• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملخص من كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

في تعريف العلة

في تعريف العلة
إدريس أبو الحسن الفقيه

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/3/2013 ميلادي - 2/5/1434 هجري

الزيارات: 48433

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في تعريف العلة

كتاب شرح النظم المطلول في قواعد الحديث المعلول (3)


تعريف العلة في اللغة والاصطلاح:

في اللغة العلةُ تعني السقما
أو شاغلا معوقا قد عُلما
وما يعل من أمور فالمعلْ
من الإسقام قد خلا من الخللْ
إذ فعله أعل فالقياسُ
منه معل ما به التباسُ
وذا الذي قاله أرباب اللغهْ
وأكدوا أن القياس سوغهْ
وقال قوم إنه معللُ
لعلة بها الحديث يشغلُ
وبعضهم قد أطلق المعلول
على المعل فانظر النقول
والنووي وابن الصلاح أنكرا
لكونه قد خالف المُقرر
ورد: إنه بوزنه وردْ
وهو قياس عندهم فلا يردْ

 

(في اللغة العلة تعني السقم): السقم هو المرض ويعني الضعف أيضا (أو شاغلا معوقا قد علم). والعلة مادتها فعل (علَّ) ويأتي لثلاث معان في اللغة[1]:

المعنى الأول: المرض - قال ابن الأعرابي: (عل المريض يعِل - بكسر العين- فهو عليل).

 

المعنى الثاني: العائق - قال الخليل: (العلة حدث يشغل صاحبه عن وجهه) أي يعوقه عن وجهته.

 

المعنى الثالث: العَلَل- بفتح العين واللام: وهي الشربة الثانية، فالإبل إذا وردت (أي شربت) في الأول يسمى ورودها نهلا وإذا شربت بعد ذلك سمي عللا.

 

(وما يعل من حديث) (ف) هو الحديث (المعل) وذلك (منالإسقام) كأن به مرض وهو كناية عن الضعف والمعنى هو الحكم عليه بالضعف الذي هو من لوازم السقم والمرض. وإطلاق لفظ المعل على الحديث الذي وردت عليه علة جاء على القياس اللغوي و(قدخلا) عند اللغويين (منالخلل) بالاتفاق. (إذفعلهأعل) وهو مزيد من مادة "عل" (فالقياسمنهمعل) قال الفيروز آبادي: " أعله الله فهو معل وليس عليل ولا تقل معلول والمتكلمون يقولونها ولست منهم على ثلج"[2] وهذا القياس عن اللغويين (ما به التباس) ولا شذوذ (وذا الذي عليه أرباب اللغة) كما سبق ذكره وكما سيأتي (وأكدوا) في كتبهم كالصحاح ومعجم مقاييس اللغة والقاموس (أنالقياسسوغه) وبينه، وإطلاق اسم المعل على الحديث الذي به علة هو الاستعمال الاصطلاحي عند المحدثين كما سيأتي في التعريف الاصطلاحي.

 

(وقال قوم إنه معلل) أي الحديث الذي به علة وهذا الاسم "معلل " استعمله كثير من المحدثين في كتبهم كصنيع ابن حجر في النخبة والنووي في التقريب وابن الصلاح في مقدمته وتبعه ابن كثير في اختصار علوم الحديث والبلقيني في محاسن الاصطلاح وغيرهم وقالوا: (لعلة بها الحديث يشغل) فقد تقدم أن من معاني العلة كما قال الخليل "حدث يشغل صاحبه " فتوجيه إطلاق المعلل هو إشغال الحديث بعلة فكانت المناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للمعلل، وهذا هو الإطلاق الثاني عند المحدثين.

 

(وجلهم) أي جمع من النقاد المحدثين (قدأطلقالمعلولعلى) الحديث (المعلفانظرالنقول) التي وردت في ذلك وقد لخصها العراقي بقوله: "والتعبير بالمعلول موجود في كلام كثير من أهل الحديث في كلام الترمذي في جامعه وفي كلام الدارقطني [3] وأبي أحمد بن عدي وأبي عبد الله الحاكم وأبي يعلى الخليلي"[4] (والنووي) في التقريب قال: "إنه لحن" [5] (وابنالصلاح) في علوم الحديث قال: " ويسميه أهل الحديث معلول وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: "العلة والمعلول" مرذول عند أهل العربية واللغة."[6] فكلاهما النووي وابن الصلاح (أنكرا) إطلاق المعلول على الحديث الذي به علة (لكونه قد خالف المقرر) في قواعد اللغة وهذا الرأي هو رأي كثير من اللغويين وبعض المحدثين قال ابن سيده: "وبالجملة فلست منها أي لفظة المعلول على ثقة ولا على ثلج لأن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل" [7] (و)لكن هذا القول (رد) عليه فقيل: (إنه)أي لفظ المعلول جاء (بوزنه وورد) في اللغة العربية فاستعماله اللغوي له أصل وذلك لأن أبا إسحاق قد استعمل لفظ المعلول في المتقارب من العروض واستعماله له هو في باب العلل والزحاف التي تدخل على الأوزان وقد نص عليه ابن منظور في لسان العرب فقال: واستعمل أبو إسحاق لفظة المعلول في المتقارب من العروض"[8] وقال الفيومي: والعلة المرض الشاغل والجمع علل مثل سدرة وسدر وأعله الله فهو معلول قيل من النوادر التي جاءت على غير قياس وليس كذلك فإنه من تداخل اللغتين والأصل أعله الله فعل فهو معلول"[9] وقد ورد في اللغة لفظ مجنون ومسلول برغم أنهما جاءا على "جننته " و "سللته" إلا أنهما استغني عنهما "بأفعلت" وهذا ذهب إليه سبويه كما أشار إليه ابن سيده بقوله: "اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سبويه من مجنون ومسلول من أنه جاء على جننته وسللته".[10] وقد ذهب السخاوي[11] وسمى ابن حجر رحمه الله كتابا له في العلل: "الزهر المطلول في الخبر المعلول" إلى جواز إطلاق اسم المعلول وقال الشيخ محفوظ الرحمن زين الله السلفي رحمه الله: "ويمكن أن يراد أيضا بان هذا اصطلاح للمحدثين ولا مشاحة في الاصطلاح"[12].

 

قلت فتبين بهذا أن للفظة المعلول أصلا في اللغة إما من قبيل وجود قياس مثيل لها على مذهب سبويه كما تقدم أو تداخل اللغتين ويؤيد ذلك استعمال أبي إسحاق الزجاج لهذه اللفظة بمعنى ما ورد فيه على في البحر المتقارب من العروض، وهذا على أقل تقدير يشعر بجواز الاستعمال اللغوي وأن لهذه اللفظة أصلا في اللغة فإذا أضفنا إلى ذلك استعمال المحدثين لها واصطلاحهم.

 

عليها كان ذلك مما يؤكد أن هذه اللفظة من قبيل الاصطلاح الذي له أصل في اللغة فلا مشاحة فيه فعلى هذا إطلاق لفظة المعلول على المعل له أصل في اللغة (وهو اصطلاح) أيضا (عندهم) أي عند أصحاب الحديث (فلا يرد) ولذلك تجد في نظمي هذا وشرحه الاستعمالات الثلاثة وهي المعل والمعلل والمعلول فكلها إطلاقات تطلق على ما به علة وإن كان بعضها أصوب من بعض كما تقدم، فالعبرة ليست باللفظ الأفصح وإنما بما اصطلح عليه أهل الحديث ما دام له وجه في الاستعمال اللغوي وقد اصطلحوا على هذه الألفاظ الثلاثة وتداولوها في كتبهم والأمر في هذا واسع والله تعالى أعلم.

 

ثانيا - تعريف الحديث المعل في الاصطلاح:

والخُلْف في حد المعل ورد
في الاصطلاح قد اتى مقيدا
فقيل ما ظاهرهُ السلامهْ
وما على الرواة من ملامهْ
وفيه قادح خفي ظهر
لمن من النقاد فيه نظر
وذا الذي عليه جل العلما
في الاصطلاح قد أتى مقدما
ثم الخليل زاد ما لايقدح ُ
في حده يعني به ما صححُوا
وقيل كل ما يضعَف الخبرْ
فعلة قادحة وإن ظهرْ
والترمذي عنده ما قد نُسخ ْ
معلل بحكمه الذي فسخْ
فقصده إعلال حكمه فقط ْ
وذا الذي عرف عنه وانضبطْ
فهذه أربعة أقوالُ
بفهمها يتضح المقالُ

 

(والخلف في حد المعل ورد) أي قد ذكر العلماء الخلاف في تعريف الحديث المعل (في الاصطلاح) أي اصطلاحا (قد أتى) ذكره في كتب الحديث لا سيما كتب المصطلح (مقيدا) بها وهو من القيد بمعنى الكتابة والضبط ومنه قولهم: "العلم صيد والكتابة قيده..." فتعريف الحديث المعل فيه خلاف بين العلماء (فقيل) هو: (ما ظاهره السلامة)، وهذا هو القول الأول أي هو الحديث الذي بدا في ظاهر متنه وسنده خاليا من أسباب الضعف كالانقطاع بأنواعه وضعف الرواة ونحوه، فالناظر في الحديث في أول وهلة يراه سالما من كل أسباب الضعف فلا يظهر على الحديث إجمالا سبب يضعفه (وما) يظهر أيضا (على الرواة) وهم رجال الإسناد (من ملامة)بمعنى الجرح الموجب لرد روايتهم فهم ثقات في الغالب ولذلك قال الحاكم: "إنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل فإن حديث المجروح ساقط واه وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات أن يحثوا بحديث له علة فتخفى عليهم علته"[13] ولذلك تكون العلة في الحديث الذي ظهرت سلامته (وفيه قادح خفي ظهر) أي بعد التفتيش في الإسناد وأحوال الرواة وظهور هذا القادح إنما يتحقق (لمن من النقاد) الجهابذة ذوي الخبرة والاطلاع والتمرس على الأسانيد ومعرفة مراتب القات وأحوال الرواة بعدما تأمل في الحديث ودقق (فيه ) و(نظر) نظرات متفحصة ناقدة حتى وضع يده على السبب الخفي القادح في الإسناد أو في المتن أو فيهما معا مثل أن يكون متن الحديث ظاهره الصحة لكن فيه راو ثقة لا يعرف بالسماع عمن روى عنه ومن جنس ذلك حديث كفارة المجلس فيه موسى بن عقبة وهو ثقة لا يعرف له سماع من سهيل بن أبي صالح وسيأتي بيانه في باب أجناس العلة من هذا الكتاب. فهذا هو القول الأول في تعريف الحديث المعل. (وذا الذي عليه جل العلما) أي هو التعريف الأغلبي[14] الذي نص عليه أغلب العلماء (في) كتب (الاصطلاح) وهو عندهم (قد أتى مقدما) على غيره من التعريفات. قال ابن الصلاح رحمه الله في تعريف الحديث المعل: "الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها "[15].

 

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "حديث ظاهره السلامة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح"[16] قلت: وهذا أجمع التعاريف وأخصرها.

 

(ثم الخليل) وهو الإمام الخليل بن عبد الله الخليلي رحمه الله[17] مصنف كتاب "الإرشاد في علوم الحديث" (زاد) على التعريف الأول كل (ما لا يقدح) في الحديث وهذا هو التعريف الثاني لحديث المعل فالتعريف على القول الأول يشترط أمرين وهما أن يكون السبب الذي أعل به الحديث قادحا وأن يكون هذا السبب القادح خفيا لا ظاهرا.

• أما التعريف الثاني وهو الذي قاله الخليل فزاد على التعريف الأول ما لا يقدح من الأسباب في صحة الحديث أيضا فقد قال رحمه الله فأما الحديث الصحيح المعلول فالعلة تقع للأحاديث من طرق شتى لا يمكن حصرها فمنها أن يروي الثقات حديثا مرسلا وينفرد به ثقة مسندا فالمسند صحيح وحجة ولا تضره علة الإرسال"[18].

 

وذكر رحمه الله مثالا لذلك وهو ما رواه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ أنه قال بلغنا أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "للمملوك طعامه وكسوته"[19] وقال: رواه إبراهيم بن طهمان و النعمان بن عبد السلام عن مالك عن محمد بت عجلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه ثم قال: صار الحديث بتبين الإسناد صحيحا يعتمد عليه وهذا من الصحيح المبين بحجة ظهرت.

 

قلت فالعلة إذن عنده تشمل ما يقدح وما لا يقدح في الحديث وهذا ظاهر من قوله السابق وقوله أيضا: "من أقسام الحديث الصحيح: صحيح معلول"[20].

 

لكنني أرى أن صنيع الخليلي رحمه الله بسوقه للحديث السابق مثالا للعلة التي لا تقدح في الحديث يدل أيضا أن العلة عنده تشمل ما كان ظاهرا أيضا فإن الإعضال الذي ورد في حديث مالك (للمملوك طعامه وكسوته) ظاهر وليس بخفي، ومن شروط العلة عند أصحاب التعريف الأول أن تكون خفية، ولا خفاء مع هذا النوع من الإعضال فإنه انقطاع واضح لا لبس فيه، فتبين بهذا أن العلة عند الخليلي تشمل ما قدح في الحديث وما لم يقدح فيه سواء كان ظاهرا أو خفيا، ولو كان الخليلي مقصده شمول العلة للقادح وغير القادح مع اشتراط الخفاء لاقتصر على أمثلة أخرى تبين مقصده. فهناك أمثلة كثيرة على العلل التي ظهرت سلامة الحديث منها فلم تقدح فيه لكنها حين وردت على الحديث كانت خفية لا ظاهرة ومع ذلك تبين سلامة الحديث منها ومن ذلك حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم المهدي: تعال فصل بنا فيقول لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة" وسيأتي عليه الكلام بالتفصيل في باب الحديث السالم من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

 

(في حده) أي في تعريف المعل الذي عليه القول الأول الآنف الذكر والخليل (يعني به) أي بكلامه السابق (ما صححوا) أي ما صححه العلماء أيضا يصدق عليه مسمى العلة وهو مضمون كلامه (من أقسام الصحيح: صحيح معلول )أي صحيح وردت عليه علة تبين بعد التفتيش سلامته منها. ولذلك قال الصنعاني: "فلا منافاة عنده بين الصحة والإعلال".[21] (وقيل كل ما يضعف الخبر) بأي سبب من أسباب الضعف (فعلة قادحة وإن ظهر) فمطلق القدح عند أصحاب هذا القول يعتبر علة فيشمل العلل الظاهرة والخفية على السواء فعندهم كل أنواع المردود من قبيل المعل فيدخل تحته الضعيف والمنكر والمتروك والموضوع والشاذ والمضطرب وباقي أنواع الحديث الضعيف قال ابن الصلاح رحمه الله: " اعلم أنه قد يطلق إسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل ولذلك نجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح."[22] وهذا الذي ذكره ابن الصلاح هو استثناء يدل عليه قوله "وقد يطلق" أما الأصل فهو أن خفاء القادح شرط لوصف الحديث بالعلة وهو ما نص عليه بقوله في تعريف العلة: "عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة في الحديث"[23] ومثله النووي رحمه الله حين قال: "عبارة عن سبب غامض مع أن الظاهر السلامة منه".[24] وغيرهم. فالحديث المعلول بجرح ظاهر في راو من رواة إسناده مثلا لا يمكن وصف علته بالغامضة إذ لا يمكن أن يكون ظاهره السلامة بل علته واضحة يعرفها أصغر طلبة العلم حين يقف على تراجم رواة الإسناد فيعلم منها أن هذا الراوي متكلم فيه بما يوجب رد روايته وحينئذ يكون ظاهر الإسناد الضعف وليس السلامة فلا يستقيم وصفه بالمعلول على ما هو مقتضى الاصطلاح في التعريف الأول.

 

وإطلاق العلة على الأسباب الظاهرة والخفية جرى به العمل لدى المحدثين في كتب العلل فهي وإن كان اسمها كتب العلل تشتمل على جميع ما يرد على الحديث من القوادح الظاهرة والخفية فتجدهم يقولون: "هذا الحديث معلول بكذا" وتكون العلة انقطاع ظاهر بين ويقولون: "هذا الحديث علته فلان " وفلان هذا يكون متروكا مثلا فلا يصدق على هذا النوع من العلل غموض ولا خفاء فتبين من هذا أن التوسع في إطلاق العلة على القوادح الخفية والظاهرة هو صنيع العلماء في كتب العلل، لكن الأصل في المعنى الاصطلاحي للعلة هو ما ذكره أصحاب القول الأول وهو المقيد في عامة كتب الحديث ومصطلحه وهو بالنسبة لغيره من المعاني غالب كما أشار إلى ذلك الصنعاني بقوله: " وكأن هذا تعريف أغلبي للعلة. "[25]. (والترمذي) رحمه الله وهو صاحب القول الرابع (عنده ما) كان من الأحاديث (قد نسخ) بحيث أصبح منسوخا شرعا فهو (معلل) من قبل حكمه فالعلة فيه هي نسخ حكمه الشرعي فلم يعد صالحا للعمل به لأجل بطلان حكمه فعلاقة العلة ومعناها مرتبط (بحكمه الذي فسخ) أي كأنه فسخ من الحديث فلم يعد حكمه موجودا متعلقا به، قال ابن الصلاح رحمه الله: "وسمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث."[26]. وقد تردد كثير من العلماء في معنى قول الترمذي (النسخ علة) فجعلوه محتملا لمعنيين هما:

الأول: أن يكون قصد الترمذي بقوله "النسخ علة" نسخ حكمه الشرعي.

 

الثاني: أن يكون قصده نسخ صحة الحديث نفسه فعلى هذا يكون معنى كلامه أن النسخ علة قادحة في صحة الحديث وحكمه أيضا بالإلزام.

 

قال العراقي في ألفيته:

والنسخ سمى الترمذي علة
فإن يرد في عمل فاجنح له

 

وشرح رحمه الله هذا البيت فقال: فإن أراد الترمذي أنه علة في العمل بالحديث فهو كلام صحيح فاجنح له أي مل إليه وإن يرد أنه علة في صحة نقله فلا لأن في الصحيح أحاديث كثيرة منسوخة."[27] ، واحتمل ابن الملقن رحمه الله أن مراد الترمذي رحمه الله هو العلة في العمل بالحديث لا في صحته فقال: " ولعل مراده لترك العمل به "[28]لكن الذي ظهر لي من خلال تتبعي لكلام الأئمة أن مراد الترمذي رحمه الله هو العلة في العمل بالحديث جزما (فقصده) رحمه الله (إعلال حكمه فقط) دون إعلال صحته والدليل على ذلك تصحيح الترمذي لجملة من الأحاديث المنسوخة منها حديث "الماء من الماء"[29] قال السخاوي رحمه الله في شرح بيت العراقي السابق: " (والنسخ )مفعول مقدم (سمى الترمذي علة) زاد الناظم (فإن يرد) الترمذي أنه علة (في عمل) بمعنى أنه لا يعمل بالمنسوخ لا العلة الاصطلاحية (فاجنح) أي مل (له)، لأن في الصحيحين فضلا عن غيرهما من كتب الصحيح الكثير من المنسوخ بل وصحح الترمذي نفسه من ذلك جملة فتعين لذلك إرادته"[30].

 

قلت: وكلام السخاوي رحمه الله يدل هنا على أن عمل الترمذي في تصحيحه للأحاديث المنسوخة يدل على أن مراده العلة في العمل لا العلة الاصطلاحية، ولذلك لم يتردد السخاوي في تعيين قصد الترمذي بقوله " النسخ علة" كما تردد غيره من العلماء بين الاحتمالات الممكنة.

 

وذهب إلى هذا التعيين أيضا الإمام السيوطي رحمه الله في ألفيته حيث قال:

والنسخ قد أدرجه في العلل
الترمذي وخصه بالعمل

 

وجزم به الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فقال: "والذي أجزم به أن الترمذي وإن كان سمى النسخ علة -فإني لم أقف على ذلك في كتابه ولعلي أجده فيه بعد[31] فإنما يريد به أنه علة في العمل بالحديث فقط ولا يمكن أن يريد أنه علة في صحته لأنه قال في سننه (1/32-24): "إنما كان (الماء من الماء) في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك " فلو كان النسخ عنده علة في صحة الحديث لصرح بذلك."[32].

 

وإلى هذا ذهب كثير من المحدثين منهم شيخ الإسلام زكريا في فتح الباقي وغيره. (وذا الذي عرف) عن الترمذي كما بينه الأئمة وأثبتوا ما نفاه غيرهم، وجزموا بنقلهم (عنه) أي عن الترمذي من صنيعه في تصحيح الأحاديث المنسوخة ما يدل على أن ما ذهبوا إليه هو ما صح (وانضبط). فيظهر جليا من كل هؤلاء الأئمة الذين وقفوا على التطبيق العملي لكلام الترمذي في كتبه أن مراده جزما هو إعلال منسوخ الحديث من جهة حكمه لا من جهة شروط صحته، فعلى هذا يكون تعريف الترمذي خارجا عن تعريف موضوع الحديث المعل، ومن غير المتوجه أن يقحم قول الترمذي (النسخ علة) في تعريف الحديث المعل لأن الترمذي لم يكن يقصد بكلامه إعطاء تعريف اصطلاحي للعلة وإنما قصد المعنى اللغوي وقد نص على ذلك الإمام السخاوي بوضوح حين قال إن مراده "لا يعمل بالمنسوخ لا العلة الاصطلاحية" ومعلوم أن الخلاف الوارد في تعريف المعل إنما يجمعه النظر في الناحية الاصطلاحية لا اللغوية وإلا فقد ذكر كثير من العلماء معاني أخر للعلة في كتب الفقه والأصول والقواعد الفقهية كصنيع الشافعي في الأم وغيره، وبهذا يظهر أن إدراج قول الترمذي في تعريف العلة "اصطلاحا" غير متوجه وكان الأولى أن يذكر في باب آخر خاص بمعاني وإطلاقات العلة عموما لا اصطلاحا من باب التوسع في الفوائد. وخلاصة هذا أن الخلاف في تعريف العلة اصطلاحا كان ينبغي أن يبقى محصورا في الأقوال الثلاثة السابقة إذ لا يستقيم إلحاق قول الترمذي "النسخ علة" بهذا الباب على ما تبين من دلالة مقصوده والله تعالى أعلم.

 

(فهذه) الأقوال التي تقدمت في تعريف المعل (أربعة أقوال) وردت في تعريفه و(بفهمها يتضح)المعنى ويتبين (المقال) المنسوب لكل مذهب.

 

وقد ذكر بعض المحدثين تعريفات أخرى للحديث المعل[33] لا معول عليها في العمل لذلك لم أر جدوى في ذكرها والله تعالى أعلم.



[1] معجم مقاييس اللغة 4/ 12-15.

[2] القاموس المحيط 4/21.

[3] وهو بارع في علم اللغة وعالم بالقراءات وسيد في علم الحديث وعلله (انظر مقدمة العلل الدارقطني 1/ 16)

[4] التقييد والإيضاح ص 97.

[5] انظر تدريب الراوي 1/ 407.

[6] علوم الحديث ص 81.

[7] لسان العرب 11/471.

[8] لسان العرب 11/471.

[9] المصباح المنير ص 426.

[10] لسان العرب 11/471.

[11] فتح المغيث 1/225.

[12] مقدمة العلل للدارقطني بتحقيق الشيخ محفوظ السلفي 1/37.

[13] معرفة علوم الحديث ص 112.

[14] انظر توضيح الأفكار للصنعاني 2/27.

[15] علوم الحديث لابن الصلاح ص 81.

[16] فتح المغيث 1/ 222.

[17] انظر ترجمته في كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1123.

[18] انظر شرح ألفية العراقي 1/238 وعلوم الحديث 82.

[19] رواه مالك في الموطأ باب الأمر بالرفق بالمملوك (4/ 395- 396).

[20] علوم الحديث ص 84.

[21] توضيح الأفكار 2/33.

[22] علوم الحديث ص 84.

[23] علوم الحديث ص 81.

[24] التقريب للنووي ص1/252.

[25] توضيح الأفكار للصنعاني 2/27.

[26] علوم الحديث ص 84.

[27] شرح ألفية العراقي - 1/239.

[28] المقنع في علوم الحديث 1/220.

[29] رواه مسلم (مسلم بشرح النووي) 4/36.

[30] فتح المغيث 1/235.

[31] قلت: قال الترمذي في حديث معاوية في حد شارب الخمر وفيه: "فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" بأنه منسوخ (1444) ثم قال في العلل (2/433) بعد سياقه: وقد بينا علته في الكتاب) فعرف من كلامه أنه يسمي النسخ علة. كما أفاد بذلك الشيخ عبد الكريم الخضير في كتابه أقسام الضعيف ضمن كلامه على قسم المعل.

[32] الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص72

[33] مثل تعريف ابن حبيش الأندلسي رحمه الله في كتابه "علوم الحديث" فقد قال: "هو أن يروي عمن لم يجتمع فيه" وذكر أمثلة ذلك. قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (129): "وقد أفرط بعض المتأخرين فجعل الانقطاع قيدا في تعريف المعل" وقال أيضا (وهو تعريف ظاهر الفساد).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلة في الوضوء من لحوم الإبل مع كونها طيبة
  • تعريف العلة، وأقسامها، وأبرز المؤلفات فيها
  • العلة فيمن؟!
  • العلة النحوية في رفع المبتدأ والخبر
  • أصل علم علل الحديث من شرح النظم المطلول في قواعد الحديث المعلول
  • في تقسيم العلة إلى خفية وظاهرة
  • أجناس العلة
  • محل العلة وأكثر ما يعل به الحديث
  • أشهر قوادح العلة

مختارات من الشبكة

  • العلة في المصطلح الأصولي (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلة في المصطلح الأصولي (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أصل أصول العلة في اللغة وعلاقته بالتعريف الاصطلاحي في علوم الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التعليل في النحو بكثرة الاستعمال وأمن اللبس والفرق(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف المجتهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان الفرق بين العلة والحديث المعل وعلم العلل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين العلة الأصولية والعلة المقاصدية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيفية إدراك العلة الشرعية التي هي مناط الحكم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الحرام: تعريفه وبعض مسائله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موضوع كتاب العلل، وموارد مؤلفه، ودراسة نسخه(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب