• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

وقفات مع سورة الحديد (4)

فهد الشتوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/2/2009 ميلادي - 27/2/1430 هجري

الزيارات: 26481

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع سورة الحديد (4)

 

المقطع الثالث:

ويبتدئ هذا المقطع من قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الحديد: ١٢].

 

وينتهي بنهاية الآية الخامسةَ عشرةَ، وهي قوله تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: ١٥].

وهذا المقطع مرتبط بما قبله؛ فإنه يقرر الأمر بالغرضين السابقين في صورة عجيبة فريدة، وذلك أنه "حثَّ على النفقة في سبيله؛ لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه، وبذل الأموال في التجهز له، فقال: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [الحديد: 11]، وهي النفقة الطيبة التي تكون خالصة لوجه الله، موافقة لمرضاة الله، من مال حلال طيب، طيبة به نفسُه، وهذا من كرم الله تعالى حيث سماه قرضًا، والمال مالُه، والعبد عبده، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافًا كثيرة، وهو الكريم الوهاب، وتلك المضاعفة محلها وموضعها يوم القيامة، يومَ كلٌّ يتبين فقرُه، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن؛ ولذلك قال: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الحديد: 12]" [1].


وهذا الجزاء هو النور الذي ينير لهم، يوم أن استنارت قلوبهم بنور الإيمان، والتبشير يقابلهم بالجنات يوم أن استبشرت قلوبهم بحقائق الدين والإيمان، وكان من تمام بيان هذا النعيم أنْ بيَّن لهم حال الفريق الذي كان يشاركهم الصورة الظاهرة في تحقيق الإيمان والإنفاق، وهو في حقيقته حرب على الإيمان والإنفاق؛ بل لهم مؤامرات باطنة يديرونها بينهم، في التواصي على ترك الإنفاق على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وينفضُّوا مِن حوله، وكأن الرزق بأيديهم، كما وصف الله كَيْدَهم ذلك في سورة سُميت باسمهم، سورة المنافقون، فقال تعالى: ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: ٧]، وحتى هنا للتعليل - على الصحيح - وليست للغاية؛ لأنها لو كانت للغاية، لكان المعنى: لا تنفقوا على مَن عند رسول الله إلى أن ينفضوا عنه، فإذا انفضوا، فأنفقوا عليهم، وهذا المعنى غير مستقيم، وإنما الصواب: أنها للتعليل، فتكون الآية مبيِّنة كبيرَ كيدِهم في تواطئهم على الكيد للمؤمنين، واتخاذهم الإنفاقَ وسيلةً من وسائل كيدهم للإسلام وأهله؛ ولهذا فقد بيَّن الله أن خزائن السموات والأرض بيده سبحانه ولكن المنافقين عن هذه الحقيقة غافلون لا يفقهون.

والله سبحانه بهذا يعلِّمنا أن نتوكَّل عليه وحده في الرزق، فلا تتعلق قلوبنا بأحدٍ سواه، ومِن توكُّلنا أيضًا ألاَّ نجزع من كيد هذا الصنف الخبيث؛ لأنه مهما كاد فإن الأمر والرزق بيد الله، ولهذا فقد أَمَر الله المؤمنين بالتصدي لهذا الكيد الغادر من المنافقين بما هو ضده، وهو أن يتخلص المؤمنون من رقِّ المال، وحبِّ الدنيا، إلى فسحة الإنفاق والبذل، وعالج هذا في نفوسهم حتى تخلص إلى تحقيق هذا الهدف، فبيَّن لهم أن حقيقة المال والولد الذي ليس في طاعة الله، إنما هو اللهو، وإذا كان نظام المال المعروف إنما هو الربح والخسارة، فقد بين لهم أن مَن ألهاه ماله وولده، فربح في الدنيا وازداد، فإنما حقيقة أمره أنه خاسر، والخسارة كلمة مؤذية لا ترغبها النفوس، وتنفر عنها وتهرب، ثم بيَّن لهم أمرًا آخر، وهو أن هذا الإنفاق إنما هو من رزق الله، وبين لهم أن الموت حقيقة هم إليها صائرون، وأن الندم لا بد أن يشملهم بلباسه القاتم إن هم تركوا الإنفاق، وفي هذا توطئة لنفوسهم وتهيئة لا تخفى؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 9، 10].

وهذا الكيد من المنافقين في مسألة الإنفاق يلبس ثوبًا آخرَ، فإنهم مع البخل والشح والتواصي على ذلك، يعمدون إلى كيدٍ آخر، وهو الطعن في المُنفِقين من المؤمنين، فإن كانت النفقة كبيرة قالوا: هذا مُراءٍ بنفقته، وإن كانت النفقة قليلة قالوا: الله غنيٌ عن نفقة هذا، وهم في كل هذا يريدون منع الإنفاق ليس غير.


قال ابن كثير رحمه الله: "وهذه أيضًا من صفات المنافقين: لا يَسلَم أحدٌ من عيبهم ولَمزِهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدِّقون يَسلَمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا: هذا مُراءٍ، وإن جاء بشيء يسير، قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا؛ كما قال البخاري: حدثنا عبيدالله بن سعيد، حدثنا أبو النعمان البصري، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مرائي، وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا، فنزلت: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ﴾ [التوبة: 79]"[2].


وهذه السورة سورة الحديد بيَّنتْ كيد هذا الصنف الخاسر في آية واحدة، فبينت كيدهم في قطع النفقة عن المؤمنين، وبينت كيدهم في قطع نفقات الناس، وذلك بأمرهم الناس بالبخل وقطع النفقة؛ فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الحديد: 24].


قال ابن عاشور رحمه الله: "والمراد بـ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ﴾ [الحديد: 24]: المنافقون، وقد وصفهم الله بمثل هذه الصفة في سورة النساء، وأمرهم الناس بالبخل هو الذي حكاه الله عنهم بقوله: ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ﴾ [المنافقون: 7]؛ أي: على المؤمنين.


وجملة: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الحديد: 24]: تذييل؛ لأن ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ ﴾ [الحديد: 24] يعمُّ ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ﴾ [النساء: 37] وغيرهم، فإنَّ ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ﴾ [النساء: 37]؛ أي: في سبيل الله، وفي النفقات الواجبة، قد تولوا عن أمر الله، و(مَن): شرطية عامة.


وجملة: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الحديد: 24]: قائمة مقام جواب الشرط؛ لأن مضمونها علة للجواب، فالتقدير: ومن يتولَّ فلا يضر الله شيئًا، ولا يضر الفقير؛ لأن الله غني عن مال المتولِّين"[3].


وهذا المقطع وهو يبين جزاء المؤمنين المنفقين يوم القيامة، وأن جزاءهم على قدر أعمالهم؛ قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى مخبرًا عن المؤمنين المتصدقين: إنهم يوم القيامة يسعَى نورُهم بين أيديهم في عَرَصَات القيامة، بحسب أعمالهم"[4].


وأما المنافقون، فإنهم يُعطَون هذا النورَ، ثم يُسلب منهم، فيطلبون الاقتباس من المؤمنين؛ لأنهم كانوا في الدنيا معهم، قد حصل لهم نور مِن نور هذا الدِّين، ولكنهم أعرضوا عنه فأظلمت قلوبهم، والجزاء يوم القيامة من جنس العمل، فيُعطون النورَ ثم يسلب منهم، وقد وصف الله حالهم مع هذا النور في الدنيا في سورة البقرة؛ فقال تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [البقرة: 17].


وأما يوم القيامة، فقد بينتْه هذه الآيةُ من سورة الحديد، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يُسأل عن الورود، فقال: "نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا، انظر أي ذلك فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تَعبُد، الأول فالأول، ثم يأتينا ربُّنا بعد ذلك، فيقول: مَن تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم ويتَّبعونه، ويُعطى كلُّ إنسان منهم - منافقٍ أو مؤمنٍ - نورًا، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليبُ وحسكٌ تأخذ مَن شاء الله، ثم يَطفَأ نورُ المنافقين، ثم ينجو المؤمنون"[5]، وإذا انطفأ نور المنافقين، حينها يطلب المؤمنون أن يُتم الله لهم نورَهم، فلا يطفأ كما أُطفئ نور المنافقين؛ كما قال الله تعالى في سورة التحريم: ﴿ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8][6].

وهذا النور الذي يُعطاه المنافقون يوم القيامة ثم يسلب منهم، هو نور خديعة؛ جزاءً لهم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ [النساء: 142]، وكما قال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ﴾ [البقرة: 15][7].


وهم يُهانون والعياذ بالله في ذلك اليوم أشدَّ الإهانة، فمع هذه الخديعة الكبيرة لهم، والاستهزاء في شأن النور، فإنهم كذلك يُحجز بينهم وبين المؤمنين بسور له باب بين الجنة والنار، فيدخل منه المؤمنون، ويمنع منه المنافقون، فيستغيثون وينادُون المؤمنين: ﴿ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ﴾ [الحديد: 14]، وهم يعلمون أنهم لم يكونوا معهم إلا بالانتماء الكاذب، ولم يكونوا معهم على الصدق، وإنما وجدوا الضرورة حين مسهم العذاب، فنادوا بهذا النداء الذي له ظاهر وباطن، ظاهرُه الانتماء الظاهر الكاذب، وباطنه الانفصال التام، وهم في الدنيا كانوا يفعلون مثل ذلك، فكانوا إذا رأوا الحاجة لإظهار هذا الانتماء الكاذب، فعلوه، وإن استغنوا عنه، لم يعلنوه؛ كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 141]، وجزاؤهم يوم القيامة من جنس عملهم؛ ولهذا فقد أجابهم المؤمنون بما يزيد حسرتهم، وذكروهم بفتنتهم بالكفر والنفاق، والتلبُّث في قَبول الدين، والتردد والشك، حتى وصلتم إلى ما وصلتم إليه.


ومن أبلغ الإهانة لهم: أنهم بعد أن يزجَّ بهم في النار، يندمون بأنهم لا ينفعهم شيء، حتى لو أرادت نفوسهم البخيلة الشحيحة أن تفتدي بالمال، فلن يُقبَل منها، المال الذي كانوا يبخلون به، ويحرضون على منعه، لا ينفعهم ذلك اليوم.


ومن التهكم بهم: أنهم يعلن لهم بأن النار مأواهم التي يأوون إليها، وأن هذه النار هي ناصرهم في استغاثتهم وندائهم: ﴿ مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 15]، وهذا كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ﴾ [الكهف: 29]، وكما قال تعالى: ﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان: 49][8].


هذا وقد كانت الآيات - كما سبق - صارمة في بيان الحسرة، وعظيم الفاجعة التي أصابت هذا الفريقَ المخادع، وهذا كله يبين أهمية تحقيق الإيمان التحقيق الصحيح، الذي لا تشوبه شائبة؛ ولهذا فقد انتقلت الآيات إلى الغرض التالي في السورة، وهو الغرض الصريح في تأكيد هذا المعنى، وذلك حين استنهض همم القوم كالمستبطئ لهم في إدراك قلوبهم الخشوع لله، كما هو في المقطع التالي.

يتبع..

 

 


 

[1] "تيسير الكريم الرحمن"، ص 838، 839.

[2] "تفسير ابن كثير"، 4/ 184، والحديث رواه البخاري في "صحيحه"، برقم: (1415)، ومسلم في "صحيحه" برقم: (1018).

[3] "التحرير والتنوير"، 27/ 413، 414.

[4] "تفسير ابن كثير"، 8/ 15.

[5] "صحيح مسلم"، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم: (191).

[6] انظر: "مجموع الفتاوى"، 7/ 274، 275، 15/ 285.

[7] انظر: "معالم التنزيل"، 8/ 35.

[8] انظر: "الكشاف" 4/ 464، "البحر المحيط" 8/ 221، "روح المعاني" 27/ 178.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات مع سورة الحديد (1)
  • وقفات مع سورة الحديد (2)
  • وقفات مع سورة الحديد (3)
  • وقفات مع سورة الحديد (5)
  • وقفات مع سورة الحديد (6)
  • دلالات تربوية على سورة الناس
  • وقفات مع سورة العصر

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (7)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (6)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (5)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (1)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب