637).

[33] البخاري (1343)، (1346)، (4079)، وأبو داود (3138)، والترمذي (1036)، والنسائي (4/ 62)، وابن ماجه (1514).

[34] فتاوى اللجنة الدائمة رقم (11266)، (8/ 448)؛ ترتيب الدويش.

[35] انظر فتاوى اللجنة الدائمة؛ ترتيب الدويش (908).

[36] انظر: فتاوى اللجنة الدائمة، رقْم (5997).

[37] من أحكام الجنائز؛ لابن باز.

[38] انظر: فتاوى اللجنة الدائمة (1674).

[39] انظر تفصيل المسألة في المحلى (5/ 312).

[40] مسلم (967)، والترمذي (1048)، والنسائي (4/ 81)، وأحمد (2022).

[41] المحلى (5/ 241).

[42] شرح النووي على صحيح مسلم تعليقًا على الحديث (967).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكفن
  • حمل الجنازة واتباعها
  • الصلاة على الميت
  • كيفية صلاة الجنازة
  • زيارة القبور
  • ما ينفع الميت بعد موته
  • الصلاة على الميت ( للنساء )
  • حكم غسل الميت، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وأولى الناس به
  • من الذي يتولى دفن الميت؟
  • الموعظة وقت دفن الميت
  • الفراغ من دفن الميت: آداب وأحكام (خطبة)
  • سماع الميت للحي
  • بحث في رد الميت للسلام (لا يثبت حديث في رد الميت على زائره السلام، ولا أنه يعرفه ويستأنس به)
  • الدفن في غير المقبرة
  • تكفين الميت وأحكامه
  • دفن الميت وأحكامه (1)
  • دعاء تعزية أهل الميت (إن لله ما أخذ وما أعطى)
  • إكرام الميت بالدعاء
  • الدعاء بعد دفن الميت
  • موعظة الرسول عند دفن الميت

مختارات من الشبكة

  • دفن الميت في البلد الذي مات فيه، والوصية بالدفن بمقبرة معينة(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دفن الميت وأحكامه (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • وجوب غسل الميت المسلم وتكفينه ودفنه وحكم من أنكره(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الدفن واتباع الجنازة وما ينفع الميت(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الفراغ من دفن الميت آداب وأحكام(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • كيفية الصلاة على الميت ودفنه(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرفق بالميت عند غسله وتجهيزه ودفنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دفن أموات المسلمين في مقابر الكفار(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • تفسير: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- دفن الميت
وروأغبنجلا نذير - توغو 30-10-2024 10:04 PM

شكرا لكم..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب